هذا ديننا | 52 | الفقه الإسلامي (الصلاة) ج2 | أ.د. علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون والأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من حلقات ديننا. تكلمنا عن الطهارة وضوءاً واغتسالاً،
وتكلمنا عن المياه التي نتطهر بها. وتكلمنا عن بعض شروط الصلاة قبل الدخول فيها كإزالة الأحداث وإزالة النجاسات وإزالة كل ما يعكر طهارة المكان وطهارة الثياب. ويبقى لنا بعد ما تكلمنا على استقبال القبلة يبقى لنا دخول الوقت، فمن شروط الصلاة أن يدخل الوقت، فلا يجوز الساعة الحادية عشرة صباحاً أن أصلي الظهر. إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً، إذاً فالصلاة كتاب موقوت له بداية وله نهاية. الصلوات كما رسمها الشرع الشريف عامةً ثلاثة
إجمالاً، خمسة تفصيلاً. نقول ثلاثة إجمالاً، خمسة تفصيلاً، ربما السادس يتحدث الحنفية عنه، لكن ثلاثة إجمالاً، ما هي؟ هي الفجر، والظهر والعصر معاً، والمغرب والعشاء معاً، وبذلك الفجر له ميقات البداية وتنتهي بالشروق هذا الوقت الذي أمرنا الله فرضاً علينا أن نقوم فيه وأن نصلي له. الظهر، كيف نحسب صلاة الظهر، ولكن الظهر ثم إلى حد معين يؤذن العصر. لكن الظهر والعصر
أخوان مع بعضهما في مجموعة واحدة في فئة واحدة. المغرب ومعه العشاء أخوان، لكن المغرب أيضاً له. وقت والعشاء له وقت، فيكون إذا فصلناها خمسة: الفجر، الظهر، العصر، المغرب، العشاء. لكن بالإجمال ثلاثة: الفجر، الظهر والعصر معاً، المغرب والعشاء معاً. أقول ستة أو خمسة لأن الحنفية أوجبوا الوتر، قالوا يجب قبل أن يأتي الفجر أن نصلي الوتر أيضاً، لكن هذا ليس متفقاً عليه وليس... ركنٌ من الأركان الخمسة التي اتفق عليها المسلمون أن الصلوات خمس، إنما وجوب الوتر من عدم وجوبه هذا أمر آخر. ثلاث
مواقيت إجمالاً وخمسة تفصيلاً. هيا بنا ندرك كيف كان الفجر قبل التلوث الضوئي الذي أصاب العصر كله في كل مكان، إذ لم تكن هناك كهرباء فلم يكن هناك تلوث يملأ المكان ويعكر على الناس صفوَ بقائها، فكنا عندما ينتهي الليل كانت تحدث علامات في السماء، وعلامات السماء هذه هي التي منها أخذنا مواقيت الصلاة. عندما تذهب إلى النتيجة يقولون لك إن الفجر اليوم سيؤذن الساعة
كذا، والظهر كذا، والعصر كذا، والمغرب كذا، والعشاء كذا. من أين يأتون بهذا ومن الذي يحسب هذه النتيجة هو قسم الجيوديسيا في مصلحة المساحة المصرية، وقسم الجيوديسيا في مصلحة المساحة المصرية يعمل وفقاً لمنحنيات جريان الشمس في خط عرض القاهرة مثلاً أو خط عرض الإسكندرية أو خط عرض أسوان. المدينة التي تريد معرفة مواقيت الصلاة الخاصة بها لها منحنى، ومن هذا المنحنى يستخرج القسم الجيوديسيا في مصلحة المساحة يستخرجون منه هذه الأرقام التي أمامك التي تؤذن بأن الوقت قد دخل. طيب، هل هي على خطوط الطول
أم على خطوط العرض؟ لا، إنها على خطوط العرض وليست على خطوط الطول. يعني سنجد فرقاً بين أذان الظهر في أسوان وأذان الظهر في القاهرة، سنجد فرقاً بين الظهر في القاهرة وأذان الظهر في الإسكندرية، ما سبب ذلك؟ السبب الأساسي هو خط العرض، والسبب الثانوي هو خط الطول. هذا سبب ثانوي قليل الأهمية، والذي هو فارق المواقيت بين ما حُسِبَ عليه وقت بلاد مصر، وكلها احتُسبت على القاهرة. حسناً، الإسكندرية تقع غرب القاهرة قليلاً، فيكون إذا الشمس... لن تمشي من القاهرة حتى الإسكندرية، ستأخذ لها أربع أو خمس دقائق. دعنا نجد الفرق ما بين أربع إلى سبع دقائق. لماذا سبع
دقائق؟ لأن هناك أيضاً اختلافاً بين خطوط العرض. من العجائب أن القاهرة تقع على خط طول ثلاثين وخط عرض ثلاثين أيضاً، والأعجب من ذلك... أن الفراعنة بنوا الهرم الأكبر على نقطة التقاء خط ثلاثين طولاً مع خط ثلاثين عرضاً. بالله عليكم، هل كان هؤلاء الناس يعرفون معنى ثلاثين؟ وهل كانوا يعرفون هذه الخطوط؟ وهل كانوا يعرفون؟ ما هي القصة؟ إنها أمور غريبة عجيبة، لكنها هي ما حدث بالفعل، حيث إن الهرم الأكبر الذي لدينا خط الطول مع العرض ثلاثين وثلاثين، فمصر على خط طول ثلاثين وثلاثين. طبعاً بعض الناس يغتاظ أن
مصر هكذا، وأن مصر هي القاهرة، وأن كذا، يغتاظ، يحصل له غيظ. يعني أنا أتذكر أن رقم الهاتف الخاص بأمريكا لابد أن تدخل له بصفرين واحد، ورقم الهاتف الخاص بمصر صفرين اثنين، فقال أمعقول أن تكون مصر صفرين اثنين؟ قلت له: نعم، مصر هي أم الدنيا فهي صفرين اثنين بعد أن سرقتم صفراً واحداً. هذا ونحن كنا أولى بها. قال: لا، هذا غير معقول، يجب أن تكون صفرين عشرين. هي صفرين اثنين، أما الصفرين عشرين فهي بعد دخولنا مصر، فتصبح صفراً. هذان من القاهرة إلى هذا الحد، ونحن بلاد
الحضارة وبلاد هي محل نظر الله سبحانه وتعالى. ولذلك ونحن نتأمل هؤلاء الناس المتعصبين ضدنا وضد العلم وضد التقوى وضد الدين كما أرادهم الله سبحانه وتعالى، فنحن في حالة يرثى لها مع هؤلاء الناس. يعني هم يحقدون ويشتعلون غيظاً، قل موتوا بغيظكم. أغيظكم ولكن مواقيت الصلاة تُحسب طبقاً لخطوط العرض. يأتي وقت الفجر، فأتساءل متى يؤذن للفجر. كنت أخرج وأنظر ما الأمر، فنجد الدنيا مظلمة بلا كهرباء ولا أي شيء
آخر هكذا في الريف أو في الصحراء. في مكان ناءٍ في الصحراء، في منطقة منقطعة، نستطيع رؤية القبة السماوية أمامنا. ننتظر فنجد أن ضوءاً ما بدأ في الظهور، وهذا الضوء وأنا أنظر إلى جهة الشرق نازل من تحت ضيقاً ويتسع قليلاً هكذا. ثم في الحديث يقول لك ماذا؟ كذنب السرحان. ما هو ذنب السرحان هذا؟ إنه ذيل الثعلب. وذيل الثعلب يكون هكذا قليلاً ثم ماذا؟ ينتفش هكذا في... النهاية، ففي الأفق يظهر ضوء يشبه ذنب السرحان الذي هو كذيل الثعلب، وبعد
ظهور هذا الضوء أقول: الله، هل بدأ الفجر الآن أم ماذا؟ ثم يختفي بعد خمس دقائق تقريباً، هذا ذنب السرحان. وبعد أن رأيته وظننت أننا انتهينا - الحمد لله - أي أن الفجر قد حل، وجدته قد غير موجود، لم يعد موجوداً، كل ذلك أنوار السماء أو أضواء السماء. أنا أرصدها، والفراعنة رصدوها، والصينيون رصدوها، وأصبحت شيئاً مثل البديهيات. ولذلك في سنة ألف وتسعمائة وستة منعوا البحث في أضواء السماء، قالوا كفى، لقد أنهينا هذا البحث، فألغوها من مقررات الفلك في إنجلترا. ذنب السرحان هذا.
يختفي ويمكث قرابة عشر دقائق، أي أنه عندما بدأ، منذ عشر دقائق، ثم يمكث عشر دقائق أخرى. يعني في ثلث ساعة تقريباً، خمس عشرة دقيقة، سبع عشرة دقيقة، بين ذنب السرحان هذا وبين أن أجد الضوء منتشراً بالعرض هكذا، مستطيراً. يعني منتشراً بالعرض هكذا. هذا هو الفجر الصادق، إذ يوجد فجر كاذب وبعده بقليل، بما يقدر بربع ساعة، يأتي الفجر الصادق، فبينهما تقريباً ربع ساعة. حسناً، وما هذه الظاهرة؟ من أين تأتي؟ تأتي من أن الشمس تكون تحت الأفق، حيث لم تطلع الشمس بعد. وعندما تطلع الشمس يكون ذلك هو الشروق. إنها
تتحرك في مائة وثمانون درجة تسير في الدرجة أربع دقائق تقريباً في المتوسط، فعندما تجلس خمس عشرة أو ست عشرة دقيقة فهذا يعني أربع درجات، وهكذا يكون الفجر الكاذب قبل الفجر الصادق بأربع درجات، وبعد ذلك تصل إلى حد معين وهو تسعة عشر، وعند تسعة عشر أرى المستطير، فأكون قد رأيت الفجر، في المكان الذي أنت فيه عند تسعة عشر وكل هذا يُبحث في علم واسع يُدرس في الهندسة اسمه الجيوديسيا مع مواقيت الصلاة وما يحدث فيها في حلقة قادمة إن شاء الله. فالسلام عليكم ورحمة الله.