والله أعلم | الدكتور علي جمعة يتحدث عن الحوار بين الأديان وكيفية الاستفادة منه | الحلقة الكاملة

أهلا بكم وأحييكم بتحية الإسلام، وتحية الإسلام السلام، عليكم ورحمة الله وبركاته. ونصحنا سيدنا صلى الله عليه وسلم أن أفشوا السلام بينكم. هذا هو ديننا وهذا هو إسلامنا وهذا هو رسولنا. سنتحدث في هذه الحلقة اليوم عن حوار الأديان، عن هذا الحوار الذي يؤكده الإسلام من مقتضيات السلام، الحوار. وقبول الآخر فأهلاً بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامج والله أعلم لنسعد بصحبة صاحب الفضيلة مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء
بالأزهر الشريف لنجيب على هذا السؤال المهم جداً والذي تغيب إجابته عن الكثيرين وهو كيف أكد الإسلام على هذا الحوار الذي هو مقابل التعصب والحرب مولانا الإمام، أهلاً بفضيلتكم، أهلاً وسهلاً بكم، مرحباً. كيف أكد الإسلام على هذا الحوار؟ إذا تطلعنا وقرأنا آيات الله البينات في هذا الحوار الرائع بين ربنا وبين الملائكة، وهذا النداء "تعالوا إلى كلمة سواء" في موضع آخر. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على... سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، في بداية هذه الحلقة التي جاءت في وقتها والتي توافقت مع هذا الخبر المحزن الذي تلقيناه من وفاة الأستاذ الدكتور علي السمان الذي
كان رئيساً لمنتدى الحوار بين الأديان والثقافات، رحمه الله تعالى، والذي ستُشيَّع جنازته غداً إن شاء الله من القاهرة. نقدم خالص التعازي إلى السيدة زوجته وإلى ذويه وأهله، ونقدم التعازي إلى مصر لأنه في الحقيقة كان رجلًا وطنيًا وكان محبًا للسلام داعيًا إليه، وكان دائمًا يحاول أن يبني جسورًا بين البلاد المختلفة والثقافات المختلفة والأديان المختلفة، وظل عمره كله والجميع يحبه. صحيح
أنني صاحبت هذا الرجل عقودًا من الزمان مُصلياً لم يكن يترك صلاة قط في صحته وفي مرضه، وكان قلبه - ولا يعرف هذا كثير ممن حوله - كان معلقاً بالمساجد، المساجد التي هي الأوقات، يعني لو كان لم يصلِّ الظهر واقترب العصر وتبقى له ثلث ساعة أو نصف ساعة، تجده قلقاً وتجده يريد أن يقوم، ودائماً على وكم من مرة يستأذن عندما تضيق به الأوقات، يقول لهم: "حسنًا، سأشعل خمس دقائق هكذا وأعود إليكم"،
وتجده يصلي الصلوات. هذه الصفة التي هي تعلق القلب بالمساجد تدل على أشياء كثيرة جدًا مما وراءها. مثل ماذا يا مولانا؟ الإيمان... اسمح لي فقط أن نسأل هذا السؤال. نعم، الإيمان والتعلق والقلوب وأنه يفعل ما يفعل، والإيمان بالله سبحانه وتعالى حاضر أمامه. فهو لا يفعل هذا من أجل دنيا يحصل عليها، ولا من أجل منصب يسعى إليه، ولا من أجل غرض أو هوى. إنما يفعل هذا من أجل الذي يصلي له، لأن أصل "وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ"، فتدل على أنك... خاشع الصلاة، تدل على أنك خاشع، لماذا؟ لأن ربنا قال هكذا: "وإنها لكبيرة". الصلاة صعبة جداً، خمس صلوات في اليوم، وبهذه الأعداد
وهذه الشروط وهذه الكيفيات. الذي يحافظ عليها حتى مع تعوّده عليها، يكتبه ربنا سبحانه وتعالى في دائرة الخاشعين الضارعين. فالرجل هذا -يعني رحمه الله تعالى- وقد توفي عن عمر يناهز ثمانية وثمانين عاماً قضاها تقريباً كلها في الخير وفي الدعوة إلى الله وفي الحوار وفي السلام وفي إعطاء صورة جيدة للإسلام والمسلمين. كثير من الناس لا يدرك هذا. أنت الآن رجل كنت إعلامياً، وكان هو مراسل التلفزيون المصري في الستينيات عندما بدأ التلفزيون. كان مراسلاً لصحيفة المصري في باريس، وأنا كشابٍ كنت أستمع إلى رسالته "رسالة باريس" من الدكتور علي السمان، وكان في النهاية
يوقعها ويقول: "علي السمان من باريس". فصادَقَ في باريس أشخاصاً من جميع الجنسيات وجميع الفئات إلى آخره، حتى أن الرئيس السادات رحمه الله تعالى عندما أراد أن يُحدِث وصلاً الصهيوني المغتصب إسرائيل أراد شخصية وطنية، وأول شيء يجب أن تكون وطنية لكي تعمل الشيء من قلبها لمصلحة مصر، ويكون لها اتصال أو قبول أو ما شابه. قالوا له: وجدنا شخصاً مناسباً اسمه علي السمان. فعندما رآه السادات وعرف سيرته الذاتية، قال له: "يا إلهي، لقد أرسلك الله إلينا". لماذا من السماء وظل على السمان يخدم مصر في هدوء وفي حرفية
نعم في حرفية عالية وكان يعني حساساً جداً للإعلام المغرض لأنه كان أستاذاً في الإعلام وكان من يوم وظل وصعد وكنت أشكو له في بعض الأحيان بعض الإخوة الذين يعملون في مجال الإعلام في مجال الإثارة للإنارة والفرقة قبل الوحدة كان يقول لي: "مدرسة فرانكفورت". هل تعي أن كثيراً من الناس لا يعرفون ماهية مدرسة فرانكفورت؟ مدرسة فرانكفورت هي مدرسة فلسفية، وملخصها ببساطة هكذا: "الذي يكسب ويلعب فقط". ونحن نتحدث عن الغرب وعن مثل هذه الأمور. وقد نشأت في فرانكفورت، وهناك أيضاً مدرسة تسمى مدرسة فيينا، وهي مدرسة فرانكفورت هي إحدى المدارس
الفكرية التي نشأت وكانت لها ملامح، هذه الملامح مبنية على المصلحة. أين المصلحة؟ تكاملها أن الغاية تبرر الوسيلة، الغاية تبرر الوسيلة. وإذا كنت تريد، لا بد من تقويم النجاح، نقيِّمه بماذا؟ بالدولار. إذاً النجاح ليس بنشر الخير، النجاح ليس بتخفيف العبء عن الفقراء والمحتاجين والوقوف الحق وكذا إلى آخره أبداً. النجاح حققت كم؟ إعلاناتك حققت كم؟ وأنت أخذت كم؟ وكلما ارتفع أجرك، كلما دل ذلك على أن الإعلانات كثيرة. ماذا تقول الآن في مضمونك لكي تحصل على هذين القرشين الحرام؟ قل ما تقوله واعمل ما تعمله. مدرسة فرانكفورت كثير جداً من... الإعلاميون الكبار لا يعرفون معنى مدرسة فرانكفورت. مدرسة فرانكفورت هي مدرسة فلسفية
لكن لها تجليات في الإعلام ولها تجليات في السياسة ولها تجليات في العلوم الإنسانية والاجتماعية ولها تجليات في أماكن كثيرة. والذي يريد أن يطلع عليها، فهي موجودة. رحم الله علي السمان، كان دائماً يحب أن يقول لي: "أنا الشعب وكتب هذا ونشره وما إلى ذلك، كان رحمه الله تعالى يذكر يعني يسميني شيخ العلويين، هذا وهو ما زال... كنت أقول: هل الاشتراك في الاسم أوجد نوعاً من المواد الخاصة؟ أحياناً نعم، امتلأ وعمل شيئاً، سنة العلويين يعني كل من اسمه علي، وكان مشايخنا يقولون: أصل الذي مع علي... الأول اسم والآخر صفوه. هل انتبهت؟ فعلي هذا يعني اسم جميل لأنه اسم سيدنا علي واسم
فيه معنى، أي معنى لعلوه أو شيء من هذا القبيل. كان علي السمان رحمه الله تعالى متواضعاً، لأنه أكبر مني بنحو عشرين سنة، هل انتبهت؟ فهو كان يجعلني أمضي. أطال الله في عمرك يا مولانا، يعني هو في مقام الوالد لأن الفرق يجعله يتزوج ويخالف. كان علي السلمان، رحمه الله تعالى، مصرياً وطنياً، وكان - ونحن نتكلم في الحوار اليوم - هو فارس هذا الحوار وابن بجدتها كما يقولون، وكان المتصدر، وكانت خبرته في هذا الحوار خبرة متزنة. متعلقة بالانتماء لدينه ثم لوطنه خبرة لو عرفها الناس لعرفوا مدى البلاء الذي
نواجهه من جماعات الإرهاب ومن داعش ومن هذه العقلية النتنة التي شوهت صورة الإسلام والمسلمين. هذا الرجل كان يصلي، وهذا الرجل كان يذكر الله، هذا الرجل كان قلبه معلقاً بالمساجد كما وصف رسول الله صلى الله عليه. وسلم وهذا الرجل كان منفتحاً على عصره ومنفتحاً على الآخرين. كل العزاء والرحمة وطلب الرحمة والمغفرة والرضوان لعلي السمان، وكل العزاء لأهله خاصة للسيدة الفاضلة زوجتي. رحم الله الفقيدة رحمة واسعة. وأن نعيش في سلام وأمان كانت جملة محورية عنده كثيراً في كل كلماته. مولانا أرجع إليه هذا السؤال الذي... نبحث عن إجابة له ومن خلال أن نُعرِّف العالم ما قيمة الحوار في الإسلام يا مولانا لكي نفهم معنى الحوار بين الأديان. فلو تأملنا القرآن
تأملاً هادئاً لوجدنا أن الحوار يبدأ قبل الخلق، الحوار قبل أن يُخلق الإنسان، والحوار عجيب جداً حيث كان بين رب العالمين سبحانه وتعالى وبين إبليس. الذي سميناه بعد ذلك إبليس اللعين. انتبه! هذا الحوار عندما تقرأه في القرآن باختلاف الصياغات والآيات القرآنية الكريمة، يُبين لك أهمية الحوار. إذا كان ربنا سبحانه وتعالى وهو يقص علينا ما لم نره، نحن لم نشاهد إبليس وهو في الحضرة القدسية وهو يعبد الله سبحانه وتعالى مع الملائكة. وهو يعصي الله سبحانه وتعالى حيث أمرهم بالسجود فلم يسجد، إلى آخر هذه المشاكل التي لا نعرفها. ثم إن إبليس نفسه لم نره حتى
وهو معنا هنا في الأرض، وهو موجود ولا يموت إلا في الصعقة إلى يوم يبعثون. إلا أننا لم نره ولم نعرف خصائصه، من الذي أخبرنا عنه خصائصه الله أول ما أعطانا خصائصه في أنه قبِل منه الحوار. حسناً، إذا كان الله سبحانه وتعالى قبِل الحوار الذي بينه وجل جلاله وهو على كل شيء قدير، فهذه حقيقة تقشعر منها الأبدان. هل هناك من يحاور ربنا؟ هذا بخلاف الأسئلة التي سألتها الملائكة. هل الملائكة تسألون؟ واحد ألّف كتاباً هكذا فالملائكة لا تحاور الملائكة وهي تتكلم عن استفهام وتعلم، لكن إبليس لا. "خلقتني من نار وخلقته من طين"، ما معنى ذلك؟ إنه شيء كبير.
"إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين". فالحوار إذا كان ربنا سبحانه وتعالى يريد أن يلفت أنظارنا إلى أن الحوار هو جزء لا يتجزأ من الكون الذي خلقه وأنه لا مانع من أن يتجادل ويتحاور الحق مع الباطل حتى لو كان الحق هذا في مقام رب العالمين الذي ليس فوقه مقام ولا يدانيه، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، أو كان أخس الضالين إبليس اللعين، يعني هذه هي المفارقة التي تقول لك إن كل لعلك انتبهت كيف، ولذلك عندما ننتقل إلى قصة سيدنا موسى وفرعون - انتبه جيداً - سيدنا
موسى وفرعون، انظر إلى سورة الشعراء وتأمل المحادثة أو المناقشة أو الحوار الذي جرى بين موسى وفرعون، وهو كاشف لنفسية فرعون وكاشف لنفسية موسى وكاشف عن أمور غريبة عجيبة، لكن في النهاية كان حواراً. ألم نربك فينا وليداً؟ حسناً، أنت يا فرعون تقتل بالإشارة بعينيك، يعني يفعل هكذا بعينيك فيقتلونه. لماذا لم تقتله؟ وألقيت عليك محبة مني. فرعون يراه فيتذكر هذا الوليد الذي تربى فيهم كابنه، يعني مثل ابنه، فيحبه ولا يستطيع أن يكرهه. عقله يقول له إن هذا سيأتي منه الهلاك لك وأول... ما رآه
يريد أن يفعل معه، مسحور يعني لم يقتله ولم يلمسه. وهذا هو أول ما رآه، قال له: "ما هذا الذي نراه؟ أنا لا أصدق، فرعون لا يصدقك يا فرعون. الجبار الذي يقتل بالنظرة يقف مثل الدجاجة هكذا". "ألم نربك فينا وليداً؟" يقول له، يريد أن يقول له يا بُنيَّ أنت، ما هذا؟ هذا أنت ابني! شيء مثل هذا يعني يستعطفه. قال: ابن ربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين. قال: فعلتها إذاً وأنا من الضالين. إذا كنت أنت تسميني كافراً، حسناً أنا كنت ضالاً عن... أنه... فوكزه موسى. فقضى عليه، لقد كنت غافلاً يا عمي عن هذه الحكاية، لكنك ماذا تفعل الآن وتجلس تتصرف معه
هكذا؟ هذا الحوار - لو انتقلنا إلى "وجادلهم بالتي هي أحسن" - هل تدرك كيف "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"؟ فإن الحوار بين البشر مطلوب لأن الله وتعالى أرشدنا أن الكون لا بُدّ أن يكون فيه تفاهم وأخذ وعطاء وأمور مثل ذلك. الحوارات تمت بين سيدنا نوح وبين قومه، بين سيدنا إبراهيم وبين قومه، بين كل الأنبياء وبين أقوامهم. حوارات موجودة، وبعد ذلك جئنا هنا وربنا سبحانه وتعالى أمرنا بالحوار، وأفضل من يكون بيننا وبينه حوار من بيننا وبينه مشترك، فلذلك تجد هذه
الآية التي زينت بها حضرتك المجلس وهي: "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء". سواء تعني مشتركة، هل انتبهت؟ السواء كما تعلم، عندما ترجمناها إلى الإنجليزية قلنا ماذا؟ "Common word" أي كلمة سواء. تعالوا إلى كلمة "Com"، تعني شائعة. هل انتبهت؟ يعني نعرف أن نقف عليها شائعة هكذا مشتركة ومتداولة، مشتركة ومتداولة يعني أنا وأنت نعرف أن نقف عليها فتكون شائعة بيني وبينك، أي المشترك، أي المشترك، لأنه لو لم يكن هناك شيء مشترك، فلن نستطيع أن نقف عليها. الأرض المشتركة تعني الأرض المشتركة التي بيني وبينه، والكلمة المشتركة تعني كلمة سواء. فكلمة "سواء" أجمل من كلمة "كومون". لماذا هي أجمل؟
لأنها تعطيني معنى الاشتراك ومعنى الغاية التي ستؤدي إلى الخير، لأن كلمة "السواء" مشتقة من "السوى"، أي من شيء مستوٍ، من النضج. يعني إذا كان الحوار بينهما سيكون في نضج وسيكون فيه خير وسيكون فيه كل. هذا مشير إلى المساحة المشتركة التي بينك وبينه. توم لا يعطي كل هذه المعاني، لكنه يعطي معنى الاشتراك. هل انتبهت كيف أن الشيوع والاشتراك الذي بيننا هكذا؟ الكلمة الشائعة: "قل يا أهل الكتاب تعالوا". انظر إلى كلمة "تعالوا" هذه، إنه لا يشتمه، ولا يقول له: "نعم، أنت كافر". ما هذا؟ هذا ليس
مجرد نقاش أو حوار. تعالوا، هل تلاحظون كيف نقول: "تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم". هذا يعني أننا موجودون، لم نختفِ، وأنتم موجودون في المقابل الخاص، لم تختفوا بكيانكم وبكل شيء. فيكون ما رضيه الله بيننا وبينكم "أن لا تعبدوا إلا الله". كنا مرة في جورج تاون وكنا لا أدري إذا كان لديك وقت قبل الفاصل أم تأخذ الفاصل ثم نعود، ينبغي أن ترى هذه التجربة وترى متطلبات الحوار، فعليه نخرج إلى فاصل ثم نعود إليكم مرة أخرى، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم مولانا الإمام، نعود إلى التجربة التي تتفضل بذكرها لنا لكي
نعرف أيضاً ما هي متطلبات هذا أنا كنت أريد أن أقدم قبل أن نتحدث عن مبادرة كلمة السواء التي قمنا بها والحمد لله ونجحت أيام النجاح، أن أتحدث عن مفهوم الحوار الذي كان بيننا وبين الغرب. كلمة الحوار في الحقيقة بدأت وشاعت أو يعني ظهرت ربما في الثمانينيات، وعندما بدأت، من الجانب المسيحي وللأسف أنها لها دلالات أخرى غير الدلالات التي تم الاتفاق عليها مثل ماذا؟ كانت لها دلالات غامضة لكن عند
التأمل والتدبر والمناقشة وما إلى ذلك، فمعناها تبليغ كلمة المسيح للعالمين حتى يتنصر العالم، شيء ما من هذا القبيل. ومن أجل هذه الثقافة السائدة التي تعني أن كلمة الحوار معناها هكذا، نشأت وزارة سُميت بالحوار وذهبت إلى هذه الوزارة وكان يرأسها أحد الأساقفة الكبار الكاردينال أرينزي، وأرينزي كان رجلاً أفريقياً أسود لكنه وصل إلى مرتبة الكاردينال وكان وزيراً للحوار، أي كأنه يقول لك هذا أسقف الحوار، يعني وزير الحوار،
لأن الحوار هي إدارة وليست وزارة في المصطلح. إدارة الحوار، إدارة الحوار، ولأن الذين فيها كانت الثقافة السائدة المسموعة التي تتداول بينهم هي أن الحوار معناه تنصير العالم، فكتبوا وثيقة لذلك ونصّوا فيها على هذا الكلام، أن الحوار الهدف منه هو أن نبلغ كلمة المسيح إلى جميع العالم، حتى يعني، لأن كيسوليت كان يقول لك ماذا، نحن نعرف. أنه لن ندخل الجنة إلا بالمخلص يسوع، فيجب إذاً على كل الناس أن تعرف هذه القصة، ولذلك يجب أن ننصّر العالم لكي يدخل الجنة. نحن مسؤولون عن الناس. وهي نفس الفكرة موجودة
عند المسلمين، ولكن الخلاص عندهم بسيدنا النبي، بالإيمان بسيدنا النبي كنبي، والخلاص عند اليهود بالإيمان بسيدنا موسى مثل... المقدم للمسيا، والمسيا عندهم لم يأت بعد، ولذلك أنكروا عيسى وأنكروا محمداً. هي نفس الفكرة موجودة ولكن معناها أو تطبيقها يختلف من دين إلى آخر. عندما وجدنا ذلك، وجدنا أنه سيتم تنصير العالم والخطة الخمسية لتنصير العالم والخطاب الخاص بروعة الحقيقة الذي أصدره البابا سنة ألف وتسعمائة. قلنا لهم في سنة خمسة وتسعين: "لا، يا إخواننا، هذا لا يصلح! نحن الآن الحوار الغرض منه ليس أن تنصِّر العالم، بل
الغرض منه هو أن نتعايش سوياً على كلمة سواء، على المشترك". فإذا بالفاتيكان يتراجع سريعاً بعدما وضحت له الفكرة من جانبكم ومن جانبنا جميعاً، لأننا اجتمعنا كثيراً مع كثيرة يعني مرة اجتمعنا في بروكسل ثلاثين ديناً، ثلاثين ديناً، ليس كان فيهم الطاوية وكان فيهم الزرادشتية وكان فيهم البوذية والهندوسية والشنتو، ثلاثون ديناً. نحن رافضون أن يكون معنى الحوار هو تنصير العالم، لكن صدرت الوثيقة وأنا أتذكر أنه أظن كان ربما البند رقم ثلاثين فيه يقول... هكذا أصبح الحوار هو تنصير العالم، وحدثت الجدالات بيننا وبينهم أننا رافضون هذا المعنى تماماً
للحوار. وإذا كان الحوار هو تنصير العالم، فلنجعله إسلام العالم لكي ننقذ البشرية، فهي نفس الفكرة إذاً: ننقذ البشرية من النار ومن جهنم ومن غير ذلك. المهم أن الفاتيكان لديه إدارة ولديه كذلك... وَعِي فعاد وقال: "لا، الحوار معناه هكذا، معناه التعايش"، وبدأ بهذه الكلمة (معناها التعايش). حسناً، هل سأصدقك؟ لكن طبعاً بعض الإخوة كثيراً لا يصدقون ويعتبرون أنه ما دامت البعثات التبشيرية عاملة، وما دام كذا إلى آخره، فإذاً نحن نفعل ما كان أولاً غير متفق عليه. أخيرًا بدأنا نلاحظ أن المبادرة في الحوار
في العالم تأتي من المسيحيين، وإذا كان ثمة رفض فإنه يأتي من جانب بعض المسلمين الذين استقر في أذهانهم مؤتمر كولورادو الذي قالوا فيه إننا سننصر العالم، ورصدوا مليارات الدولارات من أجل ذلك، أو الوثيقة الفاتيكانية أو خطاب روعة. الحقيقة أن بعض المسلمين المتشددين لا يعرفون كيف يتجاوزون هذه النقطة، فهو في الحقيقة ليس المتشددين. إذاً ما هو يا مولانا؟ لقد اطلعت على شيء، على خطاب منك، ولم أطلع على الخطاب الناسخ. نعم، حسناً ماذا أفعل؟ فقد تكونت في ذهني صورة - وأنا لست متشدداً أو شيئاً من هذا صار أنك كتبت رسالة اعتذار لم تصلني لأنني لست متفرغاً لقراءة كتاباتك التي تشتمني فيها أو التي
تهددني فيها، فما زلت عند تصوري الأول. وعند التصور الأول ليس بالضرورة أن يكون المعارض من المتشددين أو ما شابه ذلك أبداً، هو خطأ وقعوا فيه في الحقيقة، وقد عالجناه فيما بعد فاستجابوا. ولكن هذه الاستجابة سيصدقها أناس وآخرون لن يصدقوها، هل تدرك؟ سيصدقها أناس وآخرون لن يصدقوها. الناس الذين لن يصدقوها سيرفضونها ويقولون لك: "لا، أنت تخدعني"، والناس الذين سيصدقونها ستكون لديهم حسن نية لاستقبال مستقبل نحاول به، وهذه هي الأفكار كلها التي تدور حول نظرية المؤامرة. هناك أناس اطلعوا على... وثائق وأشياء قالت إن هناك مؤامرة، وبعد ذلك هم غيّروا، فقال لك: "لا، أنا ليس لي [علاقة]، هم لم يغيّروا". إن هذا يعدّ سذاجة أن نعتقد أنهم غيّروا، وهكذا. فهذا
اختلاف في الاطّلاع واختلاف في وجهات النظر واختلاف في النيات الصالحة. لا أستطيع أبداً أن أقول عنه إنه تشدد ولا لأنهم فعلاً قاموا بذلك في مؤتمر كولورادو، حيث رصدوا مليارات والملياراتُ فعلاً ما زالت حتى الآن. توجد حافلات تبشيرية في الشرق والغرب، وفعلاً هناك أشياء من هذا القبيل. لكن بعد ذلك أخذ الحوار صفة أخرى وهي أننا كمسلمين بدأنا نتحرك. لماذا تكون المبادرة في يد غير المسلمين؟ تحركتم. كيف يا مولانا تحركنا بأن هناك مائة وثلاثين عالماً اجتمعوا ووقعوا على وثيقة اسمها كلمة سواء، وكانت كلمة السواء هذه تحت رعاية مؤسسة البيت بالمملكة الأردنية الهاشمية، ونحن أعضاء في هذه
المؤسسة منذ زمن بعيد وحتى الآن. المائة والثلاثون عالماً في أماكن مختلفة في الأرض قالوا تعالوا. نُطلق مبادرة اسمها "كلمة سواء"، ونعرض هذه المبادرة على العالمين ونقول لهم: تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم. وبالفعل، كان البروتستانت أول من استجاب لهذه المبادرة، وهم الناس من أمريكا، فذهبنا إلى أمريكا ونُشرت هذه المبادرة في أكثر من ثلاثمائة صحيفة تتحدث عنها وتشرحها وتدعو الناس إليها. وسبع جامعات في أمريكا أقمنا فيها مؤتمرات وندوات وفعاليات وغيرها، منها جامعة جورج تاون التي كنت أتحدث فيها عن الكلمة السواء. فقام أحد أعضاء الجماعة الإرهابية وقال
لي هناك: "هناك كلمة سواء؟ كيف؟ ألا تكمل الآية؟" هل انتبهت؟ قال يعني كأننا نخدع الناس، نخدع. هذا الشخص من الجماعة الإرهابية. نضحك على الناس ونقول لهم تعالوا إلى كلمة سواء، لكن هذه الكلمة السواء هم سيرفضونها أو سيعملون بها أو ما شابه ذلك، فقلت له: هيا لنكمل الآية بالعدل هكذا، نحن لا نأخذ جزءاً من الآية ونمضي. "تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله"، نعم، اسأل الآن هؤلاء إذا كانوا يعبدون الله أم يعبدون أحداً آخر غير الله، اسأل يا أخي، فقال كل منهم: لا، نحن نعبد الله ولا نعبد أحداً آخر إلا واحداً، ولا
نشرك به شيئاً. انظر يا أخي إذا كانوا يشركون أم أنتم مشركون، قالوا: أعوذ بالله، أنحن مشركون؟ نحن موحدون نعبده فقط لا. ما نعبد غير الله. اتخذتم مع الله إلهاً آخر، أي أنكم تعبدون اثنين أو نحو ذلك. قال: لا، هو إله واحد الله يا أخي. هذا يقولون أنه هم، وافقوا وهم - أتفهم كيف؟ طيب. ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله. أنتم يا إخواننا تعبدون القساوسة؟ قالوا: لا أي وضحكوا، هل تعبدون البابا؟ نعم وضحكوا. هل تعبدون بعضكم بعضاً أرباباً من دون الله؟ ماذا تعبدون يعني؟ أتعبدون البشر؟ قالوا: لا. حسناً، فإن تولَّوا ولم يرضوا إلا أن يعبدوا غير الله سبحانه
وتعالى، فاشهدوا بأنهم مسلمون. نحن نمد أيدينا للنقاش وللحوار وللتعايش وأنتم لم يوافقوا على فكرة أننا مسلمون، فهمت يا إرهابي؟ فسكت. سكت وما زال ساكتاً إلى اليوم. طبعاً بعض الناس يخرجون ويدخلون في إطار ما يسمى بالجدل اللاهوتي، بمعنى ماذا؟ بمعنى أن يقولوا: لا، هم يعبدون المسيح مثلاً، أو هم يشركون الله بالمسيح، أو كذا إلى آخره. فتذكر رولاند وليامز الكاردينال اللورد رولاند وليامز الذي هو رئيس أساقفة كانتربري
وهو خريج كيمبريدج وأجرى بحثاً وقال: "على فكرة أيها المسيحيون، الخطأ من عندنا، من عند المسيحيين أنفسنا، من عند المسيحيين". لماذا يا رولاند وهو كبير الأساقفة؟ قال: "إننا في عباراتنا القديمة نوهم الناس بالذي هم يتهموننا به، نوهم الناس لكننا..." ليس هكذا، نحن نعبد الله رب العالمين خالق الأكوان. أما مسألة التجلي الإلهي على سيدنا عيسى وما إلى ذلك، فهذه مسائل يسمونها بالإنجليزية "ماستر"، أي غامضة، حتى هم أنفسهم لا يستطيعون التعبير عنها، فهي نصوص وجدوها ولم يستطيعوا تفسيرها. هل تدرك كيف حاولوا أن...
يوجد لها تفسير مقبول فائق عندنا في الإسلام لكن بصورة أعقد. عندما نتكلم عن كُنه الذات الإلهية أو الله، يقول لي الملحدون: "طيب، ربنا موجود، فمن الذي خلقه؟". عبارات كهذه نرد عليها بأن الله ليس محاطاً بالزمن. فيسألني: "ماذا تعني بأنه ليس محاطاً بالزمن؟" فلا أستطيع أن أشرح، يعني شيء هذا القبيل إنما اليهود يعبدون ربنا والمسيحيون يعبدون ربنا. القضية أصبحت قضية أنه يا جماعة "لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة". كان البابا شنودة دائماً حريصاً على أن يقول "بسم الإله الواحد الذي نعبده جميعاً". لماذا يقول هكذا؟ لكي لا تتخيل أنه مندرج تحت هذا النهي، فإذا...
القضايا ليست لاهوتية أو بمعنى أصح أنا لا أناقش الآن ما هو المعنى هكذا. ما شأني؟ ليكن هذا هو معناه، لكن ماذا نفعل أنا وأنت أيها المسيحي، وأنا وأنت أيها اليهودي، وأنا وأنت بل أيها البوذي، أيها الهندوسي، ماذا نفعل في هذه البلاد؟ نعمرها أم نخربها؟ نعم. نتعاون أو نذبح بعضنا، هذه هي الفكرة وهذه هي الحكاية. ونرى أن الله سبحانه وتعالى يوجهنا إلى التعاون والإعمار وأمور من هذا القبيل. "وتعاونوا على البر والتقوى". والقرآن جملة واحدة، هذا ما نقوله. نقول لك إننا نجدد الخطاب الديني، فالقرآن جملة واحدة، وهذا من تجديد الخطاب. النص الديني لا يمكن أن
نقرأه جملة واحدة، ولا يصح أن آخذ منه جزءاً وأترك الباقي، بل يجب أن أقرأه كاملاً. إذاً ماذا نفعل أنا وأنت أيها الآخر لنبني هذا العالم ونفكر معاً في الغد المشرق؟ دائماً فاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم مولانا، وفضيلتكم تشرح مقاصد هذا الحوار حوار حقيقي بيننا وبين الآخر أياً كان هذا الآخر. البعض يقول: "حسناً، بعض الغربيين أو بعض المفكرين في الغرب كانوا يقولون إنه لا يوجد حوار بل هناك صراع بين الأديان". هذا يندرج ضمن نظرية المؤامرة التي يؤسسون عليها فكرة أن هناك عدواً يجب أن نهيمن به على العالم كحجة. فكيف حوار مع هؤلاء، سأقول لحضرتك شيئاً استكمالاً لأنه أول من لبى الدعوة
سواء في الكومنولث كانوا البروتستانت سواء كانوا في إنجلترا أو كانوا في أمريكا وعلى اختلاف كنائسهم. فلما عرضنا الأمر على الكاثوليك في الفاتيكان رفضوه وتشككوا فيه وخافوا، شيء غريب يفعله المسلمون وخائفون من هذه المسألة. اللقاء يذيب الذي... بشأن الثلج، فعندما نجحت كلمة السواء في الغرب في إيرلندا وفي إنجلترا وفرنسا وألمانيا، ونجحت في الشرق أيضاً، ونجحت في أمريكا، بدأ الكاثوليك في الفاتيكان يراجعون أنفسهم. وافقوا وجئنا بأنهم وافقوا في المرة الثانية، يعني في الإلحاح الثاني. على
فكرة، نحن نمد لكم أيدينا وليسوا هم الذين. يقولون إننا نمدّ لكم أيدينا، أي أن هناك مبادرة من عندنا. تعالوا نجلس، تعالوا نتفاهم، تعالوا نعمل، تعالوا كذا، إلى آخره، إلى أن وافق. بل إن البابا استقبل وفداً من "كلمة سواء"، وذهب هناك مجموعة من الشخصيات الكبيرة للقاء البابا. استُقبلوا استقبالاً جيداً، وبدأت الكاثوليكية تدخل في حوار "كلمة سواء". سواءً كنت تقول هيا تعال لأن غرض حوارنا هو التعايش أن نعيش سوياً أن نتعاون سوياً أن نفعل كذا وكذا كلمة "سواء". بناءً على ذلك ماذا الذي حدث بعد ذلك؟ هل استمرت هذه المبادرة واقتضى ذلك
نوعاً من أنواع الاستراتيجيات والآليات على مستوى العالم؟ كان لدينا شيء اسمه مؤتمر دافوس هذا مؤتمر اقتصادي صحيح، ومنه تولد السؤال: أين الاقتصاد من الدين؟ أو أين تأثير الدين في الاقتصاد؟ فتكون هناك شخصيات عالمية فيما يسمى بلجنة المائة، ولجنة المائة هذه كان فيها أيضاً الدكتور علي السمان رحمه الله تعالى، وفي أواخرها كان فيها لورد كيري، لورد كيري. كان كبير أساقفة كانتربري في إنجلترا هذه اللجنة. أي أنها جاءت في وقت معين، وقد كنت عضواً فيها في أواخر عملها. يعني جاءت في زمن معين ورأى مؤتمر دافوس أنها أنهت
غرضها أو أنهت مهمتها. كلمة سواء أخذت المائة دولة وعملت بهم شيئاً اسمه سي وان سي وان في. إنجلترا وسي وان كانت تقوم بمهام لجنة المائة في دافوس في قضية الحوار والتعايش والاستمرار فيه، وظلت هذه اللجنة تعمل وتتابع الموقف العالمي وتحاول أن تدفع أو أن تحرك الراكد من القضايا في اتجاه الحوار والتعاون والتعايش السلمي وشيء من هذا القبيل. رئيس السي وان كان ما يسمى الرئاسة المتبادلة تعني أن شخصين يتناوبان الرئاسة، بحيث يصبح كل منهما رئيساً تلقائياً في فترة معينة. فكنت أنا رئيس
هذه اللجنة وكان معي اللورد ريتشارد كبير أساقفة لندن، وكبير أساقفة لندن يبقى في منصبه مدى الحياة مثل شيخ الأزهر عندنا، أما كبير الأساقفة في كانتربري الذي هو أعلى منه درجة مثل مدة الرئاسة هكذا، يتغير بالانتخاب وما شابه ذلك. أما لندن وأبرشية لندن فهي أغنى من الأسقفية العامة، يعني تجد مع التي فيها موارد الحياة هذه، تجد مثلاً أوقافها ثلاثين أو أربعين مليون جنيه إسترليني، في حين أن الثاني تجده مثلاً خمسة وعشرين أو تسعة وعشرين شيئاً. مثل هذا، فأنا أريد فقط أن أبين لك أهمية بيشوب لندن، بيشوب لندن شخص مهم، أي رجل مهم في هذا المجال، وظلت
السي وان تعمل ربما ثلاث أو أربع سنوات إلى أن أيضًا انتهت لاستقرار الأمر، يعني هي لم تُحَل ولكنها رأت أنها فعلت ما عليها في هذا المجال وأن قضية مقبولة وأنها أصبحت المفاهيم مستقرة. مولانا الإمام ونحن نتحدث عن نمط الحوار بينه وبين الآخر، كيف يكون حوارًا متكافئًا والآخر ربما ينظر إليّ نظرة استعلاء وفيها نوع من النظرة العدائية التي تكرس الإسلاموفوبيا، وأرى مشاكل كثيرة. كيف يصبح الحوار متكافئًا في هذا الإطار لكي أخرج منه. النهاية بنتيجة. أولاً، حدد هدفك: هل هدفك أن يدخل الإسلام أم هدفك أن تتعايش معه؟
لابد أن تحدد هدفك. تحديد الهدف، تحديد الهدف. إذا كان هدفك أن يدخل الإسلام، ستكون جلسة لاهوتية. ما معنى لاهوتية؟ ستكون جلسة علمية. وكان سيدنا الشيخ جاد الحق، رحمه الله تعالى، يقول... إنه مجال اللهو والعلم في الغرف المغلقة والجامعات، وليس في المناظرات يا مولانا التي كنا نراها ونسمعها. لا، فهذا يثير الفتنة أكثر مما يثير الخير. فكان دائماً يقول: "إذا أردتم المناقشة فتعالوا ناقشوا أساتذة أصول الدين، تعالوا للنقاش في مراكزنا البحثية، وسنستضيفكم ونفعل كل شيء ونجلس..." حكاية سيجوارت وديدات، وهذه القصة لم نكن نُحبذها أبداً عندنا في الأزهر. نحن
لدينا علم، وتفضلوا أنجزوه هكذا. وبناءً عليه، بناءً على هذه النقطة، أنشأنا مركزاً للحوار اللاهوتي، وهو البحثي في جامعة كامبردج للأديان الإبراهيمية الثلاثة. تعالوا، العلماء الثلاثة المختصون ليجلسوا ويروا ما هو المشترك الفعلي وما هو المختلف وما المختلف الذي قد يثير مشاعر العامة وما المختلف الذي قد يكذب المشاعر وهكذا، وأقام الحكاية هذه ورصد لها أموالاً وغير ذلك إلى آخره ووقفيات، ويستمر إلى يومنا هذا في كيمبريدج. النقطة الثانية بعد ذلك لكي يحترمني، تحديد أنا الخطاب نفسه، نوع الخطاب يُرغم الآخر على الاحترام، يُرغم الآخر على الاحترام، بخطاب
يشبه مثلاً خطاب الإرهابية أو داعش، يكون خطاب المتطرف أو المنافق. الشباب الذين ينتمون للإرهابية ذهبوا إلى جلسة استماع في البرلمان الإنجليزي وهم يكذبون ويقولون أشياء لا تمثل عقيدتهم. هل تلاحظ كيف يقولون أشياء، هذه الأشياء ليست هي عقيدتهم ولا يؤمنون بها، هم لا يؤمنون بها، بل إنهم يقولون ويدور حينئذٍ العبارات والصياغات، فهو يجب أن يكذب يا مولانا عندهم، يجب أن يكذب، لا بد من الكذب عندهم تقريبًا، نعم، أي إنهم يتعبدون الله بالكذب، لكن للأسف هو أخس من الكذب، لأنه أحيانًا يكذب وهو لا يشعر، هو يشعر أنه يدافع عن دين الله وأنه يدافع عن شيء ما، يضطر الإمام مثلاً أن يسأل عن الشذوذ الجنسي فلا يستطيع أن يقول إنه خطأ، فيقول: "نحن لا نفعله
وهو غير راضٍ عنه". يقول له: "هل الشذوذ الجنسي حلال أم حرام؟ قل لي الآن"، فهو يعلم أن العقلية الغربية عندما تسمع منك أن الشذوذ الجنسي حرام، ستصنفك فوراً على أنك متخلف. يعني سبعة مليارات متخلف وخمسمائة مليون هنا أو هناك هم الذين ليسوا متخلفين، حسناً لا عليه، النظرة المتعالية التي تتحدث عنها هذه فهو غير قادر أن يقول له لا. وأردوغان هكذا عندما سأله الطلاب في الجامعة عنده: "ماذا تقول في الشذوذ الجنسي؟"، قالوا: "دعه شاذًا يا أخي". أنا ما شأني وما دخلي؟ إن كان شاذاً والدولة تسمح بالشذوذ الجنسي، فهؤلاء الناس لديهم شيء من أنواع النفاق، يقولون غير ما يعتقدون من أجل ما يسمونه - ماذا يسمونه؟ - يسمونه فض المجالس. دعونا
ننتهي، دعونا نقوم وكفى. هذا يكون غير محترم، لا يحترمونه، وأنا أتذكر مرة الشيخ - بعثني إلى إسبانيا فذهبت ووجدت ورقة كنت عرضتها عليه هنا، أنا أعددتها وقال لي حسناً هذه جيدة. فأنا الآن أتحدث على أساس منها كلمة الأزهر، ففوجئت بأحد القساوسة يقول: "ما هذا؟ هذا عندكم! هذا نص الكلام الذي قلته يوم الأحد الماضي في الكنيسة". نعم، سيحترمك. إذا قلت ما في قلبك على حقيقته. إذن، أولاً تحديد الهدف، وثانياً صدق الخطاب، فهذا ما يذيب الجليد الذي بيننا وبين الآخرين. مثل الفاتيكان عندما ذهب الوفد، ذابت كل المشاكل. الذي يقول لك إن اللقاء يذيب الجليد هذا صحيح، أي التقي بما لدي والتقِ.
بما لديك لنخرج بطريق ثالث، ربما مولانا الإمام الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، شكر الله لكم مولانا الإمام، أهلاً وسهلاً بكم، شكراً لكم، دمتم في رعاية الله وأمنه، إلى اللقاء.
اشتركوا في