والله أعلم| الدكتور علي جمعة يوضح لماذا تعددت قراءات القرآن الكريم ؟ وكيف نشأت ؟ | الحلقة كاملة

والله أعلم| الدكتور علي جمعة يوضح لماذا تعددت قراءات القرآن الكريم ؟ وكيف نشأت ؟ | الحلقة كاملة - والله أعلم
بسمِ الله الرحمن الرحيم، وما أجمل أن نستفتح بها كل حياتنا. اللهم ارزقنا أسرارها وبركاتها يا رب العالمين. وأهلاً بكم في "والله أعلم" لنسعد دائماً بصحبة صاحب الفضيلة مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة، وعضو كبار العلماء بالأزهر الشريف، لنواصل معه هذه القراءة المتأنية في منهجه الإصلاحي، وما زلنا نقرأ. في كتاب الله هذا الكتاب الذي لا تنتهي عجائبه، اسمح لي مولانا أن أرحب بفضيلتك في البداية. أهلاً بفضيلتك، أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم مولانا. يعني القراءات، تنوع القراءات، تعدد القراءات، ما معنى أنه "اقرأ
القرآن بلحون أهل العرب"؟ ماذا يعني أن سيدنا صلى الله عليه وسلم حينما قال قرآني؟ جبريل القرآن على سبعة أحرف، كل هذه المعاني تؤدي في النهاية إلى سؤال مهم جداً: ما معنى القراءات المتنوعة والمتعددة في القرآن الكريم؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. القرآن هو دال على كلام الله النفسي القديم القائم بذاته والذي ليس في ذات الله حدوث والذي ليس في ذات الله انتهاء فهو ما زال متكلماً كما كان متكلماً فهو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو على كل شيء وبكل شيء محيط على كل شيء قدير وبكل شيء عليم سبحانه وتعالى جل جلال الله ولكن إذن الله
سبحانه وتعالى أن يوحي بكلام من عنده إلى أنبيائه ورسله، فلما كان الأمر كذلك كان النبي يخرج من حالة الوحي وقد انطبع في صدره الشريف. كل نبي بما فيهم سيدنا صلى الله عليه وسلم وسيد الخلق أجمعين ينطبع في صدره ما يعبر عن هذا، ولذلك انطبع في صدر كل نبي ما كان قائماً. لديهم اللغة. سيدنا موسى كان ينطق بالعبرانية، وسيدنا عيسى كان ينطق بالآرامية، وسيدنا محمد كان ينطق بالعربية. فكان يرى أنه قد انطبع في قلبه "سنقرئك فلا تنسى". فالله سبحانه وتعالى هو الذي يترك هذا دالاً على كلامه القديم القائم بنفسه. وهذه
الدلالة، حتى نفهمها فهماً عميقاً، هي الصورة يعني. عندما نكتب "الله" فهذه اللوحة تدل على الذات العلية ولكنها ليست الذات العلية ذاتها، فيعتريها الحدوث والقدم والانعدام، ونحرقها فتحترق، ولكن هذا لأنها من قبيل الدال، مثل اسمك تماماً عندما نقول "حسن الشاذلي"، فيتصور الناس في أذهانهم هذه الذات، هذا الجسد، هذه الصورة، ولكن لو أنني كتبتُ "حسن الشاذلي" على ورقة. لم أكن قد بدأتُه. إذا فقدتُ هذه الورقة، فإن حسن الشاذلي لا يتأثر في شيء. فهذا هو معنى الدالّ: شيء يدل على شيء آخر. يصبح لدينا دالّ وهو الورقة أو الصورة
أو الاسم أو الكلام أو القرآن، ولدينا مدلول وهو الذات نفسها التي هي كلام الله التي هي... ذات الله التي هي القرآن الكريم، وهكذا تعهد الله سبحانه وتعالى بحفظ الكتاب. لماذا؟ لأن رسول الله هو خاتم النبيين. هي مسألة واحدة، يعني لن أرسل لكم رسلاً آخرين. حسناً، وبعد ذلك ماذا نفعل؟ نجعل فيكم نبياً مقيماً، والذي هو من؟ النبي المقيم الذي هو القرآن الكريم. ولذلك فقضية ختم النبوة... تتصل اتصالاً عضوياً وذاتياً مع قضية حفظ القرآن، فقال تعالى: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له
لحافظون". انتهى الأمر، فهو غير قابل للتحريف. الله عندما يتعهد بمثل هذا الوعد فإنه يبهرنا، فلا بد أن نقول في النهاية: سبحان الله، لا بد أن نفتح أفواهنا دهشةً وإعجاباً. مِنَ الدَّهَشَةِ ومِنَ العَجَبِ أنَّ اللهَ سُبحانَهُ وتَعالى عِندَما يَقولُ كُلَّ يَومٍ هُوَ في شَأنٍ، ما زالَ خالِقًا. والخالِقُ لَيسَ خالِقَ نَوعٍ واحِدٍ، فَلَو ذَهَبتَ سَتَجِدُ البَلَحَ - البَلَحُ أَحصَينا مِنهُ في مَوسوعَةٍ تُسَمَّى مَوسوعَةُ التَّمرِ سَبعَةَ آلافٍ وخَمسَمِئَةِ نَوعٍ مِنَ البَلَحِ فَقَط. وإذا ذَهَبتَ سَتَجِدُ العَقيقَ - العَقيقُ حَوالي سِتَّةَ عَشَرَ ألف نوع من
الأحجار من هذه أم العقيق فقط؟ العقيق فقط؟ العقيق فقط؟ هذا ليس كله، لا. ليته كان كله يعني. يوجد الأماتيست، ويوجد الجمشت الذي هو الأماتيست، أي أن اسمه جمشت. ويوجد مثلاً الطبازو. هذه مجموعة منها. أما هذه الأحجار الكريمة فكم سعرها؟ هذه مجرد عناوين. آلاف مؤلفة والتي تحتها من الأنواع والألوان والأشكال والدرجات، يعني الأماتست هذا عندما ترى حجره تجده يتدرج من الأبيض إلى الأبيض الغامق وصولاً إلى الأزرق الشديد، هو نفس الحجر بدرجات هكذا طبقاً للتفاعلات الكيميائية التي تنال من هذه الأحجار في تكويناتها الجيولوجية، وربما اكتنفها الكثير من الأسرار يا مولانا. هذه الأحجار ولكن العدد
أي فوق الحصر ولكن الخلق هذا خلقه، وبعد ذلك في النهاية نجد أن هذه الأرض بما احتوت عليه من هذه العجائب والغرائب هي ذرة في هذا الكون. يعجز المرء ويقول: سبحان الله، فربنا صنع هكذا في القرآن أنزله فإذا به في بلاغته وإعجازه. مبهر كيف ستة وستين ألف كلمة، ستة وستين ألف كلمة منهم ألف وستمائة وعشرين كلمة لم تتكرر مرة ثانية، وبعد ذلك موضوعين في ستة آلاف ومائتين وستة وثلاثين آية، موضوعين في مائة وأربعة عشر سورة، فعندما تأتي لترى التكرار تجد أن هناك سوراً قد لم يُستعمل فيها كلمات لم تُستعمل. في القرآن
أبداً، هذه عشرون مرة، وهذه ثماني عشرة مرة، وهذه كذا، وهذه ست مرات، وهذه سبع مرات. ما هذا الإعجاز؟ ليس هكذا فحسب، وحفظه على أي مستوى؟ على مستوى الكلمة؟ لا. على مستوى الحرف؟ لا، أشد من ذلك. هل هناك شيء أشد من الحرف؟ هذا هو الحرف. خلاصة الأمر، يُبنى الكلام على أساس الحروف، ليس فقط على الحركة التي ينطق بها الحرف، بل إنّ لكل حرف ما يُسمى بحقه ومستحقه. أتنتبه؟ دون تعسف في المخارج، أتنتبه؟ والصفات أيضًا. فعندما يأتي قوم يحافظون على هذه المخارج وعلى هذه الصفات، فهذا شيء عجيب غريب حقًا عندما... وبعد ذلك آتي وأذهب وأجلس عند الشيخ وأقول له: "أقم
الصلاة"، فيقول لي: "لا، خطأ". فأقول له: "أقم الصلاة"، فيقول لي: "لا، خطأ"، ويقاطعني حتى في الوسط "أقم الصلاوات"، فيقول لي: "خطأ". قال له: "حسناً، لا، أنا لا أعرف، والصلاة أمامي". قال: "لكن اسمها الصلاة، اللام مرققة". أتنتبه، إنه مثلما ضربني في كتفي لكزة هكذا لكي أنتبه أن اللام مرققة، فأقول "الله" مع ترقيق اللام، وكيف أرققها إذا كنت أقول "قال الله"، "الله الله الله" وليس "الله"، "قال الله"، فقال لي: هذه مسألة وتلك مسألة أخرى، وبدأ يشرح لي ما قصة اللام ومتى تُفخم ومتى تُرقق. ترقُّق ومتى كذا إلى آخره القصة الخاصة بالراء، قلتُ له: والله هي في قصص. قال لي: نعم. طيب، كم عدد الحروف؟ هم
ثمانية وعشرون حرفاً. الثمانية والعشرون حرفاً هؤلاء كل واحد منهم له حقه ومستحقه، له مخرجه وله أيضاً صفاته. طيب، حسناً، إذاً ربنا حافظ على القرآن على مستوى الحركة وعلى... مستوى الحق والمستحق، فعندما آتي يقول "والضحى والليل إذا سجى" أو "سجا"، يقول لي: "غلط". أقول له: "حسناً، قل لي الصواب". "وضحى" تختلف عن "وضحا" إلى هذا الحد وصلنا، إلى هذا الحد. و"سجى" تختلف عن "سجا"، ما الفرق؟ هذه نُطقت جيماً صحيحة، وهذه نُطقت قافاً معقودة، قاف معقودة وقاف غير معقودة. يا مولانا يا مولانا، قال لي: نعم، يوجد هكذا وهكذا. يا سبحان الله! يعني أن الله حافظ على هذا القرآن بهذا
الشكل. قال: لا، آضرب بهذا الشكل أصبح ثلاثة. قلت له: يا ثلاثة؟ قال لي: لا، ليس ثلاثة، أنا لا أتحمل المسؤولية عن ذلك، أنا أخبرك فقط لكي آخذك. فقط هكذا، إذاً كم عددهم؟ دعهم خمسة. قلت له: "خمسة"، فقال لي: "لا، في الحقيقة هم عشرون". قلت له: "عشرون"، فقال لي: "نعم، عشرون في عشرة رواة، وكل عشرة رواة لهم أداءان، لكل راوٍ اثنان، في عشرة بعشرين". قلت له: "لا، لست أفهم، يعني ربنا حفظ القرآن عشرين؟" مرةً قال لي: "نعم، قف عند هذه العجائب، عند هذه التساؤلات الكثيرة حول حفظ الله للقرآن الكريم، وما ارتبط بالقرآن الكريم من معاهد علمية ودراسات وعلوم وشيوخ وقامات. سوف نتعرف على المزيد
والمزيد، ولكن بعد الفاصل. ابقوا معنا". أهلاً بحضراتكم. مولانا الإمام، تستولي على الإنسان الدهشة والعجب. كيف حفظ القرآن أي عشرين مرة؟ ما معنى الراوي؟ ما معنى القارئ؟ ما معنى الطريق؟ كل هذه الأمور وهذه المصطلحات ارتبطت بحفظ القرآن الكريم. كيف نفهم ذلك؟ سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام كان عندما نزل جبريل يقرئه القرآن بقراءات مختلفة، وجعله في كل مرة تختلف عن المرة الأخرى. التي قبلها بسبعة جوانب
التي سيدنا سماها الحرف "أُنزل القرآن على سبعة أحرف" يعني على سبع اختلافات من هذه القراءات. يقول ابن الجزري بعد أن تبحر في هذا ورأى ما الكامل وراء القراءات أنه التقديم والتأخير "فيقتلون ويُقتلون" مثل أنه الزيادة والنقصان "يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون" وما يخدعون وظنوا أنهم قد كُذِبوا، وظنوا أنهم قد كُذِّبوا في زيادة وفي نقصان. فهذه أربع جهات، أتنتبه؟ وفي الإعراب: "إن الله بريء من المشركين ورسوله". أتنتبه؟ أي أن
الله ورسوله بريئان من المشركين. أن الله بريء من المشركين وكذلك رسوله بريء منهم، وليس "ورسوليه". هل أنت منتبه؟ وهكذا، ثم طريقة الأداء الطرية للأداء، وهي أن يقول مثلاً: "وضح"، "وضح" ماذا؟ "ضحى"، "وضح" ماذا؟ الاثنان هما واحد، يعني فقط هنا توجد إمالة وهنا لا توجد إمالة، يوجد ترقيق وفي الآخر: "الأرض"، "الأرض"، "الأرض" واحد يأتي بالهمزة والآخر يسهلها، فالأداء هذا مختلف، إذاً... وهكذا سبع جهات
من التقديم والتأخير والزيادة والنقصان والإعراب والأداء، وكذلك أي ما معنى ذلك؟ هذه هي التي فيها الاختلاف. فأصبح عندنا عندما ندخل في القراءة أن النبي عليه الصلاة والسلام علَّم الصحابة كم قراءة؟ علَّمهم عشرة. كل قراءة لها أداءان، فعندما تضرب الأداءين في العشرة تصبح عشرين، فتخصص كل بحر من بحار العلم. تخصص في القراءة واستوعبها، فأصبح لدينا شخص اسمه نافع، وأصبح لدينا شخص اسمه أبو جعفر، وأصبح لدينا شخص في مكة اسمه ابن كثير غير المفسر. نافع هذا من المدينة يا مولانا، نافع من المدينة، وأبو جعفر من المدينة، وابن
كثير من مكة، وعاصم ابن أبي النجود من الكوفة، وحمزة. والكسائي من الكوفة أيضاً، وفي الشام ابن عامر وأبو عمرو، وهناك يعقوب، وهناك خلف وهو تلميذ حمزة، فله رواية وله قراءة، يعني هو في العشرة وفي نفس الوقت هو في العشرين، في العشرة قارئ، نعم، ومن العشرين في الرواية، نعم، فهؤلاء الناس قرأوا القرآن كما سُلِّم لهم. الصحابة الكرام، بناءً على تلاوة رسول الله لهم فيه وتحفيزه لهم فيه، بناءً على جبريل حيثما كان يُقرئ النبي. فلما جئنا ندرس كل رواية، التي هي العشرة هؤلاء، ندرس عاصماً فوجدنا له
راويين، الراويان هما من؟ حفص وشعبة. حسناً، ما الأمر إذن عندما ندخل لعاصم ونريد أن نستوعبه جيداً؟ له ما يُسمى بالأصول وله ما يُسمى بالفرش، فإذا دخلتُ أي قراءة سأعرف أصولها التي تخبرني أنك ستسهل الهمزة أم لا، وستعمل إمالة أم لا، وستعمل سكتاً في المواضع الفلانية وكذا إلى آخره، وستنطق هذه مرققة أم مفخمة كثيراً كثيراً. وماذا ستفعل؟ قم! هذه نسميها الأصول، نعم. وبعد ذلك تناولنا الفرش. الفرش معناها أن هناك أيضاً اختلافات في ذات نفس المطر أو التفسير أو التقديم أو التأخير أو الزيادة أو
النقصان في الكلمة نفسها. فذهبنا نحن وعملنا دراسات. طيب، كم كلمة في القرآن؟ القرآن في ستة وستين. ألف كلمة، كم كلمة منها محل الفرش الذي يمكن أن نضعها في دائرة هكذا ونقول هي التي فيها قراءات؟ نعم، ألف ومائتان وخمسون موضعًا. ألف ومائتان وخمسون موضعًا. هذه المواضع الألف ومائتان وخمسون نأتي لنقف عند كل موضع. نعم، هذا من الذي قرأ ومن الذي... قرأ فيقول لك فلان وعلان وتركان رَوَوْها هكذا، وفلان وعلان وتركان رَوَوْها هكذا. تحرير الآية بهذا الشكل، تحرير الموضع بهذا الشكل. نعم، أجل. فأحياناً يكون هو فقط الذي قرأ هكذا. نعم، هل انتبهت؟ مثل حمزة عندما يقول آية "فيَقتُلون ويُقتَلون"، لا يوجد إلا حمزة فقط هو الذي روى هكذا. والباقي فيُقتَلون ويَقتُلون، لكنه قال
"فيُقتَلون ويَقتُلون" مرة واحدة فقط، وبقية العشرة كما هم. هل في دائرة من الدوائر التي صنعناها - التي تشمل ألفاً ومائتين وخمسين كلمة اختلفوا فيها على عشرة أوجه؟ سنعلق الإجابة على هذا السؤال المهم جداً لنخرج إلى هذا الفاصل، ثم نعود ونجيب. هذا السؤال وأيضاً ثمة تساؤلات أخرى حول ما إذا كانت هذه القراءات توقيفية ومدى ارتباط الأحكام بها. فاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم مولانا الإمام. إذا كانت هناك أسئلة كثيرة حول هذه القراءات وتنوع القراءات وتعدد هذه القراءات في القرآن الكريم وارتباطها بالأحكام، ولكن هناك سؤال حول هل موضع في... مواضع من هذه المواضع تحريت فيها القراءات
العشر يا مولانا، "فلا تقل لهما أفٍ"، هذه فيها ستة وثلاثون قراءة. "أفٍ" فيها ستة وثلاثون قراءة في سورة الإسراء، يعني كلمة "أفٍ" فهناك أشياء قليلة من هذا القبيل تكون فيها "أفٍ، أفًا، أفٍ، أفًا، أفي" لكم وهكذا "فلا تقل لهما أفٍ ولا". تَنْهَرْهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا أُفٍّ وَلَا، وَهَكَذَا يُوجَدُ فِيهَا قِرَاءَاتٌ كَثِيرَةٌ، لَكِنَّ هَذَا لَيْسَ جَدِيدًا. الأَلْفُ وَمِائَتَانِ وَخَمْسُونَ، الأَلْفُ وَمِائَتَانِ وَخَمْسُونَ، سَتَجِدُهُمْ أَنَّهُ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ مِنْهُمْ وَاحِدٌ خَالَفَ، اثْنَانِ خَالَفُوا، ثَلَاثَةٌ خَالَفُوا، أَرْبَعَةٌ خَالَفُوا، وَالْبَاقِي، وَتَجِدُ أَنَّهَا
قُرِئَتْ بِالْوَجْهِ الأَوَّلِ أَوِ الثَّانِي أَوِ الثَّالِثِ، لَا يُوجَدُ الْعَاشِرُ. أي أنهم وجهان أو ثلاثة على الأكثر في أغلب الألف ومائتين وخمسين. مولانا الإمام، الآن هذه القراءة نُسبت للقارئ، إذا كانت قراءة توقيفية بالأصل، فهي توقيفية بالطبع، ولكننا نسبناها إلى القارئ كما نسبنا النحو إلى سيبويه، وكما نسبنا الفقه إلى الشافعي. كل ما قاله الشافعي في الرسالة أرجعه بالسند. أشار الخطيب البغدادي في كتابه "الفقيه والمتفقه" إلى حال الصحابة: كل شيء هو مروي، ولكن لماذا سُمي هذا المذهب بالشافعي؟ ولماذا سُميت القراءة قراءة نافع أو عاصم؟ لأنهم بلغوا من العلم ومن الإتقان ومن الأداء ومن الحفظ ومن التصدر ومن الدراسة إلى منتهاه، إلى منتهى هذه الدرجات، فكانت تُنسب
إليهم. ولذلك نافع هو الذي قرأ قراءة أهل المدينة. لديه تلميذه الذي أخذ عنه، وهو قالون. مَن الذي يقرأ بقراءة قالون الآن؟ ليبيا. يا أهل ليبيا يقرؤون بقراءة قالون عن نافع. حسناً، وورش المصري، ورش يعني جميل، نعم، هذا الجميل المصري الحلو، يقرأ بها أهل المغرب. نعم يا رب، ورش على النفل. وبعد ذلك وجدنا شخصًا مثل ابن مجاهد وقال: أنا سأكتفي يا جماعة بالسبعة. فقلنا له: لماذا تنكر الثلاثة؟ قال: حاشا وكلا، لست أنكر الثلاثة، إنما الخلافات بينهم قليلة جدًا. يعني سيدي، قراءة أبي جعفر المدني، قراءة أبي جعفر المدني هذه تكاد تنطبق على قالون، فقالون شبيهة بها جدًا إلا في... أربعة مواضع
فقط، قال إنني عندما أقول قالون يكفيني من القراءة وأصبح أعرف في الكتب الأربعة المواضع التي تفرد بها أبو جعفر خلافاً لقالون. طبعاً ورش بينه وبين أبي جعفر خلافات كثيرة، لكن قالون بالذات، يا أخي، ماذا يقولون عنه بالإنجليزية؟ "تيبيكال" يعني متطابق. متماثل أي مثل بعضه هكذا، هل تفهم؟ حسناً، فالقراءات هكذا، لماذا قالوا عن هذه القراءات السبع إنها سبعة؟ لأنه قال: والله يعقوب يكفينا، والكسائي وخلف يكفينا، وحمزة وأبو جعفر يكفينا، وقارون عن نافع يكفينا، ونافع يكفينا. فاختاروا السبعة من هؤلاء، الثلاثة هؤلاء، فأصبح هناك ثلاثة وهم التتمة، وأصبح هناك السبعة الأساسيون. التي هي أغلب الخلافات أصولاً وفرشاً تكون فيهم، وهؤلاء الجماعة لا
يزالون كما هم، لكن حمزة هذا هو هو مثلما هو خلف، أحد رواته من حمزة، أتفهم؟ وقد وضعوا لهم قواعد وأشياء مثل ذلك، وضبطوا المسألة. يقال لك: إذا أردت أن تهرب من حمزة فلا تقف. له على حمزة طبعاً، ما أحد يدري، لا حمزة ولا خلافه إلى آخره، لكن لا عليه، فهذا علم يثبت أن الله حفظه ليس مرة واحدة ولا مرتين ولا عشرة، بل حفظه على فكرة عشريّة خارجية، وهذا شيء يجعل الإنسان يعني... طبعاً عندما وجدت شخصاً... لا أفهم ويجلس يتحدث عن القراءات أو ينكر القراءات أو لا أدري يقول لي قول ليس قرآناً واحداً، هذا عدة قرآن، يريد أن يُظهر أنه متخصص. ماذا أفعل؟ من شدة الانبهار أسكت لأن الشافعي كان دائماً يقول هكذا: "لو جادلني عالم غلبني، ولو جادلني - لو
جادلني عالم غلبتهم، ولو جادلني..." جاهل جاهل بسيط من أي شيء؟ من أنه لا توجد لغة خلاص، لا توجد لغة، وأيضاً فاقد الرؤية الشاملة للمسألة. وماذا سأفهم فيه إذا كان هو قادم متظاهراً بأنه فهيم جداً وعارف بكل شيء؟ فانقطعت اللغة بيني وبينه. أحياناً يسألنا كثير من الناس: لماذا لا تردون؟ لماذا لا... ليست مسألة ردّ بل مسألة فهم أولاً، فيجب أن تفهم أصلاً ما هي القصة، ولذلك الكلام الذي يقوله عندما يأتي شخص ويقول لي مثلاً: "إن القرآن الكريم مكتوب بالآرامية"، خلاص، أتحدث معه في أي شيء بعد ذلك؟ ثم يقول: "إن أحد المستشرقين الكبار قال..."، حسناً، فسأنظر إليه هكذا. في نوعٍ من أنواع الذهول عندما يجلس شخصٌ ما ليهذي ويتحدث بكلامٍ غير مترابط من أي جهة،
أي أن توضيح الواضحات من المشكلات يا مولانا. لا، هذا ليس صحيحاً، فعندما كنا صغاراً في المرحلة الثانوية وما إلى ذلك، ويقول أحدهم مثلاً "زمان"، فيرد عليه الآخر: "لا زومن"، هل انتبهت أنه حوّل كلمة "زمان" إلى "زومن"؟ هي الإنجليزي أو الذي يقول الآرامي وهكذا، عامل هكذا، اجعلها هكذا، هنا تشبه كلمة هنا، فقال هكذا، فيكون ماذا؟ الماحي في جميع النواحي. كان بودي مع مولانا يومنا أن نتحدث عن التحفة والطيبة والجزرية والشاطبية، ولكن دعني أذهب إلى سؤال آخر مولانا الإمام، والحديث معك متسع ومتسع. الأحكام هل مع تنوع... وتعدُّد هذه القراءات ارتبط هذا التنوع والتعدد بالأحكام أيضاً التي تُستنبط من هذه الآيات. نعم بالطبع بكثير جداً عقيدةً وشريعةً وأخلاقاً أخذوها من هذه القراءات. فالقراءات ليست فقط، لكن الجزء
الأهم منها هو إثبات حفظ القرآن على مستويات مذهلة. حسناً، لكنها في ذاتها اختلف الفقهاء واختلف اللغويون واختلف... أهل الأصول واختلف المفسرون في هذه القراءات وكيف تُستنبط منها الأحكام وكيف أن القراءة تختلف عن قراءة في بناء الحكم الشرعي الصحيح عليها. ونحن في العصر الحديث أُنجزت فيها دكتوراهات كثيرة وماجستيرات كثيرة إلى آخره. والبعض يقول لك مثلاً أريد أن أرى أثر القراءات في الأحكام الشرعية في تفسير القرطبي. لكن أو في تفسير الرازي فقط أو عند مثلاً أبي الثناء محمود الآلوسي فقط. هل تفهم؟ ويرى ما هو
موضع الخلاف بين الحنفية والشافعية فيما ترتب على القراءات المختلفة، وأين يكمن هذا الخلاف وهكذا. فهذا الكلام أصبح كلاماً واسعاً كالبحر، لأن جزئياته كثيرة لا تتناهى، لكن نعم، حدث هذا أن اختلفت. الأمم أصبحت القراءات تعطيني شيئاً ثالثاً غير اختلاف الأحكام، وهو ما الحد الأدنى والحد الأقصى. لماذا يعطيني التنوع؟ ذلك لأن هذا الدين سوف يشمل مليارات من البشر، فهو محتاج إلى هذه السعة، ومحتاج إلى هذا التنوع، لأننا نقول إن الدين باقٍ إلى يوم القيامة، وأنه خاتم النبيين، فكان فعلاً نبياً مقيماً يجيب. على كل الأسئلة مهما حدثت، هذه القراءات أيضاً أعطتني أسقفاً معرفية مختلفة،
ولذلك أصبح ليس هناك أي تعارض بين الدين عندنا وبين ما يصل إليه من يصل في العلم. إنه شيء مذهل من كل جوانبه، ولذلك فالقراءات آية من آيات الله سبحانه وتعالى، ولو انضمَّ إليها الرسم لصار القرآن يُعجز. كل أحد عبر القرون وإلى يوم الدين مولانا الإمام يعني بالضرورة أسأل سؤالاً آخر: هل هناك أيضاً خلاف بين السنة والشيعة حول القرآن الكريم وما نتحدث فيه عن قراءات والقراءات التي ترتبط بها أحكام فقهية؟ علماء الشيعة وأساطينهم وكذلك الأئمة الكبار للشيعة سواء كانوا الجعفرية أو سواء كانوا الزيدية ليس.
بينهم أي خلاف إطلاقاً البتة أن هذا هو القرآن الذي هو من عند الله، ولكن كان سيدنا جعفر الصادق له قراءة قد ينفرد بها، قد ينفرد في بعض المواضع. قال: قليلة جداً، يعني أنا عددت هذه المواضع فلم تزد عن سبعة أو ثمانية، قليلة جداً عن القراءة، أو وفي النهاية. تكون اختياراً بمعنى أنه مرةً يكون مع حفص، ومرةً يكون مع ماذا؟ مع شعبة، ومرةً يكون مع عاصم، ومرةً يكون مع نافع. هذه أمور بسيطة، وهذا تحرير علمي لا علاقة له بالقول بنحو تحريف أو ما شابه ذلك، إلى آخره. لكن المشكلة التي عند الشيعة أن لديهم مصطلحات، هذه المصطلحات آذت فهم الناس. لهم وهم أنهم يسمون القراءات الشاذة بتحريف
القرآن، يعني يقصدون أن القرآن قد حُرف عن المتواتر، وحاول بعضهم أو قد وقع في خطأ فيه. فهل كان الأمر على هذا النحو؟ هل حُرف القرآن كما اعتقد الشيعة؟ لقد كانوا يسمون قراءة، نعم، هذه القراءات الشاذة عندهم هي التحريف. قلت لهم: "حسناً، لماذا تسمونها قراءات شاذة؟" قالوا: "مخطئون يا سيدي". قلت: "لماذا تسمونها تحريفاً؟" قالوا: "مخطئون يا سيدي". ورجعوا عن هذه التسمية. هذه التسمية تمت في قرون معينة، أن الكتاب تعرض لقراءات شاذة. "عذابي أصيب به من أساء" وليس "من أشاء"، هل انتبهت؟ كذلك "إنما يخشى اللهَ" بالرفع هكذا. من عباده العلماء وهي "إنما يخشى الله من عباده العلماء"، وأمور مثل هذه التي هي مثل
أخطاء حدثت في التلاوة أو غيرها. حسناً، وما المشكلة؟ فأنت تعرف أن هذه القراءات ماذا تفعل؟ تزيد إيماننا وثقتنا في القرآن، أي أن القرآن محفوظ لدرجة أنه يقول "أمرنا مترفيها ففسقوا فيها"، فيقول لي: لا. حسناً، لا يوجد عندنا إشكال في القراءات المتواترة، فهذا أمر الله. أما أنا فلدي معيار الجاهلية، لكن إذا أخطأ شخص فقال أساء أو قال أمرنا أو قال آه حدث، فإن هذا الذي حدث يزيد من إثبات حفظ القرآن من عند رب العالمين. فجاءت الشيعة وأخطأت وسمت القراءة الشاذة تحريفاً، فقلنا لهم لا تسموها هكذا. لأن يظن الخارج غير المسلم أن القرآن تم تحريفه كما تم تحريف كثير من النصوص قبله فيقولون أي صحيح ورجعوا عن هذا الاعتقاد الفاسد
الكاسد بالتسمية، أما الجميع فإنهم متفقون على أن القرآن محفوظ من عند الله. تعرفنا في هذه الحلقة على القراءات العشر الكبرى وانتهينا إلى سؤال مهم سوف نجيب عليه. عليه في حلقة الغد إن شاء الله ما القراءات الشاذة مولانا الإمام. شكر الله لكم ورضي الله عنكم دائمًا، شكرًا لكم، دمتم في رعاية الله وأملي إلى اللقاء.
.