والله أعلم | فضيلة الدكتورعلي جمعة يتحدث عن القصص القرآني وحكم التشكيك فيه | الحلقة الكاملة

والله أعلم | فضيلة الدكتورعلي جمعة يتحدث عن القصص القرآني وحكم التشكيك فيه | الحلقة الكاملة - والله أعلم
توكلنا عليك وإليك أنبنا وإليك المصير. أهلاً بكم في هذا اللقاء الذي يتجدد دائماً ودوماً مع صاحب الفضيلة مولانا الدكتور علي جمعة وعضو كبار العلماء في الأزهر الشريف، لنقرأ في منهجه الأصول عن مفهوم القصص القرآنية وما الذي يميز هذا القصص القرآني عن القصص الإنساني الشارد والوارد بيننا كثيراً. لماذا ساق الله سبحانه وتعالى هذا القصص في القرآن الكريم مولانا الإمام؟ أهلا بفضيلتكم، أهلا وسهلا بكم. مرحبا. سيدنا صلى الله عليه وسلم يقول فيه خبر
ما قبلكم عن القرآن الكريم ونبأ ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل. كيف نفهم مفهوم القصص القرآني في ضوء هذا الحديث؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. هذا الحديث أخرجه الإمام الترمذي من طريق الحارث الأعور عن سيدنا علي. وكان الحارث رضي الله تعالى عنه من أشد الملتصقين بعلي، ولذلك وجد من كثير من الناس توهينًا له، ولكن. صحح أحاديثه وكثير من الأئمة ولخص ذلك شيخنا الشيخ عبد العزيز الصديق في كتاب ما تنفي تصحيح ما ورد عن الحارث الأعور فلا يغتر طلبة العلم بتوهين بعضهم للحارث في هذا
الطريق فالحديث صحيح وهو من رواية علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه عن سيدنا رسول الله أنه كان هناك. اجتماعٌ في المسجد ودخل عليهم فوجدهم يتحدثون عن الفتن وكيف المخرج منها، فقال: المخرج منها كتاب الله، فيه خبر من قبلكم ونبأ من بعدكم، هو الجد وليس بالهزل، إلى آخره. فهذا السياق جاء في أن الكتاب الكريم هو مخرج للفتن، ولكن الكتاب له شروط، وأول شرط أنه هدى للمتقين الشرط. حتى اتقوا الله ويعلمكم الله، إذا كان الإنسان تقياً فإنه سيقرأ القرآن بعين تفيده وتفيد المجتمع والناس وتفيد الكون وعمارة هذا الكون.
أما إذا قرأه بطريقة تأباه أو تتعالى عليه أو تبحث عن تناقضات فيه متربصاً بنفسه فيتربص، فهو عليه معمى. هو نفس القرآن، الله سيغلق عليهم أبوابه لأنه. لا يحبه لأنه بالجد وليس بالهزل، الحكاية ليست هزلاً أن تجلس تلعب معه أو أنك... فكثير من الناس عندما يقرأ القصص القرآني لا يتعمق فيه من أجل أن يصل إلى حالة التدبر. "أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً". القصص القرآني ليست روايات. وليس سرداً تاريخياً، فالقصص القرآني يُراد أن نجعله حجة لبناء منظومة
فكرية عقلية سلوكية أخلاقية نافعة لحياة الإنسان. حتى يحيا الإنسان، إذا دخلنا إلى قصص القرآن من هذا الباب، تفتحت لنا الأبواب ووجدنا في كل حرف وفي كل حركة وسكون، ونحن نتخيل هذا، وجدنا شيئاً واسعاً في العلاقة بين الإنسان. وربه في العلاقة بين الإنسان ونفسه، وفي العلاقة بين الإنسان وكونه، وهي تلك العلاقات الثلاث التي اهتم بها الدين أساساً: "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن". هذا إنه بيننا، هذا كان هنا، نعم فإذاً هي الثلاث علاقات هذه في هذا الحديث يا مولانا. في هذا الحديث لكي ننتقد قراءة
هذا الحديث بهذا الطرح وبهذه الزاوية، إذاً فعندما نتأمل في القصص القرآني ينبغي علينا أن نتأمل فيه على مستويات. عندما أرى أن الملائكة أتوا إلى سيدنا إبراهيم، فسيدنا إبراهيم راغ يعني ذهب هكذا، هو أحضر فراغ فأتى بعجل حنيذ، يبقى إذاً أتأمل في هذا. الوضع أنهم غرباء لا يعرفهم ولا يعرفونه، لم يتحقق معهم إذا كانوا من المؤمنين أو من غير المؤمنين، إذا كانوا معه أو ضده، إذا كانوا من قوميته أو من ضيوف. إذاً، إكرام الضيف من الخلق العالي الذي يريدنا الله أن نحوله إلى برامج عمل في هذه الحياة الدنيا
وبعد ذلك. بعد أن تكلف وعمل عجلاً اليوم لكي نشتريه بثلاثين أو خمسة وثلاثين ألفاً، تخيل أنه ذبحه والعجل حنيذ. هذا هو العجل الحنيذ، وربما هو العجل الحنيذ يا مولانا. كلمة "حنيذ" تعني طرياً، أي أنه يزن أكثر من ستمائة وخمسين كيلوغراماً، إنه شيء عظيم. متينة وبعد أن فعل ذلك وأخذ يقدم لهم المشويات والمأكولات وما إلى ذلك، فوجد أيديهم لا تصل إليه، فأنكرهم وأحس منهم خوفاً. كيف له أن يحس منهم خوفاً؟ لأن هذه القصة تريد أن تخاطب الضيف أيضاً، وليس المضيف فقط. المضيف قام بواجبه وقدم الطعام، ولكن الضيف
الذي لا يريد. يأكل الطعام هذا لغير علة يكون قد جاء ليؤذيني. أوه، خذوا منها شيئاً أعمق من ذلك، وهو يا أخي أن بيننا عيش وملح، يا أخي نحن كنا عيشاً وملحاً. إذن ليس من الأخلاق الطيبة ما تفعله الجماعة الإرهابية بعدما كانوا في وسطنا وأكلوا طعامنا وشربوا شرابنا أن ينقلبوا علينا. علينا أن نواجه هذا الانقلاب باللسان والسنان، فهذه ليست أخلاقاً. لو أنهم تربوا على خلق القصص القرآني، لكان هناك وفاء. وهذا الوفاء وجدناه في مشايخنا عندما رأينا ما منَّ الله علينا به. نحن أدركنا مشايخ
وتعلمنا منهم، فوجدنا أخلاقاً أخرى. ماذا تعلمتم منهم؟ يعني مثلاً، أنا أعطيك مثالاً بسيطاً جداً: كيف تقرأ؟ القصص النبوي أو القصص القرآني في جانب الأنبياء، يعني من هذا الوفاء الذي كان للشيخ أحمد بن الصديق الغماري رأي هكذا. نعم، ما هذا الرأي الذي لم يوافقه عليه كثير من العلماء؟ أنه يجوز صلاة الجمعة خلف المذياع. قالها لمن؟ إلا للمجاهدين الجزائريين الذين كانوا يجاهدون الاحتلال. الفرنسي الغاشم في الجزائر فقالوا له ماذا نفعل؟ إننا نكون في الخنادق ونكون كذا إلى آخره ولا نعرف الروح المتصاعدة. قال صلوا خلف المذياع. الناس يعني العلماء لها شروط أخرى اختلفوا معه فكتب كتاب الإقناع في صحة
الصلاة خلف المذياع. فلما اختلف العلماء في ذلك وقف معه على سبيل يعني. النصرة الشيخ أحمد بورسي رحمه الله النقشبندي، فالشيخ أحمد بورسي عندما وقف معه زميل له أيضاً نقشبندي كان اسمه الشيخ أحمد حمادة، ألّف كتاباً ضد الإقناع، يعني الإمتاع في الرد على الإقناع، الإقناع في الصلاة خلف المذياع، نعم، فرد عليه بالإمتاع في الرد على الإقناع، وأصبحت مسألة علمية لطيفة سائرة. هل ينفع أم لا ينفع تماماً؟ وتوفي الشيخ أحمد الغماري رحمه الله سنة ألف وتسعمئة وستين، وكنت أنا مع الشيخ أحمد بورسي سنة ألف وتسعمئة وثمانين، أي بعد وفاته بعشرين سنة، والشيخ تجاوز الثمانين لأنه من أواخر القرن التاسع عشر، فجاء يوم
الجمعة وكنت أذهب لأصطحبه ونذهب إلى المسجد. نصلي فأذّن الأذان، قال لي: لا نصلي خلف المذياع صاحب الإمتاع. أتنتبه؟ لا، الذي هو شخص آخر، الذي هو المؤيد، الذي هو ليس الشيخ أحمد حمادة، إنه الشيخ أحمد مرسي. فنظرت إليه هكذا وقلت له: هل أنت مقتنع أن هذا يصلح؟ قال لي: والله، هل يوجد من الأدلة؟ شيء اسمه الوفاء، ليس أن نجلس ونتجادل مع بعضنا ونفعل كذا إلى آخره. هات الآن النابتة، لا يمكن أن يكون عندهم ولن يفهموا حتى كلامي الذي أقوله وفاءً للشيخ أحمد لأنه هو على قيد الحياة. أنا كنت بيده، فلو رجعت في رأيي بعدها، يعني فقط وفاءً له،
ممكن، فهو اجتهاد. ففكر لي بالإمام الشافعي عندما جاء ليصلي الفجر في مقام الإمام أبي حنيفة النعمان، ترك القنوت. فقالوا له: "لماذا تركت القنوت؟ أليس القنوت سنةً وعليه سجود سهو وكذا، وفيه أدلة وحديث أنس وغير حديث أنس وما شابه؟". قال: "استحييت وأنا في هذا المقام"، يعني وفاءً لأبي حنيفة، الله هذا. الوفاء الذي كانوا يعلِّمونه عملياً. أتلاحظ طبعاً أننا نزلنا وصلينا في المسجد لأنني قلت له: في القلب منها شيء، فلندع الأمر كما اتفقنا عليه. لكن هذا الوفاء الذي يُعلِّمه هو ما نريد أن نأخذه من قصص الأنبياء. هذا الوفاء العجيب الذي يظهر الاهتمام بالأسرة مثلاً، الاهتمام.
بالأسرة والذرية التي في قصة سيدنا زكريا، الصدق، الصبر، كل هذه الأمور التي أصبحت الآن شيئاً وكأنه خارج التاريخ، يريد الله أن يقول لنا أن هذا نظام أخلاقي منذ خلق الله الخلق وإلى يوم القيامة، وأنه لا تصلح إلا به حياة الناس، فيجب علينا أن نأخذ من هذا القصص ما. يُصلح به حياتنا بعد التدبر على مستويات
من العمق لا تتناهى. ما الذي يميز القصص القرآني؟ القصص القرآني يتحدث أولاً عن قضية الأنبياء، ومن الأنبياء نستفيد أشياء كثيرة جداً من جانب التشريع، ومن الجانب الأخلاقي، ومن جانب فقه الحياة، ومن جانب ما الذي يرضي الله وما الذي لا يرضيه. ما الذي يحبه الله وما الذي يكرهه حتى نتقارب مع ما يحب ونبتعد عما يكره، وهذا يتميز باسم قصص الأنبياء. والقسم
الثاني من القصص هو قصص أناس غير أنبياء، ولكن كانت في قصصهم عبرة، كقصص ذي القرنين، وقصص الخضر عليه السلام، والقصص المتعلقة بعزير عليه السلام، ويمكن أن نضيف أيضاً لقمان طبعاً والسيدة. مريم آسية بنت مزاحم زوجة فرعون وهذا هو اسمها في العربية. وهكذا أصحاب الجنة في سورة نون، وأصحاب الأخدود وما فيها من تصميم على الحق وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وأمثال هذه المبادئ العليا التي على مثلها تقوم الأمم. ولذلك
بعض الناس يقول: "القصص القرآني ما الذي يفيده للأمة؟" يفيد هذا النسق والنظام الأخلاقي المتكامل ويكون حجة له أنه عندما يأتي أحدهم ويقول: ما دليلك على هذا؟ نقول: قال تعالى. نعم، وهو مؤدَّى في ذات الوقت بصورة قصصية مشوقة تجذب الناس لمعرفة الأحداث، ولكنه لا يقف عند التفاصيل. عندما تذهب إلى قصة آدم في كتب السابقين، تجد أنه طوله ستون ذراعاً. وأن هو كان من أي شجرة وأن زوجته كان شكلها كيف ووسوس لها الشيطان كيف، هل كان في صورة أفعى أم في صورة ثعبان، كل هذا الكلام لن تجده في القرآن لأن القرآن يلفت نظرك وبصيرتك وبصرك إلى النسق
المعرفي الأخلاقي الذي به قوام الحياة وليس أن آدم كان طوله ستين. ذراع كان طوله ستة أمتار، أو ستين ذراعًا، أي أربعة وعشرين مترًا. يمكنك أن تجد هذا في الأحاديث وفي لوائح الأحاديث، ونناقش في الأسانيد وهكذا، لكنها ليست موجودة في القرآن. لماذا ليست موجودة في القرآن؟ لأنه "أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتدِ"، "لقد كان لكم في قصصهم عبرة" يعني. الهداية هي المقصودة فبهداهم اقتدِ، اقتدِ بهداهم يا أيها المؤمن، يا أيها النبي، يا أيها، يا أيتها الأمة. انظروا كيف يرضون ربنا وبماذا؟ برضا وكرم الضيافة، من الصدق، من هذه القوة، مما يرضي الله. المؤمن القوي خير وأحب عند الله
من المؤمن الضعيف وهو في كل. خير المعاني هي الصبر والرضا والتسليم. سليمان الشاكر وأيوب الصابر، ويذكرهم معاً. سليمان وأيوب، لماذا يعني؟ الشاكر والصابر، هذا كان شاكراً وهذا كان صابراً. فيحصل ويقول لك: الله، طيب أخواي هؤلاء بعيدان عن بعضهما في الزمن، أما هو ليس كتاب تاريخ ولا كتاب جغرافي، لأنه ليس تاريخاً ليس. تاريخ لا زمان ولا مكان هذا يلفتك إلى شيء أخلاقي يجب عليك أن تستخلصه أولاً حتى يدربك على كيفية فهم كلام الله، وثانياً تحوله إلى برنامج عمل تعيش فيه حتى تقتدي به اقتداءً يرضي الله عنك. إذا لم نتناول القصص بهذه الكيفية، يعني
ماذا أن ما قصص موسى وخلاص وموسى. وعيسى وهارون وهكذا. وهذا الذي يحاولون أن يوصلوه للشباب فيجعلهم وهو يتعامل مع قصصه يا مولانا حتى يظنوا أن هذه قصص تافهة وأنها سطحية، وأن قصة مدينتين أو البؤساء لفكتور هوجو أفضل منه وأعمق منه. يعني هذه قصص وهذه قصص، فهذا أفضل كذلك. تمام، نعم، حسناً، لكن الأمر... ليس كذلك وأنتم هكذا يا أولاد، خطأ. القراءة الخاطئة هذه التي نقول إن جماعة الإخوان الإرهابية تقرأ خطأً، ونقول إن داعش تقرأ خطأً، ونقول أيضاً إن الذي يدعو إلى الاستهانة يقرأ خطأً. حسناً، فما هو الصحيح إذن؟ تأمل، يقول لك: "أفلا يتدبرون القرآن"، لماذا
أنت غير راضٍ أن تتدبر؟ والتدبر... معناه أنك تقف أمام الجملة وترى من أين جاءت وماذا سينتج عنها وما العلاقة بينها وبين الآخرين وما الدائرة المحيطة بها وما يترتب على مستويات متتالية مما أتت منه أو مما ستؤثر فيه أو مما لها علاقة بغيرها، هذا هو التدبر وهذا يحتاج إلى وقت ولذلك. كان الصحابة يحفظون خمس آيات ويمكثون يتفكرون فيها لفترة طويلة، لفترة طويلة، ثم يعودون إلى آيات جديدة أو الآية الثالثة. وعندما حفظ سيدنا عمر سورة البقرة، أقام وليمة وذبح ذبيحة. انتبه، ليس القرآن كله، بل هاتين السورتين فقط، فأقام حفلاً وذبح ذبيحة. وهذا الذي جعلهم يؤمنون بشدة بالقرآن هكذا حتى أنهم تحملوا كل
البلاء وكل المشقة وكل العدوان الذي وقع عليهم، ما هو هذا الذي جعلهم يصبرون؟ إنه الانبهار، فهم منبهرون بأنه كلما تعمقوا وكلما اكتملت الصورة واتضحت، اكتملت واتضحت وهي قابلة للتنفيذ، فلما كانت بمثل هذا الرونق انبهروا وقالوا لا هذا. هذا حق مبين عندما نأتي ونفعل هكذا مع أي نص موجود سواء كان هذا النص مثلاً أو شعراً أو رواية أو نتاجاً لمفكرين أو فلاسفة أو غيرهم، عندما نمسك "هكذا تكلم زرادشت" الخاص بنيتشه، أو نمسك تولستوي وأي قصة مثل "الحرب والسلام" أو غيرها، ونجلس نقرأ فيها ونفعل بها هكذا. تَتَخَبَّطُ في بَعْضِهَا فَذُهِلُوا ذُهِلُوا،
حَصَلَ لَهُمْ انْبِهَارٌ. فَلَمَّا عَرَفْنَا ذَلِكَ مِنْ كُتُبِ الأَقْدَمِينَ أَنَّهُ لَا بُدَّ عَلَيْنَا أَنْ نَبْدَأَ نَفْعَلُ هَكَذَا خِلَالَ الأَرْبَعِينَ سَنَةً أَوِ الخَمْسِ وَالأَرْبَعِينَ سَنَةً التي مَضَتْ، فَانْبَهَرْنَا كَمَا انْبَهَرُوا، فَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيَّ بِاسْتِغْرَابٍ وَفَاتِحٌ فَمَهُ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ الذُّبَابُ وَيَخْرُجُ. لِمَاذَا تَفْعَلُونَ هَكَذَا؟ نقول له إننا قمنا بذلك فوجدناه صحيحًا، وحضرتك غير راضٍ أن تفعل شيئًا. الميزان عندنا اعتدل، والبصيرة انكشفت، والغشاوة زالت، والغم زال، وأصبح يعني قال له: "ماذا أعددت لها؟" قال: "أعددت لها أني أعبد الله، وقد انكشف لي العرش والجنة والنار" وهكذا إلى آخره. قال له: "عرفت فانزل"، حديث حارثة
هذا. كان حاتم الأصم إذا صلى رأى نفسه على الصراط ورأى الكعبة أمامه ورأى عن يمينه الجنة وعن يساره. أي تصور - كما يقول علماء النفس ما يقولونه - حسناً، ولكن هذه هي الحال التي وصل إليها اليقين والقلوب الضارعة عندما فعلوا هذا الفعل. أن الحكاية أصبحت واضحة أمامهم وسهلة، وأيضاً أصبحت أحلى من ذلك. نعم، حلوة لذيذة وسعادة. آه، قال لو عرفها الملوك لقاتلوا عليها. كانوا سيقولون لنا: أحضره قليلاً. فنقول لهم: ماذا أفعل؟ حسناً، نعطيها لكم الزيدية. هل أنت منتبه؟ فيقاتلني عليها. هل ستُحضر أم أقتلك لأجل ذلك؟ أنا شخص يحبه كثيراً عندما يتذوق هكذا، ومن ذاق عرف، ومن عرف اغترف. القصص القرآني يجب تدبره، هذه هي الكلمة
المهمة. القصص القرآني ليس خطياً بل هو شبكي، نعم، ليس تاريخاً، نعم، ولا سرداً تاريخياً، إنما هو بناء لمنظومة فكرية عقلية واقعية أخلاقية تشريعية بها قوام حياة الاجتماع البشري حتى حتى. لمن لم يؤمن بالإسلام، أي عندما يأتي شخص ويقول لك حافظ على النفس ويعظّم شأن النفس هكذا، فإن أمريكا تحتاجها، واليابان يحتاجونها، والغرب يحتاجها، والشرق يحتاجها، حتى الوثني يحتاجها. الحفظ على النفس، الحفاظ على النفس، انظر قصة سيدنا موسى وانظر استعظامه لمسألة القتل وانظر وهكذا، ولماذا تنوعت يا مولانا؟ ما
شأن سيدنا موسى؟ تنوعت في القرآن صور البلاء. يعني الله يعلم أن الشعور بأستاذية العالم التي أخذها الإخوان منهم موجود أساساً عند الصهاينة. أتدرك أن اليهود الأتقياء الأنقياء ليسوا كذلك؟ الصهاينة هكذا، عندهم الشعور بأستاذية العالم وأن كل الأمم خدم لهم، وأنه ينبغي لهم... أن ربنا يدللهم ويغضبون كثيراً من الله عندما لا يدللهم. الصهاينة هكذا، فهذا الشعور حذر منه الله سبحانه وتعالى، وتكلم عن قضايا ولم يتكلم أبداً عن جنس ولا
عن دين. احترم الديانة العيسوية المسيحية، واحترم الديانة الموسوية اليهودية، واحترم الديانة الإبراهيمية، واحترم الديانة المحمدية الإسلامية، وقال إن هذه أمتكم أمة واحدة. الذي يقول لك أصل الكلام هذا أخذناه من مكان آخر، لا، لسنا آخذينه من مكان آخر ولا شيء، هذا خرج من مشكاة واحدة. هل سيغير الله رأيه؟ هل سيغير الله التاريخ وسيغير الهداية؟ الله سبحانه وتعالى هو هو الله. ورقة بن نوفل ذهب قائلاً الكلمة هذه عندما سمع قال والله أن هذا والذي نزل على موسى خرج من مشكاة واحدة خرجوا من مصدر واحد يعني إذا هذا إلهي وهذا إلهي هذا فيه وحي وهذا فيه وحي، فحكاية التشابه هذه لعب عليها سكان المدينة من الصهاينة
هؤلاء. ما الذي كانوا يقولونه؟ يقولون ربنا سبحانه وتعالى يرد عليهم في... سورة آل عمران: "هو الذي أنزل الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب". طبعاً كل آيات القرآن محكمة، لكن في المحكم نوعان: محكم بمعنى أم الكتاب، وهذه حالة جديدة لم ترد من قبل. "ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها". فأم الكتاب هذا يا... أفضل من الماضي، هو هو، ولكنه متميز، متفرد، وحيد هكذا. وبهذا هو الجانب الذي أثّر الإسلام فيه على اليهودية. عندما جئنا نبحث، حسن زاظ رحمه الله تبحّر في هذه النقطة وألّف فيها مؤلفاته: ما الذي تأثر
به اليهود من المسلمين في التشريع، وليس العكس. اليهود تأثروا بالمسلمين فأدخلوا... الوضوء مثلاً لم يكن عندهم، وهناك كلام كثير في هذا الجانب، لأن هناك تسعمائة حكم فقط من مليون ومائتي ألف متشابهة بين اليهود ونحن. نحن نحرم الميتة، ونحرم الخنزير، وهم يحرمون الخنزير أيضاً. نحن نحرّم ولكن من غير أغلال ومن غير تقييد بزمان ومكان والسبت وما شابه. إلى آخره لكن على كل حال منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخرى محكمات أيضاً متشابهات تشبه ما ورد في الكتب السابقة، فاليهود جاؤوا وقالوا له: "تعالى يا محمد، نحن نسمعك تتكلم كلاماً ليس عندنا، ما شأنك أنت؟ بل وأيضاً في المكان الذي هو
عندنا أفضل، إننا نحن..." لدينا آدم، ما طوله؟ ومن أي شجرة أكل؟ وكيف خرج؟ ومن الذي وسوس لزوجته؟ وزوجته وسوست. كل هذه التفاصيل، في التفاصيل كلها الإغراق في التفاصيل ابتغاء الفتنة التي هي إنكار النبوة وابتغاء تأويله الذي هو التفاصيل الموجودة عنده. وما يعلم تأويله إلا الله. هذا كثير يا حبيبي من... التأويلات التي تنقلونها هذه حدث فيها خطأ في النقل وفي الترجمة وفي أمور أخرى، فنأى الله سبحانه وتعالى بالمسلمين عن هذه التفاصيل تركيزاً على الهداية وعملاً بالنمط الشبكي وليس النمط الخطي لأنه أوفق للواقع وتراكيبه من غيره من الأنماط ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وما يعلم تأويله
إلا الله. ولك أن تقف والراسخون في العلم يقولون الذين يبحثون ويعملون ويفتشون كل من عند الله آمنا به آمنا به كل من عند الله فهؤلاء انظر كيف الرسمة، الرسمة هي أن المحكم والمتشابه معنا في أم كتاب لكن كله محكم ليس في القرآن وكله متشابه على فكرة متشابه في الآية في الهداية، لكن في التفاصيل يوجد أمّ الكتاب ويوجد متشابه. إذاً المحكم والمتشابه يُحَلّ بهذه الكيفية، وهذا له صلة قوية بقضية قصص القرآن. أي أنني في المحكم والمتشابه، ليس أن القرآن جزء محكم وجزء متشابه، وأن المتشابه لا نعرفه، وما إلى ذلك من الكلام الذي قاله. بل بعض العلماء لا، هذا
كله مُحكَم لأنه متين ومن عند الله، وكله شبيه بالسابقين لأننا في رتل واحد وفي صف واحد من الرسل. تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض. مولانا الإمام، حينما نفهم فضيلتك وفي منهجك الأصيل النمط الخطي والنمط، الفرق بين النمط الخطي والنمط الشبكي في القرآن الكريم. يأتي السؤال المهم لماذا ورد ذكر بعض الأنبياء ليس من خلال تسلسل تاريخي فاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا. أهلًا بحضراتكم مولانا الإمام، بين تكرار القصة المعينة في القرآن الكريم أكثر من مرة وبين عدم الترتيب زمنيًا للرسل في هذه الآية من سورة الأنعام "ووهبنا له إسحاق ويعقوب
كلًا هدينا ونوحًا". هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى إلى آخر هذه الآية. ماذا يعني هذا؟ كما قلنا أن القرآن يسير على قضية شبكية وليس في هذه الآية واحدة بل في القرآن كله أنه يبني شبكة تامة. فهي بنا إذا أردنا مثلاً نضرب مثلاً بهذه الآية ففي... هذه الآية يقول ربنا سبحانه وتعالى الآية التي تسأل عنها: "ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلًا هدينا ونوحًا هدينا". انظر إلى ذريته إسحاق ويعقوب،
فهذا يشير إلى علاقة البنوة لأن يعقوب ابن إسحاق، فهنا نتأمل في علاقة البنوة ونتأمل في قضية الأسرة التي يُراد هدمها. الآن وأن عندما تربى يعقوب في حضن إسحاق تربى على الخلية الأولى للمجتمع انظر هذه هي الأنساق المعرفية التي كنا نتحدث عنها الآن وهبنا له إسحاق ويعقوب يعني عندي إبراهيم جاء بعده إسحاق وإسحاق جاء بعده يعقوب يعني هناك أسرة ممتدة رقم اثنين أن في تربية يعني
إذاً التربية جزء الذي سيتجزأ من عمارة الأرض وإهمال التربية يؤدي بالمجتمعات وبالناس ولا بد، ولذلك بعد التجارب الكثيرة أصبحنا نسمي وزارة المعارف التربية والتعليم، وأصبحت التربية جزءاً لا يتجزأ من عملية بناء الإنسان. في اليابان، منذ أن يدخل الطفل من سن الثالثة ولمدة ثلاث أو أربع سنوات، لا يوجد نجاح ولا يوجد رسوب. خاصته، لا أعرف ماذا، لماذا يربي، كيف يأكل، كيف يشرب، وما إلى ذلك. حسناً، هذه التربية ماذا تقتضي؟ تقتضي سلطة أبوية. الآن، هناك هيجان في فترة ما بعد الحداثة على السلطة الأبوية وعلى الأسرة وعلى وعلى وعلى، الحداثة وما بعد الحداثة، حسناً. فإذاً عندما
يقول "ووهبنا له" يعني أن الأولاد نعمة. والأسرة نعمة والتربية نعمة. أنا جالس أتأمل هكذا "ووهبنا له إسحاق"، لكن لو قرأتها بسرعة ربما لن تخطر في بالي هذه الفكرة، وسيقول هذا مجرد سرد أسماء وكلام متتابع: "ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا". إذاً الهداية شيء مهم، والهداية فيها رضا الله، والضلالة ليس فيها رضا الله. من ضمن الهداية أنك تدرك. الواقع على ما هو عليه أنك تقول الحق، ولذلك كلمة الحق هذه كثيرة في القرآن لأنه يريدك أن لا تكذب لا على نفسك ولا على الغير، ولا تكذب على الله ولا على البشر، ولذلك جعل شهادة الزور من أعظم العظائم وأكبر الكبائر، وكان
عنها فكان متكئاً فقام وقال إلا... وشهدت الزور إلا وشهدت الزور يعني في كذب محرم، لكن الكذب الذي تضيع به حقوق الناس أو تضيع به حياتهم يكون أمرًا عظيمًا جدًا عند الله. "كلًا هدينا ونوحًا هدينا من قبل" فهو يبين له أن الماضي والحاضر والمستقبل نسق واحد في هذا، ومعنى ذلك هو أن... هناك مطلق، والمطلق هذا ماذا يعني؟ إنه متجاوز للزمان والمكان والأشخاص والأحوال، والذي هو إيجابية الهداية وسلبية الضلالة. ستظل هكذا أبداً، لن يأتي الإنسان في يوم من الأيام ويُجيز كما يتمنى
بعض ما بعد الحداثة المتطرفة أن يصبح القتل بالاتفاق. اثنان في ألمانيا ذهبا وسجلا في السجل الرسمي. من المتفق أننا سنقتل بعضنا البعض، فقتل بعضنا، فأتى الرجل أمام المحكمة وأظهر لهم الوثيقة، فتحيَّرت حينها الهيئة القضائية، وحدث كلام، وهو موجود في الروايات أنه سيكون هناك أماكن يُعرض فيها أحدنا للقتل، يعني فتاة تقول لك: هل تأتي لتقتلني بعشرة دولارات وما شابه، وهكذا. هذا الكلام كله منتشر ومنتشر في... الأفلام الإباحية منتشرة في كذا إلى آخره، ونحن ربنا وقانا بعض الشيء من الاطلاع على هذا الغثاء، لكن عندما يأتي هنا المطلق، ويكون من المطلق الهداية والنظام الأخلاقي،
ويكون من المطلق الأسرة، ويكون من المطلق، فإن هذا يرد على كل هذه الفلسفات المعوجة ويقول لي إنه هذا. يُرضي الله وهذا لا يُرضي الله، أولئك الذين هذا الله فبهداه مقتدر، فيقول ماذا؟ ومن ذريته، انظر انظر الوصل، يعني في إبراهيم وهبنا له إسحاق وهبنا له يعقوب، وهبنا له، هذه ليست وهب لإسحاق فقط، بل وهب لإبراهيم أيضاً، يصبح ليعقوب البنوة الحفيدية مع إبراهيم، إذاً هي الأسرة الممتدة. مهمة والعلة مهمة، ولذلك بُنيت عليها أحكام العقل والديات وما إلى آخره. ابن عمي يدفع لي في الخطأ، لست أنا الذي أدفع عن نفسي، لكي تكون له كلمة عليّ، ولكي
يقول لي استحي وافعل له كذا وكذا، ليكون له كبير وله عائلة وعز ومرجعية، كل هذا الكلام الذي هي. ريتم الحياة يحاول أن يذيبه، يأتي هنا ويقول لي: لا، بالهوينى هكذا، إن هناك شيئاً من وراء ومن ذريته يكون هنا. أشار إلى النسل: داود وسليمان وأيوب. سليمان شاكر وأيوب صابر، فجمعهم معاً، ويوسف وموسى وهارون، جمع الأخوين. وفي قصة موسى وهارون توجد أشياء غريبة جداً. قال له: فأرسل. إلى هارون وقال: "اشرح لي صدري ويسِّر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي"، هو أفصح مني لساناً، هو أفصح مني لساناً. وبعد ذلك سبحان الله يا أخي، هارون لم يتكلم ولا كلمة
واحدة، هل تنتبه؟ لماذا؟ قل أنا كفء، لأن موسى عنده القدرة لكنه يتهم نفسه ويستعظم المسؤولية التي عليه. فإذا اتهام النفس وتوبيخها قليلاً هو مما يرضي الله، واستعظام المسؤولية التي يحملها الإنسان مما يرضي الله، وليست انهياراً ولا ضياعاً ولا عدم ثقة بالنفس، لا، بل كل هذا مما يرضي الله. هنا سنصنع نفسية متوازنة مما وراء هذا، وموسى وهارون أخوان، وسبحان الله. يا أخي، لا تتكلم ولا كلمة في القرآن كله، وتذكر سورة الشعراء والمجادلات التسع والحوار الذي دار بينهما وبين
فرعون وموسى وفرعون وهارون. أين هذا؟ أنت الآن تظن أن لسانك لن ينطلق برأيك، وأنني سأمنعك، وهكذا. لقد طمأننا الله، فلماذا أيضاً؟ هذه نقطة مهمة: تخلقوا بأخلاق الله. طمأنه قال له: "طيب، سأرسل لك هارون"، والله يعلم أن هارون لن يساعده، بل سيساعد نفسه. فيكون إذًا، الذي يلجأ إليك ويقول لك: "عيّن لي معي واحدًا لأنني لست أعرف" عيّنه له. هذا هو جبر الخواطر، يعني ربنا جبر بخاطر موسى، فلا بد أن تجبر أنت بخواطر الناس. وهناك كان مشايخنا يقولون لنا أن هناك أمراضاً يشفيها الله سبحانه وتعالى بجبر الخاطر، يعني أمراض لا تُشفى إلا بأننا نُجبر الخواطر. فكانوا يبحثون عن الضعيف ليجبروا خاطره.
ما هذا! هذه هي الإنسانية التي كادت أن تموت لولا هذا الكتاب الكريم. وهكذا نقرأ الكتاب. طبعاً أنا أعرف أنه لا يوجد وقت ولكن... يعني ها نحن قد أنهينا سطراً أو سطراً ونصف من الآية. نعم، وكذلك الكاف هنا عندما يقول "وكذلك"، فيها كلام كثير. "وكذلك" تشير إلى مضمون ما سبق. وما هو مضمون ما سبق هذا؟ هذا يرسم هيكلاً، هذا يرسم شبكة. نعم، هذا هو النمط الشبكي، هذا هو النمط الشبكي. وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى يحيى بن زكريا وعيسى وإلياس كل من الصالحين. يبقى في جمع هنا ما هو الصلاح؟ العفاف والتنزه. هؤلاء الناس كانوا متبتلين.
هل كل البشر متبتلون؟ لا، فمنهم صابرون ومنهم شاكرون ومنهم متبتلون. المتبتلون يعني العبادة تأخذ حيزاً أكبر عندهم. مِنَ الآخرين وإسماعيل واليَسَع ويونس ولوطاً وكلاً فَضَّلنا على العالمين. إذاً هناك فضلٌ من عند الله، فلا تعترض على ربنا في فضل الله في الغنى، في الصحة، في العلم، في أمور أخرى إلى آخره. إن التدبر والتأمل سيُخرج لنا أشياء أخرى تماماً غير أنه مجرد سرد لبعض الأسماء. بجانب بعضها تاريخ، ليس تاريخاً، ليس تاريخاً، هذا هو. هناك شيء يجب أن تتأمله لكي تخرج بنسق، ولكي تحول هذا النسق إلى برنامج، ولكي تصلح بهذا البرنامج الحياة وتكون أكثر سعادة. مولانا،
لا أستطيع أن أفوت على نفسي الفرصة مع فضيلتك وأن أسأل عن أولئك الذين أيضاً يتعلقون أو يقول. نحن من عندنا عقل ولا نقبل الغيب إلا بأسس وبديهيات، ومن يتعلق بالمنطق أو بالشك الديكارتي ويأتي إلى سؤال مهم جداً عبر التاريخ حول شك طه حسين في الشعر الجاهلي في كتاب الشعر الجاهلي، هل كان الشك حيرة أم شكاً منهجياً حينما تعرض للقصص القرآني في هذا الكتاب؟ في الحقيقة، إن طه حسين لم يكن شكه منهجياً ولم يكن شك حيرة، بل كان شك تأثر، لأن الكلام الذي يقوله هذا قد قاله مرجليوث ونشره في المجلة الآسيوية، واكتشف هذا النص أستاذنا -رحمه الله- محمود شاكر، وعندما تكلم محمود شاكر بهذا، غضب طه -رحمه الله- في هذا المقال.
وألّف ضده وألّف في المتنبي وألّف هكذا إلى آخره، يعني ألّف المجموعة وعاش حياته كلها يرد على هذه القضية البسيطة. الناس الذين يأتيهم شك منهجي أو الذين يقولون أنا لا أؤمن بالغيب إلا وكذا، لا مانع، أهلاً وسهلاً، لكنهم لا يبذلون من المجهود ما يجيب على حيرتهم هذه. أو على موقفهم هذا وهذا هو الذي جعلهم غير مؤثرين في الناس أنهم لم يبذلوا من المجهود، لأنه لو بذلوا من المجهود لتبين لهم الحق ورجعوا، لكنهم لما لم يبذلوا أصبحوا ظاهرة صوتية، فهم كثير جداً من إخواننا هؤلاء الذين يسمون أنفسهم مثقفين يقولون: والله نحن قاعدون نهرف هنا في ديننا. مائتا سنة ولا توجد فائدة، لماذا لا توجد فائدة؟ لا توجد فائدة لأنك لم تحاول
أن تفهم المقابل، لم تحاول، أنت خلاصاً تبنيت رأياً وصممت عليه وأنت ذاهب إلى أسوان والحمد لله ونحن ذاهبون إلى الإسكندرية. ذلك نجيب محفوظ في آخر حياته بدأ ينظر فوجد أن والله هذه القصة فيها كذا، فأصبحوا لا يجلبونه في المؤتمرات وقالوا لا، ربما أصيب بشيء في عقله. هذا التحيز هو الذي يجعل هؤلاء الناس غير مسموعين، والذي يستمع إليهم لا يقتنع، والذي يقتنع يترك قناعاته مبكراً. لماذا؟ لأنهم لم يبذلوا جهداً فيما ينتقدونه. نحن لا نقول لهم لا تنتقدوا، نحن نقول لهم تعلموا وابذلوا مجهوداً. في هذا الجانب فإن أناساً مخلصين أنقياء أذكياء فعلوا فعرفوا
الحقيقة وأنتم تتكلمون الآن بغير حجة ولا برهان. اسمح لي مولانا أن أستعرض بعض ردود السادة المشاهير على سؤال الفيسبوك: "برأيك لماذا يشكك البعض في القصص القرآني؟" الأستاذ الداعية المصري يقول: "لأن عندهم مشكلة في الإيمان بالغيب ولازم..." كل شيء يكون له سبب عقلي، وهذا عكس صفات المؤمنين الذين من أولها قوله تعالى "يؤمنون بالغيب". السيدة هالة قاسم تقول: "الذي يشكك في القصص القرآني يشكك في النص الشريف كله، فهي الخطوة الأولى لهدم النص". السيد أحمد رجب يقول: "لأن معظم القصص غير كاملة في الكتاب فتكملها السنة". وهم يشككون في السنة. السيدة رانيا تقول: ما الذي تعلمه بتفسير الكتاب والسنة المشرفة؟ تعليق مولانا سريع على هذه الردود الفاهمة الواعية. أنا أريد من الجميع أن يدخل القرآن محاولة للفهم
وليس محاولة للنقد. يعني هذا لو حصل من مجموع المثقفين سيحصل منهم ذلك الانبهار الذي حدث للمتقين فأصبح... هدى لهم نحن ندعو الناس إلى كتاب الله وأنه هو النبي المقيم وأنه كذا وعلينا أن نناقش وأن نسأل وكذا إلى آخره وأن نعترض ولكن لكل اعتراض من هذه الاعتراضات إجابة وفيه وجهة نظر وكذا إلى آخره ثم في النهاية دعك أنت يهدي الله من يشاء ويضل. من يشاء الله سبحانه وتعالى يشرح صدره، ويغلق على من يشاء، وهذا بعلمه وحكمته وعظمته. لا نملك هذا كله، فنحن لا نقهر أحداً على
شيء من هذا، ولكننا ندعو الناس جميعاً. قل تعالوا إلى كلمة سواء، أي إننا ندعو الناس جميعاً إلى كلمة سواء، تعالوا وانظروا. وهذه دعوة يا مولانا عندكم من زمان، هذه الدعوة نحن ندعو إلى حفظ النفس، حفظ العقل، حفظ الدين، حفظ كرامة الإنسان المسماة عندنا في تراثنا العرض، حفظ المال. هل عندكم شيء آخر؟ يعني ألستم تريدون المحافظة على هذا ولا النظام العام والآداب التي تؤكد على الإنسان أن يفعل هذا، فنرجو الله. ونسأل الله سبحانه وتعالى للجميع الهداية. مولانا الإمام الأستاذ
الدكتور علي جمعة وحضرات كبار العلماء بالأزهر، شكراً لكم. الله معكم دائماً يا مولانا. أهلاً وسهلاً بكم، دمتم في رعاية الله وأمانه. إلى اللقاء.