والله أعلم | فضيلة الدكتور علي جمعة يتحدث عن أمانة الأوطان | الحلقة الكاملة

أسعد الله مساءكم بكل خير، أرحب بحضراتكم في حلقة جديدة من "الله أعلم". بالأمس تحدثنا مع فضيلة الدكتور حول الأمانة، كيف يكون المرء أميناً مع نفسه، وكيف يكون أميناً مع أسرته والناس الذين حوله. بالأمس تعلمنا وفهمنا من فضيلة الدكتور - حفظه الله وألبسه ثوب الصحة والعافية - أن الأمانة محور تدور حوله الأخلاق، فانطلاقًا من هذا المفهوم أو من هذا المبدأ، سنتحدث عن مبدأ الأمانة مع الأوطان، وكيف نكون أمناء تجاه أوطاننا وتجاه مجتمعنا الذي نعيش فيه. مظاهر الفساد
للأسف الموجودة التي تخلو للأسف من الأمانة والعهد مع الناس ومع الله. للأسف، البعض من المضللين يستحلون دماء الأبرياء، وما زال بالأمس. أترون شهداء الشرطة في حلوان؟ أمور الحياة كثيرة تدل على غياب مفهوم الأمانة في التعامل مع الوطن بصور مختلفة ودرجات مختلفة بكل تأكيد هذا موضوعنا اليوم إن شاء الله، وأرحب بفضيلة الإمام العالم الجليل الأستاذ الدكتور علي جمعة. أهلاً بفضيلتكم، أهلاً وسهلاً، أهلاً وسهلاً بفضيلتك يا مولانا. مولانا ننتقل لمستوى آخر بعد إذن فضيلتك في مفهوم الأمانة، الأمانة مع الوطن. نعم، الدين والشرع وسيدنا النبي عليه الصلاة والسلام كيف فهمنا وعلمنا هذا البعد؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. من أنت؟ هل أنت ولي الأمر أو أنت المحكوم
من الشعب أو أنت الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر؟ من أنت؟ كل واحد فيما أقامه الله فيه عليه أمانة. كان عندنا واحد اسمه أبو مريم الأزدي، سيدنا أبو مريم دخل على معاوية، ومعاوية حينئذ كان ولي أمر المسلمين أو حاكم المسلمين أو خليفة المسلمين، سمِّ ما شئت، فقال: يا معاوية أخبرك حديثًا سمعته من رسول الله عليه الصلاة والسلام، قال أبو مريم الأزدي -صحابي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم-: "من ولاه الله عز وجل شيئًا من أمر المسلمين
-يعني في أي درجة من درجات ما نسميه الآن بالحكم، أي درجة من رئيس الجمهورية إلى رئيس الحكومة إلى رئيس كذا، كله كل واحد مسؤول في مكانه، كل واحد مسؤول في مكانه يستطيع أن يدير أمر المسلمين حتى رئيس الحي، حتى رئيس المكتب، حتى رئيس القسم، إلى كذا. من ولاه الله عز وجل شيئاً من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم، يعني مر علينا غداً يا سيد، هذه هي العبارة التي أصبحت في الدراما التي مثالاً للحجاب فاحتجب دون
حاجتهم وخلتهم يعني الاحتياج الخاص بهم أو المصلحة الخاصة بهم وفقرهم مفتقرين إلى أن تنتهي هذه المصلحة، احتجب الله عنه دون حاجته وخلته وفقره، لا حول ولا قوة إلا بالله. ها هو ذلك يلخص لك، والنبي يقول: كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته يعني إيه أمانة الوطن، كلكم يعني كلكم من هنا إلى هنا، راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته. احذر أن تحتجب عن حاجة الناس، أي كن في المصلحة. هذا سيرد على الشباب الذين قتلوا الشرطة بالأمس لأنهم أفسدوا في الأرض فقط بمفاهيم غريبة عن وطننا، غريبة عن ديننا، غريبة عن تاريخنا، غريبة عن مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم غريبة
عن مراد الله من خلقه، إنما هم يعبدون أنفسهم والعياذ بالله تعالى، لأنهم يريدون أن يعبدوا الله كما يريدون مثل إبليس تماماً، لا كما أراد الله. كن في حاجة أخيك، وكان ابن عباس لأجل أن تكتمل هذه العبارة وتكتمل الصورة، أي ما معنى أمانة الأوطان، وأمانة الأوطان أن أعمل في مصلحة الناس وسد حاجتهم وقضاء حوائجهم وإغناء فقرهم. وفقرهم ليس بالضرورة أن يكون مالياً، بل فقرهم إلى نجاح المساعي وإتمام المصالح. احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره، وانظر أنه لم
يقل يوم القيامة، بل أطلقها وهذا يعني أن ذلك في الدنيا والآخرة. فهذه هي الحكاية، انظر فهذا خلق من الأخلاق وهذه أمانة من الأمانات، إنما وصلها بالعقيدة، وصلها بالله، لو فعلتَ هذا، فالله سيفعل معك هكذا. فتكون كل الأخلاق التي نُؤمَر بها متصلة بالعقيدة. صحيح، حضرتك ذكرتَ بالأمس الحديث الشريف: "لا إيمان لمن لا أمانة له"، مثلًا نعم، "ولا دين لمن لا عهد له"، سيدنا ابن عباس كان معتكفًا لفترة، فترة، لنقل مثلاً عشرة أيام، وبقي له يومان وينتهي، فجاءه شخص وقال له: أنا ورائي شفاعة وأريدك أن تقضيها لي، هذه
المصلحة كذا وكذا. فقال له: هيا بنا. فقال له: لكنك باقٍ لك يومان أو ثلاثة وتنتهي، فانتظر الثلاثة أيام حتى لا تكسر الاعتكاف. فقال: سمعت رسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من سعى في حاجة أخيه كُتب له قدر اعتكاف أربعين. والنبي أطلقها، قال: لا أدري أربعين يوماً أو أربعين شهراً أو أربعين سنة. صحيح، تخيل أن هناك شخصاً معتكفاً لله أربعين سنة، كم يكون أجره؟ أجره كبير وكل شيء. ما رأيك في المشوار الذي ستفعله هذا مع أخينا هذا سيزن لك يوم القيامة أربعين. قال له: أنا مجنون
لأجل يومين أضيع أجر أربعين؟ هؤلاء الناس لم تكن تُثبت حالة، فهو لا يريد أن يُثبت لنفسه أنه اعتكف عشرة أيام، بل يراها مرتبطة بالعقيدة. ربنا سيعطيني كم؟ حسنًا يا عم، الثمانية أيام التي مضت لن يعطيني عليهم شيئاً، حسناً، والسعي الذي سأفعله هكذا سيعطيني عليه أربعين، دعها أربعين يوماً، دعها أربعين يوماً. الله لن يضيع الثمانية أيام على فكرة، إن الله كريم، وسيتمم العمل وسيجعله لأنه تحرك بناءً على هذا المفهوم العقائدي والقلب المتضرع إلى الله، سيحاسبه يوم القيامة على العشرة ويضربهم له في سبعمائة أو نحو ذلك، وعلى الأربعين سنة هذه التي نرجو الله أن تكون أربعين سنة وليست أربعين يوماً، وهكذا.
لكن انظر ما هي مفاهيمهم للحياة، جيد، ويخرج مع الرجل لأن هذا الرجل ابن منطقتي أو ابن وطني أو ابن المسجد الذي أنتمي إليه حتى أقضي له هذا الأمر (أو الشيء) فيسعد ويقضي حاجته أو يسد حاجته ويقضي مطلبه ويُغني فقره. نعم، إذًا مولانا حضرتك تكرمت وفهمتنا أن المسؤول أو الموظف العام، أيًا كانت درجته، عندما يحتجب عن حوائج الناس وعن فقر الناس، يحتجب الله سبحانه وتعالى عن حاجته وعن فقره، وبعد ذلك يبكي، نعم يقول لك هذا الموظف: أنا لا أعرف ماذا فعلت، لماذا لا يبارك الله لي؟ لماذا لا يبارك الله لي؟ أنا لا أعرف لماذا نزل هذا البلاء عليّ. حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا. راجع نفسك، افعل الشيء لله، أصله
بيحسبها ويقول: كم أقبض في في نهاية الشهر؟ يقول هذا المدرس والدكتور وأي شخص آخر، حتى الموظف العادي يقول: إنني أتقاضى مبلغاً ضئيلاً في نهاية الشهر، هؤلاء لا يقدرون تعبي خمسة أو ستة أيام في الأسبوع من الصباح حتى آخر النهار، فهذا على قدر راتبهم، ربما. ومن يحاسب بهذه الطريقة سيتم محاسبته، ممكن أن يسلك هذا المسلك ولكنه هو الذي سيخسر، سيُحاسب. سيقول له: حسناً، تعال، لقد أعطيتك عينين وأعطيتك أذنين وأعطيتك صحة ما شاء الله، وأعطيتك أجساماً كالبغال، وأعطيتك كذا، ماذا فعلت بهم؟ سيحاسب إذن. نعم، ما دام يأخذ مبلغ ضئيل في آخر الشهر ويحاسب بهذا الشكل، سيُحاسب. أعطني إذن الطريق الواسع،
الشارع الواسع هكذا الجميل الذي هو الطريق السريع، ما الذي نفعله؟ أنا عند ظن عبدي بي. أقول له: يا رب، أنا أفعل هكذا في سبيلك، فأجد الأرزاق من حيث لا أحتسب ولا أفكر ولا أعرف من أين تأتيني. حسناً، فهذا يعني أنه ليس بتفكيرك وحولك وقوتك، لا، هذا من عند الله وتدخل أتتذكر عندما توفي عمه في البرازيل، فلم يكن يعرف ماذا فعل، من عند الله تحدث أمور غريبة، لكن جرب، حسناً جرب مع الله، والله لن يخذلك في شيء، إن الله سيكرمك لأنه كريم، لكن افعل شيئاً لوجه الله يا أخي بغض النظر عن هذا وذاك، حب الناس كما كان دائماً مشايخنا يقولون لنا ماذا؟ يقولون لنا معرفة الناس
كنز لا يفنى، عندما تعرف الناس ويكونون يحبونك فهذا كنز لا يفنى، في يوم القيامة ستكون في موقف صعب فتجد هذا صاحبك وهذا حبيبك وهذا يريد أن يخدمك وهذا كذا إلى آخره. بناءً على ماذا إن شاء الله؟ بناءً على هذه الحسابات؟ لا، بل بناءً على أنك أديت واجبك وإنك فعلت ما يرضي الله وأنك قد منعت الاحتجاب عن حاجته وخلته وفقره، فربنا يرده لك أحسن ما يكون في نفسك وفي أولادك وفي من تحب من المحيطين بك، حسناً، أستأذن حضرتك بعد الفاصل في إطار مفهوم الأمانة مع الأوطان ومع المجتمع. بعد الفاصل إن شاء الله نتحدث على الذي يستحل المال العام سواء
كان صغيراً أو كبيراً ما جزاؤه عند الله سبحانه وتعالى، بعد الفاصل ابقوا معنا، أهلًا بحضراتكم مرة أخرى ولا زلنا نتكلم مع فضيلة الدكتور على الأمانة مع الوطن والتفريط في الأمانة مع الوطن، وهذا نفس السؤال الذي وضعناه لحضراتكم على صفحة "الله أعلم" على الفيسبوك: كيف ترى من يفرط في أمانة وطنه؟ مولانا، هناك شقٌ آخر في الأمانة مع الأوطان، وهو للأسف استحلال مال الناس المال العام يعني نرى أنه من الممكن أن يكون ورقة إي فور صغيرة يجدها في المكتب فيأخذها وهو خارج لكي يكتب عليها الأطفال، إلى أن يصل الأمر إلى سرقة الملايين من أموال الناس الفقراء ومن المال العام ويقول والله هذا مال الدولة هذا مال متروك لا يسأل عنه أحد وإذا لم آخذه أنا، سيأخذه غيري، ما رأي الشرع يا مولانا رأي فضيلتكم في هذا الكلام؟ أولاً، ليس لي شأن بما يفعله غيري. وهناك أمور بناها الله
سبحانه وتعالى على العرف: "خذ العفو وأمُر بالعرف وأعرض عن الجاهلين". واستعمال الأدوات المكتبية أو الأوراق أو كذا إلى آخره له حدود في العُرف، فهناك فرق حينما آخذ رزمة، أتنتبه إلى ذلك، وبين أن شخصاً طلب ورقة فأخرجتها له ليكتب عليها طلباً، في حين أنه كان بإمكانه أن يُحضر هذه الورقة من عنده، وكذا إلى آخره. هناك فرق كبير بينهما أن أنا آخذ، ربنا سبحانه وتعالى أباح الأكل والشرب من البستان لكنه لم يبح التأثل. ما هو التأثل؟ التأثل هو أن تدخل البستان فتعبئ
خمس أو ستة أقفصة برتقال وتأخذهم وتمشي. لكن يجوز لك أن تقطف برتقالة، وإذا وجدتها حلوة، فاقطف برتقالة ثانية وثالثة ورابعة، فإن البطن وما وعى البطن يعني ستتحمل كم برتقالة أربعة خمسة ستتحمل كم موزاية؟ اثنان ثلاثة أربعة خمسة، ولكن ليس سباطة. كانت مشكلتنا في مزارعنا أننا نحضر الرجل ليحرسها فتجده جالساً يملأ عشرين قفصاً له وللأحباب وما إلى ذلك. فأأتي وأقول له: يا رجل، أنت هكذا تُنقص إيراد هذه المزرعة أو هذا البستان الذي يُصرف عليها، وهي لا تأتِ بشيء، يقول لي الله يعني أنا أحميها لك وأعرض نفسي لكذا
وكذا، وهو يأخذ أجراً ثم يستقل عشرين أو ثلاثين قفصاً، عشرين أو ثلاثين قفصاً، نعم ما شاء الله، لأنني يجب وأنا وسط أحبابي وجيراني، فأنا أصلاً أتولى إدارة المزرعة، فلا بد أن يكون لي عشرون أو ثلاثون قفصاً، هذا التأثل حرّمه الله، الذي هو أنك تغتني من وراء ذلك. قِس على هذا المرأة في البيت، المرأة في البيت لها أن تدخر، وفي النهاية أن تشتري لنفسها شيئاً كملابس أو غيرها من هذا الادخار، لا مانع في ذلك. كلي وأطعمي أولادك بالمعروف، تقول له: يا رسول الله، أن أبا سفيان رجل شحيح مقتر علي قليلاً، فآخذ من ماله دون علمه وأصرف على البيت. قال
لها: خذي ما يكفي لمصروف البيت ولكن بالمعروف. فالعلماء أتوا على كلمة بالمعروف وقالوا بشرط ألا تتأثل، ما معنى تتأثل؟ يعني أن تجمعي المال، وهذا المال تشترين به سيارة، أو تشترين به شقة، الشقة بمئات الآلاف والسيارة بمئات الآلاف فهذا لا يصح، وإن اشترت أحمر شفاه أو اشترت ما شاءت فلا مانع، وإن أحضرت وجبة إضافية أو أنها وسعت على الأبناء قليلاً في المصروف فلا مانع، كل ذلك بالمعروف قِس هذا على الأوراق الخاصة بالعمل، وقِس هذا على البستان وما سيحدث فيه، وقِس هذا على كل شيء قِس ذلك على الهدايا. كثير من الناس يسألون أنه في بداية السنة تقوم الشركات بالدعاية فترسل لي نتيجة
مكتب، بعض الأوراق، قلم مكتوب عليه اسم الشركة أو اسم الفندق. كل هذا ليس فيه مشكلة لماذا؟ لأن هذا عرف. أما إذا أرسل لي ميدالية ألماس فيها مفتاح سيارة مرسيدس خمسمائة اس أم ساعة بثلاثمائة ألف جنيه مثلاً؟ أتفهم ما أقول؟ ومرصعة بالألماس، فهناك فرق إذًا وهذا ليس عرفًا بل قلة ديانة، أتفهم أنت؟ من أين أتت هذه المسألة ولماذا؟ ما العلاقة التي بيننا؟ أصل أنا أقدم له تسهيلات في البنك للتمويل، نعم فهذه رشوة إذًا، فألف سيدنا الشيخ عبد الغني النابلسي تحقيق القضية في الفرق بين الرشوة والهدية؟ الله، انتبه فهناك فرق كبير بين قلم رصاص أو قلم أكتب به
وهذه تسمى مستهلكات، وبين هذه الأشياء التي لها وزن كبير هكذا. آخرنا في هذا المنبه الذي تضعه على المكتب، هذا فقط وانتهى. فقط آخرنا هكذا وقليل من الورق وقليل من المستهلكات، أما أكثر من ذلك فلا، ويجب أن أتوقف عند هذا الحد. بالطبع الأعراف تتغير، وأصبح الآن يُحضر لك - لا أعرف - وحدة تخزين (فلاشة) أو يحضر لك شيئًا من هذه هذه الأشياء البسيطة لأن العرف يقول عنها هكذا أنها أشياء بسيطة، أما إذا أحضر لك هدية كبيرة ولا توجد علاقة بيني وبينه لكي يجلب لي هاتفاً محمولاً بخمسة أو ستة أو سبعة آلاف جنيه، لا. ولذلك الناس حتى في العالم يقولون لك إن رئيس أمريكا لا يأخذ أكثر من أربعة دولارات، هكذا جرى العرف، والهدايا تعود ثانيةً خلال فترة رئاسته مثلاً، تعود الهدايا.
لكن إذا كانت قيمتها أقل من أربعة أقل من أربع دولارات، نعم، أقل من أربعة دولار. أربعة دولار هذا يعني مصاصة أو قطعة إصبع شوكولاتة، نعم. فإذا كانت أقل من أربعة دولار، خذها يا سيدي مستهلكات. أكثر من أربعة دولار، لا، ضعها هنا وتكون للبيت، توضع كزينة أو شيء من هذا القبيل، فإذا أُحضِر له شيئاً ثميناً ما شاء الله بمائة ألف فليضعها في البيت الأبيض وفي كل الدنيا هكذا، هنا هكذا وهنا هكذا، وكل شيء. إن هناك حدوداً طبعاً عرفية، فهكذا الأمانة من الداخل وليست من الخارج. أعني أريد أن أقول لك إن هذه مسألة داخلية. حسناً، لننتقل الآن إلى الورع، فالورع لا نهاية له، سيدنا عمر كانت زوجته تخصم ما تبقى من الدرهم قروشاً صغيرة أو عملات
صغيرة هكذا، فكانت تضعها في كيس صغير وما إلى ذلك. وبعد ذلك في يوم من الأيام قالت لسيدنا عمر: أنا الآن أشتهي الحلوى الفلانية، فقال لها: وهل نملك نقودًا؟ قالت له: نعم، أنا ادخرت هذه السحاتيت، وهذا السحتوت دانق وغير دانق وهكذا، فخذها واشتري لي الحلاوة بها. هذا أمير المؤمنين، نعم أمير المؤمنين، خليفة المسلمين، خليفة الأمم كلها هكذا. فقال لها: الله، يبدو أن هذا زيادة عن حاجتك، قالت له: "نعم، زيادة عن حاجتي، لكنني أيضاً حرمت نفسي من كذا، قال لها: نعم، ولكن هذا زيادة عن حاجتك فذهب وأخذهم وردهم لبيت المال، لا حول ولا قوة إلا بالله، ولم يُحضر للسيدة ما طلبته من الحلوى. وقد أشار لهذا حافظ إبراهيم في قصيدة العمرية إلى
هذه القصة، نعم، يُضرب به المثل في الورع. وعندما قيل له: "عندما يكون أبوك عمر"، فإذن هناك ما هو حلال وحرام وهناك ما يسمى بالورع والورع هذا لا نهاية له، فلا يرضى أن يأخذ ولا حتى قلمًا إلى بيتهم لأجل كذا، نعم. وهذا الورع حسن طبعًا لا مانع منه، لكن لا حدَّ له، أي يتورع من سبعين باباً من الأبواب الحلال خوفاً من أن يقع في شيء من الحرام. حسناً، وأنا أيضاً أُذكِّرك بالحديث الشريف: لا إيمان لمن أمانة له ولا دين لمن لا عهد له، نجد موظفاً عاماً يؤدي الحج والعمرة كل سنة، ونجد السجادة ما شاء الله تُفرش وقت الظهر والعصر في المكتب. ندخل فنجده يصلي أو مسافر للحج والعمرة، وفي النهاية يسرق من المال العام ويأخذ رشاوى وهدايا لا حصر لها من الناس. هل بالتالي صلاته وصيامه وعمرته وحجه هذا منقوص الأجر؟ لا،
ليس منقوص الأجر، بل هو لا أجر له أساساً. لأن الصلاة يا جماعة ترفع، إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه العمل الصالح يرفعه. فعندما تأتي صلاة لا تنهاه عن الفحشاء والمنكر، لا ترفع، ولماذا ترفع إذًا؟ هي غاية المراد من رب العباد أنها تسقط عنه الفريضة، إنما كيف يأخذ ثواباً عليها إذا كانت لم تؤدِ مهمتها فمهمة الصلاة في أنها تنهاني عن الفحشاء والمنكر، فعندما تأتي نفسي وتقول لي: افعل كذا، أرد: لا، أنا لن أفعل كذا لأن هذا يغضب ربنا، نعم، لو قامت بوظيفتها تكون قد أدت وظيفتها وتُرفع، وإذا لم تفعل ذلك وقلتُ وماله وتكلمت بطريقة سيئة مثل التي يسير عليها الناس، فلن
تُرفع الصلاة. حسناً، ما الذي سيحدث لها؟ إنه لن يأتي ويقول لي يوم القيامة: لماذا لم تصلِّ؟ فأقول له: لا، أنا صليت، لن يسأل هذا السؤال أبداً. مكتوب أنه صلى هو مكتوب أنه صلى. تعالى الآن ابحث عن أجر هذه الصلاة، لا أجدها. أثر هذه الصلاة، لا أجدها. رفعة هذه الصلاة، لا أجدها. وهكذا يكون هذا الرجل الذي يصنع لنفسه هذه الخدعة السيئة، إنه يصنع لنفسه خدعة ينطبق عليها قوله تعالى، كان مشايخنا هكذا الله يرحمهم، كانوا عندما يُذكَر أمامهم شيء كهذا، يقولون شيئًا لم نكن نفهمه في البداية، يقولون شيئاً غريباً جداً، يقولون: عاملةٌ ناصبة، ما معنى عاملةٌ ناصبة؟ عندما يُذكر لي شخص يصلي ويصوم ويعتمر وهكذا،
وهو أيضاً يرتشي ويسرق - في أمان الله - فيقول عنه عاملةٌ ناصبة يا سيدنا الشيخ واحدة واحدة "عاملة ناصبة" كيف تفهمها أنت؟ وهي موجودة في سورة الغاشية "عاملة ناصبة تصلى ناراً حامية تسقى من عين آنية". ما معنى "عاملة ناصبة" هذه؟ قال: طوال النهار يعمل، والعمل يحبه ربنا حتى يتعب، إنما يعمل بما لا يرضي الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، يعني عامل وجاهد نفسه، أي في جهد مبذول، ولكنه عاملة ناصبة، فهذا يعمل وفي النهاية لا أجر له ولا ثواب له، لأنه عاملة ناصبة تصلى ناراً حامية، تُسقى من
عين آنية. لماذا؟ لأنه كما نصفه بالضبط فهو يصلي ويعتمر وما إلى ذلك على أكمل وجه، ولكنه مطعمه حرام وهكذا، كله في الحرام. آه، ما نبت من حرامٍ فالنار أولى به. يبقى هذا "عاملة ناصبة" فعلاً. لازم نفهم القرآن، هم علمونا كيف نفهم "عاملة ناصبة" هذه أثرت فيّ أنا نفسي، تمام ما معنى "عاملة ناصبة" هذه؟ تعني أنه يعمل حتى أصابه تعب النصب هذا يعني التعب والله يا مولانا كنت أظن أنه يعني هذا شخص كافر ومصر على الكفر وأعمال الإجرام، فبالتالي يصلى نارًا حامية أنا كنت أظن ذلك، كلٌ له درجاته، ممكن أن يكون هكذا أيضاً وجالس يعمل في الشر طوال الوقت، نعم وهكذا. لكن هذا وارد، هذا فرد من أفراد عاملة ناصبة، وهذا فرد من أفراد عاملة ناصبة، وهذا فردٌ
من أفراد عاملة ناصبة هم درجات عند الله. صحيح يا مولانا بارك الله فيكم، فهذه الكلمة مفتاح لهذه الشخصية العجيبة التي تظهر لنا العمل، وعمل لا أستطيع أن أقول له بطله، هذا كله خير، وإذ به لا يأتي آثاره فيه، ولذلك النبي يقول ماذا عليه الصلاة والسلام ولو صلى وصام وزعم أنه مسلم ولكن انتهى الأمر، فهو عاملةٌ الناصبة. نعم، عاملةٌ ناصبة، فعندما جاءت قضية الخوارج، آه، حسناً، فقلت عاملةٌ ناصبة ربما هم الذين ليسوا مؤمنين أو شيء من هذا القبيل، وبعد ذلك يقول لك: "الخوارج كلاب أهل النار"، وهم عاملةٌ ناصبة، تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم، يا سلام وهو يضع يده هكذا كأنه خاشعًا وأنت تقول ما هذا! أنا لا أعرف
أن أفعل هكذا وتراه متعبًا جدًا وداخل في الدور تمام والقلب غير خاضع ولا أي شيء فعاملةٌ ناصبة تصلى نارًا حامية تسقى من عين آنية نعم بارك الله فيكم مولانا طيب الشق الآخر الآن طبعاً هناك أوجه متعددة لمسألة خيانة الأمانة مع الوطن. بعد الفاصل نتحدث عن خيانة أمانة الأمن. من المفترض أن كل واحد منا مؤتمن على أمن هذا البلد. يعني الذي يخون هذا البلد في أمنها ويطعن هذا البلد في ظهرها، ما هو وزره أو ما هو جرمه؟ سنرى إن شاء الله بعد الفاصل ابقوا معنا
أهلًا بحضراتكم مرةً أخرى مولانا، في الحقيقة، نرى الأشخاص الذين يقولون: والله إن هدفنا مصلحة البلد واستقرار البلد وأمن البلد وهكذا، وفي الآخر نراهم يفعلون أشياء غير مفهومة، وفي النهاية نجدهم يدعمون ويساندون التفجيرات ويقتلون الناس الأبرياء بغير وجه حق. نرى هذا يحدث، رأيناه بالأمس حدث في حلوان، ونراه يحدث في شمال سيناء. نرى أنه تم وضع قنبلة بجوار منطقة فيها أناس أو بجوار مركز شرطة أو نقطة أمنية أو سنترال، فما حكم الدين والشرع في هذا؟ في مسلم حديث: "من خرج على أمتي لا يميز بين فاجرها وبرها، كنت خصيماً له يوم القيامة"، خصيماً له يوم القيامة، نعم يعني
أن الرسول عليه الصلاة والسلام هو الذي سيقف يختصمه أمام الله، يكفيه هذا، خلاص انتهينا، يعني القتيل نفسه لن يقف، هذا الشهيد الذي قُتل سيرى سيدنا رسول الله، سيمضي خلاص، هو الذي يدافع عنه، كنت خصيماً، أتعرف ما معنى "خصيماً"؟ معناها كبير جداً، كأنه قتل رسول الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، أليس قتل واحداً من أفراد الناس هكذا، وربما يكون الشخص الذي قُتل هذا مقصراً في حياته، ومن الممكن أن يكون مذنباً، لكن عندما حكم الله على هذا الخارجي أن يقتل ذلك البريء بناءً على ما كان من عمل هذا البريء
مقصر فيما بينه وبين الله تعالى، أي إنه مقصر فيما بينه وبين الله. مقصر وكل شيء لكن الله اختار له موتة لأجل نيته الصالحة أو لأجل أبيه وأمه أو لأن حكم الله فيه هكذا أن يموت مظلومًا وقتله. حسنًا، قتلته وانتهى الأمر، وقتلتَ هذا البريء الذي هو عند الله بريء. من الذي يحل محله؟ رسول الله عليه الصلاة والسلام. ماذا يعني أن رسول الله يحل محله يعني هو المفروض أن الله يوم القيامة يقضي للشاة الجلحاء، التي بدون قرنين، ضد الشاة القرناء، يعني توجد شاة لها قرنان والشاة الأخرى -المسكينة- ليس لها قرنان فنطحتها، فيقوم في هذا الموقف باستيفاء هذا الحق، فمن الذي سيطالب بهذا الحق؟ المظلوم
الذي ضُرب، الذي قُتل، فيأتي الذي قُتِل وهو يَشجب دماً يوم القيامة ممسكاً بالذي قتله. حسناً، أما الشخص الثاني الذي قتل بهذه الطريقة، والذي خرج على أمتي لا يميز بين فاجرها وبرها، من سيجد أمامه؟ سيدنا الرسول! يا الله، هذا يكفي. إنه يظن أنه يخدم سيدنا الرسول ويخدم الدين، ولكن ها هو سيدنا الرسول سيظهر له، ولذلك أنا أقول للناس: إنه في يوم القيامة سنرى العجب العجاب، والذي يظنونه موسى سيكون فرعون، والذي يظنونه فرعون سيكون موسى. وكل الجماعات الإرهابية التي تتحدث باسم الإسلام وتكذب طوال الليل والنهار - طوال الليل والنهار جالسون يكذبون - أيكذب المؤمن؟ قال: لا. طوال الليل والنهار جالسون يكذبون، وبإصرار وعنف والآن هم في المعتقل أو في السجن لا يوجد أحد معتقل فهم في
السجن، أبناؤهم في الخارج يلعبون على الكمبيوتر بالكذب لأنهم هؤلاء علموا هؤلاء الكذب، ولذلك نحن نحذر الناس ونقول لهم ليس هكذا، كذب طوال النهار، حسناً ليس مهماً، فنحن ميتون ذاهبون نحن من هذه الحياة، كبرنا أو صغُرنا ذاهبون بعد رحيل السكان من هذا المكان، ماذا سيحدث؟ إلى الله سنرجع، وسينبئنا بما كنا فيه نختلف، وسيرون مَن الذي وقع مع هتلر، ومَن الذي صنع الأجهزة الخاصة للاستيلاء على الحكم، ومَن الذي سفك الدماء المهدورة في جميع الأرض، ومَن الذي استهزأ بأولياء الله، ومَن الذي فعل الفساد العريض في الأرض وكل هذا سيظهر يوم
القيامة، فنحن فقط نبلغ عن الله ورسوله أن ما تفعلونه هذا يا جماعة الإرهاب عليكم في الدنيا والآخرة. وبسبب الرجل الذي مات هذا سيكون النبي خصيمك يوم القيامة يا من قتلت وظننت بجهلك وغبائك شيئاً، فلماذا قدر الله عليك هذا البلاء؟ إلا أن يتوب، نعم، فإذا تاب جاء هذا يطالبه يوم القيامة. افترض أن الرجل الذي قتل هذا اليوم تاب إلى الله فعلاً توبة صادقة، سيأتي النبي بالرجل المقتول الذي سيقول لمن قتله: تعالى، لماذا قتلتني. حينها يقول: أنا تبت، أنا تبت إلى الله. انظر إلى الرحمة، فيمنحهما الله - كليهما - العفو، أي أنه يعطي لهذا ويعطي لذاك لأنه تاب، نعم، فنحن نقول لهم توبوا،
نحن ننصحكم أنتم توبوا. هذا الذي قُتل إن شاء الله هو في الجنة ومن أهل الجنة ووكيله رسول الله صلى الله عليه وسلم. حسناً، وأنت يا موكوس يا متعوس، أنت يجب أن تتوب إلى الله قبل الموت والفوت، هذا الذي نُنبِّه عليه الناس. بارك الله فيكم مولانا، شكراً جزيلاً لحضرتك. نأخذ اتصالين هاتفيين لا بأس، فالوقت قد أصبح ضيقاً جداً. لذا أرجوكم طرح الأسئلة بسرعة. السيدة أم عبد الله، تفضلي يا سيدتي. السلام عليكم يا فضيلة الشيخ: جزاكم الله خيراً، أهلاً وسهلاً، اتفضلي. أنا عندي سؤالان لو سمحت، أول سؤال: أنا عندي الشهادات وأحصل عليها شهرياً وأقبضها شهرياً، وكنت أطلع عليها على فوائدها العشرة في المائة. وكان لدي في الحساب الجاري رصيد فأطلع منه. الآن يا فضيلة الشيخ، أنا الحساب الجاري ليس فيه شيء،
وفقط ما يخرج شهرياً أصرفه على البيت، فأنا لا أعرف عليّ زكاة فماذا أفعل؟ تُخرِجي عشرة في المائة من الإيراد الشهري، افترض أن الإيراد الشهري ألف جنيه، نعم الألف جنيه العشرة في المائة تكون مائة جنيه. أخرجي مائة جنيه منهم، نعم، عندما تخصمين مائة جنيه من ألف ستكون سهلة، اخصميهم كل شهر وأخرجيهم مائة مائة، وأخرجيهم شهرياً يا فضيلة الشيخ؟ وأخرجيهم شهرياً حتى لا يكون ثقيلاً عليك. حسناً، وجزاك الله كل خير، السؤال الثاني: أتوجه إلى فضيلتكم، وأنا حزينة وغير راضية عنه، ولكني سمعته وأريد حضرتك أن تنسى ما سأقوله، سأخبر حضرتك بهذه القصة. إن ما يحدث في البلاد الأجنبية هو أنهم يحتفظون بنطف الرجال والنساء،
وتُسجَّل في هذه النطف أسماء الأمهات الآباء ولكن هذا غير معلن فالفتاة التي لم تتزوج وقاربت أن تصبح - لا تؤاخذني - غير قادرة على الحمل، تذهب مسرعة إلى البنك وتأخذ نطفة وتصبح حاملاً بدون زواج. آه ويقولون لها أنهم بعد عشر سنوات سيعلنون اسم الزوج، أنتِ تريدين أن تسألي عن ماذا؟ فكل هذا معروف لدينا، أريد أن أسأل كيف نوضح أن هذا خطأ للبنات اللواتي فاتهن سن الزواج؟ آه غلط، وليس فقط من فاتهن سن زواج، بل حتى أيضاً للمثليين. يعني أيضاً للمثليين يجعلون عندهم أطفال.
كل هذا يا سيدتي خطأ ضد الله ورسوله، وهم يريدون إرجاعنا إلى مرحلة الحيوانية وتصبح المسائل كلها حيوانية في حيوانية ونحن نقول لا أنتم هكذا ضد كلمة الله. شكراً لك السيدة أمّ عبد الله أم عبد الله الثانية، اتفضلي يا فندم سلام عليكم، أهلاً وسهلاً. لو سمحت، كنت أريد أن أعرف معنى التقوى، نعم التقوى، وكنت أريد أن أسأل سؤال ثاني الله يحفظك. لو سمحت، أنا أصلي الفجر وأصلي كل الصلوات وأقرأ قرآن وأقرأ كل يوم سورة البقرة لكنني أشعر أنني لست على ما يرام، لست أدري لماذا. لا أشعر أن إيماني جيد، ولا أشعر أنني أركز عند قراءتها، أشعر أن الله غير راضٍ عني ولا أعرف السبب. شكراً، جزاك الله خيراً، أكرمك الله. اذكري ربنا كل يوم في الصباح اعملي لك ورداً: لا إله إلا الله مائة مرة، واستغفر الله مائة مرة، والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام مائة مرة. ثانياً: التقوى هي
الخوف من الجليل سبحانه وتعالى، والعمل بالتنزيل الذي هو القرآن والسنة، والاستعداد ليوم الرحيل بأن نؤدي الفروض التي علينا، والرضا بالقليل دائماً كل ما يرزقنا الله ولو شيئاً قليلاً نقول الحمد لله، هذه هي التقوى. بارك الله فيكم مولانا، أهلاً وسهلاً، جزاكم الله خيراً، شكراً لحضرتكم، الشكر موصول لكم، إلى اللقاء.