هذا ديننا | 47 | الفقه الإسلامي (الطهارة) ج2 | أ.د. علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من "ديننا". تكلمنا في حلقة سابقة عن الطهارة، عن الماء وأن مصادره إنما هي مصادر
الطبيعة: البحار، الأنهار، الآبار، الأمطار، وإن أنواع الماء تقع في ثلاثة أنواع: الطهور الذي نتطهر به ونتوضأ ونغتسل به ونزيل به النجاسات، والطاهر الذي يجوز لنا أن نستعمله، والنجس الذي قرر الشرع لنا أن هذا السائل نجس أو متنجس. الإنسان ماذا يريد أن يستعمل؟ يعني يستعمل الطهور في ماذا؟ في... أمرين في إزالة الأحداث وفي إزالة النجاسات. الأحداث تعني ماذا؟ عندنا حدث أصغر وحدث أكبر. الحدثان: الحدث الأصغر هذا أريد إزالته، أو الحدث الأكبر أريد
إزالته من أجل الصلاة، فالصلاة هي أهم ما يشغلني في إزالة الأحداث. هذا الحدث أمر اعتباري قائم بالأعضاء يمنع من صحة الصلاة. حيث لا مرخص، ماذا يعني الكلام الذي دلنا عليه الفقهاء رضي الله تعالى عنهم؟ يعني أنت واقف هكذا أو أنت وعندنا أعضاء للوضوء، وجسمنا كله عضو للاغتسال. فأنا أقف، وأعضاء الوضوء هي: الوجه واليدين إلى المرفقين والرأس والقدمين. هؤلاء هم أعضاء الوضوء، فتكون الساقان
والفخذان والبطن والظهر ليست من أعضاء الوضوء. أعضاء الوضوء هذه الأربعة فقط: الوجه واليدين والرأس (أو الشعر) والقدمين. أربعة أسماء فقط، فلو قلنا أن اليدين اثنتان وأن القدمين اثنتان، فيكونون ستة فقط. نقول أربعة أو نقول ستة، هم هم، لأن اليدين والقدمين هؤلاء داخلون في الأسماء. عندما يحدث أن لدي حدث يمنعني من الصلاة، وهذا الحدث... تخيَّل نفسَك أن هذه الأعضاء قد طُليت باللون الأخضر، يعني عندما وقفتَ أمام المرآة وجدتَ وجهي أخضر ويدَيَّ خضراوين ورأسي أخضر والقدمين خضراوين،
وأنت في هذه الحالة ممنوعٌ عليك أن تذهب للصلاة. هل هو فعلاً كذلك؟ لا، هذا مجرد افتراض، يعني تخيُّل لكي نفهم بعمق. هناك قائمة بأعضاء الوضوء تمنع من صحة الصلاة، يعني عندما تذهب لتصلي وأنت عليك هذا اللون الأخضر فهذا غير صحيح. إذاً ماذا نفعل؟ نذهب لنتوضأ. كيف نتوضأ؟ نأخذ بعض الماء ونغسل به وجهنا، فيزول هذا اللون الأخضر ويعود الوجه إلى لونه الطبيعي. وبعد ذلك أضع يدي تحت الصنبور هكذا، سواء أنا أو شخص آخر يصب لي. ولا أي شيء، أزيل الأخضر
الذي في يدي اليمنى وبعد ذلك يدي اليسرى. طيب افترض أنني بدأت باليسرى أولاً، لا يحدث شيء، لكن السنة تبدأ دائماً باليمين ثم اليسار. هكذا أصبح وجهي ليس فيه هذا الخضار وهذا اللون، ويدي ليس فيها اللون، لكن رأسي فيها، فيمسح رأسك ويذهب هذا اللون، لا يحتاج إلى غسيل. هذا مسح فقط واغسل قدميك، سيزول اللون عنهما، فتكون بذلك قد أزلت اللون الذي كان موجوداً عليهما، والذي افترضنا أنه لون أخضر. وإذا قال لي أحدهم: "ألا يصلح اللون الأحمر؟"، نعم يصلح اللون الأحمر، قل إنه لون أحمر. وهل يصلح الأزرق؟ نعم، أي شيء يصلح، قل أي لون. نحن نقرب للذهن، نحن نشرح أن هناك شيء كان موجوداً
في هذه الأعضاء، يعني الركبة فيها كأنها ملونة، وبعد ذلك هذا اللون ذاب في الماء وذهب، وأصبحنا الآن بدون هذا اللون، فيصبح من الممكن أن أذهب وأصلي، لماذا؟ لأنني متوضئ، فإذاً الحدث الذي سأزيله... الوضوء هو عبارة عن أمر اعتباري أنا اعتبرته هكذا، يعني نحن سنقول عليه هكذا، يعني سنتخيله هكذا، سنقول عليه هكذا قائم بالأعضاء الخاصة بالوضوء، يمنع من صحة الصلاة حيث لا مرخص، لو كان هناك مرخص أن لا توجد مياه، قال لي تيمم، وهذا التيمم تستطيع أن تستبيح به. الصلاة حتى
لو كان عليك الخضار الذي نزل في وضوئك هذا، حتى لو كان عندك عليك هذا الحدث. طيب، أنا ذهبت وغسلت وجهي وبعد ذلك غسلت يدي ورن الهاتف، هاتف مهم، فرددت عليه وجلست أتحدث معه ربع ساعة، وبعد ذلك ذهبت وقلت: يا رب، الآن ما الذي حدث؟ هل الأخضر... عاد ثانيةً في يدي ووجهي أم لا لا لم يعد، ففرحت مسحت رأسي وذهبت لأغسل قدميّ، ثم ذهبت لأصلي بالرغم من أنني أخذت فترة بين الاثنين. انظر كيف غسلت وجهي وبعدها غسلت يدي.
الباب طُرق، الهاتف رنّ، موقد الغاز يجب إغلاقه، فذهبت تاركاً الأمور هكذا، وجدت ولداً ينظر من نافذة. مَن مِن الشُّبَّاكِ سَيَرْمِي نَفْسَهُ، فَرِحْتُ لَهُ وَحَمَلْتُهُ وَهَكَذَا، وَنَسِيتُ الوُضُوءَ، وَأَخَذْنَا مَا يَلْزَمُ وَلَمْ نَنْقُلْ وُضُوءً وَلَا شَيْءَ. فَعِنْدَمَا عَادَ ثَانِيَةً لِيُكْمِلَ، هَذِهِ تُسَمَّى المُوَالَاةُ. مَا هِيَ المُوَالَاةُ؟ هِيَ أَنْ تَفْعَلَ الوُضُوءَ مُتَتَابِعًا: الوَجْهُ ثُمَّ اليَدَانِ ثُمَّ الرَّأْسُ ثُمَّ الرِّجْلَانِ، هَكَذَا مُتَتَابِعًا وَأَنْتَ وَاقِفٌ عِنْدَ الحَوْضِ. وأنت ستتوضأ في هذا الإناء الخاص بك، وهي سنة، لكن إذا كان هناك فاصل زمني فلا يحدث شيء. حسناً، أنا غسلت
وجهي بالماء ويديّ إلى المرفقين ومسحت رأسي وغسلت رجليّ، فيكون قد انتهى. ما هذا؟ ماذا يسمونه؟ يسمونه الحدث الأصغر. لماذا أصغر؟ إذن ما هو الأكبر؟ قال باعتبار ما منع، هو أنت عندما يكون لديك هذا اللون الأخضر، أنت ممنوع من ماذا؟ قال: والله أنا هكذا ممنوع من الصلاة، وممنوع من ماذا أيضاً؟ قال: ممنوع من الطواف، ممنوع من الصلاة وممنوع من الطواف، وقال بعض الأئمة: ممنوع من لمس المصحف، يجب أن تلمسه وأنت متوضئ. حسناً، فهذه ثلاثة أمور. وهناك نوع آخر من الأحداث
وهو الجنابة، والجنابة هذه تأتي كيف؟ تأتي باجتماع الرجل والمرأة. فإذا حدثت جنابة، فيجب غسل الجسم كله. لماذا يقول أن هذا أخضر؟ إنه أزرق. وماذا أفعل الآن؟ أذهب وأقف تحت الدُش، فعندما أقف تحت الدُش يصبح... ما هذا اللون الأزرق كله الذي سينزل بمجرد جريان الماء على الجسم! قم لتأخذ هذا اللون وتذهب. حسناً، افترض أنني حبست المياه التي نزلت، ستصبح ماءً مذاباً فيه اللازورد. ولو فعلت هكذا في الوضوء، المياه التي نزلت مني وجمعتها، ستصبح ماءً مذاباً فيه اللون الأخضر، وماذا
تكون هذه؟ تكون طاهرة وليست نجسة. مطهرة يعني لا يجوز أن نجمع المياه لنغتسل بها مرة ثانية. يمكن أن نجمعها لنستعملها في أي استعمال آخر، لكن لا نجمعها لنستعملها مرة ثانية في إزالة الأحداث أو في إزالة النجاسات. هذا إذن حكم الماء المستعمل. ماذا يعني الماء المستعمل؟ يعني أنني وقفت تحت الدش وأخذت أصب الماء على نفسي. أنزلت الدش على جسدي، وبعد ذلك جمعت الماء المنسكب مني في الوعاء. هذا الماء المنسكب هو ماء مستعمل، لا نستخدمه مرة أخرى في العبادة، لكن يمكننا استخدامه مجدداً للمسح أو الغسل أو أي شيء من هذا القبيل. أما بالنسبة للوضوء والاغتسال فيجب أن يكون
الماء مطلقاً كما ذكرنا مراراً. إذن، هنا فهمنا عدة أمور، فهمنا. أن المياه هي التي سنتطهر بها دون سواها، وأن هذه المياه يجب أن تكون طاهرة، وأن هذه المياه ستزيل عني الحدث الأصغر الذي يمنعني من الصلاة والطواف فقط، وأن الحدث الأكبر يمنعني من أشياء أخرى من ضمنها مثلاً الحدث الأكبر مثل الحيض عند النساء يسبب لها هذه الحالة. من الحدث الأكبر يمنعها من الصلاة لكنه يمنعها من الصيام أيضاً، فهنا منعها من شيء إضافي، ويمنعها من الطواف ويمنعها من مس المصحف ما دامت الحالة الثانية هكذا، ويمنعها من أن يقترب منها زوجها. إذن فهي تُمنع من
أشياء أخرى، ولذلك سمّوا هذا أصغر باعتبار الأشياء التي مُنعت منها. اثنان ثلاثة أربعة وهذا أحياناً يقول لك أوسط لأنه يجعل منع ستة وهذا يمنع لا تسعة فيكون هذا أصغر وهذا أوسط وهذا أكبر أو يقولون الأصغر والأكبر فيكون باعتبار ما منع إزالة الأحداث شرط من شروط الصلاة. طيب أنا الآن متوضئ في أمانة الله وذاهب لأصلي فكيف ينتقض وضوئي؟ كيف يأتي حدث مرة ثانية، هذا ما سنتناوله في حلقة قادمة إن شاء الله. إلى اللقاء، السلام عليكم
ورحمة الله