والله أعلم| علي جمعة يرد على شبهات المتطرفين عن التصوف.. ولماذا تتعدد الطرق الصوفية؟| الحلقة كاملة

والله أعلم| علي جمعة  يرد على شبهات المتطرفين عن التصوف.. ولماذا تتعدد الطرق الصوفية؟| الحلقة كاملة - تصوف, والله أعلم
بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. أهلاً بكم في "والله أعلم". نسعد دائماً بصحبة مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو هيئة العلماء بالأزهر الشريف. مولانا الإمام أهلاً بفضيلتك. أهلاً وسهلاً بكم. مولانا يعني كتب التراث لا تزال تثير الكثير من التساؤلات، وهناك تساؤل حول أن هذه الكتب وراء التكفير ووراء أن المتطرفين دائماً يقفون للصوفية وللسادة
الصوفية بالمرصاد. فكتب التراث، كيف نقرؤها؟ كيف نتناول هذه الكتب بالمعنى الحقيقي لوجودها؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله. وآله وصحبه ومن والاه. التراث كلمة أُطلقت على الموروث، ولذلك في حديث عن أبي هريرة أنه سأله الناس وقالوا له، فقال لهم: "اذهبوا إلى المسجد تجدون تراث محمد صلى الله عليه وآله وسلم". فذهب الناس فلم يجدوا شيئاً إلا قراءة القرآن ودرس العلم وحلق الذكر إلى آخره، فهذا المعنى التراث هو كل ما
ورثناه عن آبائنا الصالحين. عندما بدأت أوروبا في إدراك التراث الذي كان يحيط بهم، مثل التراث اليوناني، أي ما ورثوه من الحضارة اليونانية، تأثر كثير من المثقفين، ومنهم طه حسين رحمه الله تعالى، فأنشأ سلسلة أسماها "تراثنا"، ودخل في هذا التراث أي نتاج فكري موجود. لدينا تحت أيدينا الآن على وجه الأرض أكثر من مليون عنوان كمخطوطة لم يُطبع منها إلا ما لا يزيد عن سبعة إلى عشرة في المائة فقط، أما الباقي فلم يُطبع إلى الآن. والعنوان الواحد ربما يكون مجلدات يا سيدنا، وليس كتاباً واحداً أو مخطوطة واحدة، وقد يكون نُسخاً متعددة. مثلاً
كتاب واحد له مائة نسخة، هذا له عشرون ألف نسخة، هذا له مائتا ألف نسخة، هذا له مليون نسخة. "دلائل الخيرات" مثلاً من الكتب التي كان رقمها ضخماً جداً، يصل إلى عشرين في المائة من عدد المخطوطات في العالم. "دلائل الخيرات"، المصاحف، وهكذا. لكن "دلائل الخيرات" هذا كتاب واحد توجد صيغ الصلاة على النبي للشيخ الجازولي المغربي، إذاً نحن أمام تراث ونتاج فكري عميق وواسع، جاء على أن القرآن الكريم هو محور حضرته. هذا التراث الواسع سماه طبعًا حسين "تراثنا". حسنًا، هذا التراث الواسع كان أيضًا تراث فرق ضلت عن أهل السنة والجماعة، تراث فرق تكلمت.
ولأننا نعيش في... حالة من الحرية الفكرية في العالم الإسلامي، لم نقهر أحداً ولم نمنع أحداً أن يعبّر أو يتكلم، إلى أن نُسِب إلى بعض الناس أشياء قبيحة، من ضمنها مثلاً محاولة تقليد القرآن عند ابن المقفع، ومحاولة تقليد القرآن عند أبي العلاء المعري في "الفصول والغايات"، ومحاولة التنبؤ مثلما حصل. وسموه المتنبي أحمد المتنبي. لم يتعرض له أحد. الذي يريد أن يفكر فليفكر، أما الذي ينزل للناس من أجل أن يُحدث في وسطهم
فتنة فيذهبون به إلى القاضي، ليس أن يأخذوه ويقتلوه وانتهى الأمر، لا، يذهبون به بالرغم من أنه نزل بين الناس ومشى يثير الفتنة كما حدث في حدث في الظلام كما حدث في هؤلاء الناس، أما الكاتب فهو مُباح له أن يكتب على كل حال. حدث في هذا الخضم الهائل أنواع مختلفة ودرجات مختلفة وتوثيق مختلف ومعانٍ مختلفة. ألّف كثير من الناس حتى لا نعرف من ألّف ألف ليلة وليلة أو ألّفوا الملاحم الشعبية كسيرة أبي زيد. الهلالي والسلامة والأميرة ذات الهمة وحمزة البهلوان وما أدري أكانت عشرة سِيَر شعبية، ولا أحد حرّم ولا أحد منع هذا إطلاقاً، لأن حرية الفكر كانت أساساً لهذا. حتى يقول أحدهم في تفسيره: "وادّعى ابن الراوندي الفاسق كذا وكذا وكذا".
ابن الراوندي هذا سبّ القرآن ومع ذلك لم يقتله أحد. ولم يفعل هذا ردوا عليه وسموه فاسقاً وسموه زنديقاً، يردون عليه وهم أحرار، وهذا ليس دفاعاً عن الهيئة الاجتماعية وليس تقييداً للفكر، يعني نحن لا نصادر فكرة ولا نصادر كتاباً ولا غير ذلك، لم يحدث ذلك، وها نحن شاهدون على أنفسنا ننطق بهذه الحقيقة، وإلى يومنا هذا حتى الأزهر الشريف. لم يفعل هذا إطلاقاً، فهذا سؤال الثالث: هل صادر الأزهر؟ هل يمكن أن يقدموا لنا كتاباً صادر الأزهر؟ هل منع كتاباً؟ هل منع قلماً؟ هل منع فكراً؟ ليقدموا لنا اسماً. ما الذي يحدث هو أن النيابة العامة ترسل إلينا وتقول: ما رأيك في هذا الكتاب؟ نعم، فأقرأه فأجد فيه الحادث، العامة رأيه هذا رأي وليس حكماً.
طبعاً هذا رأي وليس حكماً. هذا ما نفعله ليلاً ونهاراً. حسناً، أنتم الآن تقولون حرية الفكر، أليس لدينا نحن حرية فكر؟ يعني ألا يجوز للأزهري أن يقول إن هذا مخالف لما ورثناه ولما تعلمناه؟ أنت تركتك تقول إنه لا يوجد إله وأن الله غير أنثى وإن كان من قبيح القول الذي يعني يُجنن ويُشيب الأقرع، أنت الآن يا أخي بعد هذا الخضم لا تريد أن نقول: على فكرة هذا مخالف للإسلام. حسنًا، ماذا أقول؟ أأقول إنه جيد وحسن وموافق للإسلام؟ إذًا سأكون خائنًا وجاهلًا ومضلًا أيضًا. أظل أقول للناس إن هذا مخالف للإسلام، فيقول لي: "حسناً، وماذا عن أولاد حارتنا؟" أجيبه: أولاً "أولاد حارتنا" ليس
لدينا أي مستند ولا تحت أيديكم أنتم يا متكلمين بالباطل، يعني لم يمنع الأزهر "أولاد حارتنا" إطلاقاً، لم يحدث هذا، ليس ما يقصده مولانا، يعني لم يمنع، ما لم يمنع، لم يحدث وحتى الآن المثقفون الذين يزورون التاريخ الإسلامي والذين يشتمون الله ورسوله والذين يشتمون السلف الصالح والذين يشتمون هنا وهناك، لم نمنع أحداً من الكلام، بل رددنا عليهم أيضاً. لا نريد أن نرد عليهم، فقد كان هناك أحد كبار علماء التاريخ في كيمبريدج الدكتور وينتر. أسلم وينتر فكتب مقالة بالإنجليزية يقول لهم فيها: "يا جماعة، نحن الآن نترككم تختارون طريقكم الذي قد يؤدي بكم إلى النار، فلماذا لا تتركوننا نختار طريقنا الذي نذهب به إلى الجنة؟"
أنا أريد أن أفهم، هل حرية الفكر تساوي اختيار طريق النار؟ دعني أقول مثلما تقول أنت. تركتك حسناً، فلماذا لم تتركني أنت؟ هل هذه عدالة؟ هذا هو الذي حدث بالضبط، ونحن متبنون ومتعلمون ومن مشايخنا جيلاً بعد جيل أننا لم نصادر شيئاً. بل إن طه حسين عندما ألّف في الشعر الجاهلي، لسنا نحن الذين صادرناه، بل النيابة العامة هي التي صادرته، لسنا نحن الذين صادرناه، لسنا تم الرد عليه بالقول: "يا مولانا، نحن بالنسبة للشيخ بخيت والشيخ الخضر حسين، قد ردوا. نعم صحيح، لقد قمنا بما علينا. أبو زيد هذا منهار، ولسنا نحن من أخذناه إلى المحكمة ولا رفعنا عليه قضية. إن الناس هي التي ترفع هذه القضايا من تلقاء نفسها إلى القضاء،
والقضاء هو صاحب هل يصلح أم لا؟ هناك أكثر من مائة فيلم محظور قضائياً في إنجلترا وفي أمريكا وهكذا. يجب علينا يعني أن نتوقف عن الكذب، لأنه على فكرة - فقط لكي نقول لبعض الناس - الكذب حرام، هل تنتبه؟ والذي يتقوّل على الله ويتكلم بلا مستندات، فنقول له: توقف عن الكذب لأن لم ينتبه أن الكذب ليس حراماً، بل الكذب حرام. لم أنتهز الفرصة مع فضيلة مولانا الإمام لأسأله تلك الأسئلة العصرية جداً ألا يرى صاحب الفضيلة - وهذا سؤال سنجيب
عليه بعد الفاصل - أن من هم أشد الناس ليبرالية هم أشد الناس إقصاءً للرأي الآخر؟ لماذا؟ لأنهم لا يعرفون لأنهم لا يطبقونها، هم يريدون... كان سارتر، جان بول سارتر، رجلاً من فلاسفة الوجودية الكبار العالميين الفرنسيين. كان يقول في مقدمته لكتاب "معذبو الأرض" وهي رواية لأحد الكُتّاب، يقول: "هؤلاء". نقول هنا "أخو" فيقولون هناك "خو خو خو". حسناً، "أخو" لها معنى، وعندما قيلت في الغرب في السياق... لها معنى تاريخي.
ماذا يعني؟ هو في الأصل لا يفهم ما يدعو إليه، ولذلك ولأنه لا يفهم ما يدعو إليه، وليس هذا هو الذي دعا إليه الفلاسفة الكبار ولا الفلاسفة الصغار، وإن كنا نخالفهم، ولكن بالرغم من ذلك، فإنه حتى الذي دعوا إليه هو لم يفهمه وحرفه منبهرًا. ولم يُنصت إليه أحد فلم يستجب له أحد وفشل هذا النموذج مرة والثانية والثالثة وهم يكررون الآن فشله مرة ثالثة وكل هذا لأنهم يهاجمون بغير مستند ولا علم ولا غير ذلك إلى آخره. سأحكي لك حكاية قد تحل هذا الإشكال وهو الفرق بين العلم والدعاية. لديك نظرية مثلاً مثل نظرية
ليست علمية لأن العلم الذي وُضع منهجه العلمي والذي وُضعت بإزائه كلمة "Science" باللغة الإنجليزية هو العلم المبني على المشاهدة والتجربة والاستنتاج. هل رأينا الإنسان البدائي وهو يتحول إلى إنسان؟ إذاً هو ليس علماً لأنه ليس تجربة، وليس مجرد انتهاء الأمر وحل القضية في عدة دول. تم حل القضية، فحدث استطلاع للرأي من بعض مؤسسات استطلاع الرأي الأمريكية، ونزلوا إلى الأساتذة والطلبة. "هل أنت مؤمن بنظرية داروين؟" قال: "طبعًا"، "لماذا؟" "لأنها علمية، العلم هو الذي يقول هكذا". "طيب، لكن هذا ليس علمًا لأنه لا يوجد تجريب فيه". فيقف الطالب حائرًا والأستاذ حائرًا وينظرون
هكذا قائلين: "هذه تفكير أول مرة ننتبه إليها، نعم، فهذه دعاية اسمها كذلك. هذه دعاية، هذه البروباجندا، هذه البروباجندا، إنها دعاية تشبه دعاية هتلر أو دعاية موسوليني. هذه دعاية لا علاقة لها بالعلم، عندما يصل الأمر إلى أن هناك فرقاً بين الدعاية والعلم. شخص كاتب. من المثقفين أيضاً هؤلاء الأحرار الأبرار يقول أحدهم: "يا أخي، هذا أمر غريب جداً، إنه يتحدث عن يأجوج ومأجوج، أين جوجل إيرث؟". يقول ذلك ولم يكلف نفسه أن يدخل إلى جوجل إيرث، لأن كل ما ذكرته أنا مأخوذ من جوجل إيرث، وقد أحضرت الإحداثيات. تخيل أنه رجل يدعو إلى التوثيق!
ويدعو إلى الاحترام وما إلى ذلك ثم لا يطبق هذا على نفسه، لماذا هكذا؟ لأنه متضايق من المشايخ فقط لا غير. ولماذا هؤلاء الناس جريئون جداً هكذا؟ حسناً، أنت لم تذهب ولم تسمع ولم تبحث ولم تدخل، فادخل وسترى بنفسك. لقد رأينا من هؤلاء ما يستدعي عدم الوثوق بهم لأنهم لم يتبعوا ما تقول. أنت تقول لماذا هم هكذا؟ لماذا هم هكذا؟ لأنهم هم أصلاً ليسوا إخواننا. مولانا أعود إلى ما بدأنا منه وهو كتب التراث وقراءة كتب التراث. الذين دائماً يتهمون كتب التراث بأنها هي السبب في كل ما يحدث، يعني البعض يتساءل أو... يقول بعض المتطرفين إن كلمة التصوف أو الصوفية لم تكن موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فمن أين
أتيتم بهذه الكلمة وبهذا العنوان؟ قام الدكتور عبد القادر محمود بدراسة هذا الموضوع، وله كتاب لطيف جداً في البحث عن التصوف، وذكر أن التصوف على ثلاثة أنحاء: هناك التصوف السلفي أمثال مالك، من أمثال أبي حنيفة، من أمثال هؤلاء الجيل الأول المولود في القرن الأول، من أمثال الحسن البصري قبلهم وهو من التابعين. فهذا كان يُسمى هذا العلم حينئذٍ بالزهد. الزهد لهنّاد بن السري، الزهد لأحمد بن حنبل، الزهد لفلان، لابن المبارك عبد الله بن المبارك، إلى آخره. إبراهيم بن أدهم والفضيل بن عياض وأمثال
هؤلاء، كان يُسمّى هذا المقام، وهو مقام دراسة درجة الإحسان، بالزهد الذي نسميه الآن كمصطلح بالتصوف السلفي. ثم بعد ذلك ظهر أبو طالب المكي في "قوت القلوب"، وظهر أبو حامد الغزالي، وظهر عبد الكريم القشيري في "الرسالة"، وأبو حامد الغزالي في "مكاشفة القلوب". وفي إحياء علوم الدين وهكذا وبعد ذلك وفي نحو القرن السابع الهجري بدأ يظهر تصوف آخر اسمه التصوف الفلسفي وكتبوا مثل الجيلي في الإنسان الكامل مثل القاشاني في التفسير المنسوب خطأً إلى محيي الدين بن العربي مثل
هؤلاء وهؤلاء حتى أدركهم الغزالي وكتب فضائح الباطنية ولم يرضَ هذا الحال الذي جعلوا فيه المعنى الأصلي للقرآن معنى باطنياً، فبهذا الشكل أصبح قد أفسد الدين ويرد على الأصل بالبطلان يا مولانا، ويرد على المصادر بالبطلان. انظر إلى الدراسة، إنها دراسة تصنيف وأتت عن وعي، وليس عن رفض مطلق وانتهى الأمر. لقد تحولت إلى علوم يا مولانا، تحولت إلى علوم، وإلى أن هذا يكون له مصطلحات تُسمى في الإنجليزية "Vocabulary" أو "Glossary"، هذا المعجم المصطلحي هو بمثابة دليل الشخص لأن مصطلحاته خاصة جداً، وهذا هو كلام السيوطي عندما
يقول إن كتبهم حرام على غيرهم، أي أن من يعرف مصطلحاتها يستطيع قراءتها، ومن لا يعرف مصطلحاتها سيضل ويذهب في اتجاه آخر، إذاً فكل... هذا علم، لماذا؟ لأنه أتى عن بحث وأتى عن تدقيق وأتى عن مشاهدة وأتى عن تجربة، لكن شخص جالس يشرب كوباً من الشاي ويأتي بفكرة من عنده، هذه تسمى نظرية، لا تسمى علماً، تسمى رأياً، لا تسمى علماً. هذا الرأي قد يكون صواباً وقد يكون خطأً، وهناك حرية لهذه. الآراء يجب أن تُطرح وأن تُقال، ولكنها ليست علماً. ليس كل شخص يقول لي إن العلم أثبت هذا - علم مَن؟ فيكون إذا هذا الحال يؤكد لنا أن التراث ليس واحداً، فهناك منه
سلفي، ومنه سُنّي، ومنه فلسفي، ومنه مقبول، ومنه غير مقبول، ومنه ما لو حاكمناه... بمعيار الشرع لقبلناه كله أو لقبلنا بعضه أو لرفضناه كله أو رفضنا بعضه، فهذا هو حال التراث. طريقتنا هذه موقوفة بالكتاب والسنة، أو كما يقول سيد الطائفة الجنيد - سيدنا الجنيد. ما معنى هذا؟ وهل يعني أنهم لم يطلقوا له العنان، أو أن أولئك المتطرفين لم يطلقوا له العنان في كل ما يأتي به الصوفية بدعة؛ الذكر بصوت عالٍ، التمايل أحياناً في الأذكار. كل ما رصدوه عن الصوفية وما اجتمع عليه ساداتنا الصوفية رفضوه وقالوا إنه بدعة. ألّفتُ كتاباً أسميته "البيان لما يشغل الأذهان" أوردت فيه كل الأدلة
التي استدل بها هؤلاء من الكتاب ومن السنة عندما يجدون آية. الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار. عندما يجدون ويذكرون الله كثيراً فاذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون. فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون. ألا بذكر الله تطمئن القلوب. عندما يجدون رسول الله يقول: لا يزال لسانك. رطباً بذكر الله، اذكر الله حتى يقال عنك إنك مجنون، تطوف في الأرض مجالس ذكر الله. ما هذا؟ يعني ما هذا الهتر الذي نحن
فيه. فقالوا: طريقنا مقيد بالذكر والفكر، بالتخلية والتحلية. من حصل له التخلي والتحلي حدث له التجلي، وبدأوا يطبقون ما أراده الله ورسوله من. كثرة الذكر ومن ورود الواردات بعده ومن كل كلمة في التصوف. كل كلمة في التصوف لها أصل في الفهم، وابن القيصراني أبو طاهر المقدسي له كتاب اسمه "صفوة التصوف"، أقام فيه الدليل على كل كلمة أتى بها السادة الصوفية، واتفق عليه بين الكتاب والسنة. اللمع كتاب. اللمع هذا هو كتاب فريد وحيد وقد حققه الشيخ عبد الحليم محمود
وطبعه. أتى به في نفس هذه الحكاية، فإذا نحن أمام مجهود أمة لحماية مقام الإحسان، فيأتي الصبيان ويقولون: "لا، لا، هذا ليس موجوداً". هذا نفي قبيح مخالف للواقع، وقد قلنا قبل ذلك مرات: الكذب حرام عندما نذهب عندما جمع الملك عبد العزيز رحمه الله تعالى فتاوى ابن تيمية ورسائله وما إلى ذلك، كان الجزء العاشر عن التصوف، ولا يزال اسمه حتى الآن "التصوف". يعني الملك عبد العزيز، وكان في رسائل محمد
بن عبد الوهاب، وهو معروف بأنه يدعو إلى السلف الصالح وما إلى ذلك، يقول: "وعليه المفسرون الصوفية وجمع كل هذا عبد الحفيظ المكي رحمه الله تعالى في كتاب أسماه "موقف أئمة السلفية من سادتنا الصوفية". جمع كل النصوص هذه وفعلوا ماذا؟ الذي أصابه أنت كاذب، ليس من المعقول أنهم قالوا هكذا. حسناً، فالكتب عندنا. لماذا أنت كاذب؟ ومن هنا بدأ الجيل الثاني لهذا التوجه القبيح يحذف. من الكتب، أي لنقف عند هذه النقطة المهمة جداً لنذهب إلى هذا الفاصل ثم نعود لنناقش ما تبقى في هذا الموضوع من أسئلة، وإن الأسئلة فيه كثيرة جداً. ابقوا
معنا. أهلاً بحضراتكم يا مولانا. أيضاً يطرحون، أي دعوى كثيرة، دعوى باطلة بأن الصوفية ينصرفون عن القرآن والحديث كثيراً، أي وأنهم... يأخذون هذه الأفكار من مشايخهم ومن السادة الصوفية، أي كيف نرد على هذه الأمور التي يبتدعونها أولاً بأول. من أئمة الحديث في مصر كان الإمام السيوطي، ومن أئمة الفقه في مصر كان العز بن عبد السلام الذي عندما رأى أبا الحسن الشاذلي اتبعه وألّف كتاباً صغيراً اسمه "زبدة التصوف"، وهو سلطان العلماء والسيوطي هذا المحقق الفريد الوحيد ألف كتاباً اسمه "تأييد الحقيقة العالية للطريقة الشاذلية" وقال فيه أن كل
هذه حقائق وأنه يجب علينا [اتباعها] لأنها مكررة ومأخوذة من الكتاب والسنة باعتبار أنها مصدر للشريعة وأيضاً موجودة من الوجود لأن المعرفة الإنسانية تقوم على هذين المصدرين: الكون الكبير وهو الوجود الصغير وهو الكتاب والسنة، أو الكون الكبير وهو الكتاب والسنة في مصطلح آخر ما بين الرازي وابن عربي، والكون الصغير الذي هو الوجود بحاله بسماواته وأرضه. هذا ينظر إلى الحجم وهذا ينظر إلى حقيقة السر الذي فيه. على كل حال، اقرأ باسم ربك الذي خلق. هذا هو الكون الكبير وما اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم الذي هو الوحي،
فتكون لك قراءتان، والقراءتان تؤديان بنا إلى المعرفة. ولذلك كل هذه الأمور مثل قضية الموالد وقضية الجهر بالذكر وقضايا أخرى، لم نؤلف فيها نحن، بل ألف فيها ابن حجر العسقلاني، وذكر حياة الخضر في كتاب الإصابة في الصحابة. ابن حجر له الإصابة نعم، له الإصابة، وأضف الغابة لابن عبد البر. ففي الإصابة ذُكر الخضر كصحابي من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فحياة الخضر هذه اختلف فيها المحدثون. هم يتكلمون في ماذا؟ هم يريدون هدم أمة، هدم أمة بأكملها. فالحمد لله رب العالمين، العلماء المحدثون متوافرون. وعلى سبيل المثال، نحن في طريقتنا
إلى الله تعلمنا على يد الشيخ محمد الحافظ التجاني، وكان آية من آيات الله في إدراك السنة، وكان يصلي الفجر بوضوء العشاء أربعين سنة متصلة، يكتب سنة رسول الله بيده. والله ومشايخنا، الشيخ عبد الله بن الصديق الغماري حافظ الأمة، كان يحفظ الأحاديث بأسانيدها، من خمسين ألف حديث، أولئك العلماء العاملون الربانيون هم أصحاب التصوف، هم أهل الحقيقة. الشيخ أحمد بن الصديق الغماري والشيخ الكوثري كان من أكبر علماء الرجال في العالم وكانت طريقته نقشبندية. هؤلاء يكذبون، كيف نحن الفقهاء والعلماء أهل الله وأهل القرآن
وأهل التصوف وأهل الحديث ثم بعد ذلك. ينكر عليهم هذا الإنكار ويصنف هذا التصنيف لأنه ليس على هواهم فقط لا غير، الذي خالفناه هو هواهم. يضعون في مرمى أهدافهم وسهامهم التي تسقط قبل أن تنطلق من الأقواس التفسير الإشاري والتفسير الباطني للقرآن الكريم أو هذا التأويل الذي يقول به السادة الصوفية كما يقول الإمام الشاطبي أن النص. القرآن مثلاً له معنى أصلي وله معنى تابع. الفرق بين الإشاري والباطني أن الإشاري يُقِرّ معنى تشعر به في القرآن كمعنى تابع، لكنه لا يعود على المعنى الأصلي بالبطلان. المعنى الأصلي كما هو، يقول
لك: "أقم الصلاة" فتكون هي الصلوات الخمس هذه، ثم المعنى الإشاري فهو أن هناك صلة بينكم. والله أتفهم، أقيم هذه العلاقة بيني وبين الله، لا أصلي، نعم هذا يكون باطنياً، وهذا يكون الفرق هنا أن الباطنية تنكر المعنى الأصلي، نعم، لكنها تقول مثلاً أن الحج هو القصد إلى الإمام، والصوم هو كتم سر الإمام، والصلاة هي... هذا هو التفسير الباطني المرفوض، الذي يقول بهدم... الشريعة وهدم القرآن الكريم في لغته الجميلة اللغة العربية، لكن الإشاري لا، فهو يضيف إلى المعنى الأصلي معنىً آخر يحتاج إلى شرح. هذا هو الفرق بين الإشارة وبين الباطني: الباطني يستنبط معنى الصلة لكنه يكر بها على إقامة الصلاة بالبطلان، والإشاري يستنبط معنى الصلة
ويضيفها إلى هذا المعنى الأصلي الذي مستقر ومعمول به إلى آخره، إنما هو يحاول أن يبحث عن سره ويتعمق في عمقه ويدرك الكامن وراءه. ما الكامن وراء الصلاة؟ أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر. ما الكامن وراء الصلاة؟ أنها لكبيرة إلا على الخاشعين. ما الكامن في الصلاة؟ أنها بركة وأنها إناء. يُعطيك الله سبحانه وتعالى فيه تجلياته أي الكامل في الصلاة، وهكذا يبقى أي علاقة هذا بأنها تُقام أو لا تُقام؟ لا، إنها تُقام لأنه "أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا". إذاً المعنى الأصلي كما هو ويُضاف إليه معنى ترتاح.
ليست النفس هي التي تكشف سرها أو تكشف هدفها أو تسهل أدبها إلى آخره. يقول الإمام في الصوفية: نسمع هذه العبارة وإن كانت عنواناً لكتاب "هداية ربي عند فقد الشيخ المربي". هم ينظرون دائماً إلى الصوفية وكأنهم يقدسون شيخهم، يعني هذه العلاقة بين الشيخ وبين المريد، بين السالك وبين شيخه إلى الله كيف على حقيقتها وكيف فهموها أو لم - عذراً - لم يفهموها. العلم دائماً والصلة هذه ما هي إلا رحماً نبله ببلالها. العلم رحم بين أهله، فالعلم الذي هو رحم بين أهله يؤدي بنا إلى هذا الود وهذا الحب. أنا أقول لك مربط الفرس في
هذا أنهم لم لا حبَّ اللهِ ولا حبَّ رسولِهِ ولا حبَّ المؤمنينَ ولا حبَّ الناسِ ولا حبَّ الدنيا ولا حبَّ الآخرةِ، هم قُساةُ القلوبِ، وهذه صفاتُهم التي وصفَهم بها رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلم. مولانا، تعلَّمنا من فضيلتِكم، اللهمَّ دُلَّنا على مَن يدُلُّنا عليك، باركَ اللهُ لنا فيكم، ونلتقي دائماً على الخير. مولانا الإمام الدكتور علي جمعة وضحية كبار العلماء أسهل الشريف، شكراً لكم. دمتم في رعاية الله وأمنه. إلى
اللقاء. اشتركوا في