والله أعلم| فضيلة الدكتور علي جمعة يتحدث عن الصفات الإلهية في القرآن الكريم| الحلقة الكاملة

ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير. أهلاً بكم في "والله أعلم". نسعد دائماً بصحبة صاحب الفضيلة مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة، عضو كبار العلماء بالأزهر الشريف، لنواصل معه هذه القراءة المتأنية في منهاجه التجديدي والإصلاحي. مولانا الإمام، أهلاً بفضيلتكم. أهلاً وسهلاً بكم. اسمح لنا أن نتساءل يا فضيلة... الإمام حول آيات الصفات وهل القرآن الكريم جمع كل صفات الله بين آياته الكريمات. دعنا في البداية واسمح لنا أن نتساءل ما صفات الله أو معنى صفات الله
سبحانه وتعالى. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. لما جاء جبريل يعلّم الناس أمر دينهم في الحديث المشهور الذي صدّره الإمام مسلم في صحيحه أنه بينما كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ دخل عليه رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر ليس عليه أثر السفر ولا يعرفه أحد منا وفي النهاية تبيّن أن هذا الإنسان هو جبريل متمثلاً في صورة تقرب في الشبه ولا تماثل سيدنا دحية الكلبي، ودحية كان يستعمله رسول الله في السفارات إلى الملوك وإلى القياصرة ونحو ذلك، وهو سفير رسول الله إلى المقوقس. فكان جميلاً وكان
نظيفاً ومحياه جميل، فكانوا يظنون أن جبريل عند دخوله أنه دحية الذي كان سفيراً. يليق بسفارة، يليق بالسفارة، يعني الذي نسميه الآن دبلوماسياً. فسيدنا جبريل جلس جلسة المتأدب، فجعل ركبتيه إلى ركبة سيدنا النبي ويديه على فخذيه، وسأله: ما الإسلام؟ ما الإيمان؟ ما الإحسان؟ فلما سأله هذه الأسئلة أجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سؤال ما الإيمان فقال: أن تؤمن بالله وملائكته. وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، فعدَّ العلماء هذه الأركان هي أركان الإيمان، وأولها الإيمان بالله، وبدؤوا في البحث في الكتاب والسنة وهما المرجعان الأساسيان، الكتاب
هو الكتاب الإلهي الرباني الكلمة الأخيرة للبشرية، والسنة هي التفسير المعصوم لهذا الكتاب في كيفية تطبيقه على الواقع، فوجدوا أن هناك مباحث في هذا المقام مبحث يُسمّى بالإلهيات ومبحث يُسمّى بالنبوات ومبحث يُسمّى بالسمعيات. فالإلهيات يعالجون فيها ويبحثون عما يجب أو يجوز أو يستحيل في حقه تعالى، والنبوات كذلك يبحثون فيها عما يجب وما يجوز وما يستحيل في حق الأنبياء الكرام خاصة سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، والسمعيات هي ما كان لا العين ولا الحس ولا يدركها الحس وإنما تدركها السمع فسموها السمعيات، مثل
أن هناك يوماً للقيامة، مثل أن هناك جناً أو ملائكة أو كذا أو كذا، سمعت عنه ولكن لم أرَ، سمعت عنه من الكتاب المصدق ولكنه غيب. نعم، والله سبحانه وتعالى جعل الإيمان بالغيب ركناً من أركان هذا الإيمان. المجمل فأصبحت المباحث الثلاثة إلهيات ونبوات وسمعيات، فعندما تأتي وتدخل في باب الإلهيات فهو أولاً قال ما الذي يجب في حقه تعالى في القرآن وفي السنة وفي المعقول، ما الذي يستحيل في حقه تعالى، ما الذي يجوز في حقه تعالى. يبقى إذن المبحث مقسماً إلى ثلاثة يعني أقسام أو ملفات. أقسام أو ملفات بلغة العصر، الملف الأول هو: طيب،
ماذا تعني "يجوز" و"يستحيل" و"يجب"؟ هذه التي هي في الإلهيات، التي هي في كل شيء، يعني ماذا يعني هذا هكذا. فيقول الإمام الدردير، سيدنا أحمد الدردير المالكي المدفون خلف الأزهر في مقامه المعروف هناك، صاحب الخريدة البهية، له الخريدة البهية في العقائد الإسلامية يقولون فيها أقسام حكم العقل لا محالة، أي هي الوجوب ثم الاستحالة ثم الجواز ثالث الأقسام، فافهم مُنحت لذة الأفهام أو الإفهام. فيبقى إذاً الحكم العقلي إما أن يجب، وماذا يعني يجب؟ يعني لا يتصور العقل قلوب هذا الشيء منه، لا يتصور العقل، وإما أن يستحيل
يعني لا... يتصور العقل وجوده، أما أنه هو "يجوز"، فماذا يعني ذلك؟ يعني يتصور العقل وجوده وعدمه، يجوز، يصح، ويمكن أن ينفي. فبدأوا من هذا المدخل، وهو أن الإنسان إذا رجع إلى عقله وبحث في الأحكام المنسوبة إليه، وجدها ثلاثة أقسام لا محالة. أحكام العقل لا محالة هي: الوجوب، ثم الاستحالة، ثم ثالث الأقسام فافهم: مُنحت لذات الأفكار. فلما عملوا هكذا وجدوا أن الله سبحانه وتعالى يتصف بصفات، وهذه الصفات وردت في الكتاب ووردت في السنة وهكذا. فسألوا أنفسهم سؤالاً
أولياً لكي نصل إلى الإجابة على السؤال الخاص به. قالوا: والله، ماذا تعني كلمة صفة؟ وماذا يعني اسم؟ وبدأوا في البحث. ما معنى الصفة؟ وما معنى الاسم؟ وما معنى أسماء الله؟ وما معنى صفات الله؟ وقد ذهبوا معرِّفين إياها، وكانوا يُحبون أن يعرفوا كل شيء لكي تصبح الأمور واضحة جلية، ونعرف كيف نتفاهم مع بعضنا ومع البشر، ويصبح علماً. فقالوا: الاسم ما دل على الذات. أي اسم يعني عندما نقول مثلاً اسم لماذا؟ لأنه دلّ على الماهية المشخصة أمام هذا الشبح، الأشباح والأجساد هذه قوم، هو دلّ عليه، عندما أقول حسن الشاذلي، فإن
الذهن يتجه إليه، ينصرف إليه، لا يمكن أن ينصرف إلى شيء آخر. فلان الفلاني لا يصلح لأنه معروف بالفعل أن هذا اسمه، فالاسم يعني ماذا؟ يعني هو. علم على الذات، حسناً. وما للصفة؟ الصفة أن حسن الشاذلي طويل أو قصير، أبيض أو أسمر. إذاً، ما هي هذه الصفة؟ ما هي الصفة؟ قالوا إن الصفة معناها معنى قائم بالذات. يعني أنا أريد حسن الشاذلي هذا، هو هكذا، هو أمامي وهو أبيض. حسناً، سأغمض عيني وأراه. أسود، يصلح، هو ليس خارجاً، أسود هو في عقلي أنا الذي أسود، هو أسود، فأغمضت عيني وتخيلته أشقر،
يصلح، الله، هذه تكون الصفة، معنى قائم زائد على الذات، هذه التي هي بهذا الطول بهذا العرض بهذا الشكل. حسناً، أريد أن أسأل سؤالاً آخر، قلت له: اسأل، قال: الشاذلي وهو في اللفة صغير هكذا، هو حسن الشاذلي هذا، قلت له: نعم. قال لي: فما الذي اختلف فيه؟ قلت له: الصفات. في ذلك الوقت كان وزنه كذا والآن وزنه كذا، في ذلك الوقت كان طوله كذا والآن طوله كذا، في ذلك الوقت كان شعره كذا والآن شعره كذا، بالذات لكن الذات واحدة، أين الذات؟ هو حسن الشاذلي ذلك المعروفة بدايته والذي ننتظر نهايته، أهو هذا؟ هو حسن الشاذلي، أهو هذا؟ هي هذه الصفات التي هو فيها، هذه الصفات تتغير، الطول تغير، الشكل تغير، الوزن
تغير، ولذلك الأولاد الذين يلعبون على الكمبيوتر هيا نعطيهم حسناً. الشاذلي هذا هو صورته وهو في العاشرة من عمره، ونقول لهم: "هل يمكن أن تطلعونا على شكله الآن؟" فيجيبون: "ليس لدينا صورته الحالية". فيأتون وقد أضافوا إلى وجهه علامات الشيخوخة والكبر، فيظهر حسن الشاذلي بشكله الحالي، وهذه التقنية تستعين بها وزارة الداخلية في البحث عن الأشخاص وما إلى ذلك، هذه لماذا؟ لأنها معنى، طول، عرض، كذا إلى آخره، قائم بالذات. حسناً، قبل الله، ما هو الاسم؟ قال: هذا الاسم هو ما دل عليه سبحانه وتعالى، الذي هو مثل ماذا؟ الله. انظر، كلمة "الله" هذه من الواضح أن "الله" هذه هي عبارة عن علم
على الذات. عندما نأتي ونقول "الله"، فوراً خالق الأكوان إنه الرزاق إنه المحيي المميت الرحمن الرحيم لا أحد سيعتقد أن الله هذا أبوه أو أمه أو الجار أو غيره، لا، هذا لا يصح. حينما يُذكر الله تعالى ينصرف ذهن كل إنسان مباشرة إلى الله جل جلاله. يستحيل على العقل أن يتصور غير ذلك. إنه اسم، هذا اسم الصفات ماذا؟ نعم، معنى قائم بالذات، حسناً، قام بذاته تعالى. ماذا؟ رقم واحد أنه موجود، رقم واحد أنه هو موجود، لأنه ليس من الممكن أن يكون معدوماً، لأن الكائنات التي نراها حولنا وإدراكاتنا إما
موجودة أو معدومة. حافظت، أحفادي، الآن هذا معدوم وليس موجوداً، يمكن أن يوجد. نعم، يمكن أن توجد، لكنه الآن غير موجود، وستسميه حفيد حفيدك أيضاً. حينها، نعم، إذا أمدّ الله في الأعمار هكذا حتى رأيت حفيد حفيدي، فما هذا؟ موجود بالفعل، هذا ممكن. بارك الله في أمك. طيب، وابني أو ابنتي؟ ابنتي موجودة بالفعل فعلياً، فيكون هذا موجوداً وهذا معدوداً. قابل للوجود ولكنني الآن أريد أن أفهم أن الله هل وصف نفسه بصفات؟ نعم، كم صفة وصف نفسه بها في القرآن الكريم؟ وصف نفسه بأكثر من مائة وخمسين صفة. حسناً، وما الغرض منها؟ الغرض منها
أن ينبهنا إلى إزالة الجهالة وإلى معرفة رب العالمين الخالق الذي أمرنا أن نعبده من كل جهة فوصف نفسه بأكثر من مائة وخمسين صفة تختلف عن الأسماء. الصفات هنا تختلف عن أسماء المرأة حتى يكون الأمر بالنسبة لنا نحن كمتعلمين. اسم الله نعم، هذا اسم الله. أما الصفات فهي: الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق. البارئ المصور وهكذا الخالق البارئ المصور الغفار الفتاح العليم القابض الباسط الخافض الرافع المعز المذل السميع
البصير الحكم العدل اللطيف الخبير وتفضل تمشي هكذا في مائة وخمسين اسماً، اسم أم صفة؟ نعم هي صفة لأنها معانٍ قامت بالذات. الرحمة قامت بالذات، القدرة. القادر المقتدر المقدم المؤخر الأول الآخر الظاهر. الباطِنُ، الوالي، المُتَعَالي، البَرُّ، التَّوَّابُ، المُنْتَقِمُ، العَفُوُّ، الرَّؤُوفُ، مَالِكُ الْمُلْكِ، ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، المُقْسِطُ، الْجَامِعُ، الغَنِيُّ، المُغْنِي، المَانِعُ، الضَّارُّ، النَّافِعُ، النُّورُ، الْهَادِي، البَدِيعُ، البَاقِي، الوَارِثُ، الرَّشِيدُ، الصَّبُورُ. هَذِهِ الصِّفَاتُ كُلُّهَا لِمَاذَا نُسَمِّيهَا أَسْمَاءً، بَيْنَمَا الأَمْرُ وَاضِحٌ؟ الاِسْمُ هُوَ اللهُ، وَكُلُّ هَذِهِ صِفَاتٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مِائَةً وَخَمْسِينَ صِفَةً سَمَّيْنَاهَا.
اسم لماذا؟ نعم، قال: لأنك أنت عرفت أن الاسم هو صفات لكنها تحولت إلى أسماء. قلت له: لا، أريد أن أعرف كيف تحولت؟ قال لي: لأننا قلنا إن الاسم هو ما يدل على الذات "الله"، والصفة معنى قائم بالذات. حسناً، قل هكذا "الرحمن" وانظر ماذا سيتبادر إلى ذهن الناس. جل جلاله الله تحول إلى اسم، حسناً قل هكذا: سبحان المهيمن، الله سيكون هو الله، حسناً والوهاب هو الله، حسناً والعزيز هو الله الذي لا إله إلا هو، الله الذي لا إله إلا هو، هذه ست أسماء في سورة الحشر في الآيات الثلاث، انظر كيف تحولت الصفات
لأنها إذا أُطلقت إلى الله إلى الله، تحولت إلى الأسماء حتى قال تعالى: "ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها". حسناً، إذا كان هناك مائة وخمسون صفة موجودة في القرآن تصف الله سبحانه وتعالى، فلماذا تحولت إلى أسماء؟ لقد عرفنا أنها تحولت إلى أسماء لأنها إذا أُطلقت أُريد بها الله. حسناً، ولكن... لماذا هكذا أن الله تفضل سمحنا بأن نخرج للفاصل ونعود لكي نستعرض التفاصيل حتى ندرك ونفهم ونعي موضوع الفواصل، نخرج إلى هذا الفاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا، أهلاً بحضراتكم. يعني قبل أن نسأل حول هل تعد آيات
الصفات في القرآن من المتشابهات، أعود إلى السؤال الذي سألناه أو نريد الإجابة. عنه قبل الفاصل وهو كيف تحولت هذه الأسماء إلى صفات حينما أُطلقت فانصرف ذهن السامعين إلى الله سبحانه وتعالى لكمال المعنى القائم به، يعني رحمة الله لا رحمة بعدها، كبرياء الله ليس هناك أكبر منه، قدرة الله ليست ممكنة أي أنها قدرة لا نهائية وهكذا، فلما قامت هذه الصفات موجودة في الله سبحانه وتعالى على حد الكمال حتى وصل الأمر إلى أنها إذا أُطلقت انصرف الذهن إليه، فأصبحت أسماءً ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها. هذه الأسماء
التي تلونا كثيراً منها، فوق المائة والخمسين، وفي السنة أكثر من مائة وستين، يعني هناك أسماء تحولت إلى صفات موجودة. في السنة وفي القرآن الكريم يعني في السنة يوجد القديم، وفي السنة يوجد الصانع، وفي السنة يوجد مثلاً الحبيب، وهكذا. حسناً، يمكن أن يسأل أحدهم: يا مولانا، لماذا هذه الصفات أو الأسماء لا تندرج في التسعة والتسعين اسماً التي نحن نذكرها عادةً؟ الأسماء كثيرة جداً. أجل، وهذا هو السؤال الثاني الذي يُمكن أن يُطرح: إذا كان هناك مائة وخمسون اسماً في القرآن، ومائة وستون في السنة، ألا نجمعهم ونحذف المكرر؟ فيصبح المجموع
مائتين وعشرين. أي أنني أملك الآن في الشريعة ورود مائتين وعشرين اسماً لله تعالى أو مائتين وعشرين صفة لله تعالى. هذه المائتان والعشرون المائتان والعشرون صفة الواردتان، هل هما كل صفات الله؟ إليك السؤال الذي يليه، السؤال الثالث والإجابة: لا. فلو رأينا نقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعائه: "اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك أنزلته في كتابك". هذه المائة والخمسون واضحة أو معلومة، وهناك مائة وخمسون أخرى. علَّمتَه أحداً من خلقك سيدنا وغيره من الأنبياء الصالحين وكذا إلى آخره أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا
وجلاء همنا وحزننا ونور أبصارنا وصدورنا، ففي هذا الدعاء يبين لنا سيدنا أن أسماء الله غير متناهية وأنه قد أذن أن نعرف بعضها. ولكنه لم يذكر لنا كل أسماء الله. حسناً، لماذا تعددت هذه الأسماء بهذه الكيفية؟ العرب كانت إذا أحبت شيئاً أو خافته - إما أن تحبه أو تخافه، أو تخافه - أكثرت من أسمائه. فأكثرت جداً من أسماء الخمر لأنها كانت تحب الخمر كثيراً. الأسد له أسماء كثيرة، الأسد خافته، والبحر خافته خافت تركة بالبحر، فللبحر أسماء كثيرة، وهكذا الفيروزآبادي لما تخصص في جمع اللغة، وكذا الذي هو صاحب القاموس المحيط والقاموس الوسيط فيما
ذهب من لغة العربي شماطيط، ألّف كتاباً أسماه الروض المألوف أو المسلوف فيما له اسمان في لغة العرب إلى ألوف، تصل إلى الآلاف، تصل إلى الآلاف. كانت العرب مثلاً، ممّا أورده الزبيدي - الرجل الفيروزآبادي - في هذا الشرح للقاموس، لكنه أورد أشياء عجيبة في ذلك، من ضمنها أنه ليس هناك فاكهة إطلاقاً إلا ولها عدة أسماء. أتدرك ذلك؟ فكانت العرب هكذا، إذا أحبّت شيئاً أو خافته أكثرت من أسمائه، فالله سبحانه وتعالى أكثر. لهم من الأسماء
لأنه يقول لهم إنني صاحب جلال وجمال وكمال فخافوني وارجوني، نعم، أحبوني واحذروني. فالعرب تفهم من هذه الدلالات أن هذه أسماء كثيرة. الله يكون ملكاً، يكون عظيماً جداً، يعني الذي أسماؤه كثيرة هذا نحبه لكن نحترمه ونجله وهكذا، فليس في... لا توجد فاكهة إلا ولها ستة أو ثمانية أو تسعة أو عشرة أسماء في لغة العرب، لأنهم كانوا يحبون الفاكهة، وكانوا يعتبرونها نوعاً من التفكه، وهي ليست من جنس القوت، بل
هي من جنس الحلاوة، أي الشيء الذي يُحلّي بعد الابتلاء. الفكاهة هي شيء حلو، فمثلاً البطيخ اسمه بِطّيخ بالكسر. هكذا واسمه أيضاً شمام هو البطيخ هذا واسمه جبسي واسمه رقي واسمه حبحب وهكذا. تقول إذن: الله، ما هذا الحبحب؟ هو البطيخ، هو البطيخ. فكانت العرب عندها هذه العادة. فالمهم والحاصل أنَّ عندنا أكثر من مائة وخمسين، أكثر من مائة وستين في السنة، المجموع أكثر من. مائتان وعشرون صفة تحولت إلى أسماء، هذه الصفات تعددت من أجل الجلال والجمال والكمال، وتعددت أيضاً من أجل تعريف الخلق بخالقهم. يعني فوجئنا ببعض المستشرقين
الذين ظهروا وهم الذين نبهونا إلى هذه المسألة، يقولون إن المسلمين يعبدون مجهولاً، فهم لا يعرفون أين هو، وهو غير ظاهر لهم، "لا تدركه الأبصار فهم يعبدون مجهولاً فنبهونا إلى أن الله سبحانه وتعالى ذكر لنفسه مائتين وعشرين صفة هي وصلت في حدها إلى حد الأسماء لكي تعرفه من كل وجه وتعرف أنه رحمن رحيم وتعرف أنه عفو غفور وتعرف أنه منتقم جبار وتعرف أنه متكبر عظيم عزيز وتعرف أن له صفات الجمال والجلال. والكمال هو الأول والآخر، هو الظاهر والباطن، هو وهو على كل شيء قدير. إذاً، فهذه الصفات ذُكرت بهذا الترتيب من أجل التعرف إلى الله سبحانه وتعالى، من أجل إيصال حقائق إيمانية لا
بد للناس أن تتخذها. فهذا هو حال الصفات أو حال الأسماء الحسنى التي هي في حقيقتها لغة من. تفسير الصفات هل تعد يا مولانا الإمام آيات الصفات من متشابهات القرآن الكريم أو من المتشابه؟ لا، هذه مدرسة، أرادت أن - يعني أنت تعرف - هذه مدرسة أرادت أن ترد على مدرسة أخرى فذهبت وصنعت حكاية المتشابهات، لا، الصفات وما ورد فيها هي من آيات المحكمات، لكنهم عندما... وجدوا أهل التجسيم يريدون أن يحملوا صفات الله سبحانه وتعالى الفعلية العملية ويحملونها على التشبيه بالخلق، فقالوا له: هذا من قبيل الآيات المتشابهة. لا يوجد شيء اسمه
الآيات المتشابهة بهذا المعنى، الآيات المتشابهة في القرآن هي التي تشابهت مع الشرائع السابقة، لكن عندما نأتي إلى "الرحمن على العرش استوى" فشخص يقول استوى، هذه الكلمة "استوى" لها في اللغة خمسة عشر معنى، من ضمنهم جالسة، ومن ضمنهم ناضجة، ومن ضمنهم استولى، ومن ضمنهم قهر. فيأتي مختار كلمة الجلوس ويقول: أريد أن أقول الرحمن جلس على العرش. وتظهر العقائد الفاسدة هذه أثناء الترجمة، فيأتي مترجم بأنه جلس على العرش كأحد من الناس. هذا النابت يقول إنه صعد إلى العرش وكلمة "ما ينفعش" جعلها "جنب"، أي ترجمتها المباشرة الحرفية هكذا. إنه شخص تالف العقل وعقل من أنجبوه. لكن هذه المسألة ليس فيها شيء
اسمه مستوى، يعني "صعد"، لا توجد هذه الكلمة، لكنه يريد أن يُظهر أنه كان الله. جسمٌ لا، ليس كمثله شيء إطلاقاً. ربنا سبحانه وتعالى منزهٌ عن أن يكون جسماً، ومنزهٌ عن أن يكون عرضاً، ومنزهٌ عن أن يكون محيزاً، ومنزهٌ عن أن يكون موجوداً غير محيز بهذه المعاني. يعني أن يكون فرداً أو جوهراً أو مركباً أو جسماً أو عرضاً ممنوع. ليس كمثله شيء. فالرب رب والعبد عبد وهناك فارق بين المخلوق والخالق. حسناً، إذا كان الأمر كذلك، هو موجود؟ نعم هو موجود. كيف وأنت تنفي عنه المثلية والتشابه؟ لأنه له مائتان وعشرون صفة عرفناه بها. حسناً، موجود بهذه
الصفات؟ هذه الصفات قائمة بذاته. قلنا له ما هي قائمة بذاته زيادة عن هذه قلنا لهم زيادة عن هذه الذات، قالوا لنا: حسناً، وما تقسيمها إذن؟ نعم، إذا كان الأمر كذلك، قلنا لهم: تقسيمها أولاً أنه موجود، فهذه صفة نسميها الصفة النفسية. ثانياً أنه منزه عن خمس، فهو أول لا بداية له. ماذا يعني لا بداية له؟ يعني أنه ليس مخلوقاً، وأنه سبحانه وتعالى لا نهاية له تعني أنه لن يموت، وأنه ليس فانياً، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام. إنه هو الأول وهو الآخر وهو قائم بنفسه لا يحتاج إلى الخلق، وهو ما نسميه قيوم السماوات والأرض. الله لا إله
إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم. له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يئوده حفظهما يعني لا يُتعبه حفظهما لأنه إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن. فيكون والله سبحانه وتعالى قاهرًا فوق عباده ولا يُثقله حفظهما وهو - انظر - كلمة "ولا يئوده حفظهما"، "ولا يئوده حفظهما" هذه تعطيه القدرة غير المتناهية التي لا نهاية
لها. فإذا هو الأول وهو الآخر وهو قيوم السماوات والأرض وهو أيضًا واحد. وهذه الصفات ولذلك يسمونها الصفات السلبية. ماذا أي أن الأصل ليس كذلك، ليس كذلك. ما معنى "ليس كذلك"؟ يعني ليس مخلوقاً. أليس كذلك؟ ظهرت هنا كلمة "ليس" التي تعبر عن السلبية. لا، مستحيل يا مولانا. ليست الاستحالة، بل النفي. نعم، السلب يعني النفي. نعم، فالنفي هنا، السلب هنا، أي النفي الذي هو بالتعبير العامي. ليس الأول أي ليس مخلوقاً، الآخر أي ليس فانياً، القيوم أي ليس محتاجاً، الواحد أي ليس له شريك، نعم ليس اثنين، هو ليس اثنين، ليس هذا وذاك،
ليس له شريك، هل انتبهت؟ فهذه الصفات تسمى الصفات السلبية. بعد ذلك توجد صفات ذات، أي قلنا الصفات. الصفة النفسية واحدة، نعم. والصفات السلبية هذه خمسة. بعد ذلك هناك سبع صفات ذاتية، وبقية الصفات هي صفات أفعال. صفة الذات تعني ماذا؟ تعني أنه لو نفيناها عن الله فهذا لا يصح، إنه عيب، استحِ. يعني نفيها نقص، والله كامل من كل جهة. ما هي؟ قاموا يقولون لنا ونحن صغار. هكذا فقدرة وإرادة وسمع وبصر وعلم وحياة
وكلام واستمر وأعطِ السبعة. قدرة، لا تقل أن ربنا عاجز، لا يصح هذا، فهو قدير. قدرة غنية ماذا؟ فقدرة وإرادة، فهو لا يفعل شيئاً مُكرهاً عليه، لا يصح أيضاً. سمع، هو مدرك للمبصرات والمسموعات. بصر، هو مبصر للمسموعات والمبصرات. علم، لا تستطيع أن ربنا ليس عالماً - انتبه - حياة، لا تستطيع أن تقول إن ربنا ليس لديه حياة، بل هو في حياة، لكنه قائم بذاته، ليس بروح. وليس هناك بعض الناس يظنون أن هناك روحاً حلت في ربنا، لا، ربنا ليس له روح تحل هكذا، ويقول لك: "يسألونك عن الروح". قل الروح من أمر ربي، نعم هي مخلوق، روح
الله ونفخنا فيه من روحنا، هذا مخلوق مثل بيت الله هكذا يعني. مولانا، أنا حادث فقائم بغيري، أنا قائم بغيري كإنسان، لأن الله سبحانه وتعالى قادر أن يفنيك بأن يقطع عنك المدد، والله قائم بنفسه، والله قائم بنفسه ما. لا أحد يستطيع أن يتسلط عليه ولا يفنيه ولا أي شيء، فالله سبحانه وتعالى له كلام، فأمرنا حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه. ففي كلام الله الصفات السبع هذه: قدرة، إرادة، سمع، بصر، علم، حياة، كلام. إذن لدي صفة واحدة منزهة، ولدي خمس صفات سلبية، ولدي سبع صفات ذاتية. ثلاثة عشر الباقي أفعال نذهب إلى هذا الفاصل، ما ودنا. اسمح لنا ثم نعود لنكمل مع صاحب الفضيلة الإجابة على هذه الأسئلة المرحة. ابقوا
معنا. أهلاً بحضراتكم، مولانا الإمام. ما بين الصفات النسبية والسلبية والذات نأتي إلى الأفعال. هل باقي الصفات أفعال؟ هي الصفة الفعلية معناها أن نفيها لا يستلزم. نقصاً في حقه تعالى يعني الله إلى الآن لم يخلق حفيداً، الحفيد الذي تحدثنا عنه، فهل هذا نقص؟ أبداً، يفعل ما يشاء ربنا سبحانه وتعالى. ضيَّق الرزق قليلاً على أحدهم، هل هذا يعني حدوث شيء؟ أبداً. وُلِدَ معيباً، نعم، وُلِدَ معيباً عندي، ستكون الخِلقة مثل ما... يقولون: "فعّالٌ لما يريد"، هذا مُلكه يفعل
فيه ما يشاء. فهذه الصفات من الخلق، والرزق، والإحياء، والإماتة، ومن هذه الأشياء، ومن الشفاء من الأمراض، وغير ذلك، كل هذه الأشياء إنما هي من قبيل صفات الأفعال، لأن نفيها لا يستلزم في حقه تعالى نقصاً. يعني عندما نقول... ربنا لن يرحم إبليس لم يحدث شيء. ربنا لم يخلق حفيداً، حفيدي لم يحدث له شيء بعد. ربنا لن يرزق فلاناً لأنه قدَّر عليه، هذا اختبارٌ وابتلاءٌ وليرى ما يحدث. لم يحدث شيء. ربنا أمات واحداً اليوم أو أحيا واحداً اليوم أو أبقى على فلان أو لا، كل هذه من الأفعال تكون الرحمة من صفات الأفعال، الغفران من
صفات الأفعال، الهداية من صفات الأفعال، الرزق من صفات الأفعال، الإحياء من صفات الأفعال، الإماتة من صفات الأفعال، الانتقام من صفات الأفعال. كل هذه صفات تسمى بالصفات التي هي غير الثلاثة عشر التي ذكرناها، فيكون هناك ثلاثة عشر واحدًا وخمسة. وسبعة وفي بقية الصفات الأخرى كلها هذه صفات الفعل. أما عندما جاء المجسمة فيقول لك: لا، هذا هو بيده مبسوطة، هذه صفة. ما معنى المجسمة يا مولانا حتى نكون فاهمين؟ هناك أناس تصوراتهم خاطئة، تصوروا صورة لله. نعم، هؤلاء هم المجسمون، تصوروا صورة لله. والله سبحانه وتعالى منزه عن كل صورة وعن كل مثلية لأنه هو قائم بنفسه وهو مخالف للحوادث وهو باقٍ وهو واحد أحد
في نفسه وفي صفاته وفي أفعاله وفي كل هذا. فهم تصوروا صورة لله، فلما سمعوا "بل يداه مبسوطتان" و"لتصنع على عيني" و"الرحمن على العرش استوى"، ظنوا أن... هذه الألفاظ إنما جاءت على مقتضى اللغة كما فهموها هم، لا أن هذه الأشياء إنما جاءت للدلالة على ما يلزمها في لغة العرب. ما الذي يلزمها في لغة العرب؟ عندما سُئل الإمام مالك عن "الرحمن على العرش استوى"، كيف استوى؟ قال: ليس له كيف، الاستواء معلوم في اللغة، والكيف غير ليس كيف لله، فلا تسأل وتقول ربنا من أي مادة هو مصنوع منها. ربنا ليس مصنوعاً من شيء، إنما هو الخالق. نعم، يعني هل هو أمواج؟
أم ومضات؟ أم أشعة؟ لا، ربنا ليس شيئاً كهذا، فكل هذه مخلوقات، طيب هو... هو... ماذا يعني إذاً ويجلس يفعل هكذا؟ هذا الكلام هو كلام السفهاء. لماذا؟ لأن الله سبحانه وتعالى لا كيفية له، ليس له كيفية. فما دام ليس له كيفية، فهو سبحانه وتعالى متفرد في ذاته. وفي مرة من المرات في حلقة أخرى سنشرح للناس ماذا يعني زيد الطويل الأزرق بن مالك في بالأمس كان متكئاً بيده غصن لواه فالتوى. فهذه عشر مقولات سوى، لأن الناس لو عرفت هكذا، فإن هذه الأسئلة أصلاً لن ترد، لأن الرب رب وأن العبد عبد. وهذا سؤالي الملح جداً. ويرغب بعض المشاهدين أن يسألوه: "هل فكرة
أننا من العوام - أنا من العوام، من عامة الناس - بداخلي لدرجة يقول: "اللهم ارزقنا إيماناً كإيمان العوام". هل من نعم الله سبحانه وتعالى علينا نحن العوام أن ندرك هذا بلا أي صعوبة وببساطة وبتلقائية؟ هناك فارق كبير بين ممارسة الشيء وبين صياغة هذه المشاعر، ففي العلم يصوغ هذه المشاعر وهذا التصديق وهذا الإيمان يصوغه في صورة. مصطلحات وقواعد وجمل مفيدة وبحث متعمق إلى آخره، لكن الشعور؟ طيب أنا أشعر بالجوع وأشعر بمخالفة الله للحوادث وبتفرده سبحانه وتعالى وما إلى ذلك. من غير كل هذه الصياغات، ما الذي يحدث عند الإنسان عند الجوع؟
نعم، يتكلم في هذا الأطباء ويتكلمون جيداً ويصفون ما الذي يحدث في المعدة. والمعدة ترسل إلى أهل المخ، والمخ يرسل إلى أهل لا أعرف ماذا، حتى يقرصني الجوع، وكيف أن الطعام والشراب يذهب الظمأ ويذهب الجوع، لكن هذا البحث ليس له علاقة بأن الإنسان يجوع، فبالطبع كل الناس تجوع وكل الناس تشبع، كل الناس تعطش وكل الناس ترتوي، وهكذا فحضرتك تتكلم مثل هذا. بالضبط، لأن جميع الناس مؤمنة وجميع الناس بدون فلسفة الأطباء وصياغتهم. إذن هل يصبح هؤلاء الأطباء لا فائدة منهم؟ لا، بل لهم فائدة ولهم فائدة كبيرة لأنهم يقودوننا إلى الخير. مولانا الإمام الرجل الدكتور علي جمعة عضو كبار العلماء الأزهري الشريف، رضي الله عنكم دائماً يا مولانا، أهلاً
وسهلاً. بكم دمتم في رعاية الله وأمنه، إلى اللقاء،