والله أعلم| فضيلة الدكتور علي جمعة يرد على ادعاء المتطرفين بجواز زواج القاصرات| الحلقة الكاملة

بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. أهلاً بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامج "والله أعلم". نواصل هذا الحوار مع مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية، من كبار العلماء الشريف مولانا الإمام، أهلاً بفضيلتكم، أهلاً وسهلاً بكم، مرحباً. إذا كان المتطرفون والمتشددون يدَّعون بجواز زواج القاصرات وأن الشريعة تدعو إلى ذلك، فكيف نرد عليهم بدايةً في
هذا الإطار الذي يستغلونه استغلالاً سيئاً؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، نقول... لقد جهلتم فأسأتم لأنفسكم ولدينكم وللعالمين، ولقد صددتم عن سبيل الله بغير علم. وهذا ابتداءً هؤلاء الناس وصلوا من الجهل مداه، وهؤلاء الناس إثبات لما ندعو إليه من تنفيذ قوله تعالى: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون". هؤلاء الناس يذهبون فيجدون أي نص على هواهم وعلى فهمهم القاصر. من غير معرفة ترتيب الأدلة ومن
غير معرفة كيفية الاستنباط ومن غير معرفة قواعد الاستدلال، فيتقوّلون على الله ورسوله وعلى دين الإسلام وعلى المسلمين بما لا يعرفون، فيهرفون بما لا يعرفون. والله سبحانه وتعالى قال في أمثالهم: "ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك". كان عنه مسؤولاً. يذكرونني بمن ذهب إلى القرآن الكريم فلم يصل لقوله تعالى "فويل للمصلين" وهي آية مستقلة، لم يكمل. فكان الاجتزاء بأن أخذ بعض الآية وترك بقية السورة هو ضلال مبين، لأنه يقول: "فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون". والمصلين
هنا، هو يتعجب كيف هم مصلون وكيف هم. عن صلاتهم ساهون. الذي عن صلاته ساهٍ ليس مصلياً، والمصلي ليس ساهياً عن صلاته. وهو قال "عن صلاتهم ساهون" ولم يقل "في صلاتهم ساهون". فكيف هذا؟ كيف يكون الأمر وهو لا يعرف أن هناك صفة بأدنى ملابسة؟ الكلمة هذه، كلمة الصفة التي هي بأدنى ملابسة لا يعرفها، فهو جاهل، فنقول... هذا حديث موضوع. طيب كيف يكون حديثاً وهو موضوع على رسول الله ومفترى وكذب؟ وكيف يكون كذباً وهو يسمى حديثاً؟ هو سمي حديثاً باعتبار
ظن واضعه أو باعتبار دعوى من وضعه. قال: قال رسول الله، ورسول الله بريء من هذا ولم يقله، فسمي بالحديث الموضوع. وغير ذلك كثير جداً وهو... الوصف بالملابسة بأدنى ملابسة، فهؤلاء قد سُمّوا بالمصلين لأنهم مأمورون بالصلاة، وليس لأنهم يصلون، أو لأنهم يصلون صلاة ليست على وجهها الصحيح. فهو من الخارج يصلي وفي الحقيقة لا يصلي. هذا بيان لا بد منه عندما يأتي أبو نواس وقد لامه بعضهم في ترك الصلاة وفي شرب الخمر وفي فعل فقالَ ما قالَ ربُّكَ ويلٌ للذين سَكِروا ولكن قالَ ويلٌ للمصلين،
فإذا ما دامَ ربُّنا قالَ فويلٌ للمصلين ولم يقل فويلٌ للذين سَكِروا فيشربُ هو الخمرَ. هذا الفهمُ التعسُ الذي هو نوعٌ من أنواعِ التلاعبِ لا أكثرَ ولا أقل. حتى هذا التلاعبَ افتقدَهُ هؤلاءِ الإرهابيون، فهم يقولون مِن... صدورهم من الداخل وليسوا متخلصين أو مستهزئين كما كان يفعل أبو نواس، بل إنهم أخس من أبي نواس في هذا لأنهم يظنون أنهم يتكلمون بالحق. هذه مقدمة لا بد منها في هذا الجانب، وهو قضية أن الشريعة أوجبت أو لا بد أن نعلم أن الإسلام دين عالمي
بمعنى أنه يصلح لكل زمان ومكان، والإسلام كان من عقائده الأساسية ختم النبوة، ولذلك ليس هناك نبي بعد النبي، ولذلك فإن هناك مساحة كبيرة في الأحكام الشرعية تسمى المباح، وهذا الجانب المباح يجعل الإسلام مرناً قادراً على أن يوجهه المجتهدون في كل عصر لتحصيل المصلحة ولتحقيق المقاصد الشرعية مع مراعاة المآلات المرعية. فهناك واجبات لا تتغير ولا تتبدل، وهناك محرمات لا تتبدل ولا تتغير، وهناك مباح في دائرة
كبيرة جداً، فهذا الذي يتكلمون عنه. ولأنه دخل الإسلام شعوباً مختلفة، ولأن الإسلام دخل في أزمان مختلفة، ولأن الإسلام دخل على ثقافات مختلفة، وهذه الثقافات ليست محصورة في جنس ولا محصورة في نسل ولا في نطاق جغرافي معين ولا محصورة حتى في لغة، فإن الإسلام جعل الإباحة نوعاً من أنواع المرونة للأحكام الشرعية. الخمر حرام وستظل حراماً إلى يوم الدين، والصلاة واجبة وهي على المؤمن خمس صلوات في اليوم، سيظل ذلك إلى يوم الدين، والذي يُفرض علينا هو الصيام في رمضان، سيظل ذلك إلى. يوم الدين والزنا حرام والقتل حرام إلى آخره، ولكن
هل يجوز أن إنساناً ما يعقد عقداً هو عقد زواج على فتاة ما زالت في اللفة؟ حسناً، هذا لم يرد في الشريعة. لم تأمر وتقول افعلوا هذا، افعلوا هذا. الشريعة لم تنهَ وتقول هذا حرام، هذا خطأ. الشريعة جاءت بأوامر. ونواهٍ في هذه المجالات عامة ليكون لا ضرر ولا ضِرار حتى تكون مرنة حتى تحقق مصالح الناس في كل مكان. المصالح التي في قبائل الصومال الآن
بهذه الحالة التي تعيشها الصومال في سنة ألفين وتسعة عشر غير الحالة التي يعيشها الروهينجا تحت الإبادة العنصرية التي تُقام ضد الروهينجا ليست. هل حالة المسلمين في مصر هي نفس حالة المسلمين في لندن؟ كل شخص يعيش حياته وثقافته، ولابد أن يكون الدين متوائماً مع الجميع وفق النماذج التي تفضلت في الحديث عنها. دائماً يا مولانا، يخضع كل واحد من هؤلاء لنموذج من هذه النماذج عند استنباط الأحكام الشرعية. نعم ولكن... نحن الآن عندما لم يحرم الله سبحانه وتعالى هذا تحريماً باتاً واضحاً لأنه كان يتعارض مع الاتصالات
والمواصلات والتقنيات الحديثة، لكنه لم يفرضه حتى يصبح ثابتاً علينا، إنما الذي ثبته علينا عدم إيقاع الضرر وتحصيل المصلحة. فماذا كان في الماضي وماذا يكون الآن؟ كان في الماضي ليس هناك دولة راعية. الدولة لا تتدخل كثيراً في أفعال الأفراد. كانت الدولة تتدخل في أنظمة محددة مثل الجيش والدفاع الخارجي، وتتدخل في أمور تتعلق بالهياكل الأساسية في المجتمع كالطرق والشوارع الكبيرة وما إلى ذلك، لكنها لا تتدخل أبداً في أنشطة الناس
وتنظيم التجارة والعلاقات فيما بينهم. نهائياً ولذلك كان مَن ماتَ أبوها وأمها فماذا نفعل في هذه الطفلة الصغيرة؟ فهذه الطفلة الصغيرة أمرنا الله ابتداءً ألا نضيعها، لا بد أن نراعي اليتيم وألا نعاملها معاملة منعزلة، بل لا بد أن يختلط معنا هذا اليتيم وألا نعاملها معاملة متميزة، بل نربيها كأبنائنا وفي وسط أبنائنا، وهب أنني ابن عمها ولست محرماً لها ولست شيئاً
لها، كيف يجوز لي أن أتعامل معها. وأنت تواضعت من أجل نظام المجتمع المسمى بعمود النسب، فأجزت لابن العم أن يتزوج من بنت عمه، ولم تجز له أن يتزوج بأمه أو ابنته أو أخته أو ما شابه ذلك إلى آخره، ولما هلك هؤلاء هذه الصبية الصغيرة، هل يجوز لي أن أرعاها وحتى تكبر في بيتي، وحتى لا أرتكب إثماً قد تكون قد حرمته عليّ في مكان آخر ولغرض آخر، أنا أتزوجها شرعاً، ولماذا لا تُزوَّج؟ ولكن لا تدخل بها، ففرق بين كتب الكتاب وبين الدخول. كل هذه
المعاني السامية يتناسونها الآن، سواء دول. أولئك الذين يتمسكون بأن هذا كان مُباحاً في الشريعة الإسلامية ويريدون أن يكون مُباحاً على كل حال وفي كل وقت، والأمر ليس كذلك، بل الأحكام التي من هذا الشأن تتغير بتغير الزمان والمكان والأشخاص والأحوال. قال عمر بن عبد العزيز: "يحدث لكم من الأمر بقدر ما تُحدِثون". الذي حدث في العصر الحاضر أن الدولة تدخلت وأصبح بها مؤسسات وزاد عدد الناس كثيراً وقلّت التديُّن وانتشر الفساد وأصبح ليس هناك الوازع الديني الحاضر كما كان في السابق، فأصبحت هناك تشريعات كثيرة وأصبح هناك خطورة على هذه الفتاة
أن تتزوج بهذه الكيفية، فرأى ولي الأمر - وله أن يقيد وقل نلغي هذه المسألة فألغيت وقيّد المباح، وتقييد المباح ما هي المشكلة فيه؟ المشكلة أننا بدلاً من أن نرى هذا الثراء للشريعة الإسلامية، نراه هو نفسه عيباً في الشريعة الإسلامية. هذا مرض في القلب سواء كان من أولئك الذين يسخرون من الإسلام أو من هؤلاء الذين يشوهون صورة الإسلام في ما هوّن الإمام؟ نحن دائماً بين ادّعاء وأعداء، بين هؤلاء المتشددين وأطراف أخرى، يعني هم الوجه الآخر لنفس العملة. حول ويقفون عند زواج سيدنا صلى
الله عليه وسلم بأمنا السيدة عائشة ويسألون التساؤلات الكثيرة، كيف تم هذا؟ ولكن بعد هذا الفاصل ابقوا معنا، زواج القاصرات المقصود بماذا؟ هل نتكلم عن التي هي دون السن القانوني للزواج وأنها تتزوج داخل مصر أو خارج مصر هناك فرق بين هذين الأمرين، لأن التي ستسافر للخارج هذه غالباً بالطبع الأب أو الأسرة بسبب الضغوط التي يعانون منها يلجؤون إلى شيء كهذا أو يوافقون على شيء كهذا أنه سيُدفع مبلغ معين. للأب كمهرة أو نحو ذلك، وبعد ذلك فتاة تسافر معها، مع زكاة هذه تتعرض لكل ما يمكن أن تخالفه بداية من سوء التغذية حتى الضرب حتى كل شيء. لكن لو
أنها ستتزوج في مصر بجوار أهلها، يعني وبعلم أهلها طبعاً، الوضع سيكون مختلفاً، سيكون هناك نوع من، أدعي ما يكون هل هناك من يعطي إرشادات وهل هناك من يفهمها؟ الآن بدأ الحديث في الخارج على أن كمية المعارف الموجودة وكمية المتغيرات التي يتعرض لها الكائن البشري جعلت نضجه يتأخر، ولم يعد كما كان في زماننا. المقصود هنا أن نضج الإنسان (الكائن البشري) أصبح يتأخر لدرجة أنهم يفكرون في تمديده حتى هذه هي سِنَة النضج وخطورتها على الأبناء، أنني لكي أستطيع احتواء طفل صغير ينمو ويتعلم وأمور مماثلة، أحتاج إلى قدر معين من النضج والثبات الانفعالي. هذا النضج والثبات الانفعالي لن يكونا موجودين في السن الصغيرة. لا أظن أن هناك زواج قاصرين، يعني المشكلة زواج قاصرات، وبالتالي... هي ستتزوج رجلاً ناضجاً وأكبر منها بكثير جداً.
أنا أرى أن هذه الزيجات المبكرة تجعل المرأة تأتي إلى الطبيب النفسي لأنها عندما تنجب تخون زوجها. هي بذلك تميل إلى الحرام. لا، بالطبع ليس هذا هو الحل. يعني كان هناك شيء يسمى زواج "فرند"، لا أعرف إن كنت قد سمعت عنه في عام ألفين وأربعة وخمسة صدرت فتوى من مجمع البحوث الإسلامية بأنه فقط يجوز أن يكون الولد والبنت كلاهما قاصرين وهو عند أهله وهي عند أهلها وتكون بينهما علاقة شرعية لكن بدون أطفال، بحيث عندما يكبران قليلاً يصبح من الممكن أن يحصل الولد على دخل. يُقيم به أسرة، أي يصبح في تلك الساعة ممكن أن يتحول إلى زواج طبيعي بالشكل الذي نعرفه. المسألة أنني آتي في المجتمع المصري وأقول إنني سأحسّن قانوناً لكي أمنع كذا. ما أريد قوله في الحقيقة قديم، لأننا جميعاً في مصر نعرف أننا نلتف على القوانين ونتحايل عليها. موضوع يعني إذا كان يُعاقَب بالإعدام
أصبح الأقباط مثلاً، ووضع مثلاً، وبالنهاية هذا غير منطقي. أنا أرى أن التوعية هي الأهم، التوعية والتغيير بشكل حقيقي في داخل الناس. تفكر بطريقة مختلفة. الحقيقة يعني المصريون يحتاجون إلى إعادة تهيئة من البداية، هذه هي الحقيقة، لأننا كنا في فترة طويلة مكثنا تجريف للعقلية المصرية، الناس يعني مجتمع يتسم بها شاشة تكوين معرفي. هذه كرست ماذا يا حسين؟ سي بي سي، أهلاً بحضراتكم. مولانا الإمام، هل نحن بحاجة إلى هذه التوعية التي أشار إليها الطبيب الدكتور الذي تحدثنا عنه في التقرير؟ علق على كلام الدكتور وهو أنه نسب إلى مجمع البحوث الإسلامية وأربعة أو ألفين وخمسة كما يدّعي أنه أجاز
زواج القاصرات والقاصرين بهذا الشكل العالي، لم يكن هذا وأنا لا أعرف من أين أتى بهذه المعلومة إلا إذا كان قد اختلط عليه أمر آخر، ربما لأنني كنت عضواً في مجمع البحوث وكنت مفتياً للديار في هذا الوقت وكان هذا. من الأشياء الأساسية التي نحاول أن نغيرها، كما يُطلب، إعادة تشكيل العقلية مرة أخرى؛ العقلية المصرية حتى تعود إلى سابق عهدها من العقلية العميقة، من العقلية المستنيرة، من الفكر المستقيم. كنا نفعل هذا مع الشيخ سيد طنطاوي وغيره رحمة الله عليه، وكنا ضد قضية ختان الإناث. وكنا ضد قضية تزويج القاصرات وكنا ضد ورُفعت علينا
قضايا من بعض التوجهات الفلانية وهكذا. فأنا لا أعرف من أين أتى أن مجمع البحوث في سنة ألفين وأربعة فعل هذا. فقط هذا تعليق من أجل التاريخ. في هذا الوقت عُرضت علينا ما الزواج الحلال وما الزواج الحرام، فدرسنا أكثر مما... من أسماء ثلاثين نوعاً من أنواع الزواج: زواج بورقة البسطة التي كانت موجودة، أنواع الزواج التي كانت منتشرة بين الشباب بين الناس: زواج نقطة الدم، زواج - لا أعرف - المصياف، زواج المسيار، زواج المهتار، زواج الاستهتار، وهكذا ثلاثون نوعاً. وكان الكلام واضحاً جداً آنذاك أن أركان الزواج
الشرعية بناءً وشروطه هي كذا وكذا ولم نذكر مثل هذا إطلاقاً وكانت مسألة للتعليم ولكننا نتحدث في نقطة خطيرة جداً ونحن مع الدكتور في مجمل ما عرضه وهو أنه ضد زواج القاصرات وأن النضج ليس النضج العقلي فقط بل هو النضج العاطفي أيضاً وكما يُعبَّر عنه في العلم. بالذكاء العقلي (IQ) والذكاء العقلي (IQ)، الذكاء العقلي الذي هو النضج العقلي (Intelligence Quotient)، والذكاء العاطفي (EQ) الذي هو (Emotional Quotient) الذي هو النضج العاطفي أيضاً. فلا النضج العاطفي يكتمل ولا النضج العقلي يكتمل، والأولاد كما نشاهد الآن كل سنة يزدادون فعلاً تأخراً في نضجهم العقلي، والناس
تتعجب جداً أن تزوجتُ وأنا في الحادية والعشرين من عمري مثلاً، وكنتُ رجلاً مثل صاحب الأربعين الآن. صحيح أن هذا الكلام كان منذ خمسين سنة مضت، ولكن لا العصر كان مثل العصر الحالي، والنضج كان مختلفاً عن النضج الحالي. فالنضج العقلي يختلف، ومساحة الإباحة تختلف، ولا بد أن نجدد في الأمر بقدر ما كثر عدد الناس جداً، وقلّت ديانتهم، وقلّ علمهم، وقلّت شهادتهم بالصدق، وقلّ ضبطهم، وتخلّف نضجهم العقلي والعاطفي. وكل هذه الأمور تستوجب على ولي الأمر أن يتدخل من أجل قيادة الدولة التي اختلفت، وبدلاً من أن
تكون المراقبة أصبحت الموجهة، وكل مسؤول - كل راعٍ - مسؤول عن رعيته. ولذلك فولي الأمر المسؤول وولي الأمر ونحن معه إلى أن سن الطفولة ينتهي عند ثمانية عشر سنة، وعليه فإنه لا يمكن تزويج من هم دون الثامنة عشرة، سواء كان ذلك بعقد زواج أو كتب كتاب، كما أشرت منذ قليل مولانا حضرتك، فهذا هو سن الطفولة، سن الطفولة، سن الطفولة، بمعنى حَلٌّ أو عَقدٌ، نعم بمعنى أنه لا يستطيع أن يتصرف في ماله، بمعنى أنه لا يُعطى رخصة للقيادة، بمعنى أنه لا يتزوج. يعني هذا ماذا
يعني؟ مترتب بعضها على بعض، ليس فقط الزواج، بل أيضاً أشياء أخرى. ثمانية عشر سنة، عندما يذهب شخص عمره ثمانية عشر سنة لأسبوع إلى المرور. خاصتنا لكي تُستخرج له رخصة، فيقول له: "أنا أعرف أنه أسوأ". قال له: "نعم، ولكن لا يزال أمامك أسبوع". فقال له: "نعم، لكن الأسبوع أمر بسيط". قال له: "القضية ليست أسبوعاً بسيطاً أو غير بسيط، وليست أن أخدمك أو لا أخدمك، إنما القضية هي النظام". سيرفض الكمبيوتر عندما أقول له أن تاريخ ميلادي هكذا فيأتي رافضاً لك، لا يستطيع أن يعمل لأن هناك بياناً خاطئاً أُدخل. ما هو البيان الخاطئ؟ أنني لم أبلغ بعد سن الثامنة عشرة.
حسناً، في اليوم الذي سأبلغ فيه الثامنة عشرة، سيبدأ نظام الكمبيوتر في قبولي، سيقبلك. فإذاً نحن يا إخواننا، لا تدع الدنيا تسبقنا وتقول لك: لا، أستاذي متدين. كيف؟! المتدين لا يفتات على ولي الأمر، وهذا خيار موجود في الشريعة في نطاق الإباحة. وما دام موجوداً في الشريعة في نطاق الإباحة، فلننظر ماذا يقول ولي الأمر. ماذا يقول ولي الأمر؟ ولي الأمر هم بيوتنا الذين هم أهل الحل الذي يُسمى البرلمان الذي نضع فيه شيئاً يُسمى القانون يُقيد المباح وجعل مرحلة الطفولة ثمانية عشر عاماً، وقال لي: ثمانية عشر وساعة تذهب لتتزوج سواء كنت ولداً أو كنت بنتاً، لكي تستطيع البنت أن تحمل، ولكي تستطيع أن تتحمل المسؤولية، ولكي لا
تنظر إلى الدنيا بهذا الشكل. حسناً، هل النبي لم يتزوج عائشة وهي تقول أنه عقد عليها وهي بنت ست سنوات. هنا السؤال يا مولانا: افترض أن هذا حدث بالفعل، والنبي عليه الصلاة والسلام فعل هذا في نطاق الإباحة أم في نطاق الوجوب؟ هل النبي عليه الصلاة والسلام لم يتزوج إلا عائشة؟ لقد تزوج تسع نساء قبلها، وهؤلاء التسع أو تسعة بما فيها يعني لأنه توفي عن تسع، لكن عدد النساء اللاتي تزوجهن يفوق الأحد عشر والثلاثة عشر. فنحن الآن نعلم أن النبي عليه الصلاة والسلام تزوج كل الزيجات ولم تكن كلها مثل هذه، فقط عائشة. ثم من الذي أخبرنا أن عائشة فعلت هذا؟ هي عائشة، تقول تزوجني. وعندما كان عمري ست سنوات، لا توجد أي رواية تقول غير ذلك،
ودخل بي وأنا ابنة تسع سنوات. أهناك شيء يسمى دلال البنات حيث تقول البنت "أنا صغيرة"؟ هل هذا كلام علمي دقيق؟ لو أردنا المقارنة بين الروايات، لوجدنا أن عائشة كان عمرها ثمانية عشر عاماً وقتها. في أي وقت الزواج، نعم، هل انتبهت بمقارنتها بأسماء وبمقارنتها بتواريخ، كلها صحيحة وكلها وردت. تبين أن عمرها كان ثمانية عشر عاماً. حسناً، أنت تقول إنها عائشة وأنها تزوجت وهي بنت تسع سنوات أو بنت ست سنوات. نعم، ولكن ست سنوات من أي شيء؟ هل هي بنت ست
سنوات من الميلاد أم بنت آخر يعني الآن ستة من أي شيء؟ من البلوغ؟ نعم من البلوغ. من البلوغ يصبح عندها فعلاً ثمانية عشر سنة. ففي العمر سنضيف عليه عدداً من السنوات، سنضيف عليها... نعم بلغت عندها اثنتي عشرة سنة وبعد ذلك، أو بلغت عندها تسع سنوات ويصبح فيهم تسعة أخرى فتصير ستة من كتب الكتاب يعني كانت عندها خمسة عشر سنة، تسعة من بعد ذلك فيكون عمرها تسعة عشر سنة. نعم، هذا كلام يتسق مع كل الروايات الأخرى. طيب، ولماذا هي تقول ستة وتسعة؟ نرجع أيضاً إلى هذه النقطة التي تثير الكثير من التساؤلات عند هؤلاء وهؤلاء. أنا أريد أن أفهم يعني واحدة تقول عن نفسها إنها
ما زالت صغيرة، نعم، وأنا عمري سبعة عشر عاماً، ويكون عمرها خمسة وعشرين عاماً، لا بل أربعة وثلاثين عاماً، وتقول: "يا، عمري سبعة عشر"، حسناً، هي كذبة، لا، سنجعلها سبعة عشر. منذ أن تزوجت كان عمرها سبعة عشر عاماً، والآن عمرها أربعة وثلاثون عاماً، أي منذ يعني صحيح كلامك وهذا وارد يا مولانا، وهذا وارد، هذا وارد جداً نفسياً وواقعياً، نعم، ولكن لو جئنا نحسبها بالذات هي أفضل أن تخرج السيدة، لكن هذا لا توجد رواية هكذا أبداً، أي لا توجد رواية هكذا، ولذلك لم يلتفت إلى هذه الحسبة لعدم الاحتياج إليها، لماذا؟ لأن العصور كانت متساوية ثم اختلفت العصور. متى اختلفت العصور؟ من سنة ألف وثمانمائة وثلاثين إلى ألف وتسعمائة وثلاثين. بدأت العصور تختلف في ماذا؟
في الاتصالات والمواصلات والتقنيات الحديثة. وماذا فعلت هذه الثلاثة؟ صنعت برنامجاً يومياً مختلفاً عن البرنامج الذي عاش فيه سيدنا النبي. سيدنا النبي عندما كان ينتقل من مكة. للمدينة من المدينة لمكة كان يستغرق نفس كمية الوقت التي كان الشيخ الباجوري الذي توفي سنة ألف ومائتين وسبعة وسبعين هجرية ينتقل في نفس الرحلة بنفس الوقت وبنفس المجهود، وبعد ذلك لم يعد الأمر كذلك، فأصبحت أذهب من هنا إلى المدينة في ساعتين، ومن المدينة إلى مكة في ساعتين، ومن في ساعتين ومن مكة إلى جدة في ساعتين، أي ما يعادل يوماً تقريباً. يمكنني أن أذهب وأقوم بهذه الزيارة كلها وأعود قبل أن تعلم زوجتي في البيت. زوجتي هذه ماذا تعني؟ أي التي تلتصق بي،
التي تعرف كل تحركاتي. لا تعلم أنني سافرت وعدت. يا إخواننا، الدنيا تغيرت وعلى هذه تغيرت الأمور. نريد أن نسأل سؤالاً واحداً فقط: هل هذا واجب أم جائز؟ لا، هذا مباح. حسناً، للحاكم تقييد المباح، ولننتهِ من هذه الضجة، لأنه يجب على الناس أن تلتزم بهذا السن، لأننا في الحقيقة نرى أن هذا ضار بالإسلام والمسلمين، وضار بالشريعة والدين والدنيا معاً. إذاً، الرهان دائماً عند... القراءة الصحيحة والفهم السليم دائماً وقراءة الواقع
أمامنا. إذا أعود إلى نقطة مهمة، الكبار سواء بعض من فعلوا هذا في دوائر ضيقة أو تلك الجماعات المتطرفة مثل تنظيم القاعدة الذي كان يُجبر الفتيات الصغيرات - يعني من سن ثلاثة عشرة سنة - على الزواج ويتم تزويجهن بهذا الشكل. من يُجبر يقول الشافعي: أستحب للأب ألا يزوجها حتى تبلغ لتكون من أهل الإذن، لأنه يلزمها بالنكاح حقوق. وقال ابن شبرمة: لا يجوز إنكاح الأب ابنته الصغيرة إلا حتى تبلغ وتأذن. يعني كلهم، أهو من الصين إلى
هنا، أصبحوا يقلدون مَن؟ إن شاء الله. يعني نحن لا نعرف. هم من أباح فقلدوه، لا هم يقلدون أنفسهم. أي أنهم يريدون فهم النصوص من خلال مرادهم وليس من خلال المصلحة العامة. لا يصح الدخول بالمرأة إلا بالبلوغ والتمييز والإدراك الذي هو النضج العقلي والنضج العاطفي الذي نطلق عليه، لما يترتب عليها من حقوق وواجبات. هذا هو كلام الأئمة عبر... العلماء عبر العصور وبكل المذاهب كانوا يتحدثون عن الفرق بين عقد الزواج وبين الزواج نفسه والوطء والدخول، ويتحدثون
أيضاً على أن هذا أمر في نطاق المباح وليس في نطاق غير المباح. فالحقيقة أننا نحوّل الأحكام الشرعية، وهذا يحولها من مباح إلى كأنها واجبة حتى يُجبر من يجب إجباره. يُجبر هذه الفتاة. أولئك المنتمون إلى القاعدة كانوا كما يكتبون في أدبياتهم، وكذلك كانوا يشترون الفتيات من الهند، وكانوا يبيعون الفتيات. سقط الكلام معه، أي لا حديث مع من يبيع البشر ويشتري البشر،
وكل هذا من أجل شهوة جنسية، أي ليست هي حتى أساس الحياة. الجنس عندنا غريزة وليس حاجة، هؤلاء الناس يصدون عن سبيل الله بغير علم، هذا ملخص ما يمكن أن نذكره في هذا المقام. ولكن قضية الزواج قضية على الإباحة وليست على الوجوب، وتختلف في تنظيمها كل عصر بمقتضياته، ويجب علينا ألا نفتئت على المجتمع وعلى ولي الأمر في هذا، وهذا باتفاق المسلمين أنه لا
ضرر. ولا ضرار وباتفاق المسلمين أن الغاية مطلوبة. مولانا، اسمح لي أن أقرأ بعض مداخلات السادة المشاهدين على سؤالنا على موقع الفيسبوك. يعني: ما رأيك في من يعتبر زواج القاصرات من الدين؟ الأستاذة ندى علي تقول: "هذه جريمة بحق الفتاة، والكثير من العائلات تخاف من العنوسة وتقوم بتزويجهن وهن قاصرات". الأستاذ يقول شمس: هذا ليس من الدين لأنه يتعارض مع القرآن، وكتاب الله وصف الزواج بالميثاق، ووصف الزواج بالميثاق الغليظ، فكيف لطفلة بإدراك هذا الميثاق؟ الأستاذ خالد محمد مرفوض لكون الفتاة القاصر غير مؤهلة نفسياً ولا بدنياً لمواجهة تبعات الحياة الزوجية ومسؤوليتها الجسيمة. الحمد لله الذي شرح صدور. أمة سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم أن يكونوا
بهذا الوعي وبهذا الإدراك لأن هؤلاء هم الذين سيقاومون هذا الطيار المتخلف عقلياً والمتخلف دينياً والمتخلف اجتماعياً وإنسانياً، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. مولانا الإمام الرسول الدكتور علي جمعة عضو كبار العلماء، أبي العزيز الشريف، شكر الله لكم ورضي الله. عنكم دائماً يا مولانا، شكراً لكم، دمتم في رعاية الله وأمنه، إلى اللقاء،