والله أعلم | فضيلة الدكتور علي جمعة يتحدث عن حدود استفتاء القلب | الحلقة الكاملة

والله أعلم | فضيلة الدكتور علي جمعة يتحدث عن حدود استفتاء القلب | الحلقة الكاملة - والله أعلم
بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله والذي تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك صلوا عليه وسلموا تسليما أهلا بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامج هو الله أعلم لنسعد بصحبة صاحب الفضيلة مولانا الإمام العلامة الأستاذ الدكتور علي جمعة وهيئة كبار العلماء ذو القزح الشريف لنسأله كيف يستفتي المسلم قلبه ومتى ومن يلجأ إذا أراد أن يعرف الحقيقة والحكمة والرأي السديد. مولانا الإمام أهلاً بكم،
أهلاً وسهلاً بكم، مرحباً مولانا. يمكن في مستهل هذه الحلقة والموضوع مهم جداً استفتاء القلب، والبعض يدعي أنه يختار ما يشاء وكما يحل له إذا كانت هناك قراءة. كثيرة يسمعها من بعض الشيوخ من بعض العلماء ويستند على الحديث استفت قلبك ولو أفتاك الناس وأفتوك. ما حقيقة هذا المعنى؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه صلى الله عليه وسلم. هذا الحديث المبارك وهو حديث صحيح يتكلم عن منطقة. الظن وليس عن منطقة القطع ويتكلم أيضًا عن المواقف وليس عن الأحكام. الظن وليس القطع، المواقع المواقف وليس الأحكام.
فأزور خالتي اليوم أم عمي، أتفهم؟ هذا ليس له علاقة بالأحكام، هذا عبارة عن معيشة. ألتزم بالنظام الطبي الأول أو بالنظام الطبي الثاني، هذا ليس له علاقة بالأحكام لأن... كل هذا في دائرة المباح، ثم إن هذه الزيارة في نفسها كزيارة مندوبة لأن فيها صلة رحم ولأن فيها كذا وكذا إلى آخره. فالإنسان عندما يقع في هذا الخضم الهائل من الخيارات، وكل هذه الخيارات خارج الأحكام الشرعية، والأحكام تعني ماذا؟ حكم! الحكم هو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء. أو التخيير
بالطلب أو أنه يخير خمسة أحكام لازم عليك أن تفعل يسمونه واجباً، وإذا فعلت ما يهدي لك ثواباً يسمونه مندوباً، وإياك أن تفعل ما يسمونه حراماً، وإذا فعلت ما فيه كراهة يعني إذا تركته سأعطيك ثواباً فيسمونه مكروهاً، والخامس هو المباح. أغلب الشريعة على المباحات، يعني أنا الآن عندما أبحث عن حسناً يا رب، أخبرني أنت ما الذي حرمته، فلنعدّها فسنجد أنها ليست أكثر من ثلاثين أو أربعين شيئاً: إياك أن تسرق، إياك أن تزني، إياك أن تقتل، إياك أن تكذب، إياك أن تعق والديك، إياك
أن تستعمل السحر، إياك أن تؤذي الناس، إياك أن تفعل كذا وكذا وكذا... ستجدها ثلاثين كلمة، فيكون الأصل هو المباح والحلال، حسناً قل لي يا... ربي كيف أُرضيك؟ أأصلي؟ أأصوم؟ أأزكي؟ أأحج؟ أأتصدق؟ أأكون طيباً مع الناس؟ أأكون طيباً مع ربي؟ يعني أيضاً ثلاثون عبارة. وماذا عن المباح؟ إنه ألف مؤلفة: أآكل ملوخية أم آكل طعاماً آخر؟ أأشرب أم أسكت عن الشرب؟ وهكذا مباح مباح. أأزور عمتي كما قلت؟ ولا أزور خالي أو خالتي أو عمي وهكذا، يعني أشياء في هذا المجال، فأنا أريد "كن حيث ما أقامك الله"، "استفتِ قلبك وإن أفتاك المفتون"، هذه
معناها كن حيث ما أقامك الله. أحدهم يقول لي: أنا الآن أعمل في العلم وفي السياسة وفي الدعوة وفي كذا وكذا، ومعروض علي... أن أعمل في حزب سياسي، حسناً، أن تذهب إلى حزب سياسي هذا مباح وليس غير مباح. طيب، أنت أقامك الله أين؟ أقامك الله في الدعوة وفي التفرغ للعلم، وأعطِ العلم كلك يعطيك بعضه. نحن محتاجون إليك في العلم لدرجة أن هذا العالم ربنا سبحانه وتعالى عفا عنه في حضور الجهاد في... سبيل الله وفي حضور واجب العسكرية فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا
إليهم. فإذا استفتيت قلبك فقال لي: "والله أنا قلبي مع العلم". قلت له: "ابقَ مع العلم، فهذا يعني أن الله هو الذي ألهمك هذا الإلهام الطيب". شخص آخر من... ذات شخصٍ معينٍ قال لي: "لا، أنا قلبي مع السياسة". قلتُ له: "حسناً، سبحان الذي شغل كل قلبٍ بما شغله به. ما دام شغلك بحكاية الحزب وحكاية كذا، فاذهب يا أخي إلى الحزب، فأنت هكذا عقلك مشغول، مشغول. لن ينفعني في الحفظ وفي الأداء وفي التحليل وفي التأليف وفي..." كذا إلى آخره شغوف شغوف، فإذا هذه هي القضية، هذه هي: استفتِ قلبك. ماذا يعني استفتِ قلبك؟ يعني كن حيثما أقامك الله، كن حيثما ألهمك الله سبحانه وتعالى بما هو في دائرة واسعة جداً. الحلال
والحرام هذان أقول لك ثلاثين أربعين سطراً وليس كلمة، وكلهم تجدهم مندرجين في الوصية، الوصايا. العشر التي أنزلها الله على سيدنا موسى ستجدها مندرجة في الوصايا التي في خطبة الجبل لسيدنا عيسى، وستجدها موجودة في نص كلام سيدنا النبي، فهي من مشكاة واحدة. انظر إلى ورقة عندما قال له: "والله إن هذا والذي نزل على موسى يخرجان من مشكاة واحدة". يعني أدرك أن هذا من عند الله. هذا الأمر من عند الله، وكذلك الطاعات. عندما جاء الرجل الأعرابي وقال له: "أوصني"، فقال: "والله لا أزيد عليها ولا أنقص". قال: "أفلح وأبيه إن صدق". لو صدق أنه تمسك بالصلوات الخمس في مواقيتها وكل شيء، حيث "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً"، وصام رمضان،
وحج البيت، وزكى. الذي عليه وهكذا يكون هذا على الدوام في رضا الله. طيب، والباقي ماذا؟ استفتِ قلبك. هل أذهب لأستفتي وأقول له: يا رب، هل سأصوم هذه السنة أم لا أصوم؟ لا يا حبيبي، لا تفعل هكذا. لماذا؟ انظر ماذا قال لك النبي: "الحلال بيّن والحرام بيّن". ماذا يعني ذلك؟ معروف لكل... أحد الواجبات هذه ظاهرة لكل شخص، لا يوجد أحد مسلم لا يعرفها، وإن لم يعرفها فهو حديث عهد بالإسلام، أسلم بالأمس فقط، ولا يعرف أن هناك وضوءًا مثلًا، مستغربًا لأنه لم يكن في ديانته وضوء، فلا يفهم لماذا هذا الوضوء وكيف ومتى. هذا الشخص فقط حديث عهد بالإسلام، فالحلال بيّن. والحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات، فمن
تبرأ من الشبهات وأحكم أمره أوشك أن يقع فيه. عندما تأتي لتستخدم الوسائل، يعني أتيت لتخير بين أن أذهب لعمتي أو لعمك، فتقول: بل عمتي، بل عمي، يا عمي. آه، لقد بدأت هنا تفعل شيئاً يقترب من قطيعة الرحم، لكن... أنت الآن متاح لك هذه الساعة، إما أن تذهب هنا أو تذهب هناك. أين قلبك؟ خالتي تشتاق إليك، اذهب إلى خالتك بسرعة يا أخي. استفتِ قلبك، كن حيثما أقامك الله، وليس التلاعب بالأحكام الشرعية. فهذا هو القسم الأول وهو المواقف لا الأحكام. نعم، هناك قسم ثانٍ وهو أن هذه الأحكام بذاتها. فيها اختلاف وفيها اتفاق فيها إجماع ليس فيها. هناك كلام الذي تحدثنا عنه
هذا الحرام والحلال وهناك شخص بعد ذلك فهم النص، من هو هذا الشخص؟ لا بد أن يكون إماماً كبيراً، لا بد أن يكون متمكناً من اللغة، عارفاً بمواطن الإجماع، عارفاً بكذا إلى آخره، فاختلفوا. نحن عندنا عندما نمسك المغني لابن. قدامى المغني لابن قدامة ألفا مسألة، كل مسألة يُتصور لها حوالي من عشرين إلى ثلاثين صورة. ماذا تعني كلمة صورة يا مولانا؟ تعني أن المسألة مثلاً يقول لك: الوضوء بالماء الطاهر المطهر. هذه مسألة، وبعدها يبدأ في عرض الصور. فيقول لك: طيب، ماء البئر الذي وقعت فيه دجاجة، هل هو طاهر مطهر؟ هل ماء البحر الذي توجد فيه رغوة طاهر مطهر أم لا؟ وإذا ماتت فيه
سمكة، هل هو طاهر مطهر أم لا؟ هذه كلها افتراضات أو وقائع أيضاً، لكن المهم أن هذه مسألة وتحتها ماذا؟ صورها، تحقيق صورها. حسناً، هذه ألفا مسألة، وتحت كل واحدة قول. خمسون صورة، خمسون في ألفين، بكم؟ بمائة ألف، كله أولاً عندما جاء العلماء ليجمعوا كل ما قيل في الإسلام، كل ما قيل في الإسلام، هنا سنذهب إلى الحنفية والشافعية والمالكية، وجدنا مليوناً ومئتي ألف صورة، لكن انظر، مجموعة في ماذا؟ في ألفي مسألة فقط، هذه الألفا مسألة لها أدلة. ألف وثمانمائة حديث فقط لا غير من ستين ألف حديث، فماذا عن بقية الأحاديث؟ إنها في الأخلاق، "والله لا يؤمن من كان شبعان وجاره جائع وهو
يعلم". هذه التذكرة - هل انتبهت؟ - "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه". قال الله، أهذا سيدخل في الوراثة أم لا؟ ما هذا الذي يوصلني به؟ انظر وتأمل، الجار لم يقل المسلم ولا اليهودي ولا غيرهما أبداً. الجار هو الجار، اتبع السيئة بالحسنة، وعامل الناس بخلق حسن، ولو أن تلقاه ببشاشة الوجه، يعني التبسم في وجه أخيك صدقة. إعانة المحتاج صدقة، شخص غير قادر على رفع المنديل على رأسه، أقوم أنا بمساعدته لله. نعم، هذه من خصال تدخل الجنة. روي أن الله سبحانه وتعالى جعل أربعين خصلة أعلاها منيحة العنز. العامل بخصلة منها رجاءً لثوابها أو تصديقاً بموعودها يدخله الله
بها الجنة. ما هي منيحة العنز؟ هي أن تكون معي عنزة صغيرة، فأعطيتها لك لتشرب من لبنها وتعيدها في آخر النهار. يا سلام! ما أيسر ذلك! إنها ليست شيئاً كبيراً، فماذا فعلت حقاً؟ شيء قليل من اللبن، فقط قليل من اللبن أخذتهم وأخذتهم من بين فرثها ودمها الذي أرسله الله، فأنت لم تفعل شيئاً أصلاً. قال: هذه في قائمة أولها هكذا منيحة العنز. الله قال أربعين خصلة، فيقول لك الصحابة جلسوا لكي يعدوا الأربعين فلم يحصوا إلا خمسة عشر. قال له: ماذا تعني؟ يعني... ماذا يُجدي الأربعون خُلقاً؟ من منيحة العنز. تبتسم في وجه أخيك فتجد أخاك بوجه منبسط. الكلمة الطيبة حسنة. يعني مثلاً تُسلم عليه، مثلاً تُثني عليه، مثلاً ما هو أقل من ذلك. لكنهم لم يستطيعوا أن يجدوا إلا خمس
عشرة خصلة فقط، إذاً فضل الله واسع. وانظر إلى الأخلاق، هذه كلها. هي التي تشغل الأحاديث كلها الألفين مسألة التي يوجد فيها مليون صورة في كل كتب المسلمين من أولها إلى آخرها سلفاً وخلفاً شرقاً وغرباً، مليون ومئتي ألف منها، كم منها في الحلال والحرام؟ لا يزيدون عن مئة، منهم خمسون يقولون لك لا، وخمسون يقولون لك لازم، انظر جعلناهم ثلاثين بالإضافة. قليلاً قُلنا أربعون، ثم قليلاً قُلنا ماذا؟ خمسون، يعني، يعني، لأنه لا يوجد شيء، يعني، يعني، نحن لو تأملنا سنجدها خمسة، هذه الفروض يعني نستطيع أن نعدّها، نستطيع أن نعدّها، نعم، لكن استفتِ قلبك، أصبح هناك مجال اختلفوا فيه، اختلفوا في ماذا؟ اختلفوا عندما يأتي ويقول أو لامستم النساء.
فيعني تتوضأ أو لا تتوضأ، فأبو حنيفة قال: لا، "لامستم النساء" هذه لا تتوضأ لأن "لامستم" هذه تعني جامعتم، فتكون جنابة وليس وضوءًا. أما الشافعي فقال: لا، "لمس" يعني سلَّم عليها أو ما شابه، امرأة أجنبية سلَّم عليها. حسنًا، إذًا فيها وجهان. لماذا؟ لأجل "يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء"، "قروء" هذه ماذا تعني؟ الطهر أو الحيض، اللغة فيها هكذا وفيها هكذا. طيب ماذا نفعل؟ ما هو الاحتياط؟ أو ما هو الواجب؟ أو ما هو كذا؟ خلاف ظلوا يختلفون في أشياء مثل هذه، أشياء أشياء تفسيرية. فالأشياء التفسيرية هذه أحياناً، فجاء سيدنا الإمام الشعراني وقال شيئاً جميلاً جداً جداً لم يلتفت إليه أحد، ويحل كل هذا، قال: يا جماعة كله صحيح. قلنا له: ما معنى كله صحيح؟ أليس
الأربعة ساعات تختلف على ثمانية عشر وجهاً؟ كله صحيح؟ قال: كله صحيح. قلنا له: كيف؟ اشرحها لنا. قال: أترون المكعب؟ أليس له وجوه؟ كلها وجوه المكعب. فكذلك هذه وجوه الحق. حسناً، ماذا نفعل يا سيدنا الإمام الشعراني؟ قال: حسب حالتك، إذا سلّمت على امرأة وأمامك وقت المغرب وسيضيق عليك الوقت وما إلى آخره، فصلِّ على الفور على مذهب أبي حنيفة. إذا استطعت أن تتوضأ ونحن ما زلنا موجودين، وإلا فدعها كما هي وهكذا. إذاً إذا كان هذا ما نتحدث فيه، فاستفتِ قلبك في ميزان الفِطرة الذي تحدث عنه سيدنا الشيخ الشعراوي وكيفية فهمنا. هذا أكثر حينما نعرف أن قلبه
يطمئن ويستفتي قلبه إذا التبست عليه الأمور. يعني إذا كان هناك حديث قيل أو شيء قيل ولم يستقر في القلب، فلا يستطيع أن يستفتي قلبه. أما إذا استقر في القلب فيستفتي قلبه. أليس المفترض أن العقل يكون هو دائماً المسيطر؟ يعني كل شيء لابد أن يكون فيه قلبك. وعقلك لأنك لو كنتِ تمشين بعقلك فقط، حتى وإن كنتِ تفعلين الشيء الصحيح لكنكِ لستِ سعيدة به. ولكن عندما يكون الاثنان معًا، تكونين مقتنعة وفي نفس الوقت سعيدة. بل إنكِ تفعلين أيًّا كان، أي أنكِ تستفتين قلبكِ وتسيرين وراءه أيضًا، لكن بالتأكيد تأخذين أيضًا رأي الدين والعلماء.
علماء من الأعظم هو الإنسان طبيعي في أي شيء يستفتي فيه، أنت الدين الإسلام، أنت تشعر أن شيئاً ما صحيح أو خاطئ، ضميرك ينبهك فقلبك هو الذي يعرف عن التصرف الذي تقوم به، يستطيع أن يفعل هكذا عندما يكون قريباً من الله، أي متعود أن يتحدث مع الله في. في حالات الحيرة، يستطيع الإنسان أن يستفتي قلبه بقدر ما يملك في داخله من مخزون ديني وتدين. بالطبع، فإن علاقة الإنسان بربه تُمثل مخزوناً يحتاجه في وقت الضرورة. وبالتالي، يستطيع الإنسان أن يستفتي قلبه في أوقات معينة، خاصة عندما يكون في موقف معين أو حدث معين، نعم. ممكن طبعاً جداً، هو لو تفكيره أصلاً بمن يستفتي، فهو يستفتي قلبه أكثر من عقله. حتى في الدين سيفعل هكذا، يعني ممكن أن تكون هناك مسألة يراها العقل بمنظور معين، لكنه قرر أن يصغي إلى قلبه أكثر. وقت الشدة الذي يقع فيه الإنسان، يستفتي قلبه في أي أمور ولا يتخذها هكذا فجأة. لا يأخذها بترويٍ وبراحة
نتيجة خبرته ونتيجة إيمانه بالله ودينه، سيعرف في استفتاء قلبه. هذا حسين سي بي سي، أهلاً بكم أعزاء المشاهدين مولانا الإمام. تنوعت إجابات الناس في التاريخ التي شاهدناها مع فضيلتكم الآن، والبعض ربط الاستفتاء والسفه القلبي مع الإيمان الذي في القلب، يعني ربطوه بشكل كبير جداً. مع الخبرة أيضاً في الحياة، هل استقامت واستقام هذا الكلام مع المعنى الحقيقي لاستفتاء المسلم لقلبه؟ كلهم أولاً يتحدثون عن المواقف دون الأحكام، كلهم حينما يقولون لك عندما تقع في شيء ما، حتى واحد منهم صرّح بكلمة "موقف"، نعم، أي جرت على لسانه الكلمة نفسها، كلهم يتحدثون عن قضية الخبرة والأحكام. لا علاقة لها
بالخبرة، فالصلاة فريضة، ولا مجال للخبرة فيها. لا خبرة في المعلومة، لا ريب فيها. السرقة حرام يعني حرام، والرشوة حرام يعني حرام، ليس فيها مجال للخبرة. لا ننظر هل الرشوة ستجلب لنا خيراً أم لن تجلب خيراً، وماذا ستفعل، أو هل سيكون فيها بركة أم لا. هذا ليس بالتجربة، لا. ولذلك هم كلهم صحيحون لماذا؟ لأنهم يتكلمون في دائرة المواقف وليس في دائرة الأحكام، والذي لم يذكروه هو الأحكام المختلف فيها التي لها - كما يقول الإمام الشعراني - رخصة وعزيمة، هي دائرة بين الرخصة والعزيمة. ولذلك عندما نأتي ونقول للناس هذه أحكام، أنت تعرفها أم لا تعرفها، يعلمها العالمون أم لا يعلمها. عندما تأتي لتخاطب الناس وتقول لهم:
"على فكرة، يجوز أن تلمس ويجوز ألا تلمس، يجوز أن تُسلّم ويجوز ألا تُسلّم، كل الخيارات أمامك، خذ منها ما تريد"، فإن الناس تُصاب بالحيرة. مرة كنت في الحج وكان هناك أستاذ يرى أن عرض الآراء بهذا الشكل أمام الناس غير مناسب، خاصة أن الناس لم تعتد هذا الاختيار. فعرض، فوجدت النساء يبكين في الحج، لماذا يبكين؟ لا نعرف ماذا نفعل. هذا يقول: "افعل ما تفعله". حكاية "افعل ما تفعله" هذه خطيرة جداً لأنها تصيب الناس بالحيرة، ولذلك العوام بحكمتهم وخبرتهم يقولون لك: "إذا أردت أن تحيره،
خيّره". هو يأتيك في موقف سريع، هل يصلح أم لا؟ لا يجوز، أنت تعلم أن في هذا الأمر أقوال، قل له يجوز يا سيدي، وعندما يسألك شخص آخر عن العكس، قل له يجوز. هل تفهم؟ لكن إذا اخترت الطريقة نفسها للعرض، فإنها تؤدي إلى الحيرة، لا إلى العلم أو إلى الحب أو غير ذلك إلى آخره. هناك طائفة أخرى من الناس. عندما تقول له أن في هذا الأمر أقوالاً متعددة، فإنه يجعل هذا ليس تطبيقاً وحباً وشغفاً في طاعة الله، بل تفلتاً من دين الله. يقول لك: "حسناً، ما دام هناك اختلاف، فأنا سأفعل ما أريده". هذا هو الأثر السلبي لهذه الطريقة، وهي طريقة التخيير، فالعالِم
ليس عنده شيء اسمه الاختيار. الفقهي، لدينا خمسة وثمانون مذهباً، ولدينا مليون ومائتا ألف فرع فقهي، ونحن نعلم أشياء كثيرة. فعندما يأتي أحدهم ويسألني: "هل الكلب نجس أم غير نجس؟"، لا أقول له: "قال الشافعي إنه نجس، وقال مالك إنه ليس نجساً، فافعل ما تشاء". لا أجيب بهذه الطريقة، وإنما أجيب فأقول له: "ما الذي تريده؟" قال: "أنا ضرير وعندي كلب، وأريد أن أجلب كلباً". أقول له: "اجلبه"، وقلّد مالكاً. انظر، انظر، انظر الفرق بين العرضين. هكذا هو. خلاص، هو معه فتوى من عالِم عنده قواعد الاختيار ولديه قدرة على الاختيار ولم
يُعرَض الأمرُ في صورةٍ مُحيّرةٍ تجعلُ الناسَ تَمَلُّ مِنَ الدينِ ومِنَ الدنيا معًا، وهذه هي القضيةُ الأساسيةُ. فيقولُ الإمامُ الشعرانيُّ الذي ألّفَ كتابًا لطيفًا جدًا أخذَهُ مِن عالِمٍ كبيرٍ قبلَهُ كان اسمُهُ الشيخُ العثمانيُّ. فالعثمانيُّ ألّفَ كتابًا اسمُهُ "رحمةُ الأمةِ في اختلافِ الأئمةِ"، فجاءَ الشيخُ الشعرانيُّ ورأى في المنامِ سيدَنا الخضرَ وقالَ. قال له: "ما الميزان الذي صنعه رحمة الأمة هذا؟" قال له: "الميزان هو أن الأمر بين الرخصة والعزيمة. إذا كنت ستتوضأ فهذا بالعزيمة، وإذا لم تتوضأ فهذا بالرخصة. إذا لم تقتنِ كلباً فهذا عزيمة، وإذا اقتنيت الكلب فهذه رخصة. كل المسألة هكذا". فقام وألَّف كتاباً على
نهج كتاب العثماني وأسماه "الميزان الكبرى". كيف؟ فهم الشريعة كل هذا، والناس كانت في المساجد في الصلوات الخمس يتعلمون كثيراً. اليوم مشكلتنا هي أن الناس لا تعرف الميزان الكبير، وهذه هي النقطة الأولى. كما أن هناك تياراً من المعرفة الذي يصل إلى حالة الحيرة ولا يصل إلى حالة التعليم، فهناك فرق كبير جداً. بين الحيرة والتعليم وهذا ما يؤدي إلى أنه ليس كل الناس على مستوى واحد وليس كل الناس تقبل هذا النمط من أنماط التلقي، لكن أبداً نحن ليس عندنا كهانة ونحن ليس عندنا أسرار، لا يوجد شيء اسمه الأسرار في الإسلام ولا احتكار ولا عالم يحتكر، والمسجد مفتوح للمسلم
وغير المسلم، أنت أتعلم أن جورج سيرق درس عندنا في الأزهر وكان اسمه الشيخ الذهبي لأن شعره ذهبي هكذا، وصحح للشيخ الشوني مسألة في الميراث كان الشيخ الشوني قد ارتبك فيها، فقال له: "لا، هذا كذا وكذا"، فقال له: "صحيح يا بني". فمساجدنا مفتوحة للمسلم ولغير المسلم أصلاً، ولذلك وهذه وإن كانت طبعاً... تدل على صفاء المسلمين وعدم وجود أسرار أصلاً عندهم ولا كهانة ولا تحيز. يقول لك: حسناً، أَمَن هو أسمر لا يدرس عندي؟ لا، فالذي هو أسمر كان منهم لقمان، وكان منهم بلال، وكان منهم فلان وعلان. إذ ذو النون المصري التقي النقي كان أسمر، كان نوبياً، وبالتالي... ليس لدينا هذه الأمور، حسناً، فماذا أفعل
أنا إذاً؟ أخدم الناس، بماذا أخدمهم؟ بإزالة الحيرة وبالعرض والاختيار وبالتعليم. علّموا، ولذلك هذا هو واجبي. فعندما يأتي الطبيب تذهب إليه، يقول لك: والله يمكنك أن تأخذ الدواء الفلاني أو الدواء العلاني أو الدواء الآخر، واختر أنت، لا يصح غير ذلك. والله والله لا يصلح لأنك ستُتعِب من أمامك وقد تعبوا فعلاً، فتجاوبت مع هؤلاء النساء وخلال خمس دقائق أجبت على عشرين سؤال "أفعل أو لا تفعل"، وحسناً هكذا. قالوا: "ما دامت المسألة واضحة هكذا، فلماذا يُفعل بنا هكذا؟" أي نظام الحيرة، الحيرة من أجل التوهم. أن علماء الدين كهنة للدين ومن أجل توهم أنهم يريدون لأنفسهم سلطاناً دون السلطان الذي
وهبهم الله له وهو سلطة العلم، لا سلطة الكهانة. هذه سلطة العلم، وهي أنك تملك مبادئ وقواعد وتعريفات، لديك نظام ومفتاح تستطيع به أن تقرأ فيما لا يستطيع غيرك أن يفهم هذا المقروء، وهو متاح. وليس هناك سر ولكن هناك علم. أقول أنا فيما أكدت عليه نؤكد عليه مرة ثانية في قول منفصل، يعني نحن في حيرة بالفعل ما بين خطاب يؤكد يأتي ربما ممن يتصورهم الناس أنهم علماء ويقولون للناس عشرات الآراء، ويأتي الآخر ليختار فيقع في حيرة أكثر. طيب أختار ماذا؟ أنا ليس لدي الأدوات التي أزن عليها هذا الرأي، ماذا أفعل؟ القول الفصل في هذا: كيف أختار ولمن أستمع ومن أسأل؟ الاختيار على مستويين،
اختيار المفتي. قصتنا في مصر أننا كنا حنفية تبعاً للدولة العثمانية، وظللنا حنفية خمسمائة سنة وما زلنا إلى الآن. هناك قانون يقول... لك أيها القاضي احكم بالراجح من مذهب الحنفية إذا لم تجد نصاً في القانون. بعد ذلك ابتدأ القانون يأخذ من الحنفية ومن غيرها، وأول من فعل هذا سيدنا الشيخ محمد عبده. محمد عبده أصلاً كان مالكياً لكنه تحنف، يعني كان درس أولاً المذهب المالكي، ولذلك في الإجازة الخاصة به تجد كلمة المالكي. ثم الحنفي فمحمد عبده أراد أن يدخل الأئمة الأربعة في احتياجات العصر، نعم وكان له سلف صالح في الدولة التركية كان اسمه
أسعد أفندي، وأسعد أفندي أيضاً دخل لكن شيئاً ما، فرعاً أو فرعين أو ثلاثة، شيئاً مثل ذلك أدخلهم من غير المذهب الحنفي لأنهم أوفق لمصالح العباد والبلاد، فيكون إذا أعطى... هذه المعايير الأولى: أنه يجب أن تكون الحاجة الخاصة بي وأنا أفتي بها وأختار أن تكون موافقة للمصالح. المعيار الثاني: أن تكون موافقة للمقاصد الشرعية، تترتب عليها مرادات الشرع من الاستقرار والأمن والسلام، ومن صورة الإسلام الرائقة الفائقة اللطيفة، وليس من تشويه الإسلام. المعيار الثالث: مراعاة المآلات، أنا عندما سأفتي الفتوى. هذه أو سأختار هذا الاختيار الذي سيؤدي إلى طريق خير أم إلى طريق شر؟ إذا كان إلى طريق شر فلنتركه. هذه هي المآلات يا مولانا، هذه المآلات، ما الذي سيحدث
غداً نتيجة لما تقوله؟ فإذاً مراعاة المقاصد والمصالح والمآلات رقم اثنين. ألا أخرج عن الإجماع؟ لقد قلنا كله. هذا في ظني كله فيما لا إجماع فيه. رقم خمسة أن يكون هذا الاختيار ليس مخالفاً للغة العرب، اللغة التي هي الأداة، وهذا يحتاج إلى تعمق شديد جداً، وهو الذي يجعلنا نقول إن العوام ليس لديهم هذه الأداة. إنهم بالكاد لا يستطيعون قراءة القرآن ولا سماعه. حتى فهم يستنجدون بنا، فنحن نقدم خدمة، نحن خدام للشريعة ولسنا متسلطين بالشريعة. نحن خدام للشريعة ولنا الفخر أن نكون خدامًا للشريعة. فمثل هذه النقاط وغيرها - لأن هذه تُعمل لها حلقات - هي التي تتعلق
بكيفية الاختيار الفقهي، يعني هذه الأشياء تراعي الواقع، لأن عدم إدراك الواقع يؤدي به إلى... يقول الإمام القرافي: هناك من ينظر إلى الكتب ويأخذ منها الكلام ويطبقه على واقع غير الواقع الذي كُتِب فيه هذا الكلام، فيكون ضالاً مضلاً. إليك بعض المفاتيح الخاصة بقضية الاختيار الفقهي في المسألة، حيث إنني أمتلك دربة وعلماً ووعياً وعمقاً أستطيع به أن أميز. حكاية الأموال وحكاية كذا يسمونها في الإدارة بالإنجليزية "Creative Imagination" يعني التصور الخلاق المبدع. صحيح أن العقل الذي يعمل، وهذا لا يأتي هكذا، أي لا ينزل من السماء لكل خلق الله، بل بالتدريب،
بالتدريب وبالعلم. هذا التدريب يحتاج أيضاً إلى شيخ يعلمني، وأنا أفعل ذلك لكي أضم خبرته إلى خبرتي وسنواته إلى سنواتي، فالمسألة... هذا الأمر دين وهذا الدين مهم، وها نحن رأينا عندما ابتعدنا عن الدين ظهر لنا بعض الإرهابيين السيئين هؤلاء والجماعة الإرهابية والتي ليست إرهابية، وكل واحد قفز في مكانه، هذا ما سيحدث إذا تركنا الدين لكل عابر سبيل، من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين، هكذا يقول. سيد
صفحة الفيسبوك: متى يلجأ الشخص إلى استفتاء قلبه؟ مولانا الإمام، جاءتنا الكثير من المداخلات أو التفاعلات في صفحة الفيسبوك. الأستاذة عائشة تقول: "على ما أعتقد، عندما يكون هناك أكثر من رأي لمسألة واحدة، وقتها نستفتي قلبنا ونأخذ الرأي الذي يناسبنا طالما هو بعيد عن الفرائض، والله أعلم". الأستاذة عزة: "عند الحيرة". فدائماً يخطر ببالي كلمة "استفتِ قلبك" وأتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يرشدنا دائماً إلى الطريق الصحيح. الأستاذة هديل تقول إن استفتاء القلب ينبغي أن يكون دائماً في كل شيء، ليس بالضرورة فقط عندما تختلف الآراء الفقهية. الأستاذ محمد عمر يقول عند اتخاذ قرار متنازع بين القلب والعقل فالقلب أصدق كما... نحن نرى أن كثيراً منهم أدرك القضيتين، أدرك الفرق بين الأحكام
والمواقف، وأدرك الفرق بين القطعي والظني، ولذلك فهذه كلها إجابات موفقة والحمد لله رب العالمين. في إشارة كان أهل الله يرشدون إليها أن القلب دائماً فوق العقل، وأن العقل فوق السلوك، وأنه لو انعكس الحال فأسكت السلوك العقل حين. الخلاف واسكت العقل القلب حين الخلاف يبقى الإنسان أقرب إلى البهيمية والدونية منه إلى الإنسانية والآدمية التي أسجد الله الملائكة لآدم من أجلها. نفهمها يا مولانا لكن تريد دائماً أن يكون القلب فوق العقل، نعم، فلو اختلفا يغلب القلب. القلب
هو أنا مطمئن، وهنا يُفسر "استفتِ قلبك ولو أفتاك المفتون". أو أفتاك الناس وأفتوك، قلبي يقول إن هذه فضيحة وليست نصيحة. في هذا الوقت، لو أنني أعلنت هذا الإعلان فستكون فضيحة. وعقلي يقول لي: "أحصل هذا أم لم يحصل؟" قلت له: "حصل". فقال لي: "حسناً، لماذا لا تقول؟ أليست الشفافية تقتضي ذلك؟" لكنني في قرارة قلبي أشعر بالإثم. قلبي من الداخل يشعر أنني سأخرب البيت وأسكب الزيت بالكلام الفارغ الذي سأقوله. أهذا حق أم ليس بحق؟ هو حق لكن لم يحن أوانه، ولذلك كان سيدنا علي
يقول: ليس كل كلام حان أوانه، فإذا حان أوانه، فليس كل كلام حضر أشخاصه، ومن حضر أشخاصه فليس... كل كلام لا إمام كأنه وهكذا يعني الحكمة، يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً. عندما يعلو القلب الذي هو الشعور الإنساني الداخلي أن هذه فضيحة يا أخي وليست نصيحة، ولو كان العقل يقول بأن هذه شفافية وهذا حق ووقع فعلاً، فلماذا لا لا في. بعض الأشياء الستر أولى فيها، الستر أولى. من ستر مؤمناً في الدنيا ستره الله يوم القيامة. كيف الكلام الذي تقوله هذا؟ ولذلك فإذا رأى أحدكم أخاه على ذنب فليستره
ولو بهدبة ثوبه. الله! يعني ليست كل الحقائق تُقال، والتفحش - يغفر الله للجميع إلا للمجاهرين. قال: ومن المجاهر يا؟ قال رسول الله: "الرجل يفعل الذنب بالليل، يستره الله، فيقوم ويقول: فعلت كذا وكذا"، كأنه يفتخر بالمعصية، وفي هذا نوع من أنواع الاستهانة بالمعصية أو التفاخر يا مولانا. تفاخر، لكن الذي يستر، له أجر عظيم، وليس هذا معناه أن الذنب جيد أو أننا نتستر على الذنوب، لا. أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم، يعني ذوي الهيئات منّا لا داعي للفضيحة التي تتم، ولكن عاقبوهم إذا تم أنه
خالف وما إلى ذلك. كان أسدنا في الإدارة قديماً يقول لنا: لو كان أحدهم منحرفاً مالياً فلا تسكت له، اطردوه فوراً وأنت في المراحل الانتقالية، لكن لو كان أحدهم... مقصر إدارياً علمه ليس ليس تطرده لا علمه هذا مقصر هذا مقصر نعم وفي جانب إداري هل تفهم كيف؟ ومن هنا بدأ علماء الإدارة بناء الشبكة الإدارية بين العمل والناس وتحدثوا عن الإدارة بالأهداف وتحدثوا عن أشياء كثيرة جداً في هذا المجال هي لو دخلنا فيها أمر الدين بالستر وأمر الدين بالحكمة وأمر الدين بأن يعلو القلب على العقل. يعلو القلب على العقل أحياناً. نحن نستعملها، فيقول لك: يا أخي لا بد من روح القانون وليس
من نص القانون، أي هذه هي أن يعلو القلب على العقل، وكذلك العقل على السلوك. أنا لدي شهوة أريد قضاءها فعقلي يقول. لا خليك واعياً، لا ليست بهذه الطريقة، هذا حرام أو هذا خطأ. لا المكان يُسأل ولا الزمان يُسأل. لا اسكت فيسكت. لكن لو ترك الإنسان نفسه هكذا حراً طليقاً تتحكم سلوكياته في عقله ويتحكم عقله فيه، فينعكس الحال بدلاً من أن يكون القلب في الأعلى وبعده. العقل وبعده السلوك أصبح السلوك هو الذي فوق وبعده العقل وبعده القلب الهارب. القلب نعم، هذا تجده يعيش في جحيم، يعيش في جحيم دائماً. واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه. وأحياناً من هؤلاء الناس يقولون لنا: نحن نعيش في الجحيم ولا نعرف كيف نخرج. صحيح، نعم بالطبع. لن تستطيع الخروج إلا بإذن الله، اللهم
استرنا بسترك الجميل الذي سترت به وجهك عن الناس. مولانا، اسمح لنا، معنا هواتف، معنا الأستاذة أمة الله والأستاذة حسناء والأستاذ حسام والأستاذة شروق. يا أستاذة أمة، أهلاً بكِ. السلام عليكم. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. بارك الله في فضيلتك إذا ما جئتكم. اللهم بارك في فضيلتك وآمين يا رب العالمين فهو مبشر وغير مباشر، اللهم بارك فيك يا رب آمين. فضيلة الإمام، أنا كان يشغلني أمر وكذلك اشتركت وكنت سأعمل، كنت موظفة وفي مكانة طيبة وراتب جيد، وكان معي أولادي من زوجي الذي ما زلت معه حتى الآن وتكفلت. طفل كان في سني، فضيلة الإمام. لقد تكفلت به وهو الآن عمره تقريباً خمسة وعشرون سنة. تكفلت به، فضيلتكم، عندما كان الراتب الخاص بي إذا قارنته بزوجي يكفي الحال، والأولاد كانوا في مدارس خاصة، فكنت مضطراً أن أعمل وأساعدهم. نعم، عندما تكفلت بالطفل استقلت.
تركت عملي لكي أستطيع رعاية طفلي لأنه كان صغيراً وكان يحتاج إلى حضن أمه وحمايتها. نعم، فعندما تفرغت له، بقيت في المنزل، فكنت أعتمد على زوجي وحده فقط. وأما أهلي، فكانت أمي في كل فترة تعطيني مثلاً مبلغاً بسيطاً على أساس أنني أستطيع الإنفاق على الولد مع إخوته. حسناً، السؤال. ماذا يا إخوة كما في السؤال، نحن الآن عندما وصل للسنة والسنوات التي مضت كلها، الأموال التي كانت تأتي باسمه نعم، أو تأتي به هو من أختي أو من أمي، هل هي دين في ذمتي أم يكفيني أن أعمل له صكاً إذا كان مثل إخوته وأرعاه بها يعني؟ تكفيني عن أن أعتذر لأنني حتى لا أتذكر المبالغ، فهي لم تكن مبالغ كبيرة. حسناً فضيلة الإمام، نعم ولكن يا أماه أنت الآن جاءت مبالغ وتم صرفها عليه. فضيلة الإمام أنا سأقول لحضرتك كانت مثلاً مصاريفه في المدرسة
أكثر من النقود التي تعطيها له. حسناً، إذن أنت... متآثمة على أي شيء وما هذا؟ أما أن تجلبيه الآن إلى شقة لأنه ابنك من أبيه من زوجته يعني من أبيه بالكفالة وليس من أبيه. يعني فضيلة الشيخ، أهله رفضوا أن يستلموه بعد وفاة أمه. القتل لا يجري هكذا، أنت تفعلين الخير، "وافعلوا الخير لعلكم تفلحون"، أنا خائفة أن المبالغ... هذه تكون قديمة في الأشياء، وهذا ليس ديناً أصلاً. يا الله، أنت لديك وسواس. أنت الآن الخوف من ربنا سبحانه وتعالى، وما شاء الله، نعم الخوف من ربنا يقف عند حدود الله وليس يقف عند وسواس النفس. انتبه إلى الأموال التي جاءت عبر تاريخه مائتي ألف جنيه، المصاريف الخاصة بالطب. لا يهتم بمصاريف المدرسة ثلاثمائة ألف جنيه، فقد انتهت أمواله وذهبت وانتهى الأمر. أريد أن أفعل له شيئاً، أريد
أن أفعل له شيئاً الآن من عندي. لا بأس من أبيه، من أبيه، اللهم بارك فيك يا سيدتي، من أبيه، من الجيران، من أي شيء أنت. ستكونين سبباً في دفع هذا الخير إلى الواقع وإلى التنفيذ، ولكن ليس هناك ما يدعو للخوف يا أمل، لا تخافي، الله يمد المقال ويزيد بك ويجعلك من الصالحين، والله يكثر من أمثالك يا حاج. أمك الأستاذ حسام على الهاتف، الأستاذ حسام أهلاً بك. معك؟ أهلاً. أهلاً وسهلاً، تفضل بالسؤال. السؤال سامق. عليكم. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أنا فقط كنت في بداية المكالمة أسأل عن الزكاة، شيء في الزكاة يعني. لكن موضوع الحالة، هل يمكنني تغيير السؤال؟ لا أبداً، تفضل اسأل كما تريد. نعم، شكراً. أنا لو شخص راتبه مثلاً ألف وخمسمائة في الشهر. وهو تدليس له، فيصبح مثلاً مطلباً أن يُظهر ذكاءً معيناً عليه أم لا. المرتبات لا علاقة لها بالذكاء،
افترض أنك تأخذ عشرة آلاف في الشهر وتصرفهم، لا علاقة للذكاء بذلك. السؤال المحدد، يعني السؤال الثاني لا يتطلب ذكاءً، ليس هناك محدد، لا يتطلب ذكاءً. نعم، حسناً تماماً، السؤال الثاني يا سيدنا يعني. أن أستشير عقلي أو مثلاً قلبي في أمر فيه اختلاف في المواقف، في المواقف أستشير عقلك: هل أذهب إلى خالتي أم إلى عمتي؟ أستشير عقلك: هل أقرأ هذا الكتاب أم لا أقرؤه؟ أستشير عقلك: هل أذهب إلى العمل الفلاني أم لا أذهب إليه؟ أستشير عقلك وأستشير قلبك. نعم، معي الأستاذة شروق. يا أستاذة شروق، أهلاً بكِ. الحمال: أهلاً الحمالو: نعم أحضرتك: تفضلي يا أستاذة شيء: تفضلي يا سيدتي، هل يمكنني التحدث مع الدكتور علي جميل؟ بكل سرور: تفضلي يا سيدتي لو سمحت: أنا أريد
أن أستفسر فقط عن رجل ترك أربع بنات ولم يربهن التربية الصحيحة، لأنه عند الله سيدخل النار أشكرك يا أستاذ شروق مولانا الحبيب الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو واحد من كبار العلماء في بلاد الشريف، شكر الله لك وبارك الله لنا فيكم، شكراً لكم مشاهدينا الكرام، دمتم في رعاية الله وأمنه، إلى
اللقاء،