والله أعلم | الدكتور علي جمعة يتحدث عن رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم للعالمين | الحلقة الكاملة
أسعد الله أوقاتكم بكل خير وأسعد الله أوقاتكم بالصلاة على سيدنا صلى الله عليه وسلم ويسعد اللسان دائماً ما دام يلهج بالصلاة على سيدنا فصلوا عليه وسلموا تسليماً وأهلاً بكم في هذه الحلقة من برنامج والله أعلم لنسعد بصحبة صاحب الفضيلة مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة وعضو هيئة كبار العلماء بالأجل الشريف لنتعلم معنى الرحمة من سيدنا صلى الله عليه وسلم وكيف تكون أيها المسلم عنوانًا لدينك ولإسلامك ولنبيك صلوا عليه وسلموا تسليمًا. مولانا الإمام أهلًا بفضيلتكم أهلًا وسهلًا بكم مرحبًا.
"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، "إنما أنا رحمة مهداة"، "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء". كل هذه المعاني الجميلة والرائعة كيف نفهمها وكيف نفهم معناها فنتعلق ونتحقق ونتخلق بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أول ما بدأ الله به كتابه يقرع أسماع الناس أجمعين بسم الله الرحمن الرحيم وهذه الكلمة العجيبة الغريبة التي بدأ الله بها كلامه والتي صدرها في أول آية من آيات المصحف الشريف في القرآن الكريم تلخص كل ما هنالك، وكان الإمام التونسي كما نقل عنه ذلك الإمام الباجوري في
شرح العقيدة يقول إن الله سبحانه وتعالى قد أنزل الكتب على الرسل بمراده وبشرائعه، ثم إنه لخصها في القرآن الكريم، ثم إنه لخص القرآن الكريم في الفاتحة التي فرضها الله على المؤمنين في كل ركعة من ركعات الصلاة، ثم إنه جعل كل معاني الفاتحة في مفتاح "بسم الله الرحمن الرحيم". فهذا الفهم يعني أن كل شيء - ليس الرسالة فقط، بل الحياة كلها، وليست الحياة فقط، بل قضية الأكوان، وليست قضية الأكوان سبحانه وتعالى أنه بناه على الرحمة. إذا لم نفهم هذا المدخل، سيتلاعب بنا الصبية
الذين تلاعبوا بالمسلمين وخدعوهم ونشروا في أوساطهم ثقافات دخيلة، حتى كبر أحدهم بعد أن كان طفلاً وشاباً على هذا الفهم المغلوط من الدين، وصار يُسمى بالخارجي لأنه خرج عن جماعة المسلمين وعن نقل المسلمين لمراد الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى العالمين والذي عنوانه بسم الله الرحمن الرحيم، والجمال هنا أن أسماء الله إذا تتبعها الإنسان في شريعة المسلمين في القرآن والسنة يجد هناك أسماء كثيرة، علل العلماء وجودها في الشريعة بأن العرب كانت من عادتهم أنها إذا أحبت شيئاً أو خافته كالأسد مثلاً. خوفاً من الأسد
أكثروا من أسمائه. أحبوا شيئاً مثل الخمر مثلاً؛ كانوا يعشقون الخمر كثيراً، وكان منهم كثير من مدمني الخمر. قوم يُكثرون من أسماء الخمر؛ فلها تسعون اسماً في لغة العرب. وكذلك يخافون من الأسد؛ فهو حيوان له سبعمائة اسم في لغة العرب، حتى أن الفيروزابادي... وقد تبحّرَ في مفردات اللغة وحفظها حفظاً جيداً حتى ألّف قاموسه "المحيط والقابوس الوسيط فيما ذهب من لغة العرب شماطيط". ألّف كتاباً آخر أسماه "الروض المسلوف فيما له اسمان إلى ألوف" من اسمين إلى ألف، هل أنت منتبه؟ وحصر فيه الأسماء التي لها اسمان، والملاحظ
فيه كما هي. القاعدة عندهم أنه ليست هناك فاكهة إلا ولها أكثر من اسمين، يعني البطيخ مثلاً، هذا البطيخ معدود من ثمرات الفواكه وليس من الخضار أو من غيرها إلى آخره، فهناك بطيخ واسمه هو نفسه شمام واسمه هو نفسه حبحب واسمه هو نفسه دريق واسمه هو نفسه جبس، البطيخ هو البطيخ ولكن. له أسماءٌ كثيرةٌ في لغة العرب، والأسد يُقال له الليث والهرماس والأشاوس والغضنفر والسبع، وهكذا. لماذا هذا؟ كانوا يخافون الأسد لأنه كان غير مقدور عليه في الصراع، يعني الذئب
من الممكن لشخص قوي جيد في المصارعة أن يمسكه ويمزقه إذا كان متنبهاً، لكن الأسد لا، أحد يقدر عليه في الخاصة به وفي التركيبة الجسدية الخاصة به، فكانت العرب إذا خافت من شيء أو أحبَّت أو خافته أحبَّته أكثرت من أسمائه، وحتى يُبيِّن لهم الله سبحانه وتعالى أنه هو الذي خلقهم ويعرف سرهم وما هو أخفى من السر، فإنه في القرآن والسنة أظهر من أسماء نفسه سبحانه وتعالى مائتين وعشرين لو تأملنا فيها لوجدنا فيها معنى الجلال، ولوجدنا فيها معنى الجمال، ولوجدنا فيها معنى الكمال، فإذا به يتخير اسمين من أسماء الجمال ليفتتح
بهما فاتحة القرآن الكريم: "بسم الله الرحمن الرحيم"، جمال في جمال. يعني الله كان قادراً على أن يقول: "بسم الله"، وقادراً على أن يقول: "بسم الله المنتقم"، بسم الله الرحمن المنتقم واحدة منا واحدة منهم الجبراني ما شاء له ولكنه لم يفعل. فإذا الخطاب يقول لي هكذا، يقول لي إن الأمر إنما هو جمال في جمال، ولذلك هؤلاء الذين تسلطوا على الخلق وظنوا أنفسهم آلهة تمشي على الأرض وأنهم وكلاء الله في أرضه حذرهم رسول الله. صلى الله عليه وسلم من هذا وقال لهم: إذا نزلتم منزلاً وأردتم أن - يعني في التفاوض مع العدو
- فعليكم بالنزول على شرطكم لا شرط الله ورسوله، فإنكم لا تدرون ما شرط الله ورسوله. فأنت عندما تأتي لتنزل وتريد أن تعقد اتفاقية، اتفق وقل له: هذا شرطي الذي أراه. هكذا من مصلحة الناس ومصلحة بلادي ومصلحة قضيتي وما يخصني، فتقول اتفقت معك على شرط الله ورسوله، هل أنت نبي حتى تقول اتفقت على شرط الله؟ ليس معك وحي ولا معك توكيل، ليس معك توكيل وليس معك وحي، فهؤلاء الشباب منذ أن ظهروا في الجماعات وكلامهم. كل شيء يوحي بأن قائدهم هو رسولهم وأنهم أتباع لهذا القائد كتبعية الصحابة الكرام لرسول الله. وليس من أجل أن يكون خوارج العصر من أتباع أصل رسول الله،
بل هم حرَّفوا وخرَّفوا وزادوا وأنقصوا وقدَّموا وأخَّروا حتى رأينا ما رأيناه في هذه الحال. كل هذا لأنه غاب عنهم بسم الله بسم الله الرحمن الرحيم إذا ما فهمناها بهذا العمق وأن الله اختارها اختياراً فائقاً رائقاً كرر فيه الرحمة مرتين لا عن غفلة ونسيان بل عن تعليم وإيضاح ووضع يعلم فيه البشرية، سنفهم القرآن ونفهم كل ما فيه من قوة وشدة إنما هو مبطن بالرحمة وكل ما فيه من لين ومسامحة إنما هو مفعم بالرحمة، فإذًا المقصود هو عبادة الله، وهو عمارة
الأرض، وهو تزكية النفس. ولن تكون النفس مزكاة أبدًا إذا كانت طاغية باغية، فالنفس الطاغية الباغية ليست مزكاة أبدًا، والفساد في الأرض ليس من الزكاة في شيء. إذا اطلعت على اليوتيوب ستجد أمرًا غريبًا جدًا من هذا الرجل المخرف. الذي باع دينه بدنياه الذي يُسمى يوسف القرضاوي والعياذ بالله تعالى، وفتن الناس، وظن بعضهم أنه يمتلك علماً، إنما لديه معلومات وليس علماً، لأنه لم يتربَّ على أيدي الشيوخ، وإنما تربى من الكتب. فهذا الرجل، إذا بحثت عنه في اليوتيوب، ستجد أنه يُريك أحداث ليبيا، ويُظهرون ليبيا وهي خَرِبة، وكذلك ويأتون بسوريا وهي خربة، وأحداث
العراق، ويأتون بالخراب وهي خربة، وأحداث اليمن، ويأتون باليمن. والحمد لله نجّى مصر المحروسة بأوليائها وأهل بيتها الكرام، نجّاها من أولئك الأوباش. وأنه مع أمير قطر وسمّاه، وأنا أطهر هذا المكان من ذكر هذه الأسماء، ولكن للحاجة وقف معه وكان يبادله إذا أنت معترف أنك... وراء كل خارجي وبعد ذلك وبعد ما رأينا الفساد بأعيننا ورأينا القتل ورأينا اللاجئين ورأينا الخسائر التي لا يمكن عند جميع العقلاء مسلمين أو غير مسلمين أن توصف إلا بأنها فساد في الأرض، كل هذا لأنه قد غاب عنهم بسم الله الرحمن الرحيم
التي تطمئن البال وتهدئ الحال والتي تجعلك تدخل إلى القرآن لتفهمه على مراده، وعندما يأتيك قوله تعالى: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" فهمتها أكثر وبعمق. وعندما تستمع لحديث رسول الله الذي جعله علماء الأمة هو الحديث الأول في الرواية، فيُسمى بحديث الأولية لأنه أول شيء نُعلّمه تلاميذنا: "الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض" بشكل مَن في الأرض هذه البداية، هذا الأساس يا مولانا. الخطوة الأولى، العنوان الأول، قاعدة الهرم التي قلبوها فجعلوها قمة الهرم في الأسفل وقاعدته مائلة إلى السقوط على رؤوسهم. الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى. ارحموا مَن في الأرض يرحمكم مَن في السماء. ماذا بعد
ذلك؟ اللهم خلِّقنا بخُلق سيدنا صلى الله. عليه وسلم فاصل ونعود إليكم ابقوا معنا أهلاً بحضراتكم مولانا الإمام. في منهج فضيلتك دائماً ترد على كل المتشددين وعلى كل هذه الشبهات، ويقولون أن - يعني البعض يقول أن - هناك ما يناقض هذه الرحمة في حديث سيدنا صلى الله عليه وسلم "بُعِثتُ بين يدي الساعة بالسيف"، ويقولون أن معنى الرحمة ومفهوم الرحمة، فما الرد الجميل؟ الرد الجميل هو ردنا أيضاً على مدعي حقوق الإنسان، وحقوق الإنسان منهم بريئة. الرد الجميل أن الحق والعدل هما
حقيقة الرحمة، فمتى أمرني الله سبحانه وتعالى أن أستعمل القوة عند القدرة عليها من أجل شيوع الخير ومن أجل ضبط المجتمع ومن أجل أن... نقف أمام الفساد، هذا من الرحمة، لأنه لو تُركت النفس الأمارة بالسوء تسيطر على الأكوان من غير أن أتوجه إليها بشيء من السيف الذي بُعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحق ففي فرق بين أن أحكم على شخص بعقوبة وبين أن يفعل هذا المجرم
جرمه فتسمى هذه. سيئة ولكن السيئة المقابلة لها من حبسه ومنع حريته في الناس تسمى سيئة أيضًا، ولكن هذه السيئة في حقيقتها ليست سيئة إنما هي عقوبة، وإنما هي شيء لمنع الفساد في الأرض. فهذا واضح جدًا أن سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو في سبيل الله بمعنى أنه يطلب. العمارة لا الدمار، يطلب التعمير لا التدمير، ولذلك تجد في كل بلاد العالم شعار الجيش الذي يحمي الأوطان، يدافع عن الأعراض وعن الأموال، يدافع عن الحوزة وعن الأرض.
سيفين بالشكل هذا، هو هكذا، هذا ليس إرهاباً، هذا حق، ولذلك اجتمعت البشرية في جنيف وعملنا اتفاقية جنيف الأولى واتفاقية جنيف الثانية. في شروط الكفاح المسلح متى يحق لي أن أكافح كفاحاً مسلحاً؟ أم عندما يأتيني المحتل الغاشم المستعمر النهاب السراق اللص، أترك له بلادي وأترك له عرضي وأخضع له؟ لا، قال تعالى: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين". هذه هي الجملة الصريحة. الواحدة التي فضيلتك تخبرنا عنها دائماً هي
الآية، أفهم ذلك، نعم. أي واحدة؟ هي "وقاتلوا"، نعم، "في سبيل الله". إذاً القتال ليس بشرط أن يكون في سبيل الله، و"في سبيل الله" هذه لها شروط. ألم نتحدث مرة عن أنهم يفهمون القرآن بلا شروطه؟ إذاً... مثل من صلى بغير وضوء، فإن صلاته غير نافعة، خداج مردودة على رأسه، غير مقبولة لا في الدنيا ولا في الآخرة. الشروط كمن تزوج بلا شروط، فتزوج أخته أو تزوج أمه، فهذا فاسد، وهو باطل بطلاناً مطلقاً، وهو زنا لا يُسمى زواجاً. لماذا؟ لأنه فقد الشروط. أي عجب يعني في لا تهتموا بشروطه، ما هي شروطه
للجهاد؟ انظر ماذا يقول لك الكتاب والسنة. يقول لك: أنا بريء ممن قاتل تحت راية عمية. وفي بعض الروايات العربية "عميه"، لكن مسلم يقول كما ضبطها عياض هكذا في الرواية "عمية". ماذا تعني راية عمية؟ تعني أننا لا نعرف من أين يأتي سلاحها، لا أعرف هدفها من هو، لست أعرف من هذا الرئيس الخاص بها. عندما جاء الملك فاروق مثلاً، يعني أعطيك أمثلة: أعرف أن هذا هو ابن نظلي، وأعرف أن نظلي هذه هي بنت عبد الحميد باشا صبري، وأعرف أن أباه هو الملك فؤاد، وأن فؤاد هذا هو ابن سمعية. نحن نعرف بلدنا إسماعيل بن
إبراهيم بن محمد علي معروف من أين؟ نعرف الشخص الذي اسمه فاروق هذا، الله يرحم الجميع، نعرفه ونعرف أمه ونعرف أباه ونعرفه، ونعرف أين كان يتعلم وإلى أين ذهب وكم كان يأخذ في الشهر من الخزينة المصرية. واضح نعم، ليس عميقاً، ونعرف أنه كان يجاهد، وكان يشتري السلاح يعمل بها كذا وكذا وجيش يتدرب وله برمجته وله انتصاراته وله تاريخه وله غايته ولديه عقيدة. عندما وقعت أحداث يناير تلك في سنة إحدى عشرة، حدث أن بعض الناس من الجواسيس وغيرهم دهسوا المتظاهرين بالسيارات، فصدر البيان العسكري
قائلاً: إن هذه ليست عقيدتنا أن نحن... ندوس على الناس قالوا إنهم بسبب عقيدتهم، طبعاً هذه ليست راية شرعية. من شروط "وقاتلوا في سبيل الله" متى يكون القتال في سبيل الله؟ أن تكون الراية واضحة. تعالَ ننظر في داعش والإخوان المسلمين، من أين تمويلهم؟ لا نعرف، مرة يقولون من يوسف ندى، ومرة يقولون من... يقولون عن قطر مرة أخرى، إن الأمريكيين وراءهم، إذ أنني لا أعرف ما هي الحقيقة. حسناً، أريد أن أفهم الآن: اشتروا السلاح من مَن؟ لا نعرف. لكن على فكرة، الجيش المصري نحن نعرفه، ومُعلن هكذا. اشترينا الطائرات من فرنسا، واشترينا الغواصات، واشترينا هذا من أين؟ نحن نعرف. ليست رؤية عمياء. غداً أفندي هذا
قيل إنه يهودي وقيل إنه مسلم وقيل إن جده كان يهوديًا وأسلم، وقيل أيضًا عن حسن البنا أن جده كان يهوديًا وأسلم، وأنهم من العائلات اليهودية الثلاث صانعي الساعات الذين هاجروا في عهد الموحدين من المغرب، وكتب في ذلك عباس العقاد. أما أنا فأجد نفسي في دائرة انظر كيف هذا واضح وكيف ذاك غير واضح. هنا قيل وقيل، وهنا قيل شيء واحد فقط، رايته واضحة. هذه هي الدولة، هذه هي الدولة، وهؤلاء جماعات الهم والغم الذين ابتلانا الله بهم. ثم يأتي ليقول لك أي شروط التي تتحدث عنها؟ أنا سأطبق الشريعة، ومن الذي قال لي أن... أنت ستطبق الشريعة؟ أو أنك أصلاً تفهم الشريعة؟ إنك يا مسكين لا تفهم معنى الشريعة. كيف يمكنني إذن أن أتبعك؟ كيف أتبعك وأنت أصلاً لا تفهم الشريعة؟ كيف أتبعك وأنت تأخذني إلى حيث
لا أعرف؟ فهذا هو الرأي الأعمى. أول شرط من شروط القتال في... سبيل الله أنك لا تعتدي، أول شرط من شروط في سبيل الله كلها. أول، نعم، واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، هذا كله أول، لأنه جعل دائرة فحيثما كنت فهو أول شرط. الذي حضرتك تشتق من واحد وثمانين، لا، أول، هكذا، ودائرة، دائرة شروط، الشروط الخاصة به، وقاتلوا. في سبيل الله الذين يقاتلونكم، الشروط الخاصة بها، هذا يا رجل ولا طلقة واحدة أطلقها هؤلاء الشباب الدواعش ولا الشباب الإخوان ضد إسرائيل المحتلة، وعندما جاءوا ليعملوا ضد إسرائيل المحتلة يُضربون بشدة، فإسرائيل تقول لك إننا أطلقنا خمسمائة صاروخ، حسناً، كم شخصاً مات؟ لا أحد، لا أحد، لا أحد.
يعني أنتم تتمنون أن الإسرائيليين يموتوا، نحن نتمنى أننا نغمض العين ونفتح العين ولا نجد أنهم مازالوا هنا، بل نجدهم قد رجعوا إلى بلادهم. نعم، نحن نتمنى ذلك لأن أراضينا احتُلت من قبل الغاصب المحتل. نتمنى هذا، لكننا نتعامل مع الواقع، لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها ولا يكلف نفساً إلا وسعها، فأريد أن أقول لسيادتك أن فقد نظرية الشروط هي التي جعلتهم غير فاهمين مراد الله من قضية الرحمة، وأنه لو فهمنا هذا لفهمنا أن سيف رسول الله مشروط بالحق، وأن سيف رسول الله مشروط بالوضوح، وأن سيف رسول الله مشروط بالدولة. بقي الصحابة في الحبشة إلى أن انتقل حتى انتقل وهم في الحبشة لم يقاتلوا
أحداً، مكث الصحابة في مكة ولم يقاتلوا أحداً، مكث الصحابة في المدينة ولم يقاتلوا أحداً. كانت بدر في المدينة، وأحد في المدينة، والخندق في المدينة، كل هذا وهم مضروبون يا عيني وهم يدافعون عن أنفسهم. هذا ما حدث، فلا داعي للف والدوران. واجتزاء الكلمة لقوله تعالى: "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا". هؤلاء الناس ربنا يُريهم الخزي وهم غير راضين، يقول لك: "لا، إننا أقوياء"، "إن ربنا لا ينتبه إلينا". كيف نُعرِّف العالم هذا المعنى من الرحمة؟ كيف تتحلى؟ أمتنا بهذه الرحمة لتكون عنواناً لهذا الإسلام، ومن
يتأمل بعض سلوكيات المسلمين ومن ينتسبون إلى الإسلام يجعل الآخر يتساءل، والبعض قال حينما أقرأ سيرة الرسول محمد أتعجب كثيراً من البون الشاسع والمسافة الفاصلة ما بين سلوكيات هذا النبي وبين بعض من ينتسبون إلى الإسلام، تحديداً في مفهوم الرحمة، طبعاً نحن لا أن ننال عزَّ الدنيا وعزَّ الآخرة ولا سعادة الدارين إلا إذا اتبعنا النبي صلى الله عليه وسلم، ومنه أنه تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وعندما أقع في أي مصيبة كانت من المصائب الدنيوية فإنني
مباشرة أذهب لأستنبئ رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو ما زال فينا، أنت فينا، أنت فينا، أنت فينا، أنت فينا، الله وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم، وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون الله، فرسول الله فينا، منتبه إلينا. ماذا يعني ذلك؟ يعني أن نتبع سنته، ولذلك انظر إلى خطورة التشكيك في السنة وفيما منَّ الله به. على الأمة الإسلامية من سند ومن علوم للنقل والتوثيق، فاذهبوا واسألوا: يا رسول الله، لا يوجد خليفة يا رسول الله. فقال لي: إذا لم يكن في الأرض خليفة فالهرب الهرب. لم يقل لي: أنشئ جماعة الإخوان المسلمين ولا الإخوان البائسين أبداً. فهذا جاء وقال: لا، يعني نحن لا حول ولا يد الله مع الجماعة،
ليست جماعتك يا حبيبي، هذه جماعة الدولة، جماعة المسلمين بمعنى الدولة، فإذا خرجت عن هذه الجماعة "من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية". طبعاً مع الدولة، نعم كل هذا مع الدولة، طبعاً المفهوم الحقيقي هو هذا، السيف هو هذا. الذي سميته بالدين الموازي جماعة الدولة. لن نُشكِّل جماعة. لديكم رسول؟ لا، لدينا الإمام المرشد. لديكم إمام؟ لا، لدينا الإمام الذي يلي المرشد، الذي هو مبدئي وعظيم وما إلى ذلك. هذا دين موازٍ. أنت صنعت لي ديناً موازياً لأنك أنت. أنت. هكذا ماذا فعلتَ؟ استحللتَ تغيير معالم المصطلحات الشرعية في دين الله وقلتَ كلاماً لا علاقة له
بالواقع الشرعي. الدين يقول: "يد الله مع الجماعة" التي هي الدولة. الدين يقول لي: ابقَ في هذا الأمر، وهكذا. حينما يأتي النبي عليه الصلاة والسلام في ظل هذا، ويأتي معلمنا الرحمة، ونحن غير راضين أنفسنا هذا إفراط من ناحية أخرى، يعني إذا كان هذا تفريطًا فإن هناك إفراطًا أيضًا في المعصية وفي عدم الطاعة، وفي أننا لا نبالي بالسنة، لكن قال تعالى: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله"، فنحن ضد هؤلاء جميعًا، ضد الذين قد نسوا وصية رسول الله وضد الذين... خرجوا على المحجة البيضاء التي تركها لنا رسول الله، وسنظل إن شاء الله بعون الله وبقوته نصدع بالحق ونأمر الناس بالمعروف وننهاهم عن المنكر ونذكرهم بدين الله وبسنة
سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم، وهنا تكمن الخيرية. طبعًا "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم". إلى يوم القيامة هذا وعد من رسول الله صلى الله عليه وسلم ببقاء معالم الدين إلى يوم القيامة ثم وإن خفتت وإن قلّت وإن أصبح الإعلام في يد الحركات السياسية وليس في يد اللجان الإلكترونية وإن فشا الكذب فيهم والفجور ولكن سنظل نصدع بهذا إلى أن نلقى الله متى نلقاه. اللهُ. غداً نلقى الأحبةَ محمداً وصحبَه، عليه الصلاة والسلام سيدنا. السلام عليكم مولانا. اسمح لي أن أستعرض بعض مداخلات السادة المشاهدين على سؤالنا على صفحة الفيسبوك: "ما مفهوم الرحمة التي جاء بها الرسول للعالمين؟" اسمح لي مولانا، السيدة ليلى تقول: "الرحمة هي لين الجانب
ورقة المشاعر ومساعدة من يحتاج ومن يحتاج التماس الأعذار والتسامح، وهذه الصفات تطبق على الإنسان والحيوان والطائر. كما يقول محمد محمود هو الحجاب الأعظم بين الخلق وخالقهم، فهو رحمة للعالمين بحجبه التجليات الإلهية عن العالمين، لأن تجليات الذات الإلهية لا يتحملها مخلوق. وسأقف عند هذا المعنى عند فضيلة مولانا الأستاذ أسامة. يقول: الرحمة هي الإحساس بالآخر مهما كان وأياً كان خلفه، واللين في القول والفعل، وهو ما كان عليه حبيبنا صلى الله عليه وسلم، في قوله تعالى: "فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم". يقول إن الرحمة شيء نفتقده في عصرنا الحالي. الرحمة أساس قيام المجتمع، فالرب رحيم بالعباد، والأب رحيم بأهل بيته،
ورب العمل رحيم بمن يرأسهم، والمدرس رحيم بالتلاميذ. لكي يكون المجتمع قائماً على أسس صحيحة، أي على الرحمة. يعني لو ذهبنا إلى الأزهر وواجهنا باب المزينين الذي هو الباب الرئيسي. الخاص بالأزهر الذي عليه زخارف سنجد أساطينه على طول هكذا وعلى ارتفاع فوق المحلات في مسجد اسمه مسجد محمد بك أبو الدهب. صحيح لو نظرنا إلى الأعلى سنجد أن هناك صوامع، أربع صوامع كانت تُملأ بالحبوب من أجل أن تأكل طيور السماء. وقفٌ للطيور يا مولانا، وقفٌ للطيور، وقفٌ للدواب كانت مساقي الكلاب تقع عند بيت القاضي خلف سيدنا الحسين، وقد أدركنا واحدة أو اثنتين منها قبل أن تُهدم. وكان علي الخواص رضي الله تعالى عنه من كبار الأولياء، يذهب
ليمسحها وينظف المياه حتى تشرب الكلاب في الصباح وتأكل من شيء نظيف. وهذه هي الكلاب الضالة التي في الشوارع، وليست التربية أو هكذا يا أخي، كان لدينا شيء اسمه "كشك الرحمة"، وكشك الرحمة هذا كنا نأتي برجل عجوز يمشي في السوق من أوله هكذا إلى آخره، ويرى أي طفل يبكي فيقول له: "لماذا تبكي؟" فيقول له: "السلطانية وقعت مني وانكسرت"، فيحضر له سلطانية مثلها تماماً بنفس النوع. ويُخليها ويملؤها بالعسل والطحينة التي كانت فيه، ويعطيه الباقي الذي ضاع منه وهو يبكي ومتأثر بالبكاء، كي لا يُضرب عندما يعود إلى البيت من أبيه أو سيده. فكان اسمه كشك الرحمة. يا أخي، نحن فهمنا الدين وطبقناه وعشنا فيه وساعدنا به، وهذه السعادة التي كانت حتى دخل
الصليبيون معنا. فرسان المعبد أسلموا، ليس نحن الذين تنصرنا أو أننا الذين انخدعنا وراءهم. عندما دخل التتار لم يعرفوا، كلهم أسلموا، كلهم، أسلموا. رأيت الشيخ ابن خلدون وهو يقول إن المغلوب مولع بتقليد الغالب ومولع بشتمه، أي يقلده ويشتمه. لقد سبق كل العلماء المحدثين. هل أنت منتبه؟ حسناً، هذا ما حدث بالعكس، عندنا أننا جعلناه يُسلم لأن الحضارة مستقرة ولأن لها تطبيقات ونماذج قابلة للتكرار، ولأن الرحمة متخللة في كل حركة وسكنة وكامنة في تاريخنا وحاضرنا ومراد مستقبلنا. ما أجمل أن تجلس بين يدي علمائنا الربانيين الحقيقيين لتتعرف على معنى الرحمة التي كانت لسيدنا صلى الله عليه وسلم مولانا. الإمام
رضي الله عنكم وشكر الله لكم دائماً ودوماً، شكراً لكم. إلى اللقاء، دمتم في رعاية الله وأمنه. إلى اللقاء.