نفحات شهر شعبان | خطبة جمعة بتاريخ 2006 - 09 -01 | أ.د علي جمعة

نفحات شهر شعبان | خطبة جمعة بتاريخ 2006 - 09 -01 | أ.د علي جمعة - خطب الجمعة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ونبيه وصفيه وحبيبه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد في الأولين وصل وسلم على سيدنا محمد في الآخرين وصل
وسلم على سيدنا محمد في العالمين وصل وسلم على سيدنا محمد في كل وقت وحين وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار وأتباعه الأبرار إلى يوم الدين يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن
يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما. أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله وإن خير الهدي هدي سيدنا محمد رسول الله وإن شر الأمور محدثاتها، فكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. ربنا سبحانه وتعالى فضل بعض الرسل على فضل الله بعضا على بعض وفضل بعض الأيام على بعض وفضل بعض الأماكن على بعض وفضل بعض الأحوال على بعض وأشار لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لله في
أيامكم هذه نفحات فتعرضوا لنفحات الله والعاقل هو الذي يقرب نفسه من ربه وينتهز هذه الأوقات الكريمة ليتقرب إلى والطاعة والدعاء والتلاوة والقراءة والأدعية والدرس والعلم ونفع الناس وافعلوا الخير لعلكم تفلحون. العاقل منا هو الذي يهيئ نفسه وقد دخل شعبان لرمضان حتى لا يتيه منا ولا يضيع وحتى نتعرض فيه لنفحات رمضان شهر القرآن فهو شهر القرآن وشهر القرآن فيه نفحات. هذا شعبان
كان يهتم به رسول الله. صلى الله عليه وآله وسلم اهتماما بليغا ونبهنا إليه، وكانت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها تقول: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من سائر الشهور، أي أنه كان يعد أيامه وينتبه إليها ويقول: اليوم هو اليوم الأول من شعبان، الثاني من شعبان الثالث من شعبان ولم يكن يفعل ذلك في سائر الشهور لأنه كان يهتم برمضان وكان يترصد هو ويتقارب معه فكان يعد أيام شعبان عدا ويتحفظ من شعبان
أي أنه كان يرصد هلاله وليس كسائر الشهور فإنه لم يكن دائما يرصد أهلة الأشهر لكنه لما يأتي شعبان يترصده ويرصده هلالا حتى يتم عدته إن غم عليه صلى الله عليه وآله وسلم هلال رمضان إذا فهو يلفتنا إلى شعبان ويتحفظ في أيامه وكان صلى الله عليه وسلم يصوم في غير رمضان وكان أكثر ما يصوم شعبان حتى أنه كان في بعض السنين يصوم شعبان كله وكان
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينوه وينبه لليلة النصف من شعبان ووردت فيها أحاديث بعضها ضعيف وبعضها مقبول والضعيف يعمل به في فضائل الأعمال ولذلك فإننا نقوم ليلتها ونصوم نهارها فنقوم ليلة الخامس عشر نقوم ليلة الخامس عشر من شعبان ونصوم نهار هذا اليوم ونرجو الله سبحانه وتعالى أن يستجيب دعاءنا وأن يتقبل منا صالح أعمالنا، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينبهنا للتهيؤ
لرمضان يقول فيما رواه عنه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه: إذا انتصف شعبان فلا تصوموا، يعني لمن لم يكن له عادة أو كان عليه قضاء، فإذا جاء يوم السادس عشر من شعبان ولم تكن لك عادة في صوم الاثنين والخميس أو السبت والأحد أو في ثلاثة أيام البيض أو أن تواصل الصيام فتصوم يوما وتفطر يوما أو أن تقضي ما كان عليك من رمضان، إذا لم تكن كذلك ولا هذه هيئتك وحالتك فلا تصم إذا جاء السادس عشر من شعبان، إذا انتصف شعبان
فلا تصوم. حتى حمل ذلك الإمام الشافعي ومذهبه على التحريم تهيئة لرمضان واستعدادا وتقوية لرمضان وحتى لا يألف الإنسان صياما فيدخل رمضان فإذا به لا يعبأ به كما يعبأ به سائر الناس فإن النفس تمل والله لا يمل حتى تملوا فاعبدوا ربكم على طاقتكم أي في حدود طاقتكم من غير ملل بل الله وولي عبادة الله صوما وصلاة وذكرا وزكاة وصدقة وحجا واعتمارا افعلوها بشوق فإن الله سبحانه وتعالى يميل إليكم إذا ما سعيتم
إليه من رحمته جل جلاله الله لا إله إلا الله لا إله إلا الله الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار رب السماوات والأرض ورب العرش العظيم والحمد لله الذي جعلنا مسلمين أيها المؤمنون أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ألا نصوم يوم الشك وحرم ذلك الإمام الشافعي أن تصومه احتياطا لرمضان فالله سبحانه وتعالى يريد منك السمع والطاعة وأن
تعبده كما يريد لا كما تريد أنت يريد أن يقول الرسول شيئا فتقول سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، إذا أراد الله أن تفطر يجب عليك أن تفطر كالحائض والنفساء والحامل التي تخاف على جنينها والعجوز والهرم وصاحب المرض، يجب عليه أن يفطر إذا وجب عليه الإفطار حتى إن صاحب المرض إذا صام على هذه الحال فمات من هذا الصوم مات مفطرا كما يقول الغزالي رحمه الله تعالى ولقي ربه عاصيا لأن القضية ليست هي إثبات الحالة ولا أن تعبد الله كما تشاء وكما تريد، بل
أن تعبد الله وفق قانونه وعلى أساس فرض أحكامه سبحانه وتعالى، فهو الحاكم وهو صاحب الاختيار والخيار من أمركم أيها المسلمون. شهر شعبان يغفل عنه كثير من الناس، إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفيه وقع الخير للمسلمين بتحويل القبلة وبالاستجابة لرغبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها عظم فيه ربنا نبينا واستجاب دعاءه كما أكرمه وأيده بعد
انتقاله إلى الرفيق الأعلى وإلى يوم الدين ونحن ندعو الله سبحانه وتعالى ونلتجئ إليك أن يا ربنا هذه أمة نبيك إن رأيت فينا خللا فاهدنا إلى الصواب وانقلنا من دائرة سخطك إلى دائرة رضاك يا رب لا نريد إلا رضوانك يا رب إنا نحبك ونحب نبيك فاستجب لنا وأكرمنا في الدنيا واغفر لنا خطايانا في الآخرة وأدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عقاب ولا عتاب، لا يكون في كونك إلا ما أردت. فيا ربنا أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، نور قلوبنا وافتح علينا
فتوح العارفين بك يا رب. نتبرأ من حولنا وقوتنا إلى حولك وقوتك، فانصر الإسلام والمسلمين وأعز يا ربنا بقوتك أهل الدين اللهم. يا ربنا اهدنا واهد بنا واغفر لنا، اللهم يا ربنا بلغ بنا دينك حيث ما تريد يا رب، هذا ضعفنا ظاهر بين يديك وحالنا لا يخفى عليك، وأنت يا ربنا الكريم المسؤول، لا نعرف إلا إياك ولا نعبد ربا سواك، فيا ربنا كن لنا ولا تكن علينا، فارحم حينا وميتنا. وحاضرنا وغائبنا واجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا وجلاء همنا وحزننا وهيئنا للرمضان
يا رب هذا شهر النبي المصطفى والحبيب المجتبى فاجعلنا على سنته واحشرنا تحت لوائه يوم القيامة يا رب استجب دعاءنا ولا تردنا خائبين كرامة ومعجزة لنبيك الأمين اللهم يا ربنا نسألك بحبك لنبيك أن تعفو عنا وأن تغفر لنا وأن تعصمنا من الخطأ والخطيئة والزلل وأن ترشدنا وأن تهدينا وأن توفقنا إلى ما تحب وترضى نحن وأبناؤنا وأهلونا ونساؤنا وإخواننا وجيراننا وأمتنا وقومنا يا أرحم الراحمين يا رب يا رب نسألك باسمك الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت أن ترضى عنا برضاك
وأن تنزل السكينة على قلوبنا وأن تهون علينا أمر الدنيا وأن تجعلها في أيدينا وأن لا تجعلها في قلوبنا وأن تجمعنا على الخير وأن توحد قلوب أمة سيدنا محمد، يا من لا نطرح لغير الحق والجواب الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده
عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، بلغ الرسالة وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك. اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. الحمد لله الذي جعلنا مسلمين حمدا يكافئ نعمه ويوافي مزيده. الحمد لله الذي جعلنا من أمة سيدنا محمد تتلألأ الأنوار في وجوههم وآثار السجود على جباههم وقلوبهم وأخلاقهم منيرة
ومنيرة، لا يسجد في العالمين لله إلا أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم. افتخر أيها المسلم بأنك مسلم وبأن الله قد هداك من غير حول منك ولا قوة، فاللهم يا ربنا أتمم علينا نعمتك واستجب دعاءنا يا أرحم الراحمين ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، اللهم لا تكلفنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين، ثبت أقدام المجاهدين في سبيلك ونور قلوب الناس يا أرحم الراحمين، اللهم يا رب العالمين اهدنا واهد بنا وبلغ بنا ديننا إلى يوم الدين، اللهم لا تجعلنا فتنة
للقوم الكافرين، اللهم يا أرحم الراحمين تب علينا واغفر لنا وارحمنا واهدنا واهد بنا، وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وأدخلنا الجنة مع الأبرار، يا عفو يا غفار متعنا بالنظر إليك يوم القيامة وفي جنتك يا أرحم الراحمين وارزق سيدنا محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد، اللهم يا ربنا يا حبيبنا يا إلهنا لعلها أن تكون ساعة الإجابة فاستجب لنا ولا تردنا خائبين واشف صدور قوم مؤمنين وأذهب غيظ قلوبهم
يا رب العالمين، اللهم يا ربنا أكرمتنا فأكرمنا ونصرتنا فانصرنا وارفع أيدي الأمم عنا، اللهم يا ربنا وحد قلوب أمة سيدنا محمد على الخير وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وتقبل منا صالح أعمالنا ولا تدع لنا حاجة إلا قضيتها ولا مريضا إلا شفيته ولا مدينا إلا سددت عنه دينه ولا مظلوما ولا محبوسا إلا فرجت عنه ونصرته يا رب يا رب يا رب اغفر لنا وسامحنا وتجاوز عن سيئاتنا وأكرمنا يا رب وصل اللهم على سيدنا
محمد وعلى آله وصحبه وسلم وأقيموا الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم