والله أعلم| الدكتور علي جمعة يتحدث عن موقف الشيعة من مصحف عثمان| الحلقة الكاملة

والله أعلم| الدكتور علي جمعة يتحدث عن موقف الشيعة من مصحف عثمان| الحلقة الكاملة - والله أعلم
ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير. أهلاً بكم في هذا اللقاء الذي تتجدد به هذه الحياة مع صاحب الفضيلة مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف. مولانا، أهلاً بفضيلتكم. أهلاً وسهلاً بكم لنواصل معاً الإجابة على هذه التساؤلات الكثيرة لتأسيس هذه المنهجية في العقلية الآنية لكي تفهم هذا الحاضر وتستشرف المستقبل إن شاء الله مولانا الإمام وبينما نتحدث عن المصحف الشريف وكتابة المصحف، اسمح لي في البداية ولدي تساؤلات كثيرة: من صاحب هذه التسمية
"المصحف الشريف"؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه صلى الله عليه وسلم في أصل اللغة كانت الكتب المقدسة تسمى بالصحف "إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى"، فالتوراة التي نزلت على سيدنا إبراهيم سميت بالصحف، وكذلك صحف موسى، والوحي الذي نزل على إبراهيم والذي يرى بعض الباحثين أنه أصل الديانة الإبراهمية، وذلك لأن اسم إبراهيم قريب من هذا، فيرى أن الفيدا هذه التي بين أيدي الهنود هي صحف إبراهيم، وهناك
صحف لسيدنا عيسى التي سماها الله سبحانه وتعالى بالإنجيل. فكلمة الكتاب كانت تسمى بالصحف، جمع صحيفة. بعد ذلك أصبح هناك اسم مكان لتلك الصحف، يعني أنا جلبت صحيفة صحيفة وصحيفة ووضعتهم في مكان، فهذا المكان أصبح مصحفاً. نعم، فالمصحف هو اسم مكان لصحيفة فهو المكان الذي جُمعت فيه الصحف، فإذا افترضنا أن كل سورة مكتوبة في صفحة، نعم، لدينا مائة وأربعة عشر سورة، مائة وأربعة عشر سورة. إذا اعتبرنا أن كل سورة في صفحة، فهذا الكتاب يشتمل على مائة وأربعة عشر سورة تساوي مائة وأربعة عشر صفحة بفرضية
أن السورة صفحة بفرضية أصل يمكن كتابة أي شيء في الصفحة، يمكن لدرجة أنهم كتبوا القرآن كله في صفحة. أتفهم ذلك؟ وتفننوا في ذلك يا مولانا، تفننوا تفنناً عظيماً في هذا عبر التاريخ حتى كتبوه على أشياء غريبة، فكتبوه على حبة الأرز، صحيح، الفاتحة على حبة من الأرز وهكذا كانوا يستعملون شوارب القط. كانوا يستخدمون شارب القط مثل القلم حتى يكتبوا به هذا المصحف الصغير. كتبوه مصحفاً صغيراً يوضع في رأس الراية في الجهاد، وكانوا يسمونه مصحف سنجق. نعم، والسنجق معناها الراية التي يمسكها الجيش لتكون
علامة على أين يبدأ الجيش وأين ينتهي وهكذا. آخره، وهي من المهمات في الحروب القديمة، فكانوا يأتون على رأس هذه الراية ويضعون في أعلاها هذا المصحف الصغير. مصحف صغير كانوا يكتبونه بشارب القط، حيث ينزعون شارب القط فيكون صلباً قوياً حاداً مثل سن القلم، ثم يضعونه في الأداة ويكتبون به، فيظل يكتب هكذا الستة والستون ألف كلمة هؤلاء في مسافة ويجلدهم ويصبح مصحفاً، يعني ماذا؟ مكان الصحيفة، هذا مصحف وهذا اشتقاقها أنه مكان الصحيفة، فسمي هذا بالمصحف مباشرة من
الصحابة هم الذين سموه المصحف. يقولون وكان لذكوان عبد عائشة، كان عندها عبد اسمه ذكوان وكان قارئاً حافظاً، فكان يقرأ من المصحف وكان له مصحف نسخة خاصة به هكذا، وكان يقرأ فيه بالرغم من أنه كان حافظاً للقرآن. وكانت السيدة عائشة تصلي بصلاته، وكان يؤم بالصلاة والسيدة عائشة خلفه، وصلى خلفه مع عائشة طلحة وابن الزبير وفلان من الصحابة كانوا يقومون الليل تماماً مثل قراءة القرآن منها ومن هذا الحديث أو من هذا الأثر أخذ العلماء جواز قراءة الصلاة من المصحف وأن هذا ليس فعلاً يخل بالصلاة، بل هو فعل يتفق مع أفعال الصلاة، فيجوز للإنسان أن يفتح المصحف أمامه في الفرض وفي النافلة
ويقرأ منه مباشرة. فكلمة مصحف الإجابة أنها وجدت منذ عهد الصحابة الكرام، وأن معناها أنها المكان الذي تُحفظ فيه الصحف متتالية محفوظة، مولانا الإمام. إذا كان مصحف سيدنا عثمان هو كما أسموه بالمصحف الإمام، فلماذا سُمي بالمصحف الإمام، ولماذا سُمي مصحف عثمان؟ عندما تشكلت اللجنة العلمية لضبط هذا، راعت في الكتابة وراعت في خلو الكلمة من النقط ومن التشكيل أن يتحمل هذا المصحف القراءات العشر، يتحمل هذا المصحف القراءات العشر، في
القراءات العشر يوجد "يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم"، "يخادعون الله والذين آمنوا وما يخادعون إلا أنفسهم" مرة يخدعون ومرة يخادعون وكذلك "وظنوا أنهم قد كُذِّبوا" و"وظنوا أنهم قد كُذِبوا" مثلاً إذًا "إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا" و"فتثبتوا"، عندما تقرأ "فتبينوا" و"تثبتوا" من غير نقاط، تنطق هذه وتنطق هذه ولذلك كتب المصحف بحيث أنه يتحمل القراءات العشر، ولكن هناك في القراءات العشر زيادة ونقصان، ففي بعض الآيات توجد واو زائدة أو كلمة هو زائدة هنا وليست زائدة هناك. قضية التقديم والتأخير في التشكيل مقدور عليها، مثل "فيَقتُلون
ويُقتَلون" و"فيُقتَلون ويَقتُلون"، فهي هي نفسها، وستُقرأ هي نفسها من غير تشكيل. ومن غير نقاط ستُقرأ هي هي لكن عندما يقول لك والله عزيز حميد والله هو العزيز الحميد ماذا نفعل إذاً فهنا في "هو" زيادة هنا فكتبوها في نسخة ونسخة ثانية لم يكتبوها وجعلوا كل الذي كُتب هذه المصاحف الستة العثمانية تشتمل على القراءات العشر حتى يُحفظ القرآن كما هو عشر مرةً وليس مرةً واحدةً عشرةَ عشرَ مراتٍ ونعرف أنها قراءة مَن والتي ليست قراءة مَن ونعرف أن الواو هنا عند ابن كثير لكنها غير موجودة عند عاصم، نعرف كل شيء وضابطين هذا وضابطينها، فأصبحت طريقة الضبط نفسها معجزة ثانية غير المعجزة الأولى هذه، فيأتي
الإمام الشاطبي ويجمع القراءات السبعة، نقول له حسناً يا إمام: هؤلاء عشرة. قال: ما هم الثلاثة هؤلاء مندرجون في السبعة. نعم، الثلاثة مندرجون في السبعة. ماذا يعني؟ يعني الثلاثة هؤلاء فيهم أبو جعفر حسناً، فهو نفسه قالون عن نافع. نعم، هو نفسه قالون عن نافع. فيها خلف حسناً، خلف هذا أحد رواة حمزة نعم، هي نفسها. فيها يعقوب هي هي الكسائي، فإذًا أنا سأكتفي بالسبعة التي يندرج تحتها العشرة، فأصبحت القراءات العشر تؤول إلى سبعة، لكن بالتفصيل عشرة، وبالدقة العلمية هي عشرة وتظل عشرة. ولذلك عندما جاء محمد بن محمد بن الجزري شمس القراء ألّف ماذا؟ ألّف "طيبة
النشر في القراءات العشر". ثم نظمها شعرًا وجعلها طيبة النشر. نعم، فتكلم عن العشر وليس عن السبعة فقط، لكن الذي تكلم عن السبعة لم ينكر الثلاثة بعد ذلك أصبح في مدارسنا العلمية شيء يسمى الدرة هذه الدرة هي تكملة الثلاثة التي تركها الشاطبي بتفصيل أكثر، لكن ما الذي يجعل الشاطبي يفعل ذلك؟ أن هذه القراءات مندرجة تحت واحدة من السبع، فاكتفى بها، يعني كأنه اكتفاء، ولكن الذين عملوا النشر أصبحوا أكثر دقة وتوسعًا في طيبة النشر ذكر العشرة، هؤلاء العشرة لهم كم راوٍ عنهم؟ عشرون، كل واحد له اثنان. نعم، يعني مثلًا عاصم له حمزة وله شعبة، له حفص وله شعبة، فحفص وشعبة
هؤلاء مثل ماذا؟ ما هي الطريقة؟ ما الاختلاف الذي بينهم؟ لنقل عن طريق فلان ما وجه الاختلاف؟ آه، هذا يقول لك "يخادعون" وهذا يقول "يخدعون الله". حسناً، وبذلك هي مثل القراءة الثانية نعم، ولذلك يمكن أن تجد ثلاثة اتفقوا هنا، وأربعة اتفقوا هناك، والسبعة اتفقوا هنا، لكن الثلاثة لم يتفقوا هنا وهكذا، وأنت بذلك كأنك ضربت القرآن، حسنًا، كم موضع اختلفوا فيه فيما يسمونه فرش الحروف؟ كم كلمة حصل فيها هذا في القرآن؟ أنت دائمًا تذكر لنا "يخادعون" وتذكر لنا "يكذبون" وتذكر لنا "فتثبتوا"، ثلاث أو أربع كلمات فقط. الأمر أوسع من ذلك يا مولانا؟ ألف ومائتان وخمسون موضعًا في القرآن، طب القرآن فيه كم موضع؟ فيه ستة وستين ألف موضع، منها ألف ومائتان وخمسون فيها قراءات. طب وهل توجد كلمة واحدة فيها القراءات العشرة؟ يعني نحن نقول هذه الكلمة أربعة قالوا هكذا، وثلاثة قالوا هكذا، وستة
قالوا هكذا، وثلاثة قالوا هكذا، وواحد قال هكذا. طب هل يوجد كلمة اختلفوا بينهم على عشرة أقوال أُفٍّ، وهل تنتبه كيف؟ أُفٍّ، "فلا تقل لهما أُفٍّ ولا تنهرهما"، فيها ستة وثلاثين نطق، ستة وثلاثين في هذين الحرفين فقط، في هذين الحرفين: أُفٍّ، أُفٍ، أُفًا، أُفُ، وهكذا. "فلا تقل لهما أُفَ"، "فلا تقل لهما أُفًا"، "فلا تقل لهما أُفْ". أُفَ فلا تقل لهما أُفُ فلا تقل لهما أُفِ فلا تقل وهكذا منهم عشرة متواترة، منهم عشرة متواترة في أمثال يعني هذا وهذا قليل جداً، ألف ومائتان وخمسون كلمة عندما نريد أن نؤلف في القراءات نذهب إلى الألف ومائتين وخمسين كلمة هؤلاء ونفعل بهم ماذا؟ جدولاً ونقول هذا قال كذا
الشاطبي عمل هكذا وأيضًا النشر فعل هذا، كل كلمة من الذي قال فيها ماذا؟ أي أنني لدي القرآن حقيقةً يعني حُفِظ ألف ومئتين وخمسين في عشرة، فيكون قد حُفِظ اثني عشر ألف مرة. حسناً، حُفِظ اثني عشر ألف مرة. لكن هل يوجد عقل يحفظ نصاً اثني عشر ألف مرة؟ كل قراءنا موجودين بين ظهرانيكم. الشيخ مصطفى إسماعيل كان هكذا، والشيخ الحصري كان هكذا، والشيخ المنشاوي كان هكذا، والشيخ عبد الباسط كان هكذا، والشيخ رفعت كان هكذا، الله، الشيخ عبد الحكيم رحمه الله شيخنا الذي قرأنا عليه كان هكذا، هذا الولي، الشيخ الهمداني كان هكذا، والشيخ إسماعيل الهمداني كان هكذا. كان يقول لي القرآن كأنه سطر واحد أمامي،
فيقول لي: اختبرني هكذا يا علي، فأقول له: يا مولانا لا، ليس من اللائق أن أختبرك. وكان أحدهم يُسَمِّع سورة البقرة، والآخر في سورة الفرقان، والثالث في جزء عم، فيرد هذا ويفعل هذا كأنه سطر واحد. هذا رأيناه، ثم إنه ما زال موجودًا إلى الآن يعني هذا شيء فوق العقل، هذا القرآن ليس فقط كتاباً لكي يقولوا هذا نَقُص أو كذا، ليس فقط أداء، ليس فقط منهجاً علمياً، ليس فقط كتباً بين أيدينا، هؤلاء أناس يمشون على الأرض ويحفظون هذا ويحفظون هذا، وكان الشيخ الهمداني رحمه الله يقول لي يا أخي أنا لا أعرف كيف تحفظون الفقه، وأنا أنظر إليه متعجبًا، كيف سأحفظ الفقه؟ هذا الفقه سهل يا مولانا. يقول لي: سهل كيف؟ لكنه صعب عليّ جدًا. الذي هو حافظ
القرآن السطر الواحد، فيكون هذا من عند ماذا؟ من عند الله سبحانه وتعالى، أقام أقوامًا وخصهم بهذا من فضل الله فكان من أهل القرآن، وأهل القرآن سادة الناس، وكانوا يحرّرون الآية وهم يقرؤون الأكابر، أكابر القراء بكل هذه القراءات في نفس اللحظة وهم يقرؤون أمام الناس كانوا يحفظون القرآن كالماء الجاري. فاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا. اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا وشفاءً لما في الصدور، مولانا الإمام المصحف الشريف مصحف سيدنا عثمان يعني أركز على هذا الاسم لأننا وفضيلتك تعرض هذا المنهج العلمي لتأسيس هذه العقلية الفارقة في هذه اللحظات الفارقة أيضاً. لماذا سُمي مصحف سيدنا
عثمان وهل كان هناك أيضاً مصحف الإمام علي ومصحف فاطمة أيضاً؟ كلمة مصحف فاطمة هي مسألة لغوية وليست شرعية لأنه كتاب في الأدعية سُمي بمصحف فاطمة لأنه مجموعة من أئمة أهل البيت عندما كانوا يناجون الله سبحانه وتعالى ويلتجئون إليه في الدعاء وتتعلق قلوبهم الضارعة لرب العالمين، يكتبون هذا فمثلاً سيدنا علي زين العابدين ابن سيدنا الحسين، السجاد دعاؤه يسمى بالصحيفة السجادية. الصحيفة السجادية هي كتاب كله أدعية. وكلها أدعية طيبة وأشياء حلوة جميلة، وحتى إن
أغلب طبعاته خالية من الدس أو الخطأ. فكلمة "مصحف فاطمة" عندما سألنا علماء المذهب الشيعي في هذا، تبين أنها كتاب للدعاء وارد عندهم وكأنهم جمعوا الأدعية التي كانت تقوم بها فاطمة عليها السلام، سيدة نساء العالمين، تقوم بها في المناجاة وفي الدعاء. فكلمة "مصحف فاطمة" طبعاً بعض الناس ممن ينتقدون المذهب الشيعي يحاولون أن يستغلوا هذه الكلمة الواردة عند المذهب الشيعي الذي يتبرأ من أن يكون هذا مصحفاً للقرآن أو يثبت فيه القرآن، فيأخذون هذه الكلمة من كتبهم ويقولون: ها، يدّعون أن فاطمة
عليها السلام لها مصحف خاص أو شيء من هذا القبيل، والأمر ليس على هذا النحو. هم ينكرون، لا هم يخرجون صحيفة فاطمة على أنها مجموعة من الأدعية مثل الصحيفة السجادية أو نحو ذلك. عندما أكون مختلفاً مع الشيعة في أمور محددة علمية، فأنا أيضاً أريد أن ألم شعث الأمة وأن حتى لو أنه لم يفعل هذا حتى ولو أن المذهب الشيعي قد التبست على كثير من قادته مسائل السياسة بالدين. رغم ذلك، أنا لن أيأس، لن أيأس من أننا ندعو المسلمين لأن يتجاوزوا هذه المرحلة، وأن يتخطوا هذا التاريخ الذي حدثت فيه المحن والفتن والصدامات وسفك الدماء، إلى تاريخ يحترم. ونجعله مذهباً من المذاهب، وهذا كان رأي الشيخ شلتوت عندما اعترف
بالمذهب الجعفري، ومذهب ورأي سيدنا الشيخ فرج السنهوري وهو ينشئ الموسوعة الفقهية المثمّنة، فجعل المذهب الجعفري واحداً من الثمانية. هؤلاء الأكابر عندما فكروا فيها أرادوا أن يتجاوزوا المحن والإحن، لكن توجد محن وإحن، وعندما سنفتح صفحات المحن والإحن، سنجد كثيراً، إنما هل هذه وظيفتنا أن نلتمس المحن والإحن بيننا وبين بعضنا البعض؟ يعني ما الذي سيكون؟ ولكننا ندعو ونقول لهم: لو سمحتم افصلوا الرغبات السياسية عن السيطرة الإيرانية أو عن الصدمات الفلانية، نحن نريد أن نهدئ الجو، لا نريد أن نشعلله. فإذا كنا نريد أن نشعلله، فالأمر لله، نذهب للمحن والإحن. سنذهب للمحن والقحط فأمرنا لله،
لكن ماذا؟ مكره أخاك لا بطل. لا نريد، ولذلك فهذا بعض الناس يقول: "الله، هل أنت واقف مع الشيعة أم ماذا؟" لا يا أخي، أنا سني ابن سني، وأنا رجل أشعري يُعدني بعضهم من أئمة الأشاعرة في العالم كيف نذهب إلى الشيعة؟ ولكننا نحن نذوب ذوبًا في حب آل البيت الكرام، أي عبادة لله، ونذوب ذوبًا في حبهم مراعاة لجانب رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما قضية الشيعة فنحن نحاول وسنحاول وسنظل نحاول أن نبني الجسور ونلم الشمل ونتجاوز المحن والإحن، أما وقد كان بعض الناس يريدون أن يفرضوا علينا هذه المصادمات وهذه الأمور من غباوة قلوبهم ومن عدم إدراكهم للمآلات، فنحن
نقول لهم حسبنا الله ونعم الوكيل، سيؤتينا الله من فضله ورسوله. نحن نيتنا ليست أن نكون شيعة ولا هذا، نحن نقول لهم، نقول لهم: يا جماعة دعوا كل بلد وشأنه، لأن دخول مذهب غريب على هذه المذاهب قد يقدح في الأمن المجتمعي، ولذلك فاتركوها، بعضهم يوافق من العقلاء، وبعضهم لا يوافق. فعلى كل حال، ليس هذا موضوعنا الآن موضوعنا هو: هل هناك شيء اسمه مصحف عليه؟ نعم، يوجد، لأن كل صحابي بعد ذلك نسخ لنفسه نسخة، ولكن هذه النسخة ليست هي الإمام، ليست هي المعتمدة ولكن خلافاتها يأتي سيدنا عبد الله بن مسعود مثلاً، فيكون عنده مصحف وليس فيه المعوذتين، يقوم
الآخر ويقول: آه، هذا مصحف ناقص، لا يا أخي فالمصحف مجموعة صفحات، وربما سيدنا ابن مسعود كان طوال النهار يقرأ المعوذتين ويقرؤهما هكذا، فلم يحتج إلى كتابتهما مثلاً. صحيح، فهذه النسخة ليست معتمدة، هذه خاصة بسيدنا عبد الله بن مسعود مثلاً لكي أقول ماذا؟ سنرى إذا كان فيها المعوذتان أم لا. انظر في مصحف الإمام، لماذا؟ لأن الإمام هذا اللجنة العلمية هي التي اعتمدته. عندما أحضر أنا مصحفاً في السوق هكذا، هو مطبوع في المطبعة الفلانية التي هي فخيمة وطوال عمرها تخدم القرآن وما إلى ذلك، وبعد ذلك وجدت فيه خطأً، ليست مشكلة، فهذا مُنحَى، لماذا هذا مُنحَى؟ لأنه ضد المعتمد، ولم يمر على اللجنة العلمية مثلاً، لم يمر عليها أو سقطت ملزمة، نعم سقط سطر في الصفحة أثناء الطباعة، حدث
أي خلل هنالك. إسرائيل مرة في الستينيات قبل الحرب أخرجوا نسخة ونشروها في إفريقيا، وكان ذلك من أسباب إنشاء المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وصلته بإفريقيا. فلما وصلوا إلى الآية غُلّت أيديهم ولُعنوا بما قالوا يد الله مغلولة غُلّت أيديهم قاموا بتغييرها إلى علّت أيديهم، حذفوا النقط، وقالت اليهود يد الله مغلولة غُلّتْ أيديهم، غُلّتْ أيديهم جعلوها علت أيديهم يعني عندما قالوا "يدُ اللهِ مغلولة"، فهي علت أيديهم لأنه - يعني الناس - اليهود فصارت علت أيديهم وجاءوا عند كلمة لُعِنوا. وحذفوا
الكشيدة نعم، تلك الخاصة بالكاسة الخاصة باللام فأصبحت وآمنوا، لعنوا بما قالوا صارت العين مثل الميم والألف هنا، وآمنوا بما قالوا فأصبحت الآية علت أيديهم وآمنوا بما قالوا، وذاع هذا المصحف وعُرفت مصر به. فحاولت أن تجمعه وتطبع للأفارقة مصحفاً. وكان الأفارقة حينئذٍ يقرؤون بقراءة حمزة، وفي السودان بقراءة الدوري، وفي ليبيا بقراءة قالون، وفي المغرب بقراءة ورش. انتبه، ورش المصري، نعم، الذي هو عن نافع، فطبعوا المصاحف عبد الرحمن محمد رحمه الله ساهم في هذا وطبعه بالخط الإفريقي. انظر إلى الكلام، قال إن هناك خطاً يعني حرفاً شكله
إفريقي يرتاح له الأفارقة، وهناك خط مغربي يرتاح له قدماء المغاربة قبل أن يشيع الحرف المشرقي في العالم. فكل هذه الأشياء قبلوها وقاموا بأدائها وصنعوها وجعلوها هكذا. هذه هي الحكاية، فإذاً هذا التحريف المتعمد أو التحريف الذي يأتي من الجهل، متى نقضي عليه بالمعتمد؟ ولذلك تمسك المسلمين بالمعتمد هذا تمسكًا كبيرًا جداً، وحتى يومنا هذا يمنح القانون الضبطية القضائية لمجمع البحوث الإسلامية فيما يتعلق بالكتاب والسنة إلى الآن. ولذلك لا تستطيع أي مطبعة أن تطبع، وإذا طبعت فإنها تكون قد طبعت شيئاً بالخفاء وطبعت بخلاف القانون فأنا لو وجدت أي مصحف، يأتي كثير من الناس ويقول: انتبه، هذه النسخة سيئة، فهي
ليست معمولة بشكل صحيح، لأنها تنقصها سطر من سورة الأنعام، إنها تنقصها كذا. أصبحت خلاص لا يصح أن يحتج بها أحد على شيء أبداً، خلاص عرفنا، خلاص عرفنا، نحن الآن في نسخة معتمدة، وهذه النسخة المعتمدة هي الأساس. مولانا الإمام يقول أيضاً بعض الشيعة - دعنا نقول لنكون منصفين ونحن نطرح التساؤل - إن أول من جمع القرآن هو سيدنا علي الإمام، واعتزل الناس وأخذ يجمع القرآن بأمر من سيدنا صلى الله عليه وسلم، فهل هذا الأمر صحيح؟ ليكن صحيحاً أو يعني في الأصل ماذا هذا، حُجةٌ عليهم. نحن عندما كان لدينا هنا سفارة لإيران، فزارني السفير الإيراني وأهداني مصحفاً وقال لي: هذا مصحف، إنه هو نفسه مصحفكم. إذن أنتم لماذا ستقولون علينا أننا لدينا مصحف آخر؟ حسناً، إذن
هو المصحف هذا الذي جمعه سيدنا علي. حسناً يا سيدي. هل تلاحظ أنه عندما يقول الشيعة إن أول من جمع القرآن هو سيدنا علي، فلا مانع من ذلك؟ أهلاً وسهلاً. إنه سيدنا علي، باب مدينة العلم. إنه سيدنا علي الذي معه الحق أينما دار. إنه سيدنا علي حبيب القلوب. إنه سيدنا علي، أول من أسلم مطلقاً. وسيدنا علي هو فداء رسول الله، هذا زوج ابنته، من هو؟ أتظن أنك أول ما ستقول لي سيدنا علي، سيقول لك لا، سيدنا أبو بكر. حسناً يا سيدي، ليكن سيدنا علي، نحن نقول سيدنا أبو بكر، لكن دعها تمضي سيدنا علي. لا يوجد نزاع بيننا وبين من ينسب الفضل لسيدنا علي في أي شيء لأنه صاحب فضل ومن كان يريد أن يحقق علمياً فليذهب إلى الأكاديميات العلمية ومن كان يريد أن ينشر هذا على الناس فهذا لم يضر شيئاً. نعم،
حسناً. سيدنا علي هو أول من عمل، وبعد ذلك ثم ماذا؟ هذا يبين أن هذا المصحف الذي بين أيدينا الذي جمعه سيدنا علي فكيف يكون إذًا هناك زيادة أو نقصان أو سورة ناقصة وكذا وهذا هو كلام جهلة القوم الذي جعل الطبرسي النوري الطبرسي يؤلف كتاب "فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب"، فكان أضحوكة في العالمين. فما دام السيد علي هو الذي كتبه، فأنت الآن حكمت على الكلام بالبطلان، ولذلك قالوا لنا بعد ذلك إذاً لا، نحن لا نقصد التحريف هكذا، نحن نقصد القراءات الشاذة. حسناً يا سيدي، أهلاً وسهلاً فالأمر جيد هكذا، القراءات الشاذة معروفة وعددها تسعون قراءة، وكلها آيات ذات قراءة شاذة، وننحيها جانبًا ولها كتبها
ونحن نعرفها. فسيكون عليك أن تضرب ماذا؟ الاثني عشر ألفاً في تسعين، وكل هذا محفوظ في القرآن القرآن كل مرة بهذا الشكل، نحن حافظون للقرآن، حافظون له، وماذا يعني ذلك؟ يعني أننا نعرف كل حرف فيه، ونعرف كل ما قيل خطأً، ومن الذي أخطأ، ولماذا أخطأ. مولانا الإمام يؤكد دائماً على هذه اليقظة، هذا الشحن المعرفي لدينا جميعاً لنفهم وندرك، فالوعي دائماً قبل السعي. فاصل ونعود إليكم ابقوا معنا، أهلاً بحضراتكم معنا، مولانا اسمح لي وتحملني في التساؤلات الكثيرة حول المصحف الشريف لكي نفهم أكثر وأكثر. هل أن سيدنا عثمان اعتمد في جمع
المصحف على النسخة التي كانت لدى السيدة حفصة بنت سيدنا عمر، وتجاهل النسخ التي كانت مع الآخرين؟ لا، فهو شكَّل لجنة وهذه اللجنة هي التي شاركت الصحابة في التدقيق والتحقيق في هذا الأمر. ما التحقيق وما التدقيق؟ يعني ماذا تحقيق ويعني ماذا تدقيق؟ التحقيق سوق الأمر بدليله، والتدقيق سوقه بدليل آخر. التحقيق سوق الأمر بدليله، نعم، والتدقيق سوقه بدليل آخر غير الدليل الخاص بالتحقيق. فيكون كأننا لو حققنا فدققنا يكون قد أوردنا كل شيء بدليلين: دليل تحقيقي
ودليل تدقيقي. هذا الكلام يمثل فكر الصحابة، وهو فكر متقدم جداً فعندما اجتمعت اللجنة لتحقيق ماذا؟ تساءلوا: أين ما يدل على أن سورة الفاتحة سنضعها هنا، وأن الفاتحة اسمها "بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين" إلى نهاية السورة في مصحف أبو بكر، إذن اكتب، كتبنا الفاتحة فأحضرنا اثنين من الشهود، وهذا هو التدقيق. اللجنة هذه مكونة من ستة أشخاص، وأحياناً يحضر معهم خبراء آخرون ليسوا من الستة. هؤلاء الستة هم المكلفون رسمياً، فيحضر معهم أربعة آخرون، وهكذا فهي لجنة، فيدخل شخص فيقولون له: "اقرأ هكذا بسم الله الرحمن الرحيم"، فيقرأ
الفاتحة، فيقولون له: "حسناً، هل سمعتها من رسول الله فيقول لهم نعم، يقولون له حسناً احلف. بالله عليك، العشرة ليسوا حافظين الفاتحة؟ حافظون، ولكن هذا تحقيق وتدقيق. احلف فيحلف أنه سمعها من رسول الله مشافهةً، سمعها بأذنه من رسول الله إما في الصلاة وإما خارج الصلاة، من مصدرها مباشرةً، من مصدرها، نعم. فلا يكتفون بهذا، بل يضعون أيضاً علامة صح على الأمر هكذا، ويقولون إنه شهد شاهد، ثم يدعون الذي بعده، فيأتيهم ويقولون له: اقرأ، فيقرأ، وهم يضبطون ما يتعلق بالشاهد الثاني. يقولون للشاهد الثاني: اشهد أنك سمعت هذا من رسول الله، فيشهد. ثم يقولون له:
احلف، فيحلف مشافهةً؟ يعني سامعها بأذنيك؟ قال له: نعم، وبذلك أصبحت اثنين، فنحن لدينا أنها موجودة في مصحف أبي بكر، وأيضاً متأكدون من ذلك بشهادة شاهدين أحياء سمعاها من رسول الله مباشرة دون واسطة، وأيضاً يحلفون أمامهم كلجنة توثيقية قضائية، أي مثل السلطة، لجنة سلطة. انتهينا من الفاتحة، قل: "ألٓم ذلك الكتاب لا ريب فيه". هل أنت متأكد أنها "ألٓمٓ" أم ألم ذلك الكتاب؟ متأكد أنها "ألم نشرح" أم أنها "ألٓمٓ نشرح"؟ قال له: لا، أنا سمعتها من الرسول "ألم نشرح". هناك يعني في هذه الآية، حسناً، موجودة إيه عندنا هنا؟ موجودة "ألم نشرح"، وهذا قال "ألم نشرح"، الذي بعده "ألم نشرح" يتعلم عليها وتُوضع، وهم حافظون يا مولانا، كل هذا كلهم حافظونه
وقراء، والداخلون هؤلاء قراء وكل شيء ستة آلاف ومائتين وستة وثلاثين آية شهد عليها اثنا عشر ألف شاهد مجتمعين ومتفرقين. وماذا يعني مجتمعين ومتفرقين؟ يعني من الممكن أن الشاهد الواحد قد شهد على بدايات سورة البقرة، والثاني شهد على ما بعدها، والثالث شهد على ما بعدها، والثاني هذا يبدأ بدايات آل عمران وهكذا، لكن بالتفريط اثنا عشر ألف شهادة التي هي ستة آلاف ومائتان وستة وثلاثون في اثنين، بالإضافة إلى أنها موجودة في مصحف أبي بكر المنتقل إلى عمر المنتقل إلى حفصة. أكملوا المصحف ثم يأتي
وهو يقرأ: هي التابوه أم التابوت فيه سكينة؟ فيرى أن هناك اختلافاً في النطق وآية ملكه أن يأتيكم التابوت الذي هو التابوت - أهو التابوت أم التابوه؟ فيرفعون الأمر، يتوقفون قائلين: خلاص، فترفع الجلسة، هل هي التابوت أم التابوه؟ فتُرفع الجلسة ويُرفع الأمر إلى من؟ إلى أبي بكر، إلى عمر، إلى علي، إلى اللجنة وهكذا. وهناك من هو أكبر منها، فيقول عثمان: "اكتبوها بلغة قريش، اكتبوها فإنما أُنزل القرآن بها". فكيف تُنطق بلغة قريش؟ التابوت، آه،
هذا يكون التباس في الكتابة من النطق، فيكتبونها بلغة قريش لكي يشهد الناس عليها. هل سمعتم هذه الكلمة "التابوت"؟ نعم، أنا سمعتها، وأنا سمعتها، وأنا سمعتها، وأنا سمعتها. فيكتبونها "التابوت" ولا يكتبونها التابوه ويرجح هذا دليل ثالث أو رابع أو خامس إذا أحببت، وهو لغة قريش وهكذا إلى أن انتهى القرآن بالتأمل والتدبر بكل حرف، وكل حرف معه الشهادة الخاصة به، وكما ذكرنا أن خواتيم سورة التوبة كانت مع خزيمة بن ثابت دون سواه، فشهد أبو بكر له أن شهادته تعادل شهادة رجلين. بعد ذلك في العهد العثماني أصبح هناك أكثر من شاهد ظهر وقال:
نعم، أنا سمعتها من رسول الله هكذا صحيح إلى آخره. المصاحف التي كانت مع عائشة أو التي مع ذكوان أو التي مع سيدنا علي أو غيرها إلى آخره كانت ملكية خاصة لكنها ليست معتمدة، ففي بعض التفاسير وبعض الأمور الأخرى إلى آخره، فكان سيدنا عبد الله بن مسعود يقول: "أرى أن تجردوا القرآن". مولانا في آخر دقيقتين كم نسخة وإن كنتَ تفضلت فضيلتك قد أجبت على السؤال كثيراً، ولكن لكي نؤكد على الموضوعية التامة والفهم التام لهذا الموضوع: كم نسخة للمصحف نُسخت أي كُتبت أو طُبعت بلغتنا نحن الآن في المرحلة الأولى وتم توزيعها على الأمصار؟ وهل ما احتفظ به سيدنا عثمان النسخة الخاصة به كانت مختلفة عن هذه النسخ. لا، لم تكن مختلفة، ولكن النسخة
التي احتفظ بها عثمان كانت خارجة عن النسخ. ماذا يعني خارجة عن النسخ؟ يعني غير محسوبة فيها. يعني يقول لك مثلاً: فكتب ستة نسخ، إذن هم سبعة، واحدة معه وكانت تسمى المصحف الإمام، وستة ذهبت إلى الأمصار، فكلمة "ستة" صحيحة وكلمة "سبعة" صحيحة، لأن واحدة مضاف إليها ما كان مع عثمان، والثانية ليست مضافاً إليها ما كان مع عثمان، لكنها هي هي، مولانا اسمح لنا أن نقرأ مداخلتين للسادة المشاهدين حول سؤالنا: ما رأيك فيمن يقول بوجود مصحف فاطمة؟ الأستاذة هدى عبد الرحمن تقول: ليس هناك مصحف فاطمة أو زيد أو عمرو، المصاحف كلها من الله وكلام الله محفوظ بقدرته من التحريف والتبديل. الأستاذة سحر أحمد هاشم تقول: شكراً على اهتمامكم لإزالة ما التبس على الناس، وجزاكم الله عنا كل خير، ونحن في انتظار مولانا ليعلمنا، وربنا يسعده في الدنيا والآخرة، مولانا الإمام إذا كان ثمة تعليق على هذه
المداخلات، ربنا يفتح عليهم وينوِّر قلوب المسلمين ويعلمهم، لأن بالعلم وحده تُبنى الحضارات وتتقدم الأمم. مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، رضي الله عنكم وشكر الله لكم دائماً مولانا، شكراً لكم، دمتم في رعاية الله وأمنه إلى اللقاء.
اشتركوا في