والله أعلم | د. علي جمعة يوضح حقيقة الدين في الإسلام واعترافه بالأديان الأخرى | الحلقة الكاملة

أهلاً بحضراتكم في حلقة جديدة من برنامج والله أعلم لنسعد بصحبة صاحب الفضيلة مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ومعلوم بالضرورة أن إسلامنا الجميل صالح ومُصلِح لكل زمان ومكان، وبه ما يضمن التجديد والتجدد والاستمرار، شريطة أن يكون هناك العالم الرباني صاحب العقلية الفارقة. والتوفيق الإلهي المصلح المجدد، لذلك كان لزاماً علينا ونحن نلتقي بعالمنا المجدد المصلح الأستاذ الدكتور علي جمعة، لنسأله عن رؤيته
ومنهجه في الإصلاح والتجديد. مولانا الإمام، أهلاً بفضيلتكم. أهلاً ومرحباً بكم. اسمح لي وأنا أسير ما بين اتساع علمكم وموسوعية معرفتكم، أن أقف عند الملامح الأساسية لهذه الرؤية وأبدأ بـ... أود أن أسأل عن مفهوم الدين، واسمح لي أن أستعير جملة لخالد محمد خالد من "هنا نبدأ". بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. عندما نزل جبريل عليه السلام ليعلم الناس أمر دينهم، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربعة أشياء. سأله أولاً عن الإسلام ثم عن الإيمان ثم عن الإحسان ثم عن الساعة، وهذه الأشياء الأربعة إذا أردنا عرض دين للناس فإنها هي
الأشياء الأربعة التي ينبغي أن يفهمها الناس حتى يقبلوا أو يرفضوا الدين. وقد حذرنا الله من رفض الدين واعتبر هذا موجباً للعقاب وموجباً أيضاً للتعاسة والمتاهات في الدنيا. لكنه موجب للعقاب أيضاً في الآخرة، فإذا أردنا أن نسأل عن ماهية ديننا، ديننا عندما نتأمل في هذا الحديث وفي غيره وفي مصادر هذا الدين الكتاب والنبي صلى الله عليه وسلم الذي ترك لنا سنة مشرفة وسيرة مباركة، لو أننا جئنا إلى مصدر هذا الدين، أول شيء أن جبريل يسأل. إذا كان النبي،
فلا بد أن نأخذ ديننا من النبي وليس من أهوائنا ولا من رغباتنا. قد يكون لكل واحد منا هوى ورغبة وإرادة، لكن ليس هذا هو الدين. فيشيع الآن في البنات أن تقول لك: أنا أريد أن أخلع الحجاب، هذا إن كانت ترتديه أصلاً. حسناً، ولكن هذا... ليس الدين قضية ثانية أنت تريدها، ولكن عندما جاء جبريل لم يجلس ليسأل سيدنا أبا بكر ولا سيدنا عمر ولا سيدنا علي، بل سأل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يسأل أحداً آخر، وكان بعد كل سؤال يقول: "صدقت"، يصدق النبي. قال عمر: "فعجبنا كيف يسأله ويصدقه"، فإذا... لو تأملنا هذا الحديث وغيره
وتأملنا الكتاب والسنة لوجدنا أن هذا الدين يحاول أن ينظم أو هو ينظم فعلاً، ولكننا نحاول تطبيقه في حياتنا، العلاقة بين الإنسان وربه، والعلاقة بين الإنسان ونفسه، والعلاقة بين الإنسان وكونه. إنها ثلاث علاقات محورها الإنسان، وهذا ما ذكره شيخنا رحمه الله الدكتور محمد. عندما ألّف غلاب كتابه الماتع "أؤمن بالإنسان، أؤمن بالإنسان، بالإنسان"، لأنه الإنسان هو الأساس الذي ستجري عليه أحوال الدين. أليس عنواناً صادماً بعض الشيء إلى حد ما؟ نعم، صادم إذا صدر من غير مؤمن، أما وقد صدر من
أحد علماء المسلمين الكبار، نعم، الدكتور محمد غلاب الذي كان أستاذاً في أصول. كان علم الدين شيخاً من المشايخ الذين تعلموا أيضاً في أوروبا، وكان يفهم كيف يخاطب هذا الإنسان بذلك الدين. فما هو المحور؟ المحور هو الإنسان. ماذا سنفعل به إذن؟ سنحثه ونقول له: أيها الإنسان، اعبد ربك. هذه هي العلاقة التي بيني وبين الله، أساسها العبادة. هذه هي الرؤية التي تسأل عنها. تقول لي كيف ترى الدين؟ أنا أراه هكذا: تعلمناه وفهمناه وعشناه. وضع دائرة حول كلمة "عشناه" هذه. لماذا عشناه؟ ليس لماذا، بل نحن عشناه فأحببناه.
يعني ليس لماذا عشناه، بل عشناه، هذا هو الواقع الذي حدث. ضع عليه دائرة فقط للأهمية. نعم، هذه هي المفتوحة لغاية الأهمية، نعم لأننا... ليس فقط تلقيناه كعادة، بل فهمناه، وليس فقط فهمناه وصدقناه هكذا على اعتبار أنه لا يوجد مانع، بل عشناها حياةً. ولذلك العلاقة بيني وبين ربي أساسها العبادة، قال تعالى في هذا الشأن: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون". حسناً، والعلاقة بيني وبين نفسي التزكية، قد... قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا، فَأَرْوَاحُنَا دَاخِلَةٌ فِي هَذِهِ التَّزْكِيَةِ وَظَلَلْنَا نَتَتَبَّعُهَا، وَبَدَأْنَا نَخْتَرِعُ أَلْفَاظًا تُعَبِّرُ
عَنْ مُرَادِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ. وَالدِّينُ الشَّرِيفُ يَقُولُ لَكَ: نَقِّ قَلْبَكَ مِنَ القَبِيحِ، وَامْلَأْ قَلْبَكَ بِالصَّحِيحِ. فَالتَّخْلِيَةُ وَالتَّحْلِيَةُ تُحْدِثُ التَّجْلِيَةَ، فَالتَّخَلِّي وَالتَّحَلِّي يُحْدِثُ التَّجَلِّي. وَبَعْدَ ذَلِكَ نَرَى مَا هُوَ التَّجَلِّي، وَمِمَّا نُخَلِّيهَا. فرأينا الصفات المذمومة لكي نطردها من قلوبنا، كيف نفعل ذلك؟ بالتربية والتعليم والتدريب. إذاً هي منظومة العلم التي تدخل هنا، وهنا يأتي كل ما نسير هكذا أستاذ حسن، كلما انبهرنا بالقرآن آتي، وبعد أن أفهم بمفردي هكذا، ثم يوقظني ربي بقوله: "إنما يخشى الله من عباده العلماء"، ما هذا! الله.. إن العلماء
هم أصحاب الفكر المستنير. ماذا يعني مستنير؟ يعني أنهم يعرفون أن هناك إلهاً لهذا الكون، لأن هناك فكراً سطحياً الذي أرى به ملامح الكون، وهناك فكر عميق بالمجهر أو التلسكوب أو الميكروسكوب، فأرى الخلية وأرى الكائنات العليا، لكن هناك فكر مستنير وهو الذي يقول سبحان الله الله. هذه هذه مثل هذه مثل هذه سبحان الله هذا هذه مثل هذه مثل هذه إلى أن يقول وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد. بيني وبين الله عَلاقتها العبادة، حسناً، وبيني وبين نفسي علاقتها التزكية. إذن أصبح لدينا كلمتان: العبادة والتزكية. قد أفلح من زكاها وقد. خاب من دسّاها وبعد ذلك نذهب، حسناً، وبيني
وبين هذه الأكوان وجدت ربنا في صورة "وهو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها". فقلت: إذن هي العمارة، نعم العمارة، العمارة التي فيها هذه المحادثة الرائقة. حتى الملائكة يسألون "إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك". ونقدس لك، قال إني أعلم ما لا تعلمون، وعلَّم الله آدم العلم. كيف جاء؟ رآه هو العلم الذي هو منظومة التربية والمعلومات والتدريب. أظهره، أترى كيف؟ قال: يا آدم، انظر إلى التدريب الآن، أنبئهم بأسمائهم. أترى؟ يعني يدربه على أن يستطيع. إذاً، فالقضية هي أن... هناك علاقة بيني وبين
الكون، هذه العلاقة هي علاقة العمران. يوجد عندي علاقة العبادة والتزكية والعمران. العبادة بيني وبين ربي، والتزكية بيني وبين نفسي، والعمران بيني وبين الأكوان. هكذا أنا، أنا أفهم الدين هكذا. نعم، عندما يكون بينك وبين ربك يقول لك: أقم الصلاة، وآتِ الزكاة، وصم رمضان، وحج البيت، الله الله. الله الله، هذا بينك وبين ربك عندما يكون بينك وبين نفسك، يقول لك أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. عندما يكون هناك بينك وبين الكون الخاص بك - انتبه - العِمارة، وهذه العِمارة ستشمل ثلاث أو أربع أشياء، لأنني عندما أذهب إلى الكون أجد عالم الأشياء. في أشياء أمامي، فربنا
يقول: "ولا تعثوا في الأرض مفسدين"، يعني لا تدمرها، ولا تستغل البيئة أسوأ استغلال. فالنبي أمرنا بالاقتصاد في الماء حتى لو كان على باب بيتك نهر جارٍ، نهر يجري، كذلك أيضاً كن حسناً في الوضوء، توضأ بقدر حاجتك. لا تسرف، لا تسرف. عندما أصطدم بالقرآن وأنا سائر هكذا غير منتبه، ثم أجد آية "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا"، وبعد ذلك أجد قاعدة عامة أنه "لا يحب المسرفين". ما هذا! الله الله الله الله! هذه قاعدة نستطيع أن نجعلها مبدأً عاماً للتعامل في العمارة، عمارة الأرض عندما آتي. أرى موقف الإسلام من البيئة أو موقف الإسلام من الحيوان أو موقف الإسلام
من عالم الأشخاص. عالم الأشخاص هنا الآن، الله! هؤلاء الأشخاص قد أمرني الله سبحانه وتعالى أن أرحمهم، ويقول ماذا؟ "الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى"، "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء". هكذا يقول سيدنا. صلى الله عليه وسلم وليس هكذا فحسب، فيجعلها الناس الذين فهموا الدين أول حديث، فيُسمى بحديث الأولية، نعم حديث الأولية، يعني أول شيء سيقوله الشيخ هو هذا، هو هذا الحديث. وعندما نأتي لنعلمه للطلاب، يقوم طالب فيسأل: ما هو الدين بإيجاز يا مولانا؟ فنقول له: نعم، اجلس. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء". بسكون الميم
"يرحمكم" ومن في السماء بضم الميم، روايتان. "يرحمكم من في السماء" يعني يدعو لكم. "يرحمكم من في السماء" يقول لك: ستَرحَم وإلا فربنا لن يرحمك، الذي هو من لا. يرحم لا يرحم، والثاني يا ربِّ ارحمهم. يا شيخ لكي يوفيك الله وترحم الذين في الأرض، تخلَّقوا بأخلاق الله. فقادي ناجي، هذا حديث الأولية وهذا هو الأساس الذي بيني وبين الخلق. خلق من؟ المسلمين. لن آتي لأبحث في الدين. "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في..." دين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم، الله، نعم هذا كل الخلق يعني، وانتبه حتى قال الشبرخيطي وهو يشرح حديث "أن تحب لأخيك ما تحبه لنفسك" قال: والأخوة هنا عامة في
سائر البشر، أخي في الإنسانية. نرى سيدنا علي وهو يرسل أحد تلاميذه إلى مصر هو... لم يصل إلى مصر، المسكين مات قبل أن يصل، ولكن خطابه وصل، وبعد ذلك يقول فيه إنك عندما تأتي إلى مصر فستجد فيها أحد صنفين: نعم، إما أخ لك في الخلق والإنسانية، وإما أخ لك في الدين. هذه هي الصورة العامة. فلنحفظ إذن ونعرف أن هذا الحديث يمنحني ثلاث علاقات. العبادة بيني وبين الله، والتزكية بيني وبين نفسي، والعمارة بيني وبين الأكوان سواءً من عالم الأشياء أو من عالم
الأشخاص. لذلك ستكون دعوتنا دائماً: الوعي قبل السعي. افصل معنا دائماً. أهلاً بحضراتكم مولانا الإمام، ما معنى الآية الكريمة "إن الدين عند الله الإسلام"، وهل معنى ذلك أن الإسلام جاء لينفي؟ ما قبله من الأديان لا، إن الدين عند الله الإسلام. يعني كل دين أرسله الله سبحانه وتعالى من لدن آدم إلى خاتم النبيين محمد كان من مشكاة واحدة، كان من عند الله، كان اسمه الإسلام، كان أساسه هذه الثلاثة، هي مقصد ربنا سبحانه وتعالى من خلق هذا الكون، أن... يعبد وأن نعمر
الأرض في ابتلاء واختبار وامتحان يُمتحن فيه، وأن نزكي النفس. هذه الثلاثة الموجودة عند آدم، أول ما كان آدم، فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه. ما هي هذه الكلمات؟ هذه الكلمات هي الثلاثة المذكورة. سورة الإخلاص تعادل ثلث القرآن، وما هو ثلث القرآن؟ هي هذه الثلاثة. القرآن يتحدث... على كيفية عبادة الله بالإجمال والتفصيل، مرة بالإجمال مثل "أقم الصلاة"، ومرة بالتفصيل مثل أحكام الصيام وأحكام الحج، تجدها. وكيفية تزكية النفس، ثلاثة أشياء: القرآن، وأكثره في الأخلاق، وكيفية تعمير هذا الكون بمبادئ عامة منها "لا تزر وازرة وزر أخرى".
انظر كيف يعمل هذا المبدأ، نعم، مبادئ عامة تُطبَّق في كل العلوم. والمعارف وفي كل أحوالنا التي نواجهها، عفا الله عما سلف. انظر إلى المبدأ، أي ما معنى أن يبدأ صفحة جديدة؟ لأنه لو استمررت في المحاسبة فلن ننتهي أبداً. هذا ما فعله النبي عندما دخل مكة، حيث قال لهم: "اذهبوا فأنتم الطلقاء". صفحة جديدة. وماذا عن المظالم التي حدثت والمصائب التي وقعت والدماء التي سُفكت؟ كل هذه الأمور، الكل ربا. الجاهلية تحت قدمي، هذا دسنا عليه، خلاص. ونعم، حسناً، أين الانتقام والقصاص وما إلى ذلك؟ أتريد أن تبني أم تريد أن تنتقم؟ أريد أن أبني. إذاً انظر واعمل. فالنبي عليه الصلاة والسلام علّمنا كل هذه الأمور، وانظر كيف يلخصها ربنا في كلمة واحدة، يقول لك: "عفا
الله عما سلف"، "إلا ما قد سلف"، انتهى الأمر. ما مضى قد انتهى، فابدأ من جديد، وهذا ما يتخذه أباطرة القانون في العالم بعد اكتشافهم له كسنة كونية إلهية، فيقولون بعدم الأثر الرجعي للقانون. فإذا صدر القانون اليوم، فماذا عن الأمس؟ انتهى الأمر، عفا الله عما سلف. انظر كيف أنه دائماً عفا الله عما سلف، إلا ما قد سلف. عصره له الأوامر الخاصة به، له أحوال، فأريد أن أقول لحضرتك أن هذه الثلاثة موجودة في الحديث وموجودة هكذا أن الدين عند الله الإسلام، ماذا يعني ذلك؟ يعني هو هذا الدين الذي هو العلاقة بينك وبين الله وما بناها العبادة، والعلاقة بينك وبين نفسك وما بناها التزكية، والعلاقة بينك وبين الكون وما بناها. العمارة هذا الكلام تجده عند آدم
وتجده عند إبراهيم ونوح وعيسى وموسى وأيوب، تجده جميعه نبياً من عند الله سبحانه وتعالى. هذا النجاشي عندما جاء وسمع سيدنا جعفر الطيار قال له: قل لي هكذا، يعني ماذا عندكم؟ فتكلم جعفر وعرض عليه ما لديه، فقال: والله ما بين هذا وما جاء به المسيح. إلا هذا الخط يعني والله إنه هو يخرج من مشكلة واحدة. هذا كلام النجاشي، لا، كلام النجاشي بينه خط. خطط خطاً هكذا، والله إنه لا يوجد فرق. يعني يريد أن يقول بلغة العصر الحديث هذه، حتى يُفهم كلامه ويوجهني لعمله واحدة، نعم، يعني لا يوجد أي خلاف، لكن
ورق بن... عندما نزل الوحي وذهبت خديجة لتستفتي ورقة بن نوفل عن الحالة التي عند محمد وما جاء إليه، قال له: "أخبرني ما الذي جاءك". فأخبره، فقال ورقة: "والله إن هذا والناموس الذي نزل على موسى قد خرجا من مشكاة واحدة". إذاً هذا الكلام هو لورقة بن نوفل، أي أن ورقة قال نفس الكلام الذي... قال له النجاشي: هذا في مكة وهذا في الحبشة، هذا في أول الهجرة وهذا بعد ثماني سنين أو نحو ذلك. من هذا في أول ليس الهجرة بل أول البعثة، وهذا بعد خمس أو ست أو سبع سنين، فإذا كانت هذه حقيقة، فهذه حقيقة. كان في الماضي شخصٌ جلب تسع صور من القرآن على... قد تواضعوا أي وقال: حسناً، أين هذه الأمور في التوراة؟
فأصبح يعمل مقارنات إيذائية، "هذا هكذا في القرآن، انظروا كيف هو في التوراة أو في الإنجيل". إذاً، القضية أنها ليست كتاباً واحداً، نعم نحن نقول إنه ليس كتاباً واحداً، فإن الدين عند الله الإسلام معناه هكذا أن... الإسلام عندما جاء اعترف بكل الأديان وجميع الأنبياء، وجعل الإيمان بهم جزءًا من الإيمان. أتلاحظ "الذين يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله"، فالرسل هنا ركن من أركان الإيمان "لا نفرق بين أحد من رسله، لا نفرق بين أحد من رسله، وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير". إذن عندما... يذكر إمام عيسى المسيح أي يحدث
لي خشوع وخضوع، يا سيدنا المسيح، مؤمن به أم غير مؤمن به. لكن الناس تعجبوا من الإمام الغزالي أنه ضمّن كتاب "إحياء علوم الدين" ما ورد عن سيدنا المسيح في أخلاقه وفي تعاملاته وفي فهمه للكون وفهمه للناس وطريقته ومواقف سيدنا المسيح عليه وعلى... نبينا صلى الله عليه وسلم إذن، فنحن مؤمنون بكل الأنبياء، وهذا يدل على أن الدين عند الله الإسلام. الدين الذي نزل على آدم تطور، فـ "لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا". في عهد آدم، كانت حواء تحمل كل سنة في اثنين، ويولد ذكر وأنثى، لكي يعمر
ربنا الأرض. فالبطن الأولى ذكر وأنثى، والبطن الثانية... ذكر وأنثى من قوم يحرم على الولد أن يتزوج توأمه الأنثى، ويحرم على البنت أن تتزوج توأمها، لكن لا يحرم على الولد هذا أن يتزوج أخته من بطن أخرى. هذا مثل الذي حدث بين ابني آدم، وكان من نتيجته أن واحداً منهما قتل الآخر. يقولون إن الذي قُتل هو هابيل. والذي قتل قليلاً وشيئاً كيف هكذا، هذا طبعاً مأخوذ من كتب السابقين. لكن في النهاية أنه توجد شريعة لكنها شريعة غير شريعة موسى وشريعة غير شريعة عيسى، وشريعة أم موسى يوكاندا أو يوخانده (يوكانده) هذه عمته، عمران أبوه، فيصبح
جائزاً للرجل أن يتزوج عمته، نعم، قبل الشريعة اليهودية التي لم تكن قد ظهرت بعد. الشريعة اليهودية جاءت على يد ابنهم موسى، أي أن هناك تطوراً في العقلية الإنسانية، وتطوراً في مرحلة المسيرة الإنسانية. الأديان توجد صحيحة إذا جاز لي السؤال هكذا، لا بأس، ولكننا لا نستعمل هذه الألفاظ لأنها ألفاظ غير دقيقة، نعم، لأنه ليس دائماً حدث تطور، بل هناك تدهور أيضاً. بالتطور لكن لا توجد مدارس دقيقة أدق من ذلك أنه حصل تطور وتدهور، تطور وتدهور. وتدهور أيضاً، فكم حصل من تدهور، ومن جراء هذا التدهور عبد الناس الأوثان. هذا من التدهور، ولكن ما هو في الأصل كان كلام نبي، ثم تدهورت الحال إلى أن جعلوا الملائكة آلهة
في الخرافات اليونانية. فإذاً نحن أي أنه لم يكن دائماً تطوراً، فقد كان أيضاً تطوراً، كان هناك تطور صحيح وكان هناك أيضاً تطور، ويجب علينا أن نفهم هذه النقطة، فمصطلحاتنا أدق قليلاً في توصيف الحالة طبقاً لما تراكم عندنا من معلومات أن الدين عند الله الإسلام، نستطيع أن نقول عنه أن الإسلام قد استوعب كل الأديان. وكل الأنبياء وكل الكتب وجعل حتى أهل الكتاب متميزين عن غيرهم ممن اشتد انحرافهم إلى أن وصلوا إلى الإلحاد أو إلى الوثنية أو ما إلى ذلك. لماذا؟ لأن أهل الكتاب هؤلاء مؤمنون باليوم الآخر ومؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، فيكون النزاع
فقط في محمد، قال: حسناً، إذن ما... ليس هناك فرق كبير، يجب أن نفرق بينهما؛ وهي فكرة الخلاص وفكرة التعايش. أتاح لنا الإسلام أن نتعايش، انتبه، حتى لو كان خلاصنا يختلف عن خلاص المسيحي أو اليهودي أو الهندوسي أو البوذي أو المجوسي، فهو يرى وجهة نظر أخرى ليخلص. مع الله سبحانه وتعالى أو عند الله، ولكن لديّ خلاصي في محمد صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام. لا آتي وأقول إننا جميعاً يجب أن نكون واحداً ونلغي هذه المسألة، لا، فإنه "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد
من الغي"، فلا يوجد إكراه في الدين بمعنى... لا إكراه في قضية الخلاص، كل شخص يعتقد ما يعتقده. يأتيني أحدهم ويقول لي: أنا لست مؤمناً بمحمد، أنا مؤمن بالله نعم، وباليوم الآخر نعم، وبالجنة والنار نعم، وبأمور أخرى، لكن يا أخي لست مؤمناً بمحمد. يا أخي هل تنتبه؟ أو مؤمن بمحمد ولكن مؤمن بأشياء أخرى ليست التي... أنت مؤمن بها أو مؤمن بمحمد للعرب فقط، هو نبي وكل شيء في أمانة الله لكن للعرب فقط. أقول له هذا ليس خلاصي. نعم، أنت هكذا لست مسلماً. ولذلك عندما جاءت وظهرت البهائية، فسألوا: "ما هذه البهائية؟" قلنا لهم: "ليسوا مسلمين". فالبهائية استغلت هذه الكلمة "ليسوا مسلمين" وذهبت.
رفع قضية يا جماعة، طيب هذا ما نحن لسنا مسلمين، أعطونا أننا بهائيون في البطاقة. قال لهم: لكنكم غير معترف بكم إدارياً. انظر، انظر، انظر، هذا الكلام ليس له علاقة بالديانة. البهائي ليس مسلماً وهو لا يريد أن يكون مسلماً. البهائي هو لا يريد أن يكون مسلماً، هذا هكذا يكون. سأكره يعني أولاً هو الآية قال له: أنت مؤمن بمحمد أم لا؟ قال له: نعم أنا مؤمن بمحمد. قال له: تكون اسمك إدارياً مسلم. يوجد هنا فرق بين الإدارة وبين الديانة. الديانة التي تخلص بها يوم القيامة. كلام البهائية هذا مرفوض، نرفضه نحن كمسلمين، لا يوجد فيه الخلاص عندنا. لكن إدارياً، عليك أن تذهب إلى المحكمة الإدارية العليا. تذهب إلى المحكمة فيقولون لك: "لا يا عزيزي،
ليس لدي إلا ثلاثة خيارات: إما يهودي أو مسيحي أو مسلم". والمسيحي يريد أن يثبت أنه مسيحي بروتستانتي وليس كاثوليكي ولا أرثوذكسي، فيقولون له: "لن أثبت لك ذلك". وكذلك المسلم يريد أن يقول عن نفسه أنه سني أو شيعي أو مالكي. أو خلوتي أو شاذ لا ترضى الإدارة أن ترفض، لماذا؟ لأنه ليس دعوياً. أنت مؤمن بموسى، اسمك يهودي، لست أدري إن كان انتشارياً أو شنخاه أو ما شابه. ليس لي تدخل في هذه الشؤون. والآخرون، سواء كانوا بروتستانتيين أو كاثوليكيين، ليس لي تدخل فيهم. الأمر الثالث: أي سؤال آخر؟ هل لي تدخل إدارياً؟ نعم إدارياً. ولذلك فشل البهائيون في... الحصول على هذا الاستقلال لأنه إداري. الناس يجب أن تفهم أنه ليس نوعاً من أنواع الضغط عليهم
أو أننا نتدخل في خلاصهم. هم أحرار. افترض أن شخصاً ملحداً لكنه من أبناء المسلمين سيُكتب في بطاقته مسلم وهو ملحد، ماذا أفعل به؟ أأقول له أنت لست مسلماً؟ وهو اسمه محمد أو محمود أو أحمد، يعني من أسماء أبناء المسلمين، لكنه ليس مسلماً بهذا الشكل، لأنه يقول: "أنا يا إخواني لست مؤمناً بخلاصكم هذا، أنتم مؤمنون بالله وبمحمد وبالقرآن وبكذا، أنا لست مؤمناً، نعم، لكنني مستعد إدارياً، هذه مسألة أخرى، الإدارة شيء والخلاص شيء آخر". ثانيًا وهذا هو أحد أن الدين عند الله الإسلام، هذه الثلاثة هي التي سيُبنى عليها كل ما ذكرنا. [فاصل] ونعود إليكم، ابقوا معنا. أهلًا
بحضراتكم مولانا الإمام، الإسلام كيف ينظر إلى الأديان غير الإبراهيمية؟ طبعًا نحن لدينا على فكرة موسوعة للأديان والمذاهب الأخلاقية ألّفها الغربيون بعد المرحلة الاستعمارية يعني. شارفت على الانتهاء وصدرت هذه الموسوعة في سنة ألف وتسعمائة واثني عشر باللغة الإنجليزية. الموسوعة قدمت لنا اسمها "موسوعة الأديان والمذاهب الأخلاقية". هذه الموسوعة قدمت لنا خمسة آلاف دين على وجه الأرض. فالأديان الإبراهيمية تتمتع بعدد ضخم، يعني الكاثوليك
اليوم ربما وصل عددهم إلى اثنين مليار، والمسلمون فيها داخلون على... مليار وسبع من عشرة اليهود، يعني ربما يوجد الآن سبعون أو ثمانون مليوناً، أو ربما مائة مليون، الله أعلم. المهم أنك عندما ترى الأرض وهي الآن قريبة من السبعة مليارات، منهم أربعة مليارات يتبعون ديانات إبراهيمية، تعلم أن هناك ثلاثة مليارات يتبعون ديانات غير إبراهيمية، ثلاثة مليارات من سبعة، أي ما يقارب... من نصف نصف البشر هندوس وطاويون وشنتويون وبوذيون ومجوس، وماذا تعني ملل ونحل؟
ملل ونحل، هناك طائفة في الهند اسمها الجاينية. هؤلاء الجاينيون، لقد رأيتهم، فماذا يعبدون؟ هؤلاء الجاينيون يعبدون الفأر. هل تنتبه؟ كيف يوجد أناس في أفريقيا يعبدون الديك، ويوجد أناس في الصين يعبدون الديك والقرد. وهكذا وإلى الآن، يعني التركيبة في ماليزيا أنها ستون في المائة تقريباً أو أقل بقليل مسلمون، وأربعون أو ثلاثون في المائة أيضاً صينيون، يعني قوم تجد لديهم معابد هناك ما زالوا يقدسون الآلهة حتى الآن، هذا إلى وقتنا الحاضر، أنا رأيتها بعيني وذهبنا وزرنا وفعلنا وشاهدنا. وكذلك إلى
آخره لأجل الناس الذين ونحن نقول إن التماثيل المعبودة يقول لك وما زال هناك من يعبد تماثيل، نعم ما زال هناك من يعبد تماثيل إلى أيامنا هذه. فلا يوجد شيء اسمه هكذا، نحن نضع القاعدة ونحذر الناس من الوثنية أو من الحلول، من الاتحاد، من هذه العقائد لأنها في... الحقيقة أن الذين يعبدون الديك أو الطوطم في أفريقيا هم في غاية التخلف حتى التخلف العمراني، وكانوا أحط الناس لكنهم لم يعودوا موجودين الآن لأنهم ماتوا وانتهوا. انتهى سكان أستراليا الأصليون لأنه حتى لم يكن لديهم دين، حتى الدين ليس عندهم، ولذلك علماء الأنثروبولوجيا يقسمون
البدائية إلى ماذا هي. البدائية أن لا تكون لديك أدوات أو ألا يكون لديك كذا إلى آخره، فأحد المدارس قال ألا يكون لديك دين مثل ماذا؟ مثل تسمانيا في أستراليا أو مثل السكان الأصليين للأستراليين. آخر امرأة ماتت من تسمانيا عام ألف وثمانمائة وثلاثين لأن الرجل الأبيض أباد كما أباد الهنود. الحمر في أمريكا وأبقوا على مجموعة بسيطة هكذا لكي يستخدموهم في هوليوود. كذلك هناك إبادة، حضارتنا بريئة من إبادة الشعوب. مولانا الإمام يعني عدم وجود عقلية تُستَغل، أي أن هذه من الديانات لدرجة أن هذه الفصيلة تعبد الفأر وتلك تعبد الديك، يصاحبها تخلف أيضاً في مفاهيم العمارة وطريقة السير في الحياة. ليس دائماً،
ليس دائماً، يعني القضايا لا تكون هكذا. كانت أنديرا غاندي هندوسية وكانت تقف تناجي البقر المقدس لساعات في الجيتا وما شابه ذلك، وهي جالسة تقرأ أدعيتها ست أو سبع ساعات وهي رئيسة وزراء أكبر دولة متقدمة وغير ذلك إلى آخره. فليس بالضرورة أن هذا مع ذاك وهكذا إلى آخره هي. عقائد موروثة والهادي هو الله سبحانه وتعالى، ولكن أنت تسأل عن قضية أخرى، ليست قضية البحث في مقارنة الأديان وما إلى ذلك، إنما الأديان الآسيوية هذه التي نقول إنها خمسة آلاف دين، ستجد منها مثلاً ألف دين لم يعد موجوداً
الآن، والأعداد الضخمة هذه ناتجة من انتهاء الناطقين باللغات وكان. تحذر اليونسكو من موت اللغات، فكل واحد وعشرين يوماً تموت لغة. كيف تموت اللغة؟ وماذا يعني ذلك؟ يعني أن آخر شخص كان يتحدث بها قد مات. عندما بدأ القرن العشرون، كان هناك أكثر من ثلاثة آلاف وست مائة لغة، لكنها أخذت تقل تدريجياً بموت أصحابها، وهذا ما حدث بالفعل. ما هي عقيدته؟ ماتت بمعنى أن الدين الخاص به قد يكون انتهى لأنه كان آخر شخص يتدين بهذا الدين. الأديان كثيرة، لكن الأديان التي تشغل مساحة ضخمة جداً نرى أنها تنقسم
إلى قسمين: الأديان الإبراهيمية، وهذه لا توجد فيها مشكلة، وهم أهل كتاب ومنصوص عليهم وما إلى ذلك. وعندما أراد النبي أن يعلمنا كيفية التصرف مع الخلق... عندما جاء وقال: سألوه عن المجوس، ما هؤلاء إذن؟ قال: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب". لماذا؟ لأن لهم كتاباً. الصابئة في العراق لهم كتاب. هل هناك كتاب للهندوس؟ نعم، يوجد كتاب للهندوس اسمه "الفيدا". هل هناك كتاب للبوذيين؟ نعم، يوجد كتاب للبوذيين اسمه "إنجيل بوذا"، ولكن كثير جداً من مدارس... البوذية لأن البوذية نفسها انقسمت إلى كمبودية وإلى كثير جداً [من الفرق]. كثير من المنكرين لهذا الكتاب يقولون: "لا، ليس لدينا كتاب". تنقسم قلة
من الباحثين يقولون أن الطاوية مؤمنة بالله، [بينما] زعيم الطاوية يقول: "لا، نحن لسنا مؤمنين بالله ولا بأي شيء". هل أنت منتبه؟ كيف ومن الذي قال إننا مؤمنون بالله؟ بالطبع، عندما يأتي شخص ويقول هكذا، لن أقول له إلا أنه يجب عليه، والله، أنت مؤمن بالله لكنك لا تنتبه، فهو حر. حسناً، ماذا نفعل؟ ليس هناك خلاص غير التعايش. يعني هذه هي الإجابة على كيفية التعامل معهم. التعايش هذا شيء آخر تماماً. هل تنتبه كيف أن الشيخ يتعامل بحسن؟ رضي الله تعالى عنه ورحمه الله الذي كان زعيم ما يُسمى بجماعة التبليغ الذين يذهبون إلى القرى وما شابه للتبليغ والدعوة. الشيخ إن عام الحسن جاره من الهنود، وعندما يكون
شخص زعيماً لناس يتجاوز عددهم عشرين مليوناً من أتباع التبليغ هؤلاء في العالم، فهذا زعيمهم. رجلٌ ذو وجاهة، يعني شيخ، يعني شيخ قبيلة، يعني القبيلة ربما لا تتعدى الآلاف. من حسن جواره مع الهندوسي، الهندوسي هو الذي نقله إلى المستشفى، يحبه. هذا هو التعايش، هذا هو التعايش. هل هذا معناه أن عامل حسن كان يرى أن الخلاص في الهندوسية؟ أبداً. هل الهندوسي يرى أن الخلاص في... الإسلام حسن. ألم يكن أسلم؟ وهؤلاء أصحاب دعوة، أي أنهم يعرفون كيف يبلّغون، وكيف يُقدّمون أنفسهم، وكيف يعرضون دينهم، وأيضاً أخلاقهم تساعدهم. إنهم
أناس طيبون، طيبون لدرجة أن الناس أحبوهم. هم أناس محبوبون حتى لو اختلفت معهم في العقيدة. فعندما جاءت الأزمة للشيخ في البرلمان الهندوسي، لماذا؟ لأنه ضرب. لماذا ما نقوله خطأ؟ لماذا الجيرة الصالحة التي جعلت سيدنا صلى الله عليه وآله وسلم يرهن درعه عند يهودي مقابل بعض الشعير؟ الذين خرجوا هم أصحاب سياسة بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة وهذا الكلام. هؤلاء كانوا يمارسون السياسة، والذين خرجوا هم ساسة نقضوا العهد، لكن اليهود ما زالوا. إلى أن انتقل النبي ودرعه مرهونة عند يهودي، فهذا يعني أنهم كانوا موجودين هناك، وكان بينهم حسن جوار. نعم، وهذا الجوار
الحسن هو الذي ندعو إليه، وهو ما نطلق عليه التعايش، دون أن نتخلى قطعاً - لا من قريب ولا من بعيد - عما نؤمن به خلاصاً لنا أمام الله. سبحانه وتعالى يوم القيامة، هذا الكلام مطبق. الهندوسي عندهم يقول لك كتاب الفيدا وهو عشرة أبواب وما إلى ذلك، لا أعرف ماذا. والآخرون الذين لديهم الإنجيل، لكن عندما تذهب مثلاً إلى أتباع الشنتو، حتى هؤلاء الشنتو الذين هم اليابانيون، أغلب اليابانيين عندما تأتي وتسألهم وتقول له: "هل أنت مؤمن بالله؟" فيقول لك: "يعني سؤال". غريب لم يجب عليه، فتفضل تشرح له معنى الله وأنه خلق الأكوان وهكذا، فيقول لك: "أنا أعبد ثلاثة آلاف إله،
لأن هذا الكتكوت إله، وهذا الأسد إله، وهذا النمر إله، والثعبان إله، فأنا أعبد كل هذه الكائنات، أنا أحبها وأعبدها". ماذا ستفعل له إذن إن شاء الله؟ ماذا يعني التعايش؟ التعايش يعني حُسن الجوار، لأن هذا زبونك على فكرة. نعم، زبوني، نعم هذا زبوني. فأنت يُقال لك "أحبب لأخيك ما تحبه لنفسك"، وأنت تحب لنفسك الهداية أم الضلالة؟ الهداية. حسناً يا أخي، أحببتُ له الهداية، وأجلس أشرح له عندما يطلب الشرح بالطريقة المناسبة. الوقت المناسب لخلاصك، وإن الله سبحانه وتعالى أمرنا بالطهارة، وأمرنا بالصلة، وأمرنا بالعبادة، وأمرنا بالتخلية والتحلية، وأمرنا بالرحمة. وقال:
"بسم الله الرحمن الرحيم"، موافقة للحديث الأول "الراحمون يرحمهم الرحمن". فيصبح إذاً عندما نقدم هذا المثال العملي، فهو ربنا الهادي: "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء". يهدي من يشاء إلى ذلك الخلاص الذي تراه. هكذا العلمانية عندما دخلت قالت: حسناً، وهذه الدقة قد تُنشئ مشاكل، فلماذا لا نلغيها ويصبح هناك مواطنة فقط؟ إذاً أنا لن أذكره ولن أضرب له مثلاً ولن أفعل أي شيء، هو رجل وأنا رجل، وكل شخص يصلي [كما يشاء]. على النبي، إن العلمانية
التي حلت المشكلة، تلك المشكلة التي هي الصدام الذي هو ضد التعايش عندنا. حسناً، نحن قد حللناها بالتعايش. يعني ما خافت منه العلمانية قد حللته، والحل موجود لديك. ها هو الحل موجود، وأنا أعرضه أيضاً على العالمين وأقول لهم: يا إخواننا، العلمانية التي أتيتم بها كحل، حسناً. لكن لدي أيضًا حلًا آخر اسمه التعايش، وهذا التعايش مع البقاء على الخلاص. ما الفرق إذًا بيني وبين العلمانية؟ أن العلمانية ترى تنحية الخلاص وإبعاده، وأنا أرى الحفاظ على الخلاص. وكلانا نشترك في التعايش، فأنا أتعايش مع البقاء على الخلاص، كل طرف يبقى.
على خلاصه... على خلاصه... وهو يتعايش أيضًا لكن مع تنحية هذا الخلاص، أي كأنه أصبح مثل عفريت يريد أن يبتعد عنه ولا يذكره، لدرجة أنه يقول لك: ثلاثة أشياء ممنوع أن تسأل عنها: ما دينك؟ هل هذه الفتاة التي تسير معها زوجتك أم ليست زوجتك؟ ما حزبك السياسي؟ ثلاثة. هؤلاء من الإجرام في الثقافة الغربية، لماذا نُشِر من العلمانية أنّ هذه الأمور لا يُتدخل فيها لأنها أمور شخصية؟ مولانا اسمح لنا في الحلقات القادمة إن شاء الله، وسيستمر الحديث حول هذا المنهج لنصحح به هذه الدنيا. مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، شكر الله لكم. مولانا أهلاً وسهلاً بكم، دمتم في رعاية الله وأمنه إلى اللقاء.
.