هذا ديننا | 50| الفقه الإسلامي (الطهارة) ج5 | أ د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون أيها الأخوات المشاهدات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من حلقات برنامج ديننا عرفنا كيف نتوضأ وكيف نغتسل
تهيئة للصلاة لأن الصلاة من شروطها طهارة الإنسان من الأحداث، يعني من هذا الحدث الذي يمنعني من الصلاة، وقلنا إن الحدث الذي يمنعنا من الصلاة أساساً من الوضوء هو خروج شيء من أحد السبيلين، وقلنا إن الذي يمنعني ويجعلني من الصلاة ويجعلني أحتاج إلى اغتسال هو قضية الجنابة أو الحيض، فلا بد أن نطهر أنفسنا. تهيئة للصلاة إما بالاغتسال وإما بما هو أقل من الاغتسال وهو الوضوء، ويشترط في الصلاة
أيضاً طهارة البدن، فلا يكون على البدن نجاسات، والنبي صلى الله عليه وسلم عرّفنا أننا نحتاج إلى طهارة البدن، لكنه حذرنا من الوسواس، فكثير من الناس يأتيه الوسواس، والوسواس من الشيطان يوسوس لك أنك. لست متوضئًا يوسوس لك إنك على بدنك رذاذ للبول ونجاسة، وهكذا من كرم الإنسان بالمسلمين أن غالبيتهم العظمى لا تصاب بالوسواس، لكن بالرغم من ذلك هناك بعض إخواننا وأخواتنا يصابون ونصاب بالوسواس، وهذا أمر ينبغي علينا علاجه. إذا
كان الإنسان ابتلي بهذا منذ أسبوع وأسبوعين، شهر أو شهرين، فإننا نعظه ونذكره. له الأحاديث ونرقيه بالرقية الشرعية تقوية لنفسه، ولكن هناك من يكون قد أصيب بهذا الوسواس فترك نفسه معه فعاش معه سنين طويلة. هذا يحتاج إلى علاج نفسي، هذا يحتاج إلى تدخل ومعونة طبية، ولذلك إذا رأينا في أنفسنا أو عند إخواننا أو أبنائنا أن المرض قد تمادى وأزمن مدة طويلة. فهذا لا بد علينا من الذهاب إلى الطبيب ولا تكفي فيها الموعظة لأنه غير قادر على نفسه وغير قادر على أن يخرج من
هذه الحالة، والذهاب إلى الطبيب هنا كأنه يساعدنا على فعل السنة وهو عدم الوقوع في شر الوسواس. طهارة البدن لا بد أن تكون. عليها شيء من النجاسات، والنجاسات عندنا محصورة، النجاسات عندنا هي عبارة عن الخارج من السبيلين، والنجاسات عندنا أيضاً هي عبارة عن الخمر من النجاسات، والنجاسات عندنا هو الدم من النجاسات، فلا يجوز لشخص يكون قد
ابتلي بقضية الدم أن يصلي وعلى بدنه شيء من هذا الدم، لازم يغسله مثل الجزار. مثلاً الجزار يذبح الذبائح ومن المحتمل أن يصيب بدنه شيء من الدم، دم الحيوان. دم الحيوان هذا نجس ويحرم شربه وتناوله. طيب، إذاً يغسل من جسمه أي أثر من آثار النجاسة. الدم نجس، البول نجس، الخمر نجس وأمثال هذا. واحد يقول لي: طيب، أنا مجروح، جُرحت، فهذا دمي أنا. فهل هو نجس؟ دم الإنسان نجس ولكن
معفو عنه، وكانت الصحابة الكرام تصلي في جراحاتها، يعني يكون مجروحاً وينزف الجرح الخاص به دماً، فهو يصلي في دم نزل يلوث ثوبه ويلوث بدنه، لكن هذا معفو عنه. معفو عنه يعني ماذا؟ يعني شيء للعسر والدين يسر، ربنا عفا عنها فقط. هذا لا يغير أن هذا الشيء نجس، إنه مثل ماذا؟ مثل ذبابة وقفت على نجاسة، وبعد أن وقفت على نجاسة طارت ووقفت على رجلي. حسناً، ألم تنقل لي بعض النجاسة؟ قالوا هذا معفو عنه. لماذا معفو عنه؟ قال لأنه لا يدركه الطرف، عيني
لا تراه، هذا يعني... ميكروسكوب حتى نرى الميكروبات ونرى الغبار ونرى غير ذلك. احذر أن تدخل في هذا الوسواس. كان الصحابة يعيشون الدين لأن الدين يا جماعة جزء من الحياة. الدين جميل وسهل ويسير وجزء من الحياة، لأننا نعمل وفي وسط العمل نقوم للصلاة، وفي وسط الصلاة نذكر ربنا ثم نعود مرة أخرى للعمل. نأكل وبعد ذلك... نقوم فنصلي ثم نشرب ثم نقوم فنصلي وهكذا، صلاتنا جزء من يومنا ومن حياتنا ومن سير الحياة. ولذلك الدين ليس ضد الحياة، بل هو جزء من الحياة. إذاً فهناك نجاسات لكن هناك معفوات. ألّف في
هذه المعفوات الإمام الشافعي، وألّف في هذه المعفوات النشوي الملكي، وهو شخص اسمه الشيخ النشوي ذكر فيه نحو ستين معفواً. عفواً، يعني انظر، النجاسات محصورة، والعفو في ستين حالة عفو. ما هي صور الستين حالة عفو هذه؟ مثلاً، منها كما قلنا الذبابة التي وقفت هنا وهنا، وكما قلنا الدم الخاص بي أنا، وليس دم شيء خارجي عني، لا، هذا دمي أنا. وكذلك طين الشوارع، وأنا ماشٍ أُصبت بالطين الذي في... قال إنك لن تستطيع الاحتراز منه في الشوارع، لا تقلق، فهو معفو عنه. قد يكون نجساً، قد يكون نجساً، ولكن مع هذه النجاسة معفو عنه. فجمعوا ستين
صورة من هذه الصور المعفو عنها، يسمونها معفوات النشوة أو معفوات العماد. لماذا؟ لأنهم هم الذين ألفوا الكتب التي حصروا فيها الصور. الكثيرة التي فيها عفو فيها عفو لأن الناس محتاجة إليها أو الناس هي جزء من أعمالها من ضمن ذلك الجماعة الشافعية يقولون لك ماذا؟ يقولون لك أن - أعزكم الله - روث البهائم الذي هذا الروث نسمد به الأرض وسماد طبيعي لطيف ليس فيه مبيدات ولا سموم ولا في... شيء من عند الله، فروث البهائم هذا عند الشافعي يقول لك إنه نجس، وعند الإمام مالك يقول إنه طاهر، لكن لا بأس، الإمام الشافعي يقول
نجس، ماذا أفعل به؟ افعل به ما تريد أن تفعله. قال: أنا أستخدمه كوقود، ووقود يعني أنني أوقد به الفرن، فأحياناً تتطاير منه شرارة. وتأتي على يدي هكذا، قال له: "لا، شيء معفوٌ عنه، وأنا أُسمِّد الأرض، أُسمِّد الأرض به. نعم، ممكن أنه وأنا أُسمِّد الأرض به أن أحتاج إلى غَسْل رِجلي. نعم، لكن الرذاذ الخاص به معفوٌ عنه". ستون شيئاً معفو عنها. الإمام مالك إذن لا رائحة وقال لك: "هذا كله طاهر". لأنه من مأكول اللحم، ومأكول اللحم الخارج منه طاهر، فإن أبوال الإبل وأبوال الغنم وروث الغنم كله طاهر، ويُباع ويُشترى. يعني عند الإمام الشافعي يقول لك هذا نجس، لا يُباع. قلت له:
ماذا أفعل؟ فأنا عندي حظيرة كبيرة في الدور في البلد، وهذه الحظيرة مليئة بالروث، والروث... هذا غالٍ لأنه هذا هذا هذا سماد بلدي، فماذا أفعل؟ قال: نصنع فكرة تبادل تكون بعيدة عن البيع والشراء، لأن البيع يشترط في طهارة المبيع. لا بد أن يكون الشيء وأنت تشتري هاتفاً محمولاً أو وأنت تشتري تلفازاً، الهاتف المحمول والتلفاز والطعام والشراب والملابس، كل هذا طاهر. فالمبيع لا بد أن يكون طاهراً. حسناً، ماذا أفعل أنا؟ أصبح وأنت تقول لي أنه هذا نجس، قال ارفع اليد عن الاختصاص. ماذا يعني يرفع اليد عن الاختصاص؟ يعني تخيل أنك وضعت يدك على الحظيرة، أو كما نقول عندنا في البلد: الزريبة التي يوجد فيها هذا الرواص، فجئتني أنت لتشتري. قلت لك: والله تدفع مائة جنيه وتأخذ. قلت له: خذ. المائة
جنيه هذه، أنا لم أبع لك الأرز، أنا سمحت لك بالنقل. قلنا له: يا إمام الشافعي، حضرة الإمام، ما الفرق بينهما؟ أي ما معنى أنني بعته له أو لم أبعه؟ أنا أخذت المال وهو أخذ الأرز. قال: لا، لو أن هذا الأرز هلك قبل التسليم فليس عليك أنت، يكون... أنت من حقك المائة جنيه، لكن لو أنه جاء واستلمها فالحمد لله، ستر الله وجاء لاستلامها. ولكن افترض أنها احترقت، أي تأخر في الاستلام، فلم يأتِ اليوم بل جاء غداً، وأثناء ذلك قدّر الله أن حريقاً وقع، فلا يأتي بعد ذلك ويقول لي: أعطني المائة جنيه. لماذا؟ لأن هذه المائة جنيه كانت... للبيع المفتاح، للبيع السماح، للبيع أنني سمحت له بأنني رفعت يدي في
النجاسة ليس في ملكيتي، فالنجاسة عندي في خصوصيتي، فيكون الإمام الشافعي قد فرق ما بين الخصوصية والملكية. فنكون بذلك قد عرفنا الأشياء النجسة: الخمر نجس، والبول نجس، والروث نجس، وما إلى آخره نجس، وعرفنا أن من شروط الصلاة أن... يجب عليّ أن أتبرأ من النجاسات وأتطهر منها في البدن وفي الثياب، وذلك بغسلها بالماء. فتكون طهارة الأبدان من الأحداث، وطهارة الأبدان من النجاسات، وطهارة الثياب. وهناك طهارة أخرى أيضاً وهي طهارة المكان. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.