هذا ديننا | 51| الفقه الإسلامي (الطهارة + الصلاة) ج1 | أ د علي جمعة

هذا ديننا | 51| الفقه الإسلامي (الطهارة + الصلاة) ج1 | أ د علي جمعة - فقه, هذا ديننا
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من "ديننا". في ديننا أرادنا الله سبحانه وتعالى أن ندعوه وأن نلجأ إليه.
بقلوب ضارعة، في ديننا أرادنا الله سبحانه وتعالى أن نعمر الأرض، وفي ديننا أرادنا الله سبحانه وتعالى أن نزكي النفس. لم يرد منا أن نصطدم مع العالم وأن نسيل الدماء، ولم يرد منا الخصام والفجور والفاحشة، لم يرد منا أن نتعبد إليه سبحانه وتعالى بالفساد في الأرض، لا إنما أمرنا. أنْ نعبدَه مخلصينَ له الدين، أنْ نذكرَه، أنْ ندعوَه سبحانه وتعالى بالليل وآناءِ النهار، آناءِ الليل وآناءِ النهار، أنْ نتلوَ كتابَه تعبُّداً له، أنْ نُسبِّحَه وأنْ نحمدَه سبحانه وتعالى. أمرَنا سبحانه وتعالى بأشياءَ كثيرة، لكنَّها كلُّها في الطُّهر،
الطهارةِ الظاهريةِ للأبدان والطهارةِ الباطنيةِ للقلوب، ولذلك أمرَنا أنْ نتطهَّرَ للصلاة، يُشترَط. في الصلاة أن أطهر بدني من الأحداث وأن أطهر بدني من الأنجاس وأن أطهر ثوبي وأن أطهر المكان الذي سأصلي فيه، وهذه الطهارة المطلوب منها أن تكون طهارة في الظاهر، طهارة المكان. فمثلاً ومن أجل هذا، من أجل فكرة طهارة الظاهر، تجد المسلمين عندهم سجادة صلاة، هذه سجادة الصلاة يفرشونها. حتى لو كنا في مكان نظيف لكنهم لا يأمنون أن يكون طفل قد فعلها هنا، فعلها
هنا. ما حدث أن نجاسة كانت موجودة ثم لم تُزَل بطريقة معينة، فتجدهم دائماً يفرشون سجادة الصلاة. سجادة الصلاة تكفي حتى لو كان تحتها شيء من النجاسة، يعني لو تخيلنا أن نجاسة... لم تقع النجاسة على سجادة المكان الذي سنصلي فيه، بل وقعت النجاسة وذهبت أنا وأحضرت سجادة الصلاة وفرشتها فوق السجادة التي عليها النجاسة، فأصبحت هذه تحت وتلك فوق. ما المطلوب مني؟ هل المطلوب ما كان فوق ذلك؟ ولا يضر ما كان تحت هذه السجادة ما دامت النجاسة لم تصل إليها. لأننا
نفترض الآن أن هذه النجاسة جافة أو أن هذه النجاسة غير مرئية، حتى لو كانت مرئية لكنها جافة. فإذا كانت غير مرئية أو كانت جافة أو كانت كذلك ووضعت السجادة عليها، فهذا يكفي لطهارة المكان. طهارة المكان أيضاً من ضمن شروط الصلاة استقبال القبلة، والقبلة هي الكعبة المشرفة. والاستقبال بعض الناس أيضاً يفهمه بطريقة فيها بعض الشدة، ولكن الكعبة التي أُمرنا أن نتوجه إليها، أُمرنا أن نتوجه إلى جهتها،
وقالوا إن الإنسان في إحدى حالتين: الحالة الأولى أن يكون في الحرم أمام الكعبة، وهنا يجب عليه أن يستقبل عين الكعبة، لا يصح أن تكون الكعبة هكذا وبعد ذلك وجهي في هذا الاتجاه هكذا. لا يصح أن أتجه نحو الكعبة بأي طريقة، فيجب أن أكون متجهاً نحو الكعبة. في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، كانوا يصلون في اتجاه واحد خلف مقام إبراهيم، يشكلون قوساً هكذا ويصلون في اتجاه واحد. بعد ذلك أصبحوا يصلون في كل أنحاء الحرم. وكان الحرم بسيط لكنه بعد
ذلك اتسع إلى أن بنى الأتراك هذا المسجد الذي نراه الآن، ثم بعد ذلك جاءت الدولة السعودية وتوسعت فيه كثيراً وخدموا الحرم، جزاهم الله خيراً. كانوا قد بدؤوا بعد ذلك بنحو قرن يطوفون حول الكعبة من كل جهة كما هو الحال الآن، يعني هذا الوضع موجود من ألف وثلاث مئة سنة ونحن الإسلام جاء منذ ألف وأربع مئة وبضع سنوات، وأنت في الكعبة، في الكعبة وليس في الفندق، لأنك في الفندق من الممكن ألا ترى الكعبة فتطالب باتجاهها، لكن وأنت في الفندق في هذا الاتجاه أنت في الحالة الثانية. الحالة الأولى أنك ترى الكعبة، ترى الكعبة، فيجب إلى
عين الكعبة، حسناً، أنا في مصر أو في إندونيسيا أو في أمريكا أو في الشمال أو في الجنوب، إذاً "فولِّ وجهك شطر" يعني اتجاه الكعبة وليس لعين الكعبة، لأن هذا متعذر ولا يكاد يوجد. أنا أظن أنه عين الكعبة، لا، ليست عين الكعبة وإنما هو اتجاه الكعبة، شطر. المسجد الحرام: أخذ العلماء من قول الله تعالى "شطر المسجد الحرام" أنّ وجه الإنسان يرسم بين أذنيه نصف دائرة أو قوساً. يعني من أذني هذه عندما أرسم خطاً هكذا أجد فيه قوساً وليس خطاً مستقيماً، لأن القوس هو الذي
سيشكل على وجهي هكذا. هو قوس ونصف الدائرة عندما كنا. قديماً ونحن في المدرسة كان لدينا أداة صغيرة اسمها المنقلة. هذه المنقلة بها مائة وثمانون درجة، تسعون درجة وتسعون درجة. وهذه المنقلة تعبر عن القبة السماوية وتعبر عن وجه الإنسان أيضاً. فنصف الدائرة هذه مائة وثمانون درجة، والدائرة كاملة ثلاثمائة وستون درجة. تلقينا هذه المعلومات في المرحلة الإعدادية وما شابه. في هذه الأمور، حسناً، إذا كان أنفي يقع في منتصف الوجه مع وجود منحنى بزاوية تسعين
درجة على الجهة اليمنى، ومنحنى آخر بزاوية تسعين درجة على الجهة الأخرى، فهل يجب على المسلم معرفة هذه الأمور؟ نعم، فربنا عندما أمرنا أن نتوجه إلى شطر البيت الحرام... إلى جهة البيت الحرام أصبحت هناك مجموعة من المعلومات هي التي ستوصلني إلى هذا. إذاً، فهذا الدين يدعو إلى العلم ويدعو إلى التفكر والتدبر، ويدعو إلى أنه حتى ننفذ أمره لا بد أن نتعلم. وهذه الصلاة لكل مسلم، فيجب على كل مسلم أن يكون عارفاً بهذه المعلومات. حسناً، ما المطلوب في شعاعٍ من أنفي إلى البيت الحرام أو من وجهي إلى البيت الحرام؟
حسناً، ماذا قال الله تعالى؟ "فولِّ وجهك"، لم يقل "أنفك"، قال "فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام". حسناً، أنا سأولي وجهي، فما هو وجهي إذن؟ وجهي هو القوس الذي خلقه ربنا في وجهي هذا، وجعل فيه خداً يميناً شمالًا وفي أنفٍ في الوسط كأنها عند درجة تسعين، ففي تسعين درجة يمينًا وفي تسعين درجة شمالًا. حسنًا، ما المطلوب؟ يقول ابن عابدين: المطلوب أن يكون هناك شعاع من هذا القوس الوجهي، هذا القوس الذي في وجهي، والذي يمتد من أذني هذه إلى الأذن الأخرى،
يمتد فيصطدم بالبيت الحرام، أي مِن هنا أو مِن هنا أو مِن أنفه أو مِن ناحية أخرى أو هكذا فيذهب إلى البيت الحرام، فلا يكون من الأنف فقط. لماذا أقول هكذا؟ أقول هكذا لأن بعض الناس يذهبون إلى المساجد القديمة، وعندما يذهبون إلى المساجد القديمة يقيسون ويقولون: القبلة على درجة مائة وستة وعشرين إلى مائة جنوب شرق، حسناً، هذا صحيح. عندما نتحدث عن الأنف فقط، فهذه ليست ستة وثلاثين، إنها واحد وثلاثون، هذه ثلاثون. القبلة هنا منحرفة، فما هي القبلة إذن؟ إنها إلى اليمين قليلاً، ولا نعرف مقدار هذا القليل. لا، ليس هكذا، ليس بالضرورة أن يكون هكذا. الناس الذين بنوا... المساجد من أجدادنا
كانوا يفهمون الفقه وهو أننا مطالبون بأن نتوجه إلى الجهة ولسنا مطالبين بأن ندرك العين وأن الوجه وهو مائة وثمانون درجة له خمسة وأربعون من هنا وخمسة وأربعون من هنا لكي نتوجه به يعني لو حدث انحراف يسير للخط أو الشعاع الخارج من القلب لا يضر. حاجة لماذا لأن الله أراد أن نتوجه بوجوهنا، وجوهنا تعني ماذا؟ تعني هذا القوس الذي يمتد في وجوهنا ما بين الأذنين إلى البيت الحرام، إلى جهة البيت الحرام. ولذلك فهذه القبلة
المبنية قديماً هي مبنية بشكل صحيح لأنها وفت بالغرض، لأنها لم تتجه إلى الشمال ولا إلى محض الغرب ولا محض الجنوب وليس إلى كذا، بل اتجهت إلى الجنوب الشرقي في مجمله. الجنوب الشرقي في مجمله. فإذا كانت القاهرة مثلاً عند مائة وستة وثلاثين، فيجوز غاية أن تعمل خمسة وأربعين درجة يميناً وشمالاً على المائة والخمسة والثلاثين، وتبقى ما زالت تواجه البيت الحرام. فإذا بعض الناس فعلت هذا، أصبحت فتنة، ما لكم تصلّون بطريقة خاطئة؟ لماذا؟ لأن هناك درجتين من هنا وثلاثة من هناك، لا تخف، فالقضية أنه لم يأمرنا أن نتوجه بأنوفنا وإنما
أمر أن نتوجه بوجوهنا، وما دام أمرنا أن نتوجه بوجوهنا، فإن حساب القبلة أيسر بكثير من التيسير الرباني الذي لا يعلم من خَلَق وهو اللطيف الخبير، الله سبحانه وتعالى، هذا أمر مهم للغاية ولكن هذه الفتنة تظهر كل حين وآخر، أي تظهر كل عشر سنوات مرة ثم تخبو، وهي تهمة وصف المساجد بالانحراف الذي يبطل الصلاة. لا يوجد ليس في مصر ولا في غيرها من بلاد المسلمين انحراف يبطل الصلاة لأن الصلاة قد... طُلِبَ منا أن نتوجه بوجوهنا لا بأنوفنا
إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله