هذا ديننا | 57 | الفقه الإسلامي | الصلاة ج7 | أ. د. علي جمعة

هذا ديننا | 57 | الفقه الإسلامي  | الصلاة ج7  | أ. د. علي جمعة - فقه, هذا ديننا
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من ديننا. تحدثنا عما يخص شروط الصلاة التي قبلها، والشرط يختلف عن الركن. فالشرط شيء خارج عن كُنه الشيء، يعني الوضوء، الاغتسال، استقبال القبلة، دخول الوقت، طهارة المكان والثياب، وطهارة البدن، كل هذه الأشياء خارجة
عن كُنه الصلاة. أما الركن فهو جزء الشيء الداخل في حقيقته المحقق لهويته. الركن يبدأ في الصلوات عندما ندخل ونرى الصلاة نجدها ثلاثة أقسام: أركان وسنن وهيئات. الأركان أولها تكبيرة الإحرام. تكبيرة الإحرام ركن. مع تكبيرة الإحرام (الله أكبر) نرفع أيدينا، هذه هي الهيئة. يعني افترض أن شخصاً لم يرفع يديه، لا يضره شيء. لكن الشخص الذي يريد أن يصلي كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم بدون تفرقة بين الأركان والسنن والهيئات، هذا تقسيم. العلماء بعد دراسة واسعة لما
ورد في السنة المشرفة: ندخل في الصلاة بتكبيرة الإحرام "الله أكبر" التي تحرم على الإنسان أن يتكلم بكلام الدنيا مثل "اذهب" و"أحضر" و"تعال" و"اشترِ" و"بِع" و"افعل" و"لا تفعل". كل ذلك ممنوع، "وقوموا لله قانتين" يبدأ من تكبيرة الإحرام. لماذا سُميت بالإحرام؟ لأنها تحرم عليك أن في الصلاة يُمنع أن تتكلم، وتكبيرة الإحرام هي "الله أكبر". فلو قال شخص "الرحمن أكبر" فلا يصح، ولو قال شخص "الله الله" فلا يصح أيضاً. يجب أن تكون "الله أكبر". فهذه التكبيرة ركن من أركان الصلاة، ومعها بالضبط وفي القلب النية: أنا أصلي ماذا؟ فرضاً أم نافلة؟ أأصلي
ظهراً أم أنا أصليها الآن، فيجب أن أنوي في قلبي أن الصلاة التي سأصليها هي صلاة الظهر أو صلاة العصر أو صلاة المغرب أو أي صلاة. حسناً، هل يجوز أن أساعد قلبي لأنه أحياناً يكون مضطرباً أو شارداً فأقول: "نويت صلاة الظهر"؟ هذا جائز، فالعلماء قالوا إنه يجوز. كان يفعل ذلك، لا، لم يكن يفعل ذلك، وإنما كان يقول الله أكبر وفي قلبه النية. ما معنى النية؟ معناها القصد المؤكد. قلبي متوجه الآن للنية، معناها
القصد المؤكد. يعني أنا أنوي الطواف بالبيت الحرام، أنا أنوي السعي بين الصفا والمروة، أنا أنوي الصلاة، أنا أنوي الصيام، أنا أنوي أن... هذا المبلغ من زكاة مالي، أنا أقصد هذا. إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، وفي الحديث أيضاً "إنما العمل بالنية". فيجب النية، فعندما أتوضأ يجب أن أنوي أن هذا وضوء. النية هي القصد المؤكد، وأين محل النية؟ محلها القلب، وإذا ساعد اللسان القلب فلا مانع من ذلك. وإذا اختلف كلام اللسان عن عزم القلب وأنا ناوٍ شيئاً للظهر، فأخطأت وقلت بلساني أني ناوٍ صلاة العصر، فلا يكون
ذلك صحيحاً، لأن العبرة بالقلب. لأن هذا الكلام أصلاً ليس له ضرورة، وإنما نفعله تيسيراً على الناس، لكنه أصلاً جديد، ولذلك فإن مسألة "نويت أن أصلي" ثم أخطأت وقلت العصر أريد أن تكون صلاة الظهر صحيحة لماذا؟ لأن العبرة بمحل النية الذي هو القلب وليس اللسان. أخطأ ولا نلتفت إلى الخطأ لأنني قلت في قلبي. حسناً، لو عكست الأمر، فأنا أريد أن أصلي الظهر، لكنني قلت: أريد أن أصلي الظهر، وفي نيتي من الداخل العصر، فهذا لا يصح، بل أعيد الصلاة مرة أخرى؟ لا بد أنك تريد أن تصلي. ماذا تريد أن تصلي؟ أصلي الظهر؟ حسناً، فلا تقل في قلبك أن هذه صلاة العصر. فالعبرة أن
القلب هو محل الاعتبار، النية محلها القلب. طيب، ما هدفها؟ التمييز. أميز الظهر من العصر، والعصر من المغرب، وأميز أيضاً العبادة من العادة. ما كنتُ أريد أن أتوضأ، أنا أريد أن أنظف يدي ووجهي وما إلى ذلك. أنا أريد أن أرش وجهي بقليل من الماء لكي أبرد في الصيف. فأنت تميز العادة من العبادة، وتميز الفرض من النافلة، وتميز الفريضة من غيرها، وأن هذا ظهر وهذا عصر. فهذه هي مهمة النية الخاصة بها. يعني افترض أن شخصاً غير مسلم قام بالصلاة مع المسلمين، هل بهذا
الشكل تنعقد صلاته؟ لا، تنعقد صلاته. لماذا لا تنعقد صلاته؟ لأنه لم ينوِ، ليس لديه نية، هو يتلاعب. إنه يجلس ليصلي مع المسلمين هكذا في الظهر وهو ليس مسلماً أصلاً. إذاً، ومعنى ذلك أن غير المسلم عندما يحضر مع المسلمين لا يستطيع أن يصلي معهم. يعني إذا أراد أن يدعو فلا مانع من الدعاء، لكن أن يقوم ليصلي معهم فلا، لا يقوم ليصلي معهم. إذا أراد أن يدعو فليدع. وهكذا حدث مع وفد نجران عندما أتوا إلى مسجد النبي، وكانوا شأنهم كل لأجل حرية المعتقد لا يجب لأحد أن يفرض على الآخر ما يعتقده بينه وبين الله سبحانه وتعالى، فكان يتركهم يصلون ويخصص
لهم مكاناً في المسجد ليقوموا بالصلاة في أمان الله. لم يكونوا يشتركون مع المسلمين في صلاتهم، فالنية هدفها هو التمييز بين العبادات وهي أيضاً من شروطها. هو شرط الإسلام كبّرنا ونوينا هكذا دخلنا في الصلاة. النية في صلاة النافلة: أنا أريد أن أصلي ركعتين، حسناً، فتصلي ركعتين. هل يصح أن نجعلهما ثلاثاً أو أربعاً أم لا؟ لا يصح، لأنه يجب أن يكون المنوي على قدر النية. تصلي ركعتين فتنتهي من الركعتين وتسلّم. إذا أردت أن تصلي وتأتي بعد الأربعة وتسلِّم فيجب أن يكون المنوي موافقاً للنية.
دخلنا الصلاة، ما الركن الثالث من أركان الصلاة؟ قراءة الفاتحة أم قراءة ما تيسر من القرآن؟ قال: لا، قراءة الفاتحة. لا تصح صلاة إلا عندما تقرأ الفاتحة، فلا بد أن نقرأ الفاتحة. لماذا؟ لأن الفاتحة ركن من أركان الصلاة. حسناً، هل تحتوي سورة الفاتحة على "بسم الله الرحمن الرحيم" أم لا تحتوي عليها؟ حسب القراءة التي تقرأ بها، وهي قراءة حفص عن عاصم، فإنها تحتوي على "بسم الله الرحمن الرحيم". عندما تفتح المصحف ستجد "بسم الله الرحمن الرحيم"، ثم الآية "الحمد لله رب العالمين" وهي رقم اثنين، وبالتالي فإن ثلاث إلى سبع آيات التي يُطلق عليها السبع المثاني، وهي
الفاتحة التي نكررها سبع عشرة مرة. نحن علينا فروضنا سبع عشرة ركعة، وفي كل ركعة يجب أن نقرأ الفاتحة، فالفاتحة ركن من أركان الصلاة. قرأنا الفاتحة، وبعدما قرأنا الفاتحة نقول "آمين"، أي يا رب استجب، وهو اسم فعل أمر معناه. يا ربِّ استَجِبْ، هذا ليس فرضاً، لم أقل آمين، لا يحدث شيء، ولكن تكون قد ضيَّعت على نفسك خيراً كثيراً. لماذا؟ لأنها من التقسيمة، الفاتحة من الأركان، وآمين من الهيئات. نحن لدينا ثلاثة ملفات: أركان، وسنن، وهيئات. لماذا نصنفهم ثلاثة؟ لأننا سنرى الآن إذا نسينا شيئاً. ماذا
نفعل بهذا التقسيم بسبب النسيان؟ حسناً، رقم أربعة: الركوع. هو ركوع، وإذا افترضنا أنك لم تركع، فالصلاة باطلة. لا يصح أن نتجاوزه، لابد من الركوع. ما هو الركوع إذن؟ هو أن تضع يديك على ركبتيك إذا كنت معتدل الخلقة. ما معنى معتدل الخلقة؟ معتدل الخلقة يعني عموم الناس، خلق الله الإنسان بمقاييس معينة، وهذا هو معتدل الخلقة. معتدل الخلقة إذا وضع كفيه على ركبتيه يكون اسمه راكعاً. هل
هناك غير معتدل الخلقة؟ نعم، هناك أناس أيديهم قصيرة فتكون ركعتهم وأيديهم لا تصل إلى الركبتين، فتكون الأيدي صغيرة جداً. هناك أناس هكذا ولكنهم نادرون، وهناك أناس أيديهم طويلة. ليست طويلة بمعنى أنهم يأخذون شيئاً حراماً لا قدر الله، بل يداها طويلة في المقاييس وهو واقف واضعاً يده على ركبته. ما هذا؟ لا، ليس أحد منا هكذا، لكن هناك أناس هكذا، أنه وهو واقف يضع يديه فتصل إلى ركبته، فيكون بذلك يداه أطول من الخلقة المعتادة. والثاني الذي يداه قصيرتان هذا أقل من الخلقة المعتادة لله. حسناً، وكيف سنعرف
هذه؟ قال: هذه سهلة. وهو: غريبة أيضاً! عجيبة! كيف؟ قال: قف ومد يديك هكذا. يعني أجعل يديك الاثنتين هكذا. المسافة المعتادة ما بين هذا الإصبع وهذا الإصبع وأنت فارد يديك هكذا تساوي طولها هذا. تكون الهيئة المعتادة إذا كانت أطول من طولك فأنت لست على الهيئة المعتادة، وإذا كانت أقل من طولك فأنت لست على الهيئة المعتادة. انظروا إلى أي مدى وصلوا، أشياء حسية تجريبية بسيطة ولكنها تضبط معنى الركوع أن نضع أكفنا على ركبنا ونتوقف عند هذا الحد في هذا. القدر من إدراك الصلاة، وإلى لقاء آخر، أستودعكم
الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.