والله أعلم| الدكتور علي جمعة يتحدث عن مبدأ الحب والكراهية في ضوء القرآن الكريم| الحلقة الكاملة

والله أعلم|  الدكتور علي جمعة يتحدث عن مبدأ الحب والكراهية في ضوء القرآن الكريم| الحلقة الكاملة - والله أعلم
بسم الله الرحمن الرحيم وقل رب زدني علماً. صدق الله العظيم. يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، افتح علينا فتوح العارفين بك. وأهلاً بكم في "والله أعلم" لنسعد دائماً بصحبة صاحب الفضيلة مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف. مولانا الإمام، أهلاً بفضيلتكم. أهلاً وسهلاً بكم ونحن نسير في فهم المبادئ القرآنية، مولانا الإمام. نقف عند هذا المبدأ، مبدأ الحب والكره في القرآن الكريم، وكيف نفهم هذه الحقيقة، حقيقة الحب والكره في ضوء "عسى أن تحبوا" و"عسى أن تكرهوا". ففي
البداية، كيف نفهم هذه الآية وكيف نصحح أوضاعنا دائماً في ضوء "وعسى أن". بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيد رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. السلام هو الأصل في حياة البشرية، هو الأصل من ناحية أن الله سبحانه وتعالى لما خلق آدم وأبناءه جعلهم وحرّم بينهم القتال، لما خلقهم وجعلهم وأصبحوا موجودين في الدنيا مخلوقين. في الدنيا كائنات في الدنيا حُرِّم عليهم القتال وحُرِّم عليهم القتل، ولذلك كان ابن آدم الذي ابتدع هذه الفكرة أن يقتل الإنسان أخاه ارتكب مصيبة فتحت على البشرية
شراً عظيماً تبقى آثامه في رقبته إلى يوم الدين، ومن يقوم بفعله يا مولانا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم. مَن قَتَلَ متعمداً كان على ابن آدم الأول كِفْلٌ من إثمه لأنه هو الذي جعل هذا المعنى يخطر على بال البشر، والنبي صلى الله عليه وسلم ينبه إلى هذا المعنى فيقول: "من سنَّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من اتبعها إلى يوم الدين"، فربما إنسان يأتي ببدعة أو يأتي بانحراف. أو يأتي بكفريات أو يأتي بجريمة مثل هذه الجريمة الشنعاء خالفت مراد الله من خلقه، خالفت
نظام الله في أمره ونهيه، ويقلده الناس. بعض الناس ضعيف الشخصية يقول: "لم لا؟" ويقول: "أنا مع الناس، إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساؤوا أسأت". والنبي يقول لنا: "وطنوا أنفسكم على أنهم إن أحسنوا". فأحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا. لا يكونن أحدكم إمّعة يا مولانا، لا يكون أحدكم إمّعة يقول: أنا مع الناس، بل لا بد أن نسير على هدي الله حتى لو خالفنا الناس جميعاً. ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو يعلمنا أن الرجال تُعرف بالحق، لا أن الحق يُعرف بالرجال. بالرجال يقول ويأتي النبي يوم القيامة وليس معه أحد، فهذا نبي مرسل من عند الله وليس حوله أحد، لم يؤمن به أحد، والله قال في شأن نوح:
"فما آمن معه إلا قليل"، وقال سبحانه وتعالى: "وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله"، وقال تعالى: "وما يؤمن". أكثرهم بالله إلا وهم مشركون وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين وهكذا فإننا أمام حقيقة أن الكثرة لا تعني شيئاً وأن الحق أبلج والباطل لجلج ولو كان أتباعه قلة، وبالرغم من ذلك فإن الله سبحانه وتعالى عصم أمة الإسلام من أن تضل فقال: "لا تجتمع أمتي على ضلالة" وكان. ابنُ مسعود لأنه تربّى في المدرسة النبوية ويقول: "ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن"، ولذلك عفا الله سبحانه وتعالى عن
هذه الأمة وجعل أنها لا يمكن أن تتبع غير سبيل المؤمنين في مجملها، فعليكم بالسواد الأعظم، ومن شذّ شذّ في النار. هذا خاص بأمة النبي وهذا كرامة للنبي. صلى الله عليه وسلم ميزنا بها عن سائر الأمم، وعلى ذلك فإن الله سبحانه وتعالى كره هذه الانحرافات وهذه المعاصي، وكان القتل واحداً منها. القتل له تجليات، هذه التجليات بعد القتل الأول الذي قُتل فيه هابيل، الذي قتل فيه قابيل هابيل، بعد القتل الأول هذا، وطبعاً ليست عندنا هذه الأسماء. هذه الأسماء استفدناها من كتب من سبقنا، أسماء
هابيل وقابيل، نعم، واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق. لم يقل هابيل ولا قابيل ولا شيء، ولكن هناك من أين تأتي هذه الأسماء. اهتمت الكتب السابقة بتفصيلات، نعم بتفصيلات. هذه التفصيلات نحن في القرآن لا نراها لأن الله يريد أن يلفتنا إلى ذات القصة وليست إلى دراما سننشئها من القصة، إنما إلى مسألة نستنبط منها المبادئ، نستنبط منها القيم، نستنبط منها برنامج الحياة إلى آخره. ولذلك لم يهتم إطلاقاً بما اسم كلب أهل الكهف، وما عددهم، وما أسماؤهم، وفي أي عصر من عصور الملوك كانوا، واسم الملك. ما الذي يخصهم إن شاء الله؟ وهكذا لم يهتم
النقل بهذه الدراما، ولكنه اهتم بالمبادئ والقيم والمواقف والبرامج والعبرة إلى آخره. "أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده" "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب". فإذا أنا أمام القتل الذي هو مرفوض من عند الله سبحانه وتعالى، "وكره الله انبعاثهم". كره الله انبعاثهم وكره الله سبحانه وتعالى القتل، ولذلك كان القتال قد تولد عن القتل، والقتل بسلطان وبحق تولد عن القتل، يعني عندما ارتكب هذا فأردنا، وجزاء سيئة سيئة مثلها، لأنه ولكم في القصاص حياة يا أولي
الألباب، فمن أجل هذا اضطررنا اضطراراً إلى القتل، ولكنه الذي هو بحق الذي. هو القصاص يا مولانا الذي هو القصاص الذي هو العقوبة كما أشارت الآية، وإن الفرض والقتال دفاعاً عن الأوطان وعن النفس وعن الذات فهذا خلاف الأصل، ولكن الله سبحانه وتعالى كتب عليكم القتال وبادر إلى ذلك مباشرة، وهو كره لكم، وكان السلمي وهو أحد من نقل في القرآن الكريم يقول. وهو كُرْهٌ لكم وليس كُرْهًا لكم، أتفهم؟ فهو الاثنان واردان: كُرْهٌ لكم وكُرْهًا لكم. وهو كُرْهٌ لكم يعني وأنتم كارهون له. لماذا أنتم كارهون له؟ دعونا ننزل ونجعلها معركة
دامية؟ لا، المسألة ليست هكذا، بل المسألة أنه خلاف الأصل، لأنك إما أن تكون قد أُكرهت عليه إكراهًا ودُفعت إليه دفعًا. قراءة السلم وإما أن تكون تكرهه نعم وتأباه لأن الفطرة السليمة ولأن الشخصية المستقيمة ترفض هذا لأن قتل الإنسان مخالف لخلقة النفس البشرية التي خلق الله الناس عليها وتعلمنا فضيلة مولانا قبل أن نخرج إلى هذا الفاصل يعني أن القصاص هو عقوبة استوفت شروطها فسنذهب إلى هذا الفاصل ثم
نعود. إلى سؤال مُلحّ جداً سوف نسأله بعد الفاصل، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم. مولانا الإمام، يقول البعض: بما أن آدم لديه هابيل وقابيل، وقابيل قتل هابيل، فنحن أبناء القاتل، ولذلك القتل موجود في السلسلة البشرية طالما عاشت هذه السلسلة. يعني هذا كلام تضحك منه الثكلى التي فقدت زوجها ويسقط. تحبل منه الحاملة من شدة الضحك ويشيب منه الأقرع، والأقرع الذي لا يشيب، يشيب من شدة الضحك أيضاً. هو في الحقيقة هذا كلام، إن دل، فإنه يدل على البعد عن المنهج العلمي الرصين. ربنا يقول: "ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين". عَضُداً هو شاهدوا السماوات العُلى هم يقولون العلم إنك ترى، طيب
وأنت يا دارون أو يا أتباع دارون ماذا رأيت؟ أجِب الآن. إنسان، هذه مسألة غير علمية. أنت رأيت أننا أبناء القتل، وبعد ذلك أنت الآن جئت وخلطت بين المنهجين. لم تر قتلاً وذهبت مصدقاً الأخبار الواردة من المتدينون في كتبهم، حسناً، المتدينون في كتبهم يقولون أن الرجل الكبير ابن آدم كان شيث وأن شيثاً أُرسل إليه فكان رسولاً من أبناء آدم. هل أنت تظن أن هابيل وقابيل هما ولدا آدم فقط؟ لا، فقد كانت حواء عليها السلام تلد في كل بطن توأماً: ولداً وبنتاً، ولداً وبنتاً، ولداً... وابنة وولد
وابنة، فكان الولد من البطن الأولى يتزوج البنت من البطن الثاني، والولد من البنت من البطن الأولى تتزوج الولد من البطن الثاني، في العام الثاني. فالذي حُرّم في شريعة آدم زواج التوائم، لأنه لا بد من أن هؤلاء الناس يتزوجون، فما العلة في عمود الأنساب التوائمي؟ فالتوأمية كانت... هي التي تحرم ما بينه ونحن أتينا بذلك من الكتب المقدسة التي نؤمن بها وأنت تؤمن بها أيضاً، أليس كذلك؟ فأنت الرائد، ولكن بعد أن أصبحت لا تؤمن بها، فلا هذا علم ولا هذا علم تجريبي مرئي، ولا أنت تؤمن بالخبر المروي، فكيف نكون نحن أولاد قابيل؟ فعندما جاء
قابيل وقتل هابيل... قابيل وهابيل هما اثنان من بني آدم، فكان قابيل يريد أن يتزوج البنت التوأم الخاصة به مخالفاً للشريعة، وكان هابيل هو المرشح للزواج منها من بطن أخرى. أتفهم؟ فإذاً هابيل على حق وتزوج تلك البنت لأنها ليست توأمه، وقابيل على باطل لأنه وضع عينيه فيما ليس له. شرعاً، فكان هابيل رجلاً طيباً وملتزماً ومتديناً، ولم يستطع أن يخالف الشرع. أما الآخر فقد اتبع شهوته ورغبته وهواه: هوى التملك بأن قال: "هذه من حقي، إنه توأمي يا
سيدي"، والأمر الثاني هو هوى العشق المحرم حيث قال: "أنا أحبها أكثر منه". فقال له الآخر: "لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك". وجدتك تقي لا تريد ذلك، يقول له حتى لو ستأتي لتقتلني فأنا لن أستطيع أن أمد يدي عليه، لأنه هدده بأنني سأقتلك لكي ننتهي من هذا الأمر، وقتله، وبعد ذلك ندم على نفسه، ورأى الغراب وهو يحفر في الأرض، وهكذا إلى آخر القصة الموجودة في سورة المائدة، فهؤلاء الأولاد... لم يكونوا هم الوحيدين حتى يقول لي: "أنت من نسل القاتل الذي عاش". حسناً، هذه نقطة أولى. النقطة الثانية: من الذي أخبرك أن هابيل لم يكن متزوجاً؟ أتفهم كيف؟
وربما كان لديه أولاد أيضاً. من الممكن أنه تزوج وأنجب، لأنه في ذلك الوقت لم يكن هناك بأس بتعدد الزوجات، فمن الممكن. يتزوج البطن هذه والبطن الثالثة والرابعة والخامسة، يتزوجها لماذا؟ لأن الصبيان الذين لها ماتوا فتصبح النساء أكثر من الرجال إلى آخر ما هنالك من احتمالات. ولكن نطمئن صاحبنا هذا أنه طبقاً للروايات فإن شيث هو الكبير وهو الذي حتى نُبِّئ بالرسالة بعد سيدنا آدم عليه السلام. مولانا الإمام تكلمت فضيلتك عن واحدة من تجليات ما نكره وفُرِض علينا كالقتال، طيب الحب وحُبِّب إليكم الإيمان وزُيِّن في قلوبكم، كيف نقرر
هذا المبدأ الحب، كيف نفهم هذا المعنى لكي نفهم ما نحب وما نكره، موجود في القرآن أن الله يحب وأن الله لا يحب، نعم، وإدراك ذلك موجود، موجود والله يحب، نعم في. أصبح في باب علمي أن الله يحب، والله يحب عندك ماذا؟ المتقين والمحسنين، ويعني هناك صفات هكذا عندما نجمع هذه الصفات نجدها هي صفات القلوب الضارعة لله. ملخصها هكذا أن القلب الضارع لله ربنا يحبه، وعندما نجمع الكراهية نجدها هي القلب الغافل، هذه الكراهية في أكثر من عشر صفات. موجودة في القرآن أوصاف لهذا: "بل طُبِعَ على قلوبهم"،
"بل ران على قلوبهم"، "قلوب قلوبهم"، "وقالوا قلوبنا غلف"، وهكذا "وقست قلوبهم". تعد قرابة اثني عشر موضعاً. فهذا هو الأمر الذي ينبغي علينا أن نبتعد عنه، وهذه هي الأمور التي ينبغي علينا أن نقترب منها. إنه برنامج للحب، برنامج للابتعاد عن الكراهية، لأن الله... سبحانه وتعالى جعل الحب معنىً إيجابياً وجعل الكراهية معنىً سلبياً، وعندما أراد ربنا أن يشرح لنا هذا الأمر، أمرنا بأن نحب الحياة - وانتبه - وأخبرنا أن الحياة الحقيقية الدائمة الخالدة التي لا تكليف ولا نكد
ولا كدر فيها هي الحياة الآخرة، "وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون". ولكن في... إننا نحب الدنيا أيضًا لأنها مزرعة الآخرة. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، لكن لا نقتصر على واحدة ونقول إنها الدنيا فقط. هؤلاء الذين لاموا علينا، هم والآخرة عنها غافلون. يعلمون ظاهرًا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون. الذي نهانا عنه أن نترك الأدوم والأخلد والأبقى والأعلى والأغلى ونتمسك بالأدنى والزائل، والتمسك بالزائل أمر غير عقلاني، فلا يوجد عقل هنا. ويشبه ذلك الإمام الغزالي بقوله: هذا كمثل من
أراد الفخار وترك الذهب، أي ترك إبريقاً من الذهب ونقول له هذا هو الفخار. هذا الفخار يُكسر بثلاثة قروش، لكن إبريق من الذهب هذا فيه اثنان أو ثلاثة كيلو من الذهب، وهو لا ينكسر، فما رأيك؟ قال: لا، أنا آخذ الفخار أفضل. إنه مغفل إذاً. فهنا تكمن الغفلة، وفي هذا المنطق. الحب، ربنا سبحانه وتعالى رسم لنا طريقاً له. قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني، انظر انظر، يحببكم الله. أي أن الله سبحانه وتعالى سيحبنا، الله سبحانه وتعالى سيكرمنا. والحب عطاء من الرزاق، من المحيي، من الكريم، من الواسع،
هو الله سبحانه وتعالى. كل عناصر الحب متوفرة في الصفات الحسنى والأسماء الحسنى لله رب العالمين، لأنه يعطي، لأنه يمنح. لأنه يُحيي لأنه يرزق لأنه كريم لأنه جواد سبحانه وتعالى. والقاعدة الشهيرة أنَّ ربنا وضَّح لنا أسماءه بهذه الطريقة لكي "تخلَّقوا بأخلاق الله". "تخلَّقوا بأخلاق الله" هذه قاعدة، ولذلك نجد سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام، ربنا يقول له ماذا؟ يقول له: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين". حسناً، وربنا هو. أول كلمة بسم الله الرحمن الرحيم. الأوامر ماذا إذن؟ ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء. المسلسل من البداية يا مولانا، المسلسل من البداية.
فأنا الآن، سيدنا النبي هذا رحمة وكان يقول عن نفسه: "إنما أنا رحمة مهداة"، لأن الله رحمن رحيم كريم جواد. يقول: "وكان رسول الله أجود الناس" وكان. أجود ما يكون في رمضان صلى الله عليه وسلم، فإذا أتى رمضان كأنه الريح المرسلة. ما هذا؟ يعني لأنه يريد أن يتخلق بأخلاق الله سبحانه وتعالى. الدنيا في يده وليست في قلبه، ومن هذا المعنى يأتي الحب، لأن الحب عطاء. ماذا يعني الحب؟ الحب عطاء. إذا أحببت أن تكون... حبيبي، جيد. إذن كن كريماً وأعطِ. مَن الذي يعطي بلا ثمن؟ إنها الأم، ولذلك الأم هي معيار الحب. هل تدرك أن الحنان والأمان والرعاية والعناية
والعطاء بلا مقابل تأتي منها؟ وهناك القصة المشهورة عن الرجل الذي كان يطوف بأمه حول الكعبة وهي كبيرة في السن، ثم قيل له: أرأيت؟ إني قد وفيتها حقها. قال: لا، إنك تطوف بها وتخدمها وفي قلبك تتمنى زوالها لكي ترتاح. ولكنها خدمتك الله وهي تتمنى بقاءك، بل وتضحي بحياتها من أجلك. الله، يعني لا توجد فائدة؟ يعني لن أعرف أوفي أجرها؟ لا، لن تعرف. هل أنت ستعرف تحملها؟ هل أنت؟ ستتمكن من توليدها؟ هل ستتمكن من العناية بها؟ هذا هو الحب الحقيقي. الحب الحقيقي هو
أن تحب أبناءها. عندما نُنجب أبناءً يشبهوننا، كما يقول المصريون "القطط الميتة". تقول: ليس لي تدخل، أحبهم وهم كذلك، وتدافع عنهم إلى آخر قطرة وآخر نَفَس في حياتهم. هذا هو الحب الذي يُقاس عليه، هذا هو الحب، حب. الأم لأبنائها هي الحب، المقياس الذي يُعدّ معياراً للحب والكراهية بخلافه. إذاً في ذوق هذا المنهج الإصلاحي والتجديدي في فهم الكره والحب في القرآن الكريم وفي إسلامنا الجميل، كيف نحقق ما يدعو إليه دائماً فضيلة مولانا بسعادة الدارين؟ فاصل ونعود إليكم. ابقوا معنا، فأهلاً بحضراتكم وأحر ترحيب أصدقاء فضيلة مولانا. الإمام اسمح لي أن
أقرأ بعض المداخلات التي وصلت إلى سؤالنا على فيسبوك. سؤالنا على فيسبوك كان: برأيك كيف تطبق تحذير القرآن من حب أشياء هي في حقيقتها شر لنا؟ يقول الأستاذ هشام بدوي: بأن نرضى بما قسمه الله لنا حتى لو كان في ظاهره شراً لنا. الأستاذ أحمد يقول: من من خلال النظر إلى تجارب مَن قاموا بتلك الأعمال، الأستاذة مروة تذكرنا دائماً: "دمتم لنا قدوة، وجعلكم الله من أصدق التابعين". الأستاذة سحر أحمد هاشم تقول بالتسليم التام والرضا: "أرجو إبلاغ سلامي لمولانا الإمام وأسأله الدعاء". ربنا يشرح صدورهم جميعاً ويشرح صدرها، ويغفر ذنبها، ويحشرنا جميعاً مع سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم. في عِلِّيِّين، والحقيقة أنه "وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى
أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"، ولكن "وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا"، يعني قد يكون إذا هناك كراهية وهناك حب، منه ما هو ظاهر ومنه ما هو حقيقي. فلو كان ظاهراً فقط فهو يقول لا تعتمد عليه كثيراً في الحب والكره، ولو كان حقيقياً فهذا هو المعتمد عليه. متى يكون الحب حقيقياً؟ عندما يكون دائماً، عندما يكون تحت مظلة ربنا سبحانه وتعالى. عندما يقول: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"، عندما يقول: "وافعلوا". الخير لعلكم تفلحون، عندما يقول فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون، عندما يأتي من ذكرني في ما لا، أن ذكرته في ما لا، إن خير منه. هذا المعنى،
معنى العطاء، معنى القلوب الضارعة، معنى التعلق بالله سبحانه وتعالى هو الدائم، ولذلك فهو الحقيقة. أما كونه قد كره زوجته، لا وعسى. أن تكره شيئًا وهو خير لك، وعسى أن تكره شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا. يعني يُغيِّره ويجعل فيه خيرًا كثيرًا أيضًا. وخيرًا كثيرًا، نعم بالطبع، يعني ليس خيرًا بسيطًا. فعلينا بالاعتماد على الحب واعتماد الكراهية أيضًا، اعتمادًا حقيقيًا وليس ظاهريًا. دائمًا لا نقف عند الظاهر، بل لا بد علينا أن نسعى. إلى حقائق الأشياء، وحقائق الأشياء ثابتة مولانا في نقطة وفي - يعني - إجمالها إن استطعنا إلى ذلك سبيلاً، وهو حب الدنيا. فكرة حب الدنيا تسبب أزمة عند فريقين: فريق يرى أن الدنيا هي
المفترض أن نعيشها كما هي هكذا، وفريق آخر ينبذ الدنيا تماماً. وما بين هذا وذاك، كيف نوفق؟ بهذا المنهج الحقيقي الذي ينظر إلى الإسلام في جوهره وحقيقته لنحقق سعادة الدارين الذي تعلمناه من دين الإسلام من آبائنا ومشايخنا من العلماء عبر القرون، أننا نحب الدنيا ونحب الآخرة وندعو الله سبحانه وتعالى بهما وليس بواحدة منهما، وأن من أحب الدنيا فقط فهو أعرج، وأن من أحب الآخرة. فقط فهو أعور، والذي هو كامل وسليم هو الذي يحب الدنيا والآخرة. كيف نحب الدنيا؟ نحبها في رعاية الله سبحانه وتعالى، لأن المعصية نكد وهي من شعب الكفر، ولأن الطاعات سعادة وهي من شعب الإيمان. وعلى ذلك، فتحت ظلال أمر الله سبحانه وتعالى نتمتع بالجمال، ونتمتع
بالمسموع، ونتمتع بالمأكول، ونتمتع. بكل شيء في الدنيا مع سعادة غامرة لأننا نريد أن ننال سعادة الدارين وليس سعادة دار واحدة، وذلك بالاعتماد على الحقيقي من الحب ومراد ربنا، والكراهية التي يكرهها ربنا وهي على أضداد ذلك. هذه هي المسألة، المسألة أننا نحب الدنيا وأننا نتمتع بجمالها وحلاوتها ظاهراً وباطناً، لكنه يقول لي شيئاً. ثانيةً، هل سأعصي الله تعالى وإلا لن أشعر بجمال الدنيا؟ لأن جمال الدنيا في المعصية؟ أنا أقول له: هذا لا يدخل عقلي. الذي يدخل عقلي أن الذي خلق الدنيا جعل السعادة في ترك المعصية، فإن السعادة في ترك المعصية. نلخص هذا الكلام، يعني خلاصة
الكلام... خلاصة الكلام... أما الناحية، فلندع... الدنيا، نحن لسنا تاركيها، وإن كنا لا نكرهها. ولكننا ندعو ربنا: "آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار". وكُلْ ما شئت، والبس ما شئت، وكن مع الله. مولانا الإمام فضيلة الدكتور علي جمعة من كبار العلماء الأجلاء. رضي الله عنكم دائماً يا... مولانا شكراً لكم، جئتم في رعاية الله وأمنه، إلى اللقاء.
شكراً