والله أعلم | فضيلة الدكتور علي جمعة يتحدث عن الفرق بين الحديث الصحيح والموضوع | الحلقة الكاملة

أسعد الله أوقاتكم بكل خير وأهلاً بكم في هذه الحلقة الجديدة مع مولانا الامام الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف لنسأله اليوم ما الفرق ما بين الحديث الصحيح والحديث الموضوع ما ما هذا الكم أو هذا الجهد الكبير الذي وصلنا به أو من خلاله إلى الحديث الصحيح، وكيف نميز، وما هي الضوابط التي وضعها العلماء. مولانا الإمام، أهلاً بفضيلتكم، أهلاً وسهلاً بكم، مرحباً سيدنا، صلى الله يقول: "من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من
النار" أو كما قال. صدق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. مولانا، كيف نفرق ما بين الحديث الصحيح والحديث الموضوع من خلال الجهد المبذول من علمائنا الأكابر. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه. ومَن والاه أولاً، حاول المسلمون بما ألهمهم الله سبحانه وتعالى به ووفقهم إليه أن يوثقوا النصوص، لأنها نصوص باللغة، وما دامت هي نصوص بلغة فتحتملها وتكتنفها الاحتمالات العشرة كما يقول الأصوليون. يقول الرازي إنها تكتنفها الاحتمالات العشرة. وليس لنا الآن أن ندخل في ما هي الاحتمالات العشرة، لكن نحن إذاً نُبَيِّنُ للناس أنَّ هناك
مجهودًا كبيرًا كان في إقرارِ الحُجِّيَة، ومجهودًا كبيرًا آخَرَ كان في مَقامِ التوثيق، ومجهودًا آخَرَ مختلفًا كان في مَقامِ الفَهْم، فَهْمِ النَّص، ومجهودًا آخَرَ كان في مجالِ الإلحاق، ومجهودًا خامسًا كان في مجالِ التطبيق، ومجهودًا سادسًا كان في مجالِ الاستدلال، وإلى آخره، ومجهودًا بعد ذلك في بناء المنهج، كل هذه مجهودات مر بها المسلمون لنصل في النهاية إلى أنه يمكن أن نصفهم بأنهم أهل علم. كان المسلمون عبر التاريخ في الحقيقة يهتمون بالعلم، والحقيقة أيضاً
أن اليهود كانوا يهتمون بالعلم. وهناك كثير من الناس لا تهتم بالعلم، أي أنها تهتم بالعبادة وبتحسين الخلق وبالممارسات، ولكنها ليست بالمفهوم الذي صار عليه بعد ذلك العلم التجريبي في أوروبا مع روجرز بيكون وأمثال هؤلاء الذين أخذوا منهج الرازي في العلوم الإسلامية وخلّوه من جانب الوحي، وانتقلوا من دراسة الوحي إلى دراسة كتاب الله المنظور (الطبيعة والكون) دون كتاب الله المسطور وهو الوحي. فلو تأملت كلام روجرز بيكون وهو يتحدث عن مصادر البحث وعن طرق البحث وعن شروط الباحث
لكان هو نفسه ما تحدث عنه الرازي بأن أصول الفقه هي معرفة دلائل الفقه إجمالاً أي المصادر، وكيفية الاستفادة منها أي طرق البحث، وحال المستفيد أي شروط الباحث. هي ذاتها ما عرفه روجرز حيث كان يعرف العربية لأنها كانت هي لغة العلم والفكر في ذلك الوقت، وكانت هي التي نقلت لهم تراث اليونان القديم، وهي التي لها اليد العليا في هذا الزمان. فروجرز تحدث عن هذا، وهذه الثلاثة قال: لا يجب علينا الآن أن نلتزم بالمنهج العلمي الذي هو المصادر وطرق البحث وكيفية وشروط الباحث. نعم، حسناً، بالطبع تغير الكلام عندما آتي وأقول أنا هنا معرفة دلائل
الفقه
إجمالاً وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد. يقوم واحد ويقول لي: "ماذا يعني المستفيد؟" الآخر سماه الباحث، لا عليك، هذه اصطلاحات تُحل. أين؟ في الأزهر. إنها محلولة في الأزهر، حللناها في الأزهر، لأن هذا علم، والعلم يتحدث بلغة أهله يا مولانا، لا بد فيقول لك بلغة الجماعة العلمية: الله - أي الذي هو بلغة أهله - فهؤلاء الناس ألهمهم الله التوثيق، وهذا التوثيق كان واضحاً منذ البداية. مسند الإمام أحمد بن حنبل، وقد أُلِّف في القرن الثالث الهجري، عدد الصحابة الذين فيه - وهو قد أعدَّه على أساس الصحابة:
ماذا روى عمر، وماذا روت فاطمة ويسميه مسانيد مثل مسند فاطمة ومسند علي ومسند عائشة ومسند أبي بكر؟ هناك تسعمائة وتسعون مسنداً، أي تسعمائة وتسعون صحابياً، وهؤلاء الذين لهم رواية شائعة. أما إذا افترضنا أن شخصاً أخرج له ابن بحشل في تاريخ واسط، أو افترضنا أن شخصاً أخرج له ابن إسحاق في السيرة، أو افترضنا روى له أي شخص في أي مكان فهذا يعني أننا أصبحنا ألف وسبعمائة صحابي نرصدهم يا أخي منذ ذلك الوقت ونعرف من له صحبة مع النبي ورأه ممن ليس له صحبة. نعم، الجيل الذي جاء بعد ذلك كانوا حوالي ثلاثة آلاف وقليلاً، أي وكأن كل صحابي لديه اثنان أو على الأكثر ثلاثة تتلمذ
عليه اثنان أو ثلاثة الذين هم التابعون يا مولانا. التابعون، نعم، تابعو التابعين الذين هم الجيل الثالث. هذا الجيل الأول هم الصحابة الذين رأوا النبي، والذين لم يروا النبي ورأوا الصحابة هم التابعون، وهم الجيل الثاني. أما الجيل الثالث فهم تابعو التابعين، وهؤلاء عددهم في حدود سبعة آلاف أو ثمانية آلاف إذن ألف وخمسمائة يزيد عليهم ثلاثة آلاف وخمسائة تصبح خمسة آلاف، وثمانية آلاف يصبحون ثلاثة عشر ألفاً. الجيل الذي بعدهم حوالي تسعة آلاف، فهذا هو الجيل الرابع. هذا الجيل الرابع هو الذي فيه البخاري، وهذا الجيل الرابع هو الذي فيه الشافعي، وهذا الجيل الرابع هو الذي فيه أحمد بن حنبل. هل أنت منتبه؟ البخاري في ثلاثيات، يعني ماذا بثلاثيات؟ يعني بينه وبين النبي ثلاث طبقات، ثلاثة أشخاص.
نعم، فيكون إذا هذا هو الجيل الرابع. نحن نتحدث الآن وقد دخلنا في القرن الثالث الهجري الذي هو مئتان وبضعة، مئتان وستة وخمسون، مئتان واثنان وأربعون، مئتان لا أعرف كم، مئتان وبضعة، مئتان وأربعة، توفي الشافعي مائة أربعة وسبعين توفي مالك نعم، هذا الجيل الذي قبل ذلك، بينه وبين النبي اثنان فقط: نافع وابن عمر، وانتهى الأمر. ففي كل جيل من هذه الأجيال سُجّلوا، كم أصبح عدد الرواة هكذا؟ إذا كان هنا ألف وخمس مائة تقريباً، وهنا ثلاثة آلاف وخمس مائة تقريباً، وهنا كذا، وصلنا الآن إلى عشرين أو واحد وعشرين أو اثنين وعشرين ألف شخص. هؤلاء الاثنان وعشرون ألفاً يا أستاذ حسن، لدينا كل شيء عنهم، كل شيء
عنهم، وعرفناهم وقسمناهم إلى سبع مراتب، سبع مراتب. بعض الناس أقوياء جداً، حفيظة، عندما قارنا مروياتهم بمرويات غيرهم وجدناهم صادقين، وجدناهم متمكنين لأنهم يروون تماماً من غير زيادة أو نقصان، وهناك أشخاص آخرون أقل توثيقاً، هذه الرتبة، هذه المرتبة الأولى الذين ذكرناهم الآن، فيقول لك عنهم أنهم ثقة، نعم ثقة، وهناك ثقة، وهؤلاء مصنفون بداخلهم، لكن هذا ثقة، وهناك ثقة ثقة ماذا يعني ثقة ثقة؟ يعني مضاعف الثقة، مضاعف الثقة، هل أنت منتبه؟ هناك أمير المؤمنين في الحديث.
هناك من يسأل عن الناس ولا تسأل الناس عنه، هكذا الله، يعني شيء كبير جداً. وهذا جعلنا نفكر، كيف أصبح ابن حجر العسقلاني أمير المؤمنين في الحديث، والبخاري أمير المؤمنين في الحديث، ومالك يُسأل عن الناس ولا تسأل الناس عنه؟ الشهرة، القبول، عدد العلماء الذين حضروا دروسه، المدرسة التي انتمى إليها. سيرته معرفة الناس به أهله يعرفونه. أتدرك؟ هذه مسألة من عند الله هكذا. فلدينا واحد وعشرون ألف راوٍ فقط، أي ليس لدينا ملايين الرواة. حسناً، هؤلاء العشرون ألف راوٍ عبر القرون الأربعة هذه أو الطبقات الأربع التي في ثلاثة قرون أو قرنين ونصف، ماذا فعلوا؟ كم سند إذن كم سلسلة، كم سند صنعوا
مليون سند، صنعوا مليون سند سند. حسناً، الشيء الذي دخل من المليون سند هذا أريد أن أسمعه. ستجد ستين ألف حديث جملة يعني ستين ألف حديث. حسناً، هؤلاء الستين ألف حديث نريد أن نرى ونصنفهم هكذا يعني، هل كلهم ستين ألف معنى مختلف؟ قالوا لا المعنى المختلف هذا يمكن أن يتداخل. يمكن أن يقول لك نهى عن عن صيام يومين عيد الفطر وعيد الأضحى. ويمكن أن يقول نهى عن ثلاثة أيام التي هي أيام التشريق. وبعد ذلك يقول نهى عن خمسة أيام: عيد الفطر وعيد الأضحى والثلاثة الخاصة بالتشريق. ثم يقول نهى عن ستة أيام ويضيف إليهم يوم الشك ما هذا؟ حسناً، إنها هي نفسها. لو فعلنا هكذا سيصبحون خمسة وعشرين ألفاً فقط. حسناً، اسمح لنا سنخرج للفاصل ثم نعود لنرى أيضاً
ونسأل عن الخمسة وعشرين ألف حديث الموجودة أمامنا. ذات المليون سند، تلك التي بالمليون سنة سنعرف تفاصيل أكثر عنها. ابقوا معنا، أهلاً بحضراتكم مولانا الإمام مع مزيد من على هذا المجهود المذهل الذي يقطع الطريق على أولئك المتشككين والمثيري الجدل كثيراً. خمسة وعشرون ألف حديث بمليون سند، كيف نتصور هذا؟ تقسيم الرواة هؤلاء الواحد وعشرون ألف راوٍ، قسّموهم إلى ثقة وبعد الثقة صدوق. يعني جيد وأمين لا يكذب ورجل صالح طيب وتقي وكل شيء لكن يعني
يروي بالمعنى يعني ليس متقناً جداً مثل الثقة هكذا، وبعدين بعد ذلك لا بأس به، يعني جيد حاله، أو يقول لك مثلاً شيخ أيضاً هذه انقص قليلاً من لا بأس به يعني مشتغل بالعلم ويعني يبذل مجهوداً وهكذا، فهذه يسمونها ألفاظ التوثيق. وألفاظ التوثيق هذه ستة أو سبعة هكذا عندهم، وبعد ذلك توجد ألفاظ أيضًا يعني للقدح مثل ليس بذاك، أأنت منتبه؟ إلى أن نصل إلى ونحن ننهار: كذوب، وضاع، فاسق، أأنت منتبه كيف؟ وهكذا، وهذا مرصود يا مولانا، كل شيء مرصود بدءًا من ثقة الثقة إلى هذا
الكذوب، إذًا إلى هذا الكذوب وفي تصنيف هؤلاء الناس، هؤلاء العشرون ألف راوٍ أصبحوا على أقسام: القسم الأول يُؤخذ منه، والقسم الثاني لا يُؤخذ منه اتفاقاً. القسم الأول يُؤخذ منه اتفاقاً قولاً واحداً، فماذا نقول فيه؟ فيه تعديل دون الجرح. أما القسم الآخر ففيه جرح دون التعديل. هذا سنأخذ منه ويكون هو الحديث المقبول الذي سنأخذ منه عندما يكون السند كله من هذا الصنف، أو إذا كان من الصنف الثاني أو فيه أحد من الصنف الثاني الذي هو مردود كله فيكون مردوداً، فيكون هو الذي وضع هذا الحديث وهو الذي كذب على رسول الله أو الذي هو بجهله أو بقصده
شوه السنة، وهناك أناس قيل وقيل فيها، هذا هو القسم الثاني، وهناك أناس رابعة محيرة. لماذا هي محيرة؟ لأنه ليس لدينا معلومات كافية عنها. أنت دائماً تقول كل هؤلاء لهم معلومات، كل هؤلاء لهم معلومات. نعم، لهم معلومات، ماذا يعني؟ يعني أنني أعرفه جيداً جداً وهذا أنا أعرفه جيداً جداً، لكن هذا مُعَدَّل وهذا مجروح وهذا شخص إمام مدحه وشخص إمام قدحه، فيجب أن نبحث فيه وهذا الجرح والتعديل هو الذي يحكم على الأشخاص من خلال قواعد، وفي جزء رابع يكون مشتبهاً، ليس لدينا معلومات كافية عنه فيسمونه المجهول، قد يكون مجهول العين مجهول الحال، أنا أعرفه
جيداً. أنا أعرف الأستاذ حسن الشاذلي لكن لا أعرف درجته في الحديث. هنا تزول جهالة العين. لكن أحياناً يكون مجهول العين، فتقول لي: "هل تعرف حسن أحمد؟" فأقول: "لا، لا أعرفه. من هو حسن أحمد هذا أصلاً؟ لا أعرفه". هذا هو مجهول العين. عين الشيء وهذا أشد من لو عرفتَ الشخص ولم تعرف حاله، درجات وعمل، فيصبح مجهول العين، مجهول الحال، مجهول كذا، إلى آخره. يصبح أمامي تصنيف، وهذا التصنيف مؤلَّف فيه علم بأكمله يُسمى علم الجرح والتعديل، يخبرني في هذا العلم أن هذا مقبول بلا نزاع وأن ذاك مرفوض بلا نزاع أن هذا قيل وقيل فيه أنه مجهول، وهو على قسمين: إما مجهول عين أو مجهول حال. وقد أصبح هذا مشتبهاً فيه، فصار قسماً خامساً.
ما معنى مشتبه؟ قال لي: أتعرف هذا الرجل عندما تأتي لتفحص روايته تجده جيداً جداً قبل سنة ألف وتسعمائة وتسعين، وبعد سنة ألف وتسعمائة وتسعين المسكين أُصيب بمرض سبحان الله! المسكين احترقت كتبه، المسكين أصابته الشيخوخة، المسكين حدث له كذا. إذا وجدت الرواية قبل التسعين فخذها منه وأنت مطمئن، وإذا روى عنه أحد بعد التسعين فلا تطاوعه. هذا المشتبه يقول لك: انتبه إلى أن هذا الرجل يروي عمن؟ عن حسن وحسين وحسنين، روايته عن حسن ممتازة هكذا قبل ألف وتسعمائة وتسعين. لا، هذا شخص آخر إذاً. نعم، روايته عن حسن ممتازة لأنه صديقه. صديق حسن سار
معه وسمع منه جيداً جداً. كان حسن دقيقاً، فكان يعطيه العلم ويقدمه له بالملعقة. حسين وحسنين ليسا كذلك. مشى معهم نعم، ولكن ماذا؟ هي تيك اواي، وحسنين بالذات وهو ثقة وكل شيء، لكنه لم يهتم به، لكن حسن اهتم به. فعندما يروي عن حسن نقبله، وإذا روى عن حسين أو حسنين لا نقبله. حسنًا، هناك صنف آخر من المشتبه به الذي يحتاج إلى تفكير وهكذا. هو يقول ماذا؟ حدثنا. هذا يكفي إنه صادق، هذا صادق مائة في المائة. وهذا يقول عن هذا الكبير يقول عن، نعم قال إذن تتشكك فيه لماذا؟
قال لأن يتحدث عنه هذا لم يسمع هو مباشرة منه، بل سمع من شخص عن شخص آخر، وأراد أن يتكلم قائلاً عن فلان. أنا أروي عن فلان رئيس الجامعة وأنا لم أرَ رئيس الجامعة ولا شيء، لكن عندما أقول سمعت رئيس الجامعة يقول نعم، فأنا بالفعل سمعته. أنا لست كاذباً وهم يعلمون أنني لست كاذباً، لكن هناك فرق بين أن أقول هذا ما قاله رئيس الجامعة وبين أن أقول إنني سمعت رئيس الجامعة قال: مَن الذي قال لك هذا الكلام؟ الأستاذ فلان الفلاني السكرتير. نعم، السكرتير. يعني أنت لم تسمعه؟ لا، لم أسمعه. حسناً، هم سمعوا بشكل خاطئ. حسناً،
يمكن أن يحدث خلل، وهذا يسمونه تدليساً. هل أنت منتبه؟ وقد صنفوا المدلسين هؤلاء إلى خمسة أنواع: تدليس التسوية، وتدليس كذا، وتدليس... خمسة أنواع، ما هذا المجهود الخارق حقًا! وجعلوا الأولاد يبدأون من البداية لأن الموضوع أصبح كثيرًا ومتشعبًا ومتخصصًا ويحتاج إلى مهارة خاصة، فقاموا بتأليف ما يشبه الأغنية ليرددها الأطفال وهم ذاهبون إلى الكُتّاب وعائدون منه. أولها "الصحيح" وهو ما اتصل إسناده ولم يشذ ولم يعلّ، يرويه عدل ضابط عن مثله معتمد في ضبطه ونقله والحسن المشهور طرقاً وغدت رجاله لا كالصحيح اشتهرت، وكل
ما عن رتبة الحسن قصر فهو الضعيف وهو أنواع كثر، وهكذا. ويبدأ يقول لك: والمرسل منه الصحابي سقط، وقلّ غريب ما روى راوٍ فقط. ويذكر لك كل المحتوى في هذا النظم البديع، في النظم البديع هذا الذي هو ثمانية وثلاثون بيتاً هل تنتبه تغنيها وأنت تمشي هكذا لأن المقصود ماذا هو أن الغريب يعني وقل غريب ما روى راوٍ فقط، راوٍ فقط. نعم، مسلسل قل ما على وصف أتى مثل "أما والله أنباني الفتى" كذاك "قد حدثنيه قائماً" أو
بعد أن حدثني تبسم. والله هذا هو المسلسل وهكذا وأنت تمشي هكذا، لا. ضبطوها، والسيوطي يعمل ألفية، العراقي يعمل ألفية، الذي هكذا يعمل ألفية، لكي يُسهّلوا العلم، سهلٌ فعلاً، وأصبح لدينا بحارٌ من الأنوار، لدينا بحارٌ من الأنوار، من الأنوار، هذه البحار في العلوم والدقة في التقسيم والدقة في التصنيف والدقة في القبول والرد صنعت لنا علوماً كثيرة جداً وصنعت لنا أحوالاً كثيرة يقول لك هذه من قبيل رواية الأكابر عن الأصاغر، هذه من قبيل رواية الآباء عن الأبناء، هذه من قبيل رواية الأقران بعضهم عن بعض، هذه من
قبيل وهكذا. وكل هذا غير مسبوق يا مولانا نهائياً، بل صدّرنا هذا المنهج للآخر، لا ما أحدٌ فعل هكذا. لا قبل ولا بعد، لا قبل ولا بعد ولا بعد. يعني مثلاً الذي نقوله هذا، نعم، تمنى المرمون أنهم يفعلوا شيئاً. مثله هل عرفوا؟ لا، لم يعرفوا. لماذا لم يعرفوا؟ لا يوجد توفيق، لا يوجد توفيق. عملوا أشياء من السجلات التي تستعمل الكمبيوتر وهكذا، فلما ظهر الكمبيوتر أصبحوا ونحن نضع هذه البرامج كلها، على فكرة نحن فعلنا كل هذا، فعلنا كل شيء، وضعنا العشرين ألف راوٍ هؤلاء في الحاسوب برواياتهم وبأشيائهم الخاصة بهم وبكل شيء، أدخلنا كل كتب السنة في الحاسوب، صنعنا شجرة الأسانيد من الحاسوب وهكذا، وهل بإمكاننا من خلال برنامج مبرمج أمامنا
أو من خلال موقع؟ للسنة نصل إلى كل هذه التفاصيل الدقيقة جداً. فاصل، نعود إليكم، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم مولانا الإمام. للإنسان أن يفخر والمسلم أن يفخر أنّ علماءنا الأكابر صدّروا للعالم هذا المنهج البحثي الرائع غير المسبوق. دعني أطرح لفضيلتك وعلى فضيلتك ما كنت أسمعه كثيراً: هل هناك فارق ما بين أن نقول إن هذا الحديث صحيح أو أن إسناده صحيح، هناك فرق كبير بينهما، وهو أن الإسناد الصحيح هو جزء من التصحيح، يعني خطوة من الخطوات للوصول إلى أن هذا الحديث صحيح. إن السند ينبغي أن يكون سنداً رواه الثقات عن الثقات بصورة متصلة،
وأولها الصحيح وهو متصل إسناده، فاتصال السند. ولم يشذ ولم يعلم يرويه عدل ضابط الذي هو الثقة عن مثله، فيكون كل أفراد السند كلهم ثقات. هكذا يصبح الإسناد صحيحاً إلى هذا الحد. كلمة "لم يشذ ولم يعل" هذه، "لم يشذ ولم يعل" تجعله صحيح. إذن نحن لدينا مرحلتين: أول شيء أنظر إلى الرواه فأجد أنه هذا جابر الجعفي إذًا يصبح الحديث بذلك فاسداً، فسدت الرواية لأن أولها هكذا، أولها هكذا، لكن لا، وجدتُ مالك عن نافع عن ابن عمر، فقلت خلاص، إذاً المرحلة الأولى
قد تمت وهي أن هذا صحيح الإسناد. المرحلة الثانية الآن ماذا قالوا: مالك عن نافع عن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مكتوب هكذا أمامي في الكتاب. قال ماذا النبي عليه الصلاة والسلام؟ قال أي شيء لا، ليس مفهوماً في عقلي، أتفهم؟ ولا يمكن أن تكون صحيحة. قال ماذا؟ "إذا أسمكتم فابلحوا". نسمعها كثيراً. ماذا تعني "إذا أسمكتم فابلحوا"؟ يعني إذا أكلت سمكاً، فكل بلح بلح، نأكل بلحاً، نأكل بلحاً. نعم، المرء لا يشمه عندما يعمل بالسنة، يصبح الحديث له شمة خاصة. الملكة هنا، ما هي الملكة؟ هي أمرٌ يستعصي على العقل، شيء ينقدح في قلب المحدّث لا يستطيع التعبير عنه. لا يستطيع
التعبير عنه، يعني تقول له: "لماذا؟" فيقول لك: "هذا ليس بشكلة"، وما هو الشكل؟ فألّف ابن القيم رحمه ألف الله تعالى كتاباً اسمه "المنار المنيف في معرفة الصحيح من الضعيف" جمع فيه كلاماً كثيراً للعلماء في الضوابط التي تستطيع بها أن ترى هذه الأمور، فقال من ضمن هذه الضوابط: طول الحديث - فالنبي كان أبلغ العرب - "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"، انتهى. أُوتي جوامع الكلم، ثلاث من كُنَّ فيه كان منافقاً خالصاً. ويقول لك الثلاثة، لكنه لا يستغرق
صفحتين يتحدث فيهما أن الله خلق شجرة، وخلق من كل ورقة منها نوراً، وخلق من كل شعاع من النور سبعين
ملكاً، وخلق لكل ملك سبعين لساناً، وخلق في كل لسان سبعين لغة، وخلق في كل لغة! ما هذا؟ ما هذه الطريقة هكذا؟ رائحتها ليست مثل الأحاديث التي يقول لي: "والله لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع"، وليست هي من "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه"، وليست هي رائحة "لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق". لا تحقرن من المعروف، فإن الرفق ما دخل في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه. هذه غير هذه، فهذه تشعر كأنها تحتوي على بعض ما يشبه كلام أولاد المدارس الأجنبية، حيث يقول لك "أوفر". فابن القيم يقول لك إن
هذا "الأوفر" هو أيضاً أحد أنواع وضع الحديث طيب حسناً، كل الكلام الذي ذكرته عن الشجرة التي امتلأت بالأوراق، ثم امتلأت بالملائكة، ثم امتلأت بكذا وكذا، لماذا إذن؟ للذي يصلي على النبي "اللهم صل وسلم"، فإنك قلت "اللهم صل وسلم على سيدنا محمد"، فخلق الله لك شجرة فيها كل هذه الصفات، لا ليس هكذا، ليس هكذا، هذه ليست تربية نفسية صحيحة يمكن أن يؤتينا الله يوم القيامة أضعاف ذلك، ولكننا نتحدث عن أن الدين يربي أيضاً. الدين يتحكم في سلوكيات العباد الموجودين هنا، هل تنتبه؟ فلا يصلح هذا النوع من الحديث. إذا أسمكتم فأبلحوا ولا كذا. نعم، ولكن هذا يقول مالك عن نافع عن ابن عمر أهؤلاء كاذبون، لا، بل هذا يعتبر حديثاً مركباً. لقد أحضروا الحديث الموضوع، ولكي يخدعوني وضعوا ماذا؟ وضعوا
"مالك عن نافع عن ابن عمر". فأنا لا يهمني، أنا في البداية أسير بطريقة علمية: "مالك عن نافع عن ابن عمر"، ما هذا؟ هذه سلسلة الذهب. فآتي إلى المرتبة الأولى وأقول: صحيح الإسناد ثم لا بد أن أرى ما زال ورائي خطوة ثانية. هو في الداخل ماذا يقول؟ في الداخل يقول لي شيئاً على نمط كلام النبوة، لا يخالف أصل من أصول الشريعة، والناقل عن مالك ناقل صحيح، وإلى آخره شروط كثيرة. أصبح عندي ما يسمى بعلم الحديث دراية، فأقول: هذا لا فيه شذوذ وعلة، وما دام لا يوجد فيه شذوذ ولا توجد فيه علة يتحوِّل إلى النقطة الثانية إلى حديث صحيح. نعم، إذن هناك فرق بين أن "إسناده صحيح" فهذه خطوة، وهي خطوة من الخطوات، الخطوة الأولى. ثم الحديث بعد الدراية يصبح حديثاً
صحيحاً، أصل إلى الحديث الصحيح بعد ذلك أنه صحيح، نعم، ثم يأتي السند فهناك شخص صدوق، والصدوق يعني أنه ليس ثقة تماماً، وأنا متشكك في الألفاظ نفسها، فأذهب للبحث عنه عند غيره، فيحدث ما يسمى بالشاهد، أجد له شاهداً يسنده وأقول: نعم، هذا الحديث صحيح لغيره. الحديث صحيح، لغيره، أو حسن. أقول: حسن، أو حسن لغيره، لا مانع في ذلك أنه حسن ولكنه حسن لغيره وأصبح عندي وصحيح لغيره حسن وحسن لغيره. لكن هذه الأحكام النهائية، أما الخطوات فإسناده صحيح. افترض أنني نظرت في السند ولم أنظر في المتن، فأقول إسناده صحيح. إسناده صحيح معناه أنني لم أنظر في المتن. أقول لماذا هذا
لأجل من بعدي أن ينظر، نعم، لكي ينظر الذي بعدي فأقول له هذا أو هذه، انظر إلى المتن، فهذه شفرة بيني وبينه أنني أقول له إسناده صحيح، يعني أنا لم أنظر في المتن، نعم، فانظر أنت معناه هكذا، أكمل الخطوات، أكمل الخطوات، نعم، لكن لا أقول هذا حديث صحيح وأكون لم أنظر بعد في المتن يجب أن أنظر في المتن وأجد أن هذا المتن هو عبارة عن متن مقبول موافق للأحكام موافق للأصول موافق لنمط كلام النبوة إلى آخره. مولانا الإمام حدثتنا كثيراً عن الصحاح الستة، يعني كل ما في هذه الكتب: صحيح البخاري، صحيح مسلم، موطأ الإمام مالك، مسند الإمام أحمد، إلى آخره كل ما في هذه الكتب، هذه هي كتب السنة لدى أهل السنة، هل كل ما فيها صحيح يا مولانا حتى نقطع الطريق على أولئك الذين يثيرون الشغب أحياناً في هذا العلم،
في هذا المنهج؟ المتأخرون من العلماء هم الذين أطلقوا عليها هذا اللفظ، لكن المتقدمون من العلماء لم يطلقوا عليها الصحاح الستة، نعم، المتأخرون فقط الذين أطلقوا عليها كتب السنة الستة، وقالوا عليها الصحاح الستة بمعنى أنها قابلة للاستدلال بها، لكن في الحقيقة أن البخاري ومسلم فقط هما الصحيحان، ومعهما كتب صحيحة أخرى من ضمنها صحيح ابن خزيمة وصحيح ابن حبان وهكذا، يعني توجد كتب أخرى. مسند أبي عوانة هناك كتب أخرى وُصفت بالصحة، ودقة الكتب، ماذا نقول عنها إذن؟ كتب السنة الستة، لا نقول كتب الصحاح الستة، نعم، هذا اللفظ "الصحاح" من المتأخرين، هم الذين قالوه، وذكروا لماذا قالوه، قالوا إن العلة أيضاً أنهم يُطمئنون الناس على ما
في هذه الكتب الستة، أما من الناحية الفنية، والمشتغلون بالعلم وصانعوه فليسوا كالبخاري ومسلم فكلهم صحيح، لماذا لان الأمة كلها راجعت عليها. ولذلك نضحك على من يريد أن يكون مثل البخاري أو مثل مسلم أو مثل غيرهما. نضحك لماذا؟ أليس الضحك على خلق الله حرام؟ نعم، إذا كان من غير سبب، لكن لو كان بسبب فقد يضحك معنا الناس أنه هكذا. فهذه ليست كتب أناس، ليست كتب أئمة، ليس شخصاً اسمه البخاري ألَّفها، هذه الأمة هي التي ألَّفتها. لقد تم تدقيقها كلمة كلمة وحرفًا حرفاً، راجعوها كلمة وحرفاً حرفاً. فأنت تتهم أمة، لا تتهم شخصاً اسمه البخاري فلربما كان يمكننا أن نغضب منه، لكنه يقول لهذه الأمة، يعني الحديث هذا لا يعجبني، نعم لا يعجبك أنت، قل
هكذا، قل الحديث الذي في صحيح البخاري رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو حديث يعني صحيح عنده، ولكن عندي تقيد هكذا، تقول عندي أنا أرى أنه لا يصح. مقبول هذا الطرح يا مولانا، وأهلاً بمن يطرح بهذا الشكل وبهذا الأدب الجم. بحضرة علمائنا نعم طبعًا لأنه بهذا الشكل يصطدم مع الأمة. مرةً كان هناك رجل اسمه الشيخ اليونيني، وكان هذا الشيخ اليونيني في دمشق، فذهب وأحضر ابن مالك الذي هو صاحب ألفية ابن مالك في النحو. طبعاً ابن مالك هذا لو عصرته فستكون العصارة منه هي النحو واللغة العربية ألف التسهيل وألف شرح التسهيل وألف كذا يعني شيء آخر تماماً. فاليونيني
قال له: "أقول لك ماذا، أنت تتقن العربية؟" قال له: "نعم". قال له: "أنا محدث". قال له: "نعم". قال له: "هل تأتي لنقرأ البخاري ونتقنه؟" قال له: "حسناً". فجلسوا وحولهم العلماء، ليس المثقفين ولا الجهلة، بل جلس حولهم العلماء، واليونيني يقرأ، هل انتبهت؟ وكان في مهنة أهله حديث موجود في البخاري، نعم، وكان في مهنة أهله. فيقول له ابن مالك: وفي لغة "مِهنة أهله". فيكتب على الميم كسرة وعلى الميم نفسها فتحة. ماذا يعني كسرها وفتحها؟ يعني مِهنة ومَهنة هل انتبهت كيف يا عائشة إنَّ
الرفق ما دخل في شيء إلا زانه، وإنَّ الله ليعطي على الرفق ما لا يعطي على العُنف. يقول له: وفي لغة العَنف، يقول له: نعم، هذه عندنا في الرواية أيضًا، نضع هكذا، نضع هكذا، عُنف وعَنف. نضع فتحة وفوقها ضمة، معناها أن الغين هنا فيها ماذا؟ هذه العين. فيها عنف وفيها عنف، تصح القراءتان، تصح القراءتان. وظلوا بهذا الشكل يا أستاذ حتى صنعوا النسخة فسميت بالنسخة اليونينية في مجلدين. البخاري أتموه في سبعين مجلساً بحضور من؟ الفقهاء والمؤرخين والعلماء والمحدثين. ها! كانوا علماء، إنها محكمة، نعم، انظر، فأصبح اسمها النسخة اليونانية،
النسخة هذه اليونانية شاهدها القسطلاني فشرحها في عشر مجلدات ليقول لك هل هي عَنف أم عُنف، هل هي مَهنة أم ليست مِهنة، هل هي كذا أم ماذا. هؤلاء الناس أصلاً هذه الكتب خاصة بالأمة وليست خاصة بأحد آخر، ليست خاصة بالبخاري ومسلم، وبالطبع البخاري ومسلم وجدا هذا وخرجا خارج المنافسة ولكن هناك سنن أبي داود ستجد فيه ربما حديثاً مقبولاً أو حديثاً ضعيفاً، وستجد في ابن ماجه كذلك، وستجد كذا إلى آخره. أما مسند الإمام أحمد فهذا موضوع آخر، فهو خارج هذه الكتب الستة أو السبعة إذا أضفنا الموطأ، لكن هناك مسانيد أخرى مثل مسند عبد ابن حميد، مسند الدارمي، مسند الدارقطني أو سنن الدارقطني، مسند الإمام أحمد، وبها كمالة
العشر. سيظل الحديث هنا مع فضيلة مولانا الإمام موصولاً إن شاء الله. وما أجمل أن نعبد الله على علم، وما أحلى أن نجدد على هذا المنهج الأصيل لفضيلة مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشرف. شكر الله لكم ورضي الله عنكم يا مولانا. شكراً لكم، دمتم في رعاية الله وأمنه. سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.