والله أعلم | الدكتور علي جمعة يتحدث عن تشكيل المصحف .. وكيف بدأ وحكم تلوينه | الحلقة الكاملة

والله أعلم | الدكتور علي جمعة يتحدث عن تشكيل المصحف .. وكيف بدأ وحكم تلوينه | الحلقة الكاملة - والله أعلم
أهلا بحضراتكم وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، وها نحن نلتقي مجدداً لنسعد بصحبة صاحب الفضيلة مولانا الإمام الدكتور علي جمعة وضيوفنا الكبار العلماء بالأزهر الشريف، لنسأله تلك الأسئلة حول المصحف الشريف، حينما نقرأ فيه تعن لنا الكثير من التساؤلات، كيف تم ضبط المصحف وآيات القرآن الكريم وعلامات الوصل والفصل والتجويد. والأقسام الكبيرة مقارنة الحكم والمقارنة والمقرأ القرآن وتجويد القرآن لا بد وأن تعرف الوقف والابتداء بشكل
واضح وسليم. كل هذا سأسأله صاحب الفضيلة مولانا الإمام. أهلاً بفضيلتكم، أهلاً وسهلاً بكم مولانا. يعني ضبط القرآن الكريم الضبط الإعرابي رقم واحد، هل يعني متى تم ضبطه؟ هل ضُبط قبل أن... يكون منقوطاً أم جاء ذلك بعد أن بدا منقوطاً. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. بمجرد ما انتهى الحجاج بن يوسف الثقفي، وكان هو وأبوه من محفظي القرآن الكريم في الطائف لأنه من ثقيف، من الخوارج وفتنة الخوارج وتعطيل الخوارج. للحضارة الإسلامية وللانتشار الإسلامي في العالم وتصوير الإسلام بغير صورته كما يفعل خوارج العصر الآن مما ابتلينا به بعد غياب أكثر من ألف ومائتين سنة بعدما
انتهى منهم، بدأ في خدمة المصحف الشريف وكانت هناك خطوات تمهيدية لهذا الضبط وأول هذه الخطوات التمهيدية بدأها زياد بن أبيهِ في الكوفة عندما سأل أحد نجباء تلامذة الإمام علي بن أبي طالب وهو أبو الأسود الدؤلي، وأبو الأسود الدؤلي سأله زياد أن يعني نريد أن نسهل حفظ القرآن وقراءته على أولئك الأعاجم الذين لا يعرفون شيئاً منه، فتردد أبو الأسود باعتبار أن هذا أمر حادث ومتعلق بالكتاب الأجل. ولا
بد أن يشرح الله صدره في هذا. تردد أبو الأسود فاستغابه زياد بن أبيه وقال لأحد الناس: "اجلس في طريق أبي الأسود وهو يمشي واقرأ قوله تعالى: (إن الله بريء من المشركين)، وقل: (ورسولُه)". هي في القرآن: (إن الله بريء من المشركين ورسولِه) قراءة (ورسولُه) قراءة. وَرَسُولُهُ يَعْنِي أَنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَرَسُولُهُ تُصْبِحُ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنْ سَيِّدِنَا النَّبِيِّ، وَهَذَا أَمْرٌ قَبِيحٌ فِي مَعْنَاهُ وَمَرْفُوضٌ وَغَيْرُ مَوْجُودٍ. وَكَانَ الْأَعْرَابُ الْأَوَّلُ
عِنْدَمَا أَتَوْا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ بَعْضُ حَدِيثِي الْإِسْلَامِ يَقْرَأُ، فَقَرَأَ هَكَذَا: "إِنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ"، فَجَاءَ الْأَعْرَابِيُّ وَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي تَبَرَّأْتُ..." مما تبرأ منه الله، اللهم إني أتبرأ من رسولك. فعمر سمعه وقال له: تعال يا رجل، أنت ماذا تقول؟ فقال له: أنا لا أقول هذا، القرآن هو الذي يقول. فعاد عليه النظر، فحكاية "رسوله ورسوله" هذه معروفة من أيام زمان. فقال له: يا عربي، ليس هكذا إن... الله بريء من المشركين ورسوله. قال: تبرأت مما تبرأ منه الله ورسوله. يعني فهم على الفور أن الله بريء من المشركين وأن رسوله بريء أيضاً من المشركين. اتضحت له الأمور بهذا الشكل. فعندما كان أبو
الأسود يمشي، سمع رجلاً يرفع صوته بالقرآن قائلاً: "الله بريء من المشركين ورسوله"، فغضب أبو يعني معنى ذلك أن هؤلاء الأطفال الجدد الأعاجم سيُحرّفون القرآن هكذا، فذهب إلى زياد وقال إنه سيفعل هذا، وبدأ يضع الشكل: الفتحة نقطة، والكسرة نقطة تحت، والضمة نقطتين على الجانب، وأشياء مثل ذلك. وابتدأ هذا يتطور إلى أن وصل إلى الحجاج، فلما وصل هذا... انتهى الأمر إلى الحجاج بعدما فرغ من قتال الخوارج والمنحرفين الجدد الذين كانوا يمزقون، وبدأت مرحلة بناء الحضارة الإسلامية، وكان من
ضمنها أن جزء القرآن بدأت تظهر فيه قضايا تتعلق بشكل القرآن، فتطور الأمر وأصبحت النقطة شرطة فوق الحرف وهي الفتحة، والكسرة شرطة تحت الحرف، والشدة أصبحت رأس حرف الشين، يعني القدماء كانوا يجعلونها راسخة، وبعد ذلك تطورت إلى شيء شبيه بالدائرة هكذا. والضمة واو، لماذا هكذا؟ لأن الحروف الثلاثة الجوفية التي لا سكن لها إنما هي طائرة في الهواء هكذا: الألف والواو والياء. لأن الألف هي عبارة عن عندما نفتح أفواهنا ويخرج الهواء: آه، إي، أو. هذه هي حروف هي حروف المد التي هي الحروف التي تتولد منها الحركات، فدائماً
كانوا يقولون لنا إن الحركات أبناء المد، أولادهم يعني. الكبار الذين هم حروف المد، هؤلاء الحركات أصبحت أولادهم. نعم، عندما تضم فمك هكذا وتدفع شفتيك للأمام تكون الضمة، وعندما تجعلها بجانب أذنك تكون الكسرة، وعندما تفتح فمك هكذا تكون وسميت حتى بهذه الأسماء ولم تكن موجودة من قبل هذه الأسماء: الفتحة والكسرة والضمة ثم السكون، وهذه الأربع علامات مع الشدة تصبح خمسة، مع المادة التي هي همزتان متتاليتان تصبح ستة، وأصبحت هذه علامات الضبط على الكلمة نفسها. أيضاً مع هذا أصبح هناك ترقيم للآيات لكن الحجاج أضاف أيضاً. إليها ترتيب عدّ الحروف لكي
يلتزم بالرسم الذي تركه الصحابة الكرام. يعدّ الحرف الذي هو آية، أي يعدّ الحرف الذي أمامه. الكتاب مكتوب ألف لام كاف تاء باء على التوالي، ليس فيها ألف، فيعدّ واحد اثنان ثلاثة أربعة خمسة ستة. يعدّ الحروف، عدّ الحروف، وقسّم القرآن سبعة أقسام لكي يصبح قسماً تُنهيهُ في يوم، ولذلك تكون قد أنهيتَ القرآن في سبعة أيام. بعد ذلك في القرن الثاني، عندما جاء الإمام مجاهد قسّمه أيضاً بعد الحروف إلى ثلاثين جزءاً حتى تُنهيه في ثلاثين يوماً. فالأجزاء التي بين يديك الآن متساوية في عدد حروفها مع بعضها، الجزء الأول مثل الثاني مثل... العاشر مثل الثلاثين، وبعد ذلك تفنن العلماء في عمل الأرباع هذه حزبين، واحد للصباح وواحد للمساء،
وكل حزب أربعة أرباع حتى إما أن يقرؤوه في الصلاة وإما أن يقرؤوه بعد الصلاة. وتقسيم المصحف بتجزئته هكذا نشأ عند العرب لما قرؤوا العربية وتعمقوا فيها جداً مثل الخليل بن أحمد. ومثل سيبويه ومثل الأصمعي ومثل الشافعي وكل هؤلاء الناس وقّروا اللغة العربية وتبحّروا فيها جداً وتعمقوا فيها جداً ووجدوا ما خطر في بال الأجانب بعد ذلك بقرون طويلة مما أسميناه بعلامات الترقيم، يعني سبقوا الأجانب بما نحسبه سبقاً بأكثر من ألف ومائتي سنة، وهذه من خصائصهم وليست علامات الترقيم. علامات الترقيم هذه هي التي نسميها بعلامات الوقوف. وقد تفنن
المسلمون في هذه العلامات فهناك علامات كثيرة، فهناك وقف طيب فكانوا يرمزون إليه بـ "طب" (طاء وباء) وهو غير موجود الآن في المصاحف. وهذه أمور وفَّق الله المسلمين إليها فهي مخترعة وليست توقيفية ولا شيء من هذا القبيل، وذلك طبقاً ولذلك استرشدوا بما عليه المفسرون الكبار مثل الإمام الرازي والإمام القرطبي والإمام ابن عطية والإمام مجاهد وهكذا. استرشدوا بهم لمعرفة كيف فهموا القرآن، فقالوا: لا، لن يصلح أن نضع فاصلة وفاصلة ونقطة وعلامة استفهام وعلامة تعجب. هذا الكلام الذي يصلح في اللغة الإنجليزية هو جزء لا يتجزأ من... فهم الإنجليزية
صحيح بحيث إنك لو رفعت علامات الترقيم من النص الإنجليزي لن تفهمه، لكن عندنا في العربية لا. عندنا في العربية علامات الوقوف قبل علامات الترقيم الأجنبية، ونحن الأصل. فكان هناك وقف طيب، وكان هناك وقف تام، فكانوا يرمزون له بـ "تم" يعني مأخوذة من "تام"، وهذا ما النحت الخطي أنهم يأخذون من الكلمة رمزاً، هل تفهم؟ مثل أن يقولوا لك "يو كي" (UK) التي هي بريطانيا، أو الأمم المتحدة "يونايتد نيشن" فتصبح "يو إن" (UN). الأمر نفسه أيضاً مأخوذ من هذا النحت الخطي. فكان
هناك نحت خطي ابتكره المسلمون مثل "طب" و"تم" و"هناك" و"وقف" و"كاف"، فكان... يقول كف مثل طب هكذا وتم يقول كف يعني طيب وتام وكاف وكافي هل فهمت؟ وبعد ذلك هناك الأشياء التي أصبحت معنا بعد تنقيحات وتطويرات عبر القرون. الوقف أولى فجعلوها قلي، فقلي معناها الوقف أولى، مثلما نقول البسملة "بسم الله الرحمن الرحيم"، جعلوها البسملة "الحمد لله رب". الحمد لله رب العالمين، ما شاء الله كان. المسألة - أدام الله عزك - هي "الحوقلة"، أي قول: "لا حول ولا قوة إلا
بالله". واسمها "الحوقلة"، أتنتبه؟ فيقولها هكذا، واسمها "الحوقلة". نعم، ولكن الأزهر يقول: ويجوز "الحولقة" أيضاً. نعم، يعني ما المشكلة؟ الوجهان مقبولان: "الحولقة". أنا تحسست الكلام بعدما قلتها يرفضها الإمام السيوطي الحوقلة لكن الحولقة لأنه يأخذون الحرف "لا حول ولا قوة" فهو اللام الأول ثم حول وبعدها لام ثم القاف فهي حولقة. قال لنا: حسناً، أما الحوقلة هذه فماذا تعني؟ قال: سير الرجل الضعيف، وهي موجودة في اللغة ولكن بعض اللغويين قالوا: لا، حوقلة لا يحدث فيها شيء. أيضًا وهذا يسمونه النقل المكاني في اللغة العربية، خاصية من خصائصها. فالمهم صِلْ وقيل لي صِلْ، الوصل أولى. قيل لي الوقف أولى. وبعد ذلك يقول لك "جيم" يعني الوقف جائز،
أن توقف وجائز أنك توصل. وما هو ممنوع؟ هذا من الممنوع، ممنوع. و"لا" تعني لا تقف، لا تقف. فيبقى الطيب والوقف الكافي والوقف أولى والوصل أولى والمنع من الوقف والمنع من الوصل والجواز في هذا، يعني ونحن ها نحن مع بعضنا على قدر وقتنا أصبحوا تسعة. تطورت هذه الأشياء كثيراً من مدرسة إلى مدرسة إلى آخره وهكذا، تجد في الآية الواحدة لدينا ستة آلاف ومائتان. ستة وثلاثين آية، الآية قد تجد فيها وقفين وثلاثة وأربعة، فعندما تضرب ثلاثة في المتوسط هكذا في ستة، كم يكون الناتج؟ بثمانية عشر ألف وقف تقريباً وبعض الوقوف موجودة
في القرآن. ولذلك ذكرنا مرة أن الفرق بين مصحف فاروق ومصحف فؤاد كان في ثمانمائة وخمسين موضعاً للوقف، ثمانمائة وخمسين. ماذا أرى؟ ثمانمائة وخمسون؟ نعم، فهناك أصلاً حوالي ثمانية عشر ألف وقف، أي أقل من ذلك بقليل، سبعة عشر وقليل. فعندما يأتي منهم ثمانمائة وخمسون، أي أقل من ألف، يعني أقل من واحد على سبعة عشر، أقل من الذين عدلهم الشيخ الضباع ومن معه. الشيخ عبد الفتاح القاضي القارئ لأن عبد الفتاح القاضي اثنان: واحد من أولياء الله الصالحين كان في شبلنجة وهو من مشايخنا، وواحد كان قارئاً. هذا تأخرت وفاته. الشيخ عبد الفتاح القاضي الشبلنجي توفي عام أربعة وستين، لكن الشيخ عبد الفتاح القاضي إمام القراءة هذا
توفي بعد الثمانينات. فالمهم أن الحاصل وبعدَ ذلك وُضِعَ عليها شكلٌ لكي يضبط في هذا، وبعدَ ذلك وُضِعَ ضبطٌ، ما هو الضبط؟ نحن نقول الكتاب، فيأتي ويضع المدّة هكذا بسيطة فوق الألف إشارة إلى أنه هكذا، وبعد ذلك عندما تطورت الأمور أصبحت هناك ألوان وصاروا يلونونها، فالإقلاب والغنة يُشار إليها في المصاحف القديمة، يُشار إليها. بالحُمرة، فلما أرادوا طباعة المصحف، تعذَّر عليهم محاكاة ألوان الآيات هذه. ماذا فعلوا؟ فرَّقوا بين الشرطتين الخاصتين بالتنوين، فرَّقوا بينهما لأنهم وضعوا ميماً، يعني وضعوا شرطة مع ميم ليدلوا على أن هذه فيها غنة أو
إقلاب. انتبه، لا تقلها من بعد، ولا تقلها، أي من بعد وشخص يُخفيها. وواحد لا يُخفيها. وجهان من بعد آخر. معنى "آركم" - لا، "آركم" تعني ماذا؟ وردت مرة واحدة في القرآن، مرة واحدة في سورة هود، ليس فيها غيرها. يعني هذا مثل ماذا؟ إدغام كامل وتام بين حرف الباء وحرف الميم. هذا لا وجود له في القرآن إلا في هذه الآية. هذه الآية "اركب معنا". لا تقل "اركب معنا" مثلاً. لا ينفع هذا لأن "اركب" جعل الباء ساكنة، ثم تشابهت مع الميم في بعض الأمور، لأن كل حرف له مخرج وله صفة. فمن هذه المخارج ومن هذه الصفات أصبحت هناك جداول توضح أي الحروف تشبه الأخرى، فيسمونه الإدغام الكبير والإدغام
الصغير هذه كلها تجدها في تعليم التجويد حتى في القنوات الفضائية وهكذا، فعندما يقول "اركب معنا" فهي مقلقلة هكذا، لكنها موضع واحد في القرآن فقط لا مثيل له في سورة هود، وسيدنا نوح هو الذي يتكلم. المهم أن الكلمة كانت مكتوبة هيكلها زائد. عليها رقم واحد النقض، ثم زاد عليها رقم اثنين الشكل، ثم زاد رقم ثلاثة عليها الضبط الذي هو مثل هذه الألف، ومثل التفريق الخاص بالتنوين، ومثل الأشياء التي هي هذه التحلية، ومثل أن نجعل الحرف ليس له علامة فيصبح سنجعله في الوصل مثل رسم قوارير، فكلمة قوارير هذه لها طريقة. في القراءة
فيجعل لك الألف هكذا أن تُثبتها في الوصل وتُسقطها في الوقف، أو أن تُثبتها في الوقف وتُسقطها في الوصل، فيضع عليها علامة بيضوية هكذا، علامة بيضوية تُعرّفك وكأنها إشارة بيننا وبين القرآن أن هذه إذا مررت عليها فتقول "قواريرا" ولا تقول "قوارير" وتسكن، فعندما يقف المرء يسكن ويقول. قوارير إذاً لا هنا ولا هنا، يقول قواريراً من فضة، حسناً لماذا لم يقل قواريراً من فضة وذهب يمدها المد الطبيعي؟ لأنها تثبت في الوقف وتسقط في الوصل. وإلى هذه الدقة الأدائية التي حدثت في القرآن الكريم وفي كتابة الحروف وفي كتابة
النقض وفي كتاب التشكيل وفي قضايا الضبط. وفي الوقوف والابتداء بدأ هذا الكلام يشيع بين المسلمين، وحفظ الله الكتاب كما وعد، ونقله غضاً طرياً يُتلى وكأنه قد نزل أمس أو نزل الآن. هذا هو القرآن الكريم بكل ما فيه من آيات بينات ومن آيات معجزة. أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها؟ فاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم مولانا الإمام، ذكرتُ منذ البداية مع فضيلتكم وتساءلتُ حول أهل القرآن الكريم، أهل القراءات، عن المقرئين حينما نسألهم عن كيفية التجويد، فيقولون لنا دائماً أن نحافظ على الوقف
والابتداء، ولا يقولون الابتداء والوقف، بل الوقف والابتداء، لماذا؟ لأن الوقف هو الذي سيُسبب الابتداء، نعم، فأنت الآن لو... بدأتُ بالابتداء وقلتُ الابتداء ابتدأ، وبعد ذلك لن تتوقف إن شاء الله هكذا، لكنك عندما تتوقف في وسط الآية - انتبه - فإن هذا الوقف له أقسام، فقد تتوقف لانتهاء نَفَسِك صحيح، وقد تتوقف وقفاً جائزاً فيجوز لك أن تبدأ، وقد تتوقف وقفاً ممنوعاً فلا بد من إعادة جزء مما الوقوف حتى يتم به المعنى، نعم، وهناك ما يسمى بعلامة التعانق، فإذا وقفت عند واحدة لا تقف عند الثانية، تعانق الوقف، تعانق الوقف، نعم، ويُرمز إليها بثلاثة نقاط.
"ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين" أو "ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين". طبعاً، لكن لا يصح أن تقول. أصبح ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين، إذن توقفت في الاثنين. إنك ستتوقف عند هذه أو تتوقف عند تلك، لكن لا يصح أن تتوقف عند الاثنتين. ولهذا تفاصيل طبعاً، وله علم يختص به العلماء، فهو علم الوقف والابتداء. أما إذا كنت تريد أن تقول إنني أبدأ القرآن ثم بعد يعرض علي الوقف فهذا موجود في لغة العرب، يقول لك: فكان إذا توضأ أخذ بيده فأدبر بها وأقبل. آه،
فأدبر بها وأقبل. ليس هناك "فأقبل بها وأقبل". أتنتبه؟ يقول لك: طيب، كيف أنت عندما تضع يدك على رأسك أنت في مقدمة الرأس وليس في مؤخرته أبداً، ولكن أين؟ الاتجاه الإدبار يكون الإدبار الأول، فهذه مثل هذه، فأدبر بها وأقبل ولا فأقبل بها وأدبر، لأن العبرة أين سأقف ومن أين سيأتي. من أين العبرة في القضية؟ أين الوقوف أصلاً؟ فيقول لك الوقف والابتداء، الوقف والابتداء، لماذا الناس تهتم به في الاختبارات؟ تجدهم يختبروننا في أماكن تعودت أن أقف. عليها مثل ماذا؟ مثل خواتيم
الصور، خواتيم الصور، خواتيم الآيات. فخواتيم الآيات هذه أنا أقف عليها بالسكون هكذا. فمثلاً عندما آتي لأقول: "ذو العرش المجيد، فعّال لما يريد"، أفعل هكذا. يقول لي: "أكمل" لكي يختبرني في التشكيل ويُظهر إن كنت واعياً بشكل صحيح أم غير واعٍ. فآتي أنا مخطئاً الكبيرة وأقول له ذو العرش المجيدُ فعّال لما يريد، فيقول لي: "لا، خطأ". أقول له: "أين الخطأ؟ أنا تلوتها للتو الآن". يقول لي: "المجيدُ، المجيدُ، ليس المجيدِ. افتح المصحف، ماذا قال؟ المجيدُ". لم أنتبه، لم أنتبه يا أخي من قبل أن الدال عليها ضمة. لماذا؟ لأن الألف
تخصني. وعادتي أنني أقف على الآيات فلم أهتم بوضع يدي عليها، أفهمت؟ فهو لكي يرى القارئ الواعي من القارئ غير الواعي يسأل هذه الأسئلة. طبعاً حمزة، أي أن كل شيء له مخرج، فحمزة يكسرها سيدنا حمزة، كيف يا فتى؟ يقول لك: ذو العرش. المجيد فعال لما يريد، فالمشايخ عندما يقول له قل يا قل، هو الذي دون عرش المجيد، فعال لما يريد. فيقول له: ولكنها خطأ، افتح المصحف وانظر، مصحف مكتوب بحفص عن عاصم، فتجدها المجيد. فيقول له: طيب، هذا يعني
أنك أخطأت؟ فيقول له: نعم، أنا أخطأت. فيقول له: خطأ مطلق أم خطأ نسبي وما الفرق بينهما؟ الخطأ المطلق هو أنها لم ترد في أي قراءة هكذا. الخطأ النسبي أن أكون أقرأ في رواية حفص فيجب أن أقول "المجيدة"، وإذا كنت أقرأ في قراءة حمزة فيجب أن أقول "المجيدي" ولا أخلط بينهما. فيقول له: لا، هذا خطأ مطلق. ما واعٍ لأنه لو كانت خطأً مطلقاً ما كان سيدنا حمزة قال "ذو العرش المجيدِ"، وهي موجودة في قراءة متواترة عن سيدنا رسول الله بالكسر، كما أنها موجودة بالضم. ولذلك القرآن حُفِظ عشر مرات وليس مرة واحدة، من أجل أن يضمن في الحفظ قضية عشر مرات. نحن حفظنا عشرة قرآنات. ليس قرآناً واحداً للأمة، مَن
الذي حفظه؟ الله الذي حفظه هو الله. ومَن الأداة التي استعملهم؟ المسلمون الطيبون هم الأداة التي استعملها ربنا وخلق بها هذا الإعجاز الذي يبهر العالمين. فيأتي واحد يقول لك: "الله، قرأت أية آية؟ وما فائدتها؟" فائدتها الدليل القاطع أن القرآن قد حُفظ بكل شيء فيه. حتى الأداء، حتى كيفية الأداء، ليس الشكل فقط ولا الضبط فقط ولا الكلمات فقط ولا كذا فقط، بل حتى كيفية الأداء. وسنتحدث عن القراءات وجمال القراءات وأهل القرآن. ولكن الأزهر الشريف - مولانا - وأنت أشرت قبل ذلك، أشرت في الحلقة الماضية أنه أنشأ كلية للقرآن الكريم بمهمة هذا الكتاب في هذه الكلية أكابر علمائنا في القراءات والطلاب وكل مَنْ نُسِبَ أو انتسب إلى هذه الكلية العظيمة لأزهرنا الشريف...
فاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم مولانا الإمام. لقد أشرت إلى المشهد الأحمدي بالأمس وكلية القرآن الكريم هناك، يعني إلى أي مدى استطاع الأزهر أن يقف على ضبط القرآن؟ القرآن الكريم وضبط المصحف ليس في مصر وحدها ولكنه خدم هذه الخدمة الشريفة الجليلة للقرآن الكريم ليس في مصر فقط ولكن على مستوى العالم. يعني إلى أن شاع بين المسلمين أن القرآن قد نزل في مكة والمدينة في الحجاز، فيقال: نزل في الحجاز وقُرئ في مصر. قراء مصر أولاً كُثر جداً كفاءات حصدت المراكز
الأولى على مستوى العالم في كل المسابقات الدولية. احتيج إليهم في كل أنحاء العالم كمحكمين وكقارئين للقرآن الكريم. احتيج إليهم في كل العالم من ناحية الأسانيد المتواترة التي حملت القرآن الكريم. فيكفينا هذا فخراً وأن الله اختار أهل مصر باعتبارهم أهل القرآن وكتب في تركيا. وفُسر في الهند يقولون هكذا، يعني العبارة. حسناً يا سيدنا، نحن لن نقول أن القرطبي مدفون عندنا في المنيا، يعني القرطبي إمام أهل التفسير. لن نقول أن الإمام الرازي كان يأتي إلى مصر هنا وتعلم بعض علمه فيها. لن نقول ذلك، يعني سنقول كثيراً، ولكن القضية هي العبارة.
تقول هكذا، حسناً، لكن القرآن نزل في الحجاز وقُرِئ في مصر. فكلمة "قُرِئ في مصر" هذه واضحة وسهلة. نعم، ولم تكن سهلة إطلاقاً. وواحد من العلماء الكبار وهو ورش، اسمه ورش المصري، ورش عن جميل، المحيط. فالجميل المصري هذا - ورش المصري - قراءته هي التي تشيع الآن، هي أهل المدينة وهي تشيع في المغرب العربي ويُطبع بها المصحف الشريف هناك، فالأزهر أصدر قانوناً وهو الذي أحدث عند المثقفين بعض اللبس، أن الأزهر له السلطة القضائية لضبط كل ما يتعلق بما يمس القرآن والسنة. هذه السلطة القضائية تعني أنه من الممكن إذا دخلت مكتبة ووجدت مصحفاً من غير ترخيص... وجدتُ
مصحفاً فيه خطأ، وجدتُ مصحفاً فيه تحريف، حتى وإن كان غير مقصود، حتى في ترتيب الملازم، أو أي شيء، أو في نقص في التجليد، فيحق لي أن أضع يدي عليه. فعندما يقول لي أحدهم: ما شأنك أن تضع يدك على ممتلكاتي؟ أقول له: لا يا حبيبي، لم يعد ملكك. خلاص هذه مصادرة بأمر القانون. من الذي يقوم بهذه الحكاية؟ مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف. فانظر كيف أعطاه القانون السلطة. يجتمع بعض المثقفين ممن يحلو لهم التغريد خارج السرب، فيقول لك: الأزهر يقوم بالحجر على الأفكار لأنه صادر رواية لا أعرف ماذا لنجيب محفوظ. لم نصادر ولم نفعل هذا لم يحدث أبداً إطلاقاً، ولم نصادر شيئاً ولم نفعل شيئاً. القضية كلها أن النيابة العامة
هي التي تصادر. إننا نحث النيابة العامة، هي التي صادرت كتاب "في الشعر الجاهلي" لطه حسين، وليس الأزهر. يسألون الأزهر: "يا أزهر، هل الكلام الموجود هنا موافق لصحيح الدين؟" فيقول: "لا، ليس موافقاً"، أي يكذّبه، لا أوافق أن أحداً ينكر سيدنا إبراهيم، فنقول له: نعم صحيح، هذا سيدنا إبراهيم لم يكن موجوداً وهو رأي من الآراء. نقول له: لا، أنتم تقارنون بين هذا الكتاب وبين الموروث الصحيح الثابت المدلل عليه علمياً في الإسلام. قال: نعم. قلنا له: لا، هذا يختلف عن ذاك. فالنيابة ذهبت وقالت... إذا كان غير ذلك، فسأصدره. هي حرة إذن، لا شأن لنا بفعل القضاء ولا بفعل النيابة ولا نتدخل فيه. لم يصادر الأزهر أي شيء نهائياً ولا ورقة، إنما له الحق، بل هو
واجبه، بل هي وظيفته التي أناط الناس بها هذا الأزهر المؤسسة العريقة أن يقول الحق وأن. يكون يا جماعة شخص متورط في الإلحاد ويقول لك كلاماً غير لائق في حق الله، ويشتم ربنا ويتصرف هكذا، حسناً، دعه يقول ما يشاء، فهو حر. تفضل، وصلني الكتاب يا مولانا، وصلكم أيضاً؟ أيوافق صحيح الإسلام أم لا؟ لا، يوافق صحيح الإسلام. لكن ما رأيك أنت فيه؟ رأي الحق، ليس هذا رأيًا بل هو علم. العلم يقول إن أي شخص في العالم، سواء كان مسلمًا أو غير مسلم، سيقرأ هذا وسيقرأ ذاك، وسيقول: يا جماعة، هذا مختلف عن ذاك، وانتهى الأمر. بناءً عليه، تتوجه السلطة القضائية للحكم على هذا الإنسان بالسجن أو المصادرة أو الإعدام. ليس لي علاقة بذلك، لماذا أتدخل في
تلك المقارنة العلمية الرصينة إذا كان هذا الكتاب يشتمل على مخالفة لما هو مستقر في الدين وفي مذهب أهل السنة والجماعة وفي الرؤية المنقولة إلينا بالقواعد المنهجية أم لا؟ فأقول نعم أو لا، هذه هي وظيفتي. فيقول لك: لا، أنتم تصدرون الأفكار وما شأني أنا؟ اذهب وفكر كما تريد أن تفكر وافعل ما تشاء، فربنا قال لنا "فمن شاء فليؤمن"، وأيضاً ليس القرآن فقط الذي يقول لي "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، الذي هو قبل الإيمان ترك لنا هذه المساحة فمن شاء، أما القرآن الكريم فلا، لن نسمع لأحد. يخلط فيه حتى لو أرادوا. لو شخص قال لي: "يا أخي، أنا رأيي هكذا، نطبع القرآن الكريم لا يؤدي المزيد ومناقح"، أقول له: لماذا؟ أنا لن أسمح لك بهذا،
اذهب واحترق بنار جهنم. افعل ما تريده في شيء آخر غير القرآن الكريم، لأنه ملك هذه الأمة ومن حفظ الله له. وأنا ليس لي تدخل فيه، إليك الحكاية كما وردت من الإمام، يعني البعض يحلو له أن يضع المصحف على ورق ملون، أن يضع مثلاً لفظ الجلالة "الله" بشكل ما في تنظيم لكتابة القرآن الكريم وبعض كلماته، يعني ما حكم هذا؟ "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين" عندما تكون الأمور تعظيماً لكتاب الله وعلواً لشأنه وإحياءً لسنة الأولين من مشايخنا الكرام عبر القرون، نقول له أهلاً وسهلاً ومرحباً. وعندما يتجاوز الأمر حدوده ويصبح مشوهاً، فإننا نقول له: اتقِ الله يا أخي، فهذا بداية لفتح باب لتدهور
حالة التعامل مع المصحف. فانهِ هذه المسألة، فما تفعله حقاً لا ينفع أحداً. الذي يحكم على هذه القصة هم الجماعة العلمية المتخصصة المتبحرة في هذا الشأن، فعندما يأتي من يطبع القرآن ويجلده بطباعة على ورق بنفسجي أو موف أو وردي باهت أو ما شابه ذلك، ثم نجد الفتيات اللواتي يتبعن الموضة بأن يشترين غلاف المصحف بنفس لون الحذاء والحقيبة الخاصة بهن. تحب الفتاة أن يكون لون الحذاء والحقيبة متناسقين مع بعضهما، فترتدي هذا بلون هذا، فهي ترتدي حذاءً بنفسجياً ومعها حقيبة بنفسجية، وتضع مصحفاً بنفسجياً بداخلها، أو وردياً فتضع وردياً
بداخلها، أو فضياً فتضع فضياً. قلنا لهم لا لهذا الأمر، ومجمع البحوث الإسلامية له قرارات في هذا الشأن. للناس ويرشد الناس ما الذي يصح ويليق ويتواءم مع عظم القرآن ومع جلاله وما الذي ليس كذلك بل هو نوع من أنواع بداية الفساد أو الاستهانة أو استعمال الأمر في غير موضعه. القرآن الكريم كتاب هداية وليس كتاب زينة، القرآن الكريم كتاب هداية وليس كتاب موضة، القرآن الكريم كتاب معظم. وليس كتاباً نكمل به ديكوراً معيناً في أذهاننا، فمن - والنبي - يقول: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"، فهناك فرق بين الذي يخدم القرآن ابتغاء أشياء
مطلوبة من الضبط ومن الحفظ ومن المعاونة والمعونة، وهناك أشياء أخرى سخيفة وممسوخة لا تليق، لا تليق، فيجب مع... جلال القرآن أن نعتبر مثل هذه الأمور وأن نتنزه عن هذا الكلام الذي لا يليق. الحمد لله الذي حفظ علينا العلم يا مولانا. يعني متى نقول هذا الدعاء الجميل يا مولانا؟ كان سيدنا الشيخ صالح الجعفري عندما يُسأل عن مسألة ويتذكر إجابتها فيقولها بسهولة هكذا، فيأتي... بعدها يقول: "الحمد لله الذي حفظ علينا العلم، الحمد لله. هذه المسألة لم أُسأل عنها منذ أربعين سنة. كانوا يقولون لنا هكذا وألهمني الله الإجابة". يعني ربنا يزكيه، فهو يعيش داخل المنظومة، ولذلك حتى لو طال به العهد وما
إلى ذلك، إلا أن الله سبحانه وتعالى يوفقه لهذا السبيل. يا لمولانا بعض التدخلات أو مداخلة السادة المشاهدين حول سؤالنا على صفحة الفيسبوك، يعني هل تسأل بالتشكيل وعلامة الوقف أثناء قراءة القرآن؟ يقولون سيدنا هشام: أحسن كل شيء خلقه. الآية بدون تشكيل، هو كتاب بدون تشكيل. لفظة "خلقه" في الآية الكريمة حتى مع التشكيل يصعب قراءتها وفهمها على من كان مثلي. فكيف يكون الحال في مصحف كامل بدون تشكيل؟ الأستاذ جود سامي، الأستاذ الجود سامي، تقول: "الصراحة أحياناً المسألة نسبية. بالنسبة لي، عندما أقرأ من القرآن بشكل عام أحاول دائماً الانتباه للتشكيل، لكن فيما أحفظ أو ما يعلق في ذهني، دائماً ما تكون القراءة
سريعة، وخاصة آيات سور الورد اليومي." مؤلمه الإمام، شكر الله لكم، شكر الله عنكم، دائماً أهلاً وسهلاً بكم، دمتم في رعاية الله وأمنه، إلى اللقاء، اشتركوا في