هذا ديننا | 55| الفقه الإسلامي - الصلاة ج5 | أ.د. علي جمعة

هذا ديننا | 55| الفقه الإسلامي - الصلاة ج5 | أ.د. علي جمعة - فقه, هذا ديننا
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على سيدنا رسولِ اللهِ وآلهِ وصحبهِ ومن والاهُ. أيها الإخوةُ المشاهدون وأيتها الأخواتُ المشاهداتُ في كلِ مكانٍ، السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقةٍ جديدةٍ من حلقاتِ دينِنا. تحدثنا عن شروطِ الصلاةِ، وتحدثنا عن الطهارةِ في البدنِ وفي الثيابِ. وفي المكان من الحدث الأصغر ومن الحدث الأكبر تحدثنا عن دخول الوقت وتحدثنا بتفصيل
عن هذا، تحدثنا أيضاً عن استقبال القبلة وكيف يكون. فتحدثنا عن شروط الدخول في الصلاة، من هذه الشروط قضية الوقت، وقضية الوقت في الحقيقة يتعلق بها قضية الجمع بين الصلوات. هي خمسة تفصيلاً: الفجر، الظهر. العصر المغرب العشاء ولكن إجمالاً هي ثلاثة لأن الفجر وحده هكذا الظهر والعصر إخوان وأخوات المغرب والعشاء أخوات. قال تعالى: "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً". سيدنا
النبي وهو يفهمنا هذا، أمرنا أن نحافظ على الصلاة في وقتها، وجعل هذا من أفضل الأعمال، وحثنا أن نسعى إلى المسجد وجعل. صلاة الجماعة تفوق وتعلو على صلاة المنفرد بخمسة وعشرين درجة، وفي الرواية سبعة وعشرين درجة. طبعاً هذه الدرجة عند الله تعالى، أي إن المسافة بين الدرجة والأخرى كالمسافة بين السماء والأرض، يعني شيء واسع جداً. فينبغي للإنسان منا ألا يكون زاهداً في الخير، وعليه أن يلزم المساجد وأن يصلي في لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعلمنا أن ديننا هو
جزء من حياتنا لا يتجزأ، يعرف تغير المكان وتغير الزمان وتغير الأحوال وتغير الأنظمة وتغير البرامج وتغير الأشخاص، يعرف أن هذا الدين خاطب الله به العالمين، الستة أو السبعة مليارات الذين على وجه الأرض، طالبهم الله بأن يسلموا. إليه سبحانه وتعالى، منهم من عرف ومنهم من لم يعرف، منهم من التفت ومنهم من لم يلتفت، منهم من فهم ومنهم من لم يفهم. لكن بالجملة، الله سبحانه وتعالى، هذا خطاب رب العالمين إلى العالمين. كل هذا حفَّه الله سبحانه وتعالى بحرية المعتقد، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، ولكن. نبّه على أنه يحب منا الإيمان ويحب
منا الإسلام ويكره منا الكفر والعصيان، يحب هذا ويكره هذا. ونحن إذا أردنا أن نطيع ربنا سبحانه وتعالى فعلينا أن نقدم للناس مثالاً يُحتذى به. فالله أمرنا: "لست عليهم بمصيطر"، والله أمرنا: "وما أرسلناك عليهم حفيظاً"، والله أمرنا: "ما على الرسول إلا البلاغ". والله أمرنا قد قال: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي"، أمرَ ونهى سبحانه وتعالى بحيث أنه ما علينا إلا البلاغ، والله له الهداية، "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء"، فإذا كان الأمر كذلك فإن هذا الإسلام الذي خاطب المسلمين وغير المسلمين يختلف
فيه من زمانٍ إلى زمان، ومن ثقافةٍ إلى ثقافة، ومن لغةٍ إلى لغة، فالنبي صلى الله عليه وسلم يسّر لنا الأمر، وذلك أنه جعل في صلاة السفر ترجع الأمور كما كانت قبل إقرار الصلوات الخمس: الظهر نصليها ركعتين، والعصر نصلي ركعتين، والمغرب كما هي ثلاثة، والعشاء نصليها ركعتين، وهذا يسمى. أُقصِّر الصلاة متى؟ أُقصِّر الصلاة وهل لي أيضاً أن أجمعها عند الجمهور إذا كان هناك سفر أكثر من خمسة وثمانين كيلومتراً؟ حسناً، من أين أتت هذه المسافة خمسة وثمانين كيلومتراً؟ قاسوها
إذاً، قاسوا المسافة التي وردت في السنة فوجدوها من القاهرة إلى طنطا عندما نذهب ونسير في الطريق الزراعي من... المسافة من القاهرة إلى طنطا تبلغ اثنين وتسعين كيلومتراً، لكن قديماً لم يكن هذا هو الطريق الذي يسلكه الناس، بل كانوا يسيرون بجانب النيل، وعندما يسيرون بجانب النيل في اتجاه طنطا يصلون إليها بعد خمسة وثمانين كيلومتراً. وهنا يُثار سؤال: وماذا عن مدينة محلة مرحوم؟ محلة مرحوم هذه تقع عند مثلاً إذا كانت المسافة أكثر من مسافة القصر، وعندما نسلك طريقاً آخر عبر النيل تصبح أقل
من مسافة القصر، فهل نقصر الصلاة أم لا نقصرها؟ فالعلماء قالوا إذا كان هناك طريقان لمدينة معينة، أحدهما أطول من الآخر، والطويل أكثر من مسافة القصر (أكثر من خمسة وثمانين كيلومتراً) والقصير أقل من أنا سرت أين في الطريق الطويل لأقصر الصلاة، وأنت سرت أين في المسافة القصيرة لا تقصر الصلاة، يعني كأنها مدينة واحدة، أنا أقصر فيها الصلاة وأنت لا تقصر الصلاة لأنني مشيت خطوات أكثر منك، فالشرع حدد ماذا نفعل. إذاً ليس كل من هو في طنطا يقصر فيها الصلاة، لا، هذا طيبٌ، أنا
سأسافر إلى الإسكندرية. على بعد مائتين وعشرين كيلومتراً. سافرت إلى الإسكندرية. ما هذا الترحال؟ ما هذا الترحال الذي بينما أنا أسير في الطريق، وصلت عند منتصف الطريق، هناك أماكن يقال لها الواحة، ويقال لها الاستراحة، ويقال لها لا أعرف المركز، أشياء هكذا تنزل لتشرب. قهوة تشرب، شاي تتوضأ، تصلي في الطريق، تصلي وتجمع. يعني منذ متى أصبح ذلك؟ من أول البوابات، أول ما تعبر البوابات بكم؟ على الفور. يعني أنا واقف قبل البوابات وأريد أن أصلي الظهر، تؤديها أربع ركعات. حسناً،
مشيت خطوة هكذا وأصبحت بعد البوابات، تؤديها ركعتين. هذه المسافة خطوة في خط. فاصل بمعنى البوابات التي ندفع عليها رسوم الطريق، قبلها أنت لست مسافراً، وبعدها أصبحت مسافراً، ولذلك ستصلي هنا أربع ركعات، وهناك لو صليت فصلِّ ركعتين، فالفرض عليّ أن أصلي ركعتين، ولا يجوز أيضاً أن أصلي أربعاً، لا، اذهب وصلِّ، فهي ليست فرضاً. لا شيء هنا، تصلي الظهر، لكن هنا تصلي الظهر ركعتين ومعه العصر ركعتين. هل هذا واجب علي أم يمكنني تأجيل العصر حتى يؤذن العصر؟ لا، ليس واجباً، لكن ما دمت قد تجاوزت البوابة فيحق لك أن تصلي فوراً. الله! أنا أفعل
هكذا في المطار عندما أذهب إلى المطار ولم أختم عند ضابط الجوازات، قبل أن يصلي ضابط الجوازات أربع ركعات وقال لك "مع السلامة"، تصلي ركعتين، هكذا هو مباشرةً بعده. هكذا يكون سبحان الله! زميلي قبل ضابط الجوازات صلى أربع ركعات، وأنا مررت أمام ضابط الجوازات ونحن نرى بعضنا، أصلي ركعتين. إذاً هذه أمور محددة وليست مُقدَّرة، هذه أمور. محددة بمعنى أن البوابة هي الحد. أين بوابة المطار؟ هذا حضرة الضابط الجالس الذي ينظر إلى الجواز ويسمح لي بالخروج. أين أصبحت الآن؟ في منطقة يسمونها الآن الترانزيت. أصلي ركعتين قبل الترانزيت وأنا ما
زلت أزن أو ما زلت أنهي التذكرة أو نحو ذلك. تصلي أربعاً فتكون الأمور هنا. نحن يتضح أننا نضع أيدينا على المفاتيح، وهل هذه الأمور مقدَّرة أم لا؟ أي مقدَّرة بمعنى بتقدير كذا، أي ممكن، أم محددة؟ لا، ليست مقدَّرة إطلاقاً، بل هي محددة. هل هي مقدَّرة أم محددة؟ محددة. تماماً، قبل الخط تصلي أربعاً، وبعد الخط تصلي اثنتين. هذه قصة ترحال، أنا أسير في الطريق. الإسكندرية، فكل هذا اسمه ترحال. السيارة تحتاج إلى تغيير الإطارات، فانزل لأصلي ريثما ينتهي من إصلاحها أو ما شابه ذلك. قم يا زوجي في هذا الترحال. هل يجوز لي أن أقصر الصلاة وأجمع
الصلاة؟ ذهبت ووصلت إلى بوابة الإسكندرية ودخلت. ماذا أفعل؟ هذه تسمى انتهاء السفر. لقد انتهى السفر، أي والحل يقول لك: ربنا يحفظك في حلك وترحالك، أي في أثناء السفر وعندما تصل إلى المكان الذي أنت فيه. سنرى ما الذي نفعله في حالتنا إن شاء الله في حلقة قادمة. فالسلام عليكم ورحمة