والله أعلم | فضيلة الدكتور علي جمعة يتحدث عن كُتَاب الوحي وحكم التشكيك فيهم | الحلقة الكاملة

والله أعلم | فضيلة الدكتور علي جمعة يتحدث عن كُتَاب الوحي وحكم التشكيك فيهم | الحلقة الكاملة - والله أعلم
ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير. أهلاً بكم في هذا اللقاء الذي يتجدد دائماً أو دوماً مع مولانا الإمام صاحب الفضيلة الوزير الدكتور علي جمعة وهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، لنواصل معه هذه القراءة والإجابة على أسئلة كثيرة، واليوم عن كُتَّاب الوحي: من هم كُتَّاب الوحي؟ متى بدأوا؟ هؤلاء الكتاب في كتابة القرآن الكريم وكيف تم تدوين القرآن الكريم وفي منهجنا نصحح المفاهيم ونرد على كل الشبهات التي تثار حول كل القضايا الإسلامية. مولانا الإمام
أهلاً بفضيلتكم، أهلاً وسهلاً بكم مولانا. في البداية من هم كتاب الوحي؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا. رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، القرآن أساساً نزل باعتباره مقروءاً، ولذلك كان في وصف المسلمين في كتب الأولين أن أناجيلهم - يعني كتبهم - في صدورهم، وأن كتابهم لا يبله الماء، لأن الواحد عندما يكون حافظاً للقرآن ويغطس في النيل مثلاً، فإن القرآن لا يتبلل. هذه هي الصفة التي هكذا القرآن محفوظ في الصدور وقضية الكتابة إنما هي للإثبات والمعونة
أمرين يثبتان شيئاً ثم نستعين بهذا الشيء لغير المتعلمين أو غير الحفاظ أو لغير العرب أو شيء من هذا القبيل الذين هم الأقحاح، ولذلك كان القرآن مسموعاً مقروءاً أكثر منه مكتوباً، يعني هذه نقطة حقيقية مهمة لأن القرآن الذي إنما الحفظ هو بحفظ الله له، فالله سبحانه وتعالى طبعه ونقشه في صدر محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم أداه، وكان يراجعه مع جبريل كل عام. هذه أمة كانت يشيع فيها عدم الكتابة،
يشيع فيها أن قليلاً من الصحابة كانوا يجتمعون في مجتمعات في. بعض المجتمعات كان هناك من يُجيد الكتابة، وقد فهم الصحابة الكرام أن الكتابة هي مجرد توثيق وليست للحفظ أصلاً. فالحفظ هو حفظ التلاوة والاسترجاع.
وهكذا، كان أحدهم تراه حافظاً للقرآن وهو لا يعرف القراءة والكتابة، لكنه يحفظ القرآن كله ولا يُخطئ في حرفٍ منه. ويوم... في اليمامة مات من هؤلاء نحو سبعين قارئاً، سبعون قارئاً. هل كل هؤلاء القراء كانوا يكتبون؟ أبداً، لم يكونوا يكتبون. لماذا؟ لأنهم لم يكونوا يقرؤون أصلاً، فالكتابة لا تستوي عندهم مع الحفظ. هو الأساس في العربية، فكان العربي مفطوراً على هذا الحفظ. فكتّاب الوحي هم هؤلاء النفر من الصحابة. الكرام الذين اختصهم النبي صلى الله عليه وسلم بإملاء القرآن
عليهم حتى يكتبوه، وكانوا يكتبونه في مواد مختلفة كانت العرب حينئذ تسجل بها بعض مستنداتهم من عقود البيع وعقود الشراء والوصايا والرسائل التي يبعثها أحدهم من بلد إلى أخيه في بلد آخر، على أمور كثيرة من ضمنها الجلود. الحيوانات سواء كان جلدها من معزة أو جلد إبل أو جلد بقر أو غير ذلك إلى آخره، وكانت هذه الجلود تُعالج معالجة معينة حينئذٍ بشيء حريف، أي مثل الشطة أو الملح أو مثلاً العصف أو الزعتر أو شيء كهذا، أي مثل الفلفل، ولها طرق لصناعتها
بالحجر وبالـ... أشياء من هذا القبيل، وبعد ذلك يُسوَّى هذا السطح فيُكتب عليه. فكانوا يكتبون على رق الغزال، وكانوا يكتبون على الكاغد - وهذا أجود الأنواع - وكانوا يكتبون على الكاغد الذي هو الورق من ورق البردي. كانوا يأتون بثمرة البردي مثل اللوف، ويفتحونها ويأخذونها كنسيج أولي رأسي، ويضعون عليها نسيجاً آخر ويضربونها بالدبُّاء يعني يطرقونها بالمطارق حتى تتداخل الأنسجة فتصير الرقيقة التي نسميها الآن ورق البردي، والذي قام الدكتور حسن رجب - رحمه الله - بإعادة صناعته في القرية الفرعونية، وهذا ما يُستخدم حالياً في خان الخليلي عندما يرسمون لنا الرسومات الفرعونية القديمة.
لكي يبيعوها للسياح وما إلى ذلك. على مثل هذا الورق كُتب القرآن، وعلى مثل رق الغزال كُتب القرآن، وعلى أجزاء من النخل أيضاً بعد معالجة معينة. كان هذا حتى وقتنا الحالي، فالورق الذي نستخدمه يأتي من النباتات، يأتي من الشجر، ولذلك يقول لك المهتمون بالبيئة أنه توفيراً للأشجار أنا... وفّر في الورق ولا تتلفه ولا ترمه، بل قم بإعادة تدويره أو إعادة استخدامه. فمثلاً، يمكن أن تكتب على ظهر ورقة النتيجة لكي تُقلِّل من الاستهلاك، فيكون هناك تقليل في استهلاك الأشجار. إلى الآن، عندما تذهب إلى مصانع الورق وما شابه ذلك، كان
لدينا شيء يسمى كارتا والراكتة أو شيئاً لا أعرف الأسماء ركتا التي كانت هكذا مكتوبة على آخر كراسة، نعم ركتا ورمي وما شابه ذلك. في الماضي كانت هناك أشياء هكذا، كل هذا تذهب إلى مصانعهم. لقد ذهبنا إلى المصانع فنجدهم يحضرون العجينة، يحضرون المواد ويعجنونها ويضغطونها فيخرج هذا الورق. كان يحدث هكذا لكن بصورة أقل تقنية وأقل يعني نظافة وبياض وهكذا. منذ ذلك الوقت كان كتّاب الوحي هؤلاء الذين خصّهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لكتابة الوحي. فكانوا يكتبون الوحي، وهؤلاء الناس كان عددهم كثيراً. كانوا في حدود اثني عشر شخصاً تقريباً، تم حصرهم أو تم إحصاؤهم مولانا، تم إحصاؤهم ولكن يحدث خلاف ما بين. اختلف الناس في توصيف
هذا الكاتب إذا ما كان كاتب رسائل أم كاتب وحي، وفضيلتك فرَّقت قبل قليل أن سيدنا خصص لكتاب الرسائل أناساً وخصص لكتاب الوحي أناساً آخرين، يعني ميَّزت من هناك لكي نقول هذه الكلمة هنا وهي أن سيدنا صلى الله عليه وسلم فعلاً كان في... أناسٌ تكتب الرسائل، وهناك أناسٌ تكتب الوحي، تكتب إملاء الوحي. أتنتبه؟ فكان من ضمنهم سيدنا زيد بن ثابت. فزيد بن ثابت هذا كان من كُتّاب الوحي، منهم مثلاً سيدنا أُبيّ بن كعب، فكان من كُتّاب الوحي، ومنهم - وهذا فيه خلاف - معاوية بن أبي سفيان. كان هناك مسلم من كتاب الوحي - هل تنتبه؟ بعض الناس يقولون: لا، لقد كان كاتباً صحيح، ولكن كان كاتباً للرسائل.
لماذا هم غاضبون منه قليلاً؟ لأن سيدنا علي قد نزّه معه، أمرٌ نزّه الله سيوفنا منه قديماً، فلننزه سيوفنا منه حديثاً. الآية وأن نتعامل معه بأدب جمّ كما أشارت فضيلتك، غاضب، كلمة غاضب، نعم، طبعاً، نكون مؤدبين، نعم طبعاً. وبعد ذلك، فإن من الصحابة من وقف ضده، سيدنا أبو ذر كان غاضباً منه، لكن لم يفسقه ولم يكفره وما إلى ذلك. غضب منه، كانوا يغضبون. مع بعض الأمور لا تتعلق بالدنيا إنما تتعلق بإقرار مفاهيم عليا لفهم الدستور الأعلى وهو القرآن الكريم. كانت لديهم غيرة على الأمة وعلى ما سيحدث فيها. وكيف أن سيدنا بلال -
ومن هو سيدنا بلال - اختلف مع سيدنا عمر - ومن هو سيدنا عمر. من الذي أصبح في النهاية ينظر إلى المستقبل ولا يريد أن يقسم أرض السواد ويجعلها لخزينة الدولة، والآخر يقول له: "لا، أنت هكذا تعديت على الحرية الشخصية". طيب، ما مدى العلاقة ما بين النفع العام والحرية الشخصية؟ هذا كلام دستوري عالٍ، يا سلام! هذا كلام دستوري عالٍ. هل تدرك كيف هو ذلك الذي حصل مع... سيدنا بلال هو الذي حدث في النزاع ما بين السيدة عائشة عليها السلام وما بين سيدنا علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه في مقتل عثمان. علي رجل قاضٍ، رجل عالم، ويقول إنه يا جماعة لا يصح هكذا أن نأخذ الناس بجريرة الاشتباه، لا يصح، هذه جنايات والجنايات
لا تكون إلا. عن يقين، إنه مبدأ قانوني رفيع جداً. فالسيدة عائشة تنظر مرة أخرى إلى أننا لا ندع قتلة عثمان هكذا يعيثون في الأرض فساداً. لابد أن نعلن حالة الطوارئ ونفعّل حالة الاعتقال. لماذا؟ لأن أمن البلاد يحتاج إلى هذه الطوارئ ويحتاج إلى كذا. وجهات النظر هذه لا تزال موجودة إلى الآن الإرهاب فيها فعل ماذا؟ الرجل خرج يتحدث كلاماً غير مقبول، لكن أعلن الشيء وتم إقراره، وأعلن الطوارئ وتم إقراره، وهي الحريات والديمقراطية العريقة والتي ليست عريقة وكذا إلى آخره. ولكن أخطأ خطأ كبيراً عندما يقول أنا أحمي الفرنسي حتى لو كان داعشياً. كيف وأنت تقاتل من؟ أو ماذا تفعل؟ من أو كذا إلى آخره
فأنا أريد أن أقول لسيادتك أن الذي حدث بين الصحابة كان وراءه مفاهيم عليه، عندما يأتي شخص ويقرأ قراءة ثانية معوجة، فإننا نقف ضده في الحقيقة لأنه في عالم آخر ولا يعرف هؤلاء الناس ولا يعرف وضعيتهم وما هو الخلاف بين سيدنا أبو بكر والسيدة فاطمة عليها السلام، الخلاف بين سيدنا عمر والسيدة، وبين سيدنا علي والسيدة عائشة، أو بين سيد وهكذا... الحقيقة أنهم كانوا كبارًا، والخلاف بين سيدنا أبي ذر وبين سيدنا معاوية. المهم أنهم كانوا كبارًا يا مولانا، وكان هذا يحصل أن يغضب أحدهم من الآخر لاختلاف المفاهيم. أو لاختلاف التحليل أو لاختلاف شيء من هذا القبيل، وكان سيدنا عمر عندما لاحظ هذا الأمر
قال: "أفيضوا بينكم مجالسكم"، يعني رأى كل واحد يأتي وهو يُسأل، تقول له مثلاً: "تعال إليّ اليوم بعد المغرب"، فيقول لك: "حسناً، من سيكون عندك؟" فيتفرقون إذن ويصبحون جماعات نعم، جماعات المعنى الذي نتناوله اليوم، نعم، فذهب وقال له: "افسحوا في مجالسكم"، اذهب، ما الأمر؟ جردوها. إننا جميعاً إخوة وكلنا معاً. احذر أن تمنع فلاناً قادماً. حسناً، أنا لست قادماً. فلان ذاهب، حسناً، أنا لست ذاهباً. فلان كذا، حسناً، أنا لست كذا. وتصبح إحياء أحزاب، شعر، رائحة في التابعين. والعصر تغير ووجد أن هناك حزبية، أي ما هي الحزبية التي هي العصبية للجماعة التي ننكرها حتى يومنا هذا، فذهب وقال لهم هذه الكلمة: "تبادلوا فيما بينكم
مجالسكم، ليجلس كل واحد مع الجميع من أجل مصالح العباد والبلاد. تعالوا إلينا مع منهج مولانا الإمام لنستعيد هذا الوعي ونستعيد ما نختار". سيدنا صلى الله عليه وسلم من يكتب الوحي، هل كان باختيار من الله سبحانه وتعالى اختيار هؤلاء الكتاب؟ النبي صلى الله عليه وسلم كان يختار هؤلاء طبقاً للكفاءة وليس
طبقاً للثقة. نعم، كان يختارهم طبقاً للكفاءة وليس من أهل الثقة فقط، بل يكون من أهل الكفاءة. ومن هنا يتعجب بعض ليسوا منتبهين لمقياس الاختيار. مقياس الاختيار عند سيدنا كانت الكفاءة، فهؤلاء الناس الذين اختارهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعضهم أيده الوحي، فكان ينزل الوحي يؤيده، وبعضهم وهم من أهل الكفاءة لم يؤيده الوحي. واستمروا أم لم يستمر الأمر؟ بعضهم استمروا، لا يعني ما انتبهت. لم يؤيدهم الوحي في إيمانهم وكذا
إلى آخره، أشرح لك الآن، ولكن بعضهم لم يستمر، ولكن القرآن مقروء، نعم. فكان هذا رجلٌ من أهل الخبرة، يعني ماهر جداً، ماهر جداً، مثل مَن؟ مثل عبد الله بن أبي ابن سلول، هذا رأس المنافقين في المدينة، لكنه كان سيُعيَّن ملكاً قبل... تخيل دخول النبي بصفات الملوك، فهو متعلم القراءة والكتابة والخط، وهو حسن المظهر، وكل ما يتصف به الملوك. أما عبد الله بن أبي فهو ذو نفسية ملك، لكنه لا يستطيع أن يحرف في القرآن شيئاً، لماذا؟ لئلا يكون فضيحة. هل تفهم؟ فضيحة كبيرة، وكل الناس تضعها نصب أعينها
وهي متضايقة في المائة لماذا خائف على سمعته؟ نعم، انظر إلى سمعته هذه كانت تؤثر في نفسيته جداً لدرجة أنه عندما أشرف على الموت أو جاء في مرض الموت، أرسل إلى النبي يتوسل إليه أن يرسل له عباءته حتى يُكفن فيها. أتعجبك صحبة النبي أم أنت مؤمن بالنبي يا عبد الله؟ ابن أبي سلول، هذه أمه وليست أباه. سلول أمه، ولذلك كانوا يقولون لنا ونحن صغار: عبد الله بن أبي ابن - اكتبها بالألف. لماذا يا مولانا نكتب هذه بالألف؟ لأن سلول أمه وليست سلول أبيه. "ابن سلول" هذا لقبه، مثل سيدنا عيسى ابن مريم. هل انتبهت؟ نكتب. الألف بالألف نعم إنه يكتب الأم نعم منسوب الأم يُكتب الألف بالألف
ليس بالـ هذا لأنه صفحة هذه نعم لكن هناك تنزيل الصفة والموصوف من بعده منزلة الاسم الواحد يقتضي إسقاط الألف لا بأس هذه قضية ثانية. فعبد الله بن أبي بن سلول هذا هو رأس المنافقين. لكنه متمكن تماماً في ماذا؟ في الكتابة، في اختيار الورق الصحيح والحبر الصحيح والقلم الصحيح بقطته الصحيحة تماماً. لماذا؟ لأنه متعلم. حسناً، النقطة الثانية: قد يقول أحدهم أن هذا يمكن أن يؤثر سلباً على الشخص، أليس كذلك؟ هذا ما لا يمكن حدوثه. من الممكن لأي شخص أن يخطئ إلا هذا فكان دائماً ينزه نفسه عندما قال ليخرجن الأعز منها الأذل، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال له: "أأنت قلت هكذا يا عبد الله؟" قال له: "لا، لم أقل". لماذا؟ لأنه يحافظ على
صورته، فصورته هذه كانت عنده متفخمة بعض الشيء. فعبد الله بن أبي بن سلول ورد أنه كان كاتباً للوحي، ما المشكلة في ذلك؟ المشكلة أن النبي، انظر كيف يتألفه، ليس يُهينه ويعزله ويجعله يحترق غيظاً، بل يتألفه. إنه مريض نفسياً من أصله، فكان يقول له كلاماً طيباً، وأرسل له العباءة حتى وهو ميت، أرسل له العباءة. ولما حدث ذلك، كان ابنه اسمه عبد الله، عبد الله بن عبد الله ذهب أبي بن سلول إلى النبي وقال له: "هذا أبي قد سبّك، وهل ستقتله أم ماذا ستفعلون؟" سمع الناس وقالوا: "والله إنه يستحق الإعدام لسبّه رسول الله". فقال الشيخ: "إذا كنت آمراً أحداً بقتلي، فاجعلني أنا أقتله، لأنني لا أطيق أن يقتل أحدهم أبي ثم أراه
يسير فأقتله، فأكون قد..." قتلتُ مؤمناً بمنافقٍ، فالنبي هداه وقال له: "يا بني، لا يوجد شيء، ولا يوجد أحد، لن نقتل أحداً ولا نفعل شيئاً. الإشاعات التي يتداولها الناس أو الأمنيات التي يتمنونها ليس لنا تدخل بها". فانظر إلى أي حد أنه يهدئ باله حتى يصلح الله حاله. كان هكذا، فهذا استمر. حتى عندما ضاقت به الحال وقال: أنا لن أكتب، خلاص اركض لا تكتب. وبعضهم يقول: لا، هو كان من كتاب الرسائل وليس من كتاب الوحي، لكن بعضهم عُدّوا فعلاً في كتاب الوحي. والثاني مثل عبدالله بن أبي سرح، ابن أبي سرح هذا ما نوع الرجل هو؟ ذهب وأشاع
أنه كان يُغيّر ويُقدّم ويُؤخّر وهكذا، وهذا لا يمكن أن يحدث له لأن بقية الناس تكتب بشكل صحيح. حسناً، ألن تُكتشف عندما يكتب أُبَيّ بن كعب بشكل صحيح، وزيد بن ثابت من كُتّاب الوحي يكتب بشكل صحيح، وعندما يكتب خالد بن زيد بشكل صحيح، وعندما يكتب زيد بن صحيح عندما معيقب بن أبي فاطمة يكتب، صحيح عندما عبد الله بن الراح يكتب، صحيح معاذ بن جبل يكتب، كل هؤلاء كتّاب الوحي الذين ذكرناهم. سيدنا عبد الله بن مسعود كان أيضاً من كتّاب الوحي. مولانا كان قارئاً، كان قارئاً، لكن مسألة كتّاب الوحي هذه تحتاج إلى ماذا؟ إلى إثبات لكن الاثني عشر شخصاً الذين أخبرتك عنهم هم هؤلاء، نعم، يعني: خالد بن زيد، عبد الله بن زيد، أبو أيوب الأنصاري، أُبَيّ بن كعب، زيد بن ثابت،
معاذ بن جبل، عبد الله بن رواحة، معيقيب بن أبي فاطمة، بريدة بن الحصيب، هم هكذا. ومعهم أيضاً عبد الله بن السلول وعبد الله بن أبي سرح مثلاً، اثنا عشر معك أهم، لكن ربما يأتي أحدهم ويقول لك: لم يعد معهم معاوية. نعم، قد يُعد معهم معاوية في الخلاف، لكن وهكذا. المهم والحاصل أن عبد الله بن أبي سرح هرب، وبعد أن هرب جاء تائباً إلى وكان قريباً من عثمان، فسيدنا عثمان كان النبي يحبه كثيراً جداً، وكان يقول إن الملائكة تستحي منه. فترك هذه المسألة ووافق على التوبة، وبعد
ذلك تاب وحسُنت توبته، وتولى مصر، تولى الحكومة، تولى مصر بعدما حدث ذلك، ومات على خير والحمد لله رب العالمين، ومات على خير. نذهب إلى هذا لنعرف الإجابة على سؤال متى تم تدوين الوحي أو هل كان كُتَّاب الوحي يكتبون الوحي بعد أن ينزل مباشرة على سيدنا صلى الله عليه وسلم أم أن له إجابة أخرى. فاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم مولانا الإمام، هل كان كُتَّاب الوحي يكتبون الوحي بعد أن ينزل على سيدنا؟ صلى الله عليه وسلم مباشرة، لا يوجد تصنيف لكتّاب الوحي، فيقول لك مثلاً أنه كان هناك كتّاب في مكة وكان هناك كتّاب في المدينة.
كتّاب مكة عدّوا منهم الخلفاء الأربعة لكي يكونوا محفوظين هكذا بسرعة. نعم، عندما ذهب الخلفاء الأربعة مع الرسول صلى الله عليه وسلم. المدينة التي فيها أبو بكر وعمر وعثمان وعلي لم يعودوا يكتبون الوحي، فيقولون والله هذا مكي، والكتابة المكية منهم الأربعة هؤلاء، والكتابة المدنية ومنهم الذين ذكرناهم الاثني عشر الذين ذكرناهم، ويضيفون إليهم ثابت بن قيس بن شماس، ويضيفون إليهم معاوية، ويضيفون إليهم خالد بن الوليد، ويضيفون إليهم الزبير، ويضيفون وهكذا. وأيضاً كان الزبير يكتب في مكة، وهناك كتاب في مكة وكتاب في... وبعد ذلك يقال لك ما بعد الحديبية، لأنه بعد الحديبية أسلم كثير من
الناس، فاستعانوا بالنبي. نحن أهل الكفاءة وليس أهل الثقة فقط، بل أهل الكفاءة، فأصبح كثير من الناس كاتبين وغيرهم إلى آخره، دخلوا حتى... وصلوا عند ابن كثير إلى ثلاثة وعشرين كاتباً. نحن نقول اثني عشر، هؤلاء الاثني عشر هم المشهورون، لكن لو جلسنا نتتبع من كان يكتب الوحي، أو ماذا كتب، أو كتب سورة، أو كتب جزءاً، أو غير ذلك إلى آخره، فإن ابن كثير استمر في تتبعهم حتى وصل بهم إلى ثلاثة وعشرين، وأقسمهم هكذا: كتاب مكة، سأضيف إليهم الأربعة، فنصبح ستة عشر أو سبعة عشر كتاباً. كتاب ما بعد الحديبية ستضيف إليهم ستة، فستجد نفسك في الثلاثة والعشرين. وكل هذا كتاب الوحي، وليس كتاب الرسائل.
كتاب الرسائل هذه قضية أخرى. فهل كانوا مباشرة ينزل عليهم الوحي؟ نعم بالطبع، لا بد. ينزل الوحي الأول ولكن سيدنا رسول الله كان يتحدث عن بدء الوحي وكيف يتنزل عليه الوحي وأنه مما يتنزل عليه الوحي أنه ينزل عليه شيء شديد لدرجة أنه ينزل منه العرق ويحس بثقل شديد حتى أنه كان إذا نزل عليه الوحي وهو على دابة، كانت هذه الدابة شديدة قوية. بَرَكت مرةً السيدةُ عائشةُ وكان هو جالساً متربعاً صلى الله عليه وسلم هكذا، ففخذه الشريف على رجلها. قالت هكذا أن تُفصَم مني من
شدة ما (أنا)، "سنلقي عليك قولاً ثقيلاً". فهذه حال لا تسمح أن يكون أحدٌ ماسكاً ورقة أو قلماً لكي يكتب بعد ذلك فيها، لا. فبعد ما ينفصل عنه ويذهب عنه هكذا، يجد القرآن في صدقه انطبع في صدقه انطبع في صدقه، وكان جبريل ينزل ويقول له: "هذا الذي نزل عليك ضعه في المكان الفلاني". فيضعه هذا في البقرة، وذلك في آل عمران، كأنها ملفات مفتوحة لا زالت تنزل فيها وتوضع في مكانها. فعندما يضعها في مكانها يقرأها في الصلاة وبعد ذلك يُحضر الكتاب ويقول لهم هذا هكذا، نحن نريد أن نضيف الجزء الذي
جاء هذا ويملؤه له ويقول لهم أن هذا سنضعه بين كذا وكذا، ولذلك كانت هذه مثل ماذا؟ آيات قليلة التي هي سبع آيات أو عشر آيات، صفحة من التي لدينا الآن، صفحة. هكذا يكتبها الصحابة الكرام بعد أن يقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة. مولانا، ربما يأتي البعض ونحن نرد دائماً على الذين يثيرون الفتن والشكوك والتساؤلات الغريبة العجيبة: هل كل من كتب من كتاب الوحي كانت تتوفر فيهم هذه المساحات من الأمانة وكتبوا بكل أمانة كل ما... أملِ عليهم من القرآن الكريم، لقد قلنا إن الكتابة للتوثيق، نعم هذه هي النقطة الأولى، ولذلك فالمكتوب لم يُعتمد عليه كثيراً،
نعم أصلاً هذا المكتوب هو من أجل الإثبات وليس من أجل الحفظ، الحافظ هم هؤلاء القراء الذين حفظوا القرآن عن ظهر قلب، يقرؤونه في الصلاة ويقرؤونه في كذا ويقول إذا أردتم أن تقرأوا القرآن وتسمعوا القرآن كما نُزِّل، فاقرأوه بقراءة ابن أم عبد، أي عبد الله بن مسعود. وكان مرة ارتُجَّ على رسول الله في الصلاة، فتردد هكذا في كذا، وبعد ذلك، بعد أن انتهى من الصلاة، قال لأُبيّ بن كعب: "أأنت خلفي؟" يعني ألست موجوداً يا أُبي؟ والله لماذا لم تطعمني في القراءة؟ كل هذا كان يجريه الله على يد النبي تعليماً لأمته إلى يوم الدين. فكان أُبَيّ
هذا هو حافظ القرآن حفظاً عجيباً غريباً. فكان عمر لما أراد أن يجمع الناس على التراويح جمعهم على أُبَيّ الذي يعني لا تأخذوا مهابة المحراب في أنه... يتعثر عليه في القراءة أو أنه يرتبك أو نحو ذلك إلى آخره، يعني القرآن عنده مثل الماء الجاري كما نقول. نعم، فعندما يكون كذلك ويأتي إليّ شخص ويقول لي هذا ليس عزيز حكيم بل رؤوف رحيم، هنا أقول له: ما هذا إن شاء الله، عبد الله بن... يقول مسعود: عزيز حكيم، ويقول أُبَيّ بن كعب: عزيز حكيم، ويقول معاذ بن جبل: عزيز حكيم، ويقول عمر بن الخطاب: عزيز حكيم. من أين أتيت بـ "رؤوف رحيم" هذه التي أضفتها؟ لن ينجح الأمر، فسيفضح نفسه. لأن القرآن لم يأخذه شخص واحد، لم يأخذه شخص واحد
من النبي حتى يستطيع فيه هذا القرآن أخذته جماعات في جماعات في جماعات في جماعات وهو هو، ولذلك لن ينفع، ولذلك الصحابة عندما اكتشفوا فكرة القراءات، فهناك قراءات عشر: "يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم"، "وما يخادعون إلا أنفسهم"، حسناً، هل هم يخدعون أم يخادعون؟ "وظنوا أنهم قد كُذِبوا" و"وظنوا". أنهم قد كذبوا، هل هم كذبوا بالتشديد أم كذبوا بمعنى أنهم لا يخدعون إلا أنفسهم؟ هذه في الأول، نعم هذه ثابتة، يخدعون ويخادعون، حسناً، وما يخدعون إلا أنفسهم وما يخادعون إلا أنفسهم. يعني "يخادعون" هي التي فيها ماذا؟ "يخدعون" هي
التي فيها قراءتان. فلما حدث ذلك بينهم، سيدنا عمر أمسك. في مشاجرة، قال الرجل له: "تعال هنا، من أقرأك هذا؟ انظر إلى هذا". قال له: "أقرأنيها رسول الله". فأخذه من يده إلى رسول الله. قال: "يا رسول الله"، فقال له: "اقرأ". قال: "هكذا نزلت"، فقال: "اقرأ أنت". قال له: "هكذا نزلت، إن القرآن نزل على سبعة أحرف، فيه التشديد والتخفيف، فيه فيقتلون ويقتلون فيقتلون ويقتلون هذه قراءة حمزة، فيقتلون ويقتلون هذه قراءة حمزة التي سميناها بعد ذلك قراءة حمزة، لكن النبي عليه الصلاة والسلام فهي متواترة، كلهم يعرفون هذه القصة كلها، وحرف هذا إعجاز، هذا القرآن ليس محفوظاً
في ذاته مرة، بل محفوظ عشر مرات، نعم، يعني انظر. هذه الضربة القاضية. إذا كان قد حفظه مرة واحدة، يمكن أن يقال إنها صدفة أو أنه حفظه مثل قصيدة امرئ القيس. لكن عشر مرات يُحفظ، عشر مرات، وكل هذا وهو متواتر. اسمح لي مولانا أن أقرأ بعض المداخلات من السادة المشاهدين حول سؤالنا في الفيسبوك: ما رأيك فيمن يشكك في تقول الأستاذة عفاف إنها جاهلة. والأستاذة سحر أحمد هاشم تقول أكيد ضمير وليس سالكًا ولي غرض على المدى البعيد. وليبارك الله لنا في مولانا الإمام وكل من قلبه على الدين، ينيرنا ويعلمنا مولانا، آمين. هل تسمح لي بهذه المداخلات؟ وأعتقد أن لديهم الإجابات الصحيحة إن شاء الله. أهلاً وسهلاً. مولانا الإمام السيد الدكتور علي جمعة عضو كبار العلماء بالأزهر الشريف، شكر الله لكم ورضي الله عنكم، شكراً لكم، دمتم في رعاية الله وأمنه. إلى اللقاء،