والله أعلم |الدكتور على جمعة يتحدث عن الناسخ والمنسوخ ..وحقيقة نسخ بعض آيات القرآن | الحلقة الكاملة
أشهدُ اللهَ أنْ يَجعلَ أوقاتَكم مليئةً بكلِّ خيرٍ وأهلاً بكم في "واللهُ أعلم" مع مسعد، دائماً بصحبةِ صاحبِ الفضيلةِ مولانا الإمامِ الأستاذِ الدكتورِ علي جمعة وعلماءِ الأزهرِ الشريفِ الكبارِ. هذا لقاءٌ يتجددُ دائماً فتتجددُ معهُ هذه الحياةُ لنُصلِحَ هذه الحياةَ بهذا الدينِ. مولانا الإمامُ، أهلاً بفضيلتِكم، أهلاً وسهلاً بكم، مرحباً. اليوم عن قضية هامة جداً في القرآن الكريم عن الناسخ والمنسوخ، ما معنى النسخ؟ ما أنواع النسخ؟ وما حقيقة النسخ؟ اسمح لي في البداية أن أبدأ
بهذا المعنى: ما معنى النسخ في القرآن الكريم. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، النسخ في اللغة قبل إقرار المصطلحات وتوضيحها عند أهل الفنون المختلفة من تفسير وأصول وفقه ونحو ذلك، فكلمة "نسخة" أي إزالة، فنقول في لغة العرب: "نسخت الشمس الظل"، يعني كان هناك قليل من الظل هكذا يستظل به المرء، ظل شجرة، ظل جدار، ظل شيء ما هكذا، وبعد ذلك الشمس عندما... جاءت وأعطت هذا الظل، أين ذهب هذا الظل؟ طبعًا هذا الظل هو عبارة عن الظلال التي تمنع وصول ضياء الشمس إلى ما خلفها بحقائق كثيرة، لكنني لا أرى الشمس وهي ورائي، فعندما
جاءت أمامي أصبحت أنا في مواجهة الشمس، فنسخت الشمس الظل أي أزالته، إذًا النسخ هو الإزالة. والنسخ أيضاً هو النقل، تقول: نسخت الكتابة، يعني أخذت نسخة وجلست تنقل هذه النسخة في ورق آخر، فيكون قد نسخت الكتابة. فالنسخ معناه الإزالة ومعناه النقل، فكأنك بعد أن أتممت كتابة الكتاب الجديد كأنها قد زالت من نفسك الحاجة إلى الكتاب القديم، فهذه هي العلاقة بين النقل وبين النسخ. الشمس فتُزيل والكتابة تنقل فتُزيل
الحاجة إلى الأصل القديم، فهذا معنى النسخ. يعني النقل فأزال معناها هكذا. هذا في اللغة، عندما نأتي لامرئ القيس أو عنترة أو زهير بن أبي سلمى، الناس الذين كانوا في الجاهلية ويقول لهم: "نسخت الشمس الظل"، يفهمون هكذا، يقولون لك: نعم، الشمس جاءت. وجهي، هل انتبهت؟ فهمت منها ما معنى النقل: انتقال الشمس من مكان إلى مكان مما يسبب إزالة الظل من هذا المكان. يعني نحو قديم، جديد بقديم، نحو جديد، نحو القديم الجديد. عفواً، نعم. فعندما جاءت العلوم وجاءت فكرة ماذا؟ الفكرة اختلفت، هذه الفكرة أننا سننتقل الآن
من الدائرة اللغوية. إلى الدائرة الاصطلاحية حيث الفن في الفن ولقاء الفنون بالعلوم، يعني فقال: "والله طيب يا أخي، نحن الآن لسنا في أحكام وضعها ربنا ثم تغيرت هذه الأحكام، أو كان سامحاً بها ثم لم يسمح بها، أو كانت تغيرت، فيكون هذا التغيير هو عبارة عن نسخ، يعني كان ربنا..." تاركاً الكلام عن الخمر، فالخمر في شريعة اليهود حلال تماماً، أي اشرب حتى تصبح مخموراً ولا يحدث شيء. هل تنتبه؟ أما الخمر في شريعة سيدنا عيسى، فبولس يقول: "وقليل من النبيذ يصلح المعدة"، أي ليس إلى درجة
أن تفقد توازنك وتسقط طولاً، بل هو مثل ماذا؟ إصلاح فقط وكفى. يعني إذن أصبح هكذا بمعنى أنه حادثة مفاجئة، فعندما جاء سيدنا محمد كانوا جميعهم يشربون الخمر، كل أهل قريش كانوا يشربون الخمر. ليس هذا فحسب، بل كان الاقتصاد مبنياً عليها. مرة أراد الناس في أمريكا في سنة أربعة وعشرين أن يمنعوا الخمر لما فيها من أضرار صحية واجتماعية، لكنهم لم الاقتصاد سيترتب على عدم استغلال العنب وعصير العنب وعصير التفاح وعصير البصل وعصير لا أعرف ماذا التي يحولونها إلى خمر، أصبحت صناعة قائمة ولها نسبة سواء إنتاجاً أو استهلاكاً، فما عرفوه أصبح له سوق
كبير ومتمكن في هذا الجانب الذي هو الجانب الاقتصادي لهذه الصناعة، جعلهم لا يستطيعون التوقف من إقرارهم أنها داهية من الدواهي وأنها مصيبة من المصائب وأنها ضارة صحياً وأنها أضر من بعض المخدرات حتى تلك المحرمة في القانون. فالخمر أضر منها، لكن الناس يشتهون المخدرات، كيف لا يشتهون هذه البلوى. وعندنا في الإسلام الذي جاء بعد ذلك جعلها أم الخبائث. وحرّمها تحريماً جزئياً، قال ماذا في البداية؟ قال: "لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى" حتى تعلموا ما تقولون. وبعد ذلك حرّمها عليهم بالنهار دون الليل، لأنه بالليل الشخص سيخلد إلى النوم فلا
يستطيع. ثم حرّمها عليهم تماماً إلى أن أصبحت الخمر تُسمى "أم الخبائث"، أي أكبر الكبائر وأعظمها. العظائم وكذلك إلى آخره، قام الفقهاء بتسمية هذه الحاجة ناسخاً لأنها انتقلت من حكم إلى حكم وزال الحكم الأول الذي هو المسكوت عنه بحكم آخر مؤقت في تحريمه بحكم آخر اشتد فيه التحريم حتى جعله أم الخبائث وكبيرة من الكبائر، وبإزائه حد يُحد فيه الإنسان إذا سكر هذا السكر. عن عمدٍ وعن قصدٍ وكذا إلى آخره، ولذلك تغير الحكم في مكة. يقولون لك: حسناً، أنت توجهت إلى بيت المقدس كقبلة، والنبي يحب كثيراً الكعبة
ويعلم أنها محل نظر الله وأنها بيت إبراهيم الذي بناه "وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت"، فكان يجعلها بينه وبين بيت المقدس فيكون متوجهاً إلى وللبيت المقدس في ناحية جيدة، فلما ذهب إلى المدينة تغير الحال وأصبح يلزمه أن يولي وجهه نحو الشمال في حين أن الكعبة في الجنوب، فاختلف الوضع. فلما جلس يدعو ربه: "قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها". فربنا سبحانه وتعالى غيَّر حكم القبلة من البيت المقدس الذي... هو قبلة الأنبياء من قبل إلى الكعبة المشرفة التي هي محل نظر الله وأول بيت وضع للناس، فهل أول منسوخة في الإسلام هي القبلة يا مولانا؟ لا، هذا تكرر النسخ لها. وها
هو أيضاً الإمام السيوطي يقول: "أربعة تكرر النسخ لها جاءت بها الأخبار والآثار: فقبلة ومتعة وخمرة كذا الوضوء". مما تمس النار يعني الأربعة هؤلاء، انتبه أنه وردت نسخ عليهم: أولاً: القبلة، ثانياً: زواج المتعة. زواج المتعة النبي عليه الصلاة والسلام أباحه وتركه، ثم ذهب وحرمه، ثم ذهب وأباحه، ثم ذهب وحرمه في ستة مواضع في البخاري. حرَّم زواج المتعة، ولذلك الشيعة... اختلط عليهم الأمر ويقولون حتى اليوم بجواز زواج المتعة، نقول لهم: لا، أنتم مخطئون، فهذه ليست من الأصول التي بيننا وبينهم، إنما هي مسألة فقهية، حكم فقهي، حكم فقهي ناتج
عن النظر في الدليل. ولذلك يعني أنها مسألة بسيطة، لأنه حتى الآن الذي يتزوج عندهم في المتعة لا أحد... يتزوج زوجته في هذه الفترة، وإذا حملت منه طفلاً فالولد له، وعليه نفقتها وعليه مهرها وعليه كذا وكذا لكن مسألة أن الزواج لا يكون مؤقتاً من البداية هي التي تُمثل مشكلة في التوقيت، وهي نقطة الخلاف بين المذهب الجعفري من أهل البيت وبين مذاهب أهل السنة. أهل السنة والجماعة، عندما حدث في المتعة إحلال وحدث فيها تحريم، وكذلك الخمر الذي ذكرناه، والوضوء مما مسته النار، أي لو كنت قد أكلت مثلاً قطعة بقلاوة فعليك أن تتوضأ. كان الأمر
هكذا في البداية لأنها مستها النار، مثل الخبز الذي نأكله، وقليل من الأرز، وقليل من المكرونة، وقطعة لحم، لماذا؟ لأنها مستها النار، وبعد ذلك قال النبي: "لا، دعونا من هذه المسألة"، وصلوا، ثم قال: "لا، إذا مست النار فتوضؤوا"، وبعد ذلك قال: "لا، خلاص، الله عفا عنكم وتركَكم بهذا". أمور الصيام هذه تكررت عليها الناس، انتبه، الأربعة ما هي؟ ليست هي الأحكام المنسوخة، لا، بل هي التي تكرر كل واحدة منها ثلاث مرات أتت باحتمالات مختلفة متتابعة: حرام، حلال، حرام، ثلاث أو أربع مرات. هذه الأشياء التي تكرر ذكرها الناس جميعاً، وجاءت بها الأخبار والآثار: قُبلة، ومتعة، وخمر، وكذلك الوضوء مما مسّت النار. هذه الأربعة كنا نحفظها في هذا النظم
البديع ونحن صغار لكي نجلس ونتغنى بها. ونأتي مجيبين في برنامج والله أعلم عندما تسألنا، الحمد لله أن يحظى بك هذا العلم، الحمد لله. فالقضية هنا هي النسخ، فبالطبع هناك أحكام كثيرة نُسخت، وكثير منها كما يقول سيدنا: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها"، فهذا يعتبر نسخاً، حيث كان في البداية ممنوعاً زيارة القبور، ثم أصبحت القبور سنة لكي أدعو للمقبور وأدعو للأهل الذين قد سبقونا إلى ربنا سبحانه وتعالى. كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي لكي نعطي للناس ونوسع على الناس والناس تفرح من أجل الدافة، من أجل الضيوف الدافة، أنا بالدال،
من أجل الدافة يعني المتدفقين علينا، يعني كأنه الدافة من أجل الدافة إلا... فكلوا وادخلوا، اذبح لنا في هذا المكان. كسروا آنية الخمر لكي يحدث عندنا هزة نفسية، بأننا حتى الإناء الذي فيه الخمر سنكسره. وبعد ذلك قالوا له: "يا رسول الله، ألا تسامحنا فنغسلها ويكفي؟" الآن نضعها في الثلاجات ونستخدمها ونبيعها وهكذا. قال: "حسنًا، انتفعوا بها، لا يحدث شيء إذا". فأما الحكم الأول وجد، وبعد ذلك، نعم، وقس على هذا الكثير. الحازمي في الناسخ والمنسوخ من الآثار عدَّ نحو مائتي حديث في هذه المسألة. بعض المحققين قالوا إن هذه الأحاديث أحد عشر حديثاً فقط،
أحد عشر حديثاً فقط التي ذكر فيها النبي عليه الصلاة والسلام أن الأمر قد تغير وأن... نسخاً قد تم. إذاً هناك فرق بين وقوع النسخ وهناك فرق بين تكرار النسخ. نعم، وبذلك ترتسم الصورة أن بعض الأحكام التي أرادها الله سبحانه وتعالى إنما هي نُسخت، وبعضها تكرر النسخ له، وكل ذلك في سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم. إذاً هذه أنواع النسخ مولانا، إذاً سنخرج. إلى فاصل قصير ثم نعود وقد بقيت فضيلتك أن من خلال هذه السنة نعرف ما الذي نُسخ. إذاً
كيف نستدل على الناسخ والمنسوخ بأدلة عقلية ونقلية؟ فاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم. لقد أورد لنا الإمام أمثلة عن النسخ في السنة وفي الأحاديث الشريفة، ماذا عن النسخ في القرآن؟ الكريم، وكيف نتتبع لكي نرى أو نتفهم هذه القضية، قضية النسخ في القرآن الكريم. العلماء القدامى الذين هم السلف الصالح والصحابة وغيرهم، كانت كلمة النسخ عندهم تحمل معنيين وليس معنى واحداً. المعنى الأول هو الذي أطلقنا عليه فيما بعد في العلم المتخصص التخصيص، هل أنت منتبه؟ والمعنى الثاني هو التغيير الذي كنا نتحدث فيه في مجال السنة، فكلمة نسخ في لغة ابن عباس، في لغة الناس التي
هي لغة الصحابة والتابعين وتابعي التابعين، في لغة سفيان الثوري، في لغة كذا، قد تحتمل هكذا وقد تحتمل هكذا. بعض الناس لأننا النسخ عندنا الآن. هو تغيّر وانتهى الأمر، لا يخطر في بال الناس الآن من ناحية المصطلح، لأن هذا اسمه تاريخ المصطلح، نعم، لكن المصطلح الجاري بين الناس الآن هو النسخ، يعني غير المتخصصين لا ينتبهون إلى التخصيص، ولذلك هذا هو الذي نسميه ماذا؟ الراسخون في العلم. الراسخون في العلم هم الذين يعرفون هذه العلة الخفية لا يعرفها إلا الراسخون من المحدثين، أما الذي يقرأ هكذا ويجلس يطبق أموراً ظاهرة لا يعرفها فتخفى عليه. فالراسخون في العلم هذه مرتبة وصل فيها
العلم إلى درجة الملكة، لم تعد مجرد معلومات بل أصبحت ملكة. هل تنتبه؟ وقد تكلم الله عن الراسخين في العلم هؤلاء، وحضرتك تقول ما هو المصطلح الفقهي في رأي فضيلتك؟ لا يمكن أن يكون الشخص فقيهاً إلا إذا كان صاحب ملكة فقهية صحيحة، ودربة تجعله قادراً على تلقي كل المشكلات، ولديه كيفية في نفسه وقدرة على حلها. هذا هو الفقيه، لأن هناك فرقاً بين فقه وفقه الفقه يعني أن يصير الفقه له بالك شجاعة يعني الشجاعة له سجية هو هكذا هو ليس باع كرمًا يعني الكرم هكذا هو سخي هكذا لوحده
هكذا هو فعندما تضم العين التي هي الحرف الأوسط للكلمة والذي يسمى فعلًا العين الخاصة بالكلمة، يصبح ذلك ما نسميه أفعال السجايا، يعني صار الفقه له سجية ولذلك اسم. الفاعل منه فقيه لا فاقه فقهًا، وفقه فقهًا يعني فهِم. فقِه سبق غيره إلى الفهم، إلى الفقه. يعني يسمونها أفعال المغالبة، لكن هذه أفعال السجايا. أفعال السجايا غير أفعال المغالبة. أفعال المغالبة شيء وأفعال السجايا شيء آخر. فالفقيه من "فقِهَها" المضمومة هذه التي هي فيها، التي هي فيها. اختلفوا في
معنى النسخ في القرآن الكريم، فالجمهور الذي لسنا منهم، يعني أنا لست مع الجمهور، أنا مع البعض الآخر، لأننا عندما قلبنا الأمر حدثت أشياء غريبة جداً. كان الناس، نعم العلماء، نعم الراسخون في العلم في هذه النقطة، وكذلك هناك راسخون في العلم سبقونا جمهوراً. الناس عبر القرون يقولون لك أن هناك نسخ في القرآن، هناك نسخ على أنحاء. قلنا لهم: ما هي هذه الأنحاء؟ قالوا: نسخ حكم والتلاوة باقية، ونسخ تلاوة والحكم باقٍ، ونسخ حكم وتلاوة معاً. فتكون ثلاثة أقسام. قلنا لهم: يعني هناك شيء من القرآن نزل ثم لم نجده؟ فقالوا: نعم، هذا التلاوة تكون نسخ التلاوة، نعين، إما
أن نُسخت التلاوة وبقي الحكم، أو نُسخت التلاوة والحكم لم يبق، يعني والحكم. وفي نوع ثالث أن أمامي التلاوة باقية ولكن حكمها منسوخ. سيدنا الشيخ عبد الله الغماري أستاذنا، وكان معنا الشيخ أبو زهرة، وكان معنا الشيخ محمد الغزالي، وكان معنا. مجموعةٌ كبيرةٌ من العلماء قالوا: "ما هذا؟ نحن نرفض هذا الكلام". ما الذي ترفضونه يا مولانا؟ نسخ التلاوة. نعم، هؤلاء رفضوا نسخ التلاوة، لأننا نعتقد أن كل آية من آيات القرآن لها فائدة، وأن القرآن نُقِلَ إلينا بتمامه وكماله، وهناك ما يدل على ذلك
في القرآن. بعد ذلك هذا الرأي للعلماء شاع وذاع ثم وجدنا له سنداً من الماضين، وجدناه عند الإمام الزركشي له أصل، له أصل، وهو يقول إن هناك ما يسمى بالنسء، ليس النسخ، بل بالهمزة نسء، ما هذا يا سيدنا الشيخ الزركشي؟ قال إن كل الآيات لها شروط تطبق حين وقوع شروطها تطبق. عندما تتحقق شروطها فلكم دينكم ولي دين. نعم، طبقها عندما لا يكون هناك اعتداء عليّ ولا شيء، ولا يوجد أحد يعتدي عليّ. هذه نقطة أولى. نقطة ثانية، أنا أشيع السلام وأدعو الناس إلى السلام بالكلمة الطيبة وكلمة كذا.
نقطة ثانية، أقول لهم لكم دينكم ولي دين. حسناً، لنفترض أنني وجدت الجرارة آتية لتستعمرني لكي تأخذ ماوردي وتذهب إلى لانكشاير لتصنع الصوف وتبيعه مرة أخرى، وتصنع الأقطان وتبيعها مرة أخرى. لا أقاتل يا أخي إلا في سبيل الله دفاعاً عن النفس الذي أقرّه كل العقلاء في اتفاقية جنيف الأولى وجنيف الثانية في الكفاح المسلح، أننا ندافع عن أوطاننا وعن أنفسنا وعن وحق تقرير المصير إلى آخر ما اتفق عليه العقلاء وانتهت الحقبة الاستعمارية الذميمة وأصبح لنا وجود في أمريكا وفي غرب أوروبا وفي اليابان وهنا وهناك كثرنا أو قلّلنا، فإذاً لكم دينكم ولي دين. انتبه، لا أواجه الناس و"قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم" لأن الذين يقاتلون لم يعودوا
موجودين. يقاتلون يقول لك حسناً لا ينكر بنا، حسناً لماذا لا تنكر به، لا يجلس للتفاوض، حسناً لماذا لا تجلس للتفاوض معه، فتكون محترماً. أتفهم كيف يكون إذا كل واحد منا له شيء من هذا بشروطه؟ لها شروط. إذا اعتدى عليّ سأعتدي عليه بمثل ما اعتدى عليّ. إذا جلسنا للمفاوضات، جلسنا إلى المبادئ العليا الأخلاقية وإلى العقل ومقرراته وإلى المصالح وإلى المبادئ العملية الواضحة جداً. نظرية النساء، أنا لا أعترف بشيء يسمى هكذا، فقد نُسخت. هذه نُسخت، هذه نُسخت، هذه نُسخت. لدينا من ألف في النسخ والمنسوخ مثل الواحدي ومثل ابن سلام ومثل السيوطي ومثل غيرهم إلى آخره،
فأجرينا بحثاً لطيفاً كانت بدايته الشيخ أبو زهرة حيث أحضر أحد الباحثين المتميزين الذي أصبح فيما بعد أستاذاً كبيراً وهو مصطفى زيد أو مصطفى أبو زيد، وقال له: "ابحث لنا في هذه المسألة". فقام مصطفى أبو زيد بجمع الآيات التي قيل عنها أنها منسوخة، وكان عددها حوالي مائة وسبعين أو مائة وثمانين آية. وسبعين آية وتتبعها فوجد عجباً عجاباً وأمراً مستراباً، ماذا وجد مصطفى أبو زيد، هذا الباحث الكبير الذي أصدر دكتوراه في مجلدين عن النسخ في القرآن؟ وجد أن هناك مائة وسبعين أو ثمانين آية، كل آية منها قيل إنها منسوخة وقيل إنها
غير منسوخة. هل انتبهت؟ يعني الأمر وضده. وبالعكس، حسناً، طيب، أنا سأمشي مع من يقول إنها ليست منسوخة. يتبقى لي كم آية؟ هل توجد آيات يا مصطفى - الذي أصبح الدكتور مصطفى بعد ذلك - هل توجد آيات قال فيها أحد أنها منسوخة ولم يقل أحد أنها غير منسوخة؟ قال: ست آيات. فكان الشيخ أبو زهرة في يا مصطفى، هل تعني أن العلاقة تعادل مائة وخمسين آية أم مائة وثمانين نوعاً؟ لا، إنها مائة آية فقط. الحمد لله أنها ليست كثيرة، اقتصرت على ست آيات فقط، هانت يا مصطفى. جاء الأستاذ عبد المتعال الجابري بعد ذلك، وكان من تلاميذ مصطفى
أبو زيد، فأمسك بهذه الآيات الست وتتبعها ثانية المائة والثمانين كلهم ماذا وجدوا؟ لا توجد نسخة في القرآن، كيف الكل آية حتى الستة الستة؟ أنت تقول لا يوجد أحد؟ لا، ابن حزم قال أن هذه ليس فيها نسخ، أنت تقول ليس فيها نسخ، حسناً النحاس قال أن هذه ليس فيها نسخ، حسناً أنت تقول أمثل، حسناً مجاهد أن ما فيها نسخ يبقى إذا أكمل على عمل مصطفى الذي كان يعتقد بناءً على بحثه أن هناك ما اتُّفِق عليه أنه منسوخ، بعد ذلك تبين بمزيد من البحث والتتبع أنه لا يوجد ما أجمع الناس عليه أنها منسوخة، فعندما يأتي ليقول لك إن آية السيف نسخت مائة وثلاثين آية، هذا ليس له حقيقة بالبحث والتتبع،
ليس له حقيقة. إنه كلام شخص ظن أن هذه ألغيت وهذه ألغيت وهذه ألغيت وهذه ألغيت، فأصبح لنا حق أن نطلع على كلام الشيخ الجماري العلامة المحدث الفقيه الذي شوشوا عليه وعتموا عليه من أجل التيارات السلفية والتيارات الناشئة وما إلى آخره. أي أن هناك تعمد وقصد واضح من التشويش، حيث يمثل بالطبع أهل السنة والجماعة، بينما يمثل الآخرون مناهج نصية حرفية تريد أن تخرجنا من العصر وأن نسحب زمن النبي وليست حياة النبي على زمننا، وهناك فرق كبير بين زمن النبي وحياة سيدنا صلى الله عليه وسلم. نحن نعيش حياة النبي لم يعايشه أحد، لا هم ولا أولئك النابتة،
وهو يشكل لهم مشكلة كبيرة تزداد معهم الآن، وكثير من أبنائهم يلحدون بسبب هذه الفجوة والاغتراب الحضاري والتاريخي الذي يعيشونه يا مولانا. إنهم يعيشون اضطراباً حتى عن الإسلام، ولذلك نحن نعيش حياة النبي. عليه الصلاة والسلام علَّمنا حب الحياة الدنيا ولكن كجزء من الآخرة، وأن الدار الآخرة هي الحيوان لو كانوا يعلمون. علَّمنا أننا نحب، يقول: "لو كان في يد أحدكم فسيلة وقامت القيامة فليغرسها". والله هذا حب للحياة قوي جداً، لكن باعتبارها أنني عرفت أن كل من عليها فانٍ. ظنوا أنّ القيامة قادمة. سأموت، لكن عمرها لأجل أن تنال ثواباً عند الله. الحياة في سبيل الله لأن قلبك لا بد أن يكون متضرعاً متعلقاً بالله، وإلا ستصبح
الحياة الدنيا كدراً. لكن عندما تدخل إليها من مدخل ربنا ستجدها منيرة بالله، وستجدها جميلة وتقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة. وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. افتقدوا هذا، لكن على كل حال نعود لقضية النسخ في القرآن وأنه على ثلاثة أنحاء عندهم. هذا للفريق الذي يقول أن معناها التغيير. إذاً معنا من السلف الصالح من قال أن معناها التخصيص، وهو أن أخصص الحكم بحالة أو زمان أو مكان أو أشخاص. أو أحوال معينة والثاني قال لا هذه معناها وهي نظرية النساء والآخر قال لا هذه معناها التغيير واختلفوا في كل الآيات. النتيجة إذن أنهم اختلفوا في كل الآيات فتبنينا أحيي. هذا هو السؤال: ماذا تبنى مولانا الإمام من حديث القرع؟ تبنينا
الذي تبناه الشيخ أبو زهرة والشيخ محمد الغزالي والشيخ. فلان وعلان وتركان من الأمة وعبد المتعال الجبري وكذلك أنه لا نسخ في القرآن وأنه كل ما ستأتي لي بآية سأقول لك إنها غير مختلف عليها. حسناً، أنا مع الذين يقولون إنها غير منسوخة، ماذا ستفعل؟ وسأحضر لك الطبري يقول إنها غير منسوخة، وقطب يقول لنا إنها غير منسوخة، والرازي... يقول لنا إنها غير منسوخة، تقول لي لكن ابن كثير يقول، قلت له حسناً أنا سأتبع الطبري في هذا الموضع، وهذا معتبر وذاك معتبر وذلك المعتبر، ههه، سآتي إلى الآية الثانية وسأقول له إن ابن كثير يقول لنا إنها غير منسوخة، وابن حزم يقول لنا، فيقول لي: حسناً لكن الطبري قلت له: حسناً، اذهب أنت مع الطبر وأنا أذهب مع هؤلاء. أتنتبه؟ الزاهد يقول أنها ليست منسوخة، ما رأيك؟ إذن أنا لم أخالف أحداً لأنني على نهج السابقين. لماذا تفعل
ذلك؟ لماذا أنت مصر هكذا؟ هذا هو السؤال. لأن لدي اعتقاد بأن القرآن هداية وأن كل حرف فيه لا... بد أن يهز مشاعري وأحوله إلى برنامج عمل وأبدي عليه أحكاماً. يا إخواننا إنه يقول هدى للمتقين، إنه يقول كتاب أحكمت آياته، إنه يقول كتاب أحكمت آياته ثم فصلت. يا جماعة إنه الكتاب، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، يجب أن أستعمله، يجب أن اعتبره كله، ليس كلما تأتيني بآية تقول لي: "لا، هذه نتلوها فقط، وبعد ذلك سنرمي الحكم لأنه نُسخ". لا يا أخي، القرآن ادخل له بنظرية النسخ ولا تدخل له بأنه قد نُسخ فيه شيء، ولذلك دائماً سيواجهني ويقول لي: قال تعالى "ما ننسخ من آية أو".
ننسيها نأتي بخير منها أو مثلها، كيف أفهم هذه الآية الكريمة؟ تفسير ابن عبد السلام نقل عن أبي مسلم الأصفهاني أنه قال: ما ننسخ من آية من الأمم السابقة من التوراة أو من الإنجيل إلا ونأتي بخير مثلها في القرآن، منها أو مثلها في القرآن. ما ننسخ من... آية أو ننسها نأتي بخير منها أو مثلها. هذا في قبيل الشرائع، وبدون شك أن كل نبي نسخ ما كان قبله من شرائع السابقين حتى جاء الخاتم صلى الله عليه وسلم، وهو سُمي بالمُعقب وبالعاقب لأنه جاء أخيراً رسول الله وخاتم نبيه. وهذا الرسول الخاتم نسخ ما كان.
قبله ثم لا نبي بعده، لا يوجد شيء سينسخ هذا، ولو كانت النبوة مستمرة لكان النسخ مستمراً. ولذلك فالذي يجعلنا مصممين هو تمسكنا بهداية القرآن، ولماذا نحن متمسكون بهداية القرآن بهذه الدرجة؟ لأنه مبهر، ماذا سنفعل؟ إنه شيء مبهر كما تحدثنا مراراً وسنتكلم إلى يوم الدين أن هذا الكتاب في جزئياته وكلياته، ولذلك نقول للشباب الذين يقولون إنهم يريدون الإلحاد وما شابه، نقول لهم: حسناً، أليس العلم يقول لكم أن تجربوا؟ فلماذا لا تجربون تجربة مع القرآن، وتجلسون بهدوء وتبحثون وترون إلى أين سيوصلكم. مرحباً بك، لا تفعل يا عزيزي هكذا، فهل هذا هو العلم الذي
تتبناه أن تنكر؟ وتستهزئ وتسخر وتتهكم وتقابل وهكذا، هذا ليس علماً لأنه يُحسنه كل أحد مع كل حقيقة، ويقدر أن يفعل ذلك. فإذاً هذا هو مخطط كلمة النسخ التي نرى أن القرآن خالٍ من النسخ بأنواعه الثلاثة في تغيير نسخ التلاوة مع الحكم ونسخ التلاوة دون الحكم ونسخ الحكم دون التلاوة، بل إن القرآن قابل للبناء عليه دائماً، وهذا أيضاً لا يخرجنا مما كان عليه علماء الجماهير عبر الوثائق. اسمح
لنا مولانا أن نذهب إلى فاصل قصير فيما نعود بسرعة لنطرح تساؤلات أخرى، ولكن بعد الفاصل ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم، مولانا، إذا سمحت لنا أن نعيد عليك بعض التساؤلات التي حسناً، فهمنا معنى النسخ، وفهمنا هذا التصور وهذا الطرح الحقيقي من خلال هذا المنهج التجديدي والإصلاحي. ولكن الآيات المتعلقة أو الأحكام المتعلقة بالخمر، كيف أفهمها بعد طرح فضيلتك هذا المعنى من خلال هذه الآيات حينما تغير الرأي بالنسبة إليها شكلاً وموضوعاً وحكماً؟ يقول الإمام الغزالي إن الخمر لم تحل. في أي ديانة، انتبه جيداً، واحذر من هذه النقطة، فهي محرمة دائماً. لكن عندما جاء الإسلام سكت عنها، فهي مسكوت عنها. لم يغيرها،
بل هي مسكوت عنها. حفظ العقل من المقاصد الشرعية التي راعاها كل دين، وهو ساكت عنها، ثم جاء وقال: إياكم أن تشربوها. انظر، إلى هذا الكلام. احذروا أن تشربوها أثناء الصلاة، انقعوها طبعاً وليس أثناء الصلاة. لا تتكلم، صحيح، استمر. الصمت صمت، ما أعطى حباً، لكن عندما أعطى، بالمانع. وبعد ذلك، سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يشرب خمراً قط، وكان إذا حضر مجالس قريش قبل النبوة وفيها خمر، فإن الله يُلقي عليه السكينة النعاس فينام فلم يحضر مثل هذا قط، يبقى أنا
ليس عندي من هدي المصطفى لا قبل النبوة ولا بعد النبوة الإباحة، ولا عندي في النص الموجود الإباحة لكي نقول أنه تكرر النسخ له، هذا نسخ تلقائي هكذا إلى لكن هو حقيقته أنه سكت ثم بيّن، سكت لكنها حرام ممنوع. يعني سوف تمنع في يوم من أبيه، وبعد ذلك حرّمها في وقت، لكنها محرمة في بقية الأوقات، ثم حرّمها في كل وقت. فهذا التدرج، هذا ما نسميه ليس نسخاً، بل نسميه تدرجاً في الحكم، في الحكم، نعم، لأننا نريد أن تكون المصطلحات واضحة. هذا ليس نسخاً بالطبع، نحن أمام مشكلة. ماذا أيضاً؟ إن العلماء عبر القرون سمّوه نسخاً، نعم. فنحن أمام تراث، ولذلك
نقول يجب أن نقرأ التراث بحيث نستوعب مناهجه ولا نقف عند مسائله. يعني نفكر ونتدبر وننتقي ونأخذ ونبني عليه وهكذا. لماذا؟ لأن التراث وليد زمنه، والزمن قد اختلف، وظهر عقل هذا الزمن والمواصلات والتقنيات الحديثة والحدود. المعرفية والنماذج المعرفية كلها تغيرت وللجهات الأربعة، ولذلك هذه الجهات الأربعة: الزمان والمكان والأشخاص، كلها تغيرت حتى الشخصية. ظهرت لدي شيء يسمى الشخصية الاعتبارية التي لم تكن موجودة من قبل. ولذلك يجب علينا أن نقرأ التراث ونلتزم به، لكن بعد الفهم العميق وبعد عملية
التجريد وبعد عملية أخذ المناهج وعصرها عملية ثانية من البناء لهذه المناهج حتى يصلح البناء عليها في العصر الحديث. الموقف من التراث موقف مضحك: واحد يريد أن يجر زمن التراث إلينا، والآخر يريد أن يلغي التراث، وكلاهما بدون حكمة، وكلاهما إفراط وتفريط. نعم، يعني كما يقولون بالإنجليزية (extreme) أي متطرف، هذا متطرف وذاك متطرف. لا، نحن التراث لأنه نتاج عقول تقية نقية وبذلت فيه من المجهود ما الله به عليم، وكل أمة لا بد أن تفعل بتراثها هكذا وإلا ضاعت وذابت في العالم وفي العصر. ماذا نأخذ من المناهج
وماذا نترك من المسائل، لأن المسائل زمنية لكن المناهج كلية. فهذه هي المناهج وليست المسائل، وليست المسائل، التراث، بعض الناس كانوا يقولون لنا: نريد أن نجدد، تجديد، ماذا يعني التجديد يا أبنائي؟ التجديد ليس كما يظنون، بل التجديد عندنا قائم على خمسة أركان: المعرفية - وقد سموها في الإنجليزية الآن "الإبستمولوجيا"، وبها ننجو من التخلف - والمنهجية "الميثودولوجيا"، والنموذج المعرفي "البراديم"، والموقف من الواقع، يسمونها العلوم الإنسانية والاجتماعية الآن من نموذجي الفكري الذي يؤمن بالله ويؤمن برسوله ويؤمن باليوم الآخر ويؤمن
بالمطلق ويؤمن بأشياء كثيرة، وخامساً الموقف من التراث. إذا حددت نفسك في هذه الخمسة وكان لك رأي فيها جددت الدين. ما الذي جددته في الدين؟ جددت تعاملك مع المسائل، جددت الشبكة التي سوف. تستنبطها لبناء البرامج عليها اليومية جديدة ليست جديدة الأحكام أن الصلاة واجبة أو ليست واجبة أن الخمر حرام أو حسناً لقد كانت دائماً حراماً والصلاة دائماً واجبة، هذا الشيء هو القضية الإبستمولوجية المنهجية لكي يطير أبناء المثقفين عندما نقول لهم بالإنجليزية تعالوا إلينا. تعالَوا إلينا والموقف من التراث وأيضاً إدراك الواقع بعوالمه الأربعة المتشابكة. لو فعلتَ هذا بروح،
يصبح للإفتاء مكانه. الإفتاء هو إدراك النص، والنص منه مقدس وهو الكتاب والسنة، منه محفوظ وهو الكتاب، ومنه منقول موثق وهي السنة، ومنه غير مقدس وهو النتاج البشري. هذا هو النص والواقع. إدراك الواقع سيأتي ها هو، الذي هو واحد من الخمسة هناك، ووادي التراث ها هو، الذي هو واحد من الخمسة هناك، والوصل بينهما الملكة التي تستطيع أن تجعل المطلق نسبياً، أن تجعل المعقد برنامجاً يومياً، أن تجعل ما الذي أقوم به فاعلاً أو لم أفعل، أنا لم أقل ما الأحكام، حبيبي، ثابتٌ أن السرقة حرام، والوصايا العشرة مُقدسةٌ كما هي في كل دين وستبقى هكذا، لكنني أتعامل مع نظام أخلاقي مثل خمسة وتسعين في المائة من القرآن وخمسة وتسعين في المائة من السنة، وهذا النظام
الأخلاقي مع أحكامه المبثوثة فيه من أجل الحفاظ عليه من هذه الخمسة نُجدِّد. الدين ونجدد الخطاب الديني، يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لأمتي أمر دينها. فنحن نريد تجديد أمر الدين بتجديد هذه الخمسة. حسناً، لو أنني من خلال هذا التصور المحكم لمعنى التجديد والإصلاح والأدوات، إن لم يؤخذ بهذه الأدوات، إن لم يوضع هذا التصور المحكم يصبح التجديد... خاضوا في البحر لأنه لا يوجد أحد يعرف ماذا يُجدِّد، ولا أنت تريد أن تُجدِّد ماذا، وليس هناك برنامج عمل للتجديد. نحن نقول جدِّدوا يرحمكم الله، أي ماذا نفعل؟ ماذا يعني؟ هل نغير الصلاة ونجعلها مثلاً بدلاً من دورين نجعلها هكذا شيئاً رياضياً؟ نجعل الأدوار ثلاثة؟ نجعل الصلوات الخمس نجعلهم... مثلاً الساعة الثانية والنصف، يعني ماذا نفعل؟ يعني نجدد وهكذا.
فالناس حائرة هكذا، لكن عندما أقول له: هل تدري شيئاً عن المعرفية التي كتب عنها العضد الإيجي، والتي كتب عنها التفتازاني والشريف الجرجاني، والتي كتب عنها المرعشلي، والتي كتب عنها البيضاوي والأصماني؟ يقول لي: أي معرفية؟ نعم، تعال إذن، تعال. تعالَ بالضبط، هل تعرف المنهجية التي تتمثل في التجريد والتقعيد وكذا وكذا؟ هم يقولون: "لا، أول مرة أسمع عن هذه المنهجية". قلتُ: "حسناً، تعالَ عرّف وحوّل هذا الكلام الذي هو موجود ومبثوث كسريان الماء في الورد إلى شراب ورد يا أخي، لكي يشرب الناس ويستمتعوا، لأن المياه التي..." في الورد ستفيد الناس الذين في الفرح كيف؟ لن تنفع، لكن عندما تعصرها وتحليها وتصنعها وتقدمها لهم شراباً يُسمى شراب ورد سينفع.
إذاً هي تحتاج إلى صناعة ثقيلة. هل تعرف النموذج المعرفي؟ هل تعرف موقفك من التراث وكيف تنشئ معياراً للأخذ والرد؟ هل تفرق فيه بين المناهج والمسائل؟ هل تعرف؟ كيف تدرك الواقع بعوالمه المتشابكة وتصنع فيه تحليلاً للمضمون يقول لك ما هذا الكلام وما شأني وأنا لا أريد أن أفعل هكذا؟ حسناً، كن أداة من الأدوات التي تبني الصرح، لكنك بهذا الشكل لست مجدداً، أنت بانٍ، بنى المجدد الذي صنع لنا نموذج الهرم هذا، أما العمال الذين بنوه... في عشرين سنة لم يحدث له شيء، هل انتبهت؟ أما هذا المُبدع المُجدد فشأنه مختلف. اسمح لمولانا معي بعد أن رضي الله عن المشاركين على سؤالنا على صفحة الفيسبوك: ما رأيك في القول
بوجود آيات منسوخة في القرآن الكريم؟ الأستاذ عز عبد الحميد يقول: ليتنا أولاً نعرف معنى "منسوخ". ولماذا نسخ وقد كان الله قادراً على أن ينزل الآية المنسوخة مباشرة، وما تفسير قوله تعالى في سورة البقرة: "ما ننسخ من آية أو ننسها" إلى آخر الآية الكريمة؟ باسم الله، سحر أحمد هاشم، نؤمن أن كل آية وكل حرف وكل نقطة في القرآن الكريم لها حكمة من الحكيم سبحانه والحمد لله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى. الأستاذ عبد الله أبدا الهادي علي، لا أؤمن بذلك لأن كلام الله تام اللفظ والمعنى، ولا يحتاج إلى أن نقول هذا منسق وهذا نسق، لأنه سيكون هنا خلل في منظومة الفهم الصحيح لمراد الله من كتابه الكريم، ونستدل بهذا القول. من علاماتنا الشيخ محمد أبو زهرة الذي نفى أن يكون هناك ناسخ في الكتاب الكريم، يعني إلى آخر هذا الكلام الطيب للأستاذ عبد الحميد عبد الهادي. نرجو الله في هذه الحلقة
التي انتهت أن نكون قد ألقينا شيئاً يكشف عن كل هذه التعقيبات. شكراً لكم مولانا الإمام. الله لكم ونلتقي بكم دائماً على هذا الخير الصحيح، هذه الدنيا بهذا الدين وفق هذا المنهج الذي ينبه الناس ويرفع الالتباس. دمتم في رعاية الله وأمنه إلى اللقاء.
اشتركوا في