والله أعلم | فضيلة الدكتور علي جمعة يوضح كيفية ترتيب سور القرآن الكريم | الحلقة الكاملة

رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي. أَهْلًا بِكُمْ فِي "وَاللهُ أَعْلَمُ"، لِنَسْعَدَ دَائِمًا بِصُحْبَةِ صَاحِبِ الفَضِيلَةِ مَوْلَانَا الإِمَامِ الدُّكْتُورِ عَلِي جُمْعَة، وَضُيُوفِهِ الكِبَارِ العُلَمَاءِ بِالأَزْهَرِ الشَّرِيفِ، لِنُوَاصِلَ مَعَهُ هَذِهِ القِرَاءَةَ، وَلِنُجِيبَ عَلَى كَافَّةِ التَّسَاؤُلَاتِ الَّتِي تُثَارُ فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ الحَرِجَةِ، وَلِنَسْتَشْرِفَ هَذَا. المستقبل الميمون معه بإذن الله لهذا البلد ولهذه الأمة. نواصل الأسئلة حول القرآن الكريم، حول المعجزة الخالدة، حول كتاب الله المسطور. إذا كان القرآن الكريم قد نزل
منجمًا ومفرقًا، فكيف تم ترتيب السور في القرآن الكريم؟ هل الأمر توقيفي أم أن هناك أسئلة أخرى يجب أن تُطرح في هذا الإطار؟ مولانا الإمام أهلاً بفضيلتكم أهلاً وسهلاً بكم مرحباً. السؤال الأول ربما يتبادر إلى الذهن: لماذا سُمّي هذا الكتاب، هذه الآيات البينات، بالقرآن الكريم؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. القرء والقراءة معناها في اللغة أساساً الجمع، فلما أن جُمعت هذه الحروف المباركات في تلك الكلمات النيرات فأنشأ هذه الآيات البينات في هذا الكتاب المبين. سمي هذا الكتاب بأنه
كتاب مجموع جمع، وفيه دلالة على أن أصله هو تلك اللغة التي تقرؤونها، وهي لغة أيضاً فيها من الخصائص التي خلقها الله فيها وعلمها آدم ما الله به عليم. فيها خصائص كالحقيقة. والمجاز كالاشتراك كالترادف كالعموم والخصوص كالإطلاق والتقييد كالإجمال والبيان كالسجعة فيها خصائص كثيرة جدًا في جرسها ونظمها ومعناها وتعدد هذه المعاني وفوارق هذه المعاني بعضها عن بعض، فيها كلمات إذا اجتمعت افترقت في المعنى وإذا افترقت في الكلام واللفظ اجتمعت في المعنى، فيها ثراء وعمق لا نرى الحقيقة مع... هذه الخصائص الكثيرة، وكلما ازدادت
الخصائص ازداد نضج اللغة. نعم، فهناك لغة قد افتقدت الإضافة، وهناك لغة قد افتقدت الابتداء، وهناك لغة قد افتقدت التعريف، وهناك لغة أيضاً افتقدت بعض المعاني، وهناك لغة افتقدت ما يقابل كلمة حزن مثلاً، بالرغم من أن الحزن يعني مسألة طبيعية، إلا أنه لا توجد بعض اللغات لا يُعرف فيها ما هو الحزن فيأتيه شيء آخر غير الحزن وهو الاكتئاب، لأنه عندما يأتي أي يصبح حزيناً، حسناً ماذا يفعل؟ يقوم بالاكتئاب، يقوم بالاكتئاب. الحقيقة أنها ثرية في ألفاظها وفي دلالاتها وفي تراكيبها وفي خصائصها وهكذا، ولا يحصيها إلا نبي كما ذكرتم في كتابكم. وقال الإمام: "يا مولانا، هذا كلام
الإمام الشافعي. قال: لا يُحصي اللغة إلا نبي، لأن واحداً من الفطاحل الكبار من العرب مثل ابن عباس - يعني حَبْر الأمة وما إلى ذلك - يقول: ظللتُ أسأل في نفسي ما فاطر؟ فاطر السماوات والأرض، ماذا تعني فاطر؟ ما معنى فاطر يا ربي؟ داخل معهم حتى سمعت امرأة تقول هذه البئر فطرتها أي أوجدتها. فكانت هناك صحيفة تسمى صحيفة نافع بن الأزرق، وابن الأزرق هذا واحد من الخوارج وكان عالماً كبيراً لكنه عالم بدون ماذا؟ بدون إدراك، يعني لديه معلومات وليس لديه علم. فرأى ابن عباس وحوله يلتف الناس في الكعبة.
المشرفة فقال: "من هذا وماذا يفعل؟" قالوا: "هذا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر القرآن". فقال: "أوه! هو قادر على أن يفسر القرآن؟ هيا نختبره". وذهب نافع بن الأزرق حتى قال بعضهم من شدة إحكام هذه الرواية، فسأله في نحو ثمانين موضعاً في القرآن: "ما معنى هذا؟" فيأتي ابن عباس فيقول: "هل تعرف العرب ذلك؟"، فيجيب ابن عباس بالشعر نعم فهذا ابن عباس كانت كل شواهده شعراً، كانت شعراً. والإمام نافع ابن الأزرق كانوا يقولون في النهاية: قبّل فوق رأسه وانصرف. يا ليتكم أن تتبعوه لأن هذا الرجل - يعني مع علمه هذا أو معلوماته هذه لم يكن عالماً لأنه ترك روح
الدين وترك المحجة البيضاء التي تركنا عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فهو عنده معلومات نافع بن الأزرق، ولكن لو نرجع ونقول: فلماذا سُمي هذا الكتاب القرآن؟ نقول: لجمعه. والله سبحانه وتعالى لما تكلم عن النساء وتكلم عن عدتهن قال: "ثلاثة قروء" بأنفسهن ثلاثة قروء، فسمي الحيض عند المرأة لأنه يجمع الدم. أي تجميع الدم في أيام، يعني ليس كل يوم المرأة ترى دماً لساعة وانتهى الأمر، لا ليس هكذا، إنما الدم يتجمع في عملية بيولوجية معروفة، ثم إنه يندفع في تلك الأيام التي عليها القرء. قرء واحد يعني القرء الواحد، قرء
ما هي المرة الواحدة؟ مجموع الدم المجموع، أي هكذا. فكلمة الجمع هذه جاء منها هذا اللفظ، لأنه يشير إلى جمع الحروف وجمع الكلمات وجمع الآيات فيكون قرآناً. ومنه أيضاً جاءت القراءة من الجمع أيضاً، لأنني أرتب حروفاً معلومة فأتوصل بها إلى كلمات مفهومة، فأسوق بها جملاً مدركة فأعبر بها عما نفسي فقد جمعت ما مكّنني الله له، كما أنهم ينطقون. فهذه آية من آيات الله سبحانه وتعالى أن ننطق بهذه الكيفية وبهذه السرعة وبهذا النقل وبهذا التداول. فإن الحمل، فإن
الاستعمال من صفة المتكلم، والحمل من صفة السامع، والوضع قبلهما. وشرحنا كله على فكرة، كل هذا قد تم شرحه، لكننا... هنا في هذا القرآن الكريم، نعم هو فعلاً القرآن الكريم جُمِعَ. اتفق العلماء على أن ترتيب السور وترتيب الآيات داخل السور - أما الآيات داخل السور فمتفق عليها اتفاقاً يكفر منكره، وهذا ما يعرف بالتوقيف يا مولانا. التوقيف التام أصبح محل إجماع، كل الأمة تقول هو توقيف، معناه أنه منسوب نحن توقفنا عندما ترك الرسول، لكن لا يوجد أحد من الأمة - وهذا إجماع معلوم من الدين بالضرورة - أن هذه الآيات بذلك الترتيب لا يمكن التصرف فيها ولا الخلل فيها
أبداً. يقول الإمام النحاس: "ولو اجتمعت الجن والإنس على أن يعيدوه كما نزل ما استطاعوا". الله تعالى أنزله منجّماً وكان جبريل كلما أنزل آيةً اثنتي عشرة فإنه يقول له: "هذه موضعها بين كذا وكذا"، فيضعها النبي صلى الله عليه وسلم في موضعها ويجد أنه قد حفظها كما قلنا إنها منقوشة في صدره الشريف وفي قلبه المنيف صلى الله عليه وسلم أي صلاة وسلام، ثم عُرض هذا القرآن على جبريل. مرة كل رمضان ثم عرضه مرتين في آخر عرضه أو في آخر رمضان صامه النبي صلى الله عليه وسلم، وانتقل النبي إلى الرفيق الأعلى في ربيع الأول الأنور من السنة التي بعده، قرأه مرتين، ولذلك تجد بعض الناس في صلاة التراويح يقومون
به مرتين وبعضهم يقومون به مرة لأن كان النبي يعرض القرآن على النابتة، ويقول لك: أين دليلك؟ هم ليس لديهم أي فقه ولا يعرفون كيفية الاستنباط ولا الاستدلال ولا أي شيء. الدليل هو العرض، لأن النبي كان يختم القرآن مرة في كل رمضان، وفي العام الأخير ختمه مرتين. إذاً ها هو الدليل، فنريد أن نقتدي به، فنقتدي من صلاة التراويح والتهجد وما إلى ذلك، ويمكننا أن نختمه مرتين: أن نختمه بمفردنا ونختمه مع الإمام في المسجد، فنكون قد ختمناه مرتين في الشهر نفسه، وهكذا. المهم أن الأمة قد اتفقت اتفاقاً تاماً على أن هذه الآيات بترتيبها إنما هي من عند الله، ويكفر منكر ذلك، نعم يكفر منكرها. لنتوقف عند
هذه الجملة للحظة لأننا نعاني منها كثيراً. نعم، يُكفَّر من الممكن، لا يصح، لا يصح أن يعبث أحد بكتابنا، لا يصح أن يكون غير مسلم على الإطلاق. إذا كان لدى أحد نية أن يعبث، فنقول له: حسناً، لكن ستكون غير مسلم وستكون مسؤولاً عما ستفعله. هذا ليس قرآناً، هذا شيء جنوني منك. عِش حياتك! وما معنى "عِش حياتك"؟ يعني كن متبلداً هكذا دائماً؟ لأن هذا أجمع العلماء عليه سلفاً وخلفاً، شرقاً وغرباً، سنةً وشيعةً. الكل أجمع على هذا الكلام، لا يوجد مسلم يقول غير هذا الكلام. حسناً، ترتيب الصور إذن يا جماهير. العلماء على أن ترتيب السور أيضاً من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن مع هؤلاء الجماهير. طيب، أسماء السور إذاً، يعني هذه اسمها الفاتحة
وأحياناً نجدها الوافية الكافية الشافية. أسماء السور هذه يقول الإمام السيوطي: "وكلها من الأحاديث والآثار". يقول هكذا في الإتقان: "وكلها من الأحاديث والآثار ولولا..." لولا خوف الإطالة لبينت ذلك، يعني ذكر لك كل الأحاديث التي هي من المائة وأربعة عشر، أين هي؟ ونحن مع الإمام السيوطي لأنه هذا كلام الإمام الطبري قبل ذلك في التفسير. نحن مع الإمام الطبري ومع الإمام السيوطي. بعضهم قال - يعني - ربما الأسماء هذه، يعني الصحابة التي وضعها. الذي كذا، لا، هو، ما، أنت لست منتبهاً قليلاً هي أن هناك فرقاً في اللغة العربية بين الاسم والصفة. الاسم هو علم على الذات، والصفة معنى قائم بالذات. نعم، فالفاتحة هي
اسمها هكذا، مثلما حضرتك اسمك الأستاذ حسن، هل انتبهت؟ حسناً، والصفة هي أنك مقدم برنامج والله. أعلم هذه، طيب أنت هو، أنت هو ولكن هذه صفة بمعنى قائم بك، ليس فلاناً وعلاناً وتركاناً هم الذين يقدمون هذا، هو حسن الشاذلي هو الذي يقدم، فتكون هذه صفة بمعنى معنى قائم بالذات، فيكون هناك فرق بين الاسم والصفة، فالفاتحة هذا اسم الفاتحة، نعم ولكن. يقولون إن الشافية هي صفته الكافية، صفة الوافية، صفة الشفاء، صفة. وبعد ذلك يأتي شخص ويقول لي: أنا عندي كلمة أخرى لم تذكرها بعد. فأقول له: ما هو الركن؟ لأن الركن هو ماذا؟ الصلاة
صفة، فما هو الركن؟ إنه صفة، وهكذا. فتوجد أسماء بهذا الشكل تداولت باعتبارها صفة وليس وفي أسماءٌ لم تُذكَر بعد. وماذا أقصد بأسماء؟ لمَ لا أقول الصفات؟ إلا أن الصفة قد تحل محل الاسم، أتدرك؟ الصفة تحل محل الاسم، قد تحل محل الاسم بحيث إذا أطلقتها انصرف الذهن إليها. مثل أسماء الله الحسنى، نعم هو اسم الله، أما الرحمن فقال هذه صفة. طيب، والمؤمن قال: صفة؟ قال: طيب، والسلام والقوي والمهيمن والوهاب؟ قال له: هذه الصفات كلها. قال له: الله. طيب، فلماذا نقول أسماء الله الحسنى
وليس صفات الله الحسنى أو صفات الله العُلى؟ إلا أنك إذا أطلقتها ولكمال الصفة فيه انصرف الذهن إليها، وهذا انصراف الذهن. إليها من خصائص الأسماء فتحولت من كونها صفة لغوية إلى كونها اسماً عُرفياً، فنقول من الرحمن على الفور يقول ربنا. طيب من هو السلام؟ المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، المصور، الغفار، القهار. نعم، الله. أنت تقول الأسماء الحسنى، حسناً، كيف إذاً؟ أنتم الآن الذي عرّفكم أنها أسماء. قال لأنه إذا أُطلقت هذه الصفات العُلى انصرف الذهن إلى رب العالمين، فأصبحت من هذه الجهة - جهة انصراف
الذهن إليها - اسمها أسماء. فهذا الذي حصل في سورة التوبة، اسمها الفاضحة، أي الفاضحة هذه صفة، لكن هي اسمها التوبة أو براءة. هذه صفة لأول كلمة منها فقط لا تقول ألم التي ذُكرت فيها البقرة، لكنها تُسمى البقرة. حسناً، إذا جاء شخص آخر ليخترع لها اسماً جديداً ويقول لي: حسناً، والأحكام، سأسميها الأحكام لأن أحكامها كثيرة. أقول له: حسناً، سمِّها الأحكام، لكن هذا اسم من عندك أنت. هكذا، هذا وصف للأحكام، هذا وصف، فهذا هو الفرق بين الاسم. والصفو حينما سُئل إبراهيم بن أدهم عن الناس من هم فقال: "هم العلماء". فاصل ونعود إليكم. ابقوا معنا. أولاً بحضراتكم مولانا الإمام، هل بإمكاننا أن
نسأل السؤال التالي حول أسماء السور: هل تُعتبر أسماء السور بهذا الشكل توقيفية؟ جماهير العلماء وقلنا نحن معهم في هذا من أجل كلام الطبري. ومن أجل كلام واحد محقق ومدقق ومتتبع مثل السيوطي، ومن أجل أيضاً أبحاث الحديث التي تتبعت أسماء سور القرآن فوجدناها في الأحاديث والآثار بصورة تامة، فنحن مع من يقول إنها توقيفية كلها، وأن هذه السور وأسماءها كلها وإن تعددت هي منسوبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن سبب... التعدد أن هذه من قبيل الأسماء وهذه من قبيل الصفات، مثلاً يقول لك: "الإسراء، الإسراء، بنو إسرائيل". مرة اتصل به شخص وقال: "الحق، هذا في مصحف مطبوع
خطأ لأنه بني إسرائيل". لا، ليس خطأً ولا شيء، هذا وارد. في الكتب القديمة، وارد منذ الجيل الأول أن اسمها بنو. إسرائيل لأني أذكر فيها خبر بني إسرائيل، أو مثلاً التوبة اسمها الفاضحة، أو مثلاً هذه اسمها العقود لأنه ذُكر فيها "أوفوا بالعقود" في البداية. أتنتبه كيف؟ من أمثال هذا كثير. النحل مثلاً كانوا يسمونها قديماً النِعَم لأن فيها نِعَماً كثيرة بوفرة، فلما جاءت حكاية الاقتصاد الإسلامي وليس الاقتصاد الإسلامي. ليقول الجميع لك هذه صورة الاقتصاد الإسلامي. لماذا صورة الاقتصاد الإسلامي؟ لأنها ذُكرت فيها قضايا الموارد وقضايا التوزيع وقضايا الاستهلاك. وماذا وضعوا في الموارد؟
لابد من الأرض ورأس المال والعمل والتنظيم، هذه الأربعة الجديدة بعد آدم سميث. فقالوا: حسناً، هذه موجودة في النحل كلها، فسموها الاقتصاد الإسلامي. نعم هذا ليس وصفاً كذلك، وليس خاصاً بذلك، لكن بنو إسرائيل هؤلاء الذين في الإسراء، لا، هذه واردة هكذا. مثلاً الفاضحة، لا، هذه واردة أنها الفاضحة، النبي وصفها بأنها الفاضحة، يعني لها أصل ولها... بل لها أصل. إذاً توجد أشياء مثل تعدد الصور قد يكون لاختلاف الاسم والصفة وقد يكون... لأنها تشتمل على هذا المعنى، هل أنت منتبه؟ كيف؟ هذه مسألة أخرى. وقد يكون هذا الذي يشتمل عليه قد يكون في بعض الأحيان حادثاً ليس قديماً، ولكن أسماء السور التي نحن عليها هكذا هي توقيفية، وكلها فيها
أحاديث وآثار. حسناً، يعني فضيلتك دائماً كنت تخبرنا أن القرآن الكريم كالجملة الواحدة، عند هذا المعنى المهم جداً كيف أفهم معنى أن القرآن الكريم جملة واحدة؟ هو كلام النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينهانا أن نضرب بعض القرآن ببعض. نهى رسول الله أن نضرب بعض القرآن ببعض، أي لا نأتي بشيء ونأتي بشيء آخر ونقول انظر، هذا ضد هذا. سيسبب هكذا سوف تساوي هكذا، لا، تفعل ذلك. إن القرآن كالجملة الواحدة، ولذلك أوله كوسطه كمنتهاه، ولذلك فإن السياق والسباق واللحاق كل هذا يخدم المعنى. ولكن بعد أن تخرج به من المعنى إياك أن تفتقد
الشروط. نعم، هي القضية هكذا كالجملة الواحدة، أي أن كل ما فيه من توجيهات له. شروط هذه الشروط يجب أن تقرأ بعضها مع بعض. فعندك مثلاً قصة سيدنا إبراهيم "ما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة". فعندما تقرأ "سأستغفر لك ربي" وحدها، قد تظن أنه يجوز لك أن تستغفر ربك لمثل آزر. فإذا اتجهت إلى الناحية الأخرى، قال: لا، إياكم أن تستغفروا. إذاً، هل لا نستغفر، هذه كانت جملة واحدة. القضية كلها أن إبراهيم وعد أباه بالاستغفار، وهذا الوعد أراد أن يبره، نعم، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه، تبرأ منه،
نعم، وانتهى الأمر هكذا. هذه هي الجملة الواحدة، إليك الجملة الواحدة. فأنا يجب أن أقرأ القرآن كجملة واحدة، لا يأتي الشاب ويقول لي يا أخي ألا تملك أنت آية "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا"، فيأتي قائلاً: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم". أقول له: حسناً، وماذا بعد ذلك؟ قال: هذا يعني أن نقتله. حسناً، لقد أخطأت ثلاثة أخطاء، الخطأ الأول أنك حوّلت "وقاتلوا" إلى "واقتلوا"، والثاني أن الذي... ما تفعله ليس في سبيل الله، والأمر الثالث أن الناس الذين قتلتهم لم يقاتلوك، والأمر الرابع أنك لم تكمل الآية "ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين"، ثم إنني أقرأها في ظل بسم الله الرحمن الرحيم، وأقرأها في ظل أن القرآن جملة واحدة متكاملة. أتأتي لتأخذ
لي كلمة وتطير بها. ولذلك عندما سُئل ابن عباس عن "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، وعن القاضي الذي يحكم بغير ما أنزل الله لرشوة أخذها، ماذا قال ابن عباس؟ قال: لا، هذا كفر لا يُخرج عن الملة. نعم، هذا كفر دون كفر، يعني كفر يعني كأننا نكفر بالنعمة التي أعطاها ربنا، فأنت قد منحك الله سلطة القضاء، وهذا القاضي له سلطة عند الله وعند الناس، وأعطاك هذه المكانة ووجاهتها في الدنيا، ثم تذهب أنت لتضيعها برشوة دنيئة لا أساس لها، فيكون ذلك كفراً بالنعمة. والنساء يقلن للنبي: أنا... كفر أنا كفر يكفرن بالله يا رسول الله قال لا تكفر العشير ففي كفر نعمة وفي كفر عشير وفي كفر دون كفر
وفي كفر خارج عن الملة. فعندما تأتي حضرتك لتفسير القرآن، فسره على درجاته، وليس أن تفسره حسب هواك أنت وتقويمك الخاطئ. أنت يا أخي، نحن نستمع الآن. الجماعة يعني نرى أحياناً هكذا ننقلب هكذا أن الناس وجوههم كلها ظلام وهم يتكلمون، والأطفال هؤلاء يتكلمون يا عيني لا تعرف ماذا تقول، خلاص أفلسوا ويضعون عنواناً تحت اليوتيوب وهكذا أن فلاناً يرد على المصري، فلان يرد على عصام، حسناً نأتي لنستمع، هراء أجل، أين المكان الذي أنا سأكون معك فيه شرعاً؟ أين الخبر المثير للجدل الذي يتحدثون عنه في الصحافة؟ أين هو هنا؟ نعم، أين هو؟ لا يوجد، لا يوجد. الله! حسناً، لقد أضعت مني الآن ربع ساعة. سأنتقل إلى الشخص الآخر لربع ساعة أخرى. الله يخرب بيوتكم!
ها هم قد نالوا أن ربنا سيخرب بيوتهم، يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين. العملية المباركة، سدد الله رميهم في سيناء. في سيناء كانوا ثمانية عشر. ألحقونا، هذه سنة ضاعت، سنة ضاعت أم سنة استُردت؟ يا أبناء كذا وكذا يعني الحقيقة هذا هو معنى القرآن جملة واحدة. علتهم أنهم "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض". فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزيٌ في الحياة الدنيا، يُقبض عليهم ويُرمَون في السجون بسبب خيانتهم، وتصدر ضدهم أحكام الخيانة العظمى، ويُفسدون في الأرض، ويكرههم الناس، وينكشفون أمام الخلق. لهم خزيٌ في الحياة الدنيا، ويوم القيامة يُردّون إلى أشد العذاب، وما الله بغافلٍ عما تعملون. هذا ما يحدث. الجملة الواحدة
معناها أن نطبق هذه الآية وألا نجزئ القرآن، فنأخذ من تفسيرنا لها على هوانا ونترك بقية الأحكام. الله سبحانه وتعالى جعل القرآن آيات مبينة، يعني لا تحتاج إلى هذا الحمق العميق الذي يفعله هؤلاء، يضلون به الناس ويشوهون الإسلام في الداخل والخارج، فحسبنا الله ونعم الوكيل إن الأمر دين فانظروا عمن تأخذون دينكم. فاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم. مولانا الإمام، اسمح لي في هذا السؤال: دائماً هناك ما يسمى بالسور المدنية والسور المكية، هل العبرة هنا بالسور أو القرآن الذي نزل قبل الهجرة أم بعد الهجرة، أم
أن موطن النزول هو العبرة في الحكمة أو... التسمية بهذا الشكل، الإمام الزركشي في البرهان والسيوطي في الإتقان، يقولون أن هناك ثلاثة مذاهب في هذا الأمر في التسمية: مذهب مكاني، ومذهب زماني، ومذهب موضوعي. المذهب المكاني يعني ما نزل بمكة كان مكياً وما نزل بالمدينة كان مدنياً. قال: "حسناً، لنفترض أن شيئاً نزل في الطريق". نعم، أو في... رحلة من الرحلات ليست في مكة ولا في المدينة، ماذا نفعل؟ لنفترض أننا الآن في مكة والمدينة على الأرض، ولنفترض أنه نزل في السماء أثناء المعراج، إذن ماذا نسميه؟ أرضي وسماوي وما إلى ذلك؟ فلنبق مع عامل الزمن، فهذا
أفضل للخروج من هذه الورطة، فقالوا: حسناً، فليكن قبل الهجرة وبعدها. الهجرة، حسناً، قبل الهجرة وحتى وصوله إلى المدينة، كل هذا يُسمى مكي. وبعد الهجرة، أي عندما وصل إلى قباء، كل هذا سنسميه مدني، سواء أكان هنا أم في تبوك أم في مؤتة أم في مكة أم في غيرها. هو تقسيم زمني، إذاً هذا التقسيم الزمني سيخلصنا من المشكلة. تعدد الأماكن الأرضية والسماوية وهكذا إلى آخره، والثالث كان موضوعي، قال: لنرَ ماذا يقول الخطاب عندما يقول مثلاً "يا أيها الناس" فهذا في مكة، و"يا أيها المؤمنون" أو "يا أيها الذين آمنوا" فهذا في المدينة. حسناً، لنفترض أن هناك آيات تقول "يا أيها الناس" وهي في المدينة، و"يا أيها"... الذين آمنوا وهي في مكة، فيبقى الموضوع لا
يسير هنا، فلا الموضوعي راضٍ أن يمشي ولا المكاني راضٍ أن يمشي. لكن المذاهب قالت، قالوا: "طيب، فلنعتمد على الزمان حتى يكون الزمان محدداً". وصول سيدنا النبي إلى قباء على مفارقة ما قبله يُعتبر مكياً وما بعده يُعتبر مدنياً، وساروا على ذلك. هكذا مولانا، يعني هل في هذه التفرقة ما يخص فكرة التشريع وفهم القرآن الكريم بهذا التوصيف؟ لا، هذه محاولة من المسلمين لجمع كل المعلومات فيما يخص كتابهم. جمع المسلمون كل ما يتعلق بأسباب النزول التي سميناها أحداث النزول، وجمع المسلمون كل ما يتعلق بما قيل أن هذه الآية. قد نسخت شيئاً آخر فيما
أسموه النسخ والمنسوخ. جمع المسلمون كل ما قيل في الأشعار التي تخدم ألفاً وثمانمائة وعشرين جذراً لغوياً موجودين في القرآن. فيه ثلاثمائة وخمسة وسبعين ألف حرف وزيادة، وفيه ستة وستين ألف كلمة وزيادة، وفيه ستة آلاف ومائتين وستة وثلاثين. ماذا؟ وفيه مائة وأربعة عشر سورة، مائة وأربعة عشر سورة، لكن أيضاً الجذور اللغوية التي استُعملت ألف وثمانمائة وعشرة، عندما نستبعد منهم كلمة مثل إبراهيم وإسماعيل التي هي الأعلام، يصبحون ألفاً وسبعمائة وتسعين، هذه هي الجذور. فأين هذا الكلام في لغة العرب؟ كل هذا حرص المسلمون عليه. إدراكه،
فكان من حرصهم على إدراكه أين نزلت هذه الآيات: هل نزلت في السفر أم في الحضر؟ هل نزلت في الصيف أم في الشتاء؟ هل نزلت في السماء أم في الأرض؟ وقد سمّوها بالسماوي والأرضي والصيفي والشتوي وما إلى ذلك. فكانت كل هذه التسميات محاولة منهم للإدراك العميق لكل ما بالقرآن الكريم حتى يتيح لك التفكر والتدبر ويعينك على الفهم العميق لكتاب الله. إذاً، لم يفت علماءنا أن يضعوا مناهج علمية حقيقية وقواعد تتكرر كما أشرتم فضيلتكم، قابلة للتكرار وقابلة لأن يأتي كل جيل من الأجيال يقف عندها كبداية أو كحلقة يستكمل من بعدها يا مولانا العلم. لا يعرف الكلمة الأخيرة، ومع المحبرة إلى المقبرة، والعلم من المهد إلى اللحد، وهذا
هو المقرر عند المسلمين أن العلوم مفتوحة إلى يوم الدين، وكم ترك الأول للآخر. اسمح لي مولانا الإمام، أعني دعنا نجيب أو نقرأ إجابات بعض السادة المشاهدين حول سؤالنا: برأيك لماذا سُمِّي كتاب الله بالقرآن الكريم، تقول هالة الديب: أنزل الله تعالى الكتاب وسمَّاه القرآن لدوام وتكرار قراءته، وهو كريم لما فيه من هدى وتعاليم وإعجاز ورحمة للناس، فهو منهاج حياة وطريق مستقيم للآخرة. يقول الأستاذ مجدي زهران: القرآن من القراءة أي الجمع، أو من القرن أي الاقتران، أو ليس له أصل جذري لغوي، وهو كريم مبين وعظيم ويهدي وشفاء ورحمة وغير ذي عوج ومجيد. السيد سعيد جميل يقول لأنه يكرم كل من قرأه. الأستاذة
نسرين تقول سُمّي بالقرآن لأن أول ما نزل على سيدنا محمد "اقرأ باسم ربك الذي خلق"، ولأنه يُقرأ ويُتلى، وهو كريم لأنه كائن حي خلقه الله. لنأتِ إلى هذه النقطة. إذاً ونقف الآن لكي يصحح لنا مولانا هذه الجملة، أي أنه يوجد شيء يُسمى مجازاً. المجاز هنا كأنها تشبه، يعني كأنه كائن حي، وبعد ذلك سقطت الكاف أيضاً، والمجاز يحتمل ذلك. نعم، فهو كائن حي، أي كأنه كائن حي. هل انتبهت؟ عندما يقول لك: أنت بدر، أنت نور. نعم، أنت. مصباح السر يا حبيبي يا رسول، فأنت كالبدر أو كالنور أو كذا إلى آخره، وهذه من التشبيه البليغ الذي ما سقطت فيه أداة التشبيه، غير موجودة،
هذا التشبيه غير موجود. أنت كالبدر، أنت بدر، هذا ليس بدراً، ليس مجرد ذلك، بل أنت أيضاً بدر. أنت نفسك فيكون هذا هو ربما هو صحيح الكلام الخاص بها وتخريجًا على التشبيه البليغ في واقع الأمر عندما تجلس بين يدي العلماء الحقيقيين بين يدي العلماء الربانيين تقول بملء فمك كل من تعلم شيئًا تعلمت شيئًا وغابت عنك أشياء كل من يدعي في العلم فلسفة تعلمت شيئًا وغابت عنك مولانا الإمام شكر الله لكم ورضي الله عنكم دائماً. شكراً لكم وإلى لقائكم. كنتم في رعاية
الله وأمنه. إلى اللقاء.