والله أعلم| علي جمعة يتحدث عن بعض أحكام قراءة القرآن والفرق بين الترتيل والتجويد| الحلقة الكاملة

والله أعلم| علي جمعة يتحدث عن بعض أحكام قراءة القرآن والفرق بين الترتيل والتجويد| الحلقة الكاملة - والله أعلم
رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي. أَهْلاً بِكُمْ فِي "وَاللهُ أَعْلَمُ". نَسْعَدُ دَائِماً بِصُحْبَةِ صَاحِبِ الفَضِيلَةِ مَوْلَانَا الإِمَامِ الأُسْتَاذِ الدُّكْتُورِ عَلِي جُمْعَةَ بِهَذَا اللِّقَاءِ الَّذِي تَتَجَدَّدُ بِهِ حَيَاتُنَا دَائِماً وَدَوْماً، وَنَحْنُ نَقْرَأُ مَعَهُ فِي هَذَا المَنْهَجِ الإِصْلَاحِيِّ وَالتَّجْدِيدِيِّ وَالإِجَابَةِ عَلَى أَسْئِلَةٍ مُلِحَّةٍ فِي. هذه اللحظة الفارقة مع العقلية الفارقة، أهلاً بكم مولانا الإمام. اسمح لي في البداية أن أرحب بفضيلتكم، أهلاً وسهلاً بكم، مرحباً مولانا. ونحن ما زلنا نتحدث
ونستمتع ونمتع أنفسنا بالحديث عن القرآن الكريم. نصل إلى محطة مهمة جداً وهي الترتيل والتجويد "ورتل القرآن ترتيلاً"، وسيدنا أبو موسى الأشعري يقول لسيدنا. صلى الله عليه وسلم، والله لو كنت أعلم أنك تسمعني لحبرته لك تحبيراً. ما معنى ترتيل القرآن ومعنى أن أحبره لك تحبيراً؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. ورد في الأثر: اقرؤوا القرآن بلحون العرب ولا تقرؤوه بلحون الأعاجم، فكان هناك إيقاع، كان هناك نظام، كان هناك وزن يسير عليه العرب في أشعارهم. هذا الوزن هو الذي جعل العرب يقرضون الشعر، وهذا القريض وهذا الشعر.
فجاءنا الخليل بن أحمد عندما اكتشف الكامن من ورائه في نحو ست دوائر، واكتشف الخليل بن أحمد أن هذا الكامن في الكلام العربي وخاصة الشعر العربي وإن كان القرآن ليس على هذه الأوزان التي تكلم بها العرب إطلاقاً، ولكن هناك أمر خفي وراء هذا النظم القرآني المعجز المبهر. الخليل بن أحمد وجد أن الأمر بين الساكن والمتحرك، وأشار بالمتحرك بالتاء المفتوحة، وأشار بالساكن بالنون الساكنة، فأصبح "تن" و"تن". هذه أصبحت هي الوحدة. التي تُركب منها المركبات حتى نصل إلى مكر
مفر مقبل مدبر معاً كجلمود صخر حطه السيل من عل، مُسْتَفْعِلُنْ فَاعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ فَاعِلُنْ تن تن تن تن تن تاتا تن وهكذا. وفي النهاية أصبحت هناك البحور التي جاء الأخفش بعد ذلك وأتى ببحر زيادة وأسماه المستدرك، وسمى هذه البحور على لكن هناك أيضاً من تغني ولذلك يسمونه عندنا الآن في عُرفنا بالشعر الغنائي؛ الشعر الغنائي لأنه يتحول إلى أغنية، يتحول إلى أن أنجشة يحدو به الإبل. فيقول: "رفقاً يا أنجشة، رفقاً بالقوارير"، لأن النساء ركبن الجمل، والجمل يبدأ بالطرب عند سماع "يا حادي العيس"، فيعرج آهاً، ويحدث له حال،
وهذا الحال يجعله يهتز، فالمرأة تتعب من ذلك فيقول له: "رفقاً". كان أنجشة لديه صوت جميل، ولكن بالإضافة إلى الصوت هناك زمن وهناك فواصل وهناك علو وهبوط يسمونه الجواب والقرار. ومن مجموع هذا أصبحت هناك، يعني، مقامات. عندما جاؤوا ليحسبوها وجدوا هذه الأوزان التي نسميها النهاوند والصبا والحجاز والرصد وهكذا، وأصبح هناك. فروع لهذه المقامات الموسيقية وأصبحنا نتحدث كما يقول كامل الخلعي رحمه الله تعالى في أحد الملحن في بداية القرن الرائع، في بداية القرن أربعة وسبعين اسماً من هذه الأسماء، منهم خمسة أساسيين،
ثم تتفرع هذه المقامات الموسيقية، وكل مقام له مدخل وله مخرج وله كيفية في الاتصال. بالأشياء الأخري اقرؤوا القرآن بلحون العرب، يعني بمثل هذه اللحون التي نجدها في قمتها عند الأكابر الذين بهروا الناس بها. كان الشيخ المسلوب - الله يرحمه - عبد الرحمن المسلوب. هذا الشيخ المسلوب كان في أواخر القرن التاسع عشر وعمّر في السن وعلّم الناس. كان هناك المعلم شعبان الذي هو أستاذ. عبده الحامولي، عبد الحامولي، وصلت حالته من القراءة لأنه أتى بجواب الجواب، جواب الجواب هذا يعني شيئاً تألق في السماء. كان هناك رجل حلبي اسمه
الشيخ الرفاعي الحلبي، جاء وكان من كبار الموسيقيين أو من كبار المهتمين بهذه المقامات ليسمع عبده الحامولي، وبعد ذلك عندما سمعه في بداية الليلة. هكذا وهو قال ما هذا الكلام؟ هو يريد أن يغادر. فعبده لاحظه فأرسل إليه الولد وقال له: "عبده لم يُغنِّ بعد، لم يسخن بعد، لم يصل لجواب الجواب بعد". هؤلاء الناس، كان عبده رحمه الله يؤذن ويقوم بالأذان. فذهب وأذَّن بين يدي السلطان. تخيل أن السلطان في الآستانة استدعاه لكي يسمع الأذان الخاص به لأنه كان شيئاً مميزاً، وعندما تسمع الأذان هناك أناس أسلموا ودخلوا الإسلام من النداء إلى الصلاة بهذا الصوت الندي وبهذه الأوزان أو بهذه الألحان إن صح التعبير. كانوا أيضاً يتلون
كتاب الله سبحانه وتعالى على لحون العرب أي بالطريقة العربية وليست على لحون الأجانب الذين بعد ذلك لدينا موزارت ولدينا شوبان ولدينا باخ ولدينا بيتهوفن وهؤلاء الجماعة لاهؤلاء علي واحدة ونصف، لكن نحن على ربع تون. المهم أنه عندما جاء، هناك أشخاص لم ندركهم مثل الشيخ محمد المسلوب، مثل الشيخ درويش الحريري، الله، يوسف المنيلاوي، مثل الشيخ يوسف المنيلاوي، مثل الشيخ. كان محمد قناوي كان شيخًا يحكي لنا عنه مشايخنا، كان يقرأ القرآن في مسجد فاضل الذي جاء بعده الشيخ رفعت. كان اسم المسجد فاضل باشا بدرب الجماميز، واسم الشيخ عبد الشافي. وكان الشيخ عبد الشافي هذا عندما يقرأ، كان مشايخنا يقولون كأنه شيء مميز.
هكذا شيء تقشعر له الأبدان وهو يقرأ القرآن الكريم، والشيخ عبد الشافعي كان في ذلك الوقت لم يدخل الميكروفون بعد، وحتى أن الكهرباء نفسها لم تكن قد دخلت. كان هناك شخص كبير مثل الشيخ أحمد ندا، الشيخ أحمد ندا هو جد المطربة شريفة فاضل جدها، فالشيخ أحمد ندى كان يقرأ وكان جهوري الصوت يعني صوته وهو يقرأ في سيدنا الحسين يصل حتى ميدان الأزهر، لم تكن هناك مكبرات صوت، لكن كانت الدنيا هادئة أيضًا، ليس فيها ضجيج، ولا سيارات، ولا سيارات أجرة، ولا أبواق، لا يوجد تلوث بالمرة، ولا يوجد تلوث سمعي إطلاقًا، فكان الشيخ - رحمه الله - الشيخ أحمد ندا. أي أخذته الخاصة الخديوية وأصبح لديه
عربة مثل الخاصة الخديوية تماماً يتنقل بها وما إلى آخره. هؤلاء لم يستعملوا ميكروفونات. الجيل الذي جاء بعدهم كان فيهم الشيخ علي محمود والشيخ منصور بدار أيضاً والشيخ رفعت وهكذا. الشيخ رفعت توفي عام ألف وتسعمائة وخمسين، وكان العلماء يقولون: "أحييت شباب". الإسلام يعني رجعت للإسلام شبابه من الذي كان يقرأ فيه. مرة الشيخ رفعت ذهب إلى أحد الباشوات ليقرأ. كان الباشوات يحبون دائماً أن يُقرأ القرآن في بيوتهم هكذا، فيحضرون شخصاً كبيراً مثل الشيخ رفعت. وبعد ذلك الباشا بعدما قرأ [الشيخ] دعاه إلى البيت. لقد قرأ في السرادق فأخذه معه إلى المنزل لكي يقرأ وقال
له وزاده في قيمة المبلغ الذي سيأخذه، فالشيخ رفعت - يقول له الشيخ رفعت لماذا؟ - كان تقياً وكان نقشبندياً، كان من تلاميذ سيدي محمد أمين البغدادي النقشبندي، وكان الشيخ يدعو له كثيراً حتى عندما كان يقرأ، مرة كان يقرأ في الإذاعة فحدث شيء من الحشرجة فدعا له الشيخ فانطلق الشيخ منتبه له ويدعو له. هم أهل الله، أهل الله، ولأنهم كانوا متفاعلين مع هذه الحالة. فالمهم أن الشيخ رفعت قال له: "أنت يعني هذا كرم زائد، شاكرون يكفي" فالرجل قال له: "لا، أنت غير منتبه، لأنك ذكرتنا بالشيخ حسن الياس". مَن الشيخ حسن؟ فقال له: مَن الشيخ حسن الياس؟ قال له: والله يا بني لا أعرف
مَن الشيخ حسن. الباشا يقول لمحمد رفعت: والله يا بني ما أعرف الشيخ حسن الياس. كان يأتينا وكان أنت يعني شئ من رائحته. حسنا، إذا كان الشيخ رفعت شئ منه، شئ من حسن الياس هذا، فماذا يكون حسن إلياس؟ هؤلاء أصبحوا ماذا؟ الشيخ رفعت كما تقول، ماذا يعني؟ حصلت له شهوة المعرفة، يريد أن يعرف من هو حسن إلياس هذا الذي لم يسمع به أبداً أو ما شابه ذلك. فعندما نزل ذهب إلى الشيخ درويش الحريري الذي كان بمثابة أبيهم جميعاً حقاً، فذهب وقال له. يا شيخ درويش، هل تعرف شخصاً اسمه حسن إلياس؟ قال: والله، ولماذا تظن أننا نحبك يا رفعت إلا لأنك تذكرنا بحسن إلياس. من هو حسن إلياس هذا؟ قال له: حسن إلياس هذا كان رجلاً فلاحاً، وكان يأتي وقد ربط رأسه بلفافة هكذا بمنديل محلاوي، وكان لديه شيء غريب جداً.
ماذا؟ أنه إذا سمعته في الصباح فهو مثل قطار السكة الحديد، وإذا سمعته في الليل بعد العشاء صوته ملائكي. كيف ذلك؟ ما الذي يحدث في هذا الصوت الذي عند حسن إلياس؟ لا نعرف. وسألوه: هل هو حي أم ميت؟ قالوا: لا نعرف أيضاً. بالإضافة إلى أن زاهد باشا كان لا يعرف سوي سوى أنه جاء من القرية وذهب إلى القرية وانتهى. كانت مصر مليئة حتى قال الناس إن القرآن قُرئ في مصر بهذا المعنى وبهذه الموسوعية منقطعة النظير. أبان لنا مولانا الإمام هذا المعنى، كيف قُرئ القرآن في مصر، وأبان لنا ملامح هذه المدرسة القرآنية في مصر ما بين حلاوة الصوت وجمال الأداء وعبقرية التصوير الفني لهؤلاء الأكابر فاصل ونعود إليكم ابقوا معنا
أهلا بحضراتكم مولانا الإمام مع كل ما تفضلت به من توضيح هذه الجماليات في الأداء والعلاقة بيننا وبين القرآن الكريم من خلال هؤلاء الأكابر الذين شنَّفوا آذاننا وأودعوا هذه الأسرار في قلوبنا، هجر القرآن، كيف يهجر المسلم القرآن وكل هذه الأمور بين أيدينا؟ حاول المسلمون عبر القرون أن يخدموا القرآن حتى لا يتم هذا الهجر، وأول من حاول هذا كان الحجاج لأنه كان قد أفتتح كتاب هو ووالده وكان حفظت القرآن ومحفظي القرآن أيضا للأولاد والصبيان في الطائف، فأمر بعد حروف القرآن وقسَّمه على ذلك إلى سبعة أقسام حتى يُنهي ختمته
في أسبوع. وكان أول تقسيم للقرآن مبنياً على الحروف، وكانت الأقسام السبعة بحيث نقرأ كل يوم جزأين. نحن الآن في الأسبوع سبعة فيُقسَّم إذن. ثلاثون على سبعة يُصبح أربعة أجزاء وبعض الشيء، فأربعة أجزاء وبعض الشيء هو كل يوم، بحيث أنك تُكمِل القرآن في أسبوع. بعد ذلك جاء الإمام مجاهد، وكان إماماً من أئمة القرّاء، فقسّمه أيضاً على الحروف إلى ثلاثين جزءاً حتى لا تمضي إلا وأنت معك الثلاثون جزءاً. بعد ذلك قسّم المسلمون كل جزء إلى حزبين لكي يكون هذا للصباح وهذا للمساء، وكل حزب قسموه إلى
أربعة أرباع حتى تستطيع قراءة الربع في الركعة. هذا التقسيم الذي قام به المسلمون هو للقرآن الذي يتكون من ستة آلاف آية وبعض الزيادة - ستة آلاف ومائتين وستة وثلاثين آية - فابتكروا شيئاً إسمه الركوع كل عشر آيات ترسم عين هكذا وتجدها في الطبعات الهندية. بمعنى اركع هنا يعني كل عشر آيات. وعلى ذلك في الستة آلاف على عشرة يساوي ست مئة، وعلى عشر ركعات نقرأ فيها الآيات، فيكون بستين، وعشرة في النافلة تكون بعشرين ركعة. فإذا كنت ستختم القرآن بهذا الركوع بطريقة تقسيم الركوع. تختمه في شهر الذي ورد أنه يعني اختم القرآن في شهر بي قوة
يا رسول الله، طيب في أسبوع، طيب في كذا، قال له طيب أقل ما فيها يكون ثلاثة أيام، إذاً الإنسان عليه أن يتقن ولا يتعجل لا بد أن يقرأ على أقصى تقدير عشرة أيام، فكان السلف من كثرة حبهم في القرآن يريد أن يقرأ العشرة وليس يريد أن يخالف سيدنا فيكررها، يعني يقرأ العشرة صباحاً ويقرأهم أنفسهم بالليل، فكم قرأ في الحقيقة؟ لقد قرأ عشرين، لكنه قرأ عشرة فقط وقرأ الثلث، ففي الثلاثة أيام يختمون مرتين. طبعاً هذه همة عالية جداً، ولكن السؤال المعاكس لذلك، متى أكون هاجراً للقرآن؟ أقل تلاوة تكون مرة في السنة لأن ختمه - مولانا ختمه في السنة مرة - مرة في السنة يعني تقرأ القرآن كله من أوله لآخره في السنة
مرة. أقل من ذلك يكون فيه نوع من أنواع الهجر. طبعاً بعضهم يفسر الهجر بغير ذلك. معنى الهجر أن الهجر عدم التطبيق هل هجر العمل أم هجر القراءة. نعم، إنه هجر العمل. فالهجر الذي هو منهي عنه هو هجر العمل وليس هجر القراءة. طبعاً القراءة هي وسيلة أيضاً للعمل، فالإنسان وتشجيعاً للناس على القراءة، نقول لهم لا تهجروا القرآن أو لا تهجروا قراءته أيضاً، لأن هذه القراءة هي الخطوة الأولى. لنا للعمل والخطوة الأولى للتصديق والخطوة الأولى للفهم: ﴿أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا﴾. إذاً يجب علينا أن تكون لنا حصة من القرآن. هذه الحصة جعلت الكتّاب يكتبون القرآن بطرق شتى؛ إذ جعلوا يكتبون خمسة عشر سطراً في الصفحة
الواحدة ويجعلون كل خمس اسطر أن يقرؤوهم بمفردهم ويحفظونهم بمفردهم وهكذا إلى آخره، فأصبح هناك فرص كثيرة. وكان الصحابة يحفظون القرآن خمس آيات خمس آيات، ولا يتجاوزونها إلا حتى يفهموها ويطبقوها ويعيشوا فيها. وورد حديث في سنن البيهقي الكبرى: "من حفظ القرآن خمسة خمسة لم ينسَه"، من واظب على خمس لم ينسَ، لم ينسَ، لكن ما ورد في البيهقي هكذا: "من حفظ القرآن خمسة خمسة لم ينسَه" أخرجه البيهقي. المهم أن الهجر هو أساساً هجر الاعتقاد وهجر العمل وهجر التصديق، وتبعاً لذلك هجر القراءة. فينبغي على الإنسان ألا
يحرم نفسه من القرآن بأي وسيلة، بشرط ألا يزيد عن الختمة، لا تزيد عن ثلاث. أيام يعني لا تقل عن ثلاثة أيام لأن هناك نهيٌ عن هذا مولانا الإمام. لو أنني كل يوم اعتدت أن أحفظ خمس آيات مثلاً وأخذت أردد هذه الآيات في كل صلاة من الصلوات الخمس في نفس اليوم، هل هذا يُعتبر أيضاً نوعاً من الترديد وعدم هجر القرآن الكريم، أم أقرأها الصلوات طبعاً هي ما سار عليه المسلمون، فقد حفظوا القرآن من خلال التلاوة داخل الصلاة، وكثيراً ما كان مشايخنا يقولون لك الله إنه يسمع وهو يصلي. كانوا ينتبهون إلى هذه الأمور، فيعرفون من الذي يتعبد، ومن الذي يقول ويكرر، ومن الذي يسير بانتباه ويسمع، وهكذا يظهر ذلك عليهم. هذه القصة، ففي كل هذا من الخير وكل هذا من الرحمة
وكل هذا من تجربة المسلمين الثرية في ما وفقهم الله وأقامهم فيه في حفظ كتاب الله مولانا. حسناً، البعض يتساءل ما أسباب هجر المسلمين القرآن الكريم بمعناه الشامل الذي أوردته فضيلتك من خلال هجر العمل وهجر القول وهجر الاعتقاد كما تراه فضيلتكم، الغفلة وما سُمي الإنسان إلا لنسيه، وما أول ناسٍ إلا أول الناس، فعاهد آدم ربه فنسي. أول الناس الذي هو سيدنا آدم نسي، نسي العهد الذي قطعه على نفسه بألا يأكل من الشجرة، فكان ما كان. فالغفلة أن الإنسان عنده نسيان، ينسى وينشغل بما هو قائم فيه الآن وينسى العهود وينسى الطريق الصحيح وينسى العمل الصالح وينسى الطاعات
وهكذا. فنحن دائمًا في ذكر، فإن الذكرى تنفع المؤمنين. الذكرى ترقق القلب وتجعل الإنسان. "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون". "والذاكرين الله كثيرًا والذاكرات". "واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون". فا الا بذكر الله تطمئن القلوب. الذكر هذا أمر مهم جدًا والذكرى أمر مهم حتى أنه سمى القرآن ذكراً "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون". فعلى الإنسان أن يجدد حياته وأن يجدد إيمانه، وكان سيدنا الرسول يقول لنا هكذا: "جددوا إيمانكم". قالوا: "كيف نجدد إيماننا يا رسول الله؟". قال: "قولوا لا إله إلا الله". انظر إلى البساطة، حلّ لنا كل شيء ببساطة. تخيل في الأوراد الخاصة بنا يقول لك: قل لا إله إلا الله مائة مرة في الصباح ومائة مرة في المساء، يسمونها الأساس،
هذا هو الأساس يا مولانا: لا إله إلا الله. حسناً، ماذا يعني عندما نقول لا إله إلا الله؟ بعض الناس يستهين هكذا، لا، وإن قلتها بلسانك فاستمر، فإن قلبك سيتحرك، وإن قلتها بقلبك فاستمر فإن روحك ستتحرك وهكذا إلى أن تؤثر عليك فتمنعك من المعاصي وتدفعك إلى الطاعة. مولانا الإمام بصورة دقيقة جداً أوضحت لنا أن الوحدة الزمنية هي الأساس في الفنون والأداءات المختلفة والمتنوعة سواء في الشعر أو في الفنون الأخرى في قراءة القرآن، يعني "ورتل القرآن ترتيلاً"، هل هناك فرق بين الترتيل التجويد هل هي الوحدة الزمنية مع الحفاظ على المدود بنفس التوقيت الزمني في القراءة الطبيعية في القرآن الكريم للحفاظ على الأحكام. من الناحية اللغوية، التجويد هو الترتيل والترتيل هو التجويد، أي أنه من الناحية اللغوية يوجد ما يسمى
بالترادف. ولكن من الناحية الاصطلاحية فالتجويد يدخل فيه مراعاة المقامات، يقول لك نعم، هذا داخل بياتي اﻵن. بسم الله الرحمن الرحيم. فيقول ها هو داخل بياتي اﻵن، وأحياناً يُسمي الناس مقام الحجاز وهو بالضم الحجاز، فعندما يدخل القارئ إلى درجة الحجاز هذه، يقول: "اللهم صلّ على النبي" بنفس المقام. هل أنت منتبه، اللهم صلّ على النبي. لماذا؟ لأنه تذكّر الحجاز التي هي أرض التي فيها المدينة وفيها مكة وما إلى ذلك فذهب لا، ليس اسمه الحجاز، هو اسمه الحجاز، نعم هو اسمه هكذا، لكنه يظن أن هذا اسمه الحجاز ويظن أن كلمة الحجاز أحدثت ارتباطاً ذهنياً عنده أن يصلي على سيدنا
الرسول، فكل هذه الأشياء، هذا فقط. معناه أن هذه أذنه، وهذه الأذن هي التي تسمع، فعرف أنه مقام الحجاز، فيصلي على النبي. يعني كذلك الصلاة على النبي هذه، وإن كانت جاءت بهذه الطريقة، وإن كانت تشتمل على شيء من المخالفة الصحيحة، إلا أنها في الحقيقة تدل على شخص عجيب الشكل. حسناً أنت الآن رجل عادي، ما الذي جعلك تعرف الرصد والحجاز وغيرهما من المقامات والسيكا والعجم وهذه المقامات؟ وكيف تفهم أنه دخل نهاوند وبياتي فهم الدخول والخروج من هذه المقامات؟ كان مثلاً سيدنا الشيخ مصطفى إسماعيل شيئاً آخر، كيف يخرج ويقول له الله؟ حسناً، أنت دخلت هكذا، وما المشكلة؟ كيف تخرج؟ فيأتي له بمقام عجيب غريب يخرج به، ماذا؟
هذا إذن هذا ماذا أُسميه؟ ماذا يسمونه؟ إنه فتح. فال الترتيل والتجويد. الترتيل يتبع القواعد، هذه القواعد تعني أن للحرف حقاً ومستحقاً، مخرجاً وصفات. فأنا أسير وفق القواعد تماماً، كحرفي يعني. فيكون هذا هو الترتيل. أما التجويد فيضيف إلى هذا قضايا أولها حسن الصوت، وثانيها المقامات. فهذه القضايا هذه تنقله من دائرة الترتيل إلى دائرة التجويد، وتجد المنشاوي يرتل ويجوّد. سيدنا الشيخ الحصري رحمه الله تعالى يرتل ولكنه يجوّد. وعلى هذا، فالترتيل يأخذ من الواحد
ثلاثاً وعشرين ساعة للقرآن كله، نعم، القرآن كله ثلاث وعشرون ساعة. أما الآخر فقد استغرق ستاً وخمسين ساعة وهو محافظ على نفس الأحكام طبعاً نعم إذا لم يحافظ على نفس الأحكام فسوف يسقط ولا يُعتمد. أهم شيء هو الحفاظ على الأحكام والقواعد هذه التي هي أحكام النون الساكنة وأحكام اللام والراء وما إلى ذلك، ومخارج الحروف إلى آخره وصفات الحروف. كل هذا لابد أن يكون محافظاً عليه هنا ومحافظاً عليه هناك، أما طريقة الأداء من ثلاثة أربعة وعشرين ساعة إلى ستة وخمسين أو سبعة وخمسين ساعة، كم يكون الفرق؟ إنه الضعف وأكثر من الضعف. هي ثلاثة وعشرون ساعة وهذه ستة وخمسون ساعة، يعني سبعة وعشرين ساعة لتصل إلى الخمسين، وفوقها أيضاً مثلها مرة ونصف. إذاً التجويد يأخذ
مسافة لأنه يُؤدَّى بمقامات وليس بإيقاع واحد. ويؤدي بهذه المقامات ليس على سبيل التلاوة الرتيبة وإنما على سبيل الأداء الصوتي، والإسترس علي الحرف يا مولانا، لا، الاثنين أسترسهم واحد جميلة كلمة "أسترسهم" هذه، حسناً، هكذا هم المصريون، هكذا أسترسهم واحداً. يعني النبر، الأسترس نسميه في العربية النبر. فالنبر واحد: يعظكم، يعظهم، يعظكم، فيها أسترس في النبر، فيها نبر "فيعظكم"، "أفلا"، "أفل"، أفل يعني اختفى، وأفل النجم، لكن
"أفلا"، فانظر ماذا فيها، ماذا بها، فيها مسافة، فيها مسافة. النبر هو الضغط، كون أنك تضغط على مواضع من الجملة أو مواضع من الكلمة تُظهر بها معنى، يقول لك أنت مشغول، غير عندما يقول لك أنت مشغول، غير عندما يقول لك أنت مشغول، فانظر كيف هنا مستفهم وهنا مستغرب وهنا منكر وهنا يعني أنت تشغل نفسك لماذا هكذا؟ هذا الأسترس أو هذا النبر له فن قائم بذاته. لا بأس، سيكون في حلقة أخرى نقولها مولانا الإمام إذا اتسعت الرؤية ضاقت العبارة. تعجز العبارة عن وصف ما تتفضل به دائماً وتُنير به هذه العقول وتفتح به هذه الطرق التي نسير فيها دائماً نحو المستقبل. فضيلتكم يا مولانا، رضي الله عنكم
وشكر الله لكم دائماً. شكراً لكم، نلتقي بكم دائماً على هذا الخير. دمتم في رعاية الله وأمنه. إلى اللقاء.