والله أعلم | الدكتور علي جمعة يتحدث عن تدوين السنة وحقيقة نهى الرسول عن كتابتها | الحلقة الكاملة

والله أعلم | الدكتور علي جمعة  يتحدث عن تدوين السنة وحقيقة نهى الرسول عن كتابتها | الحلقة الكاملة - حديث, والله أعلم
بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي قال: "إني قد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وسنتي" أو "كتاب الله وعترتي" أو كما قال. صدق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلوا عليه وسلموا تسليماً. أهلاً بكم في والله. أعلم لنسعد بصحبة صاحب الفضيلة مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ليواصل هذه المسيرة المضيئة في هذه الحياة لنتعرف من خلالها على منهجه الإصلاحي والتجديدي. اليوم نتحدث
عن تدوين السنة وتلك الأسئلة المثارة ربما أحياناً بحسن نية وأحيان كثيرة بسوء نية. دعونا نطرح على فضيلته، كل هذه التساؤلات مولانا الإمام. أهلاً بفضيلتك، أهلاً وسهلاً بكم، مرحباً مولانا. يبدو التساؤل دائماً حول نهي سيدنا صلى الله عليه وسلم عن كتابة حديثه أو كتابة ما قاله، حقيقة الكذب على سيدنا. ولكن نأتي بالسؤال المبدئي دائماً: متى تم تدوين السنة؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة. والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. بدأ تدوين السنة من عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذ جاءه رجل وكان اسمه أبو شاه فقال: "يا رسول الله، أسمع منك الكلام وأعود إلى قومي، فأريد أن أحدثهم بما سمعت".
فقال: "اكتبوا لأبي شاه". فكان الكاتبون من الصحابة. يكتبون لأبي شاه حتى يأخذ منهم النسخة ويعود بها إلى قومه يحدثهم بما سمع فلا ينسى منه شيء. التدوين بدأ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من أوائل من كتب عنه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، فعبد الله كتب صحيفة عن رسول. الله وكان أبو هريرة مع كثرة روايته عن سيدنا لأنه كان متفرغًا للتلقي وللحفظ وللأداء، كان من أهل الصُّفة، وأهل الصُّفة جماعة اختصهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بجانب من المسجد، وكانوا فيما
نسميه في أدبيات العصر - حتى يصل الأمر إلى الناس - منحة دراسية، يعني كانوا في منحة. كان رسول الله يُنفق عليهم متفرغين للعلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجاز التفرغ للعلم وأجاز التفرغ للعبادة، فجاءه أحدهم وقال: "يا رسول الله، إن أخي يأتيك وأنا أُنفق عليه"، فقال: "لعل الله يرزقك بأخيك"، يعني التفرغ جزء لا يتجزأ من ركنية طلب العلم، ركن من... أركان طلب العلم؛ حيث إنه عندما وجد شخصاً لا يعمل فقال: "من يقوم بشأن هذا؟" قالوا: "أخوه". قال:
"أخوه أعبد منه". فجعل العمل أعلى من التفرغ للعبادة، وجعل العمل خادماً للتفرغ للعلم في غير ما أحاديث. هناك أحاديث كثيرة في هذا المعنى ومواقف كثيرة جليلة لسيدنا صلى الله عليه وسلم. أبو هريرة الذي كان متفرغاً لطلب العلم وكان من أهل الصفة كان يقول: لم يكن أحد أكثر حديثاً مني من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما كان من عبد الله بن عمرو بن العاص، فإنه كان يكتب ولا أكتب. أبو هريرة اعتمد على صفاء ذهنه وعلى... حِفْظِهِ وَعَلَى دَعْوَةِ رَسُولِ اللهِ لَهُ بِالْحِفْظِ، لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ دَعَا لَهُ أَنْ يَحْفَظَ.
فَحَفِظَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَاسْتَعَانَ بِيَمِينِهِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْتَعِنْ بِيَمِينِكَ". فَلَمَّا كَثُرَتْ عِنْدَهُ الْأَوْرَاقُ وَكَثُرَتْ عِنْدَهُ الْكِتَابَةُ، لَامَهُ بَعْضُ أَهْلِ قُرَيْشٍ، قَالُوا لَهُ: "أَتَكْتُبُ عَنْ نَبِيِّ اللهِ؟". كل شيء ينطق به وهو بشر لسيدنا عبد الله بن عمرو، نعم يقولون هكذا. عبد الله بن عمرو بن العاص عندما وجدوه يكتب ويكتب ويكتب ويكتب، فقالوا له: "والله يعني أنت لم تترك شيئاً لكي تكتبه، أنه يتكلم في الرضا والغضب، يعني فأنت ستكتب في الرضا وتكتب في..." الغضب وهكذا يعني أنت ستضيق واسعاً هكذا لأننا نكتب في الرضا فقط أما في الغضب فلا. فعرض الأمر على رسول الله
صلى الله عليه وسلم وقال: "يا رسول الله، أكتب عنك كل شيء". فلاموني وقالوا: "بشر يرضى ويغضب". قال: "يا عبد الله، اكتب". إنه أمر بالكتابة في عهد رسول. الله صلى الله عليه وسلم اكتب، فوالله لا يخرج منه إلا ما كان حقًا في الرضا وفي الغضب، وكتب عبد الله بن عمرو بن العاص كثيرًا من هذا ورواه عنه الرواة بعد ذلك، حتى سُميت هذه الصحيفة في صحيفة همام بن المنبه مائة وأربعة وثلاثين حديثًا، وكلها في البخاري بعد. ذلك فهو يقولون أين البخاري أتى؟ من أين أتى؟ أتى من مصادر محفوظة ومنها هذا. فيأتي مثلاً شخص ظريف
من ظرفاء المثقفين - انتبه - يظهرون ويقول: ماذا؟ لا توجد نسخة من البخاري مكتوبة بيده! فهذا يذكرني بما كان يحدث قديماً عندما كنا نذهب إلى المكتبات، فكان هناك شخص يمسك بالقمامة الخاصة بسفارة أمريكا. هنا الله يرحم الجميع. فمرة جاءني وأنا عند أحد الكتبيين، قال لي: "أنا الكتبي". قلت له: "الكتبيون، من هم يا مولانا؟ أليسوا فقط بائعي الكتب؟". قال لي: "أنا وجدت التوراة بخط سيدنا موسى، وجدت التوراة بخط سيدنا موسى عليه السلام". هذا يشبه المثقف الذي يقول لك... أين البخاري بخط البخاري؟ القرآن ليس موجوداً بخط أصحاب البخاري، وليس موجوداً بخط
البخاري، لكن رواه عن البخاري خمسة من الكبار منهم الفربري. حضر عن الفربري سبعون ألف إنسان رووا البخاري عن الفربري. فالناس لا يتصورون أن هذا علم أيضاً، ويظنون أنه مجرد كلام. حكايات الأهواء إنها تلك حكاية عن حكاية مروية مثلاً وكذا لا، هذا علمٌ علمٌ وثّق بما لم يوثق به أحدٌ في العالمين وغير مسبوق يا مولانا سيدنا فضيلتك دائماً تؤكد على ذلك لم يحدث هذا من العلوم الوحيدة الفريدة الشريدة التي اختص الله بها أمة محمد التوثيق سواء كان ذلك في جانب القرآن الكريم أو سواء كان ذلك في جانب السنة المشرفة أو سواء كان ذلك في دفاتر المؤلفين من البشر حتى المؤلفين الذين هم الإمام النووي والإمام ابن
حجر الذين تربطني بهم صلة ويعرفون الأسانيد أمير المؤمنين في الحديث أمير المؤمنين في الحديث سيد المحدثين لا أعرف. ما هكذا؟ الرحلة - الرحلة يعني المقصود - يعني الكعبة رحلة المسلمين، يعني المسلمون يتوجهون إليها رحلة. فكذلك الإمام البخاري هذا كان رحلة العلماء، رحلة العلماء، كان رحلة العلماء بتسكين اللام، رحلة العلماء. نعم، فهؤلاء الناس في الحقيقة غريبون عجيبون لأنهم خرجوا عن نطاق العلم. فسيدنا أبو هريرة كتب فعبد الله بن... عمرو كتب أكثر منه أو يعني يروي أكثر، والنبي قال له: "اكتب، فوالذي
نفسي بيده ما يخرج مني إلا الحق"، رواه أبو داود. فنحن إذاً أمام تدوين السنة، وقد كانت في عصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبعد ذلك دوّن السنة أناس ممن حفظ لنا التاريخ. هؤلاء المدونين منهم ابن شهاب الزهري إمام أهل المدينة، ومنهم الإمام مالك الذي جلس بعدما جمع موطأه، ورواه عنه أربعون عالماً، أعلاهم الشافعي. الإمام الشافعي كان يحفظ الموطأ ورواه عن مالك، ولكن نسخة الإمام الشافعي هذه لم تصلنا. ورواه عنه محمد بن الحسن الشيباني تلميذ أبي حنيفة، وقد وصلتنا نسخته. انظر، انظر. كيف يكون ذلك حسب إرادة الله سبحانه وتعالى؟
أربعون يروون الموطأ لملك وُلِد سنة ثمانين وتوفي سنة مائة وأربعمائة واثنين وسبعين، أو شيء مثل ذلك. يعني أنه وُلِد سنة تسعين مثلاً. فالإمام سفيان الثوري توفي سنة مائة وأربعة وستين، والإمام مالك بعده مباشرة، فالإمام مالك هو هو. إمام أهل المدينة وكذلك ظل ينقح في الموطأ هذا أربعين سنة وهو جالس يضبطه ويراجع ويقارن ويعمل وما إلى ذلك. روى عنه أربعة منهم الإمام الشافعي. توفي وعمره أربعة وسبعون عاماً، وكان الإمام الشافعي عمره أربعة وعشرون عاماً حينها، لكنه عندما وفد
عليه كان ابن خمسة عشر عاماً. رواه الإمام. مالك وهو كان الإمام الشافعي كان عمره خمسة عشر سنة عندما ذهب إلى الإمام مالك. كان مولانا، نعم نعم، الإمام الشافعي مولوداً سنة مائة وخمسين، فيكون وهو في عمر خمسة عشر عاماً في سنة مائة وخمسة وستين. الإمام مالك سيموت بعد تسع سنوات فأدركه وجلس معه، وبعد ذلك حدَّث الإمام مالك، وكان الإمام مالك يهتم كثيراً. ماذا يفعل؟ يتوضأ ويتطهر ويتعطر ويستعد أكثر فأكثر ويجلس على الكرسي ويتمكن منه ثم يُحدِّث إجلالاً لحديث رسول الله. إنهم ليسوا أناساً محتالين، وليسوا أناساً هكذا، بل كانوا أناساً معهم المحابر والأوراق وغيرها، والإمام مالك يتكلم وهم يكتبون عنه، ويكتبون، وذلك الشاب جالس منزوياً هكذا ابن خمسة عشر
سنة. يبدو عليه أنه شاب صغير جداً وهادئ. لم تنتهِ سلامته وليس شافعياً. نعم، بعد ذلك قام بالتعرض للإمام مالك بعدما انتهى من الدرس، وأخذ يتعرض له في الطريق هكذا لكي يسأله سؤالاً. فالإمام مالك كأنه تراجع قليلاً قائلاً: أنت جالس بلا ورقة ولا كراسة معك. ولا معك ألم ولا معك شيء وأنت جالس وستسألني، ستسأل في أي شيء يعني؟ هم لا يحبون هذه الطريقة، فالإمام الشافعي قال له، فيقول له: طيب، أنت لم تكتب، في أي شيء ستسأل؟ فالإمام الشافعي قال له: هل حفظت ما قلت؟ قال له: كيف حفظت ما قلت؟ يعني أنا ما الذي... هل هناك شخص ذكر خمسة عشر أو عشرين حديثاً على
مدار سنين؟ قال: "الحديث الأول رويته عن نافع عن ابن عمر، والحديث الثاني رويته عن فلان عن فلان، والحديث الثالث..." وهكذا سرد الخمسة عشر حديثاً. فالإمام مالك - انظر إلى التعليم والتربية وانظر إلى الجمال - قال له: "لا، تعال" وذهب آخذاً إياه من يده. بيته خلاص، أنت لا تترك، لا أنت لا تُترك، تعال. آه، كفاءات إخواننا المثقفين الحقيقة لم يروا هكذا، لم يروا أحداً بهذا الشكل ولا بهذه الذاكرة ولا هكذا، لكنني أذكّرهم بشيء كان مهماً جداً وهو أنه لم تكن هناك كهرباء حينها، وأنه لم تكن هناك مطبعة، وأنه حينها... لم يكن هناك ضجيج
ولا تلوث في البيئة ولا تلوث سمعي ولا ضوئي ولا تلوث في الجو، لم يكن هناك تلوث ولا مجاراة للحياة، ولكن أيضاً لم يكن هناك تلوث في النفوس، هل تنتبه؟ وهذا هو الأهم. فهؤلاء الناس كانوا متصلين بما خلق الله، كانوا يركبون الحصان، وهذا الحصان والجمل يحتاج... يأكل ويريد أن يشرب ويريد أن يرتاح ويريد، فكانوا يتعاملون مع الكون، ولذلك صفت عقولهم وقرائحهم، ولذلك أصبحت عندنا هذه الذاكرة القوية في أفراد منهم أيضاً. إذا كان سيدنا صلى الله عليه وسلم لم يمنع سيدنا عبد الله بن عمرو من التدوين فماذا
نفهم من ذلك؟ ولكن كيف نفهم ما قاله سيدنا أيضاً؟ لا تكتبوا عني، وهذا يحتج به البعض على أن السنة لم تُدَوَّن، بل دُوِّنَت، ولكنهم يقرؤون ما نقول إنه من ضمن البلايا التجزئة، أنهم يقرؤون شيئاً ويتركون شيئاً. كتب الحديث أُسيد بن حضير الأنصاري، كتب الحديث جابر بن سمرة، كتب الحديث زيد بن أرقم، كتب الحديث عبد... الله بن أبي أوفى وكانت هناك صحيفة تُسمى بصحيفة أبي بكر في الفرائض والميراث،
وكان هناك صحيفة تُسمى بصحيفة علي في الديات والتعويضات وما إلى ذلك. كان هناك صحيفة كما ذكرنا لعبد الله بن عمرو بن العاص وكانت تُسمى بالصادقة. هناك الجيل الآخر مباشرةً بعد رسول الله. صلّى الله عليه وسلم، كان هناك الحسن البصري يكتب، والحسن البصري تربى في بيت أم سلمة، صحيح، يعني أمه كانت تخدم أم سلمة عليها السلام، وهو أخذ السند من علي، ويعني الناس يأخذون حديثاً ويتركون أحاديث، ويتركون أحوالاً، ونحن قلنا لهم قبل ذلك: القرآن كالجملة الواحدة واقرؤوا. جميع المصادر
لكي تفهموا وتضعوا هذا بجانب هذا، فما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تكتبوا عني"؟ كتبوا بنفس الطريقة التي كتبوا بها القرآن، نعم، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينبههم أن لا يكتبوا عنه بهذه الطريقة. الكتابة فيها أمور، رقم واحد: المكتوب عليه ستكتب. على أي شيء؟ على ورق البردي؟ أم على لحاف الشجر؟ أم على سعف النخيل؟ أم على رق الغزال؟ أم على الجلود؟ أم على ماذا ستكتب؟ على ورق؟ أم على الكاغد؟ هذا الكاغد كان من صنع فارس، الذي هو الورق حالياً، أي "البيبر" بمعنى الورق. فماذا سنفعل؟ والله إننا في
بلاء شديد مع هؤلاء. الناس الذين يقرؤون شيئاً وتغيب عنهم أشياء، عرفت شيئاً وغابت عنك أشياء. انظر كل هذا الكم الذي كانوا يكتبون بهذه الطريقة، وموجود التراث الخاص به مما أخذه بعد ذلك أمثال أبي بكر بن حزم الذي أمره عمر بن عبد العزيز بالتدوين، وأمثال ابن شهاب الزهري، وأمثال الإمام مالك. هذا الإمام مالك رأى مَن. رأى التابعون أبناء الصحابة، أي مباشرة أبناء الصحابة. الحسن البصري هذا من جيل التابعين، من كبار التابعين الحسن البصري، لأنه رآهم جميعاً تقريباً. كانوا قريبي العهد من سيدنا. نعم، مباشرة هكذا هم عائشون في الجو نفسه، ولم يكذبوا ولم يفعلوا، وبعد ذلك كيف يكذبون إذا كان... هذا أيضاً هناك سند جملي، والسند الجملي هذا معناه أن كل الناس
تقول هكذا وكل الناس تفعل هكذا. فهذا يأتي ليتصور الخيال المريض أن أحداً قد كذب، أو أن أحداً قد لفّ، أو أن أحداً قد دار، أو كذا إلى آخره. أبداً ما حصل هكذا، بل حصل توثيق من السنة المشرفة ومن الحديث النبوي الشريف موثق توثيقاً تاماً، والنبي صلى الله عليه وسلم عندما نهى عن الكتابة نهى عن كتابة مخصوصة يختلط فيها الحديث بالقرآن. كتابة مخصوصة، نعم، ماذا تعني مخصوصة؟ تعني أن يذكر الكلام ويضعه في وسط القرآن، مثل "إنما الأعمال بالنيات" دون أن يقول "قال رسول الله" مثلاً. هذه هي المقصودة. يقول له: لا، لا تفعل هكذا لئلا يختلط بكتاب الله. نعم، النوع الذي عليه
كتابة يجب أن يكون مختلفاً، والطريقة يجب أن تكون مختلفة، والخط يجب أن يكون مختلفاً، وكل هذه الأشياء كانوا على علم بها، ولذلك كان النهي محدوداً في حالة معينة، يعني لا تكتب بهذه الطريقة، هذه الحالة المخصوصة، الحالة المخصوصة التي... فيها نوع التباس مع كتاب الله حفظاً لكتاب الله. دعنا نأتي من ضمن مصائب الفكر الذي يُخرج التفكير عن كونه مستقيماً: التعميم. يقول لك: "أنا لا أحب القرى". ما هي القرى التي لا تحبها؟ إن هذه القرى فيها من الناس الأولياء والطيبين وغيرهم إلى آخره. "أنا لا أحب العمال". لا، ما... لا ينفع هذا التعميم الذي يؤدي الوقود في الخطأ دائماً. نعم، فهذا التعميم يُخرج الفكر من الاستقامة إلى الاستهانة،
فيصبح مستهيناً بعقولنا. إنه يستهين بعقولنا الآن لأنه قد أخرجنا من الفكر المستقيم إلى الفكر المستهين. أما ما الذي يوجد لدي تحت يدي، فهو أن النبي صلى الله عليه. وسلم أوصى بالكتابة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز الكتابة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها، وأن الصحابة الكرام معظمهم كتب، مجموعة منهم كبيرة جداً، وقد ذكرنا أسماءهم، وإذا أردنا أن نذكر أسماءهم مرة أخرى نقول: زيد بن أرقم وعبد الله بن أبي أوفى وجبل بن سمرة وسيد. بن حضير وعبد الله بن عمرو بن العاص وهكذا كتبوا، وهناك من حفظ كأبي هريرة والسيدة عائشة وأم سلمة وجابر بن عبد الله الأنصاري، مجموعة كبيرة حفظت ثم
قارنوا ما حفظوه، وكان كل هذا في السنوات الأولى وفي المدينة المنورة، ثم بعد ذلك انتقل إلى التابعين مكتوباً أيضاً وكان الحسن البصري يقول: ما قُيِّد العلم بمثل الكتابة، ما قُيِّد العلم بمثل الكتابة. أفضل شيء هكذا، وكانوا يفعلون بعد ذلك أخذوه وجعلوه شعراً لأنه من السلف الصالح. ما دام الحسن يقول هكذا، يقول لك: "العلم صيد والكتابة قيده، قيِّد صيودك بالحبال الواثقة، فمن الحماقة أن تصيد غزالة ثم تدعها بين..." الخلائق الطليقة لن تستطيع إحضارها، هل تفهم؟ يعني أنت أحضرت الغزالة بيدك، آه، العلم صيد والكتابة قيده،
قيّد صيودك بالحبال الموثوقة، وهي الخط الذي هو الورقة التي هي الكراسة. فمن الحماقة أن تصيد غزالة ثم تتركها بين الغابات طليقة. الحسن البصري هو الذي يقول هكذا. من هو الحسن البصري؟ الحسنُ البصريُّ الذي تَرَبَّى في أحضان الصحابة، والذي رَبَّاهُ الصحابة والتابعون، كان وليًّا من كبار الأولياء، وهو سَنَدُنا في التصوف وفي درجة الإحسان التي نَرويها عن سيدنا علي. أما سعيد بن جبير، فهو الذي قتله الحجاج، وكان الحجاج بعد أن قتله يقول: "ما لي وما لسعيد بن جبير". ومات بعده بثلاثة أيام لأنه دعا عليه وقال: "اللهم لا تمكّنه في أحدٍ من بعدي". فالحجّاج وهو جالس على الفراش المسكين قال: "ما لي وما لسعيد؟". قال الولد: "ما لي
ولسعيد؟". ماذا به؟ هو نفسه يلوم نفسه لأنه تعامل مع واحد من كبار الأولياء الصالحين، سعيد بن الزبير. كان سعيد هذا... يقول: ماذا؟ كنتُ أكتب عن ابن عباس في صحيفة، ها هو ابن عباس، وها هو سعيد. كنت أكتب في صحيفة حتى أملأها وتنتهي الأوراق التي معي. أحضرت ورقتين أو شيئاً من هذا القبيل، وابن عباس بحرٌ - هل تنتبه؟ - وحبر الأمة، ثم أكتب على ظهر نعلي، فأمشي حافياً لكي أقلب النعل، فنعلي من الجلد وأكتب عليه. عليه كي لا ينسى، وعندما يعود إلى البيت يُبيِّض هذا الكلام، ثم يكتب على كف يده هنا هكذا، كلما أتيح له من فراغ يكتب فيه. وبعد ذلك يقول لك: "ليس مكتوباً".
حسناً، من أين سأحضر لك يد سعيد الآن؟ هو ربما يطلب شيئاً مثل هذا ويقول: "أنا...". أريد نعم يقول حسناً أين ما ما الذي يثبت لنا ما أنا لم أرَ السعيد عِش حياتك عِش حياتك ماذا تعني أي استمتع عِش حياتك هذه بدلاً يعني هي التعبير الراقي المؤدب لكلمة ماذا استمتع لأنه شيء واضح ولا يصح في الأفهام شيء إذا احتاج النهار إلى دليل وتوضيح الواضحات من المشكلات يا مولانا، هذا من السخف أنها انتهت. يعني الآن نقول لك هذا نهار وهذا ليل، فتقول: وما الذي يُعلمني أن هذا نهار وأن هذا ليل؟ إذاً نكون بذلك قد دخلنا في إطار الجدل المُقيت وليس في نطاق العلم المؤكد. فإذا كان عندنا ثابت بروايات كثيرة
جداً أن السنة... قد كُتبت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنها ظلت تُكتب حتى ظهرت الأجزاء وظهرت كتب السنة وظهرت ونُقحت تماماً وأنشأ الله علماً في قلوب المسلمين للتوثيق وهذه العلوم تكاثرت وتحولت من مجرد فكرة إلى صياغة علمية دقيقة قابلة للتكرار وقيس بها هذا الكم الهائل من المرويات ضُبطت وعُلم المقبول منها من المردود وكل هذا في مجال التوثيق وليس في مجال الفهم، ثم أنشأوا أداة. هل هناك فارق ما بين التدوين والتوثيق والفهم يا مولانا؟ كما بين السماء والأرض. هو هذا الآن: هل
النبي قال هذا أم لا؟ وبعد أن نتأكد أن النبي قال هذا أم لا، نريد أن نفهمه. نعم، نفهمه. كيف ذهبوا متعاملين بشيء من عهد الصحابة، لكن مَن الذي أبرز وصاغ في صيغة المائة الإمام الشافعي الذي توفي سنة ألفين وأربعة، لكن هكذا هو لا، توفي سنة كاملة يا مولانا، هو ليس مائة، مائتين وأربعة، ليس ألفين وأربعة، ألفين وأربعة هذا بمشايخنا يعني، لكن من حبنا في الشافعي مائتان وأربعة واثنان صفر أربعة اثنان صفر أربعة، فهو انظر، الإمام الشافعي مائتان وأربعة، هذا هو يعني مولود سنة مائة وخمسين، وكان يعمل منذ أن كان عمره خمسة عشر سنة في العلم وفي الحفظ. الأصمعي قرأ عليه أشعار الهذليين. أناس تأسست. هل في العقلية مثل هذه؟ نعم، توجد، وما زلنا ندرس في... كلامه وفي معانيه جاء
الخطيب البغدادي في أواسط القرن الخامس الهجري وبيّن أن كل شيء في الرسالة مأخوذ من الصحابة. رسالة الإمام الشافعي، نعم، التي هي أصول الفقه وأصول الفهم، نعم، مأخوذة من الصحابة الكرام. كل كلمة مأخوذة من الصحابة، هذه قالها ابن مسعود، وهذه قالها ابن عباس، وهذه قالها... قال هذا ابنُ الزبير، وقال هذا ابنُ عمر، وقال هذا ابنُ عمر، وقال هذا فلانٌ وعلانٌ بالإسناد إلى درجة مذهلة. فإذاً، كان الشافعي مطلعاً على كل هذا ولخصه وجعله مثل النحلة حينما تأخذ الرحيق ثم تحوله عسلاً بقدرة الله. ربنا وفقهم إلى ما فيه رضاه. أتعلم لماذا؟ لأنهم كانوا عباداً وكان... قلوبهم خاشعة متعلقة بالله، يقومون الليل ويصومون النهار. هؤلاء
الناس كانوا أناساً طيبين، لكننا لا نعرف هؤلاء القوم الذين أجازوا الخمر وأجازوا السخرية وأجازوا أموراً أخرى إلى آخره. لا، ليسوا طيبين - أعتذر، لا تؤاخذني - يعني ليسوا طيبين، لكن أولئك كانوا أناساً طيبين، طيبين مع ربهم، ولذلك وفقهم الله لما. إذا كان المرء غير طيّب مع الله فلن يوفقه. إن السخرية والتعالي والغباء وأيضاً الخروج عن مقتضى العلم والوقوع في شك الحيرة يا مولانا - وشك الحيرة هو لأجل تشكيك الناس وجعلهم في فوضى عارمة لم يصلوا إليها - هذه الأمور قد فشلت من قبل عشرين مرة. المهم أنهم يحاولون، فقد أعطِهم مئتي سنة من... يبدؤون الشك والحيرة لكنهم في مواجهة ماذا؟ في مواجهة حضارة منقولة بقوة وبعلم
وبعمق، ولذلك لا يعرفون ماذا يفعلون ويتعجبون: "نحن منذ مائتي سنة ونحن نحاول هدمكم، فلماذا لا تنهارون؟". لا نريد أن ننهار لأنكم تريدون أن تهدموا الهرم. بدلاً من أن تهدموا الهرم، اجعلوه مزاراً. طيباً للناس وجعلوه منارة نور بدلاً من أن تجعلوه مكان نفايات. ما رأيكم؟ لكن ماذا سنفعل عندما تكون المشكلة في القلوب! لقد تم التدوين في عهد رسول الله، وتم التدوين في عهد الصحابة الكرام، وفي عهد التابعين الكرام، وفي عهد من كتب في السنة وجمع الأجزاء وأنشأ هذه الكتب كلها والذي وصل إلينا. من الأسماء التي سجل هكذا مائتين وخمسين كتاباً، اسم كتاب، نعم، مائتين وخمسين عنواناً، وكل عنوان لديه يمكن
أن يكون تحت مجلدات كثيرة، ووصل إلينا منها حوالي مائتين تقريباً، كلها تقريباً الآن مطبوعة، تلك التي وصلت إلينا، لأننا جلسنا في الثمانينات من ثمانين حتى أول. القرن العشرين كان قرناً طُبعت فيه خلال العشرين سنة الماضية أشياء من السنة لم تُطبع في العالم من قبل. هل تلاحظ؟ لقد طُبع مصنف ابن أبي شيبة ومصنف عبد الرزاق ومصنف ومسند أحمد الذي حُقق في عدة طبعات، وغير ذلك. جميع كتب عبد بن حميد طُبعت بالكامل، وكذلك طُبع مسند أبي عوانة. طُبعت كتب كثيرة جداً ومكّنتنا من المقارنة. نحن عندما نأتي ونريد أن نُخرِج كتاباً، لا بد أن تكون المخطوطة فيما قبل القرن السادس الهجري. لماذا؟ لأنهم
كانوا مهتمين جداً بالتحقيق والتوثيق، ولم يكن لديهم العجلة، وليس عندهم النسق الذي قد أُصيب به بعضهم بعد ذلك. فنضبط هكذا فوجدنا أن... لدينا واحد وعشرين نسخة من مسند الإمام أحمد من القرن السادس الهجري. عملنا عليهم بطريقة المقارنات يا مولانا. واحد نسخته تقارنونها، مزيدة هنا، ما انتقص هنا، نعم، فوجدنا حديثاً مثلاً يقول: "من أحيا سنتي فقد أحبني"، الحديث هكذا موجود في المطبوعات، وعندما قارنّا النسخ وجدناه. من أحيا سنتي فقد أحياني، وليست أحبني. هل انتبهت؟ قد
تتشابه مع عدم وجود الألف في "أحياني". لا، إنها بالفعل "أحياني". فانظر، انظر كيف يصل التدقيق إلى هذا. "فقد أحبني" لا تختلف كثيراً عن "أحياني" من ناحية أن الأمر مطلوب، أي أن إحياء السنة مطلوب. "أحبني" أو "أحياني" كلاهما جميل، ولكن... انظر ما معنى "أحياني" هذه: كأنك قد أعدت رسول الله إلى الحياة الدنيا. يا للعجب! إنه أمر عظيم جداً. فالسنة النبوية دُقق فيها وحُقق وبُذل فيها مجهود الله به عليم، وكل هذا حتى لا نكذب على رسول الله، لأن الكذب على رسول الله كبيرة من الكبائر. صلِّ وسلِّم على صاحب الوحيين صلى الله عليه وسلم. وسلم فاصل ونعود
إليكم ابقوا معنا أهلا بحضراتكم مولانا قبل الفاصل قلت من كذب على سيدنا، طيب يقول سيدنا: "من كذب عليّ متعمداً أو عمداً أو قاصداً فليتبوأ مقعده من النار" أو كما قال، صدق سيدنا صلى الله عليه وسلم. ماذا يعني أن يكذب الإنسان على سيدنا؟ معناه أمور من... من ضمنها التشكيك الدائم في مصادر الشريعة لأننا عندما نكذب على رسول الله وغيرنا يكذب على رسول الله وهكذا إلى آخره، في النهاية يأتي المتشككون أو الناس فيقولون ما أدرانا أن هذا كذب وأن هذا
صواب، ولذلك هذا الحديث حرَّك الصحابة وحرَّك من بعدهم لحفظ السنة النبوية المشرفة، هذا أحد الدوافع. الأساسية لحفظ السنة جداً هو هذا الحديث، لأنهم خافوا أن تُحرَّف السنة، وكانوا يقومون بأمور من ضمنها الحلف، يعني عندما يقول أحدهم: سمعت رسول الله يقول كذا، فيقول له محدِّثه: أقسم بالله، فيقسم بالله أنه سمعه. ومن ضمن هذه الإثباتات أنه يأتي بشاهد معه، هذا كان يفعله سيدنا عمر أي. أحدهم يقول: سمعت رسول الله فعل هكذا، فيقول له: أتني بشاهد معك، لابد من اثنين، لابد من اثنين. شخص واحد فقط لا يكفي يا مولانا.
هو كان يقبل الاثنين يعني لابد من الاثنين. وكان هذا يذهب إلى الصحابة يقول لهم: أنقذوني، عمر يريد أن يضربني ولا يفعل كذا لأجل كذا. فكانوا... ما هناك أكثر من الحديث مثلما... هم يتصورون هكذا، ولكن كان دائماً يأتي بالثاني ويقول له: "نعم، أنا أشهد معك، أنا سمعت رسولك، ألم نكن جالسين معاً فعلاً؟" وهكذا وثقوا الحديث بالقسم، ووثقوا الحديث بالشهادة، ووثقوا الحديث بالمقارنات، ووثقوا الحديث بالفهم. وهكذا كانت عائشة تقول: "إنني لا أتهم أبا عبد الرحمن بكذب، ولكن السمع..." يُخطئ ما قال رسول الله هذا. كان عبد الله بن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا قبر رجل يُعذّب ببكاء أهله عليه". فعائشة
قالت: "لا، لا تزر وازرة وزر أخرى، وأنا لا أقول إن أبا عبد الرحمن كذاب، وإنما السمع يُخطئ". قالوا لها: "إنما قال..." ماذا قالت؟ قال: هذا قبر رجل يُعذب في قبره وأهله يبكون عليه. ليس ببكاء أهله عليه فرق، ببكاء أهله يعني أهله يبكون فهو تحمل المسؤولية. فهو قال: لا، لا تنفع "لا تزر وازرة وزر أخرى". إنما الثاني يقول حال أن هذا يُحاسب، هذا حمله، يُحاسب وفي ذات نفس الوقت عليه. لا يزالون يبكون عليه، أي لا يزالون يتذكرونه، يعني يريد أن يقول أنه يحاسب قريب الوفاة لأن أهله لم ينتهوا بعد من العزاء ولم ينتهوا من
الحزن عليه، لم ينسوه بعد. بالضبط هذا كان موجوداً منذ يوم يقول "أتتركون كتاب ربنا لأعرابي يبول على عقبيه" ولم يأخذ الشيء، "أتتركون كتاب ربنا لامرأة لا نعرف". أصدقت أن كذبت لما لم تستطع أن تأتي بشاهد معها؟ انظر إلى الدقة يا مولانا، وصلت إلى أي درجة! فالسنة قد دوّنت من عهد الصحابة، لقد ألهمهم الله كيف توثق السنة حفظاً وكتابةً وروايةً ومقارنةً وشرحاً وقبولاً ورداً إلى آخره. يا مولانا الإمام، يصل الأمر ببعضهم في شدة الحيرة أنهم يحتجون بالقرآن الكريم إن... نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون. يقولون إن الحفظ فقط للذكر، والحديث ليس من الذكر. وفضيلتكم تفضلتم بالرأي أنهم
كانوا يقولون عن سيدنا أنه صاحب الوحيين. كيف نفهم ذلك؟ وكيف نرد؟ هذه معجزة من معجزات القرآن الكريم، نعم، لأنه قال: "إنا نحن نزلنا الذكر" ولم يقل: "إنا نحن نزلنا". القرآن "وإنا له لحافظون" هذا قال الذكر الذي يشمل القرآن والسنة. قال تعالى: "وأنزلنا إليك الذكر" التي هي السنة، نعم، "لتبين للناس ما نُزِّل إليهم" الذي هو القرآن، "ولعلهم يتفكرون". ها هو، كلما يأتون لنا بدليل نأتي لهم بما ينعكس عليهم ويصبح السنة محفوظة لقوله تعالى: "إنا نحن نزلنا الذكر". وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ، وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ، هِيَ الدَّلِيلُ لَدَيْنَا أَنَّ السُّنَّةَ حُفِظَتْ. لِمَاذَا؟
لِأَنَّ الذِّكْرَ مَعْنَاهُ مَا أَنْزَلَهُ اللهُ عَلَى قَلْبِ نَبِيِّهِ. وَهَلْ أَنْزَلَ الكِتَابَ وَالسُّنَّةَ؟ نَعَمْ. قَالَ تَعَالَى: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا"، وَقَالَ تَعَالَى: "وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى"، وَقَالَ تَعَالَى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله وقال تعالى لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا وقال تعالى في آية هذا القرآن يوحى إلي إنما إله إلا هو واحد مثلاً يعني لا أريد أن أقول لك أنه السنة هذا هو الذكر ونزلنا إليك الذكرى لتبينها للناس ما نزل إليهم من ربهم. ما الذي نزل إليهم من ربهم؟ القرآن. وما
الذكر الذي نزلوا عليه؟ السنة. وما الذكر الذي حفظوه؟ القرآن والسنة. إن هو إلا ذكر للعالمين على القرآن، وهكذا فكل ما سيأتوننا به من تجزئتهم هذه. ستجد أنه دليل عليهم ليس في كلامهم بل في ما يستدعونه من آيات. نعم، مثل شخص مرة نسي شيئاً فقال "اللهم صلِّ على النبي" يريد أن يتذكرها هكذا، فقال له الآخر: "لا يا أخي، واذكر ربك إذا نسيت". فجاء يقول لي: قلت له لا، صلِّ على النبي لكي تتذكر، والدليل... بخصوص قوله تعالى "واذكر ربك إذا نسيت"، فأنت عندما تصلي على النبي، ماذا تقول؟ "اللهم" والتي هي ذكر. إذا كنت تذكر، فانظر كيف وصلت حساسيتهم ضد النبي إلى أي مدى،
حتى أنهم أغلقوا على أنفسهم الباب ولم يشعروا أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهو... الجناب الأعظم، إنها من الله وذكر لله، فماذا نفعل بهؤلاء الناس؟ لقد قال تعالى: "واذكر ربك إذا نسيت". هيا قل: اللهم صلِّ وسلم على سيدنا النبي. على الدوام سيتذكرها مولانا، ويصلي ويسلم دائماً أبداً، سيتذكرها باستمرار. فإن الكذب على رسول الله كبيرة من الكبائر. من أعظم الكبائر، لماذا؟ لأنها تشوش مصادر الإسلام، ولذلك قال: "نضّر الله وجه امرئ سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع". فأمرنا بالتبليغ وبحفظ السنة،
وكذا ثم وفقه الله لأنه قد أنزل في كتابه أنه يحفظ الذكر، فحفظ القرآن والسنة معه، والدليل على ذلك أن... بعد ألف وأربعمائة وتسعة وثلاثين سنة من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وبينما نحن جالسون معاً هنا الآن، لدينا كل هذا الكم الهائل من السنة، فهذا هو الحفظ الحقيقي. فنحن نملك دليلنا وهو الواقع، فربنا سبحانه وتعالى حافظ على البيت الكرام وحافظ. على السُّنَّة المشرفة وحافظ على البيت وحافظ على القرآن وحافظ على ونشر الدين كما وعده وأيَّده بكل مؤيد. فإن الكذب على رسول الله كبيرة من الكبائر
وتؤدي أول ما تؤدي إلى تشويش المصادر، وتؤدي أيضاً إلى اختلاف الشريعة، أي ليس فقط الصد والتكذيب وما شابه، لأن معنى ذلك أنه سيأخذ هذا. الكذب ويطبقه باعتباره أنه الهدى وهو ليس فيه هدى، ومن ثم يحدث ماذا؟ يحدث تكذيب للشريعة. لأنه عندما يأتي الحديث الضعيف ويُذكر له فضيلة معينة موجودة في الدنيا فيُنفَّذ فلا يحصل، فيفقد الناس ثقتهم في السنة المشرفة. لذلك وضع العلماء المعايير الدقيقة لدرجة الحديث من صحيح وحسن وضعيف والشروط الدقيقة. خمسة شروط لقبول هذا الضعيف وكيفية تطبيقه، ثم بعد ذلك وضعوا أداة أخرى وهي أصول الفقه لفهم هذا الحديث ومقارنته حديثاً
بحديث أو حديثاً بقرآن أو حديثاً بأصول الشريعة كلها، ثم وضعوا أصولاً ثالثة لكيفية تطبيق الدين في واقع الناس، فنحن عندنا أصول ما بين النص والتفسير وأصول ما بين التفسير والتطبيق لدينا كل هذا، فيأتي شخص لا علاقة له بهذا المنهج، ولا يعرف التطبيق من التفسير وما إلى ذلك، فيتخبط تخبطاً عشوائياً، كحاطب ليل، يخلط الأمور دون تمييز، فيجمع بين الثعبان وجذع النخلة وجذع الشجرة. هذا كلام فاضل مولانا الإمام. ونحن نقرأ في هذا المنهج الإصلاحي لفضيلتكم لا بد أن يكون هذا هو الفهم المستقيم لفهم السنة النبوية. إذا كنا دائماً نقول العقل والنقل، فكيف يحدد منهج فضيلتكم
إعمال العقل مع النقل مع السنة تحديداً؟ لدينا ثلاثة عناصر: العقل والنقل والذوق، لدينا هذه الثلاثة، وقد أخذناها جميعاً من الكتاب. والسنة والثلاثة العقل هذا العقل، ربنا خلق كتاب الله المنظور الذي هو الكون، وخلق كتاب الله المسطور الذي هو القرآن، خلق المصحف هكذا، كلام الله القديم ليس مخلوقًا، ولذلك كان يسميه ربنا بالأمر "ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين"، "اقرأ باسم ربك الذي خلق" يعني يقول لك اقرأ. الكون هذا، وأَقرَأ وربكَ الأكرم الذي علّم بالقلم الذي هو الوحي. هذه المراوحة، النظر في كتاب الله المنظور وكتاب الله المسطور، تُشغِل العقل.
فالعقل يقرأ كتاب الله المنظور بالتأمل والتدبر والمجهر وبعلم الأشياء والأشخاص والأحداث والأفكار والنظم، ويقرأ كتاب الله المسطور بالتوثيق والفهم وتحت راية وتحت سقف الإجماع. وبالإلحاح المستقيم الذي نسميه القياس وبالاستدلال وبالاستنباط وبالاستهداء نستهديه هدى للمتقين، فلا بد أن تكون متهيئاً حتى تأخذ منه الهداية، لأنك لو دخلته من غير تقوى فهو عليهم عمى. هو نفس النص القرآني، القرآن هدى للمتقين وفي نفس الوقت هو عليهم عمى، فإذن هذا دور العقل، العقل يفهم العقل.
يُطبّق العقل، يستنبط العقل، يصل ما بين المطلق والنسبي، والعقل يدرك المآلات ويدرك المصالح ويدرك المقاصد ويدرك كيفية التطبيق. النقل شأن فيه التوثيق ثم الفهم ثم الاستنباط. أما الذوق فله الحدود التي له، غاية وله طريق وله مراحل وله كيفية مندرجة. يقول في الجنين: طريقنا هذا مقيد بالكتاب والسنة من. أهل الطائفة هناك الله مقصود الكل ملتفت، لا يصل. تبدأ باليقظة وتتلو بالتوبة إلى آخره إلى أن تنتهي من الوضع، الذكر والفكر في هذا الذوق. الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض. التخلية
والتحلية: التخلي من القبيح والتحلي بالصحيح، وبالتخلي والتحلي يحدث التجلي في هذا. الطريق هذا هو دور العقل والنقل والذوق في دين الله. هذا ما يريده مولانا الإمام: إيجاد حالة الوعي قبل السعد، وعودة الروح مرهونة دائماً بعودة هذا الوعي. وعلماء النفس والاجتماع يقولون: روح الأمة تسيطر على مستقبلها ومصيرها. مولانا الإمام، شكر الله لك ورضي الله عنك. دائماً مولانا أهلاً. مرحباً وسهلاً بكم، دمتم في رعاية الله وأمنه، إلى
.