والله أعلم | فضيلة الدكتور علي جمعة يوضح المحكم والمتشابه في القرآن الكريم | الحلقة الكاملة

رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي. أَهْلًا بِكُمْ فِي "وَاللهُ أَعْلَمُ" لِنَسْعَدَ دَائِمًا بِصُحْبَةِ صَاحِبِ الفَضِيلَةِ مَوْلَانَا الإِمَامِ الأُسْتَاذِ الدُّكْتُورِ عَلِي جُمْعَةَ عُضْوِ هَيْئَةِ كِبَارِ العُلَمَاءِ بِالأَزْهَرِ الشَّرِيفِ. مَوْلَانَا الإِمَامُ، أَهْلًا بِفَضِيلَتِكُمْ، أَهْلًا وَسَهْلًا بِكُمْ. اسْمَحْ لَنَا وَنَحْنُ نَسْأَلُ أَسْئِلَةً كَثِيرَةً حَوْلَ القُرْآنِ. الكريم، لنفهم ونعي ونسعى بعد ذلك. الوعي قبل السعي كما تعلمنا من فضيلتكم. المحكم والمتشابه في القرآن الكريم، ماذا نعني بالمحكم؟ بسم الله
الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. "حكم" أي قضى في لغة العرب، وقضى هذه معناها أنه قد أتم. ومنه القضاء لأنه أتم رفع الخصومة بين المتقاضيين، فسمَّوا القضاء بالحكم لأن ما صدر من حضرة القاضي أتم الأمر، فلم يعد هناك نزاع بعد أن كان هناك نزاع. تم الأمر، فقبل القضاء كانت هناك حيرة من صاحب الحق: من الذي له ومن الذي عليه،
وبعد القضاء أُحكِم الأمر، أي أُتقِن أحكم الأمر يعني تم، فحكم يعني تم فصل، يترتب عليها الفصل ويترتب عليها القضاء ويترتب عليها كل هذا. ومن هذا التمام تأتي كلمة الحكمة. نعم، يؤتي الحكمة أيضاً من "ح ك م". ما يؤتي الحكمة، يعني ماذا؟ الحكمة تعني شيئاً تاماً مضبوطاً جداً. الحكمة هي الشيء المناسب في مكانه المناسب في الوقت المناسب للهدف المناسب، هذا هو الحكمة. يؤتي الحكمة
القادر على أن يضع الأشياء في أماكنها، في أشخاصها، في أزمانها، لا يتقدم ولا يتأخر، ولذلك تؤتي ثمارها تماماً. فعندما يأتي ويصف الكتاب بهذا "كتاب أُحكمت آياته" يعني أن آياته وصلت إلى الدرجة العليا، يعني كل آية حصلت على المائة في الدرجة هو التمام، هذا الكمال يا مولانا، هو أن يأخذ مائة في المائة، هل انتبهت كيف اكتمل وخلاص؟ تمام، قال الله: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق". مكارم الأخلاق كانت موجودة عند حاتم، ومكارم الأخلاق كانت موجودة عند عبد الله بن جدعان في الجاهلية لو كانوا...
لديهم شهامة وشجاعة وإقدام وكل شيء، لكن هذا جاء ليكمل هذا إلى أن هذا اتضح مائة في المائة، أتفهم ذلك؟ فحكم فيها هذا المعنى، معنى الإكمال، ومن هنا استعملت في القضاء، استعملت في الفصل بين المتخاصمين، استعملت في الحكمة، استعملت في آيات الله، استعملت في أشياء كثيرة، فالملك هو ماذا؟ الملك هو التصرف التام، ما معنى أنك تمتلك شيئاً؟ أن تمتلكه يكون لك التصرف التام فيه. ما معنى التصرف التام؟ يعني
أن تبيعه، أو تهبه، أو تستهلكه، أو تحتفظ به. الملك يبقى ملكاً، أتفهم؟ ماذا يقول العوام؟ "من حَكَم في ماله ما ظلم"، أي أن يتصرف بأي شيء، أي الذي كلمة "ماذا" "التصرف التام"، كلمة "التام" هذه ماذا؟ ذهبوا وحوّلوها إلى كلمة "حكمة". هذه اللذة اللغوية أو المتعة اللغوية والمردود اللغوي في نفوس الناس عند استعمالاتهم، انتبه إليه لأن وراءه حكمة بليغة، وراءه عمق، وراءه فهم تام. انظر، أنا أقول حكمة بليغة لماذا؟ لأن وراءه فهماً تاماً لمقتضيات.
اللغة فعندما يأتي ويقول مثلاً: "هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات"، فتكون "محكمات" هكذا معناها وصلت إلى الغاية والتمام في تشريعاتها وفي أهدافها وفي تطبيقها وفي كل شيء. الحكم عندما نأتي لنقول الحكم الشرعي، الحكم الشرعي يعني ماذا؟ خطاب الله. قلنا له: حسناً، وما معنى خطاب الله؟ يعني توجيه الكلام. فالله يوجه الكلام إلى البشر، فتوجيه الكلام إلى البشر هذا هو الحكم إذا تعلق بأفعال المكلفين بـ "افعل" أو "لا تفعل"، مثل: صلِّ، ولا
تسرق، زكِّ، ولا تسرق. هذه أفعال المكلفين. إذاً، فالحكم الشرعي هو خطاب الله. الحكم: ماذا يعني؟ يعني التمام يعني الجمل التامة التي أمرت ونهت، هذا هو معنى حُكم في اللغة، ومنها نستطيع أن نتفهم هذه الكلمات كلها في كتاب الله، مولانا الإمام. طيب، الآيات المتشابهات وأخرى متشابهات في هذا السياق، والقرآن جملة واحدة كما أفهمتموني كثيراً، وكما تعلمت من فضيلتكم، فهل الجملة الواحدة تعني أن هناك وأن هناك متشابه، بعضهم ذهب إلى هذا المعنى، إلى أن - والله - هذا هو النص، ويقول منه، يعني بعضه
منه آيات محكمات هن أم الكتاب، ولم ينتبه إلى "هن أم الكتاب" هذه. منه آيات محكمات وأُخَر متشابهات. لو كان قال هكذا لكان يكون نوعين، لكنه لم يقل هكذا. قال هن أم الكتاب، هن أم الكتاب منه، هذه تكون البعضية هنا. "هن أم الكتاب" متعلقة بـ"منه" وليست متعلقة بـ"محكمات"، يعني هي من هذا البعض. يعني الكتاب قسمان: القسم الأول هو أم الكتاب، والقسم الثاني هو المتشابه لغيره، فيكون القسم الأول اسمه المحكم الذي هو أم الكتاب. طيب والقسم الثاني
المحكم، الله! أنت قلت المحكم الأول، نعم. إنه المحكم قسمان، هذه المسألة مرت على بعضه موجود في الكتب وكل شيء. المحكم الذي هو أم الكتاب في مقابل ماذا؟ ما هو القسم الثاني المحكم الذي هو متشابه؟ هذه الآية معناها هكذا أن المحكم له إذن ماذا؟ الذي يجعلنا نقول ذلك أن القرآن يقول: "أُحكمت آياته ثم فُصِّلت"، "أُحكمت آياته" يعني أنها كلها محكمة خلاص، "كتابًا متشابهًا"، هذا كله متشابه. إذن كل القرآن محكم لأنه بلغ الغاية والتمام
في مراده: عقيدةً وشريعةً وأخلاقًا وقصصًا وذكرًا إلى آخره. وأيضًا هو متشابه، ماذا يعني متشابه؟ يعني "لست بدعًا من يعني أنت تأتي والله أن هذا والذي نزل على موسى خرج من مشكاة واحدة، أنت لست بدعةً من الرسل، وإنك أنت لست مخالفاً لموسى وعيسى وإبراهيم ونوح وآدم وما إلى ذلك أبداً، بل أنت في هذا السياق وفي هذا الصف من الرسل الكرام لست بدعةً من الرسل، هي أنه الكل متشابه، بماذا إذن؟ متشابه لما كان قبله. ورقة بن نوفل هذا عندما يسمع التوراة ويسمع
القرآن يقول: "هذان الاثنان خرجا من معينٍ واحد". وعندما يسمع الإنجيل ويسمع القرآن يقول: "إن هذا جاء من الله، وليس بينه وبين ما نُزِّل على عيسى سوى هذا الخط"، أي بينهما. الزمن فقط، فالنجاشي يقول هكذا، والورق يقول هكذا، وكل أحد يسمع القرآن يرى أنه كما يقول بعضهم: هذا العهد القديم، وهذا العهد الجديد، وهذا العهد الأخير - أي القرآن الكريم. يسمون القرآن الكريم العهد الأخير لأنه آخر كلمة من كلمات الله في اتصاله بالبشر، ثم محمد رسول الله وخاتم النبيين. فلا رسول بعد ولا نبي، فلا نبي بعد ولا رسول، لقد انتهى الوحي. فالقضية
هي أن القرآن الكريم كله محكم، والقرآن الكريم كله متشابه مع الكتب السابقة في كونها قد خرجت من مشكاة واحدة. إذا كان القرآن الكريم كله محكم وإذا كان القرآن الكريم مشابهاً لما قبله، فما فائدته؟ ما فائدة أن يبعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم؟ وما الحاجة إليه؟ وهذا هو السؤال الذي أثاره اليهود في المدينة. إذاً، كما أشرتَ بسؤال مهم جداً، وأثاره البعض:
لماذا أرسل الله سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم إذا لم يكن بدعاً من الرسل؟ لماذا أنزل التوراة ثم أنزل الإنجيل أصبح إذا كان القرآن متشابهاً، فربنا سبحانه وتعالى ردّ على هذا وردّ عليهم بما يُطمئن قلوبهم لمن أراد له الهداية أن تطمئنه، فقال: "هو الذي"... انتبه جيداً، من الذي أنزل القرآن؟ ليس محمداً، "هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هنّ أم الكتاب"، فيصبح إذاً... هو أنزل ما يُسمى بأم الكتاب، أم الكتاب وإن كانت مشابهة للإطار العام للوحي وللكتب السابقة إلا أنها متفردة،
لم تُذكر بهذه الكيفية في كتاب قط، وهذا يؤيده قوله تعالى: "ما ننسخ من آية أو ننسها نأتِ بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير". المعنى الحقيقي لهذه الآية هو هكذا أن هناك أشياء أحلها الله لكم بعد أن كانت محرمة عليكم في الشرائع السابقة. وكذلك عندما جاء النبي صلى الله عليه وسلم وضع عنا الأغلال والإصر التي كانت في أعناق الأمم السابقة، وقال: "إنما أنا رحمة مهداة"، وربنا وصفه بقوله: "وما أرسلناك". إلا رحمة للعالمين، فحضرتك الواضحة واضحة، العملية أن الله سبحانه وتعالى أنزل القرآن بما فيه من أم
الكتاب في بعض الأحيان محكم ومتشابه، سوف يدعو إلى القدر المشترك بيننا وبين أهل الكتاب السابقين، وهكذا قالت أن الوجود المتشابه يا مولانا طبعاً، فهو يقول لك لا يمكن أن تجعل بينك. وبين أحد من البشر حواراً إلا بالمشترك، أنا الآن آتٍ هنا وأريد أن أدعو الناس. أقرب الناس إليّ من؟ أقرب الناس إليّ الذين يقولون بأن هناك رباً، والذين يقولون أن هناك يوماً آخر، والذين يقولون أن هناك عقاباً وثواباً، والذين يقولون أن هناك شريعة، والذين يقولون أهل الكتب السابقة أهل السابقة هؤلاء أقرب الناس إلى العهد القديم والعهد
الجديد، فيكون إذا هذا التشابه سوف يكون قاعدة مشتركة للكلمة السواء. تعالوا إلى كلمة السواء، كلمة سواء بيننا وبينكم. الكلمة السواء التي هي ماذا؟ الـ "Common Ground" بالإنجليزية هكذا. يُطلق عليها ماذا؟ "Common"، وماذا تعني "Common" هذه؟ تعني شائع. حسناً، لماذا تحديداً سواء لأنه القدر المشترك الذي بيني وبينك، أنا لست آتياً لأزعج في الخلافيات، بل أنا آتٍ مُنطلقاً من القدر المشترك لكي نتفق. تعالوا إلى كلماتٍ سواءٍ بيننا وبينكم. فهذه الأرضية تُسمى مشتركة، أي أنها مشتركة، أي أن هناك شيئاً مشتركاً بيني وبينك. أي أنا وأنت على نفس الأرضية،
فتعال إذن انظر، دعنا نعرض الخلافات على القدر المشترك. حسناً، لنفترض أنه لا يوجد بيني وبينك إطلاقاً أي قاسم مشترك، وليس هناك سوى الحرب. سبحان الله، الحرب تنشأ بين اثنين افتقدا المشترك. لا يوجد حوار، أليس هو حوار بقاء؟ هل تنتبه؟ لا يوجد حوار ولا يوجد مشترك، لنجلس معاً، إذ يوجد بيننا لا توجد حرب، لا يوجد مشترك، فنحن دائماً نصطدم ببعضنا. لقد سبقنا كل المواثيق الدولية والمنظمات الدولية والدعوات الدولية بالمشترك الإنساني من خلال "تعالوا إلى كلمة سواء"، "تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم"، ها هي كلمة مشتركة. فما مهمة هذا المتشابه؟ يعني هل كل القرآن متشابه وتقول لي إن هناك... أم الكتاب وهذه ليست أم الكتاب، هذه متشابهات وليست
أم الكتاب، لأن هذا هو الغرض من الاشتراك لنبني عليه. مثل ماذا؟ مثل أن الله تعالى خلق آدم. هذا هو المشترك الذي بيني وبينه، المشترك الذي بيني وبينه أنه خلق آدم، إذاً آدم ليس عن طريق التطور. من شيء إلى شيء وهكذا، هذا خلق ابتدائي، فهو ليس مخلوقاً من قرد ولا مخلوقاً من أسد. الله سبحانه وتعالى أوحى وكلَّم وعلَّم، الله سبحانه وتعالى كلَّف، الله سبحانه وتعالى أنزل الكتب. ربنا جعل في الكون غيباً وملائكة وجناً وغير ذلك مما هو غائب عن الإنسان أن يراه، وهو قبيله لا ترون ماذا
نفعل الآن؟ قال هذا كله مشترك. حسناً، ماذا يضيف أن آدم كان طوله ستين ذراعاً وأنه عاش ألف سنة، وأنه عندما جاء ليأكل من شجرة الحنظل أو من شجرة لا أعرف ماهيتها، وأن زوجته كان اسمها حواء، وأنه تفاصيل كثيرة غير مهمة. موجودة عندي في القرآن، أتنتبه؟ قال له: لأنه مشترك، لا أريد أن [أعرف] أن آدم طوله ستون أو ثمانية وخمسون [ذراعاً]، فهذا لن يفيدنا في شيء، لن يفيدنا في شيء. هذه أخبار قابلة للتصديق والتكذيب والأخذ والرد والذهاب والإياب وما إلى ذلك، وهي أقرب إلى التشكيك منها إلى التجريد الذي إلى معرفة الغاية من القصة أريد أن أقول إنه مخلوق لله،
وأنه خليفة ربنا في أرضه، وأنه مكلف، وأنه يجب عليه فعل الخير والابتعاد عن الشر، وأنه تبارك الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً، وأنه فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يرى ومن يعمل مثقال. ذرة شراً يرى هكذا، أنا لا أريد أن أراه آدم، وبالتالي أصبح يقول لي: أين هي هذه الجثة التي فيها ستون ذراعاً؟ أربعة وعشرون متراً يعني، لأن الذراع بأربعين سنتيمتراً وبعض الشيء، فأربعة وعشرون متراً. حسناً، أين إذاً هذا الجثمان؟ هناك أناس ستصدق وأناس ستكذب طبعاً، فلا يحمل [هذا الأمر]، ما هي إذًا لحظات سنجلس فيها خارج المعنى الذي نريده. ما شأني إن كان أربعة وعشرين مترًا أو خمسة وعشرين مترًا؟ ما شأني بهذه؟ إنها قضية يثبتها العلم أو لا يثبتها، هذه ليست ما سنتوقف عندها. ولكن ما يهمني هو أنه
مخلوق، وأنه مخلوق ابتداءً، وأنه مكلف، وأنه لا... تلقي نظرةً أخرى وأنه أصبح هكذا الحكاية أي أنه موجود هكذا ومن هنا كانت ماذا؟ قال عمران ترد على هذه الدعاوى التي تقول أمرين: الأمر الأول أنتم لم تأتوا بشيء جديد، والأمر الثاني أننا أفضل منكم لأننا لدينا تفاصيل ليست عندكم، هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخرى متشابهات. محكمات لكنهن متشابهات لما سبق. أتنتبه! وأخرى متشابهات. فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه. يقول لك هذا مقبول
عندنا يا عمي ابتغاء الفتنة وإنكار سيدنا محمد وابتغاء تأويله. آدم كم ذراع طوله؟ آدم ماذا سيأكل في... مِن الجنة آدم وزوجته اسمها ماذا؟ وكم أنجب آدم؟ وكم بطناً أنجبت حواء؟ وكم سنة عاش؟ وهكذا. وراح يُلهيني عن قضية التكليف وعن قضية الوحي وعن قضية الحياة وعن قضية الآخرة وعن القضية الكبرى من توحيد الله إلى آخره. فيكون هما شيئان إذن: ابتغاء الفتنة الذي... هو إنكار نبوة محمد لأنك لا حاجة لك أن تأتي وابتغاء تأويله ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله.
هل أنت منتبه؟ ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسي وما كنت متخذًا المضلين عضدًا. فإذن، والراسخون في العلم يقولون كل من عند الله يعني آمنا به كل عند الله يقولون، والراسخون في العلم يقولون آمنا به، كل من عند الله، وما يتذكر إلا أولو الألباب. الراسخون في العلم هم الذين ذهبوا ودرسوا دراسات خارجية كثيرة ووجدوا أن ما هو من عند الله يصدق بعضه بعضًا، فمن هنا يؤمنون. ويقولون إنَّ أقسام حكم العقل لا محالة هي الوجوب
ثم الاستحالة ثم الجواز، الثالث الأقسام، فافهم واحتل ذات الأفهام. أهؤلاء هم الراسخون في العلم؟ ومن هنا يجوز أن يكون ستين ذراعاً، ونحن رأينا أنه "ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم". كذلك يجوز أنه لا يكون. هكذا ليست قضية وما هي القضية، لن تخدمنا كثيراً لن تخدمنا كثيراً وربما تضلنا وما كنت تتخذ المضلين عدواً لك. لو أنك توقفت عندها لن تصل إلى شيء، وهذا ما فعله الليبراليون والعلمانيون وغيرهم، الذين ظلوا يبحثون في هذا باعتبارها أسئلة نهائية وليست أسئلة كلية من أين أتينا. إلى أين نحن ذاهبون؟ ماذا نفعل هنا؟ هذه أسئلة نهائية. ماذا نريد؟ أن تنتهي. ما الفرق بين النساء النهائي والسؤال الكلي؟ الوصف واحد: الماضي والحاضر
والمستقبل. ولكنه يريد أن يستخدم العلوم للوصول إلى الإجابة، أي أنه حائر دائماً. يقول لك: سأدرس الجيولوجيا. ماذا تفعل في هذه الجيولوجيا؟ وسأفعل... فلك وسأفعل كذا لأجيب: هل تتساءل كيف أتى الإنسان؟ يعني أنت محتار كيف جاء الإنسان؟ أنا لدي الأسئلة كلها. أقول: الإنسان خلقه الله. حسناً، وماذا يفعل الآن؟ يطيع الله، يعبد الله. "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون". حسناً، وماذا سيحدث غداً؟ غداً سيكون هناك مالك يوم الدين وسيكون هناك... جنة ونار يعني الأسئلة كلها هو يقول لا، قصة أنه جاء من أين هذه ليس لي شأن بها، لا أعرف، لست قادراً على الإجابة عنها. وقصة كيف خُلقنا؟ الأصل أن هناك ثقوباً سوداء وثقوباً
بيضاء وهناك كذا وهناك ميكانيكا الكم، أي كلام يحاول أن يفسر بعض المظاهر الخارجية التي لا وغداً ماذا سيحدث ليس من شأننا، حسناً، إذا كنت ستجيب على سؤال واحد بكل هذه العلوم أجبت، حسناً أجبت. فبدأوا إذن يؤلفون في شيء اسمه "إندس"، و"إندس" هذه تعني النهايات، نهاية التاريخ، نهاية الإنسان، نهاية الحضارات لا أدري، كتبوا عندها ماذا تعني النهاية، قال إنهم وصلوا خلاصاً إلى النهاية. ولا يوجد رب ولا شيء، وأنه لا توجد آخرة ولا شيء، وأن الحياة ليس لها فائدة، والعدمية هي الأساس. هذا ما نتج من العلوم التي لم تفعل شيئًا. القضية كلها
أنها لم تستطع الإجابة على الأسئلة الكلية، ولم تستطع جعل هذه الأسئلة الكلية أسئلة نهائية لأنها في النهاية لم تُجب. لأن الحياة استمرت بعد ذلك مستمرة، كان في تسعينيات القرن الماضي أو في نهايات التسعينيات لا يوجد من لا يعرف كيف يجيب، أتفهم؟ فأصبح الإلحاد هو الشائع مع كمٍ من المعلومات الضخمة التي علّمهم الله سبحانه وتعالى إياها لتكون حجة عليهم. هذه هي القصة، إذًا القرآن كله محكم والقرآن... كله يشابه ما قبله. القرآن منه محكم هو أم الكتاب، وهو ما أتى به الدين الإسلامي جديداً، وهو أيضاً منه جزءٌ قد نسخ ما كان قبله: "ما ننسخ من آية"، أو من الشريعة القديمة. الشريعة القديمة: "لكلٍ جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً". فهذا
هو أم الكتاب، والقرآن أيضاً هو متشابه وغرض. هذا التشابه وهو محكم متشابه، وغرض هذا التشابه هو جعل أرضية مشتركة بيننا وبين الآخرين حتى يحدث الإيمان ويحدث الانتقال من دين إلى دين بسهولة من غير ثورة يحدثها الإنسان، بل هو مؤمن من داخل دينه بمثل هذا. المشترك مهمته، وقد كان الذي أقوله كله هذا هو كان. فعلاً ودخل الناس في دين الله أفواجاً، سواء كانوا من المشركين عَبَدة الأوثان، أو من أهل الكتاب من اليهود والنصارى، أو من أهل الكتب القديمة المذكورة في المخطوطات مثل الفيدا وغيرها. كلهم دخلوا الإسلام لأنهم وجدوا فيه
نظاماً يجيب على الأسئلة الكلية بمنتهى العمق ويجيب على... المشكلات الست الفلسفية فأصبح وكأنه مذهب، كأنه مذهب فلسفي عميق، رد على جميع أسئلة حيرة البشر. مولانا، اسمح لنا، سنذهب إلى فاصل ونعود لنجيب على بعض الأمور المتعلقة بشؤون الإنسانية، لأن الإسلام جاء ليثبت هذه الحياة. فاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم مولانا، إذاً أولئك الذين نادوا بنهاية التاريخ الحضارات كانت لا تريد أن يكون هناك مشترك في المجتمع الإنساني وهدموا وقالوا إن الإسلام هو عدو كبير وأن
الإسلام هو إسلام وفي، فالإسلام هو الذي يقدم لهم الحلول. هم طبعاً لا يرون المشترك، انظر إلى الإسلام وهو يأمرنا أن نبحث عن المشترك حتى نستطيع أن نجلس. للتفاهم والتفاوض والتعاون وهكذا. لا، هم يرون أنه لا يوجد مشترك، ولذلك فالعالم على حافة الصراع. صحيح، الأصل في العلاقة بين الإنسان والكون صراع. نحن عندنا لا، الأصل هو التكامل. الأصل بين الرجل والمرأة الصراع، الأصل بين الحاكم والمحكوم الصراع، هم الذين يرون ذلك. الأصل بين رب العمل وصاحب العمال ومن هنا لا
بد من أن حقيقة الحياة هي الصراع. نحن وجدنا نظرتنا مختلفة تماماً، ومع هذا الاختلاف أيضاً نبحث عن المشترك. فنحن نقول: نعم، الصراع موجود لكنه ليس الأصل. انظر كيف أن النسبية موجودة لكن لا تنكر بها الإطلاق. هو يريد النسبية فقط، وبناءً عليه بُنيت فلسفة نيتشه كلها. لا، هناك مطلق ونسبي، هناك صراع صحيح وهناك تكامل، لكننا نتحدث عن أصل الخِلقة، ما الذي خلقه الله بيننا. وما خلق الذكر والأنثى إلا للتكامل بين السماء والأرض، والليل والنهار، والأسود والأبيض، والذكر والأنثى، والحر والبرد، وهكذا إلى آخره، "لتعارفوا". وهذا التكامل به
عمارة الدنيا. هذا ما نحن عليه. نحن نريده، نحن لا ننكر الصراع، نحن نضع الصراع في حدود النتائج وليس في حدود الأصول. فوجهة نظرنا دائماً مقيدة بالبحث عن المشترك، لكن هو وجهة النظر أنها حضارة واحدة والبقية كلها تخلف. هو الأصل صراع وليس تكاملاً، نظرة استعلائية يا مولانا. لا، ليست هذه، بل هي دول استعلائية. هي نظرة ليست استعلاءً بالمعنى الفلسفي له، وإنما هي نظرة أنانية أو أحادية أو نرجسية. يعني ليس بالضرورة أن يكون مستعلياً، لكنه يعيش مع نفسه. يعني هذه النرجسية
مبنية على أسطورة أن نرجس هذا نظر إلى روحه في صفحة الماء، فأُعجب بنفسه كثيراً، فأراد أن يحتضنها، فاحتضن صورته التي في الماء فغرق، يعني النرجسية التي تُهلك، والشوفينية. "شوفينز" كان جندياً من جنود الفرنسيين، وبعد ذلك كان محافظاً على سلاحه جداً، وتاه في الغابة، وبعد أن عاد، بعد مدة طويلة من الزمن، عشرة أو عشرين سنة. فكان نابليون قد ذهب وانتهى أمره، وقُبض عليه، وذهب منفياً، وانتهى نابليون، فلم يرضَ الذي هو غير موجود فسمّوا الغلو في حب القواعد والإجراءات والأوطان وما إلى آخره لدرجة
تنكّر عليه نفسه هو بالبطلان شوفينية، فيقول لك هذا ليس من قبيل الشوفينية يعني الأنانية هذه والنرجسية والشوفينية وهذه الأشياء كلها هي تطرفات، ولكن هناك إذن قال ماذا "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على" "الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا" الوسط هو الذي به الحياة والذي به الاجتماع البشري. الوسط هو الخلقة الأساسية، أن يكون في وسط الأمر. والوسط كما قلنا قبل ذلك كثيراً هو أعلى الشيء، فهو في العلوم هكذا، يعني في منتصف الجبل صاعداً ونازلاً يكون في المنتصف، هذه الملحمة هي الوسط. خاصته هو الوسط خاصته لأنه هذا في علومه وكانوا من أواسط الناس
يعني من أعلاهم، فهذه هي القضية. مسألة المحكم والمتشابه لو درسناها بعمق لاستطعنا أيضاً نحن أن نتعرض لفلسفات كثيرة جداً بالتقويم وبالرد. فقضية الاجتهاد كيف المتشابه يا مولانا، يعني هل هناك اجتهاد بين العلماء في تفسير الآيات المتشابهة إن هناك أموراً ربما لا نقف عليها كثيراً، مثل الخلاف أو الاختلاف حول الحروف المقطعة في القرآن الكريم. ففي أصل الحروف المقطعة في القرآن الكريم هناك توجهان في التفسير: الاتجاه الأول هو التعامل معها، والاتجاه الثاني أن نوكل علمها إلى الله. بعض الذين يقولون نوكل علمها...
إلى الله يقولون هذا من قبيل ما لا يعلمه إلا الله، وهؤلاء أيضاً عندهم رأي آخر داخل في أن ما لا يعلمه إلا الله هو المتشابه. ما لا يعلمه إلا الله فهو المتشابه، فيبقى إذاً أيضاً يأتون في الآية ولا يقفون، يعني يقول: وما يعلم تأويله. إلا الله ويقفون بالواجب والراسخون في العلم يقولون هذا شيء آخر، لكن طبعاً في الوقف والابتداء في القرآن الكريم مبني على التفسير وليس مبنياً على القراءة، وليس وارداً عن القراءة أنك تقف هنا أو لا تقف، ليس توقيفياً يا مولانا، لا، يعني الوقف والابتداء
ليس توقيفياً في القرآن. الكريم أبداً إطلاقاً، الوقف والابتداء في القرآن تقريباً، العلامات التي تشير إلى قِلي وصِلي وجيم وميم وطاء، وقف طيب، وقف تام، وقف كافٍ إلى آخره، تقريباً حوالي ثمانية عشر ألف مكان، ثمانية عشر ألف مكان، لأنهم ستة آلاف آية وزيادة، كل آية فيها من اثنين إلى ثلاثة وقوف، فعندما تضرب يتضمن ثمانية عشر ألفاً. الشيخ علي الضباع عندما طبع مصحف الملك فؤاد مرة ثانية وكان رئيس لجنة التصحيح، غيّر ثمانمائة وخمسين موضعاً من مصحف الملك فؤاد الذي أعدّه الشيخ محمد خلف الحسيني، والذي هو في الوقف والابتداء يا
مولانا، في الوقف والابتداء، نعم، يعني هذا فهم، كانوا حوالي... ثمانية عشر ألف هو غير ثمانمائة وخمسين، يعني غير أقل من ألف. رأى أن التفسير أولى أن يكون هكذا. يعني مثلاً يقول: "فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون"، هل نكتب "لا" ونصل الآيتين لكي يتم المعنى أم لا نكتبها؟ خلاف ما بين وجهي النظر. وهو يقول لك، يقول لك، وقوف هذا المصحف من التفسير يكون حسب تبنيك في التفسير. ستقول هو هنا الأولى أن تقف أم الأولى أن تصل، أم الاثنان جائزان، أم يلزم أن تصل، أم يلزم أن تقف، إلى آخر ما هنالك من علم الوقف والابتداء. علم الوقف والابتداء في القرآن
الكريم مبني على التفسير. هنا في هذا الموضع: "وما يعلم تأويله إلا الله"، وقد وقفوا وقوفاً لازماً عنده، فهو لا يواصل فيقولون: الراسخون في العلم. نعم، لا يواصل، "وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون"، الاثنان يعلمان، فيكون الراسخون يعلمون. هكذا هو الأمر! لاحظ أن الراسخين لا يعلمون. هذا المذهب الذي يرى أن هناك أشياء ندرك كما جاء في الحروف المقطعة وقال هذا مما لا يعلمه إلا الله ولذلك فهي من المتشابه وبنى كذلك مذهبنا في تفسير المحكم والمتشابه وأن كل القرآن هداية يأبى هذا ويقول لا، "الم" وكذلك هذه حروف لها معنى ولها دراسة. هؤلاء أربعة عشر حرفاً من ثمانية وعشرين حرفاً سموهم بالحروف.
النورانية والحروف النورانية هذه يكون ضدها الحروف الظلمانية على وجه القمر، ليس أن هؤلاء سيئون وهؤلاء جيدون، هذا على وجه القمر. فالقمر لأنه يعطينا وجهه المضيء الذي تنعكس عليه الشمس ولا يعطينا وجهه الآخر الذي هو الوجه الآخر غير المضيء، فهؤلاء أربعة عشر وأربعة عشر، خاصة وأن منازل القمر ثمانية. وعشرين يوماً وقليلاً بعد الحروف بعدد الحروف نعم في عمل، لأنهم هكذا ربطوا فيها الآيات بكتاب الله المسطور مع آيات كتاب الله المنظور ومع الخلقة الربانية "ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين". مولانا الإمام في هذا الإطار أيضاً الأمر يصبح
محسوماً حتى وإن كان هناك ثمة خلاف ما بين السنة والشيعة حول المحكم والمتشابه أو تحديد المحكم والمتشابه في القرآن الكريم هو في الحقيقة الرأي الذي عرضناه هذا هو رأي جديد وليس رأياً موروثاً، وعلماء الشيعة، عندما - أي أغلب كتبهم وإن اختلفت عن أهل السنة كثيراً - إلا أنهم يأخذون كثيراً من أهل السنة ويسمونهم العامة طبعاً لأن عدد أهل السنة أكثر من تسعين في المائة من الأمة وعدد الشيعة يقارب العشرة ولا يزيد، فلذلك أثرت طريقة كتاباتهم وكذلك أمور أخرى أثرت كثيراً في ما عليه الشيعة من تبنيات ومن آراء. صحيح أن هناك
مخالفات كثيرة ولكن هناك الأكثر فيه اتفاق مع مدارس أهل السنة. اسمحوا لنا أن نقرأ بعض مداخلات السادة المشاهدين حول سؤالنا في صفحة الفيسبوك: "برأيك ما علة وجود المتشابه في كتاب الله؟" الأستاذة هدى تقول: "في كل مرة يتشابه فيها الموضوع أو تتكرر القصة كقصة سيدنا موسى مثلاً، نجد فيها عبارة جديدة ونستفيد بطريقة مختلفة، فلله في كل آية نعمة أو من النعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لو بحثت في اللغة لعلمت أن أنسب لفظ موضوع في مكانه، وأنه لا يصح ولا أبلغ منه في الموضوع الذي هو فيه. رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً يقول: إن كل حرف هو في مكانه في القرآن. وكل لفظ يُعطي معنىً مختلفاً عن الآخر، هذا كلام طيب، وأيضاً في موضوعات تتعلق بالمحكم والمتشابه لم نذكرها، ولذلك فهذا يُعطيك
أنه لا تنتهي عجائبه، يعني القرآن لا تنتهي عجائبه عن كثرة الرد، عن كثرة الرد، ولا يبلى ولا يخلق من كثرة الرد، فهو دائماً متجدد ودائماً. كل ناظر فيه ربنا يفتح عليه بما لم يفتح على غيره. اليوم في لندن يختلف التفسير عن التدبر، وسنتطرق إلى هذه المواضيع ولهذه القضايا في حلقات قادمة إن شاء الله. بارك الله لنا فيكم مولانا، ونلتقي دائماً على هذا الخير. أهلاً وسهلاً بكم، مرحباً بكم، أنتم في رعاية الله وأمنه. اللقاء
مع اشتركوا