والله أعلم| فضيلة الدكتور علي جمعة يرد على اتهام المتطرفين الصوفية بالشرك| الحلقة الكاملة

أهلا بكم وأحييكم بتحية الإسلام، وتحية الإسلام هي السلام، عليكم ورحمة الله وبركاته. وسيدنا دائماً ينصحنا ويرشدنا قائلاً أن أفشوا السلام بينكم. هذا هو السلام الذي نحتاجه ليعم الحب هذا العالم. أهلاً بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامج والله أعلم، لنسعد دائماً بصحبة صاحب الفضيلة مولانا الإمام الدكتور. علي جمعة وضيف كبار العلماء بلا الأزهر الشريف، مولانا الإمام، أهلاً بفضيلتكم، أهلاً وسهلاً بكم، مرحباً مولانا الإمام. المتشددون المتطرفون،
أولئك القتلة، دائماً ينشرون هذه الكلمات وهذه الأصوات العالية بأن الصوفية أهل شرك، وأن الصوفية ينشرون البدع. لماذا دائماً يقفون عند هذا المعنى وينشرون هذا العنوان في أي مكان يحلون؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. الأزهر الشريف عندما قام لحماية المنهج الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم عن صحابته الكرام، ثم عن الأئمة المتبوعين، ثم عن علماء الأمة المفكرين الأتقياء الأنقياء، قوام الليل وصوام النهار، حافظ... على الإسلام في رونقه الذي عليه جماهير المسلمين وهو أن يكون في عقيدته تابعاً لما صاغه
وقرره من كتاب الله وسنة رسوله أبو الحسن الأشعري رحمه الله تعالى فيقال إنه أشعري العقيدة وأن يكون متبعاً للمذاهب الأربعة التي نُقلت بالتواتر عن أصحابها والتي خُدمت وفُصِّلت فيها الأصول وقُعِّدت فيها. القواعد وفرعت فيها الفروع وتم فيها التخريج وتولى أصحابها القضاء في بلاد المسلمين من طنجة إلى جاكارتا ومن غانا إلى فرغانة عبر التاريخ، وأيضاً هو صوفي الأخلاق لأن الصوفية جاءت لتحمي مرتبة الإحسان، وجبريل عندما جاء يعلم الأمة أمر دينها في الحديث الذي صدر فيه الإمام المسلم صحيحه والذي يرويه. عُمَرُ بنُ الخطاب إمامُ أهلِ السنةِ
وأحدُ الخلفاءِ الراشدينَ المهديينَ مِن بعدِ الرسولِ صلى اللهُ عليهِ وسلم، وهو وزيرُ رسولِ اللهِ رضيَ اللهُ تعالى عنهُ وأرضاهُ، حيثُ قال: "بينما نحنُ جالسونَ عندَ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ إذ دخلَ علينا رجلٌ شديدُ بياضِ الثيابِ، شديدُ سوادِ الشعرِ، لا يَعرفُهُ". أحدٌ منا وليس عليه أثر السفر، فجاء حتى جلس إلى النبي، فوضع ركبتيه إلى ركبتيه ووضع يديه على فخذيه كهيئة المتأدب، يعني للتعلم، ثم سأله وقال: "يا محمد، ما الإيمان؟"، ثم قال: "ما الإسلام؟"، ثم قال: "ما الإحسان؟"، ثم قال: "متى الساعة؟". هذه الأسئلة الأربعة التي وجهها جبريل إلى رسول. الله تلقى لها جواباً فقال
له: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً. قال: صدقت. فعجبنا كيف يسأله ويصدقه! حتى إذا ما سار جبريل، فقال: أتدرون من هذا؟ هذا جبريل جاءكم يعلمكم أمر. دينكم وكان يأتي في صورة صحابي معروف لديهم وهو دحية الكلبي، فإذا رأوه من بعيد ظنوه دحية، فإذا اقترب وجدوا أن الملامح مختلفة. سأله عن الإيمان وما الإيمان، قال: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره"، ستة أركان. قال: "فما الإحسان؟"، قال: "أن تعبد الله كأنك". تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك،
فقام المسلمون وقسموا علومهم على هذا التقسيم الرباني، فجعلوا الإيمان مكوناً من إلهيات ونبوات وسمعيات، وجعلوا الإسلام مكوناً من فقه، ثم وضعوا له أصولاً ووضعوا له قواعد من أجل الاستنباط، وقام الفقهاء لحماية هذا الدين في صورة أحكامه، وقام أهل التصوف من الأتقياء الأنقياء الأولياء لحماية جانب الإحسان، كيف وما البرنامج الذي اتخذوه من الكتاب والسنة، وكان سيد الطائفة الجنيد يقول: "طريقنا هذا مقيد بالكتاب والسنة"، كيف نضع من البرنامج هذا حتى
نصل إلى أن نعبد الله كأننا نراه، فتكلموا عن الذكر والفكر مستدلين بقوله تعالى: "الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى... جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار. تكلموا عن التخلية والتحلية، التخلي من كل قبيح والتحلي بكل صحيح. واسمعوا هذه المهلكات والمنجيات، وأخذوها من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كله مرده إلى الكتاب والسنة يا مولانا ولا بد، وإذا لم... يكن تصوفًا وإنما يكون بدعة مذمومة، فهو كله من الكتاب والسنة، ولذلك لم ينكر التصوف أحد ذو قيمة. وحتى الذين اعترضوا على شأن المتصوفة الزهاد في
بدايات الأمور رجعوا واتفقوا على أن التصوف جزء من دين الله، وهو الذي يحمي مرتبة الإحسان، وهي مرتبة في غاية العلوم وفي... غاية القيمة في دين الله سبحانه وتعالى لأنك لو نظرت في الكتاب وجدت أن الآيات التي تتحدث عن الأحكام الشرعية التي ضمَّها الفقه في صورة الإسلام تجدها ثلاثمائة آية من ستة آلاف آية ويزيد، ستة آلاف ومائتين وستة وثلاثين آية، فما ثلاثمائة على ستة آلاف يعني معناها... واحدٌ على عشرين معناها خمسة في المائة، حسناً، والخمسة والتسعون في المائة من القرآن هي الأخلاق المرتبطة بالعقيدة. ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ
فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾. فالقرآن بما اشتمل عليه من قصص ومن أمثال، قد اشتمل كله على الأخلاق وربطها بالعقيدة. السنة عندنا ستون ألف حديث، نصف الستين ألف حديث منهم ألفان في كتاب بلوغ المرام أو في كتاب منار السبيل أو في أي شيء آخر: اثنان وستون بواحد على ثلاثين، يعني ثلاثة في المائة، وماذا عن السبعة والتسعين بالمائة الباقية؟ والله لا يؤمن. انظر إلى العقيدة: من بات شبعان وجاره جوعان وهو يعلم به، ومن لم يكرم ضيفه فليس منا، ومن وكذلك يربطها بكونها أخلاقاً ويقول في النهاية: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق". فحسناً،
أنت الآن ترى أنها أخلاق حميدة، قال: "لا تغضب ولك الجنة"، "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين"، "قل إن كنتم تحبون الله"، فهو يأمر بالحب وعدم الكراهية وبالاتباع وإلى آخر هذا النظام. فأخذوا منها كما أخذ الفقهاء أحكامهم بأصول منضبطة واجتهاد مشكور من الكتاب والسنة، أخذ الصوفي هذا البرنامج من الكتاب والسنة، وجدوا "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون" و"الذاكرين الله كثيراً والذاكرات" و"اذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون" و"ألا بذكر الله تطمئن القلوب"، فعرفوا هكذا "فذكر اسم ربه فصلى"، فلما
وجدوا أن... الذكر موجود في كل شيء كتاباً وسنةً. جعلوا الذكر والفكر للذين يذكرون الله ويتفكرون، وجعلوا التخلية والتحلية، وجعلوا قواعد معينة أن من كان ملتفتاً في طريق الله لا يصل. إذاً هذا هو التصوف الذي أقره البعيد والقريب. كان محمد بن عبد الوهاب لما خرج في نجد يدعو إلى نبذ البدعة يقول في كتبه ورسائله وما إلى ذلك، وهذا ما عليه المفسرون والفقهاء وسادتنا الصوفية. كان يذكر هذا المعنى السادة الصوفية، والشيخ عبد الحفيظ المكي أورد هذا، أي الصوفية في كلام أئمة السلفية. عندما
جاء عبد العزيز القاسم رحمه الله، جمع كل ما كتبه ابن تيمية وجعلوه في سبعة وثلاثين مجلداً. خمسة وثلاثين مجلداً واثنين في هارث، ماذا وجدوا؟ لقد سُمي الجزء العاشر التصوف مباشرة، والجزء الحادي عشر علم السلوك، وجاء وضع في التصوف هذه التحفة العراقية لابن تيمية. لا أحد يجهل أن ابن تيمية دُفن في مدافن الصوفية، ابن تيمية دُفن في مدافن الصوفية وهي ما زالت موجودة هناك في موجودة إلى الآن مدفونة في مقابر الصوفية، فابن قيم الجوزية كان يقول: "شيخنا الشيخ أحمد بن الصديق الجمالي رحمه الله تعالى أعلم من كتب في التصوف". آه، ابن القيم، ابن القيم الذي نعرفه لأنه ألّف كتاب "الروح"، ولأنه
كتب عن الأرواح، ولأنه خلّف وترك "نزهة المشتاقين"، وترك "مدارج السالكين"، و"زاد شرح منازل السالكين بين "إياك نعبد وإياك نستعين" الذي هو أساس التصوف، والذي شهد على ابن تيمية فيما أخطأ فيه كان ابن عطاء الله السكندري. فلما خرج ابن تيمية من السجن قال: "أنت لست شانئهم، إنك فعلت ما فعلت من شهادتك عليّ لوجه الله، أنا أعلم هذا". ابن تيمية هو الذي يقول لسيدي ابن عطاء الله، نعم يقول له: "أنا أعلم أنك رجل طيب"، نعم، وهذا لعقيدتك، هذه عقيدتك، أنت لم تكذب ولم... وهو الذي يذكر هذا، ليس ابن عطاء الذي قال: "فلما التقيت ابن عطاء الله
السكندري الصوفي قلت وقال لي وفعلت وكذا إلى...". آخره فلكن نبت بعد ذلك نبت من جراء هذا التكفير وما إلى ذلك. في منتصف القرن التاسع عشر بدأ الإنكار على التصوف، وحتى أوائل القرن العشرين عادوا مرة أخرى، ولكن هناك اضطراب عند النابتة أو هذه العقليات لتتهم الصوفية بالشرك.
في نظرية بعد دراسة حال التطرف والإرهاب جاءتنا نظرية. تُسمّى بنظرية الأجيال المتتالية، حيث كل جيل يأتي أقل من الجيل الذي قبله في التشدد والتطرف والانحراف عن كتاب الله وسنة رسوله. عندما بدأت الخوارج تظهر في أيام سيدنا علي، وُضعت لها قواعد وحاربها المسلمون وعلى رأسهم سيدنا علي، وجلس يحاربهم. حوربوا من سنة سبع وثلاثين إلى اثنتين وثمانين، أي والمسلمون يقاتلون الخوارج الذين خرجوا على الحاكم الشرعي وخرجوا أيضاً على منهج الإسلام السُّنِّي. بعد ذلك وفي القرن الرابع أولاً انقطع
دابر الخوارج فلم يظهروا أبداً. ظهروا في المغرب وظهروا لمدة بسيطة جداً، فقاومهم المسلمون وحاربوهم حرباً ضروساً وانتهوا. بعد ذلك بدأوا يظهرون للخروج على الدولة العثمانية، بدأوا يظهرون. فحكم عليهم ابن عابدين بأنهم خوارج، وحكم عليهم الشيخ الصاوي المالكي في تفسيره بأنهم خوارج، وهكذا كان هذا الجيل أحسن، والجيل الذي بعده دائماً أسوأ. ذهب مشرك البصيري، فإنك لو اتخذت هذه العقلية ستؤدي هكذا، بدلاً من الجيل الأول الذي لم يكن يشرك البصيري ولا شيء، أتينا في الجيل الثاني. وتبدؤون بإشراك
البوصيري الذي يمدح رسول الله مثل الخوارج الأوائل. حسناً، ما الذي تعترض عليه أيها الصغير في قصيدة البردة؟ البردة أو البرءة التي قال فيها: "يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم". حسناً، وهذا. فاهمها كيف؟ قال اللياذ والعياذ واللجوء، اللجوء إلى الله فقط، أن تلوذ بالله فقط. نعم، قلنا لهم: حسناً، هذا ليس فهم السلف الصالح، لأن البخاري أخرج أن النبي صلى الله عليه وسلم [ذكر أنه] سيذهب الخلق إلى آدم ثم نوح ثم إبراهيم فموسى فعيسى، وكلهم يحيل على أخيه لأمر
بيّنه. وبين الله حتى يأتوا إلى النبي فيقول أنا لها أنا لها. أخرجه البخاري. فيأتي إلى العرش فيسجد تحت العرش فيلهمه الله محامد كثيرة لم يلهمها لأحد سواه. ثم يقول له: يا محمد، ارفع رأسك وقل تُسمع، واشفع تُشفع. ما شأني بالذهاب إليه، يعني سأذهب إلى آدم سواك. سيقول لي: لا، لست أنا، سأذهب إلى نوح، ثم سيقول لي: لا بأس، سنذهب إلى إبراهيم، وسيفعل هكذا، فأذهب إلى موسى وعيسى، فيقولون هكذا. فمن يا رسول الله سواك يمكن اللجوء إليه في هذا الموقف العصيب لأقول له: ادع لهم؟ فهؤلاء الناس لا يعرفون، لديهم حساسية عظيمة - يا أخي ضد
الحب لا ضد رسول الله أو ضد حب سيدنا صلى الله عليه وسلم. لا هذا ضد رسول الله على الدوام هكذا، خائفون يا عيني لئلا قال الناس أنهم تأَلَّهوه. ما رأيك أن الأمة الإسلامية تميزت بأنها لم تعبد محمداً أبداً، ولا حتى شخص واحد مجنون، لم يحدث يا مولانا، أطلق الحكم النهائي البتّ أي أنه يوجد من ادّعى النبوة، ولكن لا يوجد أحد... لا، بل يوجد من ادّعى الألوهية. فالحاكم بأمر الله ادّعى الألوهية. نعم، وكذلك كان عبد الله بن سبأ الذي ادّعى أن علياً إله. صحيح، وكذلك البهاء، فهو واحد منهم. منا أيضاً جاء من مسلم لم يكن مسيحياً ولا كان يهودياً. البهاء، فالبهاء كان مسلماً ادعى الألوهية وقال إن ربنا حلّ فيه. إذاً يا أخي، ادعى الألوهية وادعى النبوة، وادعى المهدية،
ادعى كثيراً، ولكن ما رأيك؟ لم يدّعِ أحد لا مجنون ولا عاقل أن سيدنا النبي إله أو... نصف إله أو جزء من الإله أو الإله حلّ فيه إطلاقاً. هذه المكرمة التي جاءت لأن النبي عليه الصلاة والسلام استجاب الله دعاءه: "اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد"، فلم يجعله وثناً. هذه المكرمة ضيّعوها وادّعوا أن كل المسلمين هؤلاء مشركون، ليس الصوفية فقط، بل كل من يقول له "يا اللهَ أغثني، فيقول: حسناً، لكنه لا يقول: يا رسول الله أغثني، والغوث لا يكون إلا من الله. الغوث رسول الله، يعني الغوث رسول الله صلى الله عليه وسلم. نقول له: طيب، لكنك هكذا
لم تقرأ السنة، أنت هكذا لست معنا، أنت هكذا تؤلف ديناً من ذهنك النبي. عليه الصلاة والسلام قال: إذا كان أحدكم في فلاة فضلت ناقته، الناقة التي هي من الإبل التي يملكها ضاعت، فليقل: "يا عباد الله احبسوا، يا عباد الله احبسوا". إنه ينادي من؟ ينادي أحداً غير الله، ملائكة، فإن لله عباداً يحبسونها عليه. ألسنا نحن مؤمنين بأن هناك... الجن موجود في القرآن وفي السنة، بأن هناك مخلوق عظيم من الجن اسمه إبليس، كما قال تعالى "إلا إبليس كان
من الجن ففسق عن أمر ربه". وأن هذا الإبليس وسواس خناس في المؤمنين، أي أنه وسواس خناس. وماذا يفعل هذا الوسواس الخناس؟ إنه يوسوس في صدور الناس ويخنس، وهذا هو الخناس ما صفاته؟ إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم. أليس كل هذا نحن مؤمنون به؟ فلماذا أنت لست مؤمناً بالملائكة التي تحرس، ولا بالنبي عليه الصلاة والسلام الذي يدعو؟ فالنبي قال، ونحن نتبع السنة، قال النبي هكذا: "تُعرض عليّ أعمالكم فإن وجدت..." خَيِّرانِ حَمِدْتُ اللهَ، وإنْ وَجَدْتُ غَيْرَ ذَلِكَ استَغْفَرْتُ لَكُمْ. فالاسْتِغْفَارُ هذا ما مَعْنَاهُ؟ إنَّهُ طَلَبُ الغُفْرَانِ، وهذا يَعْنِي ماذا؟ إنَّهُ الدُّعَاءُ. حَسَنًا، وهَلْ النَّبِيُّ عِنْدَمَا يَدْعُو يَجِبُ أنْ يَسْتَجِيبَ
اللهُ لَهُ؟ أبَدًا، لأنَّ اللهَ قَالَ لَهُ في سُورَةِ التَّوْبَةِ: "اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً الله لهم يكون إذا نحن الآن أمام أنني أسأل من رسول الله لماذا لأن الأنبياء أحياء في قبورهم وفي البخاري أن النبي مر على موسى وهو يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر في ليلة الإسراء والمعراج فماذا يجري يعني هكذا سيدنا محمد يكون ربنا عندما نعتقد أنه كل ما نصلي عليه فيرد الله عليه، ويذهبون ويسلمون علينا. لا، إن ربنا يمنح خصائص نعم لجبريل، لإبليس، لسيدنا النبي، لموسى. يمنح خصائص كما
يشاء، يفعل ما يريد، فعال لما يريد، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون. ولكن التصور العقلي وارد. فسيدنا النبي قال هذا الكلام فيما أخرجه البيهقي. وصححه وادِ الأحوال العقلية، فلا عقل يمنع ولا شرع يمنع. لماذا أنت تمنع؟ لماذا أنت متشدد هكذا؟ مم تخاف؟ فلن يحدث شيء عندما أطلب من سيدنا الرسول أو من الشافعي أو من الحسين أو من أي شخص أن يدعو لي. هم يقولون يعني إنهم ماتوا كما يعبرون، ماتوا أنت. تطلب منه قبل موته بتعبير ما، أحد ما يجرم أصبحوا عبادة قبور أو أضرحة. هل نحن نطلب من ذواتهم أم نطلب أن يدعوا لنا ربنا؟ ثم الأمر عندما يُعرض على الله إما أن يوافق ويستجيب أو لا.
يا أخي، النبي عليه الصلاة والسلام كان يقول لعمر: "أشركنا في..." دعاؤك مستجاب يا أخي. لماذا طلب النبي من عمر أن يدعو له؟ فأنا أيضاً طلبت من سيدنا الحسين أن يدعو لي، فدعا سيدنا الحسين واستجاب الله لي. أنا مع الأمم التي تذهب إلى سيدنا الحسين. هل تظن أن هذه الأمم كلها تذهب إليه عبثاً؟ إنها جربت تجربة حقيقية لم تجربوها مشركون، هم لا يقولون عن الصوفية مشركين، بل هم يقولون عن المسلمين أنهم مشركون، فانتبه لهذه النقطة الدقيقة، أن تكون ذاكراً، أن تكون... ولكن بدأوا في الجيل الثالث والرابع يُظهرون لنا بدعة جديدة. لنقف عند هذه البدعة الجديدة التي جاء بها الجيل الثالث، وكلما جاء الجيل كان أشد لعناً. مَن
الذي سبقه كما أشار فضيلة مولانا الإمام. فاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم مولانا الإمام. إذا كلما جاء جيل كان ألعن من سابقه، ما البدعة الثالثة أو ما الأمر الثالث الذي علقوا عليه هذه الآراء الباطلة في التصوف، في الصوفية؟ تقسيم السنة إلى صحيح وضعيف ومعاملة الضعيف وكأنه... موضوع يقيمون عليه الحرب، فأصبح - يعني - كان هناك شخص في الماضي أراد أن يحصر الفقه الإسلامي في الصحيحين، بحيث أن أي دليل ليس في الصحيحين لا نعرفه. صحيح البخاري وصحيح مسلم فقط، نعم
فقه. فهذا معناه اختزال الدين، ومعناه تضييع الموروث من الأمة، ومعناه أننا نبدل ونحرف على الناس جاءهم هذا أنه لا، هذا ليس صحيحًا، نقول له: حسنًا. يقول لنا مثلًا: "اللهم منك السلام وإليك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام". حسنًا، "وإليك السلام" ما رأيك؟ قال: لا، في الأصل هذه غير موجودة في رواية مسلم. قالوا: حسنًا، لكنها موجودة في رواية البيهقي "وإليك السلام" هذه. قال: ما أصل فيها الوليد بن مسلم وهو من الحفاظ الكبار، لكن الوليد كان يدلس تدليس التسوية. نعم، العيب الذي عنده هذه التهريته. هذا في دعاء نعرضه، وعبارة "وإليك السلام" هل فيها بدعة
أبداً؟ حسناً، هي في رواية، والرواية هذه مقبولة وفيها رأي الحفاظ، إنهم جيدون. لماذا ترفضها؟ يرفضها لأنه يريد يردها لأنها ليست على هواه، ليست على هواه. وهذا يعني أن شخصاً يقول لك مثلاً: "حديث نِعْمَ المذكر السبحة ضعيف، فالسبحة بدعة". كيف هذا؟ الألباني هو الذي قال هكذا يا مولانا. نعم، الألباني هو الذي قال هذا الكلام المضحك. كيف تكون السبحة بدعة يا أستاذ وهي موجودة؟ أدلة ثانية نعم، وهناك من رد عليه وفنّد وأثبت أن الحديث حسن، فحضرتك مصر على أنه... حسناً ماشي، طيب إذا كان الحديث عندي حسن
وعندك ضعيف، وأنت تريد إلقاء الضعيف كله خارج الشريعة، فلماذا لا تتركني وأنا أحسّنه؟ كيف أعتبر أن هذا شيء حسن ولا أتبعه وفق منهجك؟ لماذا لا... أَنتَ لا تتركني أعيش حياتي مع أدلتي التي استقرت عندي، وبمثل هذا اختلف السلف الصالح، فلا المنهج يسيرون عليه وفق السلف، ولا في الجزئيات يسيرون على نهج السلف. بعد ذلك أنكروا المذاهب وقالوا: "هم رجال ونحن رجال"، هؤلاء الذين لا يقيمون وزناً للكلام لا في الحديث ولا في المعقول ولا لم يتعمقوا في الفقه ولا في الأصول، وأصبحوا يضعون أنفسهم في مقام أبي حنيفة وفسّقوه، وفي مقام أحمد وفسّقوه،
وفي مقام الشافعي وكفّروه، وهكذا. إن هؤلاء الناس ضلال لماذا؟ لأنهم قد تجاوزوا الحد. أما الجيل الذي أتى بعدهم، الجيل السادس، الذي يتمثل في داعش، فقد ذهبوا إلى تكفير المسلمين غير موافق معهم ولا أسير على منهجهم فيصبحون ظالمين وكفارًا. ماذا استفدنا من ذلك؟ من المنهج الأول المعوج الذي خالف العلماء الأتقياء الأنقياء. فالتصوف أريد أن أقول لك إنه مرتبة الإحسان، وأن الحرب عليه هي حرب على مرتبة الإحسان، والحرب عليه إنما هي على حديث جبريل أصلًا وكل هذا. مرتب بهذه الكيفية مولانا الإمام مما كنا نسمع كثيراً من هؤلاء فيما جاء
في قوله "إياك نعبد وإياك نستعين"، فيقولون لنا: لماذا تجعلون بينكم وبين الله واسطة؟ بينكم وبين الله الشيخ، شيخ الطريقة. وربما يصل الأمر إلى حد أو في زعمهم أننا نقدس شيخ الطريقة، فكيف نرد على هذا المعنى معناه إذا كان في الضوء أو ماذا؟ حسناً، إنه بينك وبين الله سبحانه وتعالى. العالِم الذي تدرس عنده، حسناً، هو بينك وبين الله سبحانه وتعالى. المفتي، حسناً، هو بينك وبين الله سبحانه وتعالى. الوالدان، حسناً، ودعاؤهم لمَ؟ وبرهم أصبح جزءاً لا يتجزأ من الدين. حسناً، إنه بينك. وأوضح أولاً أن الشيخ ليس وسيطاً بينك وبين الله، كما أن هؤلاء ليسوا وسطاء بينك وبين الله. هؤلاء يهدون ويرشدون ويدلون على الله. أنت الآن تحدث لك أحوال،
وهذه الأحوال يرشدك فيها الشيخ لأنه قد سبق وسار في هذا الطريق. تقول لي: "يا سيدنا الشيخ، أنا رأيت رسول الله في كذا وكذا فيقول لك لا تلتفت يا بني. أعطِ الشيخ مهمته هكذا لماذا؟ لكي لا تُغَرّ. حسناً، افترض أنك تركت نفسك لهذا. حسناً، هو النبي عندما جاءك في المنام ماذا قال لك؟ قال لك أنت أفضل شخص موجود في الدنيا الآن. ستبدأ سيادتك وأنت صغير تظن أن هذا الكلام. كلام مرفوض لأنك رأيت رسول الله فهو يقول لك: لا، المحفوظ هو الصورة وليس المحفوظ الكلام. ماذا يعني هذا يا مولانا؟ يعني الصورة. نعم، عندما ترى النبي قد يأتي إبليس ويلقي إليك كلاماً، فتظن أن هذا الكلام صحيح وهو ليس صحيحاً،
لكن الصورة، صورة النبي صحيحة لا يُتمثَّل بها. الشيطان به، فالشيطان ينتهزها فرصة وهو يراك وأنت نائم، يرى أنك ترى النبي، فيظهر لك كأن النبي قد جاءك في المنام، ويأتي ليلقي لك الشيطان - وعنده قدرة على ذلك - فيرسل لك رسالة صوتية، فتقوم أنت بتركيبها على الصورة التي لم تقرأها. هذا هو الشيطان، ومن الذي يكتشف هذه حجرٌ والمسألة أنني لم أرَها، فهذا هو سبب أن يكون لك شيخ لأنه رآها. وإذا تركنا الشخص وحده هكذا، ماذا سيحدث له في يوم القيامة؟ قد يقول: أنا ربي، من كثرة الذكر والعبادة يقول: أنا ربي دخل فيّ هكذا، هو حلّ فيّ، حلّ فيّ. وهذه عقائد. فسد، أنا وصلت خلاص، أنا وصلت، أنا
ليس عليّ تكليف، أُسقِطُ التكاليف، أنا كذا الذي يتهمون به الصوفية من جهلهم، أُسقِطُ التكاليف. هذا الشيخ مُعلِّم، هذا الشيخ هادٍ مرشد إلى طريق الله سبحانه وتعالى، لأنه تربى على يد شيخ آخر، وعندما يكون في هذه السلسلة قوم، تحصل لها بركة التلقي. يحمل هذا العلم من كل خلف عدول. مولانا السلسلة وإني آخذ من شيخي. نأتي أيضاً في سؤال مهم جداً لمن يريد أن يفهم ويعرف فكرة أن آخذ الأوراد من فضيلتك، لا آخذ الأوراد مني لنفسي. ما الذي يحدث حينما آخذها من شيخي وما الذي يحدث حينما آخذها مني لنفسي هكذا؟ البركة نعم هذه الأمة صاحبة سند من الله، وربنا ألهمها السند، ألهمها السند في القرآن، ألهمها السند في السنة، ألهمها السند في التصوف،
ألهمها السند في الكتب. يعني عندما أروي عن النووي يكون لي سند إلى النووي، فالسند بركة الأمة كما يقول الشعبي، وأنا أستفيد من هذه البركة كأنها خرطوم وافتُتِحَ فلأجل أن تجري المياه فيه، إذاً السلسلة لابد أن تكتمل. حسناً، لن أفعل ذلك، حسناً، أنت حر، ولكن احذر أنك بهذا غير متعلم، فلا تتصدر ولا تضل الطريق. مولانا يا إمام، هل بعض مظاهر الصوفية، هل كما يشير البعض، هل أصبح هناك ضعف عند الصوفية هو الذي جعل هؤلاء. يتجرأون ويدّعون ويزعمون منذ زمن. الصوفية
تشتكي مثل الشيخ الشعراني الذي يقول إن الرجال الحقيقيين الذين هم الصوفية الكاملون غير موجودين. توفي الشعراني سنة تسعمائة وخمسة وسبعين، أي في القرن العاشر، ويقول إن الأمر قد انتهى. ففي كل عصر يحدث أن الناس يتربون على غير القواعد الأساسية للمنظومة الأخلاقية، فيشيع. كثير من المخالفات ولكن ما الحل؟ نعم، ما الحل؟ في نهاية هذه الحلقة، هل نترك الخلق ولا نعلمهم؟ نعم نعلمهم ونقول: "يا رب"، فالفلاح يلقي الحبَّ ثم يدعو قائلاً: "يا رب"، والملائكة
تضع أجنحتها لمعلم الناس الخير - صلى الله عليه وسلم. فنحن نُعلِّم، لكن من هو الهادي؟ إنه الله، أحببت ولكن الله يهدي من يشاء، لكن "وإنك لا تهدي إلى الصراط المستقيم، صراط الله". فالنبي يهدي لكنها ليست هداية ذاتية، الهادي الذاتي هو الله فقط وحده لا شريك له. فنحن نقوم بما أوصانا به الرسول "بلغوا عني ولو آية"، والعلماء ورثة الأنبياء. هذه هي الحكاية، فلكن شاعت مظاهر كثيرة. وشاع نقص كثير ونحتاج إلى عمل كثير، طبعاً إذا كان في القرن العاشر يقول إن هذه الحكاية انتهت، فماذا نقول ونحن في القرن الخامس عشر؟ ولكن بالرغم من كل ذلك، فإننا
نأخذ بوصية رسول الله: "فعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العامة"، ونأخذ بـ "بلّغوا عني ولو آية"، نأخذ بها استطاع منكم أن ينفع أخاه بشيء فليفعل إلى آخر الوصايا الربانية النبوية التي أرشدنا إليها رسول الله. هنا في عجالة، هل في المتصوفة من يسيء إلى التصوف؟ بدون شك. وكان سيدنا الشيخ محمد زكي الدين إبراهيم يقول: "ظُلِمَ التصوف بين أعدائه وأدعيائه". مولانا الإمام مما تعلمنا منكم أصحاب الفضيلة. اللهم دلني على من يدلني عليك. شكر الله لكم ورضي الله عنكم وغفر الله ذنوبكم.
مولانا، شكراً لكم. دمتم في رعاية الله وأمنه. إلى اللقاء.