والله أعلم| الدكتور علي جمعة يرد على اتهام التراث والمذاهب بنشر الفكر المتطرف| الحلقة الكاملة

أهلاً بحضراتكم وأحييكم بتحية الإسلام، وتحية الإسلام هي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وهذا هو نبينا وسيدنا صلى الله عليه وسلم يطلق هذه الكلمات الشريفة من فمه الشريف: "أفشوا السلام بينكم". هذا هو السلام الذي يحتاجه العالم على المستوى النفسي وعلى مستويات مختلفة ومتنوعة. أهلاً بكم في "والله أعلم". نسعى دائماً بصحبة صاحب الفضيلة مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة لنناقش معه الكثير من التساؤلات حول التراث الفقهي.
ويرى البعض من أصوات متنوعة ومختلفة أن التراث الفقهي هو الذي يورث أو يؤسس أو يكرس للعقلية المتطرفة. مولانا الإمام أهلاً بفضيلتكم، أهلاً وسهلاً بكم. يعني إذا كان البعض يضع يده... ويطلق لسانه على الكثير من الاتهامات حول تراثنا الفقهي، فهل بالفعل يوجد في تراثنا الفقهي ما يدعو أو ما يؤسس لهذه العقلية المتطرفة؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. تراثنا الفقهي في غاية الاتساع زماناً ومكاناً وتنوعاً. في اختلاف المدارس والمشارب يجب علينا أن نحدد ما المقصود بتراثنا الفقهي، فهذه
الهجمات الشرسة الغبية الجاهلة التي تتخذ الكذب طريقاً من أجل الوصول إلى قناعات مزيفة، هذه الطريقة الغبية في الحقيقة لا علاقة لها بواقع التراث الإسلامي. يجب علينا أن ندرك مصادر هذا التراث، فمصادر التراث الإسلامي تمثلت أساساً... في أنْ جَعَلَ المسلمون كتابَ الله وسنةَ نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم محوراً لحضارتهم. ومعنى كلمة محور أنَّ من هذا المحور الانطلاق، ومن هذا وبهذا المحور التقويم،
ولهذا المحور الخدمة. والعلوم نشأت من أجل خدمة هذا المحور، من أجل الالتفاف حول هذا المحور، من أجل الانطلاق من هذا المحور. وكذلك من أجل تقويم أي أفكار جديدة أو واقع معيش بهذا المحور، هذا معنى محورية الكتاب. كل حضارة نشأت في الأرض كان لها محور، ومحور حضارة المسلمين كان النص من كتاب ومن سنة. هذه الحقيقة البسيطة يذكرها سيدنا أبو هريرة عندما جاء أحدهم وقالوا إن تراث محمد يوزَّع بالمسجد فذهبت.
الصحابة يجرون تراث محمد الذي هو ماذا؟ فوجدوا دروس قرآن فيه. هذا هو التراث. والتراث كلمة آتية من الوراث، وجاء يقول لك وجاء تجاه الواو، تتقلب تاء. وراث انقلبت التاء فأصبحت تراث. فكلمة تراث هذه نبحث عنها في "وارثة" وليس في "ترثة"، فلا يوجد شيء اسمه "ترثة". فالواو انقلبت تاء عندما تصدرت البداية. الكلام وجاه أو وجاه تجاه أصبح اتجاه، وراث أصبحت تراث، الميراث والتراث والوراثة هذه إنما تكون بالنقل الصحيح وبالملكية لهذا الشيء.
تراث محمد هو القرآن وهو السنة، ومن أجل هذا وفق الله المسلمين لجعل هذا الكتاب والسنة اللذان هما النص محوراً للحضارة. هناك فارق كبير بين النص فيما هو ألفاظ. وتراكيب منقولة في لغة معينة وهي لغة العرب وبين فهم النص، وبدأ المسلمون في دراسة هذه الظاهرة، الفرق بين النص وبين فهم النص، فوجدوا وسألوا أنفسهم ما الحجة، السؤال الأول هكذا ما الحجة؟ فقالوا الحجة هو
كتاب الله، قالوا فقط. فذهبوا إلى كتاب الله لكي يروا الحجة في الكتاب فقط. الحجة التي هي الدليل يا مولانا، الحجة هي المصدر. المصدر الحجة هي من أين نجيب على الأسئلة، من أين نأخذ الأحكام، من أين نعلم رضا الله سبحانه وتعالى. نعم، فوجدوا الكتاب يقول: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"، ووجدوه يقول: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة". وجدوه يقول: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله"، ووجدوه وجدها يقول: "قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول"، ووجدوه يقول: قالوا إن الله ربنا يأمرنا
أن نأخذ بهذه السنة، فأصبحت السنة بإجماع المسلمين حجة، وأصبح هذا هو -إذا صح التعبير- الفلتر الأول للفهوم المخالفة للدين، هو يريد أن يفهم. لكن يريد أن يفهمه بعيداً عن السنة فلن ينفع ذلك، يعني ما شكل هذا الفهم؟ سيكتفي باللغة ويأتي ليقول لك: طيب أنا سأكتفي بالقرآن مع اللغة. قلت له: حسناً، ماذا ستفعل إذن؟ أنت هكذا ستصل إلى أشياء غريبة عجيبة لا يعرفها المسلمون. قال: أنا أريد أن أفعل ذلك. قلنا له: لا، هذا... هذا ليس تفلتاً، هذا علم. إنه تقيد بمحددات واضحة. الحديث
النبوي هو حجة السنة، هذا أول محدد. ثاني محدد هو اللغة العربية. ثالث محدد هو إجماع الأمة. رابع محدد هو طريقة الإلحاق المسماة بالقياس. خامس محدد هو دلالات الألفاظ والتراكيب. سابع محدد هو تحقيق المصالح والمقاصد والمآلات. ثامن محدد وهكذا... هناك محددات واضحة ومحددة تجعل أي... فهماً للتراث مخالفٌ لهذه المحددات يكون فهماً منحرفاً، بدون هذه المحددات سيكون الفهم منحرفاً، سيكون الفهم منحرفاً. السؤال: هل حدث في التاريخ الإسلامي انحراف؟ الإجابة: نعم،
حدث انحراف. هل ما زال يحدث بشدة أكثر من الأول؟ أكثر من الأول. هذه أول مصيبة يفعلونها أنهم يقدحون في المصادر فيشككون في السنة، ثم... يشككون في اللغة ثم يشككون أو ينكرون الإجماع ثم بعد ذلك يشككون في قضايا المقاصد والمصادر التي هي المحددات، فيهدمون المحددات، ثم بعد ذلك يشككون في حملة هذا العلم، ثم بعد ذلك ينكرون أنه علم بل يدّعون أنه مجرد سلوك، ثم بعد ذلك لا يدركون الواقع، ثم بعد ذلك يطبقون تطبيقاً سيئاً. للواقع ثم بعد ذلك يهجمون على القرآن. في النهاية، الأمر الذي لا ينتبه إليه الناس أنهم سيهاجمون القرآن بالباطل، وسيقول أحدهم بعدما
هدموا كل هذا الهدم: "إن القرآن متناقض"، ويأتي بأي شيء في أي شيء، ويتكلم بما لم ينزل الله به من سلطان، لأنه كاره. الناس قبل ذلك في التفكير المستقيم كَرِهَ الناس قبل ذلك في الوعي المؤسس عليه السعي كَرِهَ الناس قبل ذلك في إدراك الواقع كَرِهَ الناس قبل ذلك في مجهودات أُناسٍ اتقوا الله سبحانه وتعالى قاموا الليل وصاموا النهار وأخلصوا في تحصيل العلم ونقله وأرادوا أن يضعوا قواعد وقلوبهم مليئة بالخوف من الله والرغبة فيما عنده، وهؤلاء قد رغبوا فيما سواه. مجالسهم فيها مجالس خمر، وبعد
ذلك نقول لهم، فيقولون لك: "حرية شخصية" أو "أنت ما شأنك" أو "أنت تدخلت بيني وبين ربي"، إلى آخر هذه الضجة التي نعيش فيها. عبر التاريخ، هل كانت هناك مفاهيم منحرفة خارجة عن تلك المحددات؟ نعم، كان. في وهؤلاء يذهبون يتصيدون كلمة هنا أو سطراً هناك أو نصف سطر في كتاب ويريدون أن يقيموا الدنيا ولا يقعدوها من هذه الفهوم التي رد عليها والتي ذهب زمنها والتي راح ناسها والتي انتهينا منها والتي لم تُبنَ عليها الحضارة الإسلامية لأن الحضارة الإسلامية بُنيت على محور وهو النص ووضعت قواعد لفهم النص، وهؤلاء
الذين يذهبون فيأتون بكلمة من هنا وكلمة من هناك بطريقة تضحك منها الثكلى وتسقط منها الحامل ويشيب منها الأقرع، هؤلاء الناس يهدمون ولا يبنون، وهؤلاء الناس أصحاب جهالة واسعة. العلماء في بعض الأحيان لا يعرفون من أين يردون لأنها جهالة طبقات بعضها فوق بعض، ويتصور البعض. أنهم يعني انتصروا أو فازوا على العلماء. نعم، يعني لم يجدها، أي لم يجد التائهة وهي ليست تائهة ولم تكن تائهة، ولا أصلاً رجعت ولا شيء ارتدته ولا شيء. بل هي أصلاً كانت في البيت وليس هناك أي شيء من هذا القبيل وهكذا. أنا أريد فقط أن نضع للناس المحددات، نقول القرآن. النص الشريف من القرآن والسنة هو محور حضارة المسلمين،
منه ينطلقون وإليه يرجعون، وله الخدمة وبه التقويم. يحفظه هكذا. إنه ثانٍ مولانا، نعم ثانٍ، ثانٍ لأن محور الحضارة الإسلامية هو النص، النص منه ننطلق، نعم، وله الخدمة وبه التقويم، يكون المسار وله المرجعية. حسناً، ننطلق منه ونرجع إليه وبه. التقويم ونقوم به نعم ونخدمه، ها هي الحضارة الإسلامية بُنيت على ذلك ابتداءً من النحو والصرف وعلوم اللغة وانتهاءً بالطب والهندسة والفلك وغيرها إلى آخره. يعني هم خدموا هذا لأنهم اعتبروا هذا كتاب الله المسطور وهذا كتاب الله المنظور، وقرأوا القراءتين: قراءة
في كتاب الله المنظور الكون وقراءة في كتاب الله. الله المسطور الوحي من كتاب وسنة، فوضعوا محددات، هذه المحددات منها حجة السنة، ومنها حجة الإجماع، ومنها طريقة القياس الدقيقة التي وضعوها، ومنها الفهم للمفردات وللتراكيب وللسياق وللسباق وللعموم وللخصوص وللإجمال وللتفصيل وللبيان والإطلاق والتقييد. الفهم أسس الفهم، وأيضاً إدراك الواقع، وأيضاً كيفية الوصل بين هذا وذاك عن طريق المقاصد. الشرعية المرعية عن طريق الممارس وعن طريق المصالح وعن طريق المآلات وعن طريق الالتزام
بهذه المحددات، كل هذا جعل الفهم سليماً وواعياً راعى الزمان وراعى المكان وراعى الأشخاص وراعى الأحوال. أصبح عندنا تراث يبين لنا في مناهجه المرونة، ويبين لنا في مناهجه، ونقف مع مناهجه ولا نقف عند مسائله، ونكمل. في هذه المناهج، ولا نقف عند زمان أو مكان أو شخص أو غير ذلك من الأمور المحددة، وهذه طريقة التعامل مع التراث: كل الاحترام والتقدير، كل الاستفادة، كل التطبيق بعد ذلك، وبعد أن نراعي ما أمرنا به التراث. فضيلة مولانا أجاب على السؤال الذي لم أطرحه، ولكنني سأطلب من فضيلته التوضيح أكثر. وأكثر ما تقولون لنا دائماً كلمة مهمة جداً: المنهجية. يعني
البعض يقول: طيب لماذا هذا السطر الذي يمكن أن يأتي شخص ويضع يده عليه؟ لماذا هذه الكلمة موجودة في التراث؟ ولماذا لم يتم حذف هذه السطور وهذه المسألة التي تم فهمها بشكل خاطئ، ولكن كان الذي أفتى فيها... عالِمُ العلماءِ المعتبَرين، لماذا، لماذا جاءت كل هذه المسائل في هذه الكتب ونتوارث هذه الكتب في إطار ما نسميه بالتراث؟ لأننا أمة أمينة، نعم، هذه هي النقطة. نحن لسنا دجالين ولا لصوصاً ولا محرفين ولا مغيرين ومبدلين، نحن أمة أمينة، والأمة الأمينة منهاجها العلم وليس التبديل والتغيير. عندما حججت بيت... الله الحرام ونحن في القرن العشرين، وكان ذلك في سنة ألف وتسعمائة ستة وسبعين، فوجدت أناساً من
قبائل إفريقية موغلة في البدائية كأنهم يرقصون رقصة معينة حول الكعبة وهم يطوفون، وبدأت في البحث عما هذا، فقالوا: هذه رقصة الجوجو. قلت: وما الجوجو؟ قالوا: صنم يُعبد في هذه البلاد وهؤلاء. يقلدون هذا الحال عند الكعبة لأنهم فهموا أن هذا بيت الله فيكون ربنا بداخله، إذ ليس من المعقول أن يكون لديه بيت ويسكن خارجه مستأجراً. هكذا هو تصورهم، هكذا تصورهم، واختلاطهم مع الوثنيين مع قلة التعليم وندرة العلماء جعل هذا التصور تصوراً عامياً ساذجاً سوقياً شائعاً. ماذا
نفعل بهؤلاء؟ هذا الكلام كمثال لشخص يخرج ويقول لنا: "ما فائدة أنه مادامت الكعبة تُبنى عند خمسة عشر شخصاً هكذا من القبائل، فلماذا لا تهدمونها وتلغون الحج؟" آه، إنه رجل أحمق الذي يقول هذا الكلام، إننا نشيد بهذه العبارة وأمثالها. الحقيقة يعني فيه حماقة وليس فيه علم. لا، هؤلاء نأتي بهم ونعلمهم. ونفهمهم ونقول لهم إنه هذا بيت الله (مضاف ومضاف إليه)، أضيفت كلمة البيت لله تعظيمًا لأنه تُستجاب الدعوات في هذا المكان، والله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء، والله سبحانه وتعالى منزّه عن هذه الأكوان وعن الحلول فيها والاتحاد، وأنتم لا
تلتبسوا الأمور ولا تعقدوا تشابهًا بينكم وبين جوجو ولا بيننا شيء، ونعلمهم. ونعلمهم هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال له الأعراب اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، شجرة كانوا يصعدون عليها النياشين والأنواط وما شابه ذلك ويعبدونها ويقدسونها، فقالوا له: يا رسول الله، ألا تجعل لنا واحدة جميلة مثل هذه نعبدها أيضاً ونقدسها ونسجد لها، فقال: سألتموني كما سألت. قال بنو إسرائيل لموسى: "اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة". فقال لهم: "لا إله إلا الله"، وعلَّمهم أنه لا شريك له، وأمرهم: "اعبدوا الله". هؤلاء كانوا حديثي عهد بالإسلام، فخطر في أذهانهم أن الشجرة جميلة هكذا ومزينة هكذا، وأنه - يعني -
ما المانع أن نصنع واحدة مثلها. إنهم يريدون هذه المحاكاة التي يسمونها في التسويق "تأثير العرض التوضيحي". يعني أثر المحاكاة، فأثر المحاكاة يلعب في المغنط ويصنع طبيعة البيئة الخاصة به. ذهب معلمهم، ليس ذهب مثلاً ليضربهم أو يعاقبهم أو حتى يفعل أي شيء أبداً. سألتموني كما سألت بنو إسرائيل، علموا السيدة تضرب هكذا وهي فرحة في يوم العيد على الطار وجلست تغني. فالنبي داخلٌ البيت، فأولَ ما رأتْهُ - يعني أنت ترى النبي داخلاً، يعني شيء تقشعر له الأبدان - وكانوا يهابونه ويعظمونه
ويحترمونه ويحبونه، فقالت: "وإنَّ لنا نبياً يعلم ما في الغد". هو سمعها من الخارج. ليس فيها هذه العبارة. فلما رأته تريد ماذا، يعني تعطيه شيئاً خاصاً هكذا، هو يحييها. تحييه هكذا فذهبت مخطئة هذا الخطأ وأن لنا نبياً يعلم ما في غدي، فقال: "ويحكِ يا امرأة، إن الله علام الغيوب، خوضي فيما كنت فيه تخوضين، ابقي فيما أنت فيه، ابقي في الأغنية التي كنت تغنينها، ما بها؟ ليست هناك داعٍ للتحية الزائدة عن اللزوم هذه، إنها أمر لطيف". خفيفة في أمانة الله، نحن منهجنا التعليم وليس منهجنا التحريف والتغيير والتبديل لأننا أمة أمينة. دعاء لا قضاء، وهذا هو الفهم الحقيقي لعلمائنا الربانيين، فهم
من الورثة المحمديين. فاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم مولانا الإمام، اسمح لي أن أقف عند بعض الأمور التي نراها أحياناً في بعض من... يدّعون أنهم يتحدثون باسم الإسلام عن سبي النساء، ويجعلون أطرافاً أخرى تقول إن سبي النساء جاء من خلال فتوى علماء أفتوا بها عبر التاريخ. الواقع كان هكذا، القانون الدولي كان هكذا، كل قانون حاكم للبشرية من مشرقها إلى مغربها كان يقر نظاماً - والعياذ بالله تعالى - كان اسمه نظام الرق عندما جاء الإسلام ونظّم هذا النظام وقلل من موارده، فجعل الوارد
قليل المنابع بدرجة أن أبا حنيفة كان يريد جارية فبحث عنها بالشروط الشرعية عشرين سنة حتى وجد واحدة. فكان الدين عندما جاء ضيّق المنابع ووسّع كثيراً المصارف، وظل هذا الأمر إلى أن اتفقت البشرية كلها بما... فيها المسلمون على إنهاء هذا النظام السيئ الذي يرى الشرع غائباً، لكن كوني أتيت والبيوت مليئة بمثل هذا، ونفسية العبيد في هذا الزمان كانت تتحدث: "يا جماعة، أأنتم ستتركوننا؟ مع من سنكون؟ نحن نحب أن نكون عبيداً"، وتحدث عنها الجاحظ - نفسية العبيد
هذه، نفسية العبيد. لا تريد أن يواجه ولا تريد أن يتحمل مسؤولية ولا مسؤولية نفسه، فالوضع اختلف، ولذلك فإن الأذى الذي يتسبب به هؤلاء وهم يقرؤون فلا يفهمون أنهم يخلطون بين مسائل الفقه وبين مناهج الفقه، ولو حللنا في أذهانهم هذا الإشكال لعرفوا مدى خطئهم. ما الفرق يا مولانا بين المسائل؟ نعم، والمناهج؟ الفقهاء لهم مناهج رائقة فائقة سابقة. ولكن المسائل مرتبطة بأزمانها، مرتبطة بأهدافها، مرتبطة بمصالحها، مرتبطة بارتكاب أخف الضررين.
فعندما يجد أمامه أن دولة الإسلام تُضرب من كل جهة، فإنه يأمر بالدفاع عن النفس. فالمشركون واليهود ضربونا، وبعدهم الرومان والفرس ضربونا، وبعدهم الصليبيون والتتر ضربونا، وبعدهم الحركة الاستعمارية ضربتنا، ونحن ليس لدينا عداء مع أحد إطلاقاً. نحن لم نبدِ أي عداء تجاه أحد، نحن لم نفعل شيئاً على الإطلاق، لا استعمرنا بلاداً، ولا أبدنا شعوباً، ولا أهنّا امرأة، ولا نقلنا الثروات إلى الحجاز حتى تصير جنات. ظلت
الحجاز أفقر بلاد الله إلى أن ظهر البترول سنة ألف وتسعمائة واثني عشر. نحن ليس لدينا تفرقة عنصرية. أكثر من ألف سنة، حكامنا كانوا عبيدنا، والقليل منهم من يقول لك سبي وليس سبي، وهكذا لفترة ألف سنة منذ زمن الإخشيد ومنذ زمن ابن طولون - لا أعلم إن كان عبداً أم ماذا - حتى مراد باشا وإبراهيم باشا، وإلى أن دخلنا في المعاهدة عام ألف وثمانمائة واثنين وخمسين وانتهت الحكاية. الرق لكن ألف سنة هؤلاء كانوا حكامنا. أنا أريد أن أفهم يعني أي مخ أو أي عقل يترك كل هذه الحقائق الصارخة التي هي حقائق معيشة، يعني ليست نهائية،
ويقول الفقه الإسلامي فيه سبي ولذلك هو هذا سبب داعش. نعم، منتشرون ما تفعله داعش والجماعات المتطرفة يعني من سبي النساء وقتل. النساء لا، هذا عبارة عن فهم للنص دون إدراك للواقع، فيكون هذا تطبيقاً لآية، تطبيقاً للمسائل دون المناهج. ولو طبّق داعش المناهج دون المسائل لاستقامت الأمور، ولتحققت المصلحة، وتحققت المقاصد، وروعيت المآلات، وكان الوعي قبل مسائله إلى آخره. هذا ما يحدث في المسائل وفي المناهج. حضرتك اتبع المناهج وسوف ترى. من ضمن المناهج تقول لك إنه لا بد من إدراك الواقع، ولابد من إدراك النص، ولابد من إدراك كيفية الوصل بينهما. يعني أنا عندما أطبق
الشريعة أحتاج إلى ثلاثة أمور: الأمر الأول فهم النص، والأمر الثاني فهم الواقع، والأمر الثالث كيفية تطبيق هذا المطلق على ذلك النسبي. لكن هذه السهولة التي... ماضٍ فيها تنظيم داعش، وهذا من الجهل وليس من العلم، وذلك لأنهم خلطوا بين المسائل والمناهج. فجاء صاحبنا هذا الذي يتحدث ووقف مع داعش، أتعلم لماذا؟ لأنه لم يفرق هو أيضاً بين المسائل والمناهج. لو كان هذا فهم، لكان قال لداعش: "يا داعش، أنت أخطأت، وخطؤك هو عدم التفريق بين..." المسائل والمناهج لكنه ذهب إلى هذه الآية: "الفقه الإسلامي هو الذي أخطأ لأن فيه مسائل". حسناً، من الطبيعي أن تكون هناك مسائل خاصة بواقعه ومختلف فيها. لا، حتى لو
كان متفقاً عليها في وقتها. نعم، ليس بالضرورة أن تكون مختلفاً فيها. حسناً بالطبع، لأن مسألة الرق هذه كانت متفقاً عليها. عليها ولكن عندما اتُفق عليها حينئذٍ اتُفق عليها كجزء من القانون الدولي من النظام العام العالمي، ولذلك هؤلاء الناس في الحقيقة يتكلمون بما لا يعلمون ولا يفهمون. فهذا الكلام الكثير هو تصديق لقول النبي صلى الله عليه وسلم عند تقارب الزمان ويفشو الكذب، هذا كذب، يفشو الكذب وينتشر. بين الناس حتى يصدقوا فيقولون الأولى أو معهم عقولهم يومئذ يا رسول الله، وهل هناك أحد يُخيَّل إليه هكذا؟ قال: نعم، يومئذ يسلب الله عقول أهل هذا
الزمان، وهو الذي نحن فيه الآن. يكذب ويستمر في الكذب وهو نفسه لا يعرف ماذا يقول، وفي النهاية بعض الناس -يا حسرة عليهم- ينبهرون أو يتبعونه. وراء هذه الحكاية إلى آخره، يعني عندما يسمع الآخر أنه لو فتحنا أوروبا سيكون لدينا سوق للنخاسة، وهذه الكلمات التي لا ترتبط بالإسلام بشكل بسيط، ولكنها ترتبط بالإسلام بشكل أكبر. انظر يا سيد حسن، وليستمع المستمعون، نحن أشد الأقوام - الجيش المصري والمنطقة الإسلامية والعربية - قد واجهنا داعش وفكر داعش وتصدينا لهما. بالسلاح قوّمناها وبالأفكار قوّمناها، حتى في حياتنا قوّمناها بكل طريقة. الحقيقة أن الذي أراد أن يستغل داعش ليس نحن
بل جهات معروفة مفهومة تنبئ عن أحوالها كل حين. فنحن - والحمد لله - قوّمنا هذا البلاء ولم يقف معنا الناس مواقف قوية. فكر داعش هو فكر منحرف لأنه خلط بين المسائل والمناهج. وذلك لأنه خلط بين النص ومفهوم النص، ولأنه اشتغل بمفهوم النص دون محددات، ولأنه لم يدرك الواقع ولا المآلات ولا المقاصد ولا المصالح، ولأنه فقد كيفية التطبيق بين المطلق والنسبي، ولأنه أفسد في الأرض ولم يعمرها كما أمرنا الله سبحانه وتعالى فكراً وعملاً وقوةً وحرباً، فنحن الذين دفعنا الفاتورة
كلها. لهؤلاء الناس، وأول من قتلوا قتلوا رؤساءنا وضربوا جيشنا واستشهد من أبنائنا من استشهد، وكل ذلك لمقاومة هذا البلاء والفكر المنحرف الذي تبين للعالمين الآن أنه أشد من مرض السرطان في جسم الإنسان. مولانا الإمام، إذا فهمنا هذه المنهجية وليس الوقوف عند المسائل، نفهم أكثر وأكثر أن الإسلام صالح ومصلح. لكل زمان ومكان وليس لفترة ما أو لزمن ما نحن سعداء به. نحن نحيا حياة سعيدة بالإسلام فرحين به. زمن فضيلتك هذا متواصل، نحن فرحون به وفرحون بما منّ الله علينا به من نعم، وهذه الفرحة يشعر بها من عاش في بلاد غير المسلمين. الآن المسائل أصبحت غاية.
في التربية الحيوانية من نواحي التفلت ومن نواحي تغييب العقل ومن نواحي تشييء الإنسان وتحويله إلى شيء ومن نواحي استغلال المرأة تحت عنوان الحرية ومن نواحي الاستخفاف بالإنسانية والاستخفاف بحقوق الإنسان والخلط في ذلك كله، فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، الإسلام كان ولا يزال وسيبقى إن شاء الله هو. المنجى والملجأ لكل البشرية أن تلجأ إليه إذا أرادت أن تعود إلى وعيها أو تعود إلى هويتها وأمنها. دائماً أيضاً يقفون عند مصطلح الخلافة، وأن الخلافة حينما انتهت تحولت إلى جماعات تحاول أن تؤدي نفس الدور وتزعم أنها سوف تصل
إلى هذا المفهوم. نحن كما قلنا النص. هو محور حضارتنا، فإذا جاء ورأينا أن الخلافة قد انتهت في سبتمبر سنة ألف وتسع مئة وأربعة وعشرين على يد كمال أتاتورك عندما أخرج تركيا من العالم الإسلامي، فذهبت آخر خلافة للمسلمين في الأرض وهي خلافة الدولة العثمانية. عندما نفعل ذلك نذهب مباشرة إلى رسول الله ونذهب إلى القرآن. لأن محور النص هو المرجع، فحينما ذهبنا إلى رسول الله قال: "فإن كان في الأرض إمام فالزم الإمام ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك، فإن لم يكن في الأرض إمام فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن يأتيك الموت
وأنت تعض على جذع نخلة مؤمناً بالله واليوم الآخر" ووجدنا فيما هذا... البخاري في أحمد: "فإن كان في الأرض خليفة فالزم الخليفة ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك، وإن لم يكن في الأرض خليفة فالهرب الهرب". فلما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما نصحنا بهذه الحالة الفريدة التي لم يمر بها العالم الإسلامي من قبل، فمنذ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن انتقل إلى الرفيق الأعلى تولى أبو بكر الخلافة وتولى قادة المسلمين الخلافة إلى محمد رشاد الذي أطاح به كمال أتاتورك ألف وتسعمائة وأربعة وعشرين، حالة فريدة أن يكون ليس هناك خليفة. فماذا قال لنا
رسول الله؟ قال لنا: فالهرب الهرب. لم يقل: كونوا سنة ثمانية. وجماعة الإخوان المنحلة الفاسقة لم تقل لنا هكذا. خالفوه ورأوا في أنفسهم حولاً وقوة، فلم يمكنهم الله. والله سبحانه وتعالى يمكن لعباده المؤمنين، لكنه لم يمكن للإخوان. لماذا؟ لأنهم أرادوا الملك، والله هو الذي يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء كما جاء في نص القرآن الكريم. قالوا أبداً وبدأوا. في مسائل التراث لا مناهج التراث، رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصف وصفاً دقيقاً من عدم الخلافة، وحينئذ نرفع أيدينا ونتركها لله، فالله سبحانه وتعالى هو الذي ينشر الإسلام.
أتعرف السنة التي كانت الدنمارك تشتم فيها سيدنا؟ اعتنق ستة وخمسون شخصاً الإسلام بعد هذه الحادثة في الأزهر. هذه السنة فقط من أجل الإسلام، أوروبا ضارها النافع، لا هم هم، لا علاقة لهم بهذا، هذا فعل الله، الله. فقد كنا نسير بشكل جيد جداً حتى الحادي عشر من سبتمبر، فهجم علينا العالم بهذه الطريقة الغبية التي تتصور الواقع على غير حقيقته. كم من المليارات أُنفقت في داعش هذه ولا. فيما حدث في العراق أو سوريا أو السودان أو ليبيا أو اليمن الآن، كم من المليارات أُنفقت، وكلها من أجل هذه الفتن، وكلها بين المسلمين والمسلمين. وهذا يكون إذا نحن نذهب إلى رسول الله، ماذا قال رسول
الله؟ قال عندما لا تجد الخليفة: الهرب الهرب. حسناً، وعندما لا تجد الخليفة؟ وتجد الإمام فعليك بالإمام، حسناً، لنفترض أن الإمام نفسه لم يعد موجوداً، فعليك أن تعتزل إذاً، انتهى الأمر. هذه هي السنة وهذه هي مرجعية النص. لم يقل لي أن أصنع داعش، أو أحارب، أو أجمع، أو أسوي، أو أُرجِع الخلافة، أو أفرض، أو أعرف. لو كان قال ذلك لوفقنا الله من أقرب طريق، لكنه لم يقل، إنما قال لنا شيئاً فعصاه هؤلاء. الأوباش خالفوا سُنّة نبيهم وخرجوا عن الحكم الشرعي، إذاً نحن كما
يشير مولانا الإمام بين أعداء وأدعياء، ونصطلي نحن بنارهم. [فاصل] ونعود إليكم، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم مولانا الإمام. أيضاً يعني في بعض المشاهد في تاريخنا ويقفون عند هذه المشاهد من خلافات حصلت بين المسلمين والمسلمين على أن... هذه المسائل والخلافات كانت صراعات، ولماذا تحدث هذه الصراعات في التاريخ الإسلامي ما دام الإسلام جاء ليهذب هذه الشخصية ويبني هذه الشخصية؟ واعتبروا هذه الخلافات من صور الإرهاب ومن الصور التي تورط التطرف. الإسلام جاء كنموذج وككلمة نهائية، والإسلام ليس مأخوذًا من تصرفات أحد، الإسلام جاء في الكتاب والسنة، ولما... جعل المسلمون الكتاب والسنة المحور ولم تكن لهم علاقة بالأحداث المتتالية
لأن هذا الملك أو هذا السلطان أو هذا الحاكم أو هذا الوالي أو هذا الأمير أو نحو ذلك أصلاً لم يكن يعلم الإسلام علماً كعلم المجتهدين الذين علموا الإسلام. علم المجتهدين كانوا كباراً: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وهؤلاء. فهموا فهماً عميقاً ما الذي يحدث وضرب الله لنا بهم المثل. فسيدنا أبو بكر وسيدنا عمر مثلاً قتله مجوسي، وهذا قدر. فما الذي صنعه المسلمون من أجل هذا القتل أو نحو ذلك؟ حكم وصدر عليه
حكم قضاء وما إلى ذلك، وتولى من بعده بطريقة تنظيمية دستورية، فتولى عثمان بالرغم من أن... عليٌّ كان أكثر من وَرَدَ فيه فضائلُ عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وعثمانُ عندما يُقتَل من الخوارج فهذا مثالٌ لنا كيف نتعامل مع داعش ومع غير داعش، وعليٌّ عندما يقتل من الخوارج فهذا مثالٌ لنا على ما يحدث، هل نتبنى أهل الثقة أو نتبنى أهل الخبرة. هل نصدر المسائل الشخصية أم نصدر المصالح المرعية؟ هناك أشياء كثيرة جداً للاستفادة لمن أراد أن يستفيد، أما من أراد أن
يتكلم ويهرف بما لا يعرف فهذا شأنه مع نفسه. أما التاريخ الإسلامي فقد بُني على محور لم تكن منه تصرفات الناس سواء صحت أم أخطأت، لأنه وبه التقويم هم ليسوا... أهل للتقويم أنهم يقولون هذا عمل سيء وكان هناك صراعات وكان هناك معارك وكان هناك قتل. لا إننا لا ندعو إلى يوتوبيا، هذه الصراعات ليست مثالية أبداً. هذه الصراعات موجودة في العالم كله، موجودة في إمبراطورية الصين كما أنها موجودة في أمريكا، موجودة في إسبانيا عند فرديناندو وموجودة في... جنوب أفريقيا تشهد صراعات دائمة بين المصالح والمبادئ، وهي موجودة عند المسلمين أيضاً. فهي موجودة لأننا بشر،
وليس لأننا مسلمون أو غير مسلمين، وهي موجودة لأن هذا هو جريان الحياة. ولكن الإسلام شيء يُقوَّم به أي فعل من هذه الأفعال مثل القتل، ومثل انتهاك حقوق الإنسان، ومثل الظلم أو مثل العدل، قوِّموا. عندما يأتي الإسلام ويقول لك: "ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا، اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى"، فهذا هو الأساس الذي أقوم به. أما كون الحاكم أصبح عادلاً أو ظالماً فهذه قضية ترجع إلى مسألة أخرى، ولذلك ظل الفقه، وظل الإمام النووي وهو ينتقد الظاهر بيبرس، الحاكم المنتصر الذي دفع. عن الإسلام وصدّ التتار صداً شديداً، فيؤنبه الإمام
النووي حتى قال بيبرس عندما قال: "أحضِروا لي هذا الرجل لأرى ماذا نفعل به". فذهب إليه الإمام النووي، فقالوا: "تفضل يا مولانا مع السلامة". فقالوا له: "والله ما أنت كما تقول أحضِرْه لنجلده أو نضربه أو نفعل به كذا". قال: "والله..." رأيتُ فوق رأسي جملًا ضخمًا يكاد يبتلعني. كانت هذه القصص منفصلة هكذا فقط يعني من أجل تلك الكرامات وما شابه ذلك. لا، لأن محوره كان النص ولم يكن فعل بيبرس، ولم يكن في انتصاره على التتار وهو أمر طيب، أو في ظلمه للناس والضرائب والمكوس التي كان يفرضها عليهم وهو أمر ينافي. العدل لأنه كان يجمع هذه المكوس لنفسه لكي
يشتري جواري وعبيداً ويبني قصوراً، ليس للدولة. هذا ليس كالدولة الحديثة التي تأخذ الضرائب وتوجهها للتعليم والصحة والمرافق وغيرها. لم تكن كذلك، فهذه دولة حديثة، هي دولة عمر بن الخطاب. إذاً فأنا أمام تاريخ جعل النص محوراً له. ولم يجعل الأحداث حضرته، ذهب تاركًا لي النص، ولماذا ذهب؟ وذهب لي بالأحداث، لماذا يقدح في المسرح؟ هل عنده أزمة مع الإسلام؟ طبعًا، وليس مع المسلمين، لا، لا، لا، مع الإسلام، مع الإسلام، إنه في أزمة مع الله، هو لا يريد التكليف، هو يريد أن يذهب ويشرب الخمر، يريد. أنه لا يترك أنثى إلا وتحرش بها، يريد أن يعيش حياته كما يشاء، يريد أن يكون منطلقاً حراً، لكنك
تقول له افعل ولا تفعل، وافعل ولا تفعل، وهذا شيء مؤلم بالنسبة إليه وشيء مقيِّد بالنسبة إليه، وهو لا يرضى بهذا التقييد، فالمشكلة بينه وبين الله ليست... بينه لا بينه وبين الإسلام ولا بينه وبين المسلمين، هذه المشاكل بينه وبين الله. ومن هنا وحتى يطمئن ويرى، فلا بد أنه يقول إذاً فالمسلمون على خطأ. حسناً، المسلمون على خطأ، قوم مصرون على أخطائهم، إذن الإسلام على خطأ. حسناً، الإسلام على خطأ، وهكذا يكون إذاً لا يوجد رب. وهكذا أسطورة سخيفة موجودة عبر التاريخ لكنها مكشوفة، فنحن نقول لهم: يا إخواننا هذه مكشوفة، فيقولون لنا: لا، لا أحد يعرف، فهل يوجد من يقرأ؟ والشباب لا يقرؤون. فنحن نحاول لكي نُرضي أنفسنا ولكي
يكون الشباب معنا، ولكي نعيش معاً سواء في جهنم، أن نفعل نفس ما فُعِل. في القرون الماضية كان الأمر هو ذاته، يعيدونه بنفس الطريقة ويحصلون على نفس النتيجة يا مولانا. يعني في نهاية هذه الحلقة تكون النتائج واحدة في كل عصر. محصلة ما يفعلون في كل عصر تكون له مقتضيات تجعل تأثيره مختلفاً. لم تكن هناك وسائل التواصل الاجتماعي ولم تكن الاتصالات والمواصلات والتقنيات حتى عام ألف. وتسع مائة وثلاثين كانت محدودة، لكن بعد ذلك مع هذا الخضم الهائل من التواصل الاجتماعي أصبح هناك أشرس وأخطر وأكثر شيوعاً لأن الذي يسمع هذا لا يسمع ذاك، والذي يتأمل عيناه، ولا يوجد وقت للتفكير والتدبر،
فسبق النشاط الفكرة، وهذه مصيبة كبرى من المصائب التي نبهنا إليها، ولكن صاحب الفضيلة. دائماً يضع كما يضع الأكابر دائماً الوعي قبل السعي. شكر الله لكم مولانا الإمام، سبحان الله وسلم على جميع أعضائه الكبار والعلماء بالأزهر الشريف. نلتقي دائماً على هذا الخير، شكراً لكم، دمتم في رعاية الله وأمنه إلى اللقاء.