نفحات الحج | خطبة الجمعة بتاريخ 11-8-2017 | أ.د. علي جمعة

اللهم آمين، إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ونبيه وصفيه وحبيبه، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين، فاللهم صل وسلم على سيدنا محمد في الأولين وصل وسلم على سيدنا محمد في الآخرين وصل
وسلم على سيدنا محمد في الملأ الأعلى إلى يوم الدين وصل وسلم على سيدنا محمد في كل وقت وحين وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار وأتباعه الأبرار يا أرحم الراحمين، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا، يا أيها الذين يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح
لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وإن خير الهدي هدي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عباد الله الحج له أشهر معلومات دخلت بدخول أيضا شهرا ونصفا من الأشهر الحرم المتتالية وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ومدة الحج سبعون يوما تبدأ
مع بداية شوال وفي القعدة وإلى نصف أو يكاد ذي الحجة، هذه الأيام السبعون من أحرم فيها بالحج صح حجه ولا يجوز أن يحرم الإنسان بالحج قبل هذه الأيام فبآخر يوم من رمضان يجوز الإحرام بالحج إلى يوم عرفة، الحج ركن من أركان الإسلام لفت الله أنظارنا إليه ولأنه كنز
عظيم يجب ألا نضيعه وأن نستفيد منه وكرره علينا كأمة كل عام مرة وهو فرض على كل مسلم استطاع أن يذهب إلى البيت الحرام بأي طريقة كانت سواء شد الرحال إليه أو عمل حوله أو وجد نفسه هناك بأي طريقة كانت فعليه أن يقوم بهذه الفريضة التي علقت في عنقه وعلقت بالاستطاعة بالقدرة المادية والقدرة الجسدية وأمن الطريق جعل
الله الحج يؤذن له من أبي الأنبياء إبراهيم وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير، جمع الله كل العبادات في الحج فسمي بالحج الأكبر، جمع فيه الصلاة وجمع فيه الصيام وجمع فيه النفقة المالية وجمع فيه الكفارات وجمع
فيه النذر وجمع فيه الذبح لله وحده لا له وجمع فيه الذكر وجمع فيه الدعاء وجمع فيه الطواف بالبيت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الطواف بالبيت صلاة واشترط فيها الطهارة فلا بد أن تطوف بالبيت وأن تتطهر جمع فيها بعد ذلك السعي والوقوف بعرفة والمبيت بمنى ومن قبلها مزدلفة ورمي الجمرات جمع فيها كل أنواع العبادة التي ذكرها في الإسلام وعلى ذلك سمي بالحج الأكبر لأنه قد جمعت فيه
كل العبادات المحضة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خذوا عني مناسككم فجعلنا البيت الحرام على يسارنا في الطواف وليس على يميننا ومن طاف وجعل البيت عن يمينه فطوافه باطل وبدأ بالصفا إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم وسأل الصحابة أنبدأ بالصفا أم بالمروة يا رسول الله فوضع قاعدة استعملها الفقهاء في كل الشريعة ابدؤوا بما بدأ
الله به إن الصفا والمروة فقدم الصفا فدل ذلك على بداية السعي نتعبد عبادة ليس لنا فيها من الأمر شيء وإنما سمعنا وأطعنا، غفرانك ربنا وإليك المصير، جعل الله الحج مكفرا للذنوب وقد غفر بما سماه العلماء عموم المغفرة للحجاج وهي تحتمل أمرين: أن كل من حج إلى البيت الحرام فقد غفر ذنبه، والأمر الثاني أن بعض الحجاج لا يقبل
منه حجة ولا يغفر ذنبه، ولكن من غفر ذنبه غفر ذنبه كله، غفر الكبير والصغير، غفر ما دام عليه وما انقطع، فرجع من الحج كيوم ولدته أمه. ومن فضل الله أن نأخذ بالتفسيرين بعموم المغفرة لكل الحجاج وعموم المغفرة لكل الذنوب، فيكون الحج نوعا من أنواع البداية الجديدة. مع الله صفحة جديدة رجعت بها نميز بين هذا وبين من كان حجه
من غير وجهه فقد ورد في الحديث أن هناك من يقول لبيك وسعديك فترد الملائكة عليه لا لبيك ولا سعديك والشر عليك حجك مردود عليك إذا كان ما زال متمسكا بمظالم الناس وإذا كان قد جاء بمال حرام يتقرب به إلى الله، قال بعض أهل الله أنه سيغفر له لكنه لن يوفق بعد الحج ونبدأ صفحة جديدة لكنه سيملأها ذنوبا ومعاصي لاستمراره في ظلم الناس وأخذ حقوقهم
فيصبح الحج كأن لم يكن، فعموم المغفرة واردة سيغفر لك فهل ستضع حدا لمعصيتك أيها العبد أم إنك ستستمر في المعاندة والمكابرة مع ربك، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل من جميع الحجاج. الحج فرضه الله على جميع الأنبياء، ولذلك يذكر الفاكهي في أخبار مكة والأزرقي كذلك أنه حول الحرم دفن فيه سبعون نبيا جاءت آجالهم وهم يحجون إلى بيت
الله الحرام. هذا المكان الذي دلنا الله عليه هو محل الله، ولذلك لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدنا عمر بن الخطاب وهو يبكي متمسكا بأستار الكعبة قال له: "يا عمر، ها هنا تسكب العبرات". نعم، سمي هذا الباب باب الكعبة بالملتزم لأنه يلتزم فيه استجابة الدعاء، فلو دعوت عند الملتزم استجيب لك. وها هم الحجيج بالمئات، بالملايين. دعوة عند الملتزم واستجيب له
فهذا مما أيد الله به نبيه صلى الله عليه وآله وسلم دلنا على أمور دلنا على ليلة القدر ودلنا على يوم الجمعة ودلنا على الحج الأكبر دلنا على أسرار هي ليست سرا على العالمين ولكنه وفق المسلمين إليها لأنهم أتباع سيد الخلق أجمعين ولأنهم أعمارهم قليلة وأعمار الأمم من قبلهم طويلة فأراد الله لهم وإن أتوا آخرا أن يجعلهم في المقدمة، هذه هي الفرصة فهل استغل أحدنا هذه الفرصة بنسبته إلى سيد الخلق أجمعين واستحيا
من الله بفعل الطاعات وترك المنكرات، فليسأل كل واحد منا نفسه وليزد في عبادته مع الله لأنه يستحق وإن تعدوا نعمة الله لا تحصى، الحج ركن من أركان الإسلام وهذا الركن له نوعان، أما الحج الأصغر فهو ما نسميه بالعمرة وأما الحج الأكبر فهو هذا الحج الذي يأتي في أشهر معلومات وبكيفية معلومة وبأركان
معلومة. بدأ الحجاج المصريون في الذهاب إلى بيت الله الحرام، نرجو لهم القبول والإجابة ونسألهم ألا من الدعاء اجعل جزءا من دعائك لنفسك ولقومك ولأهلك ولأسرتك ولنفسك واجعل جزءا لبلدك اجعل جزءا من دعائك للشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل استقرارك وأمنك ادع لهم وإن كانوا قد سبقونا إلى ربنا نتشفع بهم عنده يوم القيامة حتى قال العلماء إن الشهيد
لا يصلى عليه لأنه هو الذي يسأل أن يدعو الله لنا ولسنا نحن الذين ندعو له، الحج في الأيام المباركة وكما كانت ليلة القدر هي خير ليلة وهي كألف شهر، كانت العشر الأوائل من ذي الحجة واليوم العاشر هو يوم عيد الأضحى، هذه الأيام خير أيام السنة ولذلك نصوم تسعة أيام من ذي الحجة لله رب خاصة في يوم عرفة هذا لمن لم يحج ولكن قلبه معلق بالحج
يصوم يوم عرفة أما الحاج فلا يصوم يوم عرفة لأنه مشغول بجهد آخر من الذكر ومن الفكر الحج جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما ونوعا من أنواع الجهاد فسألته عائشة حرمنا الجهاد يا رسول الله قال جهادكم وجهاد الصبي والشيخ الهرم الحج فجعل الحج يساوي الجهاد في سبيل الله انظروا إلى المقارنة وانظروا إلى هذا التقسيم وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا
ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة عباد الله، أيام مباركة نفحات ربانية فتعرضوا فيها لنفحات الله، أيام ذكر وكرم وعطاء، أيام رد للمظالم وإنهاء للشحناء، أيام نتمتع فيها بأسرار كشفها الله لنا، فهل من مجيب؟ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر؟ ادعوا ربكم، الحمد لله حمدا
كثيرا، والصلاة والسلام. على سيدنا النبي صباحا ومساء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ونبيه وصفيه وحبيبه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين، فاللهم يا ربنا اجزه عنا خير ما جزيت نبيا عن أمته وأكرمتنا به في الدنيا والآخرة يا ربنا كن لنا ولا تكن علينا فارحم حينا وميتنا وحاضرنا وغائبنا وانقلنا من دائرة سخطك إلى دائرة رضاك اللهم افتح علينا فتوح العارفين بك
اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا أعنا على ذكرك وبشكرك وحسن عبادتك احشرنا تحت لواء نبيك يوم القيامة واسقنا من يده الشريفة شربة ماء لا نظمأ بعدها أبدا، ثم أدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عذاب ولا عتاب، هب مسيئنا لمحسننا واغفر لنا جملة واحدة، اللهم إنا ندعوك ولعلها أن تكون ساعة الإجابة، اغفر ذنوبنا، استر عيوبنا، يسر غيوبنا ووحد قلوبنا، اللهم يا ربنا يا كريم يا حنان يا منان يا رحمن يا رحيم، اللهم يا ربنا نحن في حاجة إليك ولست في حاجة إلى مؤاخذتنا،
فاعف عنا بعفوك وارحمنا برحمتك وارض عنا برضاك، اللهم يا ربنا رد علينا القدس ردا جميلا واحمها يا ربنا من كل عدوان. اللهم ردها علينا ردا جميلا واحمها يا ربنا من كل عدوان يا رب هذا حالنا لا يخفى عليك وعلمك بكل شيء وبيدك كل شيء فاللهم يا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار واهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت بارك لنا فيما أعطيت، واصرف عنا شر ما قضيت، وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وأقيموا الصلاة إن