موقف الإسلام من الماء | مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا ومرحبا بكم في حلقة جديدة من حلقات مجالس الطيبين في هذا الشهر الكريم، ربنا سبحانه وتعالى ونبينا عليه الصلاة والإسلام علمنا قواعد ذهبية لو سرنا عليها لنجونا في الحياة الدنيا من هذا الإبداع ومن هذه الأحكام العجيبة الغريبة القوية المتينة
موقف الإسلام من المياه موقف الإسلام من المياه قاعدته قوله تعالى وجعلنا من الماء كل شيء حي وهي كلمة جامعة لأن الماء يطلق ويراد به أنواع كثيرة منها ما هو سبب للخليقة ومنها ما تستمر الخليقة به فمنها ما تحتاج إليه الخليقة لو وجدنا مثلا مياه الأنهار نجد أنها يحتاجها النبات والحيوان ويحتاجها الإنسان بل إن الجماد يمكن أن نتعامل معه فنحتاج في
ذلك الماء وهذه الحياة في النبات وفي الحيوان وفي الإنسان لا تقوم إلا بالماء بحيث إن الإنسان لو افتقد الماء فإنه يفقد الحياة ولكن الآية أوسع من ذلك أيضا فإن هناك بحارا وهذه البحار لا تصلح للشرب وقد لا تصلح في كثير من الأحيان للري ولا تحدث إذا ما شربها الإنسان - عفوا - ريا في حلقه بل على العكس من ذلك لكن سبحان الله مليئة بحياة متكاملة تفيد الناس، فإن الماء هذه كلمة في العربية تطلق بمعنى
واسع، وهذه الآية قاعدة لكيفية تقديسنا واحترامنا وتعاملنا مع المال. قال تعالى: الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم، وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره، وسخر لكم الأنهار. وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة، خلق السماوات بغير عمد ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وبث فيها من كل دابة، وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم، هذا خلق الله فأروني
ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين، والنبي صلى الله عليه وسلم وهو يعلمنا ما يمكن أن نطلق عليه أننا نقدس الماء ونحترمه، فجعل الماء هو السائل الوحيد الذي نتطهر به للصلاة وهو الذي يذهب الحدث الأكبر بواسطة الاغتسال وهو الذي نطهر به النجاسات إن خالطتنا النجاسات وهو الذي نطهر به ثيابنا ونطهر به المكان ونطهر به الأشياء وهو أيضا هذا الماء الذي يوصل بنا
الحال إلى أن نحترمه من أجل وضوئنا واغتسالنا وطهارتنا ومن أجل شربنا ومن أجل الحيوان المحترم فنسقيه لكل حيوان نحافظ على حياته كالبقر والغنم والإبل لدرجة أن الفقهاء رأوا أن هذا الماء إذا احتاجه الإنسان إذا شربه أو احتاجه الحيوان المحترم مثل هذه الأنعام فلا بد أن أبقيه لهذا وأذهب أتيمم يعني التيمم والماء أمامي وبالرغم من ذلك أذهب للتيمم لأنني قد فقدت الماء شرعا وإن لم أفقده حسا فالمياه أمامي ولكن لا أتوضأ بها حتى أستعملها
فيه إما لإنقاذ حياة بشرية والإنسان يشربها وأما لإنقاذ حيوان محترم يجب أن أحافظ عليه، احترام النبي صلى الله عليه وسلم للماء نهانا أن نبول في الماء الراكد ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تلويث موارد الماء، يبقى الماء هذا محترم لو عرفنا هذا لما فعلنا في الشارع ما نفعله الآن فيه لو عرفنا هذا عندما أصيب الناس بداء البلهارسيا
الذي دورته تتضمن نوعا من أنواع التبول في الماء، البلهارسيا هذه آتية من دورة القوقع وفيها الدودة وما إلى ذلك، وبعد ذلك تكتمل هذه الدورة وتصيب الإنسان بما يتلف كبده وبما يسبب الوفاة. هذه الدورة لو انقطعت لما كانت هناك بلهارسيا، إذن هذا الشرعي وهذا التوجيه النبوي وهذا الخلق إذ به تفيد الحياة ويسبب الوقاية من الأمراض وبذلك يسبب استمرارا لهذه الحياة بصورة جانبية يعني أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يعرف البلهارسيا
ولم يتحدث عنها ولم يجعل هذا من أجل ذلك ولكنه علم الناس جميعا المسألة ببساطة فعلمنا الوضوء، والوضوء يشتمل على طهارة لكنه أيضا من ناحية أخرى يشتمل على نظافة ويشتمل على احترام للماء، رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن الإسراف في استعمال الماء ولو كنا على نهر جار لأن المدينة نفسها لم يكن فيها ماء كثير، المدينة ليس فيها نهر وإنما فيها آبار ولذلك فالماء قليل لدرجة
إن كان من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم أن ينبع الماء من بين أصابعه من أجل أن يسقي الناس وهم في السفر، ونبع الماء كمعجزة كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا وضع يده الشريفة في الإناء يفور الإناء حتى يسقي الجيش، معنا إناء واحد فقط هكذا لا يكفي. شخص واحد لكنه يفيض حتى يسقي الجيش أفضل المياه، ماء قد نبع من بين أصابع النبي المتبع. الشيخ السبكي يقول إن هذا الماء الذي خرج معجزة من يد النبي صلى الله عليه وسلم وبخلق الله مباشرة، يعني هذا هو أفضل المياه يليه ماء
زمزم فالكوثر فنيل مصر ثم أما باقي الأنهار فقد كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمدح نيل مصر ويرى أن نيل مصر كأنه من الجنة وأن الله سبحانه وتعالى أراد أن يكون من أنهار الجنة وسيسمى بعض أنهار الجنة يوم القيامة النيل من حلاوة مائه وعذوبته يعلمنا احترام الماء وقد جعل النيل والفرات من أنهار الجنة صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم مزيدا من الاحترام للماء نهى ونحن نشرب أن ننفخ في الماء أمرنا ونحن نشرب أن نجلس حتى نتذوق الماء كان يشرب
على ثلاثة أنفاس يشرب وينزل الإناء ثم يشرب وينزل الإناء ويشرب وينزل الإناء عندما نفعل هذا نشعر بحلاوة الماء نشعر باحترامنا للماء، إن قضايا الماء الحقيقية قضايا جميلة جدا وحلوة جدا في شريعتنا، وربنا سبحانه وتعالى يطهرنا في ظاهرنا وفي باطننا، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله