والله أعلم| الدكتور علي جمعة يرد على ادعاءات ارتباط الفكر الإرهابي بكتب التراث| الحلقة الكاملة

والله أعلم| الدكتور علي جمعة يرد على ادعاءات ارتباط الفكر الإرهابي بكتب التراث| الحلقة الكاملة - والله أعلم
ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير. أهلاً بكم في "والله أعلم". يتجدد اللقاء دائماً مع صاحب الفضيلة مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة، وعضو هيئة كبار العلماء أبي العزيز الشريف مولانا الإمام. أهلاً بفضيلتكم، أهلاً وسهلاً بكم، مرحباً. اسمحوا لي مولانا، قضية التراث التي تشغل بال الكثيرين وتحديداً حول... المتطرفون الذين يدّعون دائماً أن كل ما يفعلونه موجود في كتب التراث، الباب الذي يُفتح من جانب آخر حول من يشن حرباً شرسة
على التراث بإعلان القطيعة معه. لماذا يُصر المتطرفون دائماً على أن كل ما يفعلونه موجود في التراث وأنهم يستندون إلى هذه النصوص الموجودة في هذه الكتب؟ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه صلى الله عليه وآله. كلمة تراث في اللغة العربية أتت من وارثة، ولذلك هي من الكلمات التي انقلبت فيها الواو تاءً عندما وقعت في أول الكلام، مثل وجه ومنها وجاه فجاء منها تجاه، أي وجه، أي شيء في وجهه شيء، ومنها ورِث، جاء منها تراث. فمعنى التراث أنه شيء قد نُقِل إلينا من الماضي، من قَبل. عندما نذهب
إلى هذا التراث الذي نُقِل إلينا، نجد أن منه نصوصاً مقدسة هي هوية الإسلام، مثل الكتاب والسنة في دين الإسلام، أي الكتاب والسنة. هما مصدر الإسلام وهما التراث المقدس الذي لا يستطيع المسلم أن يكون مسلماً إلا بهما، وهناك فهم لهذه النصوص، هذا الفهم تم من جيل الصحابة وجيل التابعين وجيل تابعي التابعين والأئمة المتبوعين، وبُذِل فيه في نقله وفي فهمه وفي الحفاظ عليه مجهود كبير أظن أنه لم يكن إلا بتوفيق من الله سبحانه وتعالى حيث تعهد
بحفظ المقدس فقال: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"، وأصبح عندنا قسمان في التراث: قسم مقدس وقسم هو فهم لهذا المقدس. هذا الفهم يرتبط بالنسبية لأن من فهم يعيش في زمان، يعيش في سقف معرفي معين، يعيش في نموذج معرفي معين، يعيش في عصر. له أهدافه وأدواته ونظامه العام وقواعده، فهو يفهم النص من خلال هذه المعطيات حتى يحقق الغاية التي توخاها الله من خلق عبادة الله، من عبادة الأرض، من تزكية النفس، من
الحفاظ على النفس البشرية، على العقل الإنساني، على كرامة الإنسان، على دين الإنسان، على ملك الإنسان، ولذلك فهناك ما يسمى بالمقاصد الشرعية وهناك ما يسمى بالمصالح المرعية وهناك ما يسمى بالمآلات المعتبرة ومن خلال كل هذه العناصر استطاع هؤلاء الأكابر بواسطة اللغة وبواسطة العقيدة وبواسطة الفقه وبواسطة هوية الإسلام المنقولة وبواسطة العبادة وبرامج العبادة التي وضعها الأكابر من خلال الكتاب والسنة. طريقنا هذا مقيد بالكتاب والسنة، استطاعوا من مجموع هذه... العلوم ومن هذه الخبرات ومن هذه السقوف المعرفية أن ينتجوا لنا نتاجًا
يسمى بالتراث غير المقدس، وهو عبارة عن عقائد وأفكار وأخلاق صاغها الأولون كالإمام الشافعي وكالإمام مالك وكالإمام أبي حنيفة وكالأوزاعي والطبراني والبخاري ومسلم وغير أولئك كثيرون. عدد الرواة من الصحابة ألف وسبعمائة، ويتراوح عدد الرواة من التابعين ثلاثة. آلاف راوٍ، عدد الرواة من تابعي التابعين ستة آلاف، وعدد الرواة من طبقة الأئمة المتبوعين حوالي عشرة آلاف. المجموع كله الذي في الأسانيد التي عندنا عشرون ألف شخص من هؤلاء، يعني حملوا العلم. "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله"، هذا التراث لما وصل إلينا وقرأناه ودرسناه وجلسنا.
بقواعده اكتشفنا فيه كثيراً من المهمات التي يجب على الجميع أن يلتفت إليها عندما يتلقى العلم من أهله، عندما يتلقى العلم من الراسخين في العلم، عندما يتلقى العلم في معاهد مثل الأزهر الشريف أو الزيتونة أو نحوها من الشرق أو الغرب من مدارس العلم العريقة العميقة. ما هذه الحقيقة؟ أن هناك فارقاً كبيراً بين المقدس لأنه نص لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وبين فهم المقدس الذي يختلف باختلاف الزمان والمكان والأشخاص والأحوال. هناك فرق بين المطلق والنسبي، يتأثر بهذه العوامل الأربعة: اختلاف الزمان يؤدي إلى اختلاف الفهم، واختلاف
المكان يؤدي إلى اختلاف الفهم، واختلاف اختلاف المصالح يؤدي إلى اختلاف الفهم، وكذلك اختلاف أحوال الأشخاص يؤدي إلى اختلاف الفهم، وذلك ابتغاء ماذا؟ ابتغاء أن نحقق مراد الله من هذا الكلام. إذاً هذه الجهات الأربعة التي يجب أن ندركها ما بين المطلق والنسبي. إذاً أنا عندي مقدس وغير مقدس. والحقيقة الثانية، الأمر المهم الثاني هو أن منهما هو مناهج عليا للتفكير يقول لك تحقيق المناط تنقيح المناط يعني عملية تسمى بعملية التجريد ثم عملية الجمع ثم عملية الأشباه والنظائر ثم عملية التقعيد أن نصيّر المسألة قاعدة ويلتفت إلى
ماهية الفكر وكيف نتلقى ثم كيف نفهم ثم كيف نحفظ ثم كيف نسترجع ثم كيف نربط. المعلومات ثم كيف نؤدي ثم كيف الله هذا علم أصبح وهذه علماء لأنه في كل مرحلة من هذه المراحل حذر من الأخطاء التي يمكن أن نقع فيها فيشتبه علينا بين أمور لا يلتفت إليها الإنسان وهو في حالة تفكير سطحي لكنه يلتفت إليها عندما يكون تفكيراً عميقاً لا يلتفت إليها. الإنسان عندما يكون تفكيره مجرداً لكنه يلتفت إليها، والإنسان عندما يكون تفكيره مستنيراً ليس مجرداً فقط وإنما فيه تطبيق، وفيه غاية يسعى
إليها، والغاية هي الله. فأصبح التراث غير المقدس هذا منه مناهج ومنه مسائل. بماذا نأخذ وماذا نترك؟ نترك المسائل لأنها مسائل تتعلق بالزمان، فإذا تغير حولنا ما يقتضي. أن يتغير من المسائل التي غيّرناها وكنا بذلك متبعين للسلف الصالح، وكنا بذلك نعيش حياتهم ولا نقف عند زمانهم. إذاً، المسائل قابلة للتغيير أم لا بد أن تتغير كلها؟ لا أبداً، لأن البشرية لم تتغير كلها. إن الذي تغير عندنا هو برنامج يومي تغيرت ملامحه، فتتغير الأمور بقدر هذا التغير طب
وما الذي غيّر الملامح؟ ثلاثة أشياء: الاتصالات والمواصلات والتقنيات الحديثة. سيدنا عمر وهو يستيقظ من النوم، فإذا ما زالت البشرية تنام وتستيقظ، فاستيقظ مع الفجر، فذهب فتوضأ بالماء. ما زالت البشرية محتاجة إلى الماء إلى الآن في طهاراتها وفي حياتها، وما زال أن الله قد أحوج إلى الماء كل. شيءٌ حيٌّ وبعد ذلك ذهب ليصلي في المسجد، فما زالت الصلاة تُقام في المسجد، هل تلاحظ؟ وما زلنا نبني المساجد، وما زال المؤذن يؤذن في مشارق الأرض ومغاربها من واشنطن إلى طوكيو، لم يحدث شيء. كان عندما يأتي عليه رمضان يصومه، وما زال رمضان يأتي، رمضان لم يذهب، والزمن لم أقول لك هذا الكلام: إنه كان
يحب أن يسافر من مكة إلى المدينة فيستغرق خمسة عشر يوماً، أما اليوم فأنا أسافر من مكة إلى المدينة وأستغرق ثلاث ساعات أو أربع ساعات أو ساعتين عندما تكون بالطائرة، والله أعلم غداً كم سنستطيع أن نقطع المسافة في وقت أقل، لكنها مسافة أربعمائة معروفة منذ ذلك الوقت وهي بأربعمائة كيلومتر، لم يغيروا المسافات، يعني هي أربعمائة كيلومتر في أيام النبي وهي أربعمائة كيلومتر الآن، لكن الآلية المتبعة ما هي؟ أين الزمن؟ الزمن أنني أتذكر عندما أوصلت والدي ووالدتي للحج، وكنا في سنة ألف وتسعمائة واثنين وسبعين، فرجعت إلى بيتنا، كنا في الضواحي ساكنين في الضواحي وهم قد وصلوا إلى جدة فاتصلوا بي وقالوا إنهم اتصلوا بي في البيت فلم يجدوني لأنهم وصلوا
قبلي، فهذا الأمر لم يكن موجوداً في عهد سيدنا عمر. حسناً، وماذا فعلت هذه؟ لا، تغيّر الأمر. كان لدينا مؤرخ عظيم اسمه إلياس الأيوبي ألّف كتاباً اسمه عهد. الخديوي إسماعيل في مجلدين كبيرين، اقرأ ما الذي حدث في عهد الخديوي إسماعيل، تغيير تام في البرنامج اليومي. علينا أن ننتبه لكلمة البرنامج اليومي وما تغير فيه. نعم، الرجل الغني ينام بعد العشاء لأن الكهرباء لم تدخل بعد، وعندما ينام بعد العشاء ويرتاح هكذا، يستيقظ قبل الفجر. قليلاً لكي يصلي قيام الليل ثم يذهب إلى المسجد ليصلي الفجر ثم كذا وكذا وعندما دخلت الكهرباء دخلت معها الأوبرا، فأصبح يسهر حتى الساعة الواحدة والثانية لكي يشاهد أوبرا عايدة في
دار الأوبرا، فأصبح يذهب وأصبح السائق مستيقظاً والحارس مستيقظاً والبواب مستيقظاً والخادم الذي في داخل البيت مستيقظاً لكي قبل أن ينام، فنام واستغرق في النوم ولم يستيقظ لصلاة الفجر، فاستيقظ في أي ساعة؟ استيقظ الساعة الحادية عشرة والنصف. كان في السابق يستيقظ لصلاة الفجر ويتناول قهوته وفطوره وأشياء أخرى. تغير البرنامج اليومي للناس واستمر في التغير حتى وصول الاحتلال الإنجليزي. عندما دخل الاحتلال، أربك لنا الحياة حتى المقاييس هكذا حتى المصيبة التي حدثت من اعتداء المحتل علينا في سنة تسعة عشر، كل هذا غير البرنامج اليوم. وأدرك المسلمون بعد ذلك كيف يتوائمون مع البرنامج الجديد، فرجع الإسلام
كشبابه الأول. سبحان الله! والناس مستغربة: كيف يرجع هكذا؟ يرجع لأنه قادر على البقاء في كل حالة، لأن... المنهج مطلق، ولأننا لا نقف عند المسائل ونتمسك بها، ولذلك فهذا غير المقدس نأخذ منه مناهجه ونترك مسائله. إذًا سنتعرف بعد الفاصل على حقيقة ما يدّعيه المصطلح
أو اختطاف المصطلح واحتلاله واختلاله من خلال فهم ما يسمونه بالسلفية، وأنهم يتبعون السلف، وأن ما جاء من خلال السلف ومن كتب. التراث يشجع على ما يقومون به من أفعال تبدأ بالتكفير وتنتهي بالتفجير والقتل. حسناً، في هذه الحالة كيف نفهم هذا الفهم الخاطئ؟ كيف أصبحت عملية أوضح من الواضحات وأجلى من البينات وذكرناها مراراً وتكراراً؟ الحقيقة أنهم يريدون سحب زمن السلف على زمننا، يريدون أن يمسكوا بالزمن الذي عاش فيه السلف. ويحضرونه هنا، ما الذي يميز زمن السلف؟ لم تكن فيه مواصلات، فهم أصلاً لا يريدون المواصلات ولا التقنيات ولا أي شيء. وكان هناك شخص يؤلف في هذه
الأمور بوضوح، كان اسمه الشيخ حمود التويجري، وهذا الشيخ حمود التويجري كان يُعظّم السلفيين جداً، وكان رجلاً تاجراً وقد درس العلم على... ابن عتيق في نجد وأساسًا أنه حنبلي المذهب ولكن كانت القصة بالنسبة إليه غريبة، فهو يريد أن يعيش حياة السلف بمعنى زمانهم، فكان يحرم ارتداء الساعة وكان يحرم ارتداء العساكر للقبعة هذه وكذلك البريد، وكان يحرم ويقول بأن الأرض كرة ولكنها لا تدور وأن دوران الأرض هذا مخالف. للقرآن الكريم لقوله تعالى "والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم".
وكان يُحرِّم استعمال الملعقة في الأكل، فلا بد أن تأكل بخمسة، وهي الأصابع الخمسة، وتأكل بيدك. ويُحرِّم كذلك، وكان في البداية تمامًا يُحرِّم السيارات، وكان بعض أصحاب هذا التوجه يُحرِّمون الميكروفون، وكانوا يُحرِّمون أيضًا المنبه. وهكذا والراديو كله هذا حرام وبدأ الشيخ حمود رحمه الله تعالى يصطدم بأن الواقع يتغير، فبدأ يستعمل الساعة لكنه يضعها في جيبه ويخفيها، يخرجها لينظر كم الوقت ثم
يعيدها، وبدأ يركب السيارة لكنه لم يستطع إزالة الراديو منها فلا يستعمله ولا يفتح ذلك الجهاز. وعندما جاء ابن من أبنائه ليتزوج... اشترطوا أهل العروس عليه أنه يجب أن يكون الراديو في المنزل، فسمح بالراديو لكنه لم يسمح بالتلفزيون. يعني أنت تلاحظ أنه قتال في غير معركة، من سَلَم إلى سَلَم. هذا وله كتب التبيين في موافقة المسلمين لكثير من الكفار المشركين، ما الذي فيها أنهم يأكلون بالملعقة وأنهم يركبون الطائرة وأنهم... يصنعون إلى آخره، لا تقل لي أن هذا يعني شيئاً، لا، هذا كان هو العقلية
السائدة التي تولدت منها الجماعة السلفية في مصر. يتعجبون كثيراً لأنهم لم يقرؤوا، ولأنهم لم يشاهدوا، ولأنهم لم يسافروا، ولم يذهبوا، ولم يجلسوا. إذاً ما الذي حدث لهم؟ ما الذي اعترى هذا التفكير؟ أو رسَّخ هذا التفكير في عقولهم الذين رسَّخ هذا التفكير في عقولهم أنه دخل إليهم من قبيل أمرين: التوحيد المثلث أن في ألوهية وربوبية وصفات، والمال، وانتبه، وأنه لا بد أن نحرر الناس من الشرك لأنه ما دام هناك توحيد مثلث فإن المسلمين كلهم مشركون، وواحد قالوا النبي يصبح مشركاً. شخصٌ زار سيدنا الحسين يصبح مشركاً، هذه هي الاتجاهية التي تحدثتَ عنها فضيلتك، تحدثنا عنها، فهذا يسهّل على الإنسان التكفير، لكن الواقع مختلف عن ذلك. الواقع أنك أنت أيها
السلفي تريد أنك غير قادر نفسياً أن تعيش في مجتمع فيه سيارة ولا طائرة ولا أشياء أخرى ولا أعرف ماذا. لا طبعًا، لقد دخلوا في هذه الأمور واشتغلوا في الإنترنت وما شابه، بالرغم من أن هذا ضد المبدأ الأول، لكنهم تطوروا وخطوا خطوة تغافلوا فيها عن كتب الشيخ حمود التويجري، وانتقلوا إلى مرحلة ابن باز، ومن مرحلة ابن باز انتقلوا إلى مرحلة ابن عثيمين، ومن مرحلة ابن عثيمين انتقلوا الآن يجوز فيها للمرأة أن تقود السيارة، ويجوز فيها للعالم أن يعني كذا. هؤلاء الناس كانوا أناساً طيبين متدينين، وأناساً قد يكونوا عاشوا على ما تربوا عليه. يعني الناس تربت على شيء فتريد الاستمرار عليه. أنا لا أقول لك إنه يجب
عليك أن تخرج مما تربيت فيه أبداً، لكن أقول لك على المسلمين أن يتسعوا صدراً، فأنت يا سيدي الفاضل بدلاً من أن تجعلها قضايا وتُشغل بال الناس، ما رأيك أن تعتزل في الجبل؟ والحديث البخاري يؤيدك في هذا: "خير مال المرء غنيمات يتتبع بها شعف الجبال ومواضع القطر، يفر بدينه من الفتن". ألا ترى أن التلفاز فتنة، وأن المذياع فتنة، وأن هذا كله فتن. لا تنسحب هكذا بهدوء وتنعزل عن هذا الأمر كله وتعيش حياتك. حينئذ هذه نسميها ماذا في أدبياتنا؟ الخصوصية. هذه العزلة تكون خصوصية وتفعل ما تشاء، تصبح خاصة بك أنت. خلاص أنا أريد أن أعيش هكذا. عش هكذا لكنك
الآن لا تعيش هكذا، أنت تدعو الناس. أنت تتناقض مع نفسك، أنت تريد صاحب الزمان وليس صاحب المناهج. أنت لا تريدني أن أكون صاحب منهج الشافعي، بل تريد أن ألبس مثل الشافعي، وآكل مثل الشافعي، وأتعالج مثل الشافعي، وهذا سيؤدي إلى الهلاك وليس إلى التقدم. الإمام مسلم توفي بسبب أنه ظل يأكل التمر وهو يبحث عن بعض لدى علي مرض السكري، لكننا الآن في وضع تأخذ فيه حقنا هكذا وتنتهي هذه المسألة. الإمام الشافعي توفي بسبب البواسير، لم يستطع أحد إجراء عملية البواسير أو الناسور له، وهي عملية تُجرى في عشر دقائق وتعد من أبسط العمليات، ولكن لم يحدث ذلك، هكذا قدّر الله.
كان السقف المعرفي محدوداً، الشافعي فمات الإمام النووي مات وعنده خمسة وأربعون سنة، فكل عصر له مقتضياته. هذا لا يجعلنا أن نقف من التراث موقف أن نرميه أو نتعالى عليه أو ما شابه ذلك. لا، نحن موقفنا من التراث واضح: أننا ندرسه دراسة عميقة حتى نستنبط منه المناهج ولا نقف عند المسائل يعني لا. نقف عند المسائل الموجودة في الفقه في التراث، وهي مليون ومائتا ألف مسألة. يمكنني أن أقلد مليون مسألة. ماذا يعني التقليد يا مولانا؟ يعني عندما يقول لي: "توضأ ثلاثاً" فأقول له: "حاضر، سأتوضأ ثلاثاً". وعندما يقول لي: "امسح رأسك لأن مسح الرأس هو السنة وليس غسله"، فأقول له: "حسناً، حاضر". سأفعل هكذا، يقول
لي: "حسناً، اجعل لحيتك كثيفة"، واللحية الكثيفة معناها كذا، واللحية التي ليست كثيفة معناها كذا. أقول له: "حاضر، سأجعل لحيتي كثيفة". يقول لي أن التوالي سنة، فتبقى تُتابع أمور الوضوء وراء بعضها، أركان الوضوء وراء بعضها. أقول له: "حسناً، حاضر". عندما تعدّ هذه الأمور تجدها مليوناً. مسألة وبعد ذلك توجد مسائل أخرى كما يقول لي: يحرم عليك أن تبيع ثمرة الحديقة قبل بدو صلاحها، صحيح؟ حسناً، هذا ما يقوله النص بالفعل. انظر كيف أصبح الأمر؟ نحن ندرب بشكل أمثل، هل انتبهت؟ حسناً، فما هو المخرج من ذلك؟ عندما آتي إلى حديقة البرتقال التي... عندي برتقال أبيعه عندما تبدو صلاحيته منتهية، ويكون كل السوق
قد امتلأ وترتب، والرجل لا يشتريه مني، فيفسد علي، ولا أحد سيأكله، فأكون قد أفسدت في الأرض وخسرت وتسببت في كذا وكذا. ما الحل في مثل هذا الموقف؟ فابن تيمية جاء بحل جميل. ما الحل الذي جاء به؟ وما مصدره؟ الشجرة وَيَبقى الإيجار غير البيع لأن عقد الإيجار له مفهوم وعقد البيع له [مفهوم آخر]. والله يا ابن تيمية أنت ذكي وتُفَكِّر، انظر، ابن تيمية بالرغم من كل خلافاتنا معه على مسألة التوحيد المثلث الذي أدى إلى مصائب كثيرة لأنه غير موجود عند علماء الأمة، نقف معه في هذه المسألة. ونقول له تعالى يا ابن تيمية قل لنا انظر العقود هكذا، لئلا أنك عقلك يعمل في العقود، وهذا رأي معتبر، رأي معتبر، وله كتاب في العقود وله كتاب في، يعني جمعنا له أربع مجلدات في الأمور المالية، فنقول نعم هذا ابن
تيمية ينفع في هذه الأمور المالية ويُنقذنا وتأخذه. منه ونأخذه منه، حسناً، فلماذا تشتمونه؟ ولماذا أنتم غاضبون منه؟ ولماذا تضايقونه؟ أقصد بذلك في الأمور الأخرى. لا، الأمور الأخرى ترتب عليها ضرر. لا، الأمور الأخرى خطأ لأن الأمور الأخرى خالف فيها العلماء الكبار، ولأن الأمور الأخرى انتقدها عليه علماء عصره، لكن هذا لم ينتقده عليه علماء عصره. رأي جميل وجيد، فكرة طيبة. فابن القيم وابن تيمية هؤلاء عبارة عن فقهاء يُؤخذ منهم ويُرد عليهم. لكن لأن هناك سبعة وثلاثين مجلداً لا يصح منها إلا مجلدان فقط، فلنأخذ المجلدين ونترك الباقي الذي فيه إشكالات مع علماء الأمة. ثانياً: الذي فيه إشكالات عند التطبيق. ثالثاً: الذي عندما اختبرنا. لأنها لا يصح يا أخي، ابن تيمية لم يكن نبياً، لا
لم يكن نبياً، بل كان عالماً من علماء الأمة يُؤخذ منه ويُرد عليه، ولا داعي لأن تجد شخصاً يكفره وآخر كأنه يقدسه، بل يؤيده لا يقدسه. لماذا يُمنح هذا البياض؟ لماذا يُمنح هذا البياض؟ لماذا يُمنح هذه الدرجة من لا، نحن نحترم كل العلماء ونفعل ذلك. هو يعرف أن الكلام الذي أقوله الآن سيُغضب منا بعض الناس من جماعتنا. يقول لي: "ابن تيمية جيد" ويهز رأسه هكذا. لا يا حبيبي، هو ليس جيداً في العقائد التي دخل فيها بغير معلم كما قال ابن السبكي، فأخطأ، وكل من... اتبعه فيها أخطأ ولكن له تراث فقهي يُنظر فيه ويُؤخذ، انظر، يُؤخذ منه، انظر، الكلام ليس يُؤخذ به بل يُؤخذ منه،
يعني نأخذ منه وما لا نأخذ منه طبقاً لماذا؟ طبقاً للأدلة وطبقاً للبحث وطبقاً للمصلحة وطبقاً للتطبيق وهكذا. فإذاً هذه هي العدالة، يجب أن تكون منصفاً عادلاً وأنت له مناهج، ما هي المناهج الخاصة به؟ الحُجَّة. ها هو منهج التوثيق، ها هو منهج الفهم وقواعد الفهم. لا بد أن تفهم وفقاً للقواعد. ها هو منهج التجريد، ها هو منهج القطعية والظنية، ها هو منهج الإلحاق، ها هو منهج الاستدلال. ها هي المناهج التي نأخذ بها. حسناً، ولو طبقناها مرة قدمنا يا أستاذ محاضرات لطلبة الجامعة الأمريكية في النظرات السبع في الأصول التي أنا رتبتها بعدها الآن: الحجية
والتحقيق والتوثيق والفهم وما إلى آخره. قلت لهم: اذهبوا الآن إلى أساتذتكم وطبقوها في علم النفس وعلم الاجتماع وعلم الاقتصاد وعلم كذا، فذهبوا وعملوا بها، فتعجب الأساتذة جداً لماذا قالوا. لهم إنكم تتحدثون في المنهجية، من الذي أخبركم بهذه الأمور؟ هذه منهجية، هذا أبو العلوم، وأنتم تتحدثون فيه هكذا رغم سنكم وهيئتكم، وفي المرة السابقة لم تكونوا بهذا الشكل. وتعجبوا غاية العجب، وهذا يفتح لنا آفاقاً عندما ندرس بهذه الطريقة التي استفدناها. من التراث لم نذهب، بل أغلقنا التراث ورميناه في غياهب التاريخ، ونحن ندرس العلوم الاجتماعية والإنسانية التي هي الأداة الوحيدة لفهم الواقع،
الأداة الوحيدة لفهم الواقع. ولذلك تجد منشأ العلوم الاجتماعية والإنسانية في أواسط القرن التاسع عشر عندما نشأت الاتصالات والمواصلات والتقنيات الحديثة، وفي ذات الوقت عندما وجدوا أن الدنيا تغير احتجنا إلى دراسة الواقع فأنشأنا كل هذه العلوم. بدلاً مما كانت صفحات في مادة الفلسفة أصبحت علوماً مستقلة تفرعت وتشعبت حتى تكون نظارة، تكون أداة لفهم الواقع، لأن فهم الواقع جزء لا يتجزأ من الاجتهاد الإسلامي. الاجتهاد لا يتأتى إلا بإدراك الواقع وإدراك النص والوصل بينهما. هذا موقفنا من التراث: نحن نعتقد أن في التراث مقدساً وغير مقدس، ونعتقد في التراث أن منه مناهج ومسائل، ونعتقد في التراث أننا نأخذ بالمناهج
وقد نأخذ بالمسائل، قد نأخذ بها أحياناً. وفيما يتعلق بالمقدس، هناك فرق بين النص والفهم، لا يكون إلا بعلوم، وهذه العلوم موجودة في... مدارسنا ومعاهدنا نقرأ الفرق بيني وبين الداعشي. ما هو هذا الفرق؟ إنه لا يملك هذه العلوم، وإنه يذهب ليأخذ من المسائل دون المناهج، وإنه يأخذ من زمنٍ دون زمن ومكانٍ دون مكان، وهكذا إلى آخره. إنه لا يفرق بين النص وفهم النص، ولذلك أتعبنا وأتعب نفسه وأتعب العالم
معنا، فاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم مولانا الإمام. ما دام الأمر واضحاً بهذا الشكل، لماذا يذهب الإرهابيون ويأخذون بهذه الفتاوى التي يُقال عنها فتاوى تكفيرية؟ ولماذا يأتي طرف آخر ويُهيل الثرى على التراث ويقول لا بد من القطيعة مع التراث؟ إن الذي يدعو إلى القطيعة مع التراث لم يقرأ وإنما هناك ما يسمى، كان مشايخنا يعلموننا أن هناك فرقاً بين القراءة عن الشيء والقراءة في الشيء. فهو لم يقرأ في التراث ولم يجربه ولم يستوعبه، بل قرأ عنه، أي أنه مثل مستشرق أو متفرج أو ما شابه ذلك إلى آخره. قال: على فكرة هذا التراث سيئ. قم لماذا يقول "نعم، صحيح هذا سيئ،
لم نرَ منهم إلا من يردد كل أذى وراء هذا الذي أنشأ هذا الكلام"؟ المستشرقون قديماً في القرن التاسع عشر وأوائل العشرين كانوا أكثر رصانة من هذا، فحاولوا أن يقرؤوا في التراث، لكن قراءة أولاً انتقائية، وثانياً تربصية، أي يبحث في التراث لكي... يسبه ليس لأنه يستفيد منه، ليس لأنه يجرده ويأخذ مناهجه، ليس لأنه يبني عليه، ليس لأنه يستشعر أن هذا هويته أبداً. هو يفعل العكس، لقد حدث نوع من أنواع عدم الإنصاف مع المستشرقين الذين أرادوا: أولاً التجزئة، ثانياً الانتقاء، ثالثاً
الترصد والتربص، التربص والترصد للشيء الذي هم... يريدون أن ينتقوه أي يريدون إذا كان في التراث نقاط سوداء أن يجمع السواد كله ويقول ها هو التراث أسود. النقطة التالية هي التعميم، لأنه عندما يجمع العشر نقاط السوداء التي نعلم أنها سوداء وليست عندنا في التوثيق بشيء، عندما يجمعها بجانب بعضها هكذا، أصبحت سوداء، فقال له كل التراث هكذا نعم، هذا يكون غرض، وأصبح هذا الغرض مرضاً كما نقلتَ وتقول هكذا، الغرض مرض. فاكتشف علماء المسلمين هذا فردوا على المستشرقين كثيراً، لكن الآن حتى المستشرقون، حتى المستشرقين لا ينظرون في التراث، بل يقرأون ويكثرون مما كُتب عن التراث، لا يقرأون في التراث، بل يقرؤون عنه.
التُّرَاث فَصَدَى الصَّوْتِ دَائِمًا يَكُونُ أَيْضًا قَارِئًا عَنِ التُّرَاثِ وَلَيْسَ فِي التُّرَاثِ. زَكِي نَجِيبْ مَحْمُودْ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، وَكَانَ فِي بِدَايَةِ حَيَاتِهِ وَضْعِيًّا، عِنْدَمَا بَدَأَ يَقْرَأُ فِي التُّرَاثِ وَالْتَفَتَ إِلَى هَذِهِ النُّقْطَةِ الدَّقِيقَةِ، ذَهَبَ وَأَلَّفَ وَكَتَبَ الْمَقَالَاتِ الَّتِي مَالَ فِيهَا إِلَى أَنَّهُ: لَا، هُنَاكَ كَنْزٌ هُنَا، نَحْنُ لَسْنَا سَيِّئِينَ. في خيال الحياة يا مولانا، في خيال الحياة، وبناءً عليه لم يُدعَ إلى مؤتمر ولم يُدعَ إلى كذا، واتُّهِم بماذا؟ لأنه غيَّر رأيه، فربما حدث له شيء ما. وهكذا جميعهم عندما اصطدموا بهذه النقطة لم يلتفتوا ورجعوا. يقول لك سكرتير الدكتور طه حسين - رحمه الله ورحمهم الله - الدكتور أنه كان كلما
يُضيَّق عليه لا يفتح إذاعة القرآن الكريم لأنه فَهِمَ أنه لا بد من الرجوع إلى هذا. صحيح، فحضرتك هذا يطول الكلام فيه، ولكن كل من أراد أن يُهيل التراب على التراث وأن لا يستفيد من مناهجه وأن يذهب هو ومناهجه إلى الدمار، كل من فعل هذا فإنه... لم يقرأ في التراث الناقد النهائي البتة، إنما قرأ عن التراث. أما الذي قرأ في التراث ولم يكن معه أدوات الفهم، ولم يكن معه جهات التغير الأربعة التي نص عليها الإمام القرافي، ولم يكن معه تمكن في أصول الفقه من علو من شرفة عالية هكذا يرى بها المسائل، ولم يكن... معه إدراك عميق للغة ولمقاصد الشريعة فإنه ينضم مباشرة إلى زمرة الإخوان المسلمين والقاعدة
وداعش وغيرهم، فإنهم يتبنون دائماً الأمور النصية ويسيرون خلفها مثلما فعل الكاتب الصحفي الأديب سيد قطب. يعني ما هي أدوات سيد قطب التي تعلمها؟ وما هي الملكات التي ترسخت فيه على يد... المشايخ حتى يذهب إلى كتاب الله فيقرأ عن وعي ليس لديه المال، فماذا فعل؟ بعض الاختلاجات في ذهنه من تفخيم للذات من ناحية، ومن الصدام مع الآخر من ناحية ثانية، ومن حدث وقع له فظن فيه ظناً ورتب فيه ترتيباً من ناحية ثالثة، وقد ذكرناها قبل ذلك وهي... حدثه عن المستشفى أنه كان في مستشفى ورأى الناس يصخبون، وكان ذلك اليوم هو الرابع عشر من فبراير،
بعد مقتل حسن البنا بأربع وعشرين ساعة. فسأل: "هل أنا في أمريكا؟" وهو فعلاً في أمريكا، فسأل الممرضة أو السيدة: "ما هذا؟ لماذا يصخبون هكذا؟" وهو لا يعرف الإنجليزية، فقالت له: "إنه ظني ففكرت أن هناك شخصاً مات فهم يفرحون لأن شخصاً مات، إذاً من هو هذا الشخص؟ إنه حسن البنا. لماذا يفرح هؤلاء الناس بموت حسن البنا؟ ولماذا يفرح الغرب بموت حسن البنا؟ لا بد أن حسن البنا كان على الحق. يا الله، ما هذه الاستنتاجات المتتالية كلها وهي تقول لك... فالنتاين اليوم وأنت لأنك جاهل لم تأخذها يا سيد، لم تكن موجودة في مدرستك. عيد الحب هذا أنت فهمته بشكل خاطئ، انتهى الأمر. لقد مات في الأصل. من هو فالنتاين هذا الذي مات؟ طبعاً لم
يفهم. فالنتاين مات. يفتح هذا التصور العجيب الغريب الذي يعيشه سيد قطب، فيقيم الدنيا ويقلبها، أن الإخوان المسلمين هم الذين على الحق، ومع سوء الذي تحول العالم احتفل بموت سيد قطب وحسن البنا، ولم يحتفل به أحد ولم يدرِ به أحد أصلاً. وظل يقول هذا في مجالسه وما إلى آخره، مستدلاً كأنه خبير، يعني بأن العالم ضدنا وأنه يجب علينا ويجب علينا. هذه العقلية التي لا تعرف الأدوات والتي تهجم على النص بما تريد، يحدث منها هذا الهوى الذي انتشر وذاع، فأصبحت الأمة هشة. أصبحت الأمة... مَن هذه الأمة؟ ليست كل الأمة، بل الأمة التي اتبعته، الأمة التي عظمته، الأمة
التي جعلته قائداً لها. أمةٌ هشة، أصبحت أمةً هشةً عندما نرجع. للتراث الخاص بنا، لا نجده متيناً. من الذي يرجع يعني؟ والله هذا سؤال مهم جداً. الآن المشكلة تكمن في أن التناول المباشر، أي أن أي شخص منا يتناول هكذا تراثاً ويقرأ فيه من تلقاء نفسه، ثم يقول: الإمام الرازي المستفيد. المستفيد؟ نعم، بمعنى ماذا المستفيد؟ المجتهد. نعم، المستفيد يعني المجتهد. الذي معه أدوات النظر مستفيد. الألف والسين تدخل الطلب، وليس المتربص، وليس المتلاعب، وليس السطحي، وليس المتهم للإسلام، وليس التافه الذي يجعل السيد قطب إمامنا. أنت تعلم أن الشباب المتطرفين كانوا يُصوِّرون ملصقات من كتاب "في ظلال القرآن" ويلصقونها
على السيارات رباعية الدفع. أنت تعلم أن شخصاً كان... فيهم من مات أو قُتل في الأحداث واسمه أبو محمد العدناني، يقول لك إنه كتب "الظلال" في عشرين سنة. تخيل شخصاً مختلاً كتب "الظلال" في عشرين سنة، أي أنه استمر في كتابته نعم لمدة عشرين سنة. كل هذا يمثل موقفنا من التراث، وهو أن هذه العقليات ليست صالحة أصلاً لأن وليست صالحة لأن تكون مفكراً لهذا الدين العظيم الذي ملأ وسيملأ وانتشر واستقر بصورة ليست ككل الحضارات. انظر إلى الحضارة الرومانية والحضارة اليونانية والحضارة المصرية القديمة والحضارة الصينية، حينما
ذهبت دولتهم ذهبت. لكن الديانة الإسلامية لم تذهب بذهاب الدولة، ضعفت الدولة وأصبحت في المراتب الأخيرة وقلت قوتها العسكرية والمادية. ولكن الإسلام استمر في الانتشار، إذاً هذا نجاح فائق وباهر يغيظ بعضهم. مولانا الإمام، إذا ما وضّحت لنا أن هناك قسماً - القسم المقدس في التراث والنص المقدس والنص الذي يأتي من خلال النتاج الفكري - ما الذي يجب تقديمه للأجيال؟ هناك سؤال ملح جداً: ما الذي يجب أن يُقدّم التراث، ما الذي يجب أن نقف عنده ولا يُعاد تكرار هذه الكتب التي تؤسس للفكر الإلهابي وتساعد الفكر الآخر على الحرب على التراث؟ خمسة أشياء مهمة نذكرها بشكل مُجمل لأنه ربما ليس
لديك وقت كافٍ أمامك، هذه يتيمة أمامك، هذه يتيمة، نعم، وهو ما يكون القول الفصل في... هذا الموضوع المنهجية المعرفية والنموذج المعرفي والموقف من التراث وإدراك الواقع، وبهذه العناصر الخمسة التي تستطيع أن تجعل كل واحدة منها حلقة، ستحطم هذا الفكر المنحرف، وستتغلب على كل تعصب وانحراف وضياع وجهل، فتستطيع أن تبني منظومة علمية دينية تتواءم مع العصر. هذا هو تجديد الخطاب الديني، اسمح لي مولانا. اقرأ بعض المداخلات لسادتنا المشاهدين حول سؤالنا:
ما رأيك في القول بأن فكر الإرهابيين مصدره كتب التراث؟ ليس كما تقول زينب المجدي: "احتمال وارد إذا قرؤوه أو قرؤوها بفهم خاطئ ولم يدرسوها على شيخ متصل السند، فالعلم يؤخذ من صدور الرجال لا من الكتب." السيد يقول: "هذا الفكر الإرهابي." لم يتجاوز المائة عام وكتب التراث يتجاوز عمرها ألف عام، فلماذا نلصق الإرهاب بها؟ الأستاذة هالة ديب: ليس صحيحاً، ولكن الفهم الخاطئ لكتب التراث واستغلال أعداء الدين لها هو أحد الأسباب. الأستاذ محمود سعيد: هم لا يعرفون قراءتها أصلاً، وإن استطاعوا ضلوا في الفهم. الأستاذ مجدي زهران: فكر الإرهابيين مصدره الشخصية واتخاذهم الهوى هو، ديننا منذ ألف وأربعمائة سنة لم يدعنا، ولكن منذ ألف سنة والإرهابيون مشربهم العنف ودينهم التقتيل والفرقة، ولذلك هم يتلذذون بما يفعلون،
ولذلك انتقلوا من حد الفكر إلى حد الإجرام الموجب للعقوبة. مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، شكر الله لكم ورضي الله عنكم دائماً يا مولانا، أهلاً وسهلاً بكم، دمتم في رعاية الله، وإلى اللقاء.