والله أعلم | د. علي جمعة يتحدث عن حقيقة الإسراء والمعراج وما ورد عن أهل الجنة والنار | الحلقة كاملة

بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال إن لربكم في أيام دهركم لنفحات ألا فتعرضوا لها. اللهم اجعلنا من الذين يتعرضون لهذه النفحات، من تعرض لها لا يشقى بعدها أبداً. أهلاً بكم في "والله أعلم"، نسعد دائماً بصحبة صاحب الفضيلة مولانا الإمام الأستاذ. الدكتور علي جمعة رضوان، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، مولانا الإمام، أهلاً بفضيلتكم، أهلاً وسهلاً بكم. كل عام وفضيلتكم بألف خير وسعادة وصحة، وجميع المصريين بل
العالم كله في هناء وسعادة إن شاء الله. الإسراء والمعراج المحنة التي تحولت إلى منحة، وهذه التجليات تتجدد ذكراها، وهذه الرحلة في كل الإسلامية حينما تتجدد الذكرى فيها كيف تتجدد العلاقة بيننا وبين أنفسنا، بيننا وبين ربنا، بيننا وبين الناس. لماذا تتجلى صور ومعانٍ كثيرة كل مرة وكل عام يا مولانا. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. هذه المناسبات هي مناسبات لتعليم المسلمين. أمورٌ متجددة عبر الزمان، والإسراء والمعراج من العلامات الفارقة التي كانت
في مسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والتي يقف عندها الإنسان وتتجلى له معانيها، يتعلمها كل حين. من ضمن هذه المعاني أنه يخطر في بالنا الفرق بين معجزة الرسول ومعجزة الرسالة، هناك فارق ما بين معجزة. الرسول ومعجزة الرسالة، إذا انتبهنا إلى هذا المعنى، هناك معجزة للرسول ومعجزة للرسالة، وهناك بون شاسع بين الاثنين طبعاً، لأن معجزة الرسول تنتهي بحياته على الأرض وهو ينتقل إلى الرفيق الأعلى، ويأتي أقوام لم يروه، بعد ذلك جاء التابعون، وهكذا حتى جئنا نحن نؤمن به ولم نره. صلى الله عليه
وآله وسلم فلا نرى معجزاته وإنما نسمع عنها في الكتب وفي دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني وللبيهقي ولفلان وعلان الذين ألفوا في ذكر هذه المعجزات الشريفة ونقرأ كتاب سيدنا الشيخ النبهاني وهو يحصر ألف معجزة جرت على يدي النبي أمام الناس فتكاثر في يده الطعام وكثر في يده الشريفة ناولته الماء وكلم البعير ففهم كلامه وسبح الحصى بين يديه وحن الجذع إليه وآيات ومعجزات حتى قال لهم كيف تكفرون وأنا بينكم وأنتم ترون ما ترون اليوم؟ كيف تكفرون وأنا بينكم؟ وكان مستجاب الدعاء وكان مكشوفًا عنه ما
يحدث في الملأ الأعلى ويخبر به فيصدق صلى الله عليه وهو الصادق الأمين في كل ما يخبر به عن ربه سبحانه وتعالى إلى آخر ما هنالك من هذا، فهي معجزة رسول، معجزة مرتبطة بالرسول، يراها الناس من أجل أن يؤمنوا به وأنه من عند الله وأنه مؤيد من عند الله سبحانه وتعالى. أما معجزة الرسالة فهي باقية بعده، معجزة كبيرة. القرآن الكريم، القرآن الكريم، كيف حُفِظ؟ بحفظ الله. إذاً فالله يؤيد هذا النبي. القرآن الكريم الذي يقول: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون". القرآن الكريم الذي يفسره الله
سبحانه وتعالى: "ثم إن علينا بيانه". القرآن الكريم الذي يتسع حفظه بما لم يحدث مثله في العالمين هو في حد... لدينا الآن في العالم خمسين أو ستين مليون شخص يحفظون القرآن كله. إن لدينا في العالم أموراً عجيبة وغريبة، فالأطفال في إفريقيا وفي تركيا وفي الملايو لا يتكلمون العربية ولا يفقهونها ويحفظون القرآن. ما هذا؟ ما هذا الكتاب العجيب الغريب الذي يحفظه الأمي الذي لا يعرف القراءة والكتابة، كان في ليبيا حفظ للقرآن الكريم من النساء العجائز اللواتي علمننا الكتاب والقراءة من خلال القرآن فقط،
لا غير. وكانت لدينا تجربة في الفيوم على هذا. ما هذا! هذا عجيب غريب، كتاب غريب عجيب. الحقيقة يعني كتاب نحن منبهرون به دائماً كما تقول فضيلتك. دائماً ولو الواقع لا مثيل له، لا مثيل له، ما هذا الكتاب الذي يُترجَم إلى أكثر من مائة وثلاثين لغة، فلا يحفظ أي واحد منهم ما ترجمه ويحفظه بالعربية، يعني هو تُرجِم إلى الإنجليزية أكثر من مائتين وستين من مائتين وثمانين مرة، هل في واحد من هؤلاء الذين ترجموه من المسلمون أو غير المسلمين يحفظون ما ترجموه من العبارات الإنجليزية التي صاغوها أنفسهم، وتجد أن كل واحد منهم - كان هناك شخص
اسمه أحمد يوسف، وعبد الله يوسف، وكان هناك شخص اسمه بكتال، وكان هناك آخر، وهكذا - يحفظون القرآن بالعربية لكنهم لا يحفظون ما قالوه بالإنجليزية أمام هذا النص من إنشائك أنت وما أنت حافظها، لكن احفظ الكتاب المبين العظيم. هذه هي الرسالة، هذه معجزة، رسالة باقية ونبي مقيم. كل من يطالبنا بمعجزة، فليعلم أنه لا توجد نبوة بعد النبي عليه الصلاة والسلام. قم بالدلالة على هذه الكرامة العجيبة الباقية التي تتجدد دائماً، لكن هناك مسألة أخرى. ستقدمها لنا الإسراء والمعراج. أنت تقول إن المعجزة خارقة من خوارق ذات تحدٍ يتحدى بها مدعي
النبوة الآخرين من أجل أن يؤمنوا. من قال إنني نبي؟ فبالله، هل هذه المعجزة؟ حسناً، من الذي كان معه في الإسراء والمعراج؟ لا يوجد أحد، إذاً ليست هذه معجزة. ما هذا؟ نعم، إذاً هنا هناك فرق بين الآية والمعجزة. "ولقد تركناها آية فهل من مدكر". هذه آية والآية هذه هدفها تثبيت فؤاد النبي عليه الصلاة والسلام. هذه آية. لماذا هي آية؟ لأنه لم يركب أحد معه البراق وذهب إلى القدس ومن القدس إلى الملأ الأعلى عند... العرش ورآه وأحضر وفعلوا كذا وكان معه خمسة ستة حتى طيب ليشهدوا هذه القصة. هو لا يريدهم أن يشهدوا ولا يريدهم أن يشاهدوا، لا يشهدوا ولا يشاهدوا. هذا أمر خاص
به. فالآية خارقة من خوارق العادات. ما معنى أن تركب شيئًا يأخذك مباشرة إلى هناك في القدس، ثم تصلي بالأنبياء؟ لماذا؟ فليس هناك أحد رآها ثم ينطلق إلى عنان السماء. ما هذا؟ لماذا؟ لأنه لا يوجد أحد رآها، أتفهم؟ ويأتي فيخبرنا وتحدث هذه المعجزة. هذه خارقة من خوارق العادات. حسناً، الخارقة خرقت العادة، يعني ماذا فعلت؟ هذه الأمور التي نقولها، شخص مشى على الماء. واحد طار في الهواء، وواحد المياه بدلاً من أن تكون في كوب صارت في كف الجيش، وواحد الطعام الموجود في منديل المحلاوي أصبح في كف الجيش،
وواحد إلى آخره. انظر وقل لها: هل تستطيع أن تتصورها وتنفذها في الطب؟ وما هو القانون الذي خرقه هذا الفعل الذي هو الإسراء والمعراج ما هذا فوق المعجزة؟ كيف؟ لأن انتقالك من مكة إلى القدس في بضع دقائق هذه معجزة، لكن انتقالك من القدس إلى العرش في بضع دقائق ليست معجزة فقط، بل هي مذهلة. هذه ليست مجرد توقف للقوانين، لأن قوانين الكون تقضي بأنه لا يوجد شيء أسرع من الضوء، وأن كل الكون حولنا توجد أشعة تصل إلينا
من الشمس التي تبعد تسعين مليون كيلومتر، وتصل إلينا في ثماني دقائق. وهذه الشمس هي أقرب شيء لدينا، نجم نراه كل يوم. فماذا عن السماء الأولى والثانية والثالثة إلى السابعة إلى العرش؟ كم يستغرق الوصول إليها؟ إنها تستغرق ملايين السنين الضوئية، ملايين السنين الضوئية. إذن، كيف حدث هذا في دقائق؟ إنه بخلق جديد. فلنتأمل عندما نفكر ونتوصل بعيداً عن سفاهة الإنكار، لأن هناك ما يسمى بسفاهة الإنكار. ما الذي حدث هكذا؟ الله خلقه في السماء الأولى ثم قال له: "كن" في السماء الثانية، فكان في السماء الثانية. "كن" في
الثانية كان هنا وجد خَلْقٌ من بعد خَلْق، وهذا يؤكد ماذا؟ يؤكد نظرية العَرَض عند المتكلمين المسلمين. والعَرَض تقول ماذا؟ تقول إننا يحدث فينا هكذا هنا. ماذا يعني يا إخواننا؟ قال لنا وضع مشابه لهذا، إننا ماضون على الدوام هكذا، كل يوم هو في شأن. أنا من بداية البرنامج... موجودٌ ربُّنا، مُطلِعٌ شعاعَ أمرِه بأنه يمدُّني بالوجود والإمداد على قدر الاستعداد للإيجاد، فيجعلني مستمراً هكذا. ولكن لو سحب هذا الشعاع، ماذا سيحدث؟ لن أكون موجوداً. سأفنى، لن أموت، بل سأفنى
وأختفي. فأنا وكلنا وكل شيء، هذا الكوب وهذا الحاسوب وهذا الشيء وكل شيء هو من إمداد الله. وهذا هو معنى القيومية: أن الله قائم بنفسه، غير محتاج لهذا الأمر. من الذي يحتاج لهذا الأمر الذي هو الإمداد على قدر الاستعداد من أجل الإيجاد؟ نحن المخلوقين الحادثين. ما هذا؟ يعني أنا على... كف عفريت؟ ليت الأمر كان كف عفريت! إنك على كف إمداد، يعني أنت... كل لحظة يُنشَأُ مرةً ثانية، يعني الإرسال يعمل ولا يتوقف نهائياً مولانا، فالإرسال يعمل ولا يتوقف مع كونه كله. ولو أن الله قطع هذا الإرسال فكأنه أغلق التلفاز، فيصبح
أمامك شاشة سماء. أين ذهبت الصورة؟ كل شيء انتهى. فالله سبحانه وتعالى عندما يفهم الإنسان هكذا من الإسراء والمعراج، يعرف قدره. ويتواضع لله، وعندما يسجد معه قلبه. هذه هي الحكاية. إن الإسراء والمعراج يحتاج إلى تدبر فقط، بدلاً من أن نجلس نجادل فيما لا يعنينا: هل حدث أم لم يحدث؟ بالجسد أم بالروح أم بهما معاً؟ أو هل كان مناماً أم يقظةً؟ علينا أن نفهم المعاني العميقة الفلسفية التوحيدية التي ماذا لو فهمنا من علمائنا الربانيين
كيف نفهم عن ربنا. فاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم. يعني ماذا يمدنا هذا الفهم الحقيقي إلى ما نفهم من العلماء الربانيين لنفهم عن الله سبحانه وتعالى، بدلاً من أن ندخل في هذا الجدل وهذا النقاش البيزنطي الذي يوصف بهذا الأمر في أمور. كثيرة ونسأل هل كان مناماً أم حقيقة وندخل في تفاصيل كثيرة. من باب أولى ماذا نعرف يا مولانا؟ أنا أول ما أعرف هذه المعلومة يحدث لي شيء من الخشوع لرب العالمين، وأول ما أعرف هذه المعلومة يحدث لي تواضع غريب، وأول ما أعرف هذه المعلومة يحدث قلب ضارع لله، أول لا أعرف هذه المعلومة، أعلم قوله تعالى: "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها". ما هذا! ما هذا! ما الذي هذا؟ نحن في نعمة الآن، وهذه ليست
نعمة طارئة، بل هي نعمة مستمرة، إنها مستمرة، نعمة مستمرة. لولا الإمداد لذهب الإيجاد، يعني سأختفي، يعني من أين أنا لو أن... أنا شعرت بهذا وأقول له الحمد لله أنك أوجدتني، الحمد لله أننا ما زلنا موجودين. أعلم أن كل شيء بيد الله وبقوة الله. أشعر بمعنى أنه هو القوي، ومعنى أنه هو المحيي المميت، ومعنى أنه هو الباقي، ومعنى أنه هو قيوم السماوات والأرض. ولنستيقظ الآن، فهذا نحن. لسنا راضين أن نستيقظ،
ونجلس نضحك على أنفسنا بغفلة تامة عجيبة غريبة يا أخي. ومن هنا، الشباب عندما يقرأ صفحة إلحاد أو عندما يقرأ كلمتين من هنا إلى هناك، يضيعون منا. لماذا؟ لأنهم لم يعد لديهم مفتاح مفهوم الإسراء والمعراج. الإسراء والمعراج قد حدث بالفعل، وانتقل من مكة. للقدس ومن القدس إلى العرش الإلهي، ولكن ما الذي وراء التخيل؟ تخيل هكذا، هذا التخيل معناه أنه خلق جديد. وماذا يعني خلق جديد؟ يعني استمرار الإمداد من أجل الإيجاد، ومن خلال هذا سنفهم معنى القيومية. فمن خلال هذا سنفهم التواضع، ونفهم ماذا يعني سجود القلب لله، ونفهم ماذا يعني أن... تكون يعني
لنا هنا وأن تعرف مقامك في هذا الكون وتعمره وتعبد الله سبحانه وتعالى وأنت في انبهار من هذا المعنى، إذاً كل سنة سنتعلم شيئاً جديداً مما يفتح الله به من ذكرى الإسراء والمعراج. أهل البصيرة القلبية الروحية الذين رأوا أن هذا النصف من شعبان نحتفل به ورجب نحتفل في السنة نحتفل بمولد النبي، نحتفل وكل مناسبة لها تجليات ولها مذاقات أخرى. لكل وقت حقه، لكل وقت واجبه عند الله. لكل وقت واجبه، يعني ما هو واجب الوقت؟ هذه الإدراكات كيف عملوها؟ كان عندهم من
الصفاء ما رأوا به هذه الحقائق. مولانا يا إمام، اسمح لي، ولن أكون مبالغاً، علينا بحل أزمة المشي المسلم بالمعاصر. الإنسان المعاصر بهذه الحقيقة، يعني كيف أفهم أنني لست آلة أو مجرد تروس؟ أنا أسير في الحياة مجرد تروس تعمل بمفردها هكذا؟ خلاص خُلِقت وأسير هكذا بمفردي؟ كيف أفهم هذه الحقيقة؟ ولا أقول التصور لهذه الحقيقة على وضعها الذي أراده ربنا سبحانه. وتعالى لكي أجدد إيماني، لكي أجدد علاقتي بربي سبحانه وتعالى، وأشرع في عمران هذه الحياة، أشرع في أن أكون عبداً صالحاً. عندما دخلنا الأزهر الشريف علّمونا هذا ابتداءً، علّمونا أن أحكام العقل ثلاثة، ودرّسونا كلام الشيخ الدردير في الخريدة البهية. إن أقسام
حكم العقل لا محالة هي الوجوب ثم الاستحالة. ثم الجواز الثالث الأقسام، فافهم مُنحت لذة الأفهام. فعرفنا أن في واجب الوجود وممكن الوجود وفي الذي يسمونه الجائز وفي مستحيل الوجود. عرفنا أيضاً شيئاً آخر عجيباً غريباً وهو زيد الطويل الأزرق بن مالكه بيته بالأمس كان متكئاً بيده غصن لواه فالتوى، فهذه عشر مقولات سوى، والشيخ جلس يشرح لنا. وفهمنا منها ما أقوله الآن، ما الذي أقوله؟ زيد هذا، الجسم الذي هو كما هو زيد، قاموا برمز له بكلمة زيد الطويل، فتكون مقولة الكم،
شيء اسمه عرض، الكم الأزرق يكون الكيف، ابن مالك تكون النسبة، في بيته المكان، بالأمس الزمان، كان متكئاً الوضع، بيده غصّ الملك. لقد فسر الفعل فالتوى الانفعال وقال لنا يوجد جوهر في الجسم ها هو، وهناك تسعة أعراض تسري عليها. طيب، وما هو العرض؟ ما أحكام العرض؟ قال: زاد ما قام من ثقل ما كمن من، فكل عدم قديم اللحن. قلنا له: والله قال: نعم. قلنا له: ماذا يعني؟ بماذا نفهم لا يبقى زمانين نقول له لا يبقى زمانين يعني
نحن لسنا باقين زمانين. وما نحن باقون زمانين، أجل. قال نعم، أن تبقى زمانين بالإمداد. وشرح لنا هذا الجزء: المدد، هذا عندما جلسنا نتخيل تواضعنا لله، عندما جلسنا نتخيل جلسوا يشرحون لنا بسم الله الرحمن الرحيم ستة أشهر، فعرفنا أن... كلُّ شيءٍ في هذا الكونِ هو من الرحمة. فعلوا بنا أشياءَ كثيرةً في الأزهر، وللأسف هذا الأزهر الذي يُحارَب بغير وجه حق، وهو غُصَّةٌ وحجرٌ ثابتٌ للحفاظِ على الهوية، هويةِ الإنسانِ كما تقول قبل أن يكون هويةَ المسلم، لأن هذه قضيةٌ أوضحُ من الواضحات وأجلى من البيّنات وأسهلُ من. الماء البارد ما هو إلا رحمة العالمين يا مولانا، لكن يجب أن نتناولها بهذه
الكيفية: أحكام العاقل، ثم الجوهر والعرض، ثم بعد ذلك كل هذه الحقائق، وبعد ذلك سنصل إلى أنه لا حول ولا قوة إلا بالله، وما هو شرحها؟ إنه ما شرحه ابن عطاء الله السكندري في مائتين وخمسة كل الحكم تدور في فلك "لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم"، ولذلك سيدنا في صحيح البخاري الذي يريدون أن يقللوا من شأنه يقول لك: "لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز العرش"، فتجد أن الكلام بدأ بشكل مذهل، وهذا يكون صحيحًا، إنه إعجاز في إعجاز في إعجاز. كلما توسعنا في الدائرة، كل هذا يأتي من أين؟ من الإسراء والمعراج. على فكرة، كل هذا يأتي من الإسراء والمعراج. وبعد ذلك، الإسراء
والمعراج هناك حديث في البخاري يصف الإسراء والمعراج، وهناك أحاديث كثيرة منها موضوعات كثيرة. يترك لك كل الصحيح هذا ويذهب إلى الموضوع هذا. هو، أنتم تقولون، أنتم أصل نريد أن ننتقي ونفعل، فلماذا لا تكتفي بالصحيح الذي لا يعجبك والذي اسمه البخاري؟ ولماذا يفعل هكذا؟ ولماذا يشكك في البخاري؟ ولماذا يشكك في الأزهر؟ ولماذا يشكك في العلماء؟ لأن كل ما ذُكر في السنة الصحيحة هو موجود في القرآن، فلكي لا يصدمك ويطعن في القرآن. ويَضرِبُ في القرآنِ مرةً واحدةً فترفضُهُ كما رفضوا في المائتي سنةٍ الماضية، فيذهبُ إليكَ قائلاً: "في البدايةِ شَكّكوا في هذه المعاني في السُّنَّةِ" حتى تجلسَ هكذا وتقول: "نعم، صحيح". بمجرد أن تقولَ: "نعم، صحيح"، سيأتي ويُظهِرُ لكَ قائلاً: "على فكرة، الذي اعترضتَ عليه هذا..." موجود في القرآن والله، إذن
فليكن القرآن سيئاً. ها هي الخطوات التي كان المستشرقون قديماً يتحدثون عنها في بدايات القرن العشرين وألفوا فيها وغير ذلك إلى آخره، وهي معروفة وموجودة ومفهومة. لكن يا إخواننا ليس هكذا، يا إخواننا ليس هكذا. هذا ما فعله ناصر السنة سيدنا الشافعي وما فعله بعده وأمثاله وما فعله علماء الأمة الأكابر الذين أنار الله صدورهم، وما فعله علماء الأزهر إلى اليوم وإلى يوم الدين، هو الذي يحفظ هوية الإنسان وليس هوية المصري فقط. ولذلك لاقى الأزهر مكانته حتى قال عنه السياسيون إنه القوة الناعمة لمصر. لماذا الناعمة؟ لأن كل شرق آسيا... لا يعرف
مصر الذين ليس بيننا وبينهم تجارة ولا مصالح، لكن الذي بيننا وبينهم هو الأزهر الشريف. الأزهر الشريف موجود فيقول كما نقول عنهم وعنا أن يقولوا أنه في رحلة الإسراء والمعراج وردت بعض الروايات حول أن أكثر أهل النار من النساء والله يعني. بعد ما قدَّمنا من هذه الإشراقات والتجليات نسأل الله سبحانه وتعالى العفو والعافية، لأن الحقيقة أن
النساء شقائق الرجال، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يريد الإنسان، ذكراً كان أو أنثى، أن يكون كاملاً. فعندما نقرأ ألف ليلة وليلة وهي تصف أحوال المجتمعات الشائعة في الدنيا كلها في الهند وفي في أي مكان في البربر في المغرب في أي مكان نجد أن المرأة لازمت البيت فأصبحت خبرتها محدودة وهو يريد لها الكمال، نجد أن
القليل جداً من النساء هن اللواتي وصلن إلى الكمال، ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: "كمُل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع". في ظروف كثيرة لا يتسع الوقت لهذه الحالة، لكن المرأة في المائتي سنة الماضية قامت بأدوار جيدة جداً في قضايا التعليم وفي قضايا العمل وفي قضايا التفهم. وهي لو اطلعت على صفات النساء التي وردت في ألف ليلة وليلة لقالت إن أولئك النساء من أهل النار بسبب الغيبة والنميمة والتحزب. والحقد والحسد والمكر والتدبير
والتدمير، في أي شيء هذه الصفات هي التي نهى عنها الإسلام سواء كانت في رجل أو في امرأة. إذا تخلصت المرأة من كل هذه الصفات فقد أتت من الكمال ما هو مطلوب، فإذاً أنا لن أقف في بحث رواية تقول ولا رواية تعيد ولا إذا كان من آثار المجتمع أو هو منقول عن صاحب الشريعة الغراء إلى آخر ما هو ناتج، أنا الذي يهمني هو التربية، هو أنني أدعو النساء جميعاً إلى الرقي الإنساني الذي يرقى بالمرأة عن حد الحقد والحسد والغيبة والنميمة والفساد والمكر وإيقاع الفتنة بين الناس إلى آخره، وهذا
أمر كما أنه مخاطب النساء هو خطاب موجه للرجال أيضاً، ولكن إذا كان الرجل الذي يصارع الحياة ويتعلم ويجادل قد نمّى من قدراته، فعلى المرأة أن تفعل هذا حتى ولو كلّف هذا مزيداً من الجهد. هذه هي القضية، أما نحن فعندنا "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف، وللرجال عليهن درجة"، ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف، أنت ترى أنه توجد مساواة وإن لم يكن هناك تساوٍ، لأن كلاً من الرجل والمرأة له خصائص ووظائف ومراكز قانونية. فالعلاقة بين الرجل والمرأة قائمة على التكامل وليس القصور، هذه هي وجهة نظر الإسلام، وهذا هو الجواب عن كل تلك الأفكار المطروحة، وهذا الأمر ينسحب على باقي القضايا. ينطبق على
المرأة كل أمر بالمعروف، وينطبق على الرجل في الوقت ذاته لأنهما متساويان. وأيضاً في حديث لسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم: "اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء". وهل معنى ذلك أن دخول الأغنياء فيها قليل؟ معنى الحديث يشير إلى الفقراء. إلى الله وليس الفقراء المعدمين من الأرزاق، بل معناها الفقراء إلى الله الذين اعتمدوا على الله، الذين تعلقت قلوبهم بالله، الذين افتقروا إلى الله، الذين قالوا: يا ربنا إنك غني ونحن فقراء إليك وإلى معونتك وإلى نعمتك، وهكذا. ولذلك كان يقول: اللهم أحيني مسكيناً وأمتني مسكيناً واحشرني في زمرة المساكين. المسكين
من السكينة وليس من الهياج والثورة التي لا معنى لها والاعتراض على كل صحيح وقبيح، أبداً ليس هذا هو السكينة. فالمسكين هنا هو من تمسكن إلى الله، من تضرع إلى الله، من انكسر قلبه إلى الله، من سجد إلى الله. هو هكذا، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يأتنا بفلسفة الفقر، إنما جعل الغنى هو المقصد، وهذا الغنى يكون له وظائفه. "لئن شكرتم لأزيدنكم". وفرض عليّ الزكاة ليست منّاً وليست تجبراً، فرض عليّ وأنا سلطان العدل،
فرض عليّ وأنا قائد للجيوش الرحمة، فرض عليّ وأنا كذا وإلى آخره. مولانا، ربما نحن وحدنا من نتكلم أيضاً عن كيفية الدعاء والشيوخ والعلماء في مثل هذه المناسبات الحقيقية والتي نتعرف فيها أكثر وأكثر على حقيقة هذه الذكرى وعلى حقيقة هذه الرحلة وغيرها من المناسبات، كيف يكون الخطاب بينهم وبين الناس لكي يفهموا عنهم فيفهموا منهم فيفهموا عن الله سبحانه وتعالى. كانت لدينا حالة من حالات التكرار: احفظ الكتاب واقرأه كما هذا كانوا يسمونه نسخة من الكتاب، حسناً، ما دام الكتاب موجوداً فيصبح الشيخ الذي يكرر ما في الكتاب نسخة من الكتاب. ولكننا أُمرنا في القرآن بأمر في الشريعة وهو الأول: التدبر "أفلا يتدبرون القرآن"،
والتدبر هو أن تأتي بالآية ثم ترى من أين تأتي وما الذي سيترتب عليها. وما علاقتها مع الآخرين، هذا هو التفكر والتدبر. إذا رسمنا هذه الصورة سنرسم شبكة وليس خطًا مفردًا، سنرسم شبكة وكلما اتسعت هذه الشبكة معنا وكلما طبقناها على الواقع كلما رأينا التواؤم بينهما. هذا هو التدبر، وقد أُمرنا بالتفكر والتدبر وإعمال النظر والسير في الأرض، وهذا يتأتى أول ما يتأتى بالجمع. المعلومات قل سيروا في الأرض فانظروا نسير أولاً نجمع المعلومات نربط بين المعلومات نتأمل ونتدبر في هذه المعلومات الذين
يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض إذاً فالذي لا يفعل هذا التدبر ولا هذا التفكر ولا هذا الجمع للمعلومات ولا هذا الربط بينها ولا هذا النظر فيها ستكون نسخة مكررة من الكتاب، أي أنه ليس له ضرورة. زادت في المكتبة نسخة، زادت في المكتبة نسخة واحدة. حفظ القرآن وهو لا يفهمه ثم مات، انتهى الأمر. هكذا نقصت نسخة من القرآن، هل تفهم كيف؟ لكن الذي يفهم القرآن كمنهج حياة، الذي فهم بعد تدبر القرآن أنه منظومة تبكي عليه السماء والأرض، وليس من مات وهو يحفظ من غير فهم، فكذلك
الكتب والتراث وما إلى ذلك، بل هي أولى لأنه يمكن للقرآن من جلاله ولأن عليه ثواباً أن يكون الذي حفظه ولم يفهمه أيضاً مأجوراً بالطبع، ولكن ماذا يعني أن أذهب وأحضر الروايات وأحضر الأشياء دون فهم. أن أفهم أو تفهم. نعم مولانا يا إمام، اسمح لي أن أعرض بعض مداخلات السادة المشاهدين حول سؤالنا: ما رأيك فيمن يشكك في حادثة الإسراء والمعراج؟ محمد مختار يقول: هو ضعيف الإيمان. أحمد طه يقول: لا يؤمن بقدرة الله. هشام بدوي: يشكك بها من لم يفهم معنى قوله تعالى "سبحان أُسرّ بعبده الأستاذ السحار أحمد هاشم يراجع عقيدته ولا يلتفت له، ونحتفل بمقام سيدنا النبي عند ربه سبحانه وتعالى. هذا يعني - والحمد لله رب
العالمين - تفهُّم طيب للقضية، مولانا الإمام صاحب الفضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة، فضيلة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف. رضي الله عنكم دائماً أهلاً وسهلاً بكم، كل عام وأنتم بخير، كل عام وأنتم بخير، إلى اللقاء،