والله أعلم | فضيلة الدكتور علي جمعة يوضح كيفية الاستمرار في الطاعة بعد رمضان | الحلقة الكاملة

أهلاً بكم وكل سنة وحضراتكم بألف خير، ها نحن نلتقي مجدداً في برنامج "والله أعلم" لنسعد بصحبة صاحب الفضيلة مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة وضيفه كبار العلماء بالأزهر الشريف، لنسأله السؤال المحوري اليوم: ماذا بعد رمضان؟ بعد أن ذقنا حلاوة القرب وجمال الأنس بالله تعالى في هذه الطاعات في... رمضان، كيف يستمر المسلم بعد رمضان؟ كيف يواصل هذا المعنى وهذا القرب وهذا الأنس؟ مولانا الإمام، أهلاً بفضيلتكم، أهلاً ومرحباً بكم، كل
عام وأنتم بخير وأنتم بألف صحة وسلامة. مولانا، يعني أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل، كيف نحافظ على شحن البطارية التي شحناها في رمضان ولا تنفد؟ الرصيد طوال العام بعد ذلك. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أهل الله كانوا يقولون: تصحيح البدايات تصحيح للنهايات، ولاحظوا هذا من مجمل الشريعة، وأن الله سبحانه وتعالى يبدأ بنا صفحة جديدة في مواقف عدة، حيث يقول رسول الله صلى. الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم أن الصلوات مكفرات لما بينها، ومن الجمعة إلى الجمعة يكفر ما بينهما، ومن رمضان إلى رمضان
كفارة لما بينهما، ومن العمرة إلى العمرة ومن الحج إلى الحج كفارة لما بينهما. وهذا معناه الصفحة الجديدة، معناه جدة حياتك، معناه أننا نبدأ عاماً جديداً مع بداية شوال ولذا جعله الله سبحانه وتعالى عيداً، وهذا العيد لو تأملنا فيه لوجدنا أن الله قد سنّ لنا أن نبدأه بالذكر، تكبيرة العيد، فكل أمر ذي بال ونحن نبدأ صفحة جديدة مع الله بعدما نلنا لذة العبادة والطاعة في رمضان، وكان فيه معونة،
من الرب بتصفيد الشياطين ومعونة الناس جميعاً صائمون، وجميعهم يصلون، وجميعهم يدعون إلى الخير ويفعلون الخير. هذا الجو كله يجعل الإنسان وكأنه في الزمن الجميل للسلف الصالح. إنها بداية جديدة في أول شوال، وفي أول شوال في هذه البداية الجديدة توجد فرحة، لكن هذه الفرحة تُتوَّج بذكر الله، فبذكر الله تطمئن القلوب، وسنأخذ من هذا. درس كيف نحافظ على شحن البطارية بذكر الله: "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون". ذكر الله الذي أكد عليه الله سبحانه وتعالى وأثنى على "والذاكرين الله كثيراً والذاكرات". ذكر الله
سبحانه وتعالى: "واذكر الله كثيراً"، ليس قليلاً، ليس ذكر الله المطلق هكذا، لا، بل كثيراً. الذي يذكر ألف مرة وألف. مرة ومائة ألف مرة، واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون. أول إجابة على سؤال سيادتكم ونحن في مستهل عام جديد بعد شحن البطارية، أننا نذكر الله. وبعد ذلك الأمر الغريب الثاني هو أن الشمس ارتفعت قدر رمح، وهذا الرمح بحوالي خمس درجات. خمسة في أربع دقائق، حيث إن الشمس تتحرك في أي أن نصف الدائرة التي أمامنا، وهي القبة السماوية، يساوي مائة وثمانين درجة. فالمائة والثمانين درجة هذه إذا قسمتها
ستجد أن الشمس تتحرك أربع دقائق. قسّم النهار، أي ساعات النهار التي تمتد من الشروق إلى الغروب، من الشروق إلى الغروب، واقسمها على مائة وثمانين، فيظهر لك كم تتحرك الشمس في السماءُ والرمحُ خمسُ درجات. الرمحُ عندما حسبوه هكذا وجدوه خمسَ درجات. فقال لك: تصلي العيدَ بعد ارتفاعِ الشمسِ قدرَ رمح، والذي يساوي من عشرين إلى خمسةٍ وعشرين دقيقةً بعد الشروق. ففي هذه السنة كان الشروقُ في الخامسة إلى الخامسة تماماً، فأقمنا صلاةَ العيد في الخامسة والثلث، ويجوز أن يكون هذا إن نبقى نصليها حتى أذان الظهر، والذي فاتته في المسجد فاته فضل كبير وفاتته فرحة كبيرة، فليصلها في
البيت حتى لا يكون قد ترك كل شيء. وهذه ليست دعوة للناس لأن تصلي في البيت، بل دعوة للناس أن تتمسك بالفضل، وأن الشيء الذي فات لا يحزن عليه، بل يفعل ما لي منها أمرنا لله ستُدرك الفرصة سندرك ويجوز أن تُصلى جماعة في البيت هو وزوجته وأولاده هكذا يقوم ويأخذ ثوابها ثواب الجماعة بالكيفية التي تُصلى بها الجماعة في المسجد بالضبط ويكبر سبعة ويكبر خمسة ويسلم ويفعل كل شيء. طيب افترض أنه هو في البيت هكذا وصلاها جماعة بمفرده ولم يُصلِّ. جماعة، هذا يعني أنه لا توجد جماعة، ولا توجد امرأة ولا أولاد ولا شيء كهذا. افتراضًا، شخص واحد يكون على الأقل، وإذا حدث شيء، فهذه دعوة للناس إلى الخير وليست دعوة للناس إلى التسيب والترك
وعدم الالتزام الطيب بالأفعال الطيبة. فما معنى ذلك؟ وماذا نأخذ منه لشحن البطارية؟ ولماذا نأخذه البطارية أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر، يعني ذكر الله في المرتبة الأولى، والله يعلم ما تصنعون، فعندما يقول: أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل، وعندما يقول له: قم الليل إلا قليلاً، نصفه أو انقص منه قليلاً أو زد عليه، ورتل القرآن ترتيلاً، وعندما جاء الرجل قال له يا رسول الله ما تسأل لي الجنة هكذا أدخل الجنة، قال له: أعنِّي على نفسك بكثرة السجود. يعني حسناً ساعدني، طيب سأسأل لك أن ندخل الجنة، لكن أنت أيضاً ساعد من عندك واعمل. ما هو الأمر؟ أقرب ما يكون العبد إلى
ربه وهو ساجد، فلذا بدأنا بالذكر. وبدأنا بصلاة العيد، ثم نستخلص من ذلك أن هذه إشارات للحفاظ على شحن البطارية والمحافظة على إبقائها أيضاً متوهجة. فهناك أناس يمنحهم الله الهمة، وهناك آخرون ينسون؛ ينسون الذكر، أو يملّون، أو ينسون الصلاة، أو يستكثرون، أو ينشغلون. يُقال: الدنيا ملاهٍ، مليئة بما يُلهي، فاتركوها كما هي، فهي هكذا دائماً. هكذا يجب على الإنسان لكي نجيب على هذا السؤال: كيف أحافظ على شحن البطارية القوي هذا الذي حصل في رمضان؟ الهمة المتولدة من الذكر ومن الصلاة، حافظ جداً على صلاتك، حافظ جداً على ذكرك، وبالاستمرار سيأتي الحديث الذي تفضلت به
في أول الكلام: أحب الأعمال إلى... الله يديمها وإن قلّت، والحكاية تبقى واضحة جليّة. نحافظ على الذكر، ونحافظ على الصلاة، ونحافظ على الفرحة. ثالث شيء في العيد هو الفرحة، العيد فرحة، نعم. هل انتبهت؟ فالفرحة الحقيقية، هذه الفرحة، يجب أن نحافظ عليها. وهذا يحدث ماذا يعني؟ أنا فرحان يعني راضٍ، فيجب أن ترضى. عن ربنا رضي الله عنه ورضوا عنه، يجب عليك أن تُسلِّم التسليم، والرضا هذا أمرٌ مهم جداً. لابد أن تُسلِّم لأمر الله، ولا تتضجر من قدرك ومما وضعك الله فيه. كيف تصل إلى التسليم والرضا؟ مرة قمنا بتسجيل حلقة عن التوكل على الله،
بحسن التوكل على الله، حسن التوكل على يعني أن المرء بدأ يرى أن الناس بدأت تقتنع به. انظر، إنه من مسلمات الدين، وهناك أناس يأتون متأخرين. الكلام الذي في السيناريوهات الخاصة بالشدائد والأمور المختلفة وما إلى ذلك، بدأ يدخل فيها أنها لا تُحل إلا بحسن التوكل على الله، لا تُحل إلا بالتسليم والرضا. فيكون هذا التسليم والرضا أفعلها لكي أنال الفرحة، وفرحتي يجب أن تدوم، والفرحة لن تكون وأنا متضايق، والفرح لن يكون وأنا أحمل الهم، والفرح لن يكون وأنا مستكبر. في إحدى العبارات يقول لك: لا تقل يا رب إن عندي هماً كبيراً، وإنما قل يا هم إن عندي رباً كبيراً.
الله أكبر الله أكبر التي بدأنا بها العيد. احذر من الهم، لا تدع الهم يحيط بك، وهكذا اتركها على الله. انظر إلى كلمة، انظر إلى كلام الناس ذوي التجربة: "اتركها على الله". قم، ليكرمك ربنا ويريك نفسه في خلقه، يتجلى لك فيه في خلقه، وفي كل شيء له آية الله كريم، يلجأ الإنسان بقلبٍ ضارع إلى الله فيحدث من ذلك حسن التوكل، فينتج من هذا التسليم والرضا، فيحدث من هذا الفرح الذي يحافظ على الطاقة من أن تنفد أو تتسرب أو ينتهي رصيدها أو يحدث أي شيء سلبي. إذن، برنامجنا هذا يبدأ بالذكر ويثني بالصلاة.
ويثلث بالتسليم والرضا ويربع بالفرحة. هذا الذي نأخذه من اليوم الأول بعد رمضان من شوال. من شوال، فاليوم الأول من رمضان هذا يقول لنا ماذا؟ يقول لنا: ختمتم رمضان، حسناً استقبلوا الآن شيئاً جديداً. حسناً، بماذا نستقبله؟ بالذكر، ونستقبله بماذا أيضاً يا ربي؟ بالصلاة، ونستقبله بماذا أيضاً؟ بالفرحة، ولذلك كان فرحاً، كان يلبس الجديد والأبيض، ولا أعرف كيف كان فرحاً. ونحن عندنا اخترعنا بعض الأشياء هكذا: البالونات والكعك وما لا أعرف ماهيته، وغير ذلك إلى آخره. ومن الجميل أن تكون هذه الأشياء وهذه المظاهر موجودة في حياتنا، نُعبر عن فرحتنا باللعب وبالأطفال، أعني عفواً وبالبهجة لا بد، هذه الأشياء ليست أموراً عفا
عليها الزمان. هذه العيدية تُدخل الفرحة في قلوب الناس كباراً وصغاراً، وربما لها قيمتها، ولكنها تُدخل الفرحة في قلوب الناس. فكونك تشتري شيئاً جديداً للعيد، أو أن تقدم عيدية، أو أن تفعل ذلك، وهذا يقودنا إلى مسألة اجتماعية ليس لها... دعوة بما نقوله أنه كان هناك ما يُسمى باقتصاد الظل. اقتصاد الظل هذا هو عمل المرأة في البيت، إذ أن هذا له ثمن. فعندما تصنع المرأة الكعك في البيت، يتكلف - لنقل - عشرة جنيهات مثلاً، وتشتريه بمائة جنيه، فالتسعون الباقية هي التي أعمل بها لأنها صنعت الكعك. وصنعته جيداً، فعملت الذي هو نظيف وكذلك عدة أشياء. تكلفة الفرصة البديلة التي نتحدث عنها هذه، حسناً، لا عليك، أنا لن أدخل معك في اقتصاد لأنها ليست تكلفة الفرصة البديلة،
لكن لا عليك. ولكن لماذا؟ سأقول إن هذه هي القيمة المضافة، القيمة المضافة، فهذه المرأة التي... طبخت والتي غسلت والتي ربّت الأولاد والتي تُفصّل. أنا أريد النساء أن يرجعن إلى ذلك. النساء الآن أصبح لديهن ملل وتقول لك: "حسناً، ماذا أفعل أنا الآن؟ أنا أشعر بالملل". حسناً، هذا الملل نابع من ترك بناء الاقتصاد الذي كانوا يسمونه قديماً اقتصاد الظل أو المنتج العائلي. هذا المنتج العائلي هذا يوفر كثيراً ويجعلنا أقوياء ويجعلنا أغنياء ويجعل لدينا قناعة. طبعاً هناك أشياء لم تعد كما كانت، مثل تربية الدواجن في البيوت. هذه الدواجن عبارة عن معزة،
وهذه الدواجن دجاجة أو حمامة، والدجاجة تبيض، والبيض يكون قد قدّم لنا كذا. في الريف، البقرة تجلب لنا بعض الحليب، والحليب يُنتج الجبن، كلُّ المعيشةِ الطبيعيةِ هذه التي كان فيها إنتاجٌ، كلما استطاع الإنسان أن يرجعَ إليها. إذا كان في الريف، يمكنه تطبيق ذلك بسهولةٍ كبيرة. وإذا كان في المدن، تستطيع المرأة تطبيق هذا، وعلى المرأة العبءُ الكبير، خاصةً أننا في سنة المرأة، سنة ألفين وسبعة عشر، المرأة ومسؤوليتها وما قدّمته. تكملة بأنها تعمل لنا هذه الحوادث. هذه الحوادث ستجعل الذي دخله ثلاثة أو أربعة آلاف جنيه أو خمسة سيصبح دخله عشرة في هذه المنتجات التي يجلبونها، وكل ذلك دون إرهاق، بحسب إمكانياته وبحسب احتياجاته.
فيصبح العيد فرحة وتصبح البطارية غير مضطرة للتغيير مرة وأخرى، فتكون أيضاً تكلفة وتكون المسألة. مادياً وروحياً هي حكاية جميلة جداً ونبدأ حياتنا جديدة. كانت السيدة عائشة تشير لنا بشيء كهذا، طرف لطيف جداً أنها كانت تحب الأفراح في شهر شوال. تريد أن تؤكد معنى الفرح، تكرره مرة والثانية والثالثة، فكانت تُدخل عرائسها البنات اللاتي حولها اللاتي تتولى أمرهن، تكتب كتابهن أو تجعل دخلتهن في ماذا لأن شهر شوال مثل شهر الفرحة، شوال مثل بداية السنة، شوال مثل الشهر الذي سنحافظ فيه على ما حصلنا عليه وأيضاً
يدفعنا إلى بداية جديدة لحياتك مع الله. وحتى المصريون ربما بمواعيدهم في الزواج والأفراح دائماً نجدها تكثر في شوال. فاصل، نعود إليكم مرة أخرى، السنة كلها. لا توجد عبادة لشهر أو شهرين، ولا توجد قيم لشهر أو شهرين، ولا توجد أخلاق تستمر لشهر أو شهرين. الأخلاق في الليل مثلها في النهار، في رمضان مثلها في غير رمضان. القلوب دائماً كما يقولون هكذا. فالجهد الجهد الذي يُبذل في رمضان، أنا أعني ساعة واسعة كما نكون على الصلاة ولكنها ساعة واسعة، لكن هناك نقطة وهي أن بمناسبة العيد، الناس مثلاً الذين لم يصوموا أو لم يعبدوا الله على أي أساس يحتفلون
بالعيد، ويحتفلون بالابتعاد عن الله بعد انتهاء رمضان، مع أننا نكون قد قررنا في رمضان أننا سنستمر، لكننا لا نستمر ولا نفعل أي شيء لأن من... صغرنا لم نتعود ولا غُرس فينا الصحيح، يمكنك أن تزيد صلواتك، ويمكنك أن تقرأ القرآن كثيراً، لكن بشرط في هذا الشهر بالذات. لديك طوال السنة، حسناً، ربنا وجد ما تقرأه في القرآن، ربنا يضاعف لك عليها أضعافاً مضاعفة في هذا الشهر بالذات، لكن ليس معنى ذلك أن تضيع حياتك فقط هذا الشهر الذي تصوم فيه وتعبد فيه ربنا وتظن أن ربنا لا يأتي في هذا الشهر ثم يغادر بقية السنة، يعني ربنا موجود معك دائماً. بالطبع المفترض ألا يحدث هكذا لأن المفترض أن يتقرب الناس من ربهم في كل أيام السنة بصرف النظر عن قدرتك. أرى أننا نحتاج إلى تذكير بالعبادة ونحن نتقرب من ربنا بالتأكيد طبعاً الإنسان ينسى الذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين. بالتأكيد طبعاً لأن الدين أصبح عندنا جميعاً وعند مجتمعنا كل اهتمامنا أصبح الدنيا ونسينا الآخرة. انتهت آية حسان سي بي سي. أهلاً
بكم أعزائي المشاهدين مولانا الكرام، ربما السؤال الذي طُرح في التقرير: لماذا ينصرف الناس؟ عن الطاعة بعد رمضان، يمكن أن البعض يتساءل أحياناً، وتعليقات السادة الذين كانوا في التقرير تنوعت. هل كل ما جاء في التقرير هو الأسباب الحقيقية لانصراف الناس عن الطاعة بعد رمضان؟ هو الذي تحدثنا عنه في القسم الأول من برنامج اليوم قبل الفاصل والتقرير في رد على هذا. السؤال والرد ضمني، لكن الرد الصريح هو أن السبب الأول لماذا ينصرف بعض الناس عن العبادة بعد رمضان هو أن لدى بعض الناس فكرة أن رمضان فقط هو شهر
العبادة، وأن غير رمضان ليس شهراً للعبادة ولا شيء. فكأنهم يقولون: "لي شهر واحد في السنة أجهز نفسي فيه للعبادة، أما لكن هكذا نقطة ثانية: أنهم ينسون أن الذكر أمر خفيف لطيف مقدور عليه حتى مع الانشغال. ينسون هذه الحقيقة أو لا يعرفونها. مع الانشغال... ماذا يعني مع الانشغال؟ مع الانشغال يعني: أحب الأعمال إلى الله سبحة الحديث. قالوا: وما سبحة الحديث يا رسول الله؟ قال: القوم يتكلمون والرجل يسبح. معناها أنه لا يزال لسانك رطباً بذكر الله، معناها أن حضرتك في العربية يمكن للسانك أن يعمل، فهي لا تحتاج إلى وضوء
ولا تحتاج إلى استقبال القبلة ولا ستر العورة، ولا تحتاج إلى أن تصمت فيها، هكذا الصلاة كلها، هل أنت منتبه؟ فالصلاة كما قال تعالى: "إن الصلاة كانت على يعني ساكتون لكن الذكر وأنت تقود السيارة يمكنك أن تذكر، وأنت تتحدث مع شخص يمكنك أن تذكر، ويمكنك وأنت جالس في عيادة الطبيب إلى أن يأتي دورك يمكنك أن تذكر، وقِس على هذا. فأريد أن أقول لك إن الذكر ممكن مع مكافحة الحياة، نعم مكافحة الحياة، يعني وأنت في معترك مع معركة الحياة وأنت تذكر الناس، ليست منتبهة للذكر هكذا بعضهم يعني، لأن هناك أناساً يذكرون فعلاً، وهناك أناس يتخذون هذه النصيحة النبوية "لا يزال لسانك رطباً بذكر الله". فانظر إلى ذكر الله الذي أرشدنا
ربنا إليه إشارة في العيد، هو أساس "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون" إذاً. نقطة رقم واحد: اعتقاد أن رمضان وحده هو محل العبادة. ونقطة رقم اثنين: عدم معرفة حقيقة الذكر. نقطة رقم ثلاثة: كثير من الناس لا يفهم أهمية الصلاة، لماذا لا يفهم أهمية الصلاة؟ أجابت عنها ابنتنا وهي تقول الآن أنهم لم يُرَبَّوْا على ذلك. أجابت عنه وقالت هذه الكلمة في التقرير: على ذلك فإن الصلاة هي عماد الدين، هذه الصلاة وصفها ربنا وقال أنها لكبيرة إلا على الخاشعين، يعني
أنها صعبة وكبيرة ولكن بالنسبة للخاشعين فهي سهلة. يا أخي، "جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وحيثما أدركتك الصلاة فصلِّ"، لدرجة أنه لو فقدت الماء تتيمم وتصلي. لقد رأيت مشايخنا عندما... بدأت حكاية المؤتمرات في زمن كانت فيه المؤتمرات قليلة بسبب صعوبة الاتصالات والمواصلات والتقنيات الحديثة. لكن الناس آنذاك كانوا في التسعين من أعمارهم بينما كنا نحن في العشرين من عمرنا. فرأيت مشايخنا وهم يضربون أيديهم على رخام الأعمدة في قاعات المؤتمرات، ممرراً الماء على وجهه ويديه، ثم يدخل إلى الصلاة ابن تسعين سنة ولن
يستطيع، أنت تنتبه إليه وعالم كبير تريد أن تحافظ عليه. هو قد اتخذ قراراً مع نفسه أنه غير قادر على هذا الترتيب. هذا الترتيب هو الأصل، فإذا وصلنا إلى هذا الحد، فلا يترك الصلاة ويجلس ينتظر قائلاً: عندما أعود إلى الفندق سأتوضأ، ويترك صلاتي الظهر والعصر لا أعرف ما الأمر، إنه ليس متوضئًا، وليس قادرًا أبدًا لأنه عالم وعالم كبير، فالوسواس لم يضرب عقله بل ذهب وضرب هذا. لم نشاهدها مرة ولا اثنتين ولا ثلاثًا، وليس على مذهب ولا مذهبين أبدًا. دائمًا يضرب على الرخام، لأن الرخام من صعيد الأرض. مسح وجهه ومسح يديه. هكذا هو الله أكبر ويدخل ومقبول منه العلماء غير الفكرة العجيبة التي في أذهان
الناس من التعقيد ومن التركيب الذي يجعلهم أبعد عن الله من أصحاب العلم. هذا صاحب علم هو أقرب إلى الله لأنه أدى ما عليه كما أراده الله، أما الثاني فسيقول لك حسناً ماذا أفعل. ماذا في هذه السنة حينما تتوضأ وتنتظره؟ لا، القضية ليست هكذا. إما أن تخرج متوضئاً من البيت، أو تتوضأ في عملك، أو... تتيمم. يعني إلى هذا الحد إذا احتجنا، أو إذا كان عدم الماء مستوفياً للشروط الشرعية المرعية في هذه المسألة، أو كبِر. السن أو المرض وما إلى ذلك، فأنا أيضاً أرى أن الناس لم تنتبه لقيمة الصلاة التي هي في المرتبة الثانية، وهي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر. لماذا يترك الناس الصلاة بعد
رمضان؟ لأنهم لا يستعظمون شأن الصلاة، لكنها في الحقيقة عظيمة وكبيرة، وهي عمود الخيمة، وهي ذروة سنام الأمر، وهي تركها فقد كفر إلى آخره ليس كافراً، قال "فقد كفر" تختلف يا مولانا لأنه نعم كفر هو فعل، معناها يعني فعل فعلاً من أفعال الكفار، لكن "كافر" يعني ثبتت فيه. إذاً القضية هنا أننا نريد وعياً، بمفهوم الذكر ووعياً بمفهوم الصلاة ووعياً بمفهوم شحن البطارية ووعياً بمفهوم... الفرح والوعي بمفهوم الحياة وأن الله سبحانه وتعالى ما شدد على شيء إلا وقد يسره. مولانا الإمام طيب، البعض يحدث له شيء من الفتور هكذا، شيء من الفتور بعد رمضان، وبعد أن ينتهي
من العبادة كثيراً في رمضان ويتقرب بالطاعات الكثيرة، هل يمكن أن نقول إن هذا الفتور نقص داخلي؟ في الإيمان، كيف لا نجعل الموضوع يلتبس عليه بهذا الشكل. لا، هو ليس كذلك، الفتور ليس نقصاً. النبي صلى الله عليه وسلم عندما اشتكى إليه الصحابة هذا الحال قال: "إلا أن لكل شِرَّة فترة"، والشِرَّة هي أعلى المنحنى، أي الزيادة. نعم، خلاص أصبح لديكم حال، وهذا الحال جعله يسمع القرآن في قلبه لذة الذكر بطريقة معينة، هذه الحالة أحياناً يطلقون عليها أنها جانب روحي وتحليق للروح فيه إلى آخره. كل شهوة، كل علو له فترة ينقطع فيها، لأن الإنسان هكذا، وما سُمي الإنسان
إلا لنسيانه، وما أصل كلمة "ناس" إلا أصل الناس، فعصى آدم ربه فنسي آدم، فنسيت ذريته. أنا طبيعتي هكذا أن أنسى، ولذلك قال: "فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين"، وقال لهم: "يا أيها الذين آمنوا بالله". حسناً، نحن مؤمنون، فكيف نؤمن؟ استمروا في الإيمان. النقطة التي نبحث عنها هي الاستمرار في الإيمان. فالفتور ليس نقصاً، الفتور أمر طبيعي، والكل يمر بفترة شر مرة ثانية. لأنك لا تيأس وتقنط من نفسك، فكل ابن آدم خطّاء، وخير الخطائين التوابون. لقد سقطت، لا
مانع من ذلك، لم يحدث شيء، الأمر طبيعي وعادي. لا تفزع، هيا انهض مرة أخرى، وعندما تنهض مجدداً ستسقط مجدداً، ولا تفزع عندما تسقط، ولا تجعل قلبك يسقط بين قدميك، لا تخف، فهذه طبائع. الأمور هكذا، ولكن اجعل شَرَهَك الذي هو علوُّك، واجعل نزولك مقيداً بالفرائض. يعني ليس النزول معناه أنك تترك الصلاة، لكن النزول معناه أنك ربما لا تصلي بعد السنن. لا مانع، صلِّها مرة أخرى لكي ترتفع ثانية. ربما يكون استحضارك في الصلاة بدلاً من أن يكون مائة في المائة، أصبح... ثمانون في المائة، أو سبعون، أو خمسون، أو كذا، حسناً، لا تخف، اصعد ثانيةً
واجعلها مائة في المائة، وبعد أن تجعلها مائة في المائة، ستنزل، انتبه جيداً، وهذه هي طبائع الأشياء، هذه هي الخلقة هكذا، وهذا بالضبط يذكرنا بالناس الذين يقولون لك: أنا كلما تبت أقع أيضاً في الذنب. بعد مدة لا بأس، ولكن توبة أخرى. إياك أن تترك نفسك للشر أو للذنب أو للمعصية، وإياك أن تيأس. ولذلك أهل الله يقولون لك ماذا؟ من شروط تمام التوبة - ليس من شروط التوبة بل من تمام التوبة - نسيان الذنب. لا تلتفت إليه، ولا تنظر إلى الوراء، ولا تجلد هكذا أذنبتُ، وأنَّ هذا ما قسّت به نفسي، إنني داخلٌ النار، داخلٌ النار، انتهى الأمر، فأفعل ما أريد. لا هذا يأسٌ من رَوح الله. ولذلك، من ضمن تمام التوبة نسيان الذنب نفسه. شروط التوبة استعظام الذنب، ومن
شروط التوبة أيضًا رد الحقوق لأصحابها. وشروط التوبة الندم، وشروط التوبة النية والعزم على أن لا أعود لمثلها أبداً، وبعد ذلك يأتي ليقول لك: خلاص، هل قمت بهذه الشروط كلها؟ قلت له: نعم. قال: انسَ إذاً، انساه وثق بأن الله سبحانه وتعالى غفر لك. فيكون إذاً الأمر فيه توازن، لكل شرة فترة، فمن كانت شرته لله. ورسوله ومن كانت هجرته لله ورسوله فهو على خير. ماذا يعني "لله ورسوله"؟ يعني مسألة الفرائض هذه، و"فرض عليكم فرائض فلا تتركوها"، فالفرائض هي الخمسة التي ذكروها لنا، تلك التي هي أركان الإسلام التي أخبرنا بها سيدنا: "لا إله إلا الله ومحمد رسول الله"، الصلاة، الزكاة، الصيام، إلخ.
رمضان، الحج لمن استطاع إليه سبيلا، من قص علي ولما يحصل قلة في الخشوع، قلة في عدد الركعات، قلة في كم أو كيف الخير أعمله مرة أخرى، أعمله مرة أخرى من غير جلد للنفس الذي يؤدي بي إلى الإحباط، فأنا دائماً في شرة وفترة مولانا، يمكن أعجبتني كلمة وتفضلت بها لا تتحطم، لا تيأس، فالشيطان يدخل من هذه المنطقة ليُيئسني. إذا استسلمتُ في الفترة السابقة، فإنه يتخذها فرصة ولا يستطيع أن يتركني. إنه يحب الضعيف، نعم، يحب الضعيف ليستفرد به ويتلاعب به ويفعل به كل شيء. ولذلك قال سيدنا: "المؤمن القوي خير وأحب عند الله من المؤمن [الضعيف]". الضعيف الشيطانُ قال له إلا عبادَك منهم المخلصين
الذين هم الأقوياء، هؤلاء المخلصون العباد أصحاب الهمم العالية. فالشيطان يحب الضعيف ويلعب عليه، ونحن نقول له لا تكن ضعيفاً، لا تكن ضعيفاً. بماذا؟ بكثرة العمل، بكثرة الذكر، باليقين، بالرضا والتسليم، بالتوكل، بالصلاة، بالفرائض، بكثرة الخير، فإن الصدقة تطفئ الخطيئة كما. يطفئ الماء النار. اعمل هكذا تجد الشيطان يهرب لأنه خناس وسواس خناس. يعني يوسوس ويهرب، وليس ضعيفًا. "إن كيد الشيطان كان ضعيفًا". وأنا أريدك أن تكون قويًا، فلا تخف، كن قويًا. والشيطان عندما يأتي هكذا ويدخل، يجدك قويًا فيأخذ نفسه ويمضي، لا يفعل
شيئًا ولا يستطيع، لا يستطيع إلا... عبادك منهم المخلصين، فنريد أن نفهم هذه النقطة لأنها تعين على أنفسنا وستعين على الشيطان وستجعلنا في غاية القوة اللينة. نعم، أي أنها قوة، نعم، ولكنها ليست عنيفة ولا شيء من هذا القبيل، إنها قوة لينة سيهرب منها هذا الشخص، وخالف النفس والشيطان واعصهما وإن محضاك النصح فاتهم بين. فاصل بحضراتكم مولانا الإمام، يعني بعد هذه الأيام التي كان شعارنا فيها "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون" في رمضان، هل التقصير بعد رمضان يؤثر على ثوابنا وعلى الطاعة
وعلى العمل الدؤوب الذي كنا نقوم به في رمضان، في نهار رمضان وفي ليل رمضان؟ أصل الديانة أن الله لا يضيع أجر من أحسنَ عملٍ أصلُ الديانة هكذا، إذا كنّا في رمضان على مستوى معين، ستظل كما هي هكذا من كرم ربنا. وانتبه، لا يوجد إحباط للأعمال إلا بالذنوب التي فيها هدم للقضية، مثل الشرك بالله والعياذ بالله تعالى، يعني شخص كان مسلماً وبعد ذلك أصبح وثنياً فارتد، قُم هذا يدخل. في دائرة إحباط الأعمال أما مسلم وفضل مسلم، لكن هنا عالٍ وهنا قليل،
لا يجري شيء وسيظل الأجر كما هو محفوظ له بحسناته، بكذا وكذا من أصول ديننا أن الحسنات يُذهبن السيئات، وليس أن السيئات يُذهبن الحسنات. أولئك الذين حبطت أعمالهم هم على الآية التي تهدم. الدنيا على رأسه ورأس الذين أنجبوه، هدم المعبد، هدم المعبد على الجميع، فهذا آمن ثم كفر، أجل كفر، خلاص ماذا أفعل له؟ فليحبط عمله. لكنني كنت أسير في سبيل الله هكذا هو، وبعد ذلك قلّت التي هي الشراهة والفترة، حديث مهم جداً، ثم زدت وبعد ذلك قلّت. لا، كل هذا فيما هو
وارد عن الله ورسوله أو مأمور به عن الله ورسوله. وكل هذا هو الخلط الذي بين الخوارج وبيننا. الخوارج يعتقدون أن هذا النزول خروج عن الملة، ونحن نقول لهم: لا يا مغفل منك، لماذا؟ تعلموا اللغة وتعلموا. وهذا الحديث تحديداً يا مولانا لأجل الحديث. يبقى أمام أعيننا دائماً، أي دائماً لكل شدة فترة، لكل شدة فترة، نعم، فهذه أمور مثل أصول الديانة. فأصول الديانة أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، أصول الديانة ولا يظلم ربك أحداً، أصول الديانة إن الحسنات يذهبن السيئات، أصول الديانة إنما الأعمال بالنيات، كل. هذه أصول للديانة يجب علينا أن نتمسك
بها في جميع المفاهيم من أولها إلى آخرها. أما فكرة وحالة إحباط الأعمال فهذا يحدث عندما يرتد الإنسان من دين الإسلام ويختار لنفسه طريقًا مشوهًا غير هذا الطريق المنير الذي هداه الله سبحانه وتعالى إليه أولًا، فيكون قد أفسد ما عمل. حتى إرادة يا أخي، هو يريد هذا، يريد أن تحبط، أن تحبط، أن يحبط عمله. مولانا الإمام أيضاً في رمضان نشهد نشاطاً لشيوخنا وللدعاة في المساجد للدعوة. بعد رمضان، هل يمارسون هذا النشاط بشكل آخر؟ كيف أفعل بعد رمضان لكي تبقى العلاقة قريبة بيني وبين الشيخ حتى أعرف الصحيح؟ من ديني أن يكون لدي النشاط الذي أتلقاه
من شيوخنا في المساجد في رمضان والذي تحدثنا عنه، وهو الهمة. ينبغي علينا أن نستمر في هذه الهمة، لكن رمضان في الأصل هو شهر معونة. نحن لا نريد أن نكون في رمضان دائم لأنه كما هو، ها نحن نصوم رمضان وها هو اليوم خمسة وخمسون سنة، أي أنني أصوم رمضان منذ خمس وخمسين سنة. بارك الله في عمرك يا مولانا، وفي عمرك وفي عمر المستمعين. ولكن لم يحدث أننا استطعنا أن نجعل السنة كلها مثل رمضان، هل تفهم كيف؟ إننا نتمنى أن يكون ذلك، ولذلك لو أن السنة كلها مثل رمضان. لم نكن نشتاق إلى رمضان، فالقضية ليست هكذا، القضية أننا نبدأ صفحة
جديدة. هيا بنا، نحن لدينا ثلاثة أمور يا شيخ حسن: العبادة، وعمارة الأرض والكون، وتزكية النفس. في رمضان تكون العبادة هي الأولى، وبعد رمضان تصبح العمارة هي الأولى بعد العبادة. بعد رمضان العبادة، نعم في رمضان. تكون رقم واحد فهذا هو الذي يجعلنا سعداء، وفي رمضان تُصَفَّد الشياطين والناس تساعدك. ففي رمضان العبادة أولاً، وبعد رمضان العمارة أولاً، ودائماً التزكية تأتي بعدها. يعني إما عمارة ثم عبادة وتزكية، وإما عبادة ثم عمارة وتزكية، دائماً التزكية تأتي بعد
ما يظهر، فنحن في رمضان هذا توجهنا. ما هي العبادة بعد رمضان التي تواجهنا؟ ما هي العمارة المعاشة؟ حسناً، ماذا نفعل إذن؟ نفعل أنه بالنية الصالحة نوجه هذه العمارة وكأنها عبادة، فنأخذ نفس الثواب لكن ليس نفس الشعور. أعني أريد أن أقول لك إننا في كلامنا الذي قلناه كله هذا نريد أن نحافظ على الثواب، لسنا نريد الشعور لا يمكن المحافظة عليه لأنه من الأحوال ودوام الحال من المحال، لكن الثواب ممكن الحفاظ عليه. هذا هو ما قصدناه في مثال البطارية التي ستنفد أو ستُشحن أو ستتملح أو ستفعل هكذا. فنحن نريد أن نحافظ على الثواب حتى لو لم تكن أجواؤه حاضرة.
رمضان وروحانية رمضان وتقدم العبادة في رمضان لأن هذه المشاعر لا يمكن الحفاظ عليها، إنما نستطيع أن نحافظ على الثواب. كيف نحافظ على الثواب؟ بكثرة الذكر، ونحافظ على الثواب كيف؟ بكثرة الصلاة، ونحافظ على الثواب كيف؟ بالنية الصالحة، ونحافظ على الثواب كيف؟ بدوام الفرحة والسعادة، ونحافظ على الثواب. كيف أنه لكل فترة نشاط نحافظ عليها، وهكذا كل ما قلناه في البرنامج هذه وصفة، هذه الوصفة كلها للمحافظة على الثواب وليس للمحافظة على المشاعر الجميلة التي كانت لدينا، ومن هنا وبعد أحد عشر شهراً نشتاق إلى رمضان، هل انتبهت؟ "اللهم بلغنا رمضان"، أليس هذا شوقاً؟ إنه شوق بالطبع،
وهذا لرمضان القادم أصبح هناك اشتياق، ذلك الاشتياق لرمضان هو الذي يجعلنا ندخل ونقدم العبادة على العمارة، وتصبح العمارة والتزكية بعد ذلك. نعمل نعم في رمضان، ولكن العبادة رقم واحد لها الأهمية الكبرى، تصنع لي داخلياً كل هذه الأجواء لكي أشحن البطارية، ولكي أنتهي عن الفحشاء والمنكر، ولكي أتعاون على البر ومن أجل أن تفعلوا الخير لعلكم تفلحون، وطبقوا الأمر كله، واشعروا بمشاعر لذيذة. انتهى رمضان ونحن نشتاق لهذه المشاعر، لكننا نريد أن نحافظ على ثوابه. فهذه الإرشادات كلها للمحافظة على الثواب وليست للمحافظة على المشاعر والأحاسيس. مولانا، بما جاء في الإرشادات من عناصر ومقومات ومقتضيات واستراتيجيات، هل هذه دلالة على هذه علامة قبول عملنا في
رمضان أنني أعملنا قُبلت في رمضان وطاعاتنا قُبلت في رمضان. لو عملت، وفقك الله سبحانه وتعالى إليها، فبدون شك أنها علامة القبول، لأن التوفيق علامة القبول. هذه قاعدة: التوفيق علامة القبول. فما دام ربنا وفقني لفعل الخير وخلق في قدرتي الطاعة والهمة، فهذا يعني أنه خلاص وقد قُبِل دعائي وقُبِلت أعمالي وكذا إلى آخره، وهذا هو المعنى الحقيقي لاستمرار الفرح في حياتك، هذا هو. والسعادة، كلمة السعادة التي يتفضل فضيلتكم بالحديث عنها لكي نكون سعداء، فالأصل أن نسعى للطاعة. قالوا ماذا؟ قالوا: "سعادة الدارين"، فإذا كانت هناك سعادة للدارين، هذه السعادة للدارين عندما جاء الشيخ. النبهاني رحمه الله ألّف كتابه وسمّاه هكذا: "سعادة الدارين في
الصلاة على سيد الكونين"، يعني أراد أن يقول لك إنه لتنال سعادة الدنيا وسعادة الآخرة. نحن ليس عندنا ذلك النزاع بين الدنيا والآخرة الذي يقتضي أن يكون الدين ضد الحياة، ليس عندنا هكذا، بل هذا عند الخوارج، ولذلك تجد الذي وهكذا نحن لدينا الدين جزء من الحياة، وهذه الحياة التي منها جزء الدين لا بد أن تنال السعادة والرضا والفرح من أجل أنها مزرعة للآخرة، حتى نعود إلى الله سبحانه وتعالى فنجد خيراً منها كمنقلب. مولانا، اسمح لي فضيلتك أن نقرأ ما جعل موقع فيسبوك يتفاعل مع السادة المشاهدين مع السلام عليكم، هذه الأستاذة نجاة تقول: السلام عليكم، الحمد لله نحن نلتزم بصلاتنا وقراءة القرآن، ولكن لشهر رمضان خصوصيته وخاصة العشرة الأخيرة، ورغبتنا من ربنا أن
يغفر لنا ذنوبنا، ويا سبحان الله لنا الصبر بتحمل العطش والجوع، لك الحمد ربي على نعمة الإسلام. سيدتنا مروة أحمد تقول: لكي أغلب... يتعامل المسلمون مع الله بمبدأ التجارة: ماذا سيعطيني؟ يعني في رمضان سأحصل على حسنات كثيرة زيادة عن الأيام العادية. فيبدأ الإنسان يقرأ القرآن ويتعبد ويذكر ويصلي ويقوم الليل، ثم ينام مرة أخرى. لذلك لا يتأثر الباطل، ونادراً ما يتغير الشخص للأفضل في حاله وصفاته، ويستمر على هذا النهج بعد رمضان. ربما ضعف إيمان الأستاذة عفاف لأننا لم نجعل الطاعة أسلوب حياة. فضيلتك، تعليقك على مجمل الكلام الذي جاء في هذه التعليقات أغلبه هو ما نتحدث عنه. قضية ضعف الإيمان هذه تظهر عند بعض الناس بشكل واضح. أما حكاية التجارة فإن بعض الناس يحسبونها بالربح والخسارة
فقط. نعم، هناك بعض الناس يفعلون ذلك ولكن ليسوا كثيرين، أي أنه ليس شائعاً. رأيت شخصاً يُخرج الآلة الحاسبة كل فترة ويحسب هكذا، سألته: "ماذا تفعل؟" فقال لي: "أريد أن أرى كم لي عند ربنا". هذا النوع نادر جداً، هل تفهم؟ إنه مسكين متورط في قضية. الربحية فتتصدق بعشرة جنيهات فيأتي محاسبها أنه هكذا لماذا عند ربنا مائة جنيه؟ لا يعطينا بعشرة من أمثالها وأشياء مثل ذلك، فقلت له: حسناً، إن كل ما تحسبه قد يكون خطأً لأنك ربما تكون هذه العشرة جنيهات أنقذت شيئاً معيناً فتأخذ سبعمائة ضعف. قال لي: والله انتظر، حسناً دعني أضرب مرة أخرى. بعضهم يريد أن يضرب كل الرصيد في سبعين، فقلت له: ليس كله، فبعض الأشياء سبعمائة وبعض
الأشياء سبعون ألفاً. هناك أناس هكذا، لكن هذه مفاهيم خاطئة. ربما هذا ما يشير إليه القائل أو القائلة، ولكن أنا... أريد أن أقول إن البرنامج الذي وصفناه هذا يمكن أن يكون برنامجاً جيداً للحفاظ على الثواب. مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو كبار العلماء بالأزهر الشريف، كل سنة وفضيلتكم بخير. منتبه للسحر، والسلام وأهلاً بصحبتكم، شكراً لكم. لا تعبدوه لكي يعطي ولكن اعبدوه لكي يرضى، فإن رضي أدهشكم بعطائه. إلى اللقاء.
اشتركوا في