والله أعلم | د علي جمعة يتحدث عن حوار الأديان وكيفية الاستفادة منه "الجزء الثاني"| الحلقة الكاملة

أهلاً بحضراتكم في حلقة جديدة من برنامج "والله أعلم" لنسعد بصحبة صاحب الفضيلة مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، لنستكمل معه هذا الحوار المفتوح حول حوار الأديان، الشرق والغرب، الغرب والإسلام. وسؤال صفحتنا على الفيسبوك: هل تعتقد بنجاح الحوار مع الغرب، مولانا؟ الإمام أهلاً بفضيلتكم، أهلاً وسهلاً بكم. يعني استكمالاً لما بدأناه بالأمس، وفضيلتكم تفضلتم وتكلمتم عن كلمة سواء. هذا النموذج أو هذا العنوان الأثير الذي
مر بمراحل مهمة وناجحة ومتطورة. طيب، حتى الوقت الحالي ونحن نتأمل المشهد، نبرة العداء والإسلاموفوبيا وصراع الحضارات الذين يتحدثون عن أن أهم مكون لهذا الصراع عند هانتنجتون أو فوكوياما، الدين جيد، ولكن ما المعنى؟ وكيف نقيّم هذا الحوار اتصالاً بما سبق واتساقاً مع ما سبق في كلمة سواء؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. تقرر عند علماء الحضارة أن ما تراكم عبر السنين لا يزول إلا السنين وهذه عملوا لها تعديلاً وهو أن التأثير بالإضافة إلى الزمن يتم به التغيير، فهناك فرق بين التأثير والتغيير. نحن نريد وكأننا نفتح أعيننا في صباح يوم
فإذا بنا قد تغير العالم من حولنا والإسلاموفوبيا قد انتهت. والإسلاموفوبيا هذه موجودة منذ أجيال طويلة منذ ما أسموه ظلماً وعدواناً. بالحروب الصليبية في العدوان على الشرق، وكانت كلها حروباً من أجل السيطرة على طريق الحرير في الحقيقة، ويستغلون الدين في هذا، وهذا معروف. هل نجح الحوار الذي بدأ منذ أكثر من ثلاثين سنة؟ النجاح نسبي، هو ليس نجاحاً مطلقاً. النجاح النسبي الذي تم على أيدي المجرمين الذين أسقطوا البرجين في... الحادي عشر من
سبتمبر عام ألفين وواحد كان جديرًا بأن تُصنع محارق للمسلمين كما صُنعت محارق لليهود من قبل على يد النازيين، ولكن هذا لم يحدث. بموجب ماذا؟ لماذا لم تنتشر الكراهية إلى حد صنع المحارق وما إلى ذلك؟ ذلك بموجب أننا قد بذلنا مجهودًا خارقًا من قبل ومن بعد. قبل ومن بعد من أجل إبراز ما عليه جماهير السواد الأعظم من المسلمين وأنهم أهل ديانة إبراهيمية معتبرة نرى أنها هي النموذج الأتم لسعادة
الدارين الدنيا والآخرة نرى منظومة القيم فيها وهي تتلألأ على أسماء الله الحسنى نرى هذا الدين الذي يعني احترام الإنسان ذكراً كان أو أنثى وأعطى لكل إنه من الحرام أن تُشوَّه صورة الدين إلى هذا الحد الذي يجعل الناس تنقلب ضد هذا التشويه وليس ضد الدين نفسه، بل ضد هذه الصورة المشوهة للدين. لو تذكرنا سوياً - وكلنا يعلم - زلة اللسان التي وقع فيها بوش عندما قال إنها حرب صليبية، فأين هي هذه الحرب الصليبية داخل أمريكا والمسلمون
خارج أمريكا، هذا الرجل هتلر ارتكب جريمة إنسانية عظمى ولكنها مبررة عنده بأن اليهود قد أتعبوه، ولذلك يجب عليه أن يفعل هذه الهولوكوست. وما قام به، من وجهة نظره طبعاً، كانت وجهة نظر خائبة اصطدمت مع حائط القدر، وفي النهاية ذهب. حتى هتلر لا نعرف أين دُفن أو أين قبره، فتصور هذه القضية، ولا نعرف حتى جنسيته، نحن لا نعلم إذا كان قد انتحر أو مات أو أي شيء آخر، ثم تبرأت ألمانيا وتبرأ ذووه سريعاً من هذه الهمجية التي قام بها. قد يبالغ اليهود في
الأعداد وما إلى ذلك، لكن النهاية، هناك جريمة حدثت، جريمة إنسانية عظمى فيها. والسؤال: الغرب هو الغرب، وهناك جريمة عدوانية تثير الإنسان كإنسان، فلماذا لم تتم محرقة للمسلمين على غرار محرقة الهولوكوست؟ وهناك ما يبرر كما كان هناك ما يبرر، وإن كان هذا مخالفاً للمعقول ومخالفاً للمنطق. الحقيقة أن نجاح ما سعينا إليه من... حوارٌ كان سبباً في ذلك. سمعنا المسيحيين قبل المسلمين، سمعنا المسؤولين قبل العوام، سمعنا الحكومات قبل الشعوب. ويقول دائماً: "المسلمون ليسوا هكذا". من أين يأتي هذا؟ أهو من الوهم؟ أم من أننا
سكتنا؟ أم أن أصواتنا لم تُسمع أبداً؟ ليس من فراغ أبداً، ليس من فراغ، لكن هذا يُحدث تأثيراً، التأثير أتى ثماره بأنه لم تُرتكب الفظائع والمصائب، ولكن في نفس الوقت لم يحدث تغييراً ومحواً للسنوات الطويلة من الإسلاموفوبيا. هذه الإسلاموفوبيا ناتجة من صدام بين الأديان وصدام بين الحضارات وصدام بين العادات والتقاليد وصدام بين الشرق والغرب وصدام اقتصادي بين الشمال والجنوب وصدام يعني هو... مركب فيحتاج إلى الزمان، أما نحن قد عملنا أما نحن لم نسكت، لم نسكت. أما هذا الحراك والبركة في السعي والحركة فقد
بورك فيه، نعم بورك فيه وأتى ثماره، أتى بعض ثماره، أتى ما يمكن أن يسمى بالتأثير لا التغيير. حسناً، لكي نحول التأثير إلى تغيير أصبح زمن يجب أن يستغرق وقتاً، أعطني وقتاً إذن. وهذا يؤكد على المسلمين ماذا؟ "يا أيها الذين آمنوا آمنوا" أي استمروا في الإيمان. فإذا كان هناك حوار وانفتاح وأُقيمت عليه مراكز علمية ومؤسسات وتبادل بين الجهات المختلفة، فعلينا أن نستمر في هذا ولا ننام أو نطلب النوم أو نستسلم له، لا. استيقاظ ولا نوم في هذا الطريق لأنه ران الكثير ولان، وأمامنا زمن، ولأن شيئاً ما من التغيير يحدث مولانا الإمام من خلال هذا التأثير المهم والذي
يتطلب زمناً حتى يتحول إلى تغيير. إنني بعد ألفين وأحد عشر تسعة قالوا إن نسبة الطلب على معرفة الإسلام ارتفعت بشكل كبير. هل هذا من ضمن التأثير ومن ضمن الفرص التي فتحت زاوية للحوار، ولكن هو مؤشر عندي ليس إيجابياً. لماذا؟ لأن الذي يريد أن يطلع هو يريد أن يطلع على فساد المفهوم الإسلامي، أي أنه يريد أن يعرف هذا الإسلام الذي اعتدى علينا كم من فساد ومن شر بداخله، فما هو. دائماً الأرقام والإحصاءات تدل على أن نعم هناك زيادة في مبيعات ترجمات معاني القرآن، هناك زيادة وفي طلب المترجمات الإسلامية وكذلك إلى آخره،
لكن هل هذا القارئ يعني هو قارئ يطلب الهداية أو يطلب المعرفة أو حتى يطلب الحيادية؟ لا، إنه يبحث عن ماهية هذه المصيبة التي جاءت لنا وما ما هذا اللغز وكيف يُفسَّر؟ والهداية هداية تنشأ عند فقد المربي. المتطرفون والنابتة قاموا بمجهودات ضخمة جداً في ترجمة كتب سيد قطب إلى الإنجليزية وإلى لغات كثيرة جداً. للأسف قاموا بترجمة كتب المتطرفين ومن قسموا التوحيد إلى توحيد ثلاثي: ألوهية وربوبية وصفات، حتى تكون هذه هي المدخل للتكفير. المسلمون عندما تذهب لتطلب
الكتب المترجمة إلى اللغة الإنجليزية، تجد أن كثيراً منها يعرض الإسلام بصورة إما متطرفة أو متشددة. فالظلال التي يتركها هؤلاء الناس تكون ظلالاً سلبية. لكن قبل ذلك، عندما ننظر ونقول: حسناً، أيها الغرب، ما هو احتكاكك بالإسلام؟ فنجد أن شخصاً مثل رينيه جينو أسلم وسمى نفسه ومات في مصر عام ألف وتسع مئة وخمسين الأستاذ ريني جونو، مثلاً عليه مائتا رسالة علمية بين ماجستير ودكتوراه، مائتان في السوربون. هذا الفرنسي الرائع له ثمانية وعشرون كتاباً باللغة الفرنسية، تكلم فيها عن مقارنة لغوية وعميقة بين ما
هنالك من ديانات لها حضارة مثل الهندوسية وغيرها. آخره وبين العناصر التي نعيش بها في العصر وما بين الإسلام وتراثه وكيفية نقل هذه المعاني عن طريق المصطلحات أو عن طريق المفاهيم إلى العالم الغربي، ولذلك في مواقف كثيرة جداً تُعد بعشرات الآلاف من الناس أسلمت من خلال ريني جينو. نقرأ مثلاً أن جلال الدين الرومي هو الأكثر مبيعاً. في أوساط الغرب، لماذا؟ لأنه دخل من مدخل الحب. حسنًا، أي إنسان، يا أخي، أي بني آدم سيخضع لهذا المدخل وسينبهر به. أما الداعشي والإخواني وما إلى آخره، فهذا شأن الإخوان، شأن سياسي
هكذا. وأما الداعشي فشأنه العنف، وإن الله لا يعطي على الرفق ما لا يعطي على. العُنْف أو العِنْف لغتان. وأريد أن أقول لحضرتك أنه يعني الغرب قبل الحادي عشر من سبتمبر كان هناك إسلام كنت تعرفه. عندما حدثت مشكلة الرسوم المسيئة لسيدنا صلى الله عليه وسلم في الدنمارك، وجاءتنا في السنة ذاتها، بعدها وقبلها، ثمانية وخمسون شخصاً اعتنقوا الإسلام من الدنمارك. لدينا ذلك في السجلات، الذين أسلموا من الدنمارك هؤلاء يعني يؤدون كمؤشر وهم أربعة ملايين كلهم من أولهم إلى آخرهم يعني بحجم شبر عندنا هنا من أولهم إلى آخرهم. هذه الدنمارك أربعة ملايين، عندما ثمانية
وخمسون شخصاً أسلموا في سنة واحدة، وأسلموا في السنة التي حدثت فيها هذه المشكلة، فهذه مؤشرات رائعة، لكن النشر هكذا هذه مؤشرات ليست دائماً تكون مؤشرات إيجابية بل قد تكون مؤشرات سلبية. نرجع الآن للقضية وهي أن الإحصاء قد يكون مضللاً، ليست القضية قضية كم، القضية قضية تحليل هذا الكم. لا تقل لي كم شخص وكم ترجمة للقرآن بيعت، بل قل لي كم شخص تأثر، قل لي كم شخص. أخبرني كم شخص اهتدى، قل لي كم واحد تغير أو تأثر. فمثلاً، هناك شخص يُدعى سيدي سراج الدين، وهو إنجليزي أسلم وألف كتاباً بعنوان "الإسلام والمستقبل". هذا
الكتاب باللغة الإنجليزية وهو إنجليزي. وقد بلغ عدد أتباعه خمسة عشر مليون قبل الأحداث وقبل ذلك إلى آخره لأنه... كُتِبَ بلغةٍ تخرجُ من القلب فتصلُ إلى القلب. الخمسة عشر مليون هؤلاء، نعم، هذا مؤشرٌ صحيح، لأن مَن الذي سيذهب ليشتري هذا إلا شخصٌ قد تأثر بهذا. فالحكاية ليست في مجهود، هناك نجاحات، لا توجد ضربة قاضية في النجاحات، بمعنى أننا نستطيع أن نغير وجه الخريطة، هذا غير ممكن. لأن ما تراه عبر الزمان يحله الزمان وكما تفضل مولانا، الإنسان هو أن تكتشف الإنسان. وقديماً قال مولانا جلال الدين الرومي: "الإنسان
أسير من يكتشفه". فاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم مولانا الإمام. الحوار له مقتضياته، له شروطه، له أسسه، الأرضية المشتركة التي يجلس عليها المتحاوران من خلال... ما نسميه بالتفاوض، التفاوض اليوم يقولون إن كل الأطراف تخرج رابحة، يعني كاسبة، كل الأطراف تكسب فيه. طيب الآن الغرب ينظر بنظرة استعلاء ويريد أن يفرض هو الكلمة في هذا الحوار، أنه رضي بهذا الحوار. ما خطورة هذا الموقف؟ ما خطورة أن يفرض الغرب الكلمة في الحوار؟ دعونا فقط يعني على سبيل الدقة أن هذا فيه تعميم قد يعطلنا عن الاستمرار في العمل الذي هو الغرب. لا،
وليس الغرب هكذا، فالغرب هذا جهات مختلفة جداً. الغرب هذا يتمثل في الجامعة. ما موقف الجامعة في الغرب وكيف حال الدراسات الشرقية والإسلامية فيها؟ موقف آخر هو الموقف السياسي، ماذا يرى الساسة ومتخذو القرار بهذا الشأن، الجهة الثالثة هي الإعلام لأن الإعلام أصبح قوة خطيرة جداً يملأ أذهان الناس بما يريد. أيضاً موقفها من هذه القضية. الرابعة هي الشعب أي الأسرة، هناك الديانة، الكنيسة ماذا تقول، والجيران ماذا يقولون، وهؤلاء
مختلفون جميعهم، ليسوا موضوعين في سلة واحدة. لا أستطيع أن أقول إن الموقف هو هكذا، لا، الشعب غير السياسة غير الإعلام غير البحث العلمي والجامعات ومراكز البحث وهكذا. ولذلك هيا نقول أنه يعني عندما نعبر عن هذا نقول الطيار الفلاني في الغرب، كيف سيتم التعامل معه؟ فهناك طيار مستعلٍ. أول شيء عندما نتكلم عن هذا الطيار المستعلي نرى هل هو طيار غالب أم هو الأشيع التيار الغالب هذا هو المسيطر الشائع أم هو التيار العادي أم هو التيار المغلوب على
أمره لكنه موجود على كل حال، فلو كان في بلد من البلدان هذا التيار عالياً فلا بد من إحداث ما يسمى بالتبادل الثقافي، وعندما يكون التيار عالياً ضد الإسلام والمسلمين نذهب لكي يرون أن المسلمين هؤلاء بشر وأن لهم حقوقاً كما للبشرية حقوق، وأنهم كيف يكون دينهم في وسط المجتمع البشري، كيف يكون هذا التبادل الثقافي؟ إحدى آليات البدايات نوع منها البعثات، والطلاب في الجامعة والتحصيل العلمي، والنوع الثاني منها هو العمل والوظائف الموجودة، يعني أنت عندما تذهب إلى في إنجلترا تجد ثلاثة في المائة
تقريباً من الأجانب، وثلاثة في المائة منهم مسلمون، أي لهم تعاملات هناك. عندما تجلس مع هؤلاء الناس وترى جيرانهم والناس الذين يتعاملون معهم بيعاً وشراءً ودرساً وتدريساً وما إلى ذلك، تجدهم يتعاملون معهم باحترام وبمنطق وبمودة وليس بفظاظة. أو بانقطاع مثلاً، هذا الكلام رأيناه في فرنسا، ورأيناه في ألمانيا، ورأيناه في إسبانيا، رأيناه لدرجة أن في إسبانيا هناك أناس يدخلون الإسلام ممن كانت أصولهم مسلمة في أول الأمر، وبنوا مراكز في هذا، وكان الله يرحمه علي الكتاني يقوم بدور كبير في هذا في الأندلس أيام الأندلس يعني في... غرناطة وفي قرطبة وغيرهما من المدن،
عندما يجد الفتى أن عائلته تحمل اسم مدينة، أو عندما يجد أن عائلته تسمى "رحمن"، أو عندما يجد أن عائلته تدعى "عبد الصمد"، فإنه يشعر أن هذا "عبد الصمد" كان مسلماً، أي أن العائلة كان اسمها هكذا. وبالتالي، إذا كانت ثقافتهم تعود مرة هل تمنعهم الحكومة؟ هل هناك هياج إعلامي عليهم؟ لا أبداً، لا يوجد إطلاقاً. وفي الواقع لم يثر عليهم أحد، حتى جارودي عندما أسلم وذهب وأنشأ مركزه "الإشعاع الحضاري"، أنشأه في قرطبة، فلا يوجد أحد يمنعك من شيء. لكن عندما آتي مثلاً وأعيب عليهم وأقول لهم انتبهوا أنكم في الإعلام تختارون. ما هو
ضد الإسلام والمسلمين فيجلب لك أبو حمزة المصري لكي يعبر عن الإسلام والمسلمين وهو يرتدي قناع القرصان، فارتداؤه لهذا القناع يعني أنه قرصان، وأول ما سيراه الناس هكذا. ثم إنه يُكفر الملكة ويحاربها من على المنبر قبل أن يتم القبض عليه، لأنهم قبضوا عليه، لكن كانوا ينقلون خطبة من مسجدهم، هل انتبهت أنه عندما يحضرون شخصاً في التلفزيون للتعبير عن وجهة النظر الإسلامية، يحضرون أبا حمزة المصري؟ فنحن نقول لهم: لا، ليس هكذا يا سعد تورد الإبل. كان أبو حمزة المصري موجوداً في لندن في حين كان موجوداً المرحوم جمال بدوي مثلاً هناك، وكان جمال بدوي مستشاراً. للأمير شارلز وهو يُعَد ابن الملك أو هو الملك، أي الملك المستقبلي، أي ولي
العهد، فمَن مستشاره؟ جمال بدوي. حسناً، لماذا لا تأتي بجمال بدوي، جمال بدوي الذي لديه جسور بينه وبين المسيحيين والكنيسة، وبينه وبين اليهود والحاخامات الذين هم ضد إسرائيل أيضاً. فالجماعات اليهودية ليسوا جميعاً مع إسرائيل، بل... هم يرون أن الذهاب إلى إسرائيل هذه يعني أنها مقبرة لليهود وأنها حيلة سياسية لا أكثر ولا أقل. لماذا كانوا يذهبون إلى أبي حمزة المصري ولا يذهبون إلى جمال بدوي؟ لماذا مساراتهم أو طرقهم تضل الطريق إلى المصدر الحقيقي؟ هذا متعمد من المُعِدّ، فالمُعِدّ واعٍ أنه يريد إظهار الإسلام في الصورة واضحة،
هل تلاحظ أنه هناك في الغرب ما يسمى بمراكز الدراسات "الثينك تانك"؟ هذه المراكز تدرس وتبحث في ما يسمى باستخدام "الباك كاستنج" في "الفوركاستنج". الفوركاستنج يعني: ما الذي سيحدث غداً؟ أي التوقع، لكن من خلال "الباك كاستنج" أي من التاريخ الماضي. فهؤلاء القائمون على مراكز "الثينك تانك" يقدمون تصورتهم كذا وكذا جهة ثانية تقدم عن نفس هذه القضية وهي تقدم مثلاً المخابرات، المعلومات الاستخبارية تكون أدق لأن
هؤلاء باحثون يرى أنه افترض لو فعلنا كذا، ما رأيك في كذا وهكذا. يقول أحد الباحثين الإيطاليين أن هذه التقارير بالنسبة للإخوان المسلمين مثلاً أو بالنسبة للإسلام مختلفة في الشأن. الإخوان المسلمون يعني الغرب يريد أن يتخذ قراراً أمام: هل نستعمل الإخوان أم لا؟ فالمخابرات تقول له: احذر من الإخوان، فأيديهم ملوثة بالدماء وأيديهم ملوثة بالإرهاب والأحداث والوقائع عندنا. طبعاً مراكز التفكير تقول له: أفضل من تتعاون معه هم الشباب الإخوان هؤلاء لكي تستطيع السيطرة على القاعدة والسيطرة على داعش
والقاعدة أحباء الإخوان. الرجل الذي يجلس في وزارة الخارجية في البلد الفلاني يُعرَض عليه التقريران: تقرير من المخابرات يحذر، وتقرير من مراكز الفكر أو مراكز البحث يدعو، يقول له: استعن بهذه الجماعات لكي نستطيع السيطرة على العنف الإسلامي ونوجهه كما نريد. في الفترة السابقة عندما وقعت أحداث سنة... أحد عشر رجّحوا التفكير مرة أخرى على المخابرات وذهبوا مرتبين الاستعانة بالإخوان المسلمين من أجل الوصول إلى التلاعب بالعنف الإسلامي إن صح هذا التعبير، في صورة ذلك الشاب
الذي اسمه أيمن الظواهري أمير المؤمنين، وفي صورة ذلك الشاب الآخر أبو بكر البغدادي أمير المؤمنين، وفي صورة النصرة وفي صورة الذي إلى آخره في أغراض يريدون الوصول إليها، فما رأيك ألا تستعمل هذا العنف الإسلامي في هذا؟ حسناً، من هو الوسيط بيننا وبينهم؟ ومن الذي يمكن أن يتحكم؟ الإخوان المسلمون، إنهم يحبونهم، وهؤلاء يحبونهم، لكن هذا في الوجه مرآة وفي القفا مصيدة. فقد جربوا الإخوان المسلمين، ولكن المصريين مصريون. الأصل أنه مليء بجينات حضارية، هل تفهم؟ احتار فيه الناس، فالإخوان ليسوا قادرين على فهمه، يا عيني. عدد الإخوان هنا لا يزيد عن خمسة في المائة، يعني كنا مائة مليون، والآن مع الوافدين ستجد منا خمسة في المائة فقط -
بالأطفال والنساء وكل شيء، خمسة في المائة ستجدهم متعاطفين مع خمسة وتسعين في المائة ستجدهم ضد الإخوان دائماً، هكذا هي الحال. ستظل هذه النسبة لمدة طويلة لكنها ستنخفض بعد ذلك، لكن ستبقى خمسة من كل مائة. في الحقيقة، الغربيون وقعوا في خدعة، يعني ما يسمى بـ... عندما كنا صغاراً كنا نقول "مقلب كذا"، لقد نسيت التعبير، ولكن يعني إنها خدعة. كثير جداً من المصريين الذين رفضوا هذا الحال بطبيعة الشعور الوطني الذي لديهم وانتمائهم لبلدهم يعني أفشل هذه المؤامرة، فشلت هكذا يعني، ربنا أفشلها ولكن بواسطة من؟ بواسطة المصريين الذين حافظ الله عليهم والذين جعلهم الله سبحانه وتعالى يكشفون هذا الهراء.
رجع الغرب يدرس التقارير فوجد صاحب مراكز التفكير هذا. لم يحضر الثمن. فلنعد إذًا، لنعد مرة أخرى إلى المخابرات. تقول له: اقطع عِرقًا وأَسِل دمًا، وهذا يؤدي له جزءًا من مصالحه. استطاع الإخوان الحصول على بعض المصالح المالية والاقتصادية في أمريكا وفي غرب أوروبا. ولذلك عندما جاء كاميرون، كان التقرير واضحًا جدًا أن هذه الجماعة جماعة إرهابية، فأخرج... قال أي أنهم يبدو أن لديهم اتصالاً بالإرهاب، لم يقل إنهم إرهابيون هكذا مباشرة، بل قال لديهم اتصال حتى يستمروا في لعب هذه اللعبة. لماذا لا تتفقون مع قطر التي يعرفون عنها ويقولون لهم أنهم يمولون
الإرهاب ويمولون داعش وكل هذه الأشياء؟ هذه سياسة، وأهل السياسة يعرفون كيف يتعاملون معها ونحن الحمد لله لدينا فريق دبلوماسي ممتاز جداً، لأننا نعمل في مجال الدبلوماسية منذ مائتي سنة. الدبلوماسية المصرية لها مدرسة متميزة، علَّمت العالم، ولها منهجها الخاص ليس فقط في الشرق الأوسط أو في المنطقة الأفريقية والآسيوية أو المنطقة العربية، بل في العالم بأسره، ويعرفون مداخلها. ومخارج هذه المسألة، ولذلك كل هذه هي يعني القيادة المصرية والدبلوماسية المصرية تقوم بدور قوي جداً لحماية الإسلام والمسلمين من التلاعبات الغربية، وتبين لهم أن مصالحهم هي مع الإسلام الصحيح وليس مع الإسلام
الموهوم، يعني البداية تصحح هذه الصورة المغلوطة والمشوهة لدى الآخر. نقيم هذا الحوار فاصل ونعود إليكم. ابقوا معنا، أهلاً بحضراتكم مولانا الإمام. طيب، ما هي السلبيات التي يقع فيها المسلمون في الحوار مع الآخر، في الحوار مع الغرب؟ وأيضاً فضيلتكم تفتح لنا زوايا للحوار، الحوار مع الشرق والغرب والإنسان بشكل عام. ما هي السلبيات التي يقع فيها المسلمون في هذا الإطار؟ أن نأتي ونخاطب الناس على مثلاً نجلس لأجل كتاب أو كتب حققت نجاحاً كبيراً في أوساط المسلمين، وواجهت ترجمتها موضوعات
لا تعني الرجل الغربي، موضوعات ليست هي التي توصل الفكرة ولا هي التي تجعله حتى مهتماً بمثل هذا. فقضية الترجمة، مثلاً عندنا الشيخ الغزالي، هذا رجل عظيم - رحمه الله - نريد أن نترجم. مَن كتبَه؟ مَن قال لك إن كتب الشيخ الغزالي لو تُرجمت وخُطب بها في الغرب أن الغرب سينبهر بها؟ أو أن الشيخ عبد الحليم محمود الذي تربى في فرنسا وحصل على الدكتوراه من فرنسا نريد ترجمة كتبه؟ ليس هكذا الأمر، إنها قصة أن تختار كتباً نجحت نجاحاً هائلاً في وسط... ليس بالضرورة أن تنجح دعوة المسلمين نجاحاً هائلاً في أوساط الأوروبيين، فهناك مدخل محدد يجب أن تسلكه، ويجب
أن تدرس العقلية أو المنظومة الفكرية، أي المكونات العقلية وطبيعتها. ثانياً، عندما أقوم بالترجمة، لا أترجم حرفياً حتى لا يضيع جوهر الموضوع، ولذلك عندما أطلب من أحدهم ترجمة كتاب لي، أقول له... تصرّف كيفما شئت، افهم الموضوع وانقله للغربي كما لو كنت تتحدث معه بعقليته التي يمتلكها، أي بطريقة تفكيره. فيقوم بذلك، فيكون هذا الكتاب جميع أفكاره مستمدة من ذلك الكتاب، لكنه ليس ترجمة له بأسلوب الترجمة الفنية على نمط الكلام القديم الذي كان يستخدمه اليونانيون. كما يقال: "إذا أردت أن تكون يعني هو تخلّى تماماً عن فكرة الترجمة الحرفية، لكن المسلمين فعلوا ذلك،
فابن المقفع عندما نقل كليلة ودمنة من الأدب الهندي لم ينقلها هكذا مترجماً الكلمة بكلمة، وإلا لما استطعنا فهمها. بل إنه استوعبها ثم بعد ذلك أنشأ من عنده إنشاءً مثل من؟ مثل تحسين رحمه الله. ذهب إلى فيكتور هوجو في "البؤساء" وقرأ الرواية وأُعجب بها، فألّف في العربية "المعذبون في الأرض". "المعذبون في الأرض" هي "البؤساء" ولكنها ليست هي نفسها، أي أنها ليست ترجمة. يعني عندما أتت مثلاً دار الهلال بترجمة "البؤساء" لحافظ إبراهيم، وحافظ إبراهيم ترجم "البؤساء"، هذا صحيح وهذا شيء مختلف عن ذاك. تماماً، أدرك ذلك، لكنها هي نفسها الفكرة. إنه مُتشبع بفكرة فيكتور هيجو التي تتحدث عن
الظلم الاجتماعي والتفاوت الطبقي وتغيُّر الأحوال. هل تلاحظ كيف وضعها في رواية "المعذبون في الأرض" بأسلوبها المميز؟ وهو رجل أديب عربي بليغ وهكذا. فأنا أريد أن أقول لسيادتك... إنه هذا الخطأ الثاني الذي يمكن أن نقوم به. الخطأ الثالث أن نأتي بأستاذ، وأستاذ كبير، ونحضره إلى التلفزيون ونرشحه بدلاً من أبي حمزة المصري هذا، فتجده يتحدث وكأنه في درس من دروس أصول الدين في الأزهر الشريف. يا سيدي، ليس هنا، هذا تلفزيون
بريطاني، تلفزيون بريطاني، وهناك امرأة مشغولة باله سمعك وهناك ولد طفل أو شاب يذهب إلى المدرسة يريد أن يلتقط منا الكلمة هكذا، تجد الذي يدرك هذه الإدراكات اليهود، وتجد الذي يدرك هذه الإدراكات المسيحيين، وتجد المسلمين ليس لديهم الكفاءة الخاصة بهذا التوصيل. هذه مسألة أخرى تماماً، هو يعيش في لندن وأستاذ وكل شيء في أمانة الله ليس لديه التواصل في حين أن هذا موجود، فعندما تأتي مثلاً أي مناظرة أو أي شيء، يقيمون أحياناً مناظرات خفيفة ليست جدلية، وإنما ما رأي الإسلام في هذا؟ وما رأي المسيحية؟ وما رأي اليهودية؟ فيُحسن اليهودي العرض، ويُحسن المسيحي العرض، مما يجعل الإنسان الاجتماعي يميل إلى هذا الحل.
وهذه الرؤية تُدخل المسلم في متاهات أخرى، فهو لا يملك القدرة على التوصيل. ما هذه العلوم التي تتعلمونها هناك؟ لماذا لا نتعلمها عندنا هنا؟ انظر، هذا ما أقوله لك: ما هي السلبيات؟ السلبيات هي الاختيار الخاطئ، السلبيات هي الترجمة الخاطئة، السلبيات هي الاتصال الخاطئ، كل هذه الأمور هي السلبيات. سلبيات نريد أن نلتفت إليها حتى نحسن من أداء التوصيل أو الاتصال. حسناً، ما أهم القضايا يا مولانا التي يجب أن توضع على أجندة هذا الحوار؟ قضايا يجب أن نناقشها مع الغرب، مع الآخر، ما هي على سبيل المثال؟ أولاً، طبعاً هناك نقاشات
تتصل بالدين لكنها في غاية الأهمية، من التي تتصل بالدين لكنها في غاية الأهمية، الكوانتم أو ميكانيكا الكم من ضمن هذه، أصلها متصل بالإلحاد، كل الإلحاد الذي بُني حالياً والذي في النهاية سيهدم الدين، وهذا يمكن أن نتعاون فيه مع غير المسلمين لأن هناك توجهات ضخمة في أوروبا ضد الإلحاد ويمكننا أن نتفق معهم طبعاً فيها الفيزياء. الحديثة وميكانيكا الكم والجينوم وأمثال هذه المباحث في الفلك كذلك والثقوب السوداء والانفجار الكبير وكذلك تخدم أربع نظريات عليهم هذا التوجه الذي هو ضد الدين،
ضد الدين كله: داروين ومدرسته، وفرويد ومدرسته، نيتشه ومدرسته، وأينشتاين ومدرسته. أينشتاين كان إلهياً ولكن بالرغم من ذلك إلا أنه استُغلت هذه المدرسة، مدرسة أينشتاين. مع الأربعة مع الثلاثة هؤلاء أصبحنا أربعة. هؤلاء الأربعة هم الذين يحكمون العقل الغربي. فأنا عندما أجادل لابد أن أُدخل هذه الأمور وأفهمها وأفهم تاريخها والرد عليها عند الإمام النسفي أو عند الإمام الباجوري أو عند الإمام الدردير. والله بثلاثة مشايخ موجود كل شيء، ولكن اللغة حائل بين النقل. هذه المعاني الجليلة وما بين هذه العلوم المسيطرة على العقل الأوروبي. لقد قمت بإجراء استفتاء في الجامعة في أوروبا
للطلبة: كم منكم مؤمن بنظرية داروين في التطور والارتقاء؟ خمسة وتسعون في المائة مؤمنون بنظرية داروين ومعتقدون أنها الحق. كم منكم في شهر نيسان سبعة وتسعون، وكم منكم يؤيد فرويد في الذي ذهب إليه وفرويد مضحك للغاية. فرويد فريد حصل له في آخر الأيام أن كتبت عليه السكرتيرة. ونرجو للإخوان الشياطين وهم يشاهدونني الآن حتى لا يشوهوها ولا أي شيء على الموضوع. أنا عندي الكتاب انتبهوا فسأخرجه لكم. السكرتيرة خاصته كتبت عنه وأنه كان قد رجع عن حكاية فكرة. الجنس إلى أن المتحكم في الإنسان هو لعبة التنس، أتفهم؟ طبعاً عندما يسمع الناس هذا الكلام
يقولون: "فريد مجنون"، أو "فريد أحمق". هذا ما كُتب عنه، وهذا ما في المستندات. وظللت أتابع قصة سكرتيرته هذه حتى أحضرت الكتاب لأننا نتعامل مع... أشياء مثل ألعاب الأطفال يعني، فالعملية سهلة وميسرة ولكنها تحتاج إلى كفاءات اتصال، تحتاج إلى اطلاع، تحتاج إلى تنظيم لهذه الملفات الأربعة، تحتاج إلى تنظيم لهذه العلوم الأربعة، وأيضاً الفيزياء الحديثة والكم والفلك والجينوم وهذه الأشياء كلها، ثم بعد ذلك الطب محراب الإيمان أصلاً والكون محراب الإيمان وكل هذا. أمضي على أنه الذي وراء هذا الكون وسبب وجوده ليس حكيماً، ليس عليماً، ليس قديراً. يعني
الخلاف الذي بيننا وبينهم ليس في وجود الإله، بل في الصفات التي يتصف بها الإله. نحن نصفه بالصفات العلا كما أخبرنا سبحانه وتعالى، وهم لا يريدون لهذا السبب في إيجاد الكون والخلق أن يتحكم. فينا إذا لا إله ولا تكليف ولا يوم آخر، فماذا سينتج؟ سينتج أننا نفعل ما نريده. هذه هي القصة كلها، مردها إلى السلوك. حتى البر كما قال أن هذا كله يؤدي في النهاية إلى الإرهاب. إنه هكذا، فأنا الذي أفعل ما أريد، فيكون هذا. عش بشكل صحيح وانتبه بشكل صحيح. متى يكون ذلك؟ عندما تنتصر بالشكل الصحيح، عندما تنتصر فالذي سينتصر هو الذي تكسبه المعركة. أنا الأقوى، وفي النهاية هو الرجل. كما أن فكر نيتشه مبني على فكرة السوبرمان، صحيح، أي القوة المفرطة. كان
يكره النساء وكان يريد، يعني يتصور أن القوة هي مناط في المجتمع العربي المسلم والمسيحي يوجد تلاحم، وكيف يمكن الاستفادة من هذا التلاحم الذي يشكل في النهاية قوتنا الناعمة؟ كيف نستفيد منه من خلال الحوار مع الآخر؟ لقد أجرينا حوارات مع الغرب، وكان من ضمن هذه الحوارات رحلة لي ولأخي الأسقف منير حنا من الكنيسة الأسقفية. فلما ذهبنا إلى أيرلندا مرة، شرحنا لهم علاقة المسلمين بالمسيحيين عبر القرون كما هي عليه الآن، فتعجبوا جدًا أنه ليست هناك حرب أهلية بيننا طوال الأربعة عشر قرنًا. هل
تدرك أن بعض الجماعات التي هي غاضبة ومستاءة يقولون: "نحن هنا مُضطهَدون في ديننا منذ أربعة عشر قرنًا"؟ حسنًا، اهدأ. انتبه قليلاً، هل وقعت حرب أهلية منذ أربعة عشر قرناً؟ الإجابة: لا. هل حدثت هيجانات عامة وسالت الدماء حتى الركب؟ الإجابة: لا. كان الأيرلنديون - لأن لديهم حرباً بين الكاثوليك والبروتستانت استمرت مائة سنة حتى الآن وما زالت مستمرة - كانوا منبهرين جداً ولا يصدقون كيف يحدث هذا التعايش وكيف هذا مؤثر جداً، لقد قابلنا رئيسة الجمهورية في إيرلندا وما إلى ذلك. هذا أثّر جداً في نقل الصورة، فنحن نمتلك فعلاً قوى ناعمة، وهذه القوى الناعمة داخل مصر تحتاج إلى تنمية. ولذلك
هناك مشاريع بين المسلمين والمسيحيين في العمل معاً. صحيح أن كلمة "معاً" هذه تعني كمشروع "معاً" بحيث أنه... يُحدِث مشروعات حتى مشروعات اقتصادية، يُحدِث تنمية فتكون أساسها المواطنة وليس أساسها أي شيء آخر. اسمح لمولانا أن أستعرض بعض ردود السادة المشاهدين على سؤالنا على الفيسبوك: هل تعتقد بنجاح الحوار مع الغرب؟ الأستاذ هشام يقول: الحوار ينجح غالباً، ولكننا بحاجة إلى تطبيق أخلاق الإسلام ومفاهيمه بطريقة عملية من المسلمين. في الغرب لأن فعل ذلك يغنينا عن حوار لا فائدة له. الأستاذ أحمد يقول: بشرط الإجادة والإقناع بالأدلة الصحيحة والكلام المقنع. الأستاذ أحمد عادل يقول: اليمين المتشدد لا ينفع معه حوار. الأستاذة سحر أحمد
هاشم تقول: أعتقد، وبالذات إذا كان المحاور فضيلة مولانا أو من مدرسته. الأستاذ باسم يقول: الغرب. تربّى أصلاً على احترام الحوار والطرف الآخر فضيلة مولانا، وتعليقه على مجمل هذه التعليقات والمداخلات للسادة المشاهدين يلخص الحلقة. فقد قلنا إن الغرب كله ليس واحداً، نعم قلنا إن هناك يميناً ونازيين، وهناك من هو ضد، وهناك من لا يطيقني، وهناك من يطيقني، وهناك منصف يا مولانا، وهناك منصف قطعاً. وهذا مهم جداً، يعني أريد أن أطمئن أن هناك منصفين. اسمح لي أن أخبرك بشيء، كانوا يعلموننا مقتضيات الإعلام في بداياتنا في شبابنا عبد القادر حاتم رحمه الله، وكان وزير الإعلام، نعم، وصنع الإعلام في فترة مهمة، فكان يقول لك حقائق موجودة في الكون هكذا أن ثمانين في...
مائة بالمائة من الجمهور لا رأي له، ثمانون بالمائة وعشرة معك وعشرة ضدك. طبعاً هذه النسبة العشرة معك وعشرة ضدك هي بالإجمال هكذا، لكن يمكن أن تكون خمسة عشر معك وخمسة ضدك، ويمكن أن تكون خمسة عشر ضدك وخمسة معك، لكنها تقسيمة هكذا، تقسيمة أغلبية ثمانين لا رأي له وأن الجماهيري مهمته أنه يجعل معك الثمانين تترجم بـ "هنا" والهدف أن تجعل الثمانين معك. فعندما تجعل الثمانين معك وأنت معك عشرة يصبحون تسعين، خلاص، ربِّ لك الحمد. ولو أصبحوا خمسة وتسعين فهذا يعني أنك نجحت نجاحاً كبيراً وصنعت الرأي العام وكوّنت الرأي العام. والآن لا، الرأي العام يتكون من... سبعين من سبعين من سبعين. هل تنتبه؟ ما زاد على ذلك يكون ماذا؟ الذي
زاد على ذلك يكون دخلنا. نحن عندنا شيء اسمه الرأي العام، هذا جاء مبنياً على ماذا؟ على فكرة الظن. إذا ظُنَّ أن الشعب معك لو حصل على سبعين في المائة، فأنا أظن وسأقول هكذا. وأنا صادق، أظن أن الشعب معي. حسناً، إذا بلغت النسبة ثمانين وتسعين، فالظن غالب. خلاص، أتعلم ما يقال في هذا الموضوع؟ يقوم شخص ويقول له شيئاً، ويقوم آخر ويقول له شيئاً، حتى يصل إلى الاطمئنان. الذي هو ماذا؟ ثمانين وتسعين وهكذا. لذلك الطالب عندما يحصل على درجة في هذه ثمانون في المئة، فلنقل عليه جيد جداً، خمسة وثمانون جيد جداً، تسعون يكون امتيازاً، وهكذا. فالأمور تتفاوت، ولكن مع هذا التفاوت
هي في اتجاه العلو. عندما تكون لديك ثمانون، فإذا أصبحت تسعين، ربي لك الحمد يعني أنت مطمئن من السبعين، وهذا الاطمئنان يبدأ من خمسة وسبعين وهكذا. إلى آخره، ولذلك الرجل المارشال دي جول كان سياسياً من الدرجة الأولى وفاهماً لهذه الأمور كلها. فالمارشال دي جول هذا نزل بنفسه في الانتخابات فحصل على ستين بالمئة وقال: "لا، ننتخب مرة ثانية". وهكذا مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة وأصحاب الفضيلة كبار العلماء بالأزهر، شكر الله لكم، ودائماً نلتقي الحلقة. دمتم في رعاية
الله وأمنه. إلى اللقاء.