نصر أكتوبر وأفاق الوعي الديني والمجتمعي المعاصرة | أ.د علي جمعة

السيدات والسادة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحبا بحضراتكم جميعا في رحاب جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في
دورته الخامسة والخمسين، ذلكم المحفل الثقافي والعلمي والفكري، وهذه المؤسسة العلمية والدعوية والفكرية التي لا تدع مجالا ولا تدع ميدانا ولا تدع محرابا من محاريب العلم والفكر والثقافة إلا كان للأزهر الشريف كلمة وقول وبيان، السيدات والسادة أهلا بكم إلى هذه الندوة التي تنطلق تحت عنوان نصر أكتوبر وآفاق الوعي الديني والمجتمعي المعاصر، انتصار السادس من أكتوبر السيدات والسادة أو العاشر من رمضان أو حرب تشرين التحريرية أو حتى حرب يوم الغفران على حد تعريفات العدو لهذا اليوم إلا إن كلها أسماء لانتصار عظيم خلده التاريخ للدولة المصرية وما زال يتحدث به الكيان الصهيوني
كبقعة سوداء في تاريخه وما كان للمنطقة كلها أن تستقر إلا باستقرار مصر في المقام الأول وتحقيق سيادتها وحريتها واسترجاع أرضها المسلوبة وهنا أستحضر كلمة للأستاذ العقاد رحمه الله حين قال نحن في بقعة يقول الأستاذ العقاد نحن في بقعة من الأرض لا يستقر العالم إذا اضطربت ولا يضطرب العالم إذا استقرت ولم يحدث في الزمن الأخير حدث عالمي قط إلا كان رده وصداه على هذه البقعة من الكرة الأرضية فإذا ملكنا إرادتنا في هذه البقعة فهي حاجز الأماني بين المشرق
والمغرب وبين المتنازعين في كل وجهة وعندنا نصفات الثقافات والدعوات فإذا استخلصنا شيئا من الشرق وشيئا من الغرب فليس أقدر منا على تصفية الخلاصة لبني الإنسان جميعا في ثمرة لا شرقية ولا غربية تضيء ولم تمسسها نار نعم هذه هي مكانة مصر وتلك أهميتها لذلك سيظل انتصار أكتوبر العظيم درسا بالغ العظمة تتعلم منه الأجيال تلو الأجيال ويتوقف الخبراء والمحللون العسكريون عند الدراسة والتحليل واستخلاص الدروس، أتشرف في هذا اللقاء بضيافة عالمين جليلين وعالمين كبيرين، فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف،
وفضيلة الأستاذ الدكتور عبد الفتاح العواري الأستاذ بجامعة الأزهر ورئيس المركز الأشعري بالأزهر الشريف، وهنا سيداتي وسادتي اسمحوا فضيلة العالم الجليل الأستاذ الدكتور علي جمعة أن نبدأ بسؤال وهو انطلاقا من عنوان هذه الندوة أو هذه المحاضرة وهو من خلال آفاق الوعي الديني والمجتمعي نود أن نقف على العقيدة الإيمانية لجنود وقادة مصر والتي أنتجت نصرا مبينا على جيش زعم أنه لا يقهر لو تحدثنا عن هذه العقيدة فضيلة الدكتور بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه كل عام وأنتم بخير نشكر الأزهر الشريف وعلى رأسه
فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب على هذه الاستضافة المباركة في بداية هذا المحفل العلمي الكبير الذي استمر خمسة وخمسين عاما من تذكرني بأنني حضرت المعرض الأول الذي كان في أرض المعارض وحينئذ أغلق المعرض بعد عشرة أيام فكنا نخرج منه في حالة بكاء اشتياقا لهذا الحدث الكبير فهذا جزء
من مكونات عقل المسلم ألم أقرأ باسم ربك الذي خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان لم يعلم وارتبط المصريون بطلب العلم في تلك الأيام كان معرض الكتاب أقل من العشر مما هو عليه الآن في هذه الأيام كنا قد تجرعنا مرارة الهزيمة في عام سبعة وستين، هذه الهزيمة أثرت فينا أثرت في تصرفاتنا وفي عقليتنا وفي علاقتنا مع أنفسنا ومع الناس وأحدثت غموضا
في العلاقة التي بيننا وبين الله سبحانه وتعالى كنا في حالة حيرة كنا في حالة أسئلة لا إجابة لها ظل هذا الحال وجاء نصر ثلاثة وسبعين في هذه السنوات الست رفعنا جميعا والله أعلم ما تكبدناه والله مطلع على ما عانيناه جميعا رفعنا شعارا يقول لا صوت يعلو فوق صوت المعركة طلب
جمال عبد الناصر أن يتنحى مع تحمل المسؤولية فرفض الشعب إلا أن يبقى قائده حتى يحقق النصر، لكن لم يمهله الله سبحانه وتعالى من شدة ما عانى خلال هذه السنوات الثلاث في معاناة تامة. كان قد تولى رئاسة الوزراء وقيادة الجيوش ورئاسة الدولة حتى سقط سريعا ولم يتحمل جسده هذا الذي كان لا ينام إلا نحو أربع ساعات كل يوم وبقية اليوم في عمل دؤوب وهموم في القلوب ونحن ما زلنا
في هذا الحال من التيه من الحيرة هل الله سبحانه وتعالى قد غضب علينا هل الله سبحانه وتعالى لا يستجيب دعاءنا هل الله سبحانه وتعالى يريد أن ينتقم منا هل ما حدث هذا كان تقصيرا أو قصورا أو عقوبة، ولذلك لما تولى أنور السادات رئاسة البلاد طالبه الشعب بالحرب، والحرب لها أصول ولها تكلفة ولها علوم تسمى بعلوم الحرب، وبدأ
السادات يعد سنحارب حتى يبقى الشعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، كنا في هذا الزمن في سنة في عام سبعة وستين انضممنا إلى الكشافة، وأوقفت أعمال الكشافة لأنه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة. كانت الكشافة تعلمنا النظام والجدية والعمل، ودخلت في الأزهر الشريف وكان قائد الكشافة في الأزهر الشريف الشيخ أحمد الشرباسي رحمه الله تعالى. تقبلها الأزهريون وعاشوا فيها لأنهم رأوا فيها نظاما جادا لاستيعاب نشاط
الكشافة تحت عنوان لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، أغلقت دور السينما والمسارح حتى الشوارع أطفئت أنوارها لمدة تزيد على ست سنوات، ليس هناك نور في الشارع، كهرباء في الشارع غير موجودة، وكأن الشعب والمؤسسات جميعها في حالة تعبئة عامة، كل الشعب في حالة تعبئة عامة،
ضروريات الحياة فلا نجدها أي شيء أتذكر أنني عندما نزلت مرة فلم أجد الأرز ولا الزيت ولا السكر لم أجد شيئا لا بالغالي ولا بالرخيص وتحملنا كل هذا بنفس راضية لأنه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة وبدأنا نلجأ إلى المساجد وإلى المشايخ وإلى العلم ودعونا الله سبحانه وتعالى بالليل والنهار ورجعنا إلى الله وعندما جاءت الحرب انتصرنا،
هذا النصر لا يتعلمونه أيها الشباب إلا إذا عاشوها، ما معناها؟ معناها كبير لا يدركه كثير من الشباب الآن، فرحة، النصر، لا فرحة استجابة الدعاء، فرحة أننا ما زلنا في بحبوحة من رحمة الله وأنه على الرغم من تقصيرنا وقصورنا وذنوبنا فإن الرحمن الرحيم وأنه استجاب دعاءنا فنصرنا هذا كان شعور الشعب وكان شعور الجنود وكان شعور القيادة وكان شعور من كان
خارج مصر هذا الألم الذي كنا نتألم منه تألم منه إخواننا في إندونيسيا وفي ماليزيا تألم منه إخواننا في الوطن العربي تألم منه إخواننا الذين يعيشون في أمريكا وفي أوروبا أمريكا وأوروبا ويعيرونهم بهذه الهزيمة، شخص إنسان رجل أو امرأة عادت له ثقته بربه سبحانه وتعالى، في
الحديث: اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن، وكان مشايخنا يقولون: هذا الحديث من مهمات الدين لأنه ينظم العلاقة بينك وبين ربك وبينك وبين نفسك وبينك وبين المجتمع والناس والدنيا من حولك اتق الله حيثما كنت فالعلاقة التي بينك وبين الله التقوى، واتبع
السيئة الحسنة تمحها فالمبادرة والانسلاخ من الذنوب والفرار إلى رحمة الله وطاعته هو الذي يكون بينك وبين نفسك، وخالق الناس بخلق حسن الذي بينك وبين الناس الخلق الحسن ثلاث وسبعون لم يكن انتصارا ولم يكن إعدادا ولم يكن علما فحسب، بل كلمة فحسب، لم يكن ذلك فحسب بل كان علاقة بين العبد وربه فيها كما يقول أهل مصر: ربنا ربط على قلوبهم، ربط على قلوبهم يعني
ربط على قلوبهم، وهذا تعبير فيه أن الله أكرمهم، أن الله استجاب دعاءهم، أن الله سبحانه لم يدخلهم في اليأس وفي الانهيار بل جمع شملهم مرة أخرى معه سبحانه وتعالى لعلهم يرجعون، نعم ولكن فضيلة الدكتور أعني أن حضرتكم حينما ربطتم هذه النقطة وكأننا كنا بعيدين عن الله عز وجل أعني ما فهمته تحديدا أننا كنا بعيدين عن الله فحينما قويت العلاقة بيننا وبين الله سبحانه وتعالى وكانت هناك نوع من التعبئة الإسلامية الروحية الحقيقية، أعتقد أن علماء الأزهر كانوا حاضرين وبقوة على جبهة النصر، فلو تحدثنا فضيلة الدكتور عن دور علماء الأزهر في التعبئة الدعوية والتعبئة الروحية لهؤلاء الجنود
وهؤلاء القادة، فإن مصر في طول تاريخها وعرضه في ماضيها وحاضرها ومستقبلها هي مركز للإسلام. وكان العلماء في القرن التاسع عشر وفي القرن العشرين يتركون الحرمين ويأتون ليتعلموا في مصر، يتركون بيت الله العتيق الذي هو قبلة المسلمين ويتوجهون ويتخذون الأزهر وجهة، هذه الرحلة يقصدونها من أجل ما كان في منهج الأزهر وفي تعليم الأزهر وفي أساتذة الأزهر وفي رجال الأزهر، لكن هناك فرق بين من يدعو إلى الخير وبين
من يغفل عن ذكر الله، هناك فارق بين المنهج السوي الذي تريد الدولة والأمة أن تتخذه وبين الواقع الذي قد يحدث فيه أن ننسى أنفسنا ولو لبعض الوقت. ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون، هذا من فضل الله ورحمته بنا أنه لما يرانا في قصورنا وتقصيرنا ينبهنا فنعود إليه، نعم حدثت غفلة وحدث أن الناس نسوا الأزهر ونسوا، ولكن من الذي جمعهم وجعلهم يرجعون من
الهزيمة لأنهم لما رفضوا جميعا أن يتنحى هذا الرجل الذي كان قائدا في ضوء إلى مدير قارة اثنين الأممية، فالذي حدث هو أن هناك قصورا وتقصيرا اعترف به الجميع حتى القيادة السياسية اعترفت به حتى أن زعيم الدولة ورئيسها ومن هو فوق سماها نكسة والنكسة هذه تأتي عندما يكون المريض قد قارب على الشفاء فانتكس فإذن نحن
لا نخفي أن أخطاء تحدث ولكن هل استمرت هذه الأخطاء واستمر البقاء عليها اجتمعنا جميعا من الهزيمة لنعود كما أمرنا الله سبحانه وتعالى فأذاقنا من العذاب الأدنى الأصغر وهو الهزيمة دون العذاب الأكبر وهو عذاب يوم الدين، فهل رجعنا؟ رجعنا، فماذا كان دور علماء الأزهر في هذا من شيخه الكبير الشيخ عبد الحليم محمود ومن قبله الشيخ الفحام إلى أصغر إمام في القرية الذي يؤم الناس في يوم الجمعة
قال كل واحد في قلبي: يا رجل، ما رأينا إماما ولا سمعنا عالما يقول ويتعامل مع البلاد ومع العباد بالتكفير ولا بالتفسيق، وإنما بالتقصير والقصور وبطلب الدواء وهو التوبة والعودة إلى الله سبحانه وتعالى. نعم هناك أخطاء ولكن لا بد من أن تصحح الأخطاء تماما، يعني كما أشرت يعلو فوق صوت المعركة وكان المجتمع المصري بكل فئاته وبكل مكوناته مستعدا بهذه الروح وهذه الجاهزية وهذا الاستعداد حتى حقق الله عز وجل النصر،
لكننا الآن نعيش في فترة صعوبات ومرحلة تحديات تمر بها المنطقة بأسرها ويتكالب العدو من كل حدب وصوب ومن كل جهة، هنا اسمح لي فضيلة الدكتور، أود أن أنتقل إلى فضيلة الدكتور عبد الفتاح العواري لأنتقل إلى محور آخر وهو محور ذو صلة، كيف ننشر فضيلة الدكتور آفاق الوعي الديني والمجتمعي لنصر أكتوبر بين فئات المجتمع المصري باختلاف ثقافاته وتنوعه؟ كيف نعمل على خلق هذه الحالة؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وسلاما على عباده الذين اصطفى، وبعد فالشكر موصول لفضيلة مولانا الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر على هذه المشاركة للأزهر الشريف في
هذا العرس الثقافي، كما أشكر فضيلة الأستاذ الدكتور حمد رب الرحمن الدويني وكيل الأزهر، وفضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية وخالص الشكر لشيخنا وأستاذنا العلامة الأصولي الحاذق الفقيه المتقن الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق، أسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك فيه ويبارك في جهوده، فكما سمعنا من فضيلته هذا التقرير الذي كشف به
اللثام عن غياب الوعي الديني مما ترتب عليه وقوع بعض الأخطاء في الوعي المجتمعي في فإن نقول يجب على شباب هذا العصر أن يستلهموا روح القدوة وأن يأخذوا الدرس المفيد مما قام به شباب نصر أكتوبر العاشر من رمضان، هؤلاء الشباب الذين قاموا وكتب
الله لهم النصر بتوفيق من الله ومدد منه، وعوا الدرس فجددوا ثقتهم بالله وعادوا إليه وصححوا المسار معه، عندها انطلقت حناجرهم بذكر الله فكانت صيحاتهم الله أكبر إذ قلوبهم امتلأت خشية من الله وخوفا منه وعادوا إليه، والله سبحانه وتعالى يحب التوابين الذين عادوا إليه ولجؤوا إليه. أمن يجيب المضطر
إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض؟ أإله مع الله؟ هذا أمر لا يملكه إلا من بيده مقاليد السماوات والأرض وما النصر إلا من عند الله فحينما استعد الشباب هذا الاستعداد الإيماني مع الاستعداد العسكري والمادي بالتخطيط السديد السليم تحقق النصر لأن هؤلاء أخذوا بالأسباب بعد أن حققوا معنى التوكل على الله تبارك وتعالى فكان نصر الله لهم، شباب هذا العصر يجب ألا يغفلوا عن هذا الدرس لأن العدو يراقبهم ولأن
العدو لا يهدأ أبدا في وضع المخططات التي تغيب الشباب وتقضي على قواهم وتفسد عقولهم، من أجل أنه إذا لا سمح الله وقع ذلك لشباب الأمة أصبحت الأوطان بالنسبة لهذا العدو لقمة مستساغة، لأن الذي يحمل البندقية ويستخدم السلاح للدفاع عن العرض والأرض هم الشباب، فإذا ما فرغ الشباب من بالله وإيمانه به وإذا ما ابتعد الشباب عن قيم الإسلام وسلك الشباب طرقا منحرفة
بعضها معلوم للجميع فإن هذا أمر يصب في مصلحة العدو ومن هنا يجدر بنا كشباب ويجدر بنا كشيوخ نعلم الشباب الحكمة ألا نغفل عن كون العدو يراقبنا ويخطط لنا بقصد أن ننسى هذه النتائج الباهرة العظيمة التي حققها الله تبارك وتعالى لشباب العاشر من أكتوبر من رمضان، فإذا ما غفل شباب هذا العصر الذي نعيش فيه وأصبح الشباب كما يريده العدو تائها غافلا، يسلط عليه الأمور التي تغيبه والتي تضعف قواه، فيسلط عليه المخدرات
والإباحية، بل يدعوه إلى الإلحاد والتنكر للإله الواحد الذي بعونه تحفظ الأوطان. وتحمى الأعراض والأنفس، عندها يكون هذا العدو الذي لا يرقب فيك إلا ولا ذمة، لا عهد له، لا دين له، لا ذمة له، عندها يكون هذا العدو قد حقق مأربه، لكننا نظن أن شباب مصر، شباب الأزهر، شباب هذا البلد الذي كتب الله له الأمن والأمان، وهذا وعد منه سبحانه وتعالى لن يتغير حاله عن صلته بربه وقوة إيمانه وتجديد توبته وعودته إلى حظيرة الإسلام تلك الحظيرة التي لو استظللنا بظلها لبقي
التوفيق والنصر والسداد والأمن والاستقرار لبلدنا مصر وحينئذ نفرح بنصر الله تبارك وتعالى صحيح يا فضيلة الدكتور يمكن تأييدا لكلام سيادتكم بن غوريون أو ديفيد بن غوريون كان رئيس وزراء إسرائيل كان له مقولة يقول إن قوتنا ليست في سلاحنا النووي بل في تدمير وتفتيت ثلاث دول كبرى حولنا العراق وسوريا ومصر إلى دويلات متناحرة على أسس دينية وطائفية ونجاحنا لا يعتمد على ذكائنا بقدر ما يعتمد على غباء الطرف الآخر وهنا أريد أن أنتقل ونحن في رحاب الشريف وفي يعني حضرتكم أن نتحدث عن تقسيم هذه الدول إلى دويلات متناحرة على أسس دينية وطائفية هو هنا يرى أن هذه إذا نجحت في هذه النقطة ستكون
نقطة الانتصار له ما الذي يجب أو على المؤسسات الدينية وفي القلب منها الأزهر الشريف أن تكون واعية لهذه الأمور ومستعدة ببرامج لترسخ العمق الديني والثقافة والعقيدة الإيمانية الحقيقية لدى الشباب حتى لا يكون شبابا فارغا من الداخل يقف مع القيادة السياسية في خندق واحد وشاءت إرادة الله بوعي هذا الشعب وبثقافة الأزهر وبتضافر الجهود الجبارة أن يحفظ الله مصر من هذا
المنزلق الخطير الذي أراده الأعداء لها فبقيت مصر متماسكة لحمتها مترابطة علت بوعيها المجتمعي وفكرها الديني على أي مخطط وصعدت إلى ما أراده الله لها أن تبقى آمنة مطمئنة فلم يؤثر في وحدتها لا حروب ولا مخططات من أجل تقسيمها ومن أجل إحياء النعرات الطائفية أو المذهبية أو نحو ذلك أنا أعتقد كنت في السنة الخامسة الابتدائية وكان ذلك قبل حرب أكتوبر بعد سنتين، سنة إحدى
وسبعين، وكان الله تبارك وتعالى قد طوى حجب الزمن لعلمائنا وشيوخنا، فبعد أن كنا نردد يا أستاذنا نشيد الوطن، إذا بشيخ الأزهر يمسك بعصا مثل هذه العصا ويدور حول القبر في الصباح قائلا لنا: روحي فداء وطني كل صباح، روحي فداء ديني، أقسمت يا والمصحف والأزهر الغالي والجيش بالمدفع في عزم أوطاني إن جاء وادينا جيش بلا عدد مزقته إربا ووقفت كالأسد، هذه معان استقرت
في وجدان التلاميذ فحملناها وعاشت في نفوسنا حتى رأينا هذا النص فكأن هؤلاء العلماء الربانيين طوى الله لهم حجب الزمن فلاحت ملامح النصر أمام أعينهم فلقنوا الصغار هذه المعاني. السامية صحيح هذا دور الأزهر صحيح نعم أي يمكن من هذه النقطة أن أنتقل إلى أستاذنا الدكتور علي جمعة أستاذنا أي حينما نتحدث عن التوعية الدينية وأي التهيئة الروحية الحقيقية نتحدث الآن عن المجتمع وفي قلب المجتمع النشء لأنه هو الشريحة المستهدفة والتي يجب أن نركز عليها هل هذا المجتمع جيلنا الجديد يحتاج إلى تعزيز وترسيخ روح نصر أكتوبر ليكون قادرا
على مواجهة التحديات المستقبلية، هذه نقطة. النقطة الثانية: ما السبيل إلى ذلك؟ هل بمجرد محاضرات عامة أو كلمة هنا وكلمة من هناك؟ أم يجب على المؤسسات التعليمية والمؤسسات الثقافية أن تضع برامج مدروسة في هذا الأمر لتخرج بنتيجة يعني في إطار زمني معين وفي حد معين تكون قد انتهت من هذا الأمر وترى نتيجتها بنفسها، سؤال مركب صحيح ويحتاج إلى شرح وإلى تفصيل وإليكم البيان، أزمة العصر الذي نعيش فيه هي مصادر المعرفة، هذه هي الأزمة مصادر المعرفة، والذي
يحدث الآن من التحديات أنهم جعلوا الشباب يأخذون مصدر معرفتهم من الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي لا تصف الواقع الذي خلقه الله وإنما تصف واقعا يفترضونه ويتخيلونه وهو ما يسمى عندنا قديما بالكذب لأن الكذب مخالفة الواقع أو مخالفة الاعتقاد أو مخالفتهما معا، فسواء كان هذا أو ذاك أو تلك فإننا في ورطة
في مصدر شيء نسلح به شبابنا وقد أصبح يطلع ليل نهار على هذا الهراء وتلك الأكاذيب المتتالية التي انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي أن نعيد إليه نفسية الموثق التي كانت عند الإمام البخاري وهو يحاول أن يعرف ما الذي قاله سيدنا صلى الله عليه وسلم وما الذي لم يقله وهذا التوثيق جعل الناس أنشأوا علوما سميت بعلوم الحديث أكثر من عشرين علما، علم الرجال وعلم الجرح والتعديل وعلم مصطلح
الحديث وعلم عشرين علما من أجل أن يصلوا إلى ما قاله النبي توثيقا، هذا التوثيق الآن يذهب ويذوب في صدور الشباب، النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه مسلم في المقدمة صحيحة وجعله مفتاحا لهذا الشأن فيروى عنه صلى الله عليه وسلم قوله كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع يعني الذي يحدث بلا توثيق وبكل ما سمعه من خرافات أو أكاذيب أو إشاعات أو نحو ذلك يعد من الكذابين عند شريعتنا كفى بالمرء كذبا وفي
رواية كفى بالمرء إثما رواية الكذب ورواية الإثم يعني مرفوض، يعني لا يرضي الله. عدم التوثيق، فما بالكم لو أنه صدقه وقاله وبنى عليه مواقفه، يكون من الظالمين. نريد أن نعيد هيئة التوثيق ونلاحظها، مشايخنا يلاحظون تربية النشء عليها في المناهج التعليمية، في الخطاب الديني التوعوي، في الثقافة العامة. ثم بعد الذكاء الاصطناعي أصبح ليس
كافيا بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع، بل بكل ما رآه لأنه يشير إلي ويضعها على شخص آخر وأصبحت أنا الذي ارتكب الجريمة وأنا لم أفعل شيئا، أنا بريء عند الله وهو يكذب علي ولكن كذب متقن، فلا بد من معرفة مصادر المعرفة فهذا أولا يبقى إذا العالم لا بد له من أن يدرك الواقع ولا يسير وراء الواقع الافتراضي ويجب على شبابنا أن يعلموا هذا وأن يتمسكوا به جدا وكفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع أو بكل ما رأى أرأيت
الشمس؟ الشمس عندما أراها يحدث شيء في العينين يحدث شيء من الحرارة على الجلد في التأكد فعلا من مثل هذا فاشهد يبقى لا بد من إدراك الواقع المعاش وليس الواقع الافتراضي، هذا من المهام التي تبقى على عاتق أساتذة المناهج والتعليم والإعلام وإنشاء الثقافة العامة بين المسلمين حتى نخرج من هذه الورطات أو هذا المطب أو هذه الحفرة التي حفرت للعالم وليس
للمسلمين فقط، ثم لا بد علينا أن نعود إلى إدراك النص إدراكا صحيحا غير مبالين بمن يسخر أو من يتنمر علينا فإن بقاء الأزهر إلى يومنا هذا كان لأنه يعلم كيف يفهم النص فهما صحيحا له غاية من مقاصد الشريعة ومصالح الخلق ومآلات الأمور وإجماع الأمة ولغة العرب ولذلك لا بد أن نتمسك بهذا المنهج الرصين الذي أنشأ وسينشئ المقاوم لكل هذا الفساد، كيف نقوم بالوعي؟
نقوم بالوعي عن طريق التعلم والتعليم، مراعين المصادر الفكرية والعقلية الصحيحة، متخذين من إدراك الواقع بداية حتى نصل إلى إدراك النص، حتى نصل إلى تطبيق ذلك النص في هذا الواقع، حتى نحقق مقاصد الله سبحانه وتعالى. يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، إذن هيا بنا نفعل هذه الخطة فنخرج من تبعية الشيطان، لأن الشيطان لا يريد لنا خيرا، واتباع خطوات الشيطان يؤدي إلى الهلاك. ببساطة
شديدة، نحن نؤمن بأن هناك كائنا اسمه الشيطان، ونؤمن بأننا اتخذناه وذريته أولياء من دون الله، وهم لكم عدو، للظالمين بدلا ونؤمن أنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم، ونؤمن ولدينا سورة بكاملها نقرؤها في المحاريب اسمها سورة الجن، ولدينا خاتمة القرآن: قل أعوذ برب الناس، ملك الناس، إله الناس، من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس. نحن نؤمن ونعتز بإيماننا. وإيماننا هو من جاء إلينا تماما، أي بهذا القدر نكون قد وصلنا إلى ختام هذه الندوة،
ونتمنى أن نكون قد أحطنا بها وألممنا بجوانبها. في ختام هذه الندوة لا يسعني إلا أن أتقدم بخالص الشكر وجزيل التقدير لفضيلة العالم الجليل الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف وفضيلة الأستاذ الدكتور عبد الفتاح العواري الأستاذ بجامعة الأزهر ورئيس المركز الأشعري بالأزهر الشريف ونشكر على حضوره وتشريفه لنا فضيلة الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحمن الضويني وكيل الأزهر الشريف على حضوره هذه الندوة والأستاذ العالم الجليل فضيلة الأستاذ الدكتور نظير عياد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف ونشكركم أيها السيدات والسادة، حضوركم العامر والدائم لنا هنا في جناح الأزهر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، حتى ألقاكم في ندوة أخرى، لكم أرق تحياتي وأطيب سلامي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.