والله أعلم | فضيلة الدكتور علي جمعة يتحدث عن الأحاديث الضعيفة وحقيقة تنقية السنة | الحلقة الكاملة

والله أعلم | فضيلة الدكتور علي جمعة يتحدث عن الأحاديث الضعيفة وحقيقة تنقية السنة | الحلقة الكاملة - حديث, والله أعلم
بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي كان قرآناً يمشي على الأرض، فقد كان خُلُقه القرآن. أكرِمْ بخُلق نبيٍّ زانه خُلقٌ بالحسن مشتمل، بالبشر متسم. صلوا عليه وسلموا تسليماً. أهلاً بكم في هذه الحلقة الجديدة التي يتجدد فيها اللقاء مع صاحب الفضيلة مولانا الإمام. رسول الدكتور علي جمعة وفضيلة كبار العلماء بالأزهر الشريف لنواصل هذه القراءة المتأنية جداً لإصلاح هذا الواقع الذي نعيشه من خلال هذه الرؤية التجديدية والإصلاحية وهو يؤدي واجب وقته فأهلاً بكم
لنطرح عليه هذه التساؤلات حول السنة النبوية. تعرفنا في الحلقات الماضية على الأحاديث الصحيحة واليوم نتعرف على الأحاديث الموضوعة. والفرق ما بينه وبين الأحاديث الضعيفة وهذه الدعوات المتكررة التي تشوبها بعض الأمور، ويجب أن نفند كل هذه الأمور حول تنقية كتب السنة، وهناك أيضاً من يتطرق إلى حد إنكار السنة، فكيف نقف على كل هذه الأبعاد المختلفة؟ مولانا الإمام، أهلاً بفضيلتكم، أهلاً وسهلاً بكم، مرحباً، اسمح لي يا مولانا. القرآن الكريم الذي هو كلام الله سبحانه وتعالى وصفة من صفاته وأُنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن هذا المدخل فهمنا معنى السنة النبوية الكريمة والشريفة. نقف اليوم عند البعد المهم وهو الفرق بين الأحاديث الضعيفة والموضوعة. يا مولانا، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله. الله وآله وصحبه ومن والاه. أخذت كلامك في تلك المقدمة التي
جمعت فيها نقاطاً معينة وكثيرة ومتتالية عن الفرق بين حجية الحديث وبين ثبوت الحديث. فقد أجمع المسلمون على أن السنة المشرفة وأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم حجة، وأن به تثبت الأحكام، وأنه يفسر القرآن الكريم، وأنه هو التطبيق. المعصوم الوحيد لأن النبي هو المعصوم الوحيد عندنا كأهل السنة والجماعة خلافاً للشيعة، هو المعصوم الوحيد الذي طبق القرآن فكان قرآناً يمشي على الأرض، ومن هنا فإن من ينكر حجية السنة فقد ضل ضلالاً بعيداً، ورأينا وضربنا الأمثال بهؤلاء الذين أنكروا حجية السنة وتركوها خلف ظهورهم، ونتج عنه ضلال.
بعيداً عن كلام لا يقبله أي عاقل بل أي مسلم حول الدين الذي عرفناه وورثناه وفهمناه ونُصَّ عليه، فقد أنكروا الصلاة وأنكروا الصيام وأنكروا مثلما حدث هذا مع الباطنية في التاريخ الإسلامي، وألّف فيهم الإمام حجة الإسلام الغزالي كتاب "فضائح الباطنية" لأنهم يريدون في الحقيقة - أرادوا ذلك أو قصدوه أو لم يقصدوا. إنما يريدون هدم الإسلام والتفلت من الأديان، فإن حجية السنة مجمع عليها. وعندما خرجت طائفة من البشر تدعو إلى تقليد الغرب وإلى تقليد الشرق وإلى الحيرة التي كانت موجودة في البلاد أيام الاحتلال، فإن سيدنا الشيخ عبد
الغني عبد الخالق ألف رسالة الدكتوراه الخاصة به في حجية السنة وألف. كتاباً ممتعاً رائعاً طبعه له مرات المعهد العالمي للفكر الإسلامي في واشنطن، يرد على هؤلاء ويبين أن هذا محل اتفاق وإجماع، وأنه قد انتهى الحديث، وأننا لا نستطيع أن نختلف في حجية السنة، هذه قضية، لكن هناك قضية أخرى وهي قضية ثبوت هذه السنة ومن أجل. ثبوت السنة، كما قلنا، أنشأ المسلمون بتوفيق الله وإلهامهم له أكثر من عشرين علماً من أجل الدراية والرواية، كيف يصححون الإسناد ثم كيف بعد ذلك يصححون السنة. وفي هذا قد تختلف الأنظار، يعني عندنا الإمام البخاري مثلاً انتقده الإمام الدارقطني انتقاداً علمياً، وانتقد
مائة وثلاثة عشر حديثاً من. مجمل الأحاديث الواردة في البخاري، لو تخيلنا أن الأحاديث الواردة في البخاري هي سبعة آلاف وخمسمائة حديث، ولو تخيلنا أن البخاري كرر أحاديثه، يعني أنه كان يقطع الحديث ويكرره في الأبواب المختلفة لأنه صنف صحيحه على الأبواب، ولو أننا حذفنا هذا المكرر لكان معنا ألفان وستمائة حديث تقريباً منهم. مائة وثلاثة عشر حديثاً ينتقدهم الإمام الدارقطني. الإمام الدارقطني عندما انتقدهم فعل ذلك لأمور ظهرت عنده إما في الدراية وإما في الرواية. فيأتي لحديث معين ويقول: "والله أنا أرى أن هذا الراوي أو هذا السند ليس على ما
ينبغي أن يكون رواية للحديث"، وهو حديث لطيف مثل ماذا؟ مولانا حديث خالد بن خالد بن مخلد رضي الله تعالى عنه وهو شيخ البخاري، حديث "من عاد لي ولياً فقد آذنته بالحرب". مثلاً، فيأتي ويقول يعني خالد بن مخلد، فما قال. يعني ماذا؟ فما قال. يعني أن بعض العلماء تكلم فيه، بعض العلماء قالوا لا، يعني ما... هو ثقة جداً، يعني نعم، هذا نص منقسم فيرد عليه العلماء الآخرون، ابن حجر العسقلاني يقول له: "لكن أنت لم تنتبه فضيلة الإمام". طبعاً بينها وبين ابن حجر قرون. فيقول له: "لكن أنت لم تنتبه فضيلة الإمام أن
هذا الحديث بالذات ورد من غير طريق خالد بن". مخلد من إحدى عشرة طريقاً، إحدى عشرة طريقاً، فماذا يعني ذلك؟ يعني كما يقول ليس للإمام، إنما يقول يعني لمن يريد أن يستغل كلمة "اختشي" معناها هكذا: "اختشي". حسناً، أنت تقول لأجل خالد، حسناً، لو حذفنا خالد، فالحديث مروي من غير طريق خالد بن مخلد، ولا يُعرف خالد بن مخلد. عنه شيء ولا هم يعرفون خالد بن مخلد من إحدى عشرة طريقًا، فهذا إذن ثبوت للحديث، وهذا يعني كرامة للإمام البخاري، وهذا يؤكد أنه كتاب أمة وليس كتاب فرد، كتاب بذلت فيه الأمة وقتها وجهدها وتوثيقها حتى أصبح عندنا التوثيق منهجًا من المناهج، يعني تشبع به المسلم.
فلا يقبل أي أساطير ولا أي خرافات ولا أي شيء إلى آخره. حديث هشام بن عمارة عن عائشة، هو هشام بن عمارة لم يرَ عائشة مثلاً، أو يعني "قيل وقيل"، أو هناك كلام هكذا. يعني القصة أن هشام بن هشام بن عروة ابن الزبير، فهشام عائشة خالته، أليس كذلك. هذا ابن أسماء صحيح، أتنتبه؟ زبير بن العوام. فهشام لم يروِ عن عائشة، فهنا يقول هشام بن عروة عن عائشة. كيف يروي هشام عن عائشة في حديث "يأتي أقوام يستحلون فيه الحر والحرير والقينات والمعازف"؟ فقالوا له، لكن ابن حازم يعترض على هذه النقطة، فقال له:
"لا، الأمر أنه سبّ". مِن غيرِ طريقِ هشامِ بنِ عُروةَ ومِن غيرِ طريقِ عائشةَ أيضاً، وليَستفيضوا في هذا ويَجمعوا الأسانيدَ ويُقارنوا بينها ويُقارنوا بين الرُّواةِ، ويُزيلوا هذا الراوي ويبحثوا عن سندٍ خالٍ منه، أي الراوي الذي أتحدَّثُ عنه، ربما هو هذا، فليُزيلوه ويضعوا الآخر، وينظروا إذا سارت هذه المسألة، فإذاً... رضي الله عن هؤلاء الأوائل الذين بذلوا كل هذا الجهد الجهيد والعناء العظيم في هذا المجال، فيكون إذاً الحديث المقبول هذا الذي هو الحديث الصحيح الذي هو الصحيح والصحيح لغيره والحسن والحسن لغيره، كل هذه الأشياء يقابلها الحديث المردود، والحديث المردود إما أن يكون موضوعاً وهذا
كذب مفترى على رسول. صلى الله عليه وسلم، حتى لو كان معناه صحيحاً، فلا ننسبه إلى سيدنا النبي أبداً. لا نقول إنه لسيدنا النبي. يعني مثلاً حديث يصح معناه بالتتبع وبعلم الفلك والهيئة والرياضيات "يوم صومكم يوم نحركم يوم سنتكم الجديدة"، معناه هو حاصل هكذا، معناه صحيح، وعندما جلبنا جداول الحكاية لسنوات طويلة كانت... مرة من بدايات الإسلام، عندما كنت صغيراً، نُشر جدول لخمسة عشر سنة ماضية وخمسة عشر سنة قادمة يوضح كيف أن "يوم صيامكم يوم نحركم ويوم سنتكم الجديدة". ماذا يعني ذلك؟ يعني إذا كان أول رمضان يوم الجمعة مثلاً، ستجد أن العيد يوم الجمعة،
وستجد محرم أيضاً يوم الجمعة. هل انتبهت لذلك؟ نعم. حسناً، هذه من أين أتوا بها؟ أهي صحيحة حقاً؟ لا تحتاجي؟ قالوا: لا، فليس كل معنى صحيح منسوباً إلى النبي صلى الله عليه وسلم. يعني مثلاً يأتي ويقول لك ماذا وهو معنى صحيح: "المعدة بيت الداء وأعط كل بدن ما تعود عليه". نعم، ولكن هذه قاعدة قالها جالينوس وهي مطبقة. الحكيم جالينوس، وهذه معلومة جميلة جداً نتبعها، وهي أن المعدة بيت الداء، وما إلى ذلك من حديث عن الدواء وغيره، و"أعطِ كل بدن معوته" - هذه قاعدة جليلة تعتمد عليها منظمة الصحة العالمية دائماً. أعطِ كل ذي حق حقه. هل تنتبه؟ النبي لم يقل هذا، لم يقل هذا، وقِس على هذا. التي هي
الكلمات التي جرت مجرى القواعد جرت مجرى وهي حق في، بقي كلام باطل آخر كثير ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم مثل رواية الشجاع الأقرع الذي سوف يظهر للناس في القبر وما إلى ذلك، كل هذا الكلام فارغ ولذلك يسمى كلاماً موضوعاً، يعني هل أي من خلال هذا المجهود والجهد المبذول عبر السنوات والأيام والليالي لأكابر علمائنا، عرفوا كل ما
وُضع ونُسب كذباً لسيدنا صلى الله عليه وسلم، اكتشفه العلماء الأكابر عبر هذه السنوات وعبر هذا الجهد، وليقطعوا الطريق على بعض الذين يطرحون تساؤلات ربما تبدو أسئلة بسيطة ومن يذهبون إلى تساؤلات. ضخمة ربما تضر العقلية أو تشوش على العقلية. كل ما رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم محصور، وكل الأسانيد التي رويت بها تلك المرويات، أو كانت المرويات من غير أسانيد محصورة، ثم التصانيف المختلفة جرت عليها، فقسَّم العلماء ما اشتهر بين الناس في عصر من العصور أو في. بلدٌ من البلدان أو ما شابه ذلك إلى آخره... المقاصد
الحسنة فيما اشتهر من الحديث على الألسنة مثلاً، ككشف الخفاء عما التبس واشتهر من الحديث بين الناس. كشف الخفاء والالتباس عما للعجلوني، كشف الخفاء والالتباس عما اشتهر من الحديث على ألسنة الناس. فجمعوا هذه الأشياء كلها التي نقول إنهم وجدوا قرية مثلاً. جلس الرجل بائع البلح والرجل بائع السمك. قال بائع السمك: "من دخل قال رسول الله: من اشترى السمك بعد الجمعة دخل الجنة". فوجد الناس جميعها ذاهبة إلى هناك. قال (بائع البلح): "ما هذا الجهل؟! حسناً، قال رسول الله: إذا اشتريتم السمك فاشتروا البلح"، يعني تعالوا اشتروا البلح. البلح الخاص بالأساطير هذا، كل هذا مختلق. اليد وكلها
نسق وتحت السيطرة أي تحت السيطرة. فهناك أحاديث لا نجد لها سنداً حتى لو كانت على هوى بعضهم. بعض الناس يحب هذا النوع من الكلام. يعني مثلاً توجد أحاديث لها سند ولكنه غير مناسب، فيه واهٍ، فيه كذاب، فيه كذا وكذا إلى آخره، فهي من الأحاديث الموضوعة. القبيحة التي لا سند لها أصلاً، يعني عندما تذهب للبحث، وهل يمكن أن نبحث فنجد السند أو لا نجده؟ نعم سنجده أو لا نجده، وعندما لا نجد له سنداً، خلاص، إذاً لن نستطيع أن نحكم عليه بالصحة أو القبول أو بالضعف والرد، ولا شيء من هذا أبداً، هذه هي القضية كلها، يقول لك. أن جبريل عندما صعد
إلى السماء كُشف عنه الحجاب فوجد محمداً فوق، أي في السماوات السبع، فأوحى إليه القرآن، فنزل فإذا به في الأرض، فقال: سبحان الله منك وإليك. نعم، ما هذا الكلام؟ لا ينطلي علينا، هذا الكلام حديث، أو ليس حديثاً، هو حديث باعتبار الكذب يعني. باعتبار الوضع يعني حديثاً وموضوعاً لكنه ليس حديثاً أصلاً، هذا كلام مرصوص بجوار بعضه تجده في بعض الكتب، ولكن لا سند له، لا يوجد له سند. ثانياً هذا مخالف لأصل العقيدة، يعني ماذا تريد أن تقول؟ تريد أن تقول أن ربنا له صورة؟ ربنا ليس له صورة. ثالثاً تريد... تقول أن الله وهب صورة لمحمد الذي
بالأسفل أم هو محمد الذي بالأعلى وهو محمد الذي بالأسفل، حتى أن جبريل لم يستطع معرفة الأمر. كلها أمور مشوشة ومختلطة لا تستطيع معرفة أولها من آخرها. وأحد المسلمين قال على الفور أن سيدنا هو الله وليس شخصاً آخر، وهذا... المعنى الذي أصبح المقصود في "الربما" هو جزء من المعنى، حتى هذا لم يقله حتى من أورد مثل هذه الأقوال المخرفة. آه، لم تخطر في ذهنه هذه النقطة، لم تخطر في ذهنه. سبحان الله، ماذا يقول؟ يعني ماذا يريد أن يقول؟ أن جبريل عندما تصور له الله في صورة حتى يلقيها. تَصَوَّر له بصورة محمد، فتكون صورة محمد هذه أفضل صورة. وبعد ذلك عندما نزل فوجد محمداً، لكنه لم يقل أن الرب هو محمد ولا أن محمداً هو الرب. حسناً، وماذا استفدت من ذلك؟ يعني المزاج المنحرف لواضع هذا الكلام يرى أن سيدنا محمداً عظيم جداً. حسناً،
نحن نعرف ذلك. يا أخي إنه عظيم ولكن لا يدفعنا هذا التعظيم الذي هو حقه لأنه تعظيم مخلوق، والمخلوق رب هو رب والعبد عبد، وهناك فارق بين المخلوق والخالق. فأنت ستُنشئ لبساً عند الناس حتى بمزاحك هذا أو بالوضع هكذا، فهذه أحاديث موضوعة وهناك أحاديث لها سند لكنها أيضاً غاية في الضعف. اتقوا في فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله. ليس له سند، هذا سند، ذاك سند، ولكنه ضعيف جداً وواهٍ للغاية. حديث جبريل يا مولانا الأول ما وضع نص سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. أورده الشيخ القسطلاني في المواهب، نعم، في أربع صفحات من ضمن الأشياء التي وضعها العلماء. الحديث لكي يعلموا هذا الحديث، في هذا الحديث نعم، أول
ما خلق الله نورنا بك يا جبريل، هذا سطر من أربع صفحات. فإن الله قد خلق الشجر في يوم كذا ومضى رفوش كذا في أربع صفحات. أول ما نرى حديثاً في أربع صفحات نشك فيه، ليس هذا كلام الفصيح. صلى الله عليه وسلم، هذا كلام لا يصح. فقد أوردوه الناس من غير سند. فالرجل سيدنا الشيخ القسطلاني في المواهب يقول ماذا؟ يقول: أخرجه عبد الرزاق -يعني ابن الهمام- في مسنده، وعبد الرزاق ليس له مسند، إنما لعبد الرزاق مصنف، والمصنف غير المسند. المسند يعني أنه جعل كل صحابي بمفرده مثل مسند الإمام أحمد هكذا، أو مسند أبي عوانة، لكن المصنف مقسم على
الأبواب، فعندما جاء هذا الحديث ذهبنا إلى المصنف ولما بحثنا لم نجده، لم نجد فيه المصنف، إذاً هو غير موجود. سيدنا الشيخ عبد الله الصديق الغماري رحمه الله تعالى، وكان حافظاً ومحدثاً إليه المنتهى في هذا المجال، يعني قال هذا الحديث. لا سندَ له ولذلك فهو غير معتبَر، ودلِّل على ذلك يا مولانا. طبعاً وأيضاً مخالف لِما في البخاري "أول ما خلق الله القلم"، وهنا نور النبي. يا سيدي الله يحفظك، نحن نقول إن سيدنا النبي سراج ومنير، وأن نوره غطى العالمين، وكل هذا لأنه "وُلِدَ الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناء". وفي الزمان ابتسامة وثناء، فنحن لسنا ناقصين حتى تفعل هكذا. المهم أن جاء أحد الناس المحبين، وخدعه شخص بقطعة
وقال له: "هذه هي النقصة من مصنف عبد الرزاق". فذهب وطبعها وقال: "ها هي النقصة، فيها حديث". وفعل ذلك بحسن نية، عملها بحسن نية لأنه خُدع. صحيح أنه لا يوجد شيء يُسمى هكذا، فنحن بحثنا ووجدنا أن علامات التزوير واضحة عليها. لكن الشخص العنيد الذي يحب هذه الأمور يقول لك: "لا، أنا سأتمسك بها بقوة وعندما يقول لي أحدٌ كذا..." لا، هذا جدال لا طعم له ولا معنى له، ولم يكن مشايخنا عليه. مشايخنا كانوا... يبحثون عن الحق، ولذلك وجدوا من يستمع إليهم لأنهم يبحثون عن العلم وعن الحق وعن الواقع، ويبحثون عن هذه الأشياء غير ناظرين إطلاقاً للتعصبات أو تحزبات أو
هوى موجود في النفس إلى آخره. وما يكفي في الكتاب والسنة من شأن التعظيم لسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، يعني هو... من عند الله ويفوق كل هذه المحاولات، وأول نبي عليه الصلاة والسلام غني عن هذه المحاولات لأنه هو في المكان الأعلى صلى الله عليه وآله وسلم. ففي أحاديث موضوعة كثيرة وألَّف فيها المؤلفون وهكذا، ولكن في بعض الأحيان العالِم أيضاً تأخذه العظمة هكذا وينكر حديثاً صحيحاً، نعم، هل تنتبه كيف؟ أي على سبيل المثال، سيدنا الإمام ابن الجوزي رضي الله تعالى عنه ورحمه الله توفي سنة خمسمائة وخمسة وتسعين، أي في القرن السادس الهجري، عندما كانت الكتب موثقة ومقروءة وما
إلى ذلك، وجد حديثًا في صحيح مسلم أن الله سبحانه وتعالى خلق يوم السبت كذا ويوم الأحد كذا ويوم الاثنين كذا يوم الجمعة. هكذا الله، ما هذا؟ هذا معارض للقرآن لأن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام، وسيادتك هنا في الحديث تقول أنهم في سبعة، سبعة أيام، فيكون موضوعاً على الفور. فنص في الموضوعات لابن الجوزي على أن هذا الحديث موضوع. ما الذي دفعه لهذا؟ ما الذي جعله ينكر هذا القرآن؟ الكريم، هل انتبهت جيداً؟ تعال نفكر قليلاً. قال له العلماء: "يا ابن الجوزي، لقد تعجلت في هذه المسألة. انتظر! صحيح أن هناك سبعة أسماء، لكن من الممكن أن
تكون ستة أيام." فقال لهم: "كيف ذلك؟" قالوا له: "بدأ الخلق الساعة الثانية عشرة من يوم الجمعة، فانتهى الساعة الثانية عشرة." يوم السبت وهل انتبهت؟ كم تكون تلك الأيام؟ ستة أيام، لأن هناك اثنتي عشرة ساعة من بداية اليوم غير موجودة، ومن نهاية اليوم الأخير غير موجودة، وإن كانت لها أسماء السبعة. أي أنني غادرت القاهرة الساعة الثانية عشرة يوم الجمعة، وعدت الساعة الثانية عشرة يوم السبت، فكم يوماً تغيبت؟ يوماً واحداً غبت بهذا الشكل ستة أيام، ستة أيام من البداية. سبعة؟ لا، أنا اثنا عشر يوماً. يوم السبت ذهبت ورجعت يوم الجمعة الثاني عشر، لكي تكون سهلة في آخر أسبوعه. أتنتبه؟ فسيكون من السبت إلى الجمعة، إذاً هي ستة أيام. حسناً، أين
الاثنتا عشرة ساعة والاثنتا عشرة ساعة التي تشكل الأربع والعشرين ساعة؟ الذين نقصوا الاثنتي إشاعة الأوليين والاثنتي عشرة ساعة الآخرين فتكون الأسماء سبعة لكن الأيام ستة ولا يوجد موارد ولا شيء، وهذه الطريقة يسمونها طريقة الجمع، فلا تتعجل. ليس كل شيء لا يعجبك في البخاري تقول ما هذا؟ كيف لا أعرف؟ لا، هذه لها جمل لأن عليها أحكام سيترتب عليها. أحكامٌ شرعيةٌ عندما نُلغيها يضيقُ الإسلامُ على أهلِه، عندما نُلغيها نُضيّقُ على خَلقِهِ الأحكامَ، اللهُ لم يُشدّد كثيراً، أتفهمُ ذلك؟ فأنا الآن أتحدثُ عن أشياءٍ تحتاجُ إلى تفكيرٍ، وأيضاً يجبُ أن يعرفَ الناسُ أنَّ الأحاديثَ لماذا لا تُخبرُنا أنَّ كلَّ شيءٍ فيها واجبٌ، يعني حديثُ الذُباب، إذا وقعَ الذُباب... في إناء أحدكم فليغمسه
وليطرحه، حديث صحيح يا مولانا، حديث في البخاري وصحيح، وأخذنا منه أحكاماً. وعندما حدثت المجاعة في أفريقيا والناس صنعت أوعية هكذا تشوي فيها أو تسلق فيها الماعز، لأجل أن تأكل، والذباب يحوم هكذا حولهم، ماذا أفعل؟ ما حكمها؟ الذباب لو وقع يصبح هكذا نجساً، لكن هذا الحديث... ينتقصني ويقول لي: "لا، إنها ليست نجسة، أخرجها وكلها واطمئن". حسناً، لو أن ذبابة دخلت غرفة ملكة إنجلترا - ليس وقعت في الإناء - لانقلبت الدنيا، لانقلبت الدنيا! وهل قال لك أحد أنه واجب أن تفعل هكذا؟ إنه ليس واجباً يا بني، هذا لكي يُبنى عليه حكم، لأن الإسلام خاطب الله به. العالمين الذي عنده مجاعة والذي ليس عنده، والذي نفسه تقبل والذي لا تقبل، والغني والفقير،
والعبد والسيد، افهموا أنه ليس شجاعة ولا يترتب على ذلك شجاعة أن ننكر ونكرر الإنكار فنضيع على أنفسنا. وأيضاً الناس تتخيل تخيلات، وهذه التخيلات باطلة. إذاً نحن ما بين العقل والنقل حدود. العقل يتعامل مع النقل ليكون الحكم صحيحًا وسليمًا في إطار ما شرعه لنا مولانا وشرعه لنا سيدنا. سأطرح سؤالي مرة أخرى، سؤال حول العقل والنقل. دعني أسأل فضيلتك، لو سمحت لي، عن الحديث
الضعيف، يعني كيف نتعامل مع الحديث الضعيف، وهل كل حديث ضعيف يؤخذ به في فضائل الأعمال كما يُقال دائمًا؟ نسمع من أصحاب الفضيلة أنه إذا حكمنا على الحديث بالوضع تركناه مطلقاً، وإذا حكمنا على الحديث بالقبول بدرجاته قبلناه مطلقاً، ثم يأتي دور التفسير ودور الجمع بين الأدلة وهكذا. فليس كل حديث صحيح يؤخذ به مطلقاً هكذا، بل هناك ناسخ ومنسوخ، وهناك مطلق ومقيد، وهناك مجمل ومبين، وهناك عام وخاص، وهناك... أصول للفهم ينبغي أن تكون معنى لأن هناك فارقًا كبيرًا بين النص وتفسير النص، فليس بمجرد أن الحديث صحيح - حديث "يقطع الصلاة
الكلب الأسود" وما إلى ذلك "والمرأة والحمار" - حديث صحيح، هو بعد ذلك قال له: يعني كيف؟ ما هي حكاية أن المرأة تقطع الصلاة؟ طيب والقطة لا تقطعها؟ يعني والمرأة؟ هي التي سقطت من الآفة يعني كيف؟ يعني هذه القصة. أجمعوا (اتفقوا) جميعهم الأربعة على أن الحديث نُسِخ بحديث الفضل ابن العباس عند البزار أنه كان يصلي ويمر أمامه الكلب الأسود والحمار والمرأة وكل شيء، وكانت السيدة عائشة تغضب كثيراً من هذه الرواية التي يقولونها في خلل حدث. في السمع توجد روايات متعددة. قالت - عفا الله عنكم -: "أجعلتمونا مثل الكلاب والحمير؟". أي أن
الحس الفقهي الذي تمتلكه السيدة عائشة هو الذي جعلها تقول لهم هكذا. الحس الفقهي لديها أبى أن يكون ما سمعوه صحيحاً. فهناك اختلاف في الرواية المسموعة وما بُلِّغوه مما سمعه الآخرون. وعلينا الآن أن نقارن بين ما سمعه هو وما سمعه الآخرون. وسنجد فوارق وسنجد فجوات وسنجد أشياء عندما يأتي حديث واحد سمعه هكذا من الرسول يقول لا وصية لوارث، والله جعل الوصية للوارث في القرآن. فنجلس لنتدبر ما هذا الأمر، أهذا شيء وذاك شيء آخر؟ أم هذا نسخ لذاك؟ وهل يمكن للسنة أن تنسخ القرآن أم لا يمكن؟ ونجلس... نفكر ونحضر تفسير النص. شيءٌ كنت تقول إنه لم يرد، بل هو كذب على رسوله. من الذي قال لك أنه كذب على رسول الله؟ لكن ليس معناه أنك لا تعطي للوارث النصيب. إذن ما معناها؟ إنها واضحة. ما الواضح؟ عندما تكون أنت
جالساً عند بيتكم على المصطبة. الخاص بعمدتكم، لكن العلم له حرمته وله أدواته وله مناهجه. احتشموا الآن، لا وصية لوارث. لنجلس، أول شيء نرى الثبوت، والشيء الثاني نرى المعنى، والشيء الثالث نرى الجمع. كُتِبَ عليكم إذا مات أحد، إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين. حسناً، الوالدان من الورثة لا يسقطون ولا يُحجبون إطلاقاً وهذا نص صريح وهذا نص صريح واضح، هل انتبهت؟ فكيف تقول أنه لا توجد وصية؟ فشخص يقول: حسناً، لا بأس، أنا سأميل إلى الجمع ولن أميل إلى التقديم. نحن في مصرنا ملنا إلى التقديم وقلنا خلاص توجد وصية لوارث
وانتهى الأمر. القانون هكذا وطبعاً حكم الحاكم الذي... هو مجلس الشعب أو مجلس البرلمان هذا، عندما يُصدر قانوناً يرفع الخلاف، خلاص يصبح الخلاف بيني وبينك أنت في الحياة الشخصية، لكن خلاص أصبح حُكماً علينا لأنه هذا اختيار الرجل الذي فوق. من هذا الرجل؟ البرلماني، ليس الرجل الحاكم يعني الوالي الذي يحكم البلاد، لا، إنه البرلماني. الذي هو السلطة التي اجتمع الناس وفكروا وعملوا ونظموا أمورهم في ذلك من روح الشريعة الإسلامية. هو الأمر هكذا، الأمر هكذا، اسمعه وأطعه لِمَن؟ للوالي الذي أعطاه الله هذا الأمر، ليس لديكتاتور، لا، بل لهيئة موجودة وتعرف كيف تستنبط الأحكام وهكذا، وفوق هذا البرلمان توجد الآية المحتملة الأولياء الذين... تقول له: "على فكرة، أنت خالفت
السابق واللاحق، نعم، فما هو السابق واللاحق؟ فإذا كانت هذه هيئات، فأنا أتعامل مع دولة ولست أتعامل مع جماعة إرهابية بثلاثة أشخاص. لا، أنا أتعامل مع دولة، مع نظام. فيأتي ويقول: لا وصية لوارث. نحن قلنا في مصر سنقدم القرآن على الحديث، هذا هو." يأتي الإمام الرازي ليقول لك ماذا؟ "لا، أنتم لستم منتبهين". قلنا له: "حسناً، ما دام هناك معنى آخر فلنستمع، لأن هناك حرية للرأي إذا كان منهجاً علمياً". يا مولانا، بالمنهج العلمي، منهج علمي لأنه رازي. هذا هو الرازي. طيب، على العكس، قال: "لا، أنا متهيأ لي شيء آخر". قلنا له: "ما هو؟" قالوا إنه... الوصية للوارث، لكن الوالدين الذين ليسوا ورثة يدخلون في الوصية. وخذ بالك أن "ترك خيراً الوصية للوالدين"، هؤلاء الوالدين ليسوا مسلمين، إذن لن يكونوا ورثة. فماذا نفعل لهم؟ نعطيهم وصية. ما
أجمل هذا! ما أجمل هذا! حسناً، نحن سنسير على أي قاعدة؟ سنسير على أن الوصية للوارث تجوز. لماذا؟ طالما قال المُشرِّع ما يقول أو لا يقول، ونحن لا نضيّق على أحد رأيه ولا علمه ولا فقهه ولا استنباطه ولا غير ذلك، وإنما عندنا حكم الحاكم الذي هو مَن؟ الحاكم هنا البرلمان والنظام القضائي الذي يُسمى القانون. سميناه نحن أسماء أخرى، فهو يرفع الخلاف وانتهى الأمر وأصبح هو الفيصل. وهكذا، حسناً، لو ذهبتُ إلى البحرين أو الكويت أو مثلاً الإمارات ووجدتُ أن هناك حكماً آخر ينفذونه، نعم، فهناك أهل البلد يقولون إنه يجب علينا أن نعمل وصية. لا، ليس واجباً، هذا جائز. وإذا عملتُ وصية لوارث وأبطلوها، فحسناً، يجب أن نتبع حكمهم لأن حكم الحاكم يُلزم.
الخلاف يجعلنا نتبع اختياره حتى نكون متناغمين مع بعضنا، مثل الوصية الواجبة يا مولانا، نعم مثل الوصية الواجبة، مثل الوصية الواجبة عام ألف وتسعمائة وستة وأربعين مثلاً، أخذت بها الشام وأخذ بها العراق بعدما أخذناها، بعدما طبقناها نحن هنا في مصر، فنحن الأساس والله. نعم، وأخذت بها أفغانستان، وربما السعودية لم تأخذ بها مثلاً، لكن أخذت بها الإمارات وأخذت بها دول أخرى. ربما السعودية لم تأخذ بها، حسناً. أنا لو كنت سعودياً لالتزمت بولي الأمر الخاص بي الذي يختار، لأن الاختيار الفقهي يبدو هكذا. لكن هناك فرق بين النص، ها هو النص: "لا وصية". الوارث، نحن طبعاً قلنا لا، هذا السند خاصته ليس بهذا القدر، أتفهم؟ لكنه ليس موضوعاً فاستدل به
أقوام ولم يستدل به آخرون، وحدثت عملية جمع وعملية معرفة للمجمل والمبين، للخاص والعام، للمطلق والمقيد، لك عمل منهج، ما الفائدة؟ أمثلة هي للمقبول والمردود، ما هو المقللون نأتي إلى السؤال الذي... طرحته منذ قليل وهو العقل والنقل، البعض من الأصحاب ذوي الآراء المختلفة وأصحاب الأمزجة المتنوعة أحياناً يقولون: كل ما يقبله العقل نأخذه وكل ما يرفضه العقل نرفضه. كيف نتعامل مع النص، مع النقل في إطاره؟ وأعني هنا سنة سيدنا صلى الله عليه وسلم، وليس كلاماً جميلاً من الخارج فقط. الله الله. يعني نعم، هو لأن العقل هذا هو العقل الذي هو ماذا؟ نعرف العقل،
نعرف العقل، نعم العقل هو هواك، هذا يسمونه هواك. فيقول لك كلما يخالف هواي فأنا أرفضه. لا يا أستاذ، هذا هواك وليس عندي ثلاثة، لكن العقل هذا نعم، فعندي الأربع أشياء: الدماغ، المخ الذي... هو اسمه العقل والحواس السليمة والواقع المحسوس والمعلومات السابقة. إذا اكتملت هذه عند إنسان فقد اكتمل عقله وبه التكليف. حين يبلغ الإنسان مبلغ كمال العقل باكتمال المعلومات السابقة يُكلَّف ويُسمى بالغاً امرأةً كانت أو رجلاً، ويبدأ في دور المحاسبة والتكليف، كلٌ بحسب علمه، ذلك مبلغه من العلم. العقل هو مجموعة القواعد
الأساسية لبناء البدهيات العليا، أنّ واحداً زائد واحد يساوي اثنين، أنّ الكل أكبر من الجزء، أنه لا يجوز إدخال الموسع في المضيق دون أن يتسع المضيق أو يضيق الموسع، الذي هو حتى يلج الجمل في سم الخياط، أنّ السماء فوقنا والأرض تحتنا، وهكذا. حسناً، ما هو؟ هذا عقل يكون إذا هذه القواعد التي هي مجموعة البدهيات والمسلمات العليا، يسمونها العليا لماذا؟ لأنها هي التي حاكمة بعد ذلك على "وهذا هو الكون الذي خلقه الله بالحق"، بالحق يعني ماذا؟ بالأمر الثابت، يعني ربنا جعل اثنين واثنين أربعة، تعطيني برتقالتين وبرتقالتين يصبح أربعة، موزتين وموزتين يصبح أربعة، تعدلي. المليون في المليون يساوي أربعة
ملايين. كان من الممكن أن يجعل الله أنه عندما نضع برتقالتين مع برتقالتين ونعدهم يكونون خمسة. وكنا حينها نقول اثنان واثنان يساوي خمسة. كان من الممكن أن يجعل الله سبحانه وتعالى الاثنين والاثنين إذا مر عليهما النهار يصبحان خمسة. فيكون اثنان واثنان يساوي أربعة اليوم، وخمسة غداً. إنه قادر، قادر. كيف يحدث هذا التلامس؟ ما بين البرتقالات الأربع كان يولد برتقال خامس، العالم شكله هكذا، خلق الله العالم هكذا. إنه عالم آخر، ليس عالمنا، إنما خلق السماوات والأرض بالحق، نعم، ليس بالتغير، هل تنتبه؟ فإذا العقل له مهمة، أول مهامه هي الفهم، ثاني مهامه هو الاستيعاب، ثالث مهامه هو
التطبيق. هذه هي المهام الثلاث الكبرى. أصحاب العقل نخبرهم مجدداً كي يكون لدينا تصور ما، سيدنا، كل واحد هكذا أمامه الخريطة، كيف يبدو المخطط؟ أريد أن أفهم. نعم، ماذا تريد أن تفهم؟ أريد أن أفهم كل شيء، أن أفهم النص المقدس، أن أفهم النص الذي هو النتاج البشري للبشرية، أستفيد منه وأسعد به، أفهم الدنيا والعالم والواقع المعيش. إذن الفهم هو أول شيء، الفهم. افهم ماذا يقول القرآن وماذا تقول السنة. افهم كيف فهم الناس هذا الكلام عبر العصور. افهم واقعي الذي أعيشه. افهم المآلات: ماذا سيحدث عندما أفعل ذلك؟ الفهم هو الخطوة الثانية، وبعد الفهم يأتي الاستيعاب، أي أن أستوعب
وأربط. لقد فهمت بالفعل، فهمت المعلومة رقم واحد واثنين وثلاثة. هذه في النص وهذه في الواقع وهذه في كيفية الربط بينهما. فهمتُ؟ الاستيعاب أصبح أن أعرف كيف أحوِّل ما فهمته وأهيئه للتطبيق في العملي. التطبيق... التطبيق... نعم، فآتي بعمل رقم ثلاثة وهو التطبيق. يكون العقل أيضاً بعد دراسته وفهمه، بعد فهمه ورقم اثنين استيعابه وتهيئته هكذا وهضمه. مثل النحل عندما يعمل الظهور ويصنعها عسلاً، يعطي العسل، يعطي العسل، فالعسل في بطنه لا يخرجه، ينتج، ينتج العسل. أتلاحظ أن العسل يخرج من فم النحل؟ بعض الناس يظنون أنه ليس من
فمها، لا، إنه من فمه. فهذه الثلاثة هي التي يقوم بها العقل، ولذلك. العقل هذا عليه دور كبير، وهذا العقل طيب. حينما تحاول أن تفهم ولم تفهم وتوجد مشكلة أو خلل، يقوم العقل بمحاولة حلها. وعندما تحاول أن تستوعب ولم تستوعب ويكون هناك تناقض لديك، فينبغي عليك أن تفكر وتتدبر وتسأل وتجرب وتعمل علماً ومناهج وتعليماً. وعندما تحاول التطبيق ولا ينفع التطبيق، فيجب عليك أن تضع قواعد لهذا التطبيق، وهكذا. فانظر، هذا هو دور العقل، دور مهم جداً؛ لأنه بدونه لا توجد إنسانية، ولا توجد بشرية، ولا يوجد مجتمع، ولا توجد عبادة، ولا توجد عمارة للأرض، ولا توجد تزكية للنفس، لا يوجد شيء، بل يكون هناك عدم. فالعقل مهمته أنه أعطاني القدرة على الفهم
والاستيعاب والتطبيق. ماذا يريد أن يفعل صاحبنا الذي يدعو إلى العقل هذا؟ أن يحكم هواه على العالمين! "أفرأيت من اتخذ إلهه هواه"؟ هذا اسمه هوى يا أستاذ، وليس اسمه عقلاً. العقل يمنعك من فعل المنكرات ويدفعك إلى فعل الطاعات، لكن ما أنت فيه هذا هو هوى، ولذلك خلل اللغة العربية. هنا وإن الناس تخلط ما بين الهوى وما بين العقل مما يجعلنا ندخل في جدليات لا نهاية لها وفي تعميات لا نهاية لها. العقل هو هذه الأداة أو هو هذه القواعد أو هذه المعلومات الأساسية التي بها يتم الفهم فالاستيعاب فالتطبيق. النقل
إما أن يكون مقدساً على العين والرأس. مصادر للشريعة أو يكون غير مقدس كتجربة زمنية لمجتهدين الأكابر عبر العصور وأنا دوري هنا الفهم والتطبيق وهنا الاستئناس والاسترشاد بمناهجهم وعدم الوقوف عند مسائلهم حتى أتحرر من الزمان وحتى أدرك زمني وأدركه تحقيقاً للمقاصد وتحقيقاً للمصالح ومراعاة للمآلات واعتباراً للإجماع ومحافظة على اللغة ومجموعة من الأهداف الأخرى. الواضحة المقالات ولكن أريد أن أضيف إلى النقل والعقل ثالثًا وهو الذوق الذي ينساه الناس كثيرًا. إذًا نحن
لدينا ثلاثة وليس اثنين: العقل والنقل والذوق، والذوق هنا في القلب الذي يعني "استفتِ قلبك وإن أفتاك الناس"، وهو من القلوب الضارعة إلى الله الذي يجعل لكل شيء غاية ولكل. شيءٌ له معنى، فيتوجه بكل هذا لله رب العالمين. هذا القلب ماذا يفعل؟ إنه يُحدث التوفيق، يُحدث هذه البركة التي نفتقدها كثيراً عندما نقتصر على العقل والنقل. الفوارق بيننا وبين من فتح الله عليه من النابغين هو هذا الحال. يجب أن نُدخِل هذا القلب (في عملنا) لأنه هو المتعلق بمرتبة الإحسان. تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فهو يراك. يعني مولانا الإمام يفتح أمامنا
طرقاً كثيرة للرد على تساؤلات مهمة جداً حولها. إذا ما أصاب العقل، العقل الفردي الذي هو الهوى، خلل، فالعجب أن يلجأ إلى العقل الجمعي يا مولانا، إلى الجماعة العلمية. ولكن هذا سؤال سنعلق الإجابة عليه. اسمح لي لأنه يحتاج إلى وقت ولكن اسمح لي أن نقرأ بعض تعليقات السادة المشاهدين حول سؤالنا في صفحة الفيسبوك: "برأيك من له حق الحكم على الأحاديث النبوية ومعرفة غير الصحيح منها؟" يعني الأستاذة الدعاء المصري تقول: "أهل التخصص من علماء الحديث الدارسين لعلوم الإسناد ومن لديهم دراية بأساسيات العلوم". الشرعية وكيفية استنباط الأحكام ومعرفة مدى قبول أو رفض الحديث طبقاً للشريعة وليس تبعاً للأهواء. الأستاذ محمد سعد يقول: "طبعاً العلماء المتخصصون في علم الحديث الذين قضوا سنوات يدققون أعينهم في الكتب بمنهج علمي منضبط، وليس مجرد قراءة فقط، إذ يوجد أناس يا مولانا لمجرد أنهم حفظوا بعض الأحاديث ظنوا..." أنفسهم محدثين للأسف سنذهب إلى الأستاذ
مجدي زهران الذي يقول هذا تخصص علمي يخص كبار علماء الأزهر المتخصصين، فليس كل من هب ودب طبيباً أو مهندساً وكذلك عالم حديث. هذه هي مداخلات السادة المشاهدين حول هذا السؤال يا مولانا. هيا نسير إن شاء الله على بركة الله وهدي رسول الله صلى الله. عليه وسلم والله سبحانه وتعالى نسأله أن يشرح الصدور وأن يهدئ البال وأن يصلح الحال وأن يوحد الأمة وأن يرزقنا علماً نافعاً وقلباً خاشعاً وعيناً دامعة ونفساً قانعة وشفاءً من كل داء. شكراً لك لأنك تنبه الناس وترفع هذا الالتباس. شكر الله لك صاحب الفضيلة ورضي الله عنك. دائماً شكراً لكم، أنتم في رعاية
الله وأمنه، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.