هذا ديننا | 10 | معجزة الرسالة ومعجزة الرسول جـ 2 | أ.د. علي جمعة

هذا ديننا | 10 | معجزة الرسالة ومعجزة الرسول جـ 2 | أ.د. علي جمعة - سيدنا محمد, هذا ديننا
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون والأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من "ديننا". وقفنا عند هذا الإعجاز في رسم القرآن الكريم ووجدنا أن هناك أموراً. لم نستطع أن نصل فيها إلى حل. إبراهيم
ليس فيه هاء في سورة البقرة وفيه هاء في كل القرآن. نجد كلمة تنتهي بتاء أو بالهاء المربوطة، فمرة تُكتب هكذا بالتاء ومرة تُكتب بالهاء كامرأة وكرحمة. "رحمة الله قريب من المحسنين" مرة نجدها في القرآن بالهاء المربوطة ومرة هي هي نجدها. بالتاء المفتوحة، لماذا؟ وهكذا كثيراً مما دفع عالماً من العلماء من علماء الرسم كان اسمه المراكشي لتتبع هذا ومحاولة إنشاء قواعد من خلال هذا الرسم في القرآن الكريم، وألَّف كتاباً أسماه "البيان"، والبيان طُبع
وهو موجود في الأسواق للمراكشي، وحققته واحدة ممن أخذت به الدكتوراة وهي الدكتورة شلبي، لعلها... سميرة شلبي أو شيء من هذا القبيل وهو موجود، ولكن عندما نقرأ للمراكشي في البيان نجد أنه لم يحل كل المشكلات التي يسأل عنها الناس حول رسم القرآن الذي هو هكذا ورد. والحمد لله أن المسلمين لم يحرفوا ولم يعتدوا على كتاب الله سبحانه وتعالى، والكتاب هو منذ ما كتبه. النبي صلى الله عليه وسلم في أوراق متفرقة أو جمعه أبو بكر
ونسخة أبي بكر لما مات انتقلت إلى عمر ولما مات عمر انتقلت إلى حفصة وظلت في بيت حفصة إلى أن استعارها منها عثمان بن عفان فكتب منها المصاحف الأمهات التي هي ست مصاحف والتي راعت القراءات العشر. ودفع بهم إلى الأقطار، ثم بعد ذلك نُسِخَت من هذه الأشياء في خلال الأربعين سنة، يعني بعد وفاة النبي بثلاثين سنة. في هذا القدر نُسِخَت نُسَخ كثيرة، بقي لنا منها إلى الآن مجموعة من المصاحف حفظنا فيها ما كان على الأمر الأول، من ضمن هذه المصاحف مصحف موجود
كنا. نحتفظ به في غرفة الآثار النبوية الشريفة التي في مسجد سيدنا الحسين عليه السلام، ثم انتقلت من هناك إلى مركز التحقيق والحفظ في السيدة زينب في القاهرة. ومنها نسخة في قصر أصبح الآن متحف توبكابي. توبكابي هو القصر الذي كان يعيش فيه الخليفة العثماني، وكان يجمع مثل هذه الأشياء النادرة. ويُجزل فيها العطاء، فكان من ضمن هذا نسخة منسوبة إلى أنها من القرن الأول، بل إنه - طبعاً - هذه المصاحف
أيضاً يُقال عنها أنها مصاحف عثمان، أي أنها من النسخ الستة، ولكن التحقيق يقول إن هذه المصاحف منسوخة من النسخ الستة، وأن النسخ الستة قد تكون ضاعت. عبر الزمن بأفعال الفتن أو الكوارث أو الإهمال أو فعل الزمن، أظهر الإشعاع الكربوني لنا أن هذه نسخ قديمة لا يمكن أن تكون قد تجاوزت سنة أربعين هجرية، فهي قبل سنة أربعين هجرية. لكن هل هي ذات نسخ عثمان بن عفان؟ بعض الخبراء يقولون أن بها نقطاً ومصاحف عثمان لم يكون عليها النقاط والإجابة على هذا أنه يمكن لبعض الناس أن يضعوا
النقاط على مصاحف عثمان نفسها فتكون هي مصاحف عثمان ولكن عليها النقاط. القضية أن الغريب أنه ليس هناك حرف واحد في هذه المصاحف كلها عبر القرون وعبر الأماكن مختلف. أتذكر أنه قد نشأ معهد كما أشار إلى ذلك. السيد حميد الله في برلين كان مهتماً بتتبع هذه المصاحف العثمانية وألّف مقالاً عنها في إحدى المجلات أشار فيه إلى أن برلين قبل الحرب العالمية الثانية أنشأت معهداً وجمعت فيه أربعين ألف نسخة من المصاحف المخطوطة من كل مكان في العالم من
المغرب إلى الهند وأنها راعت أن يكون هذا العدد يمثل جميع الأماكن وجميع الأزمان، فكل مائة سنة يأخذون منها على الأقل عشرين مصحفاً، وجلسوا يقارنون بين هذه المصاحف الأربعين ألف مصحف، وأنشأوا تقريراً هو محفوظ الآن في الخزانة، خزانة الكتب في برلين إلى يومنا هذا، قالوا فيه إن والله إن هذا المصحف لم يتغير فيه. شيءٌ عبرَ الزمانِ وعبرَ المكانِ، ولذلك كُتِبَ هذا التقريرُ في حوالي ثلاثين صفحةً باللغةِ الألمانيةِ، وهو الآن محفوظٌ في الخزانةِ
الوطنيةِ في برلين. بعد ذلك هُدِمَ هذا المعهدُ في أثناءِ الحربِ، واحترقتْ تلك النسخُ، وذهبَ المعهدُ ولم يسمعْ عنه أحدٌ شيئاً. وكُنّا نتمنى من بعضِ الباحثين أن يترجموا. لنا هذا المستند وأن نأخذ الصورة منه لحفظه في مكاتبنا وفي وثائقنا فيكون بالألمانية وبالعربية ويمكن أن يُطبع ويكون بين أيدي الناس كمجهود علمي قد اتُخذ في هذا الشأن. هذا التقرير كان تقريراً مبدئياً لأنهم قد انتهوا حينئذٍ من مراجعة ثمانين في المائة من المصاحف في هذا الوقت وليس ولم. لم يكن بعد
تقريراً نهائياً بحيث أنه يكون قد انتهى من مائة في المائة ولكن ثمانين في المائة، ومع هذا الحال الذي هو موجود يقيناً إثبات يقيني وهو أنه ليس هناك أي تحريف ولا دعوة لهذا التحريف موجودة إطلاقاً. إبراهيم التي هي بالياء والتي هي من غير ياء في البقرة وفي غيرها. جاء أحدهم وأدخل القرآن في الكمبيوتر ليدلنا على موقف آخر غائب عنا، فوجد شيئاً غريباً لم يكن في الحسبان، وعرفنا أن القرآن معدود الأحرف، ثلاثمائة وخمسة وسبعين ألف حرف تقريباً ويزيد قليلاً، فأدخل القرآن بصيغة وورد
على جهاز الكمبيوتر وأمر برنامجه أن يبين لنا علاقة الحروف بعضها مع بعض. كم حرف ياء موجود في القرآن، كم حرف ألف، كم حرف لام، كم حرف ميم، كم حرف طاء إلى آخره، وجاءت النتائج ووجد شيئاً غريباً. هذا الشيء الغريب أنه في "ألف لام ميم" في سورة البقرة، عدّ الألف زائد اللام زائد الميم في سورة البقرة، وعدّ حروف سورة البقرة وقسّم هذا. على ذاك حتى يرى نسبة وجود
"ألم" في سورة البقرة، فطلعت مثلاً، أعني مثالاً وليس هذا هو الوارد في البحث، لأن البحث لم يُنشر. ثمانية عشر في المائة عدّ "ألم" التي في الروم مثلاً أو التي في آل عمران. ما هو في ست سور لم تبدأ. بالألف لام ميم فوجد النسبة أربعة في المائة خمسة في المائة عشرة في المائة لا تأتي أبداً النسبة التي أظهرتها الألف لام ميم الخاصة بالصور التي بدأت بها. فعل هكذا مع كلمة الطاء والهاء أو حرف الطاء والهاء في طه فوجد
أن الطاء والهاء عددهم في هذا المجال على الحروف. خاصتها تظهر بأكبر نسبة في القرآن، لا يوجد في القرآن طاء وهاء منسوبة. هذا يظهر بكم في المائة من هذه الصورة؟ ط وه خمسة عشر في المائة. لا يوجد في القرآن خمسة عشر في المائة أخرى، وظل يفعل هكذا، وكل هذا بالرسم العثماني، يعني الياء غير موجودة في إبراهيم ولو. وجدت الياء في إبراهيم تختل هذه النسب، ولو وجدت الألف في يخادعون تختل هذه النسب، ولو وجدت التاء في امرأة ورحمة كتبوا كلهم بالتاء المفتوحة أو كلهم بالتاء المربوطة
تختل هذه النسب، وهكذا. ما هذا؟ هذا لو صح - لأن البحث لم ينشر فلم نتأكد من تلك النتائج - ولكنها تعطينا. احتمال أو طريق يمكن أن نسلكه فيكون إعجازاً غير مسبوق يتواءم مع الأدوات الحديثة التي علَّمنا الله إياها مثل الكمبيوتر والحواسب والبرامج والاسترجاع والبحث وكل هذه الأشياء. هذا لم نتأكد منه لأن البحث لم يُنشر، لكن لو أعطانا توجهاً أو طريقاً يمكن أن نسير فيه، وحينئذٍ هذا... يكون هناك إعجاز فعلاً، الله
هو هذا، غير مقدور للبشر. الذي أقوله هذا هي مسألة غير مقدورة للبشر أن يقول "الم ذلك الكتاب لا ريب فيه" أو "الم غلبت" الر في... وهكذا، وأنه ينسب إليه هذه النسب معجزة. هذه المعجزة نحن لا نقولها دائماً لأن البحث ليس... منشور وأيضاً لعل أحد الباحثين يدخل القرآن مرة ثانية ويتأكد لنا من هذه المعلومة، فإذا تأكدت كانت معجزة لها معنى متعلق برسم القرآن الكريم. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.