والله أعلم | فضيلة الدكتور علي جمعة يوضح حقيقة إعجاز القرآن الكريم | الحلقة الكاملة

والله أعلم | فضيلة الدكتور علي جمعة يوضح حقيقة إعجاز القرآن الكريم | الحلقة الكاملة - والله أعلم
بسم الله الرحمن الرحيم، وما أجمل أن نستفتح بها كل حياتنا. اللهم ارزقنا أسرارها وبركاتها يا رب العالمين. أهلاً بكم في "والله أعلم"، لنسعد دائماً ودوما بصحبة صاحب الفضيلة مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف. نواصل هذا الوعي الذي هو قبل السعي من خلال القراءة المتأنية ونتأمل فيها هذه الإجابات لأسئلة مهمة وملحة في هذا العصر وفي هذه اللحظة الفارقة مع العقلية الفارقة. مولانا الإمام، أهلاً بفضيلتك، أهلاً وسهلاً بكم، مرحباً.
اسمح لنا ونحن نقرأ معك كتاب الله سبحانه وتعالى ونتأمل دلائل الإعجاز هذا الكتاب المعجز. مولانا، إذا ما أردنا أن ندخل في كل ما تعلق بإعجاز القرآن الكريم فهو لا يخلق على كثرة الرد. هل المعجزة الوحيدة في القرآن هي المعجزة البيانية اللغوية البلاغية المتعلقة بأهل مكة وأهل قريش الذين كانوا أهل فصاحة وبلاغة فقط؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والآه. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرنا ويعلمنا أن فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله سبحانه وتعالى على خلقه. ولذلك فالقرآن قد نزل وهو معجز في ذاته كما أنه
معجز في نظمه كما أنه معجز في رسمه كما أنه معجز في محيطه كما أنه معجز في نقله كما أنه متفرد عن كل ما أُطلق عليه كلمة كتاب في العالمين من لدن آدم إلى يوم الدين بتميزات جعلته أيضاً مرة أخرى معجزاً، والقرآن يرسم لنا سقفاً معرفياً ويتحدث عن الحقائق في كل سقف معرفي، فهذا أمر خرج عن طوق البشر، فالقرآن من ناحية مفرداته ومن ناحية تراكيبه من ناحية سياقه وسباقه ولحاقه، ومن ناحية
كلامه عن الحقائق المتوائم مع كل سقف معرفي يصل إليه البشر، من ناحية أنه محاط بالإعجاز في حفظه وفي ترجمته وفي نقله وفي قراءاته وفي رسمه وفي كل شيء، هو معجز لا يَخْلَق عن كثرة الرد، ولذلك كل عصر تظهر فيه أنواع من الإعجاز يعني أن تُبهر المسلمين قبل أن تُبهر غير المسلمين، أي أن المسلم نفسه لا يعرف هذا المعنى من قبل، لكنه إدراك مُتجدد بالنسبة له يا مولانا. نعم، يظهر فيما لم يكن قد ظهر من قبل، الله الله! فكل عصر، كل عصر، وفي كل - لو جعلنا العصر مائة سنة، القرن مائة في اللغة ثمانين
أو مائة أو مائة وعشرين أو كذا أو هو الجيل أو كذا، لو جعلنا القرن مائة سنة على ما تقتضيه بعض اللغة، فإن في كل قرن يأتينا القرآن الكريم بعجائب وغرائب، من أين هذا وقد هلك الجيل الأول؟ كل ذلك يأتينا من عند الله لأن الله سبحانه. وتعالى هو الذي أنزل كتابه وهو الذي أذن لهذا الكتاب أن يكون هدى للمتقين، وهو الذي جعل هذا الكتاب يفتح آفاقه لكل من أراد الفتح ولكل من أراد الهداية، وهو الذي يغلق أبوابه أمام كل من أراد التلاعب أو أراد منه غير الهداية، فإنه هدى للمتقين وعمى على الكافرين. شيءٌ
غريبٌ جداً هو أن النصَّ نفسَه تنفتحُ له قلوبٌ وينشرحُ صدرُها للإسلام، والآخر ينغلقُ قلبُه ويصبحُ لا يفهمُ ما أمامَه، فيستهينُ به مرةً ويكفرُ به مرةً ويكذِّبُه مرةً ويلتمسُ فيه التناقضَ مراتٍ، ولكنَّ القرآنَ يصبرُ على كل هذا بنوعٍ من المعجزةِ لا يمكنُ أن تتمَ إلا مِن عندِ اللهِ مولانا الإمام حينما قال أحدهم إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن له لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وأنه لا يعلو ولا يُعلى عليه، هل هذا متعلق بما نسميه بالإعجاز البياني أو البلاغي؟ هذا متعلق بما نسميه بالإعجاز النظمي، والإعجاز النظمي إن
صح التعبير، لأنه هو أرقى من ذلك، فنحن عندما أردنا أن نزن القرآن بميزان شعر العرب، الخليل بن أحمد أراد أن يميز الشعر عن النثر فقال: ما لنا نشعر بأن امرؤ القيس عندما يقول: "مكر مفر مقبل مدبر معاً، كجلمود صخر حطه السيل من عل، وليل كموج البحر أرخى سدوله علي بأنواع الهموم ألا أنجلي فقلت له لما تمطى بصلبه وأردف أعجازاً وناء بكلكل ألا أيها الليل الطويل ألا أنجلي، إنه سيصبح، حسناً، يعني ماذا نسمع الآن؟ نحن نسمع شعراً. حسنا، ولماذا هذا يُعتبر شعراً وخطبة
قس بن ساعدة أليست هي الشعر أيضاً؟ أما بعد، فقد استطاع الخليل بن أحمد وكان عميقا وكان من عمان بن أحمد الفراهيدي من التي هي سلطنة عمان الآن، وفضيلتك توقفت عند سلطنة عمان والتاريخ الحضاري، عندما كنا نتحدث عن أبناء المهلب بن صفرة في مقابل أبناء قطري بن الفجاءة المسمى أمير المؤمنين في الخوارج، لكن لا عمان هذه دائماً ما تقدم لنا الخيرات كلها والخير كله. فالخليل بن أحمد الفراهيدي أصله من هذه المنطقة وكان ذكياً، كان شفاف الذهن، فاستطاع أن يكتشف أوزان الشعر واكتشف منها أغلبها صحيح لدرجة أن شخصاً من بعده
عمل وزن المستدرك في العروض، لكنه سماه المستدرك لأنه استدركه على دوائر الخليل بن أحمد. شيء عميق جداً رياضياً وحسابياً وفي الأوزان في النظم والموسيقي صحيح، دخل عليه ابنه فوجده يقطع الأبيات. أتنتبه كيف؟ فلما رآه يقطع الأبيات، والأبيات عندما تُقطَّع على التفاعيل يعني مستفعل فاعل مستفعل فاعل، وهو جالس يقول هكذا ويرى هل هذا من أي بحر أو من أي دائرة، فابنه خرج وقال: "أبي قد جُنَّ" لأن أنا لا أعرف إنه جالس يهذي بالكلام ويشط، بشكل غريب بالنسبة لإبنه،
فقال له: لو كنت تعلم ما تقول عذلتك، أو لو كنت تعلم ما أقول عذرتني، لكن جهلت مقالتي فعذلتني، وعلمت أنك جاهل فعذرتك، فالولد قال له: أنت لا تعرف شيئاً. مادمتَ أنتَ غير فاهم شيئاً فتدّعي أنني مجنون، سأعذرك لأنك جاهل. هذا ابن الخليل بن أحمد وغيره، والمهم أنه اكتشف هذا النمط أو ما هو كامن وراء الشعر. حسناً، عندما أخذنا ميزان الخليل وطبقناه على القرآن، وجدنا أن الشعر لا يتوافق معه. وللعلم، المسلمون فعلوها، أمسكوا كل آية ووزنوها فلم تقبل الوزن، هل
تنتبه؟ "وما علمناه الشعر وما ينبغي له" صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام. فسيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم كان عندما يستدل بالشعر، كان يقدم ويؤخر من غير محاولة منه للتغيير ولا شيء، إنه فقط يفعل ذلك حتى يصدق. قول الله فيه وما علَّمناه الشعر وما ينبغي له. فربُّنا منَعَه، والبيت يُكسر، فالبيت يُكسر. فيعني ستأتيك الأنباء ما كنت جاهلاً، ويأتيك بالأخبار مَن لم تُزوِّد. فكان يقول: "مَن لم تُزوِّد بالأخبار"، فيقول له أبو بكر: "يا رسول الله، ليس هكذا يقول"، وأيُّ شيءٍ هي؟ يقول: "يا رسول الله ويأتيك بالأخبار من لم تزودِ، قال: إنها هي هي يا أبا بكر،
يعني ها هي المعنى: ما هي ولكن القضية هي أن سيدنا كأنه كان ممنوعاً من أن يقول الشعر، حتى عندما كان يرتجز مع المرتجزين ويغني مع المغنين في أثناء حفر الخندق أو في أثناء بناء المسجد. أنا النبيُّ لا كذِب، أنا ابن عبد المطلب. فكان يُعرِبُها: أنا النبيُّ لا كذِب، أنا ابنُ عبد المطلب. لكي لا توزن هي توزن عندما تقف عندها، كما قلتَها أنت هكذا: أنا النبيُّ لا كذِب، أنا ابنُ عبد المطلب، فيستقيم الوزن. لكنه كان يقول: أنا النبيُّ لا كذِب أنا بنو عبد المطلب. حسناً لقد إنكسرت وانكسر البيت وهكذا، فصلى الله عليه وسلم، عليه الصلاة والسلام. عندما بحثنا في القرآن عن هذا المعنى وجدنا أنه غير متوازن، فجاءت آية ووزنت. نعم، ماذا حدث؟ "تنال البر حتى"،
انظر "لن تنالوا"، لكنها ليست موزونة تماماً "لن تنالوا البر". حتى تنفقوا مما تحبون قد انكسر هنا، هل أنت منتبه؟ فلأجل أن يقول "مما تحب" وليس "مما تحبون"، فقد كُسِرت أيضاً ولا فائدة، لكن هذه الآية التي فيها أنها على ميزان الشعر، وفيها مقاطع هكذا يمكن أن توزن على التفاعيل أو ما شابه، مثل "فصل لربك وانحر". شيء من هذا القبيل، فالمهم الحاصل أن القرآن فيه موسيقي بالرغم من أنه ليس على الأوزان. حسنا، ربما هو على تفعيلة أخرى غير التفاعيل الخاصة بالشعر التي هي خمسة عشر وستة عشر
وأشياء مثل ذلك، أو سبعة عشر وثمانية عشر إلى آخره، لأن هناك أوزاناً ظهرت بعد ذلك. عكس الأوزان، أوزان جديدة واختصارات وأشياء مثل ذلك، فزادت الأوزان، ولكن ربما يكون لها تفعيلة، فحاولوا أن ينشئوا لها تفعيلة، فأبى القرآن إلا أن يكون قرآناً، أبي إلا أن يكون قرآنا، ولذلك عندما الفيروز آبادي، الذي هو يعني الفيروز آبادي مؤلف القاموس المحيط والقابوس الوسيط فيما ذهب من لغة العرب شماطيط حين يأتي ويؤلف ماذا عندما أعجزه وأتعبه مثل هذه الصياغات والنظم، فقام وألَّف كتاباً اسمه "تمييز ذوي البصائر" تمييز ذوي البصائر لا إسمه "بصائر ذوي التمييز" في كتاب ربنا العزيز،
وتكلم عن اللاحقة. وتكلم عن نهايات السور وكيف أن النون تشبه الميم، فلست أدري ماذا حدث، محاولة لاكتشاف النظم القرآني. كان أحد إخواننا الذين أسلموا فيما بعد موسيقاراً كبيراً إسبانياً، وعندما أسلم سمى نفسه عبد الباسط، وهو الآن موجود في إسبانيا في غرناطة. فقال: يا جماعة، أنا أسلمت بسبب الموسيقي التي سمعتها في القرآن الكريم فقلنا له: حسناً، أين النوتة الموسيقية الخاصة
بها؟ أين ما يعني أن القرآن الكريم كما تقول يحتوي على يمكنك تحويلها وترجمتها إلى مثل الكامن الذي هو وراء كذا؟ قال أنا سأحاول، لكنني سمعتها، وقد أسلمت عندما وجدت هذا الشيء الذي أنا لست أعرف ما هي؟ هل تنتبه؟ وحاول ها نحن الآن منذ خمسة وعشرين سنة ولا يستطيع أن يفعلها هل تنتبه؟ ولم يستطع أن يفعلها فهذا شيء رباني إلهي يشعر به كل مستمع مخلص. هذا عبد الباسط، عبد الباسط أم عبد الصمد. عبد الباسط أو الأخ عبد الصمد هذا رجل مسلم وحَسُن إسلامه وما زال هو وأولاده كلهم مسلمين
إلى الآن، لكنه أسلم من خلال هذه الموسيقي الداخلية التي هزت وجدانه في القرآن الكريم. سمِّها نظماً، سمِّها إعجازاً، سمِّها تمييزاً، سمِّها تفرداً، سمِّها ما شئت. "أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً". فاصل ونعود إليكم، أهلاً بحضراتكم. إذاً يا مولانا، لقد كانت هناك محاولات من علماء موسيقي وهناك محاولات من علماء مختلفين للوصول إلى دلائل الإعجاز، ومن خلالها أسلموا وآمنوا بالله سبحانه وتعالى. منهم مالك بن نبي، ولمالك بن نبي قصة طويلة في الظاهرة
القرآنية، وقد ألفها بالفرنسية وترجمها. المرحوم عبد الصبور شاهين رحمه الله تعالى، منهم عبد الصمد ريميرو، هذا الأسباني الذي تحدثت عنه حضرتك منذ قليل، كان اسمه عبد الصمد روميرو، هو أنعم الله عليه بصحته وعافيته، وأولاده مسلمون، داوود وأديبة وغيرهما إلى آخره، يعني موجودون إلى الآن، منهم جوزيف إستس، جوزيف إستس الذي سمى نفسه بعد ذلك. محمد عبد الرحمن أيضًا أسلم بموجب ما يتعلق بالقرآن الكريم وإعجازه وشيء من هذا القبيل، فهناك أناس كثيرون، يعني ليسوا واحدًا ولا اثنين ولا عشرة ولا ما شابه ذلك، بل أناس يملأون الأرض. يعني مولانا الإمام كان لطه حسين تصنيف،
فهل كان موفقًا في هذا التصنيف أم لا عندما قال أن اللغة شعر ونثر وقرآن دون شك، بدون شك. لا يعني - يحكي السكرتير الدكتور طه حسين الذي لازمه، كان يدخل عليه قبل الوفاة بسنتين أو ثلاثة - كان يستمع إلى القرآن الكريم فقط، إلى إذاعة القرآن الكريم، وهو كان منبهرًا بالقرآن الكريم الحقيقة، فهذا دفعه إلى هذه المقولة أن اللغة هي عبارة إما أن تكون شِعراً موزوناً بوزن ما اكتشفه الخليل، وإما أن تكون نثراً خالياً من هذا الكامن أو الوزن، وإما أن تكون قرآناً، لأن القرآن شيء وبقية الأشياء كلها شيء آخر. ولذلك فإن تكلم علماء اللغة قديما أن العرب
قبائلها كثيرة وكان لها لهجات ولغة متسعة ولكن كانت تجمعُ لغاتُ هذه القبائلِ ستَّ قبائلٍ كبيرةٍ، كان منها قريش، وكان منها تميم، وكان منها الأزد، وكان منها هوازن، وكان منها هُذيل، وكان منها أزدشنوءة. وهكذا قبائلٌ لُغاتُها صُفِّيَت في مواسمِ الحجِّ، وصُفِّيَت في أيامِ الجاهليةِ، وصُفِّيَت في سوقِ عُكاظٍ، وكذا إلى آخره. ولُغةُ قريشٍ كانت هي اللغةَ الأساسيةَ. الثرية اللغة التي يفهمها الجميع، اللغة التي
لا تحتاج إلى غمغمة أو ترجمان أو ما إلى آخره. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدرك كل هذه اللغات حتى قال الإمام الشافعي: "لا يحيط باللغة إلا نبي". ولم تنقل لنا هذه اللغات منفصلة إنما تلاقت في لسان العرب وما إلى كلما سرتَ يقول لك: وهذا بلغة أزد شنوءة، وهذا بلغة هوازن، وهذا بلغة هذيل، وهذا بلغة تميم، وهذا بلغة فلان، وهكذا. يعني نُقِلت لنا وهي موجودة. القرآن الكريم جاء وهذّب لغة قريش التي هي المهذبة، والتي كانت أكثر فصاحة من كل اللغات، فصاحة وسهولة وقبولاً وشيئاً من هذا القبيل. فجاء فهذَّبها الله وأصبح القرآن الكريم هو نوارة العرب
أصلاً، ولذلك العربي الذي ليس له صلة بالقرآن الكريم لا يستطيع التفكير، لأن الفكر واللغة وجهان لعملة واحدة. فالقرآن الكريم يمثل شيئاً مرتفعاً للغاية في قضية الإعجاز هذه، لأنه حوَّل اللغة من لغة معتادة إلى لغة مقدسة، اللغة المقدسة، خلاص سيحافظ عليها هو، وخاصة أنه محفوظ في الأفئدة، ولذلك تحولت اللغة العربية فصارت مثل ما كان قبلها العبرية والسريانية والآرامية والسنسكريتية. كل الكتب التي كُتبت بها نصوص مقدسة عند أقوامها أصبحت العربية في مصاف هذه اللغات فتقدمت عليها. نعم، لماذا قرأ الصحابة القرآن ففهموه وقرأ
التابعون القرآن ففهموه، وقرأت القرون التالية القرآن ففهموه أيضًا بكل مقتضيات ومستجدات هذه العصور. لماذا؟ فاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا. مولانا الإمام، أهلًا بفضيلتك ولكم سادتي المشاهدين. في كتابكم وقال الإمام حدثتنا عن النص القرآني بين قداسة اللغة واللغة المقدسة، وكلمتنا عن الاستعمال والحمل ومن قبله الوضع والسياق والسباق واللحاق كل هذه الأمور تلخص هذا المفهوم البياني أو الإعجاز البياني والبلاغي في القرآن الكريم. هناك فرق كما قررناه في كتاباتنا بين النص وبين تفسير النص وبين تطبيق ذلك النص، فالنص
عندما نفهمه من أجل أن نصل إلى تفسيره الذي قد يختلف من جيل إلى جيل ومن سقف معرفي إلى سقف معرفي إلى سقف المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي المعرفي إلى سقف المعرفي آخر فيختلف بعد ذلك تطبيقه أيضاً. لكن النص في ذاته هو حتى أصل إلى كُنهِه فلا بد من إدراك المفردات وإدراك التراكيب. ومن هنا انبهر المسلمون وانبهر العرب وأقروا بإعجاز القرآن الكريم، لأنه معجزٌ في ألفاظه ومعجزٌ أيضاً في تراكيبه، فهو معجز في ألفاظه من عدة نواحٍ وليس من ناحية واحدة، معجز في ألفاظه وفي دلالات الألفاظ، يفرق بين استعماله للمرأة وللزوجة. فلو
كان بين الرجل والمرأة مودة ورأفة وما إلى ذلك، عبّر بالزوجة، ولو كانت مسألة تتعلق بالإنجاب عبّر بالمرأة. فالمسألة هنا دقيقة، لأن هذا الفارق ليس موجوداً في اللغة، أي المرأة. مكان الزوجة والزوجة مكان المرأة لا مانع من ذلك، لكن عندما أحافظ على مفهوم معين للمرأة ومفهوم معين للزوجة، فأستعمل المرأة كما في امرأة نوح وامرأة لوط، لأنه لم تكن بينهما مودة، وكان الأنبياء من المؤمنين الكبار أو من المقربين إلى الله، وزوجاتهم كافرات، فيُعبر بالمرأة هنا، ولكن عندما يأتي مع زكريا وزوجته فيعبّر
بالمرأة وكانت امرأتي عاقراً، أي كيف ستلد لأننا تكلمنا عن الإنجاب، فكان جوابهم: فأصلحنا له زوجه لمّا أنجبت. يندهش الإنسان الآن لأنه ليس هناك سابق لغة تُحتّم على محمد صلى الله عليه وسلم - إذا كان هو الذي وضع القرآن من عنده - فلا يوجد سابق لغة تدفعه لهذا التفريق ولهذا التصميم على هذا التفريق. حسناً، هذه واحدة. هل هناك ثانية وثالثة وعاشرة؟ نعم يوجد نحن لدينا القرآن ستة وستين ألف كلمة، نعم. بالطريقة التي أخبرك عنها، نحن مدركون لحوالي من ألفين إلى ثلاثة آلاف واحدة مثال. يعني لو استمررنا في الإكمال، ولا يزال سيتم اكتشاف المزيد، ولا يزال الله أعلم، لكن الذي تحت أيدينا حالياً ثلاثة آلاف شيء. لا، يمكن للإنسان أن ينتبه بهذا القدر
إلا إذا كان هذا هو الإعجاز البياني أو النظمي أو التركيبي وما إلى ذلك. عندما نأتي إلى المفردة، نحن نعمل في المفردة الآن، فنجد أن كل سورة من المائة وأربعة عشر سورة تشتمل على كلمة أو كلمات قد تصل إلى كلمة واحدة إلى عشر كلمات إلى عشرين كلمة إلى غير ذلك لا وجود لها في القرآن كله. يعني الآن يعني "قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس"، حسناً، كلمة "الناس" ذُكرت كثيراً، و"ملك" من الممكن أن تقول قل اللهم مالك الملك على سبيل المثال أو أي مثل ذلك، "ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس" لم ترد إلا في هذا الموضع في القرآن كله.
في القرآن كله، فيصبح من الممكن أن أستخرج من هنا كلمة "الخناس" فتكون غير موجودة في القرآن إلا في السورة مائة وأربعة عشر، هل تنتبه لذلك؟ وقب التي في "أعوذ برب الفلق" لم ترد في القرآن كله، و"الصمد" لم ترد في القرآن كله، ونمضي بالشكل هذا. نأتي مثلاً إلى "إنا أعطيناك الكوثر"، "إنا أعطيناك الكوثر" هذه يقولون لك إنها أصغر سورة أصلاً، لماذا؟ لأنها عشر كلمات. هل تنتبه؟ تتصور فيها ست كلمات لم ترد في القرآن، العشر كلمات ست كلمات منها لم ترد في القرآن، لم ترد في القرآن كله، وهي "أنا أعطيناك". كلمة "أعطيناك" أول مرة ترد في القرآن. هذا وأنا أقرأ القرآن من سورة البقرة حتى الآن، لم أقل "أعطيناك" أبداً. أنت أول مرة تقولها الآن في سورة الكوثر، أول مرة وآخر مرة ترد في القرآن
فصَّل لربك، هذا التركيب لم يرد في القرآن إلا هنا مرة واحدة فقط فصل لربك، نعم وانحر. طيب، لم يرد في القرآن إلا مرة واحدة. شانئك لم ترد في القرآن إلا مرة واحدة. الأبتر لم ترد في القرآن إلا مرة واحدة. فيأتي الإنسان وهو متعب، أي مثلما أنت منتبه. عندما يتلقى ضرباً مبرحاً ويخسر بالقاضية، نحن تلقينا ضرباً مبرحاً هكذا وخسرنا بالقاضية. عندما بحثنا عن الكلمات التي لم تتكرر كثيراً مرة قالوا لنا أن تولستوي في رواية "الحرب والسلام" كان لديه أربع كلمات لم تتكرر. فقلنا لهم: حسناً، يوجد في القرآن ألف وستمائة وعشرون كلمة لم تتكرر إلا مرة واحدة في القرآن كله مولانا الإمام. وما زالت أسئلتنا كثيرة، وسوف نحصل على هذه الإجابات إن شاء الله في الحلقات القادمة. شكر
الله لكم، ونلتقي دائماً على هذا الخير. رضي الله عنكم وشكر الله لكم، شكراً لكم. دمتم في رعاية الله وأمنه، إلى اللقاء.
ترجمة: نانسي