والله أعلم | فضيلة الدكتور علي جمعة يوضح أسرار الحروف المقطعة بالقرآن الكريم | الحلقة كاملة

بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه". اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور عقولنا. أهلاً بكم في "والله أعلم" لنسعد بصحبة صاحب الفضيلة مولانا الإمام السيد الدكتور علي جمعة وضيوفه الكبار من العلماء بالأزهر الشريف، لنسأله عن سر الحروف المقطعة في القرآن الكريم، هل الحروف المقطعة في القرآن الكريم وهي نصف الحروف الأبجدية لها شرف عند الله أو هي أشرف من الحروف التي لم تُذكر في بدايات السور؟ اسمحوا لي أن أرحب بصاحب
الفضيلة مقدماً. مولانا، أهلاً بفضيلتكم، أهلاً وسهلاً بكم، مرحباً مولانا. يعني الحروف المقطعة... هناك كثير من التساؤلات: ما سر هذه الحروف؟ هل هي مرتبطة بأشياء ربما يطول البحث عنها، أم أن البعض آثر الصمت لكي نبحث عنها أكثر وأكثر؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. كان لدينا رجل من هيئة كبار العلماء، وكان الحضرة الخديوية في أوائل القرن العشرين كان اسمه الشيخ محمد راشد وكان عالِماً كبيراً جداً، فجلس في درسه وكان يُدرّس التفسير في الأزهر الشريف، وقال - وكان يفسر سورة حم - فقال: "كم تريدون يا أولادي من الدروس
حول حم؟" فأجابه أحد الطلبة الصعايدة: "يا مولانا يعني هل ستطول في حميم وخلاص يعني هكذا، أي حرفين هكذا. قال له: "إذا أردت أن أفسرها في سنة أو في شهر أو في أسبوع أو في مرة واحدة، فسأفسر". فاتفق الطلاب على شهر. طبعاً هم كانوا يدرسون كل يوم لأن مقررات الاثني عشر في الأزهر كانت تُدرس كل يوم، وجلس الشيخ يملي عليهم. كل يوم وطافوا من الشهر لمدة خمسين يوماً فأملى عليهم سبعة وخمسين تفسيراً لحميم فقط، ثم قال: اعلموا يا أبنائي أن كل حميم، الحواميم سبعة وراء بعضها ونزلت وراء بعضها، وهذه ميزة فريدة في القرآن أن سور سبعة تكون
وراء بعضها وتنزل وراء بعضها، كل حميم في كل سورة. لها معانٍ أخرى غير السبعة والسنة التي ذكرها في حميم الأولى، فهذا يدلك على - يعني - عظمة المسألة وكم بذل المسلمون من جهد في بيان هذا. بعض علمائنا كانوا يقولون أن الله سبحانه وتعالى فعل هذا - وهو عليم بما سيكون - حتى تتحمل البشرية ما حدث لأولياء الله ألسنتهم فيها مثل هذه الحروف من غير أن يدرك عموم الناس معناها، فكان هذا نموذجاً
لأن القرآن فعل هذا. فلما حصّلوا المعاني خرجت ربما قريبة من مئات ومئات من التفسيرات. ينقسم التفسير في هذا المجال إلى قسمين: القسم الأول من قال الله أعلم بمرادها، والقسم الثاني من قال لها تفسير قال إن لها تفسيراً واختلفوا على أقوال كثيرة من ضمن هذه الأقوال أن الله سبحانه وتعالى يقول للعرب: هذه حروفكم التي تنطقون بها، أو بمعنى أدق أسماء الحروف التي تنطقون بها، لأن هناك فرقاً بين الحرف وبين اسم الحرف، أما الحرف فهو المخرج من
غير شيء إلا ألف لام ميم. ولكن هكذا، هذا هو الحرف، أما "ميم" فهو اسم الحرف، و"ألف" اسم الحرف، و"لام" اسم الحرف. فهناك فرق بين الحرف الذي هو مسموع وبين اسم الحرف الذي يُطلق عليه عند التهجي وعند الهجاء. فكأنه يقول لهم: هذه حروفكم يتكون منها القرآن، فهل تستطيعون بنفس الحروف أن تحاكوا القرآن؟ أن... تنشأ قراءتنا للقرآن حيث يختلط على الناس إذا ما سمعوه أو عرفوه هل يستطيعون، وهنا يقوم فريق عندنا من المسلمين يُسمَّون المعتزلة ويقولون بالصرفة، والصرفة تعني أن الله سبحانه وتعالى صرف الخلق عن
هذه المحاولة، يعني لا توجد محاولة في البشرية حاولت ونجحت في تفسير هذه الحروف المقطعة، لا محاكاة القرآن تعني هل حاول أحد أن يصنع شيئاً مثل القرآن فنجح؟ لا أبداً. كما يرصد مصطفى الرافعي في كتابه "تحت راية القرآن" سبع محاولات قام بها بعض الأشخاص، قام بها مسيلمة، وقامت بها سجاح، وقام بها ابن المقفع، وحاول القيام بها أبو العلاء المعري فيما يُنسب إليه. وحاول سبع محاولات وكلها فشلت وباءت بفشل فظيع جداً، وكان الله سبحانه وتعالى أقام هذه المحاولات السبع من أجل بيان أن أحداً لا يستطيع أن ينشئ شيئاً مثل القرآن، وأنه من عند الله متفرداً
وحيداً فريداً أبداً، وأنه كالنبي المقيم ينشئ معجزة رسالة وليست معجزة رسول مقتصرة على عصره ولا. على من آمن به بل هي أيضاً إلى يوم الدين لأن هذا التحدي قائم إلى يوم الدين فكانت هذه الحروف تشير إلى هذا المعنى وأن هذه حروفكم التي تنطقون بها والتي علمها الله لكم تتكلمون بها ليلاً ونهاراً فهل تستطيعون أن تصوغوا مثل هذا القرآن هذا معنى من المعاني. معنى آخر من المعاني يقول أن هذه الحروف كأنها تشير إلى كلمات، فمثلاً العرب تفعل هذا، فقلت لها قفي فقالت: قاف. يعني قالت: وقفت. فبدلاً من أن تقول وقفت،
فكأنها استغنت عن كلمة وقفت بكلمة قاف. "قاف" هذا اسم حرف. فربنا يقول: الميم. فواحد يقول مثلاً: والله، هذه أسماء لله. الألف دليل الله واللام لطيف والميم ملك فيكون "الله لطيف الملك"، وكذلك الراء تعني أن "الله لطيف الرحمن" مثلاً. وشخص آخر قال: لا، فربما تكون الألف هي الله واللام جبريل. فسأله: ولماذا أخذت من هنا أولها ومن هنا آخرها؟ فأجاب: لأنه هو الواسطة بين الرب. وبين البشر ومن هو محمد؟ يكون الله ومحمد بينهما مبلّغ الرسالة الروح القدس جبريل الملك.
وتوجد تفاسير مثل هذه كثيرة بعدد المفسرين، بعدد مئات التفاسير مثل هذه لا ننتهي منها لأنه دخل في البحث عن هذه مما قيل من الناس الذين دخلوا في الإحصاء وقالوا شيئاً. غريبة جداً، قالوا إنه لو أحببنا صورة البقرة بالرسم العثماني وحسبنا الألف واللام والميم، ونظرنا بالرسم العثماني إذا اختلف الرسم العثماني تختل القاعدة، نعم، والألف واللام والميم كم مرة تكررت في سورة البقرة واسمها، وما نسبة ذلك إلى عدد حروف البقرة، ستخرج نسبة، قل هكذا مثالاً، يعني ليست هي النسبة في المائة الألف واللام والميم في سائر الصور الست التي بدأت بالألف واللام والميم لا تبلغ ثمانية عشر، بل تبلغ أحد عشر، عشرة، خمسة،
هل تنتبه؟ لكن الألف واللام والميم ثلاثة، ما هذا؟ ما هذا العمل؟ هذا لا يمكن لبشر أن يبنوا هذا البناء. سنعود بعد الفاصل. لندرس أيضاً ونتأمل سر هذه الحروف والأرقام. عندنا ثمانية وعشرون حرفاً أبجدياً. ما عدد هذه الحروف المقطعة في بدايات السور، وما علاقتها بسائر الآيات أو باقي الآيات في نفس السورة؟ فاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم مولانا الإمام. سنعود إلى القول: هذه الحروف كم حرفاً من الثمانية والعشرين حرفاً؟ بشكل عام كانت مقطعة في بدايات السور، ما علاقتها وذُكرت هذه النسب وتأكيد على هذه النسب. لنقرأها بشكل أفضل ويُسر
وتتضح لنا الصورة بشكل أكبر. هناك من قال أن هذه الحروف لها علاقة باللغة السريانية، وهناك أناس قالوا إن هذه الحروف لها علاقة باللغة الهيروغليفية، وهناك من أتى بكلمات من... هذا في اللغة الآرامية وهكذا فالحكاية واسعة، وهذا يثبت كل يوم أنه لا يمكن لهذا القرآن أن يكون من وضع بشر لا محمد ولا غير محمد، فكل يوم تزداد عجائبه ولا يَخلَق من كثرة الرد. نحن عندنا ثمانية وعشرون وقيل تسعة وعشرون، لكن هذا الخلاف في اللام ألف التي... يقول بعضهم إن اللام موجودة والألف موجودة، وأنه ثمة ثمانية وعشرون حرفًا، منها أربعة عشر حرفًا بُدئت بها السور. ولأن القمر له وجه مضيء متعرض للشمس، وهناك وجه مظلم للقمر،
فقد سمّوا الحروف الأربعة عشر من أجل معنى الظهور، إذ هي التي ظهرت في بدايات السور، الحروف النورانية والحروف. الثانية سموها الحروف الظلمانية، وليس معنى هذا إطلاقاً أن هذه تفيد النور وهذه تفيد الظلام، لا ليس هكذا، هي سميت الظلمانية للاختفاء لأنها مختفية عن بداية السور، والنورانية لأنها متصدرة في بداية السور، لكن معناه بدأ المسلمون يبحثون على مستوى الحرف. هل الفتحة التي هي ركن الصلاة والتي هي... فاتحة الكتاب فيها من الحروف الظلمانية، نعم فيها سبعة من الحروف الظلمانية في الفاتحة. إذاً إذا لم أستطع أن أحتقر الحروف الظلمانية، فإن الحروف النورانية والظلمانية تمثلان معاً كمالاً،
نعم، يتسق به القرآن من خلال اتساق اللغة العربية التي علّمها الله سبحانه وتعالى للبشر وأولهم آدم. مثل الليل والنهار هكذا التكامل، هذا التكامل بين الليل والنهار، والذكر والأنثى، والسماء والأرض، الثنائيات في الحياة الثنائية. فإذا كان لدي أربعة عشر، بعض الناس حاول أن يكوّن جملاً لكي نحفظها، فقال أحدهم: "والله هذه اسمها نص حكيم قاطع له سر"، "نص حكيم قاطع له سر"، نعم، فأصبح كأن... كأنه وصف للقرآن صحيح، نص حكيم قاطع له سر. دلالة أربعة عشر حرفاً. الثاني يقول كان في جملة ثانية. نعم طبعاً مثل: "حيٌّ طاهر"، إن قصد سلكم إلى والده. سهلة، "حيٌّ طاهر" يعني
فيه شيء حي وطاهر. نعم، وذهب كأن العسل الخاص به أيضاً يدفع وقال الذي... هو مثل الذي استأثر بكل العسل الخاص بالبشرية أو استحوذ على كل الحلاوة، هذا النبي المقيم، نعم هذا النبي المقيم. فهو حي، إذًا هذان اثنان، طاهر أربعة، أصبحنا ستة، أضف، انقص، أربعة، يصبح أربعة، أصبحنا عشرة، عسلكم أصبحنا أربعة عشر، حي، طاهر، انقص، عسلكم، انقص لأجل. لا تكون الألف مكررة، طاهر التي هي الألف، نعم حي طاهر، نقص عسلكم، هناك أناس آخرون قالوا: على فكرة هناك أولياء لله نطقوا بأشياء عجيبة، قلنا لهم: مثل ماذا؟ قال: مثل ذكر الأهمية، ما هو ذكر
الأهمية هذا؟ فقالوا لنا: اهم سقق حلع يس، هذه إحدى عشرة حرفاً، وهذا نوع أنواع أو في لغة من اللغات هكذا أو في تجلٍ من التجليات قال الحكاية هذه من الحروف النورانية ذكرناهم لكن هذا بقي تنر الطاء والنون والراء باقين بعد قال حسناً احسب تنر هكذا فوجدنا مائتين وتسعة وخمسين الراء بمائتين والنون بخمسين والطاء بتسعة فهذه مائتان وتسعة مائتان وتسعة وخمسون قال حسناً، إن هذا هو اسم الله إذا كُتب بالتفصيل، يعني "الله" أربعة حروف، فلنكتب الأول منها: ألف (ثلاثة حروف)، ثم لام (ثلاثة حروف)، ثم لام أخرى (ثلاثة حروف)، ثم هاء (ثلاثة حروف)، وعند حسابها تجد مائتين وتسعة وخمسين، أي
أننا نكتب اسم كل حرف، بمعنى اسم الحرف وقيمته العددية، فيكون قلنا له: والله نحن لن ندخل معكم في هذه المسألة، وهذا علم له ليس لنا تدخل فيه. نحن لنا شأن في هذه الأمور البسيطة، فلندع ما هو طاهر ونقص. نتمنى لكم هذا ولندعه، فهو نقص حكيم قاطع لا يسر. أما مسألة الأرقام وما شابهها فهذا علم لهم، له علم ليس اعلم يا مولانا أن هذا معتبر علماً مازال يُدرَّس حتى في الأزهر الشريف إلى أواخر القرن التاسع عشر، يعني أنه علم وألَّف فيه الشيخ الخلواتي الشافعي وألَّف فيه غيره أيضاً، وهكذا عبر التاريخ ومراحله كان علماً. والذي جعل هذه الأمور ليست علوماً هو المفهوم التجريبي للعلم الذي أدخلته دائرة المعارف وسبعمائة وستين، فنحت كل هذه العلوم المتعلقة بالروابط الكونية واعتبرتها
أنها خارجة عن نطاق التجريب المعتمد. وحينئذٍ اضطرت بعد ذلك عندما وجدوا لها آثاراً غير مفسَّرة، فقاموا بإنشاء ما يسمى بعلم الباراسيكولوجي، ووضعوا فيه كل هذه العلوم التي هي خارج نطاق الفيزياء والمنطق الذي يمكن أن يحكمها. هي فأصبحت علوماً وأصبح لها مؤلفات ولكن لم تصل إلى مرحلة العلم التجريبي. هذا العلم التجريبي يعني التجريب، وهو ليس معناه العلم. معناه إدراك الشيء على ما هو عليه. فالقضية أننا ليس لدينا مانع من التزام التجريبيين بتجربتهم، ولكننا نختلف معهم فقط في تفسير الظواهر وليس في... رصد الظواهر في
الحروف الأربعة عشر التي سُميت بالنورانية منتشرة في القرآن في كل مكان، وهي التي بدأت بها حوالي ثمانية وعشرين أو تسعة وعشرين سورة هكذا، منها طه، ومنها يس، ومنها قاف، ومنها نون، ومنها الحواميم كلها. الحواميم "حم" هذه حرفان، لكن في "عسق" يكون... كاف هي عين صاد، فكاف هي عين صاد خمسة، فيبقى إذاً هناك ما بدأ بخمسة، وهناك ما بدأ بأربعة، وهناك ما بدأ بثلاثة، وهناك ما بدأ باثنين، وهناك ما بدأ بواحد. عندنا الحروف التي هي للمعاني أيضاً، كذلك منها ما هو على حرف مثل الواو مثل الفاء، ومنها على... حرفان مثل "من" و"عن"، ومنها
على ثلاثة مثل "إلى" و"على"، ومنها على أربعة مثل "لعل"، ومنها على خمسة مثل "لكن". لكن النطق الخاص بها سيأتي بخمسة. لكننا نريد أن نفهم أكثر الحروف التي تحمل معانٍ لأننا نريد توضيحاً أكثر، ولكن بعد الفاصل ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم مولانا الإمام، الحروف حروف. المعاني على نوعين، مزيد من التوضيح حتى يكون الأمر بالنسبة لنا واضحاً. هناك حروف مبانٍ وحروف معانٍ. حروف المباني هي حروف الهجاء التي هي: أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ، وهي الثمانية والعشرون حرفاً التي نقول عنهم. وقد رتبهم عبد الملك بن مروان على هذا الشكل فجعل...
ألف باء تاء ثاء وجعل الأولى عليها نقطة، والثانية عليها نقطتان، والثالثة عليها ثلاث نقط. هذه هي القضية. جيم حاء خاء، انظر كيف تبدو بعضها، فالأولى عليها نقطة، والثانية ليس عليها نقطة، والثالثة فوقها نقطة. دال ذال ذاي سين شين صاد طاء عين غين فاء قاف، وترى أن الفاء عليها نقطتان، العين ليس عليها شيء، الغين عليها نقطة، وأصبح هناك نقاط فوق الحروف ونقاط تحت الحروف ونقاط مهملة بلا نقط، أي إذا النقاط قد تكون فوق وقد تكون تحت وقد يكون الحرف مهملاً. هذا الترتيب الذي وضعه عبد الملك هو الذي يدرسه الأولاد الآن في الهجاء. وذلك سَمّوه الترتيب الهجائي
وهذا الترتيب الاجتماعي، هذه المباني التي تُبنى منها الكلمة. أما المعاني فهي حروف تؤثر، أو هي جاءت مكان المفعولات. يعني لدينا المفعول به: "زرع الفلاح الحقل". حسناً، هل لدينا مفعول عليه؟ "وضع الطالب الكتاب على الطاولة". فـ"على الطاولة" هناك، ما هي؟ "وضع الطالب الكتاب الطاولة". يعني على لا يوجد مفعول عليه في اللغة، فأتوا لها بـ "على" حيث لا يوجد مفعول من خلاله في اللغة أو ابتداءً منه. فعندما نقول "جاء من المدرسة إلى البيت"، لا يوجد مفعول إليه، ولا مفعول منه، ولا مفعول. طبعاً يوجد مفعول فيه المسمى ظرفاً، ولكن "في" هذه قد تكون قل سيروا في الأرض يعني سيروا على الأرض،
فالحروف الخاصة بالمعاني وعددها خمسة وثمانون حرفاً، منها ستة وثلاثون حرفاً في القرآن. هذه الخمسة والثمانون حرفاً جاءت بدلاً من المفاعيل، بدلاً من المفاعيل، هذه هي الحكاية. فهذه حروف المباني وتلك حروف المعاني. فالحروف مثل "الم" و"الم ر" وما شابه هي حروف ما هذا الشيء واسع وكان الله يخاطب بتلك الشريعة كل الأذواق وكل الثقافات وكل العصور بالأسقف المعرفية المختلفة. ما هو إننا منبهرون بالقرآن من قليلٍ، فهو شيء من الناحية العلمية المنهجية القاعدية مبهر. ما يسمح لي في هذا السؤال، البعض يقول العرب قديماً كانوا لا يستفتحون كلامهم بمثل. هذه الحروف لأنهم
يعتقدون أنها لا معنى لها، أن يبدأ الكلام بهذه الحروف المقطعة إذا لا معنى لها. فلا معنى لهذه الحروف في القرآن الكريم. قد يكون هذا نوعاً من أنواع هز المشاعر، لأنه أول ما يقول لا معنى له، يقول له حسناً هات شيئاً مثلها على الفور. نقطة أولى، نقطة ثانية: من الذي قال لك أن القرآن نزل للعرب فقط؟ إن القرآن نزل للعرب وللعجم، لزمن النبي ولما بعد زمن النبي، ولذلك فإن هذا القرآن غير مخلوق. دلالات القرآن ومدلولاته غير مخلوقة، فهذا كلام الله وصفته التي تتنزل إلى الآن، أي أن هذا القرآن كان يتنزل إلى وهذا معناه تاريخية القرآن، وليس تاريخية القرآن، لا. تاريخية القرآن معناها أنه لا يصلح إلا للعرب، وحينئذٍ يأتي
هذا الإشكال: الله يكون "الم"، ولما هم لم يكونوا يعرفونها، فإذاً لا، إن "الم" هذه عجائب وغرائب، وعند كل فترة يوافق السقف المعرفي شيئاً منها، هل أنت منتبه؟ ويُخرج علوماً. لم تكن تخطر ببال العرب حتى جمعة أولياء الله. يقولون لك إن لفظ الجلالة "الله" يدل بكل حروفه على الذات الجليلة، الله خالق الأكوان. قلنا لهم: كيف ذلك؟ أي ما الذي تقصدونه بعبارة "يدل بكله"؟ فقال لك: اكتبوا هكذا: "الله"، ثم احذفوا الألف تصبح "لله"، ثم احذفوا اللام الثانية تصبح هل أنت منتبه؟ حسناً، أزل اللامين فتصبح "أوّاه". ثم نجد في القرآن أن إبراهيم أوّاه. ها هو! ماذا يوجد؟ لا أحد ينتبه ولا أحد... حسناً، أزل اللام
هكذا، فتصبح "إل". ونجد الرواية عن أبي بكر: "لا يرقبون في مؤمن إلّاً ولا ذمة". "الإل" هو الله. ما هذا! فيه ماذا؟ ارفع الحزن. عندما تصبح إله، نعم، هكذا إذن. تصبح هناك علوم أخرى لا هذا يعرفها ولا ذاك يعرفها ولا كان العرب يعرفونها، ولكن هذا الإبداع الذي لا نراه في أي لغة كانت. عندما دخلنا إذن في الشرق والغرب من اليابان حتى أمريكا ومن الشمال في سيبيريا حتى الجنوب. القطب الجنوبي لم نجد لغة فيها هكذا أنها تسمي "جد" ولا "جيو"، أزِل الشيء يصبح "جد"، ستصبح "أود"، أزِل الدال ستصبح "جو"، أي شيء، أي كلام إذن، نعم، فلا يوجد شيء هكذا، وهذا يجعل، تعلم، هذا لو
كان بمفرده لكان أحدهم يقول لك: حسناً، ماذا يعني؟ إنها مجرد صدفة لو هناك اختلافات كثيرة لكن هذا ليس وحده دلائل متتابعة إثر دلائل الله حتى تصل إلى ما أسميه أنا الضربة القاضية. فالقضية ليست أن هذا دليل بمفرده سنقيم عليه الدنيا أو نقعدها، لا، هذا واحد من عشرات الآلاف أو الملايين من الأدلة التي تفرض هناك افتراضاً. لهذا الكلام لا يطيقه بشر، وهذا يعني أنه جاء معجزاً لأهل الفصاحة والبلاغة. إذاً مولانا، هل هذه الحروف من المحكم أم من المتشابه في القرآن الكريم؟ كل القرآن محكم، كل القرآن محكم، نعم. فالقرآن حكاية المتشابه هذه، هي الجزء المتشابه بين شريعة الإسلام وما سبقها من الشرائع، من يهودية ومن
من غيرها من الكتب المُنزلة، فإن هذا القسم متشابه، لكن القرآن كله بما فيه من متشابه أو غيره هو محكم. فالمحكم هو كل القرآن، كتاب مفصل ثم محكم، كله محكم من الله. فما الذي يُعتبر متشابهاً إذن؟ إنه متشابه مع ما سبق، ولذلك جاء اليهود وقالوا: "يا محمد، أنت لا أُنكر عليكم، كيف تكونون غير مهمين! حاشا لله، حاشا لله! لماذا تقولون الكلمة السيئة؟ قالوا: لأن كل ما ذكرته عن آدم والجنة والنار والعرش والفرش وكل ما لدينا، ما فائدتك أنت؟ هل أنت منتبه؟ كيف يكون ذلك؟ "آيات محكمات هن أم الكتاب"، هذا قسم، وآخر "متشابهات" ليست أم الكتاب، نعم ما هذه التي
وردت سابقاً وتشابهت مع التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وغيرها؟ إذاً لدي أم الكتاب ولدي متشابهات، فأما الذين في قلوبهم زيغ من المعترضين الذين يقللون أدبهم على سيدنا صلى الله عليه وسلم، فيتبعون ما تشابه منه. لماذا إذاً؟ لغرضين. نعم، ابتغاء الفتنة التي هي الإنكار وابتغاء تأويله، يقولون له ماذا؟ يقولون له: أنت لا تملك الحق عندنا، وأيضاً لدينا تفاصيل أكثر يا محمد. أنت تذكر آدم، لكن لدينا أن طوله كان ستين ذراعاً، وأنه عاش ألف سنة، وأنه عندما جاء ليأكل من الشجرة. كان من الشجرة الفلانية وليس من الشجرة العلانية، وأنه وأنت تقول زوجته لكننا قلنا اسمها حواء واسمها إيفا.
لدينا تفاصيل أكثر، ولسنا ها. ابتغاء الفتنة الإنكار وابتغاء تأويله. أين هذه الأشياء في القرآن؟ غير موجودة. القرآن أخذ عبرة الخلق، عبرة سجود الملائكة لآدم، عبرة القصة وما. تفيد في وضع قوانيننا ووضع اجتماعنا البشري ووضع مسيرتنا مع الله سبحانه وتعالى، فهو يريد أن يضعفني في التفاصيل التي كثيراً ما ثبت أنها خاطئة، ولا يأخذ العبرة وينكر النبوة المحمدية فيقع في الفتنة. هذه هي الحكاية: ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وما يعلم تأويله إلا الله، ونقف، نعم. من جهةٍ كان يقف، نقف عند قوله تعالى: "والراسخون في العلم يقولون
كل من عند ربنا" - الكتاب المحكم والمتشابه من عند ربنا، "وما يتذكر إلا أولو الألباب". بسم الله، اسمح لي أن أستعرض بعض مداخلات السادة على الفيسبوك حول معنى هذه الحروف في السور القرآنية. الأستاذ ياسر يقول: قال بعد حذف المكرر منها تعطينا جملة مفادها نص حكيم قاطع له سر، فهذه الحروف من أسرار القرآن الكريم. الأستاذة زينب تقول: "القرآن العظيم كلام الله عز وجل، ولم يضع الله عز وجل حرفاً من كلامه إلا وله دلالة ومعنى، وللحروف المقطعة تجليات وأسرار عظيمة لم يعرفها إلا من فتح الله عليه ولكن ينبغي علينا أن ندرك ذلك عند القراءة ونستشعر ذلك لعل الله أن يفتح علينا بها. الأستاذ محمود محمد يقول: لم يذكر الله عز وجل حرفاً إلا وله معنى وإن لم يتوصل لمعناه العلماء. هذا ما ذكره السادة المشاهدون.
ملخص الحلقة، شكراً، جزيلاً صاحب الفضيلة مولانا الإمام الأستاذ. الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بن أزري شكر الله لكم ورضي الله عنكم مولانا شكراً لكم في رعاية الله وأمنه إلى اللقاء.