والله أعلم | فضيلة الدكتور على جمعة يتحدث عن الإعجاز العلمي للقرأن الكريم | الحلقة الكاملة

والله أعلم | فضيلة الدكتور على جمعة يتحدث عن الإعجاز العلمي للقرأن الكريم | الحلقة الكاملة - والله أعلم
بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله بدء كل خير ورأس كل أمر ذي بال. اسمك اللهم لأمضي على طريقي، فثبت اللهم أقدامنا على طريقنا. أهلا بكم في هذا اللقاء الذي يتجدد دائماً مع صاحب الفضيلة مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف كبار العلماء بالأزهر الشريف، لنواصل معه هذه المتأنية في منهجه الأصيل عن التجديد والإصلاح مولانا الإمام. أهلاً بفضيلتكم، أهلاً وسهلاً بكم. كل عام وأنتم بخير. اسمح لي قبل أن أبدأ في القضايا المتعلقة بنواحي الإعجاز، وتحديداً
الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، أن أقدم لكم خالص التهنئة والتبريكات في ذكرى الثلاثين من يونيو، هذه البداية الحقيقية حينما عادت للمصريين: فعلى هذه الأرض ما يستحق الحياة. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. يأمرنا ربنا سبحانه وتعالى في الكتاب الكريم أمراً عاماً أن نتذكر حتى نشكر ونحمد الله سبحانه وتعالى، فيقول: "وذكرهم بأيام الله"، ويوم الله هو اليوم الذي نصرٌ فيه المؤمنون سواءٌ على الكافرين أو الفاسقين أو المفسدين أو المجرمين، وكل ذلك قد اجتمع في ثلة من البشر قد أعماهم
الحقد الأعمى، وأصبحت قضية الاستيلاء على الحكم من أجل تلك الأوهام القائمة في أذهانهم، والتي - والحمد لله رب العالمين - خذلهم الله فيها عبر تسعين عاماً، لم بل كانوا دائماً وأبداً في صراعٍ مع المؤمنين وليس مع غير المؤمنين، في صراعٍ مع المسلمين، في صراعٍ مع الأوطان، في صراعٍ وكل ذلك من أجل أمورٍ زائلة ذاهبة، كما أنهم ليسوا أهلاً لها حتى، وأيضاً كونهم يسعون إلى الحكم ويسعون إلى السيطرة وإلى العنف وإلى الإقصاء. وإلى كل هذا البلاء الذي ظهر عليهم بعقلية تافهة غاية في السوء، هناك رجل مضحك
يتكلم الآن من قطر. أسمعه أنا، يعني أدعو الناس كلها أن تسمع هذا التافه الذي يتكلم. لا أريد أن أقول لفضيلتك ماذا يقول، فهو لا يقول شيئاً، إنما يقول خيالات وهلوسات كالسكارى. في اللغة العربية يُطلق عليها سمادير السكارى، وهي تلك الخيالات التي تحدث للسكران، فيرى فيلاً وردياً يخرج من الحائط، ويرى السماء مكان الأرض والأرض مكان السماء، فهو دائخ وسكران. والله لا تصدر منه سمادير السكارى ومن حوله منبهر بهذه المعلومات الكاذبة التي لا علاقة لها بالواقع. لها في جزئياتها وكلياتها بالواقع، فمثل هذا وكان
هذا الإنسان مرة قال: "لا، إنه أوباما أعلن إسلامه سراً" فنستسقف مثلاً، طيب أوباما يكره الإسلام والمسلمين، ولكن الخيالات المريضة، الخيالات المريضة، وأن المسلمين قادمون، وأن الفائز بالرئاسة الأمريكية القادم بعد أوباما سيكون من الإخوان المسلمين. حسبنا الله ونعم الوكيل والناس. حينئذ عندما تراجع المقاطع تراهم يصفقون لهذا النصر الكامل وما إلى ذلك. وشخص آخر أيضاً في قطر، وهو الرجل المسكين هذا الذي ضلَّ عقله وشاخ بدنه، أخذه الله أخذ عزيز مقتدر،
يقول عن أردوغان الفاسد أنه سلطان المسلمين وأنه يجب علينا طاعته في كل قليل وجليل. يقول هكذا فعملوا. له فيديو وهو أردوغان يدعو إلى الشذوذ الجنسي، فقام شابٌ في محاضرة وسأله: "ما رأيك في الشذوذ؟" كان في ذلك الوقت يرى أنه يجب أن ينضم إلى الاتحاد الأوروبي، فعليه أن يقول ما لن يُدخلهم أبدًا. يا مولانا، لن يدخلوا ولن يروا شيئًا ما دامت مثل هذه العقليات موجودة، فقالوا: سلطان المسلمين أوهام ثملى لا يؤيدها الواقع ولكنها دغدغت بعض العواطف ولعبت ببعض العقول. ثورة الثلاثين من يونيو هي يوم من أيام الله لأن الله قد أزاح
الغمة وكشف هذه الغمة عن تلك الأمة ونصر المؤمنين ومكّنهم في الأرض وأزال دولة الفاسقين الفاسدين المجرمين، لعنة الله عليهم أجمعين. لماذا نلعنهم؟ أولئك الذين يلعنهم الله والملائكة والناس أجمعين، فأنا أريد أن أقول لحضرتك أن الثلاثين يونيو هذا من أيام الله، وربنا أمرنا أن نذكر بأيام الله. ما هو يوم الله؟ معناه أن الله قد نصر فيه عبده، وأعز فيه جنده، وهزم فيه الأحزاب وحده. هذا الذي نحن بالله التكبيرة التي نقولها في يوم العيد: هذه هي أيام الله، ولذلك كان يوم بدر من أيام الله، وكان يوم فتح مكة
من أيام الله، وكان يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم - وشوقي يراه هكذا ويقول له: "وُلِدَ الهدى" - من أيام الله. "وذكرهم بأيام الله"، فالتذكير هنا عام وسيبقى عاماً، أنا استحسنت ما ذهبت إليه الحكومة المصرية في أن يحتفلوا بهذا اليوم، فاليوم هذا جاء يوم سبت الذي هو اليوم ثلاثين يونيو، فيوم السبت إجازة، فأعطوا له مكانه من الأحد تأكيداً للاحتفاء وللتذكير بأيام الله سبحانه وتعالى. أنا أطلب من الناس أن تصلي لله شكراً لأننا دائماً. تجد احتفالاتنا تبدأ بالعيد، ماذا نفعل فيه؟ نكبّر ثم نصلي العيد وبعد ذلك نلقي الموعظة. دائماً ما تتضمن احتفالاتنا ذكراً لله
وشكراً له وصلة بقلوب خاشعة لله رب العالمين. أتمنى من المصريين في هذا المجال أن يحمدوا ربهم ويصلوا ركعتين شكراً. مرةً قال أحد الإخوان المسلمين: "لا، هذا..." لا توجد ركعتا شكر، كان الشيخ جاد الله يرحمه شيخ الأزهر، انظر إلى المفارقات، شيخ الإسلام قال صلوا لله ركعتين شكراً، كان ذلك حينها لنجاة الرئيس حسني مبارك من محاولة اغتيال، بالطبع غضب الإخوان من أن الله نجّى حسني مبارك من هذه المحاولة، كانوا يريدون أن تنجح محاولة الاغتيال، فقام وقد نشر في جريدة كانت تسمى آنذاك جريدة الشعب أنه لا توجد صلاة تسمى ركعتي شكر، فأحضرت
له نصوص الإمام النووي ونصوص الأحاديث وغيرها، مثبتاً أن ركعتي الشكر موجودتان في الفقه وموجودتان في الحديث، وقد صححها الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد ضمن الأحاديث المروية عن سيدنا الرسول. الله، فانظر إلى المشهد: شخص لا علاقة له بالعلم ولا بغيره، ما علاقته بالعلم؟ أبوه كان من علماء الأزهر، هل أنت منتبه؟ انظر إلى الأوهام! فظن نفسه أنه بالوراثة أو شيء من هذا القبيل. يا الله، نحن ننكر الوراثة في الحكم وفي غيره، فكيف تكون موجودة في العلم؟ يعني ابن... يخرج العالم وحده هكذا ويقول: لا، أنا في الأصل سمعت أبي يقول إنه يقرأ الفخر الرازي. لا
يا أبي، العلم ليس هكذا والطريقة ليست هكذا. فكانت الأوهام التي أدخلوا أنفسهم فيها وأكدوها وصنعوها وما إلى ذلك جعلته يرد على شيخ الإسلام من غير علم. عندما أحضرته له قلت... له! أجل، راجعت النووي في روضة الطالبين المجلد الأول صفحة مائة وواحد وثلاثين، هذا ما أتذكره حتى الآن. ولكن المنطق هكذا أنهم من غير علم ومن غير تقوى ومن غير إدراك للواقع، لا يوجد إدراك للواقع. يعيشون، مرة كانت جماعة من الأمريكان، وطبعاً الأمريكان كانوا مائلين للتعامل مع الإخوان المسلمين. من أجل التلاعب بهم لأنهم يطيعونهم في كل شيء مثل مشروع الشرق الأوسط الكبير، ويدّعون
أنهم سيقسمون البلد، وكل ذلك في سبيل أن يبيع وطنه ودينه وأهله وناسه، فقط من أجل أن يجلس على كرسي الحكم ليأكل شطيرة كفتته. هؤلاء الأمريكان، هذه المجموعة من الأمريكان، وأنا أعرف ولاءهم للإخوان. يقولون لي: هل كنّا في يناير حينها؟ فقلت لهم: لا، هذا حكم لا يستمر كثيراً. هذا كسائق أو شخص لا يعرف القيادة وأركبناه الحافلة، وقلنا له: سُق. قالوا لي: حسناً، وماذا سيحدث بعد ذلك؟ قلت لهم: ستصطدم الحافلة بالشجرة، ستقع في حادث وتصطدم بالشجرة. قالوا لي: متى ستصطدم بالشجرة؟ متى لأنهم يقولون لك نحن سنحكم خمسمائة سنة، قلت له: خلال ستة أشهر. هذا حائط الزمن يا مولانا، هذا هو حائط الزمن. نعم، ستة أشهر. كان حينها قد مضت ستة أشهر وكنا في يناير. المهم أن الستة
أشهر مرت، فاصطدمت الحافلة بحائط القدر، وأُزيلت دولة الفساد ودولة... الإخوان في يوم جليل مثل هذا اليوم الذي نحن فيه الآن، ولذلك من هذه الحفاوة بعد سنتين أو ثلاثة جاءتني هذه المجموعة تبحث عني. قال: "نريد أن نرى هذا المتنبئ، كيف تنبأت بأنها ستة أشهر؟ فعلاً كانت ستة أشهر بالضبط وحدث هكذا. هل لديك معلومات؟" قلت لهم: "لا، ليس لدي." معلومات لدي عن سنة الله في كونه. قالوا: حسناً، والآن؟ قلت لهم: الآن ستنتهي السنوات السبع العجاف وسندخل في سبع سنوات من السمان، وبعد ذلك سيأتي عام فيه يُغاث الناس وفيه يعصرون. لا تظنوا أن هذا الكلام
نبوءة، بل هو سنة الله في خلقه هكذا. وفعلاً مضت السنوات السبع منذ يناير وأصبحنا في سنة ثمانية عشر، الدنيا تغيرت والأمور استقرت. كنا عندما أقمنا "مصر بلدي" نحمل هم أنه لا يوجد دستور، ونحمل هم أنه لا يوجد برلمان، ونحمل هم أنه لا توجد رئاسة، ونحمل هم أنه لا يوجد استقرار، وأنه لا يوجد أمن، نحمل هم أنه لا يوجد أمن. حاملون همّ أنه لا يوجد بنزين، حاملون همّ أنه لا توجد كهرباء، حاملون همّ أنه لا توجد نظافة، حاملون همّ أنه لا يوجد خبز، حاملون همّاً ثقيلاً، ولكن الحمد لله تجاوزنا كل الأزمات واستقرت الأمور وتم تشكيل البرلمان وحدثت الرئاسة وصدر الدستور واستقرت البلاد والعباد وتطورت والقدرة الائتمانية. تطورت أمورنا أيضاً
وارتقت، وأصبح رصيدنا الذي نواجه به العالم قد تجاوز كل حواجز التاريخ وبلغ ما يزيد عن ستة وأربعين مليار دولار، وهذه هي المرة الأولى في التاريخ، فالحمد لله رب العالمين نحمده، ولكن لم تبدأ السنوات السبع السمان بعد، وستبدأ اعتباراً من التاسع عشر، وعندما تبدأ السنوات السبع وهكذا إلى آخره، ثم يأتي العام فيكون الفيضان قادماً من الخير يا رب، نعم يا رب. فهذا الكلام ليس من عندنا، هذا الكلام هو سنة الله سبحانه وتعالى لمن
قرأ التاريخ. يعني على هذه الأرض ما يستحق الحياة، على هذه الأرض سيدة الأرض أم البدايات، أستحق لأنك سيدتي، أستحق الحكر. قبل الفاصل، أي حينما كانوا يسألونك كيف تنبأت بهذا فتقول لهم لا، إنها في القرآن الكريم، هي السنن الإلهية. هنا يأتي السؤال: هل هذا من قبيل الإعجاز في القرآن الكريم؟ هل هناك ما يُسمى بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم؟ وما المساحة أو ما العلاقة ما بين العلم وبين النص سنة؟ الله في كونه قد تُستفاد من القرآن الكريم بالتدبر، فسنة الله سبحانه وتعالى وصفها ربنا بأنه "ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً". وهناك من ألّف مثل الدكتور مجدي عاشور الذي أخذ الدكتوراة في السنن الإلهية، وكيف تُستنبط هذه
السنن الإلهية من الكتاب، وأيضاً من الكتاب المنظور، يمكننا أن نستفيد من السنة الإلهية إما من كتاب الله المسطور وإما من كتاب الله المنظور، فليس غريباً أن نستفيد منها هذا الكلام. والسنة الإلهية التي أشار إليها الله سبحانه وتعالى بأن لله أياماً، إذاً هناك أيام لله، ولتعريف هذه الأيام نذهب فيها إلى الواقع فنرى أن الله سبحانه. وتعالى نجّى موسى فاحتفى النبي صلى الله عليه وسلم بهذه النجاة إلى آخره. إذًا فهناك قواعد لفهم كتاب الله وقواعد أيضًا لفهم الواقع وإدراكه إدراكًا صحيحًا نستطيع من خلاله أن نستفيد وأن نستنبط من الواقع ومن جريان التاريخ وعجلة التاريخ وما خلقه الله سبحانه وتعالى من هذه السنن الإلهية الربانية وفي الآفاق بل
وفي الأكوان وفي الإنسان هناك علوم تجريبية، والعلوم التجريبية لها قواعد المشاهدة وبعد ذلك الملاحظة لهذه المشاهدة بمعنى المداومة عليها ثم الاستنتاج. هذا التجريب هو الذي أطلق عليه الإنجليز "ساينس"، وعندما جئنا في فوضى الترجمة في القرن التاسع عشر، ترجمنا هذه الكلمة إلى "علم". العلم في اللغة أوسع من "الساينس" في اللغة الإنجليزية "العلم" في اللغة العربية، هذا أوسع من التجريب لأنه قد يكون علماً مرده التفكير العقلي المستقيم، أو علماً مرده الحس وهو التجريب "الساينس" هذا،
أو علماً مرده الذوق والعرفان، أو علماً مرده النقل كاللغة، أو علماً مرده الشرع، فكل هذه المعاني هي إثبات أمر. لإثبات أمر أو نفيه عنه، هذا هو المشترك بين كل العلوم، أنه إنشاء الجملة المفيدة. "النار محرقة"، و"الشمس مشرقة"، و"الشجرة مورقة"، وأشياء مثل هذا. إنشاء جملة مفيدة. فالجملة المفيدة هذه هي... هو لا يريد أن تُنشأ إلا من قبيل الحس فقط. ليكن، ما هو هذا العلم؟ لكن يجب أن نضيف ونحن نعتبر العلم التجريبي ونعتمد عليه، ولكن لا يسد هذا المصادر الأخرى للعلم التي هي القدر
اليقيني من المعرفة. هم لم يفعلوا هكذا عندما جاء الناس يعترضون على النصوص، وخاصةً النصوص الدينية اليهودية ثم المسيحية في النزاع الكبير بين الكنيسة وبين العلم منذ أيام جاليليو وكوبرنيكوس ومن والاهم ومن. بعدهم وكذا إلى آخره لدرجة أن في كان للبابا في سنة ألف تسع مئة وستين خطاب يسمى "باسنت"، كانوا يسمون الخطاب بأول كلمة فيه. خطاب "باسنت" هذا يحرم سبعين علماً، يقول إن كل هذا حرام. ففي نزاع ضخم ما بين إدراك الواقع بعمق المسمى بالعلم وبين توجهات. هؤلاء الناس طبعاً، لقد غيرت الكنيسة كثيراً
من مواقفها. والآن يقولون لنا: "لماذا تبحثون في التاريخ وتحضرون المناقشات؟" ونحن لا نقول ذلك على أساس أنها منازعة بيننا وبين أحد، وإنما نروي رواية تاريخية، وهي: هل علينا هذه النزاعات أبداً؟ أبداً؟ لماذا لم يحدث ذلك؟ لأن كتاب الله المسطور هو كتاب الله المنظور فقط وهذا كل شيء، لأن الكتابين... أنت يا سيدي صاحب كتاب الله المنظور، إلى أي شيء وصلت؟ الأرض تدور، قل لا إذا كانت لا تدور. قال له: ديكهت. قال له: لا، أنا عندي أن الشمس تجري، إذن الأرض تدور وأصبحت ضوضاء هل الأرض تدور أم لا تدور؟ وهل الأرض كروية أم مسطحة؟ فيقولون إنها كروية، فيقول آخر: لا، هي عندي مسطحة. أتنتبه كيف أصبح نزاع
وشجار؟ هل الأرض مسطحة أم الأرض كروية؟ لدينا ابن حزم في القرن الخامس الهجري يقول: "أجمع المسلمون على أن الأرض كروية". يقول ابن تيمية في العرشية: "أجمع المسلمون على أن الأرض كرة، وليس في ذلك أي إشكال"، واستدلوا بسير السفينة أي بالحس والتجريب، حيث إنها تظهر من البحر صغيرة هكذا، ثم تدريجياً تظهر أكثر فأكثر، فإذا كان هذا الجانب منحنياً وذاك الجانب منحنياً، ومن الطرفين لا يوجد خط مستقيم، فهي إذن كرة. حسناً، والشمس تجري. قال تعالى: "والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم". وأهل العلم يقولون: لا، نحن الذين نجري، نحن الذين ندور حول أنفسنا، فالأمر هكذا. فيقوم مباشرة الفقيه المسلم ويقول: حسناً، والشمس تجري من زاوية معينة، أي تجري في ظاهر العين
وليس لها حركة. ظاهرية أو التي هي صحيحة وتتحرك من الشرق إلى الغرب وكلنا نراها، نعم صحيح، هذه هي الشمس تجري، أو يقول "والشمس تجري لمستقر لها"، إذاً لابد أن الشمس تتحرك فعلاً. بعد ذلك اكتشفنا أن الشمس تجر المجموعة الشمسية وراءها وتجري نحو نجم فيجا باثني عشر ميلاً في الثانية، إذاً الشمس بالرغم أن ظاهرة الليل والنهار ناتجة عن دوران الأرض وظاهرة الصيف والشتاء ناتجة عن دوران الأرض حول الشمس، إلا أن الشمس تجري جرياناً آخر، ونكتشف بعد ذلك عندما نتعمق أن الشمس لها أربعة عشر حركة حول نفسها وحول المجرة وحول أشياء أخرى، وأيضاً لها اتجاه من أجل أن
تصطدم بنجم. في نوع من الأنواع عندما تذهب إلى شارع شهاب، تجد محلات اسمها "فيجا". يقول لك ما هذه الفيجا؟ هذه هي هلاكك، نعم، الفيجا هي هلاكك، لأننا إذا اصطدمنا، إذا اصطدمنا، سنصطدم ببعضنا. هل تنتبه؟ كيف يعني؟ إذا زُلزلت الأرض زلزالها، فأنت الآن لا عليك، دعنا من... الكلام هذا، لكن دعنا نتحدث عن النص: "والشمس تجري لمستقر لها". البدوي سيفهم الظاهر، فتطلع صحيحة. أما الآخر الذي يقول إنها تجري للفيجي، فسيفهم أن الله هذا شيء غريب جداً. هذه الغرابة أصبحوا يسمونها إعجازاً وهم جالسون يتناقشون. انظر كيف جرت المحادثة: العالِم يقول له: "هذا
الكتاب الخاص بكم..." لماذا يُهلكني؟ فهم يقولون إن الشمس تجري وهي لا تجري. فقام رجل الشريعة أو المسلم بالرد عليه قائلاً: لا، هي تجري في ظاهر العين. فرد عليه الآخر قائلاً: إذاً هذا الكلام كله ظاهري وليس حقيقياً، أي يتعلق بالعلم. فرد عليه المسلم قائلاً: حسناً، ما رأيك؟ أصبح أنها تجري جرياناً حقيقياً أيضاً، وبعد ذلك أيضاً هذا الجريان الحقيقي أنسب للآية لأنه يقول "لمستقر لها"، يعني ستصطدم في النجم وتقف فيه، لكن الغروب ليس مستقراً بدليل أنها تطلع من الشرق. إذاً أنت عندما تأخذ "لمستقر" هذه، معناها أنها تستقر، والذي يستقر ماذا يفعل؟ يسكن ويصبح ساكناً. ولكل نبأ مستقر وسوف
تعلمون. آه مستقر، يعني استقر في القرار، انتهى. طيب، لو استقرت في القرار، لما خرجت من الناحية الأخرى. إذاً هذه الآية أنسب لحكاية نجم في دورة من الشروق والغروب. هل انتبهت؟ فالمسلم ينبهر. ماذا يعني المسلم وغير المسلم؟ المسلم ليس عنده... مشكلة مع القرآن ويفرح عندما تُقال هذه الأشياء بهذا التأويل، فماذا فعل هذا التأويل؟ لم ينكر العلم ولم ينكر الواقع ولم يُفضّل النص على الواقع، بل فسّر النص من خلال الواقع. ها هو المسلم أمامك، ومن هنا لم تحدث عندنا الأذية المتعلقة بذلك، والشيخ بخيت المطيعي يؤلف كتاباً ضخماً هكذا لا أحد يعرفه توفيق
الرحمن، ربنا وفقه يعني بين آيات القرآن وحقائق الأكوان. انظر كيف يبدو الكتاب! هذا الكلام من ألف وتسعمائة، إنه مبكر جداً. لم يقل غير ذلك. إخواننا النصيون قالوا: "لا، والشمس تجري وأنتم تقولون إنها لا تجري، فهذا تناقض" تماماً مثل الكنيسة الكاثوليكية في القرن. الثامن عشر وذهبوا وألّفوا كتباً مثل كتاب "النور في كون الشمس ثابتة والأرض حولها"، وكتاب "كون الأرض ثابتة والشمس حولها تدور"، و"الصواعق الشديدة على أهل الهيئة الجديدة"، و"الصواعق المحرقة على أهل الهيئة المتزندقة"، فجعل أيضاً وصف العلماء بأنهم زنادقة، ووصف
نفس ما فعلته الكنيسة مع جاليليو ومع كوبرنيكوس، وبعد ذلك وجدوا أنهم مخطئون فغيّروا وخرجوا من هذا الدور وأصبح هذا دورًا تاريخيًا قد تغيّر، فانظر كيف لدينا هذين النصّين مثل إخواننا الذين هناك في الكنيسة، لكن الشيخ بخيت المطيعي مفتي الديار وحامي الزار لا دواعي، وعندما جاءت الصورة قالوا الصورة حرام، لماذا؟ لأن النبي قال ولأن وكذا إلى آخره، حسنًا. رأيك يا شيخ بخيت قال: "ما هي هذه من الصورة". قلنا له: "بالصورة، ماذا إذن؟" قال: "احتباس ظل. أنت وقفت أمام المرآة، والمرآة حبست ظلك. حبست ظلك، حبست انعكاس الضوء على الورق الحساس الذي كنا نستخدمه قديماً، هذا الذي كنا نصنع به الأفلام ونصنع به الأشياء. حبست ظلك وأنت مشيت يكون
إذًا أنه يفكر بطريقة مختلفة، يفكر بأن نفسر كتاب الله المسطور من خلال كتاب الله المنظور لأنه ما صدر من عند الله؛ هذا من عالم الخلق وهذا من عالم الأمر، جاء هذا مصدقًا لهذا. يا مولانا، "ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين"، "اقرأ باسم ربك الذي خلق". خلقَ الإنسانَ من علقٍ، اقرأ وربُّكَ الأكرمُ الذي علَّمَ بالقلمِ الذي هو الوحي. إذاً إذا لم يوجد ما هو الاثنان من عند الله، فلا يمكن أنهما يتنازعان ويتصارعان، ونفضِّل النص لأنه آتٍ من الوحي على الواقع الذي هو آتٍ من الحس. أبداً لم ندخل في هذه الضجة أبداً، ومن هنا. تولدت ما يسمى - وأنا لست مع هذه التسمية - بالإعجاز العلمي للقرآن.
لا، أنت تريد أن تخرج فاصلاً ولا شيء. لا يا مولانا أبداً. طيب، يعني نحن في هذه النقطة بعضنا مع بعض يحاول أحياناً أن يضع الآية تحت ما يتصوره من تصور علمي ويلوي أو يلم ذراع الآية. يرحمه عضو مجمع البحوث الإسلامية المستشار شوقي الفنجري، نعم، وهو شاعر أذاع قضية الإعجاز العلمي وما إلى ذلك. فكوّن لجنة اسمها لجنة الإعجاز العلمي، أي درست هذه الظاهرة. وهناك أيضاً ربما رابطة العالم الإسلامي أيضاً أصدرت مجلة وأصدرت كتباً وأصدرت مقاطع فيديو وهكذا حول هذه القضية، حسناً، نحن لسنا... سنتوقف عند المصطلحات، هناك إبهار للقرآن، فالنص القرآني لا يرضى أن يخالف المستويات
المختلفة للمعرفة، أي الأنساق المعرفية المختلفة، أسقف المعرفة المختلفة. كلما زادت المعرفة، كلما وجدنا القرآن متفقاً معها. هذه هي القصة. فالإعجاز ليس معناه أن أذهب لأبحث عن القواعد العلمية في القرآن حتى أستنبطها أو أن... أنا أذهب لأبحث في القواعد العلمية حتى أطبقها على القرآن؟ لا، ليس هكذا. القضية هي أنني أمامي نص وأمامي أيضاً معرفة قادمة من العِلم، فأقرأ هذا النص ولا أجد إشكالات فيه، فهو لا يصطدم مع شيء، وكلما أتوهم أنه... أنه... قد اصطدمت وأجد أنها ليست هي هذه، وأجد أنها ليست هي عندما تحدث هذه القصة مرة واثنتين وثلاثة
وعشرة وعشرين، فسموه إعجاز القرآن. هذا معجز، لا، هو قرآن لا تنتهي عجائبه ولا يَخلَق من كثرة الرد، يعني لا يبلى من كثرة الرد. يستطيع القرآن أن هو يتواءم مع كل سقف معرفة في هذا المجال، أي أن القرآن الكريم جاء حمّال أوجه. فاصل ونعود إليكم لنجيب على هذا السؤال، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم. قل لنا: لجنة الإعجاز العلمي التي كانت تابعة لمجمع البحوث الإسلامية، إلى ماذا توصلت؟ يعني ماذا أدت بالنسبة لهذا؟ العنوان حينئذ وكانت ذلك منذ سنوات
طويلة، جمعنا أول ما جمعنا كل ما كُتب عن الإعجاز العلمي، وفي ذلك الوقت أتذكر أننا جلبنا مائتين وخمسين كتاباً، مائتين وخمسين كتاباً تحوي كلمة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، أي تفرد الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، نعم، نحن نريد الآن أن نرصد. نتتبع ونرى المفاهيم الخاصة بمعنى الإعجاز العلمي في القرآن، وأيضاً كان اسمها في الكتاب والسنة، فهناك أيضاً إعجاز علمي في السنة. في الحقيقة كما أقول لحضرتك أن هناك انبهاراً بالقرآن، ولماذا هذا الانبهار؟ لأنه لا يتعارض مع أي سقف معرفي موجود في الكون، وعندما يتوهم... عندما يتواصل الإنسان ويجلس مع المختصين في لغة العرب وبلاغة العرب ونظم
العرب، يدرك أنه لا يوجد تعارض، وأن النص قد نجا من هذه المحاولة التي تجعله مناقضاً للواقع. التناقض حدث في ذهني، فالحقيقة العلمية التي توصلت إليها ليست مختلفة مع هذا النص، بل هي مختلفة مع فهمك للنص. والغريب لست مختلفةً مع النص، فعندما يأتي ليعرض ما لديه ويقول: "يا جماعة توصلنا إلى حقيقة كذا وكذا وكذا"، نقول له: "نعم، وما المشكلة؟ هذا ليس معارضاً للآية التي لديكم، أبداً ليس معارضاً". انظر، المشكلة في مَن؟ في فهمي أنا للآية، لأن التعارض حدث بين الحقيقة العلمية وبين... فهم الناظر للآية طيب، يأتي الداعشي فهم من الآية شيئاً، يقول: "والله، أليس ربنا قال هكذا: {وقاتلوا في
سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا}؟" قلت له: "نعم". قال: "إذن دعنا نقاتل" وأشياء مثل ذلك. قلت له: "لا، ولكن انظر إلى الآية، {وقاتلوا}، لم يقل: {اقتلوا}، ففي..." فرق يا بني كبير أنبهك إليه. مفهومه أنه اتخذ هذه الآية أساساً له ليقاتل فَيُقتَل فيدخل النار، أو أنه يَقتُل فيرضى الله عنه فيُمَكَّن في الأرض. فأقول له: لا، هذا خطأ وذاك خطأ. هذا يقول "وقاتلوه"، ولأن هذا يقول لك "في سبيل الله"، قال: حسناً، وأنا... في سبيل الله قلت له: حسناً، أكمل "الذين يقاتلونكم"، فهذا يعني دفاعاً وليس عدواناً. وأؤكد لك على ذلك قوله: "ولا تعتدوا". وأعطاك حقيقة لا يمكن أن
تُنسخ ولا يمكن الالتفاف عليها، وهي أن الله لا يحب المعتدين. سيأتي مثلاً ويقول لك اليوم أن الله لا يحب المعتدين. وغداً أن الله يحب المعتدين، يا بني، هذا غير ممكن. فيقرأ الآية ويتوقف عندها. إنني غاضب منك بسببها، لأنك أنت تخالفها، لأنك أنت تعتدي وتحضر المسيحيين وتذبحهم، واليزيديين، وتقتلهم، والمسلمين يذبحون المسلمين، وتأسرهم وتحرقهم، وما إلى ذلك. يا بني يا حبيبي، إنني حزين من أجلك لأنك خالفت. النص الذي تدعي أنك - ما هي مشكلة هذا الولد، وما هي مشكلة الثاني والثالث؟ الفهم أنه يفهم القرآن على غير ما هو عليه. حسناً، من الذي يفهم القرآن على ما هو عليه؟ يحتاج إلى أدوات. ما هي هذه الأدوات؟ أول شيء اللغة العربية، وثاني
شيء أصول الفقه. هم هؤلاء الذين يفهمون القرآن. علوم الآلة هذه، علوم الآلة يا مولانا. نعم، وثالث شيء قواعد الفكر المستقيم، ورابع شيء علم التفسير. فكل هذه الأشياء تعني أدوات، فهذه الأدوات هي التي تمكنك. حضرتك إن لم تكن لديك هذه الأدوات، فعليك أن تستعين بي وأنا أستعين بك، لكن الذي حدث أن بين ماذا وبين الحقيقة العلمية المستقرة التي توصل إليها جماهير العلماء أو كل العلماء، وبين الفهم الذي استقر في ذهن الناظر. هذا الفهم في الحقيقة غير صحيح، وأول ما يثبت أنه غير صحيح وأن النص يحتمل معنى آخر غير الذي خطر في بالك، لأنك أنت أهملت حروف المعاني وأهملت. السياق والسباق وهكذا وأهملت الأصول
وأهملت العام والذي إلى آخره، أهملت الأدوات، فقام في ذهنك أول انطباع: نعم، هذا ضد الحقيقة، وحينها تتهم القرآن، وينبغي أن تتهم ذهنك إلى أن تسأل أهل التخصص. على طول عمرنا لم يؤتَ لنا بآية تجعلنا نهتز ونغير مواقفنا ونقول: الله أعلم، نحن ما... نحن نعرف يا مولاي أنك بالالتزام واجهت من يأتي متلككًا ومتربصًا. نفسر له ويأتي هنا مخالفة صريحة وهناك صدام حقيقي. هو يتصور ذلك. هدئ بالك أخي، اجلس ونفهمها له. وإذا أردنا التفهيم فهو على مستويات، يعني نشرح له الأمر فيقول: لماذا؟ فنشرح له سببها، فيقول: لماذا؟ فنشرح له السبب الثاني. والثالثة والرابعة والخامسة إلى
أن نصل إلى البديهيات، فعندما يحدث ذلك، يحدث أننا قد وصلنا إلى المسلمات، فهو مُسلِّم بها وأنا مُسلِّم؛ لأننا عقلاء، فينتهي الإشكال. في بعض الأحيان، المغرضون يقولون: "أنا لا أريد ذلك، أنا أريد فهمي أنا الذي هو بغير قواعد وبغير علم وبغير..." غيّر هذا الانطباع، إنها تريد أن يكون موافقاً وهو ليس موافقاً، فأنا لا يلزمني أن نقول له: أنت حر، لكنك لست علمياً. هذا هو العلم، له مصطلحاته، وله أدواته، وله قواعده، وله ترتيبه، لكن حضرتك بدون القواعد ولا الأدوات ولا الترتيب ولا المصطلحات. يصبح انطباعاً، أي أن فهمك هذا ليس اسمه علماً، فقد الشرط كذا يا مولانا، فقد الشروط. نظرية الشروط، نظرية الشروط، نعم
طبعاً نظرية الشروط فقدت، نعم. أحد الإخوة الذين يشاهدوننا قال لي: أنا أريد أن أعمل رسائل في الكلية خاصتي، أحد عمداء الكليات، على نظرية الشروط هذه لأنها... إن الذي سيحل الإشكالات بيننا وبين الدواعش وبيننا وبين الملحدين، يعني حتى الذي يقرأ ويقول: "أنا أرى أن هناك تناقضاً"، حسناً، تعال يا بني، في أي شيء يوجد تناقض؟ أعطني المثال هكذا وأنا أحله لك بالقواعد المكتوبة الواضحة، لا التي وضعتها أنا لكي يكون هناك انطباع. هذه هي القواعد الموجودة. في اللغة الموجودة في الأصول الموجودة في كذا، ومن كثرة الأسئلة، ومن كثرتها، قمنا مرة بتأليف كتاب في ثمانية وعشرين مجلداً للرد على هذه الشبهات، ثمانية وعشرين مجلداً، وتم تأليف كتاب
آخر أيضاً بهذا الحجم حول مسألة أخرى. ما هذا؟ من كثرته، إننا نحب القرآن ونقول والله هذا... لم يقبل أن يتزعزع، هذا لا أحد يستطيع أن يأتي فيه بشيء حقيقي لا يمكن الرد عليه. نعم، انبهرنا بالقرآن الذي يسميه كثير من الناس الإعجاز العلمي للقرآن أو الإعجاز كذا للقرآن. هو في الحقيقة أمر مقيم للحجة، ويجادل "أفلا يتدبرون القرآن"، فهو يريد التدبر، والتدبر يحتاج إلى آلة، والآلة اللغة من ضمنها الأصول من ضمنها التفسير من ضمنها وهكذا المقاصد الشرعية المصالح المرعية التوافق مع كتاب الله المسطور ومن هنا نستخرج من الكتاب المبادئ والسنن
الإلهية والحقائق وما إلى ذلك، ولكنني لا أستحسن بالرغم من كل هذا إلا أن أسميه الانبهار بالكتاب الذي لا تنتهي عجائبه ولا يُبلى من كثرة الرد، إذا كان ربنا يقول: "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق". فضيلتك تفضل دائماً من خلال إرساء قواعد منهجية عن الانشغال بهذه الإشارات. نعم، طبعاً، بدون شك لأن هذه الإشارات تتم متى؟ متى؟ تتم عند المقارنة وتتم عند تفكير بعض البشر في النص المقدس وهذا لا نهاية له وغير منضبط، أي أنه ليس علماً بل هو انطباع. وهذا الانطباع عندما نعرضه على العلم يتبين أن النص باقٍ
دون اعتراض ودون اختلاف فيه وأن هذا النص قوي جداً. ألهذه الدرجة التي تجعله مبهرًا؟ هل هذا يضر سيدنا حينما نجد بعض الناس يركزون على هذا ويصل بعضهم إلى درجة أنه يلزم أن تكون هذه الآية متوافقة مع حدث معين، فيقول: انظر إلى هذا الحدث الذي وقع والقرآن تحدث عنه، ويبدأ الحوار والحديث والأسئلة. هل هذا يضر بالفهم الكلي للقرآن القرآن الكريم داخل الإطار الإسلامي لا يضر، نعم لأنه نوع من أنواع الانطباعات، لكن خارج النطاق الإسلامي والصورة الكلية للمسلمين، نعم يضر. هذا معناه أنه لا، داخل النطاق الإسلامي. من داخل النطاق الإسلامي؟ أناس يحبون القرآن طبعاً، وبعد ذلك
يقول له: "والله، هذا القرآن جميل جداً، إنه جميل". هو جيد جداً، لكن طالما أنه يقول إن القرآن جميل جداً بطريقة تعارض الخطوات التجريبية التي عند الآخر حتى يظن أنه يريد أن يتدخل في شأنه، فهذا يُعد ضلالاً. فنحن لم يسبق للقرآن أن مكّننا من الوقوع في خطأ، وحين أقرأ فيه أخرج منه بتوجه نظري، ولو حدث أن... وأنا جالس أقرأ القرآن، وقلت لنفسي: أليس من الممكن أن أنشئ نظرية علمية تقول هكذا؟ فهذه تكون مثل الإلهامات التي ألهمها الله لديكارت، أو ألهمها لفلان وعلان، أو لافوازيه، أو شخص ما هكذا. لقد حدث معهم، فديكارت يقول حدث له وهو في الكوخ وكان يتمشى، فجاءته فكرة الشك المنهجي.
هو الذي يوصله إلى اليقين، هذه ومضة أتت له هكذا، وبنى منهجه ونظريته في العقلية. لو أتى لنا بأشياء غريبة جداً، كقوله إن الصفر كمية غير معينة، وهذا ما قاله ديكارت، أن الصفر كمية غير معينة. حسناً، وأنت يا ديكارت، ما الذي جعلك تقول إن الصفر ليس عدماً بل هو غير محددة فيبني عليها المحاور وهكذا إلى آخره. هذه المنطقة وهي مناطق تجعلك تفهم حتى الرياضيات العليا بعمق. ومضاد للومضة التي جاءت لنيوتن. من الممكن أن شخصاً يقرأ القرآن فتأتيه ومضة، لكن هذا ليس منضبطاً. هذه انطباعات وتوفيقات التي نسميها فتحاً. أتفهم؟ لكن هذا ليس العلم حتى لا... المشكلة المتعلقة بالإعجاز العلمي هي أن العلماء المتخصصين في العلوم يقولون إنكم تدلسون علينا، فنرد عليهم قائلين: لا، في الحقيقة هم يقصدون الانبهار النصي
وليس الإعجاز العلمي، لأن الإعجاز العلمي يستلزم أن يجعل هذا جزءاً من خطواته، وهذا ما لا يحدث أبداً ويضر ولا... هل يمكن أن يجعل أحدهم النص متجهاً بينما نعم هذه ومضة مثل ومضة توفيق من الله تعالى، توفيق وفتح وانشراح صدر؟ قد يجوز، ولكن إذا كان المصطلح له دلالات سيئة عند الآخرين فهذا يجعلنا حريصين عليه. أما استعماله في داخل مئتين وخمسين كتاباً، فقد ذهبت اللجنة وانتهى الأمر. وصلت إلى تحديد موقع اللجنة ووصلت إلى التحديد ولماذا مستمرة يا مولانا؟ واصلت، لا، ليست مستمرة لأننا انتهينا، درسنا كذا وحددنا المفهوم وكتب فيها أستاذنا
الدكتور أحمد فؤاد باشا وكان نائباً لرئيس جامعة القاهرة وهكذا. وانتهينا، يعني انتهى هذا المعنى، انتهت المصطلحات فانتهى عمل اللجنة بهذا الشكل، مولانا الإمام يعني. اسمح لي في هذا السؤال الذي ربما يلخص ما تفضلت بفضيلتك وأجبت عن كل أسئلتنا: هل هذا يؤكد أن القرآن كتاب هداية وليس كتاب جغرافيا أو كتاب طب أو كتاب علوم؟ لم يقل أحد أبداً أن القرآن كتاب معلومات. نعم، أبداً. هذا الكتاب هو كتاب هداية ولم يقل أحد أبداً إن نمط القرآن في عرضه لما عرض خطي، يعني هذا لو قرأت القرآن يقول لك خلف آدم، وبعد ذلك آدم خلف شيث، وبعد ذلك شيث خلف أنوش، وبعد ذلك أنوش هذا خلف لا أعرف من، موت شالح،
وموت شالح هذا خلف نوح، الله، هذا خطي، هذا يسير بتسلسل تاريخي، وعندما تجد أن الخلق بدأ من خمسة أو ستة آلاف سنة، والقرآن ليس كذلك. القرآن يرسم لك شبكة، يرسم نقطة هنا ونقطة هنا ونقطة هنا ونقطة هنا ونقطة هنا ونقطة هنا، فأصبحت شبكة مثل الشبكة التي يُظهرونها في الأخبار. عندما نرجع إلى الواقع المعيش، هل هو خطي أم شبكة؟ سنجد أنه... شبكة ليست خطاً لأن هناك علاقة بيني وبينك، وعلاقة بيني وبين زوجتي، وعلاقة بيني وبين أولادي، وبيني وبين رئيسي، وبيني وبين مرؤوسي، وبين وهكذا. هذه شبكة. فإذا هذا القرآن الذي يرسم لنا شبكة يتواءم مع ما خلقه الله للواقع الذي جعله على أساس أنه
شبكة، ومن هنا فإن... علاقة المسلمين بكتابهم تختلف اختلافاً بيّناً عن علاقة أصحاب الأديان بكتبهم. هم يقولون إن: "ما بالكم هكذا؟ لماذا أنتم منبهرون؟" لا، نحن لسنا منبهرين فحسب. ما هذه العلاقة العجيبة بينكم وبين القرآن؟ نحن لسنا كذلك مع نصوصنا. نحن يمكننا في هذه النصوص أن نُظهر حيثيتها من حيث كذا الذي... أنتَ تقول عنها هذه، نحن يمكن أن نقيدها، نحن يمكن أن نفعل كذا، فهذا لم يصلنا لكي يظل الدين متوائماً مع مصالح الناس ومقاصد الناس وهكذا. لا تفعلوا أنتم هكذا، لأن طبيعة القرآن شبكية وليست خطية، ولذلك لن يصلح أن نزيل شيئاً ونضع شيئاً آخر يا بني آدم،
يعني يا... إخواننا، لن يجدي نفعاً، ولكن الذي سينفع أن هناك فارقاً كما قلنا مراراً بين النص وبين مفهوم النص، ونحن في مفهوم النص نراعي الواقع ونقرأه من خلاله ومن مقاصده ومصالحه ومآلاته، هل انتبهت؟ ولذلك هذا هو كلامنا الذي نقوله ببساطة أن الإسلام لكل زمان ومكان، لذلك جاء كتاب الله المنظور. مصدقًا لما بين أيدينا من كتاب الله المسطور، شكر الله لكم مولانا الإمام الدكتور علي جمعة وأضحية كبار العلماء بالأزهر الشريف. كل سنة وأنتم طيبون، كل سنة ومصر كلها طيبة وسعيدة. كل عام
وأنتم بخير والمصريون بسلام. دمتم في رعاية الله وأمنه. إلى اللقاء،