والله أعلم | فضيلة د.علي جمعة يوضح أسباب التفكك الأسري .. و كيفية معالجته ؟ | الحلقة الكاملة

بسم الله الرحمن الرحيم وقل رب زدني علماً يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين افتح علينا فتوح العارفين بك. وأهلاً بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامج والله أعلم، لنسعد بصحبة صاحب الفضيلة مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة وشخصيات كبار العلماء بالأزهر الشريف، لنتحدث معه في... هذه الحلقة عن قضية هامة وقضية محورية وهي الأسرة، كيف تكون هذه الأسرة سعيدة من خلال ما نسميه دائماً بهذا الترابط الأسري الذي
أصبح يعاني من ضعف كبير، وأصبح المشهد واضحاً بشكل كبير أن كل فرد من أفراد الأسرة في الغالب العام أو في مجموع هذه المشاهد يعيش في جزيرة. منعزلة عن الآخرين في الأسرة الواحدة، ما الأسباب التي أدت إلى هذا الخلل وإلى ضعف الترابط الأسري؟ اسمحوا لي أن ألقي بكل هذه الأسئلة على فضيلة الإمام مولانا الدكتور علي جمعة. أهلاً بفضيلتكم، أهلاً وسهلاً بكم. مرحباً مولانا، الترابط الأسري عندما نفهم معناه في البداية، بالتأكيد سنعرف أسباب الخلل الذي... حدث بعد ذلك في هذا الترابط ما هو المفهوم الحقيقي للترابط الأسري. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه صلى الله عليه وسلم. تحدث في المجتمعات تغيرات جذرية وعلماء الاجتماع البشري يعالجون هذا ويبحثون عن الأسباب ويتأملون
ويتدبرون ما حولهم من هذه الظاهرة حدثت قبل ذلك في أوروبا، قضية الهجرة من الريف إلى المدن، وهي القضية التي سببت العشوائيات حول لندن وباريس، وغرب أوروبا كله كان يعاني من مشكلة العشوائيات. وبدأ الأدب في القرن التاسع عشر يتحدث عن شعور ذلك الذي يعيش في العشوائيات، ويتحدث أيضاً عن تفكك الروابط الأسرية وكيف. إنها ذهبت مع الريح، حتى أن هناك رواية بهذا الاسم تتحدث عن الصراع بين الجنوب والشمال الأمريكي وتُسمى "ذهب مع الريح". يقصدون بها أشياء كثيرة، من ضمنها الترابط الأصلي، ومن
ضمنها الأصول التي كانت تقوم عليها الأسرة، ومن ضمنها العلاقات الاجتماعية بين الغني والفقير، وبين الحاكم والمحكوم، وبين القائد والمخدوم. وبين الأستاذ والتلميذ وبين أطراف المجتمع المختلفة حدث لها تغيير، ثم إن هذا التغيير يحدث في كل حين ويأتي بجيل جديد يحتاج منا أن نبحث في أسبابه. فها نحن نعيش الآن في بدايات القرن الواحد والعشرين، وقد انقضى منه عقد، والعقد الثاني على وشك الانتهاء، ونحن في هذا الخُمس الأول. من القرن الواحد والعشرين، ما الأسباب التي تجعل الأسرة في روابطها تتفكك وتتفكك بهذه القسوة في بعض الأحيان لدرجة
أننا قد لا نستوعب -وقد تربينا على مبادئ معينة وقيم معينة- ما يرغبه أبناؤنا أو يفعله أحفادنا؟ فأنا أُرجع هذا إلى عدة أسباب، السبب الأول في مصر ونحن نتحدث عنها بالأساس. باعتبارها أنها تمثل تمثيلاً دقيقاً المنطقة بأكملها تمثل السودان وليبيا وسوريا والشام والعراق تماماً حولها في هذا المجال. فمصر المشكلة التي تعاني منها هي زيادة السكان، وزيادة السكان تسبب بلا شك تفكك وذوبان الروابط الأسرية وتجعلها بهذه
الأوضاع التي نشكو منها جميعاً. زيادة السكان يترتب عليها أمر خطير من... ماذا يعني عدم الضبط الاجتماعي؟ قارن بين قرية محدودة السكان يعرف السكان بعضهم بعضاً. كان قديماً الناس يعرفون من يأتي إلى المسجد، وكانوا يفتقدون من يحضر إلى المسجد في صلاة الفجر، فيذهبون إليه ليطمئنوا عليه إذا غاب. إذا غاب شخص، فلا بد أنه مريض أو لديه مشكلة. هذا الترابط يُعَدُّ من أنواع التدخل فيما لا يعنيك أنك تذهب لتسأل عن صديقك أو حبيبك أو صاحبك أو رفيقك الذي يأتي ليصلي صلاة الجماعة في المسجد، فكأنه يريد أن يقول لك: "وما شأنك أيها المتطفل؟ لماذا تأتي إلي؟ أنت
تتجسس علي". فتحول المعروف منكراً وتحول المنكر معروفاً، وأصبح هناك عدم في القلوب. لم تعد تعمل، لم يعد القلب يعمل ويخاف ويحزن ويفرح. هذه الحياة التي نراها في الأفلام بالأسود والأبيض في الحارة المصرية لم تعد موجودة. ما السبب في هذا؟ كثرة السكان فقلة الضبط الاجتماعي. لا يوجد شيء، أنا كنت أدخل البيت والناس لا يعرفون لماذا أدخل ومتى أدخل ومن أنا. الذي في هذا البيت وسأخرج متى وخرجت متى وخرجت كيف وإلى آخره، كانت هناك قوانين للاجتماع البشري وقوانين لقضايا المودة والحب وقوانين لقضايا
العيب والخطأ والأصول وغير الأصول كانت الناس تعيش فيها. الآن سيروا في الشارع، لا أعرف إن كان يعرفني ولا أعرف أنا ماذا أفعل، وأيضاً هو لا يريد. يعرفني ولا أنا أعرفه فانفرط الحال فانفرطت الأسرة مع هذا الانفراط لأن الولد خرج فذهب إلى المدرسة أو ذهب إلى النادي أو ذهب حتى إلى المسجد فوجد نفس الشعور العام أن أحداً لا يهتم بأحد وأن أحداً لا يريد أن يكون في صحبة أحد وكلما ازدادت الفردية ازدادت العزة بمعنى ما هي الفردية يا مولانا؟ تعني أنني أريد أن أعيش وحدي، ولا دخل لي بغيري ولا دخل لغيري بي. لا، ليست هذه هي القضية، هذا هو
التسيب. لكن المقصود أن لا تتدخل في شؤوني، لماذا ستتدخل في أموري؟ دعني أعيش كما أريد، وأن أفعل ما أشاء. والآخر يقول له: اتركه دعه يفعل ما يريد بغض النظر عن منظومة القيم، عن الحلال والحرام، عن الدنيا والآخرة، عن العواقب والمآلات. إنني لو تركتك تعيش كما شئت فإنك ستتبع الشهوات والرغبات. لو تركتك تعيش كما شئت فإن هذا يحتاج أن تكون عالماً بأشياء كثيرة جداً أنت لست عالماً بها، فأنت ترفض. خبرة الآخرين وخبرة الأجيال السابقة، ولذلك فإن ضعف الرقابة المجتمعية يمثل أحد الأسباب الرئيسية لذوبان الروابط
الاجتماعية في الأسرة. كذلك السكن في الجوار، ماذا يعني السكن في الجوار؟ يعني أننا أصبحنا وكأننا في عالم واحد وفي قرية واحدة بناءً على تطور رهيب في الاتصالات والمواصلات والتقنيات الحديثة. هذا... التطور الهائل في ذلك المثلث المخيف جعلنا نعيش في اليابان وفي أمريكا في غرف نومنا، أي أننا ونحن نائمون نشغل الشاشة أو جهاز العرض أو التلفاز ونجلس نشاهد أمريكا ونشاهد اليابان ونشاهد الحدث وهو يقع. لقد شاهدنا بأعيننا الطائرتين اللتين استهدفتا البرج في الحادي عشر من سبتمبر وهما
تدخلان. وجالسين يتصورون وأهل أمريكا ما زالوا نائمين في عام ألفين وواحد، أي منذ خمسة عشر عامًا، وكان حينها ما زال العالم لم يتطور إلى هذا التطور الرهيب الذي هو عليه الآن في الاتصالات والمواصلات والتقنيات الحديثة. هذه الثلاثة [أمور] بعدما اكتشفنا الكهرباء، بعدما اكتشفنا الهاتف، بعدما اكتشفنا الراديو والتلفزيون والسينما بعد أن اكتشفنا النتو، وبعد كل ذلك اكتشف الإنسان من ألف وثمانمئة وثلاثين إلى ألف وتسعمئة وثلاثين، وفي هذه المائة سنة اكتشف كل شيء، فغيّر برنامج الإنسان اليومي بما فيها العلاقات الأسرية، وعلى رأسها العلاقات الأسرية، فأصبحنا في الجوار أصبحنا نعيش مع بعضنا. أصبح كل فعل موجود في مصر يؤثر على الألمان، وكل ما يحدث
في ضواحي باريس يؤثر على مصر. لم يكن الأمر بهذه الحدة في الماضي. وعندما دخل الحديد في صناعة السفن سنة ألف وثمانمائة وثلاثين، كان حدثاً كبيراً جداً لأنه غيّر من كيفية النقل واللوجستيات في العالم، لكننا الآن نحن نتغير مرة كل عشر سنوات لنصل إلى هذه الحالة من الانفراط والإفلاس التي يعيشها الإنسان عامة وفي مصر أيضاً. يعني ربما لم تكن هذه الحدود عائقاً لتدفق هذه المعلومات، بل أصبح الآن الإنسان يعيش في متر مربع ويتعرف على العالم كله. هل هناك أسباب أخرى لهذا الخلل كالظروف الحياة سنجيب على هذه التساؤلات
بعد قليل، ابقوا معنا. يقول لك إنه يرى أن الترابط الأسري اختلف عن زمان، ونعم لقد اختلف كثيراً جداً، ليس بشكل عادي. فقد كان الذي يربط الأسرة هو الأم والأب، فإذا توفيت الأم أو توفي الأب انتهى الأمر. كان قديماً في الترابط الأسري يوجد المحبة، يجمعون الأسر. هؤلاء الناس ماتوا، أي توفوا. فبدأ الأولاد لم يعودوا كما كانوا من قبل. أنا والدي كان يومياً يأتي ويجلس معي، يتحدث معي ويتحدث مع إخوتي: "كيف حالكم؟ ما أخباركم؟". الآن الأب من الممكن ألا يدخل ليرى أبناءه، قد لا يراهم أصلاً لمدة أسبوع. أفراد الأسرة لا تتواصل الآن مشغولون، تجد كل واحد ممسكاً بجهازه ولا أحد ينظر للحظة، ولم يعد هناك أي ترابط على الإطلاق. حتى عندما يخرجون أو يذهبون إلى أي مكان، يبقى هذا هو نفس الموضوع. كل سؤال: "حسناً، هذا الكلام
من زمان، الترابط الأسري كان موجوداً قديماً عند الفلاحين، هل بقي بإمكاننا أن نعيد الترابط ماذا نفعل؟ أولاً: نعود لديننا. ثانياً: نعود لعاداتنا وتقاليدنا وأخلاقياتنا التي كانت منذ عشرين سنة. كان من المفترض أن يكون هناك، يعني، شيء في الدين نتعلمه. حتى الأطفال الصغار يتعلمون منذ صغرهم كيف تكون هناك محبة في الأسرة، وترابط، وأن أسلم على خالي وخالتي وأحترمهما، وأن يكون هناك احترام. وللمدارس أيضًا دور، على الأقل أن نجتمع كل عشرة أو خمسة عشر يومًا مع كل العائلة، بغض النظر عن وجود مناسبة أم لا. الترابط يعني التواجد والقيام بالمهام، فالتواجد يعني أن الأب والأم موجودان باستمرار، والقيام بالمهام يعني أن كل واحد منهم يؤدي دوره تجاه الآخرين. الأولاد وتجاه الآخر لأن أساس الترابط الأسري أو التفكك الأسري هو فشل العلاقة ما بين الزوج والزوجة أو الرجل والمرأة، هذا هو الأساس، ولذلك تكون الضحية هنا هي الأسرة بأكملها وخصوصاً الأولاد.
عمل المرأة وخروجها خارج البيت يؤدي بالتأكيد إلى التقصير في دورها داخل البيت، وهذا مما لا شك فيه. والرجل أيضاً، أنا لا أقول فقط المرأة حتى لا تفهم بعض النساء أننا منحازون للرجال. الرجل عندما يخرج خارج البيت، بمعنى أنه أنهى عمله وعاد، إذا خرج من الخارج إلى الخارج وجلس مع أصدقائه خارجاً، أو جلس في اجتماعات أخرى في العمل بعد ساعات العمل، ماذا سيحدث؟ سيغيب عن دوره في البيت، نعم، وبالتالي يكون أيضاً هنا قد فهم دوره داخل البيت بشكل خاطئ. فغياب أحد الطرفين سواء كان بسبب العمل أو بغير سبب العمل، هو في النهاية يؤدي إلى التفكك الأسري. الأمراض التي نراها في المجتمع حالياً شيء مخيف، أساسها التفكك الأسري أو عدم القيام من الأب والأم أدوارهما الحقيقية والأساسية هي عدم الغياب داخل البيت وداخل الأسرة. الحل الأساسي هنا يستوجب التوعية وتغيير الثقافة. الدولة لها دور، نعم الدولة لها دور في المناهج الدراسية، وفي إبراز
قيمة الأسرة وقيمة التواجد. مرة أخرى، طبعاً الخطاب الديني مهم جداً سواء في الجامع أو في الكنيسة لأن هذا هو الذي يُرجع الناس لتعمل وتُحب بعضها، هو الذي يُقلل حدة الفردانية المنتشرة حالياً. هذا من الأشياء المهمة جداً كما قلت لحضرتك. البرامج التثقيفية في الإعلام لها دور مهم جداً أيضاً، لكن يمكن أن تكون هناك توجيهات من الدولة لهذا الأمر. آية حسين سي بي سي، أهلاً بكم أستاذ. أذكر على صفحة الفيسبوك: ما سبب ضعف الترابط الأسري مولانا الإمام؟ يمكن بعض الإجابات من السادة الذين كانوا في التقرير حول الخلل كله أرجعوه للزمن، وأنه قديماً كان موجوداً ولكن الآن لا، لأن الناس الذين كانوا يعرفون الأصول غير موجودين الآن. ما تعليق فضيلتكم؟ قديماً لم تكن موجودة كل هذه
الملهيات. الذي نعيش فيه الآن يتزايد، لم يكن هناك واتساب وفيسبوك وتويتر وأشياء كثيرة تظهر كل فترة، هذا انستجرام وذاك لا أعرف ماذا وهكذا، ومئات القنوات بل آلاف القنوات، لأن الآن حتى القمر الصناعي يأتي بألف وخمسمائة، هذا أبسط قمر صناعي يعني، فعدد المواقع الموجودة على الإنترنت في العالم تجاوز الأربعة عشر ملياراً، ونحن جميعاً في الأصل سبعة مليارات. قل أصبحنا سبعة، فمعنى ذلك أن كل شخص لديه موقعان في الواقع. حسناً، والأطفال الفقراء في إفريقيا وأولئك الذين لا يجدون ما يأكلون في تسونامي أو
في حالات الكوارث الطبيعية التي تضربهم، الله! إذاً كل شخص له أربعة. وخمسة أيضاً لكي يصنع هذا الرقم الهائل، ولكن الذي حدث هكذا أنه كما يقولون إن الاتصالات والمواصلات والتقنيات الحديثة أثرت في الناس وشغلتهم، ووجدت هناك ما يشغلهم. هناك صورة معبرة نُشرت عن أن العائلة كلها ذهبت لزيارة الجدة، لكن كل واحد ممسك بهاتف الآيفون الخاص به جالساً يلعب فيه وهي ينظرون بذهول، هذه الصورة معبرة أنه حتى لو جاؤوا وحتى لو زاروا وحتى لو أحبوا، فإن كل واحد في انفراده، نعم، والدكتور قال كلمة الانفراد، نعم لأننا قمنا بترجمتها من علماء الاجتماع بمصطلح الفردية، أي أنني أعيش وحدي، لا
أحد له شأن بي، فدعوني أفعل ما أريد ودعوني. أخوض تجربتي كما أشاء بينما عندما نتركه يخوض تجربته يبكي في النهاية ويأتي بمشاكل، لكن عليه أن يتحمل. هذه هي المصيبة التي ستذوب معها النصيحة، وسيذوب معها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسيذوب معها الترابط الأسري، وسيذوب معها وهكذا. لن تكون موجودة هذه الأشياء يا مولانا، هكذا هي بالشكل. هذا سيذوب جداً، يعني نحن مثلاً نبذل مجهوداً كبيراً لكي نجمع أولادنا يوم الجمعة لنفطر معاً، أتفهم ذلك؟ لكن في الماضي، كانت الأسرة تتناول الغداء معاً بالضرورة، وكان للغداء موعد محدد. كان الأمر مختلفاً تماماً، فالغداء له موعد، وهذا
الموعد ليس فقط عند الأغنياء. كان لهم أوضاع معينة، فكانت درجة حرارة الغرفة لا بد أن تكون كدرجة حرارة الماء، يعني المياه تكون درجة حرارتها مساوية لدرجة حرارة الغرفة. وفي الساعة، إذا كنا سنتغدى الساعة الثالثة، فالساعة تدق ثلاث دقات، وعلينا جميعاً أن نكون على المائدة الآن. لأن هناك إمكانية للاتصالات، أذهب من شرق المدينة لها ساعتان ولذلك أصبح يوم الإنسان مثقلاً، ولذلك أصبحت قضية الترابط الأسري تأتي بعد ذلك إلى أن قالوا إن الدنيا مليئة بالملاهي فتركوها كما هي. فلماذا يقول
الحكماء هذه الحكاية؟ لأننا منشغلون عن الترابط الأسري بالمنافع والمصالح والأموال والسعي على الرزق وما إلى ذلك، فالحقيقة أنها مشكلة. ليست القضية أن نعود إلى ديننا، بل إن جزءاً من هذه المشكلة هو جهلنا بديننا، وجزء من هذه المشكلة انهيار المنظومة الأخلاقية. لكن حتى لو عادت المنظومة الأخلاقية، وحتى لو كان كل واحد منا من علماء الدين وفقهائه، أيضاً ستظل هذه القضية كما هي، لماذا؟ لأن البرنامج اليومي للإنسان. اختلف فتشوّشت وارتبكت، وثقل علي الأمر. أنا الآن جالس، وكنت أنهي الدكتوراه، فتلقيت هاتفاً من
والدي يقول لي: "يا علي، أنا متعب"، وهو على بعد مائة كيلومتر من القاهرة. قلت له: "سأكون عندك حالاً"، لأن هناك هاتف فهناك اتصال. نعم، لأن معي سيارة، فأنا قادر على أن... أذهب إليه حالاً فنزلت وركبت السيارة وحتى صليت الفجر في الطريق. وصلت إليه في خلال ساعتين، وجدته متعباً فذهبت به إلى المستشفى في القاهرة في ساعتين أخرى. كانت الساعة السابعة صباحاً وهو كان في المستشفى. أتنتبه؟ هذا في مرض مميت، دخل المستشفى ومات، فأنا أتأمل هكذا. أقول سبحان الله، انظر إلى القدر كيف أراد له هذا الترتيب. انظر إلى هذا القدر، ما كان يمكن أن يحدث
لو أنه لا يوجد هاتف ولا توجد سيارة ولا توجد هذه الأشياء كلها. ماذا كان سيحصل؟ كانت ستحصل الوفاة، فهم "لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون". لقد مات. بعد ستة وثلاثين ساعة من هذا، كانت ستة وثلاثين ساعة سيموت خلالها، لكنه سيموت في بني سويف وليس هنا. وسيصلني الخبر بعدها بيومين أو ثلاثة، فترة وصول الخبر إلى القاهرة، وفترة ذهابي إليه في يوم، لأنها أكثر من مسافة قصيرة، فكانت تستغرق يومين سيراً على الأقدام، لكن هذا كله... هذا اختُزِل في أربع ساعات، فإذا كان الإمام النووي يسكن على بُعد ستين كيلومتراً من والديه في نوى، كان لديه وقت ليُنجز ويكتب ويعمل وما إلى ذلك. لكن لو كان الإمام النووي يملك هاتفاً، وكانت أمه تطمئن عليه، وخالته
تسأل عنه، ووالده يقول له: كيف حالك يا إمام؟ النووي وكذا أصبح مشغولاً أصبح مشغولاً، فنحن هذه الأشياء يقول لك يسَّرت الحياة، لا هي خففت من الألم الجسدي أو من المجهود الجسدي، عندما لم يكن هناك ألم ولا شيء، هذا كله مجهود، ولكنها ماذا؟ ولكنها ضيعت في المقابل أشياء كثيرة من ضمنها الترابط الأسري. فهذه البحوث، يعني البحث يكون أما الأسباب الحقيقية، فحكاية أننا جاهلون بديننا أو أننا تركنا منظومة قيمنا أو أننا أصبحنا نعاني في الحالة الاقتصادية وأمور اقتصادية أخرى... فالصحابة الكرام كانوا فقراء، وكانت روايات الفقر وروايات الصبر على الفقر وغيرها روايات كثيرة وشديدة، ومع ذلك كان هؤلاء الفقراء بينهم
ترابط أسري. إذاً... حكاية الاقتصاد ليس لي علاقة بها لأننا في وضع جيد، نحن في خير، وانظر إلى البلاد المحيطة بنا، نحن في خير عميق والحمد لله. إذاً، ليست هي التي تغيرت، بل التقنيات والمواصلات والاتصالات وزيادة السكان. لم يحدث أبداً أن محمد علي باشا عندما جاء كان عدد السكان مليونين ونصف، واليوم هذا ما يزيد عن المائة مليون، فالازدحام يُقلل من الضبط الاجتماعي ويُقلل من رغبة الإنسان في المودة وفي أن يعيش كإنسان وفي أن يسأل عليه أحد. هل تلاحظ كيف أن الإنسان يحتاج إلى من يحبه؟ يذهب ويقول: "الله، أنتم تتكالبون عليّ، اتركوني في حالي". وهكذا تصبح
الفردية وكل هذه الأشياء، نحن أصبحنا في الجوار جالسين نستمع للشرق ونستمع للغرب، ويحدث من كل ذلك هذا البلاء الذي نعيش فيه، والأسرة مصابة بمصيبة عظيمة أنها تتحطم. لن يكون ذلك جيداً لا لأنفسنا ولا للمجتمع البشري. مولانا الإمام، ربما أشارت فضيلتك إلى نقطة مهمة نبني عليها المشكلة كلها، وكلها تجلت لها الزحمة التي الزيادة السكانية التي يصاحبها عدم ضبط المجتمع، هل هذا هو الذي جعل أيضاً أن الأب يعمل وظيفتين، وأن الأم تخرج للعمل، وأن الأولاد لا يجدون الأب والأم في المشهد بصورة كبيرة، فحدث نوع من التفكك الأسري وعدم الترابط؟ دعني أقول لك شيئاً، في الماضي كانت الأسرة التي لديها ثلاجة... من أغنى الأغنياء حقاً،
وكان لدينا في البيت المصري شيء اسمه "النملية" حقاً، وهذه النملية يحفظون فيها الطعام، فعندما يحفظون فيها الطعام، لا يفسد في اليوم التالي. أما اليوم، ومع التلوث الناشئ من عوادم السيارات وعوادم المصانع وعوادم غيرها، إلى آخره، كل هذا يُعتبر تطوراً وإتصالات ومواصلات. إذا بقي طعامي حتى اليوم التالي فسيفسد، لذا أحتاج إلى ثلاجة. يعني يجب أن يمتلك أفقر الفقراء ثلاجة. أتعرف لماذا؟ لأن الطعام يُحفظ ليوم واحد فقط، لليلة واحدة فقط. فمعنى ليلة أو ليلتين لا يعني أنه غير قابل للحد الأدنى، وإنما يجب أن تكون لديه ثلاجة. اليوم في مدينة بها... خمسة وعشرون
مليون إنسان مثل القاهرة، لا بد أن يكون لدى المرء وسيلة مواصلات لأنه لن يصلح أنك... فإذا كان هذا يقول لك: "الشيء لزوم الشيء، لزوم الشيء"، فقد ارتفع مستوى المعيشة بحيث أصبح الإنسان يخرج من عمله ليدخل في عمل آخر وعمل ثالث لكي يستطيع توفير متطلبات الحياة، كان من الممكن أن يكتفي، والآن ليس مكتفياً، وليس مكتفياً ليس طمعاً، بل ليس مكتفياً لأن مقتضيات الحياة هكذا. لكن الغريب العجيب أن من لديه خمسة أو ستة أطفال، يتساءل الناس: "لماذا أنجبت خمسة؟ ولماذا أنجبت ستة؟ لقد ارتكبت جريمة". فيرد: "أصلكم لم تخبرونا". وكأن صوت المجتمع المصري قد بُحَّ ضبط الناس من عهد عبد الناصر إلى الآن ثم يقول لك: "أنتم لم تخبرونا". لا،
أنت تحب الأولاد وتحب الإثارة واللهو، ثم بعد ذلك أنت غير قادر على رعايتهم أو القيام بمسؤوليتك تجاههم. زيادة السكان بلاء بعد بلاء، ويجب علينا أن ننتبه إلى كل مشكلاتنا الاجتماعية. إلى هذا السرطان ونبه الناس أنكم تقتلون أنفسكم بأنفسكم عندما تكثرون الوهم، قالوا: أنتم يومئذٍ كثير ولكن غثاء كغثاء السيل، ينزع الله المهابة من قلوب عدوكم ويلقي الوهن في قلوبكم. فالنبي أمرنا بالزيادة إلى حد معين، بعدها نقف وإلا سنصل إلى الغثاء الأحوى. فالنبي قال لنا هذا وقال. لنا هذه، فإذا سيأتي شخص مسكين
لا يفهم، يأخذ موضوع "تكاثروا" ولا يأخذ موضوع "أنتم يومئذٍ كثير ولكن غثاء كغثاء السيل". يجب علينا أن نفهم هذه القضية حتى تعود. هو هذا الذي ينجب ولداً أو ينجب اثنين على الأكثر. نعم، لا، هذا يصلح أن يصنع ترابطاً أسرياً. وستكون الرغبات قريبة، أما الذي أنجب خمسة أو ستة أو سبعة أبناء فهو لن يستطيع، ولكي يوفر لهم احتياجاتهم يجب أن ينشغل، وبما أنه ليس رقيباً عليهم ولا غير ذلك، سيتفلتون في مجتمع يتفلت معهم، وتنفرط الحكاية. إنها مشكلة لا بد وأن نبحث لها عن حلول. هذه الزيادة السكانية ربما نقف عند بعض هذه الحلول
بعد قليل، انتظرونا. أهلًا بكم أيها المشاهدون الأعزاء. مولانا الإمام فضيلتكم كنتم تتحدثون منذ قليل قائلين إن انهيار الأسرة هذا ليس مناسبًا بالنسبة لنا جميعًا. لماذا وكيف توجد وصفة بسيطة نستطيع تطبيقها كبرنامج عمل نحولها إلى ورشة نتدرب عليها لكي نعيد هذا الترابط فيتماسك؟ المجتمع رقم واحد انهيار الأسرة. هي الخلية الأولى للمجتمع، فتخيل أن الخلية الأولى المكونة لكل النظام الاجتماعي انهارت. ذهب المجتمع في خبر كان، ذهب المجتمع ولم يعد، خرج ولم يعد. تاه المجتمع، يتوه المجتمع، يتحطم المجتمع، يضرب بعضه ببعض إذا كانت الأسرة تتبع
المدارس المتشددة والمتعصبة المتطرفة. إن ما بعد الحداثة تدعو إلى هذا، تدعو إلى إنهاء الأسرة، وتدعو إلى إنهاء الاعتماد على اللغة، وتدعو إلى إنهاء الاعتماد على الدين، وتدعو إلى إنهاء الاعتماد على الثقافة الموروثة التي نسميها أحياناً فلكلوراً، وتدعو إلى إنهاء ما يسمونه "الخمسة الكرام": اللغة، والأسرة، والدولة، والدين، والثقافة. حسناً، لماذا سيبقى بعد ذلك؟ هو منذ زمن بعيد، وعندما كانوا يُنشئون الألمبيادات، كانوا يفكرون
أن تقوم الرياضة مقام الحروب. وما بعد الحداثة تريد ألا تكون هناك حروب، ومن أجل أن نصل إلى عدم وجود حروب، يجب أن نقسِّم العالم إلى أربعمائة دولة، فنحن الآن مئتان وثلاثون دولة. في العالم مائتان وثلاثون دولة، في العالم دول أكثر من عشرة آلاف نسمة. المائتان وثلاثون دولة هذه نريد أن نقسمها إلى أربعمائة دولة، كل دولة يكون فيها خصوصيتها. يعني مثلاً، نحن عندنا في الإسلام هكذا، نجعل دولة للسلفية ودولة للصوفية ودولة للإرهابية ودولة... وهكذا مؤداه في النهاية. انهيار الأسرة وعدم الاعتماد على الدولة والمنظمات المجتمعية لتحل محلها، وعدم
الاجتماع، والاعتماد على اللغة حتى تصبح لنا لغة جديدة، وعدم الاعتماد على الدين والثقافة. وبعض الناس يقولون: "ما هذا الجنون؟"، لكن هذا ما هو مكتوب في كتب ما بعد الحداثة منذ عام ألف وتسعمائة وخمسة وتسعين، وهذه هي القضية. هذه قائمة منذ عام ألف وتسعمائة وأربعة وسبعين موجودة، ليس فيها مؤامرة ولا شيء. إنها موجودة ومعروضة لدرجة أن هناك مدارس تحمل اسمها بعد الحدث، وقد تبنوها. ففي النهاية، هذا أمر مرغوب فيه عند بعض البشر أن نعيش كل واحد برأسه، وهو ما جعلهم يتحدثون عن الشذوذ. الجنسي أنه من حقوق الإنسان لأجل أن يتزوج رجل رجلاً، وتتزوج المرأة امرأة، وأن يفعل كل شخص ما يريد. فأصبح هناك واحد وعشرون صورة للأسر ليست هي الأسرة الطبيعية التي خلقها الله. هذه واحدة من واحد وعشرين، فيمكن أن
تكون الأسرة من رجل ورجل، أو امرأة وامرأة، أو رجل وامرأة، وستون أو ست ورجلان وحتى النظام القانوني الغربي لا يتحمل كل هذا، وأدخلوا في القضية الجينوم، وأدخلوا في القضية قضايا الجندر، وأدخلوا في القضية الحقوق، حقوق الإنسان وحقوق الله، يعني مهزلة، ولكننا كثيراً لا نقرأ بل ولا نترجم، يعني كل هذه البلايا التي تحدث منذ خمسة وتسعين حتى الآن. اليوم واحد وعشرون سنة نحن لا نقرأه، يجب أن نعرفه يا مولانا، يجب أن نعرفه لكي نتقيه، يجب أن نعرفه لكي نحسب حسابه، يجب أن نعرفه لكي نفسر ما هي هذه المخلوقات التي تظهر لنا في التلفزيونات وتتكلم كلاماً بأن الأمر نسبي فقط. ماذا يعني الأمر النسبي فقط؟ هل يعني أتدري ماذا تفعل؟ ابحث في الإنترنت واسأل مائة شخص إذا
كان الكذب حلالاً أم حراماً، فسيقول سبعون منهم إنه حلال. حسناً، جميل، إذاً فهو حلال. جيد وجميل! هذا يعني أنه لم يعد هناك دين ولا قيم ولا أخلاق ولا مجتمع ولا أي شيء. وفي النهاية، ماذا سنصبح؟ كل شخص سيعيش ستتحطم من البشرية؟ لا، لن تتحطم. لكن جرّب، هل تنتبه؟ يريدنا أن نجرب. انظر، أنتم تجلسون هكذا في النظام الذي صنعتموه، وهو الذي خلقه الله. أعطانا مائة ألف سنة، أعطانا يا أخي ثلاثة أو أربعة آلاف سنة لنعيش في هذا البلاء الحر، في هذه الفوضى، وسترى. سنرى مثل ماذا قال لك: علّم لي هذا الحمار، إما أن يموت الحمار، أو يموت الملك، أو أموت أنا. والحمد لله رب العالمين. عمل شياطين، لا أعرف. يبدو أن إبليس تركهم عندما وجد أنهم يكفون مؤونته، يكفون مؤونته. مولانا، اسمح لنا، معي أم أحمد والحمادة.
والسيدة أم أحمد، أهلاً بك. أنا لدي سؤال لفضيلة المفتي. كنت أريد أن أسأل: هناك شخص اقترض مني مبلغاً من المال، هذا الشخص موظف وافتتح محلاً لزيادة دخله، أي لزيادة رزقه. وبعد ذلك لم يستطع الاستمرار واضطر لإغلاق المحل، ولم يستطع سداد ديونه. لقد سدد لي جزءين من المبلغ والباقي يمكن اعتباره من الغارمين وخصم هذا المبلغ من زكاة المال الخاصة بهذه السنة. يجوز يا أم أحمد عند ابن سيرين - وهو من علماء التابعين - حيث يقول أنه يجوز احتساب التنازل من الزكاة. فما دام أحد المجتهدين قال ذلك، فمن الممكن أن تسيري على هذا
الرأي. وردها الأستاذ حمدان: مرحباً طيب معي الأستاذة زئيمان، أهلاً وسهلاً، أهلاً بك. أشكر فضيلتك الدكتور وجزاك الله عنا كل خير. تفضلي، سؤالي هو: والدتي سيدة كبيرة في الثمانينات من عمرها، هي خائفة من أن تغضب ربنا فلا تصلي لأنها تعاني من مرض بسبب إفرازات دموية، فهي خائفة من أن تصلي لئلا تغضب ربنا واجِهْ لها كلمة أو قُلْ لنا ما الحل، يعني صَعُبَ الوضوء عليها كل مرة، ما دامت وصلتْ إلى هذه الحالة فلتتيمم، نُحضِر حجراً ونضعه بجانبها، تضرب به وجهها وكفيها على مذهب المالكية، وتصلي بشكل عادي. تتيمم لكل صلاة والحجر بجانبها
وتصلي. نزل دم أو نزل أي شيء آخر ليس لنا الحدث الدائم معفو عنه وتصلي بهذه الهيئة، وربنا يتقبل منها، لكنها خائفة فلا تصلي. نقول لها: لا، الله قد سهّل عليكِ تسهيلاً تاماً. فأنتِ افعلي هكذا: عندما نرشدها إلى هذا، تجلس على الكرسي وتضرب يديها على هذه الحجارة الصغيرة التي سنحضرها لها لتكون بجانبها دائماً، فيكون بذلك كل شيء وربنا سبحانه وتعالى يتقبل منها، فأنا أوجه لها الكلام الآن أنه لا بد عليها أن تصلي ولكن بهذه الطريقة السهلة الميسرة بالتيمم، والتيمم بحجر أو حصاة نظيفة ومطهرة وكل شيء، ونجلس بقدر استطاعتنا نفعل هذا الأمر ولا نهتم بما يخرج سواء كان دماً
أو غير دم، لا نهتم. بهِ إطلاقاً مولانا الإمام، ربما أحياناً عندما يتقدم ببعض أحبابنا السن فنجدهم، كما قال فضيلتكم له: بدلاً من أن تتوضأ تيمّم، وبدلاً من أن تصلي وأنت واقف لأنك متعب اجلس، فيشعر أنه مقصّر. ماذا توجّه فضيلتكم وتقول لهم؟ النبي قال لنا: لا، إياك أن تشعر أنك مقصّر ولو أنك فقدت الفاقد هنا إما فقد حسي أو فقد شرعي، ولو فقدت المياه مائة سنة، يعني أنت لا تجد ماءً فتتيمم لمدة مائة سنة. وقد شاهدنا مشايخنا وأساتذتنا وهم ذاهبون إلى المؤتمرات هكذا، يأتي متيمماً على رخام الفندق أو القاعة أو ما شابه ذلك، ويدخل في... الصلاة على الدوام يعني أن ربنا قد يسرها لنا تيسيراً عجيباً، ونخشى أنه سيحاسبنا بعد هذا التيسير. فأنا
أقول للسيدة أم إيمان: صلّي يا أم إيمان بهذه الطريقة، ولا تشعري أبداً بالتقصير ولا بالنقص ولا بغير ذلك إلى آخره. هذا أمر الله، وما دام أمر الله فإننا نسير وراءه ونحن الإمام الدكتور علي جمعة وعي العلماء الكبار ابن الأزهر الشريف، شكر الله لك. رأينا الله بكم دائماً. أعزاءنا المشاهدين، دمتم في رعاية الله وأمنه. إلى اللقاء.