نصرة المظلوم | مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة

والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون الأحباء والأخوات المشاهدات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا ومرحبا بكم في حلقة جديدة من حلقات مجالس الطيبين في هذا الشهر المبارك الكريم عن أنس رضي الله تعالى عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انصر أخاك ظالما أو مظلوما فقال رجل يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره قال تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره أخرجه البخاري في
صحيحه انصر أخاك ظالما أو مظلوما يعبر عن التكاتف والتكافل والتآزر الاجتماعي نحن نعيش في قيمة المسؤولية يجب علينا ألا نترك الأمور هكذا إذا رأينا مظلوما رفعنا الظلم عنه بقدر استطاعتنا وإذا رأينا ظالما حجزناه ومنعناه وكففناه عن الظلم ونكفه عن الظلم بأيدينا كما يحدث بين أبنائنا بألسنتنا نكفه عن الظلم بأقلامنا نكفه عن الظلم بكلامنا وبدعوتنا ونكفه أيضا عن الظلم
بتربيتنا فإننا إذا ربينا أولادنا على أن الظلم كبير من الكبائر كان ذلك نوعا من أنواع منع الظلم والتظالم بين العباد، الظلم كما وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم ظلمات، وما أدراك ما كلمة الظلمات؟ ظلمات هذه قاسية جدا لأنك لا ترى في الظلام، معنى ظلمات ليست ظلمة واحدة، ظلمات الظلم ظلمات يوم القيامة وهذا معناه أن الإنسان يسير بغير هدى إذا كان الظلم يأتي من الظلام فإن الظلم لا يترتب عليه إلا أن نسير في ظلام دامس لا نعرف العدل وإذا فقد العدل في أمة من الأمم انهار الملك فيها فإن العدل هو أساس الملك ولا
يتأتى ذلك إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يتأتى ذلك إلا بالشعور بالمسؤولية وعن تميم الداري رضي الله تعالى عنه فيما أخرجه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الدين النصيحة قلنا لمن قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم أخرجه مسلم حديث في منتهى القوة الدين النصيحة كما أقول الحج عرفة يعني إذا لم نقف في عرفة فليس هناك حج والإنسان الذي فاته عرفة ولو بعذر فإنه قد فاته الحج فعرفة ركن بل هو الركن الأهم
في الحج والنبي صلى الله عليه وسلم في سائر أفعال الحج سوى عرفة والطواف بالبيت ما سئل عن شيء قدم ولا أخر ولا فعل إلا قال افعل ولا حرج افعل ولا حرج فكان هذا هو أساس الحج التيسير لما فيه من مشقة بليغة في ذات الحج من سفر وانتقال وتحرك ومحدودية في الوقت وفي المكان فكل ذلك يسبب المشقة والمشقة تجلب التيسير فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول الحج عرفة معناه أن عرفة هو أهم شيء في الحج وإذا فات الإنسان هذا المعنى وهو
يوم عرفة فإنه يفوته الحج ولكن لما يقول الدين النصيحة إذن فالنصيحة هي أهم ركن من أركان الدين وأن الدين لا يبقى ولا يكون له معنى إذا فقدنا النصيحة ولذلك ولأهمية ما هنالك قالوا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، والنصيحة كما فرضت علينا أن نقدمها فرض أيضا على المنصوح أن يتقبل هذه النصيحة. وللنصيحة شروط: أولها أنه يجب أن تكون عن علم، وثانيا يجب أن تكون مخلصة وصادرة من قلب مخلص، وثالثا يجب أن
تكون برفق، ورابعا يجب أن تكون مستورة. عن الناس فهناك فرق بين النصيحة والفضيحة وخامسا ينبغي على من تلقى النصيحة أن يقبلها فلا خير فينا إذا لم نسمع النصيحة ولا خير في الناس إذا لم تذكر النصيحة، إذن هي التي بني عليها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، موضوع النصيحة يكون لله، موضوع النصيحة ينبغي أن يكون تحت سقف ومظلة هي كتاب الله، فليست هناك نصيحة بمخالفة كتاب الله وليست هناك
نصيحة للخروج عن شرع الله. ليست هذه نصائح وإنما هي آراء، بعضها قد يصدر من عقول تظن أنها على خير وهي ليست كذلك بل هي على شر، وبعضها يصدر عن جهل، وبعضها يصدر عن عدم قصد. ولذلك ينبغي علينا أن نتقي الله وأن نجعل كتابه سبحانه وتعالى هو السقف الذي يحمينا في هذا المعنى وفي هذا المقام ولرسوله صلى الله عليه وسلم أيضا لا نخرج عن سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم فإن الكتاب والسنة هما المصدران الأساسيان لدين الله وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا قل أطيعوا
الله والرسول قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا آيات كثيرة تبين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك وأنه ترك فينا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وأن الله قد تكفل بحفظهما ولذلك يجب أن نجعل الله وكتابه ورسوله هو الذي يسيطر على نصائحنا ولأئمة المسلمين هنا يعلم ربنا سبحانه وتعالى عموم المسلمين المساواة
وأنه لا فرق بين الحاكم والمحكوم ولا بين الملك والمملوك ولا بين السيد والعبد وأن أئمة المسلمين سواء كانوا من المسؤولين أو كانوا من الحكام المتصدرين أو كانوا من أئمة العلم المتبوعين فإننا يجب أن ننصحهم لوجه الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأينا أي انحراف ولو يسير من هذا الحال ننصحهم لوجه الله مخلصين له. الدين ولو كره الكافرون، ننصحهم من أجل عمارة الدنيا ومن أجل ثواب الآخرة أيضا، فلا تعارض بين عمارة الدنيا وثواب الآخرة، بل إن عمارة الدنيا هي التي تسبب ثواب الآخرة.
النصيحة كما عرفنا تكون أيضا لأئمة المسلمين، سواء كانوا أئمة في الحكم أو أئمة في المسؤولية أو أئمة في العلم فكل ذلك يحتاج دائما إلى نصيحة وعامتهم عامة المسلمين إذا هناك نصيحة فردية وهناك نصيحة مجتمعية وهناك نصيحة مردودة إلى الأمة وهناك نصيحة مردودة إلى العالم فإن الله سبحانه وتعالى قد خلق العالم وخلق الخلق وخلق الناس ولذلك فالنصيحة لله هي النصيحة التي تتوجه إلى العالم إلى كل الناس والنصيحة التي
هي للأمة هي تلك النصيحة التي لأمة سيدنا محمد ممن آمنوا به وصدقوه وعرفوا أنه من عند الله سبحانه وتعالى والنصيحة التي هي للمجتمع تكون لأئمة المسلمين والنصيحة الفردية التي هي على مستوى الفرد تكون لعامة المسلمين الفرد المجتمع الأمة العالم دوائر لا يتناقض بعضها مع بعض وكل ذلك في نطاق المسؤولية إلى لقاء آخر غدا إن شاء الله تعالى، أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.