والله أعلم | فضيلة د. على جمعة يتحدث عن الإعجاز العددي للقرآن الكريم | الحلقة الكاملة

بسم الله الرحمن الرحيم، باسمك اللهم نمضي على طريقك، فثبت اللهم أقدامنا على طريقك. ما أجمل أن نستفتح بها كل حياتنا. اللهم ارزقنا أسرارها وبركاتها يا رب العالمين. أهلاً بكم في "والله أعلم"، لنسعد بصحبة صاحب الفضيلة مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، لنواصل معه. هذه القراءة لكتاب الله حول الإعجاز العددي، يدور الحوار في هذه الحلقة: هل هناك ما يسمى بالإعجاز العددي أم بالتناسق العددي كما يظن البعض؟ وهل
نحن بحاجة إلى البحث في إعجازات مختلفة في القرآن الكريم؟ مولانا، أهلاً بكم، أهلاً وسهلاً بكم، مرحباً. مولانا، قبل أن أدخل في الإعجاز العددي والأسئلة... المتعلقة بالإعجازات المختلفة والمتنوعة، وفضيلتكم سبق وأن نقلت لنا أن هناك قراءات متنوعة ومتعددة للقرآن الكريم من حيث التأمل والتدبر والتفسير. هل السور القصيرة أو قصار السور تخلو كما أشار البعض من الإعجاز البياني قبل أن أدخل في الإعجاز العددي؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله. وصحبه ومن والاه صلى الله عليه وسلم، هذا كلام فارغ الذي هو الذي هو الذي سيادتك تقدمت به، هذا نقلاً عن بعضهم كلام فارغ تماماً، لأنهم عندما عرفوا القرآن قال المتحدى بأصغر سورة فيه، المتحدى بأصغر سورة فيه، يعني يوجد فطاحل
وأئمة كبار في اللغة وفي البلاغة وفي. البيان وفي الحقيقة هؤلاء الأئمة الكبار لم يجدوا أنفسهم مسلمين فقالوا ما قالوا، بل انبهروا أمام القرآن الكريم وانجذبوا إليه وإلى بلاغته وإلى جماله وإلى حسن تلاوته وما إلى ذلك. هذا كلام واضح عند البرجاني وعند الطبري وعند ابن كثير وعند كل من تعرض لتفسير آيات الله. سبحانه وتعالى فقط ليس أنهم قد وُلدوا مسلمين أو أنهم قد دخلوا في الإسلام أبداً، إنما الأمر أنهم كانوا أصحاب بيان وأصحاب بلاغة، درسوا من القرآن كل شيء فيه، فأبهرهم وجذبهم. شخصٌ عندنا مثل الفيروزآبادي الذي هو يعني لُحمته وسَداه، ولو عصرناه كما كنا
نتكلم ونحن طلاب العلم نقول... له هذا الشيخ فلان، إن عصرناه لخرج منه أصول فقهية. كنا نقول هكذا عن سيدنا الشيخ أبو النور زهير. والشيخ فلان إن عصرناه لخرجت منه عقيدة. نقول هكذا عن سيدنا الشيخ محمد. وهكذا، فهؤلاء أناس قد تشبعوا بهذا العلم وعاشوا حياتهم في الحقيقة منبهرين بالقرآن، فألفوا كتبهم. المتميز تمييزاً ذوي البصائر، بصائر ذوي التمييز في كتاب ربنا العزيز، أتى فيه بالعجائب والغرائب مما لاحظه وأظهره وما إلى ذلك. فالذي يقول إنه ليس هناك بيان أو إعجاز بياني في السور القصار مثل ماذا؟ مثلاً السور القصار مثل "إنا أعطيناك الكوثر، فصل لربك وانحر، إن شانئك هو الأبتر"،
رد. لنا فيها مثلاً عظيماً في الإعجاز. يبين مولانا أن هذه أصغر آية في القرآن تقريباً في عدد الآيات وفي عدد كذا، فإذا بها تحتوي في نفسها وفيما حولها إعجازاً عظيماً. أي أننا لم نرَ مثله، وقد انبهرنا بها. كيف يكون هذا "إنا أعطيناك الكوثر"؟ الكوثر تختلف التفاسير فيه وهناك في التفسير... ما يُسمى باختلاف التنوع وهناك ما يُسمى باختلاف التضاد، فاختلاف التنوع يجوز أن تكون الآية دالةً على كل هذه التفسيرات جملةً واحدة، لأن بعضها لا يناقض بعضاً. فمن ضمن ذلك مثلاً أن الكوثر نهرٌ في الجنة، وأنه مُدَّخَرٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم لكي يبقى
تحت الأصل الخاص به، هكذا هو. الكوثر هكذا "إنا أعطيناك الكوثر"، ومن ضمنها أن الكوثر هم أهل البيت الكرام. لو كانت أهل البيت الكرام يظهر إعجاز آخر "إنا أعطيناك الكوثر". ودعك من الألف الوسط "إن شانئك هو الأبتر"، فيصبح هناك مقابلة، والمقابلة نوع من أنواع البيان، ونوع من أنواع المبالغة، ونوع من أنواع البلاغة، ونوع من... أنواع الجمال والتوازن الذي عيَّرك يا محمد بأنه ليس لك ولد يحمل اسمك، اتركه فإنه سينقطع. تعال الآن في التاريخ الإسلامي وفي العلم الإسلامي وفي النقل الإسلامي، لا نعرف من هو هذا الأبتر. ربنا أضاعه، فعندما نراجع التفسير نجد تسعة أقوال مختلفة اختلاف
تضاد على الأبتر، سبحان الله. مَن هو الأبتر هذا؟ أهو الوليد بن المغيرة أم أبو جهل أم أمية بن خلف أم لا نعرف مَن؟ ثم أين نسل أبي جهل الآن؟ والله لا نعرف. وأين نسل الوليد بن المغيرة؟ لا نعرف أيضاً، والله لا نعرف. لقد أنجب أحد عشر ولداً، منهم تسعة ماتوا أمامه واثنان. أسلموا الوليد ابن الوليد وخالد بن الوليد، أنت منتبه جيداً. وعلى فكرة، الوليد هذا يعني ماذا؟ القول التاسع أو شيء من هذا القبيل؟ من هو شانئك هذا؟ من هو مبغضك الذي سيجعله الله أبترًا؟ لقد ذهب مع التاريخ. حسناً، وسيدنا النبي، لا، هذا فعلاً أعطاه الله كثرة الذكر، فشهد باسمه على المنائر في أرجاء الأرض. وأقول أشهد أن محمداً رسول الله، فهو
ذكر وأصبح اسمه ركناً من أركان صلاة المسلمين البالغ عددهم مليار ونصف أو مليارين في وقتنا الحالي. هذا النبي صلى الله عليه وسلم توفي جميع أبنائه في حياته، وبشّر فاطمة بأنها أسرع أهله لحاقاً به. وبالرغم من ذلك، فإن الحسن والحسين ابنيهما أنجبا وكانا كثيري الإنجاب. الزواج كلهم ماتوا فلم يبق من أبناء الحسن إلا علي زين العابدين وهذه إشارة ربانية أنه يؤيد ذلك النبي بأنه كان قادراً أن يهلك علي السجاد والثاني الحسن المثنى وزيد الأبلج بقينا ثلاثة ومن هؤلاء الثلاثة جاء اليوم ثلاثون أو أربعون مليون إنسان منسوبين بالأسماء
فلان ابن فلان ابن فلان. ابن ابن الحسن ابن الحسين الذين هم الأشراف يا مولانا، الذين هم الأشراف والسادة وأهل البيت وكل هذا، ما الأمر؟ ثلاثة يصبحون أربعين مليوناً؟! حسناً، الأربعون مليوناً موجودون في آفاق الأرض من طنجة إلى جاكرتا ومن غانا إلى فرغانة، وموجودون ومعروفة أنسابهم. هل عرفنا نسب أحد من الآخرين؟ هذا هو الأبتر حقاً. هذا لا اسم له ولا معرفة ولا نسل ولا نعرف شكل هذا النسل. يقول لك عائلة فلان وعائلة علان، هؤلاء أبناء أبي بكر، وهؤلاء أبناء عمر، وهذا موجود حتى الآن. هل أنت منتبه؟ ولكن هل يوجد أحد من هؤلاء الكفار من قريش نعرف نسله إلى الآن؟ أبداً والله. إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ، انْظُرْ رَبْطَ التَّشْرِيفِ
بِالتَّكْلِيفِ. وَأَخَذَ يَتَحَدَّثُ عَنْ رَبْطِ التَّشْرِيفِ بِالتَّكْلِيفِ. أَحَدُهُمْ لَمْ يَسْمَعْهَا هَكَذَا، مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابِ لَمْ يَسْمَعْهَا هَكَذَا. لَمْ يَسْمَعْهَا كَيْفَ؟ سَمِعَهَا جَرْسًا لُغَوِيًّا: "إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ". فَهُوَ سَمِعَهَا جَرْسَ لُغَةٍ فَذَهَبَ وَقَالَ. حسنًا، فأنا أيضًا أوحى الله إليّ. قالوا له: كيف أوحى إليك؟ وبماذا أوحى إليك يا بائس؟ قال لهم: "إنا أعطيناك التفاح، فصلِّ لربك واسترح، إن مُبغضك هو العجل النطاح". حسنًا، بالله عليك، هيا لنحلل هذا الكلام السخيف المستثقل الذي لا يحمل في ذاته أي معنى ولا أي إشارة ولا أي... حكمٌ ولا الذائقة حتى، يعني هل أنت مدرك؟ وإنما هو نوع من
أنواع التقليد الرخيص للجرس القرآني ففشل. ومن هنا جاءت المعتزلة وقالت إن إعجاز القرآن يكمن في أن الله صرف الخَلْق من أن ينشئوا مثله، لأنه لو اجتمعت الجن والإنس على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لما استطاعوا ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً. ظُهَيراً، وعلى ذلك فعندهم شيءٌ يُسمى الإعجاز بالصرفة. الصرفة تعني أن الله يصرف الناس ولا يُمكِّنهم من الإتيان بمثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً أبداً. فهذا هنا عندما تُدخِل الكمبيوتر وتقول له: يا كمبيوتر، وتستخدم الذكاء الاصطناعي كي يستطيع أن يُنتج شيئاً مثل هذا، لن يستطيع، وهذه المحاولة فاشلة. التي قام بها القسيس الأمريكي في أنه أراد أن يصنع سبعة وسبعين سؤالاً قائلاً: سأصنع قرآناً آخر، قرآناً مائة وأربعة عشر، لكنه لم يستطع، فجاء بمائة وسبعة، جاء بسبعة
وسبعين وعجز. وبعد ذلك نحن نقول: "بسم الله الرحمن الرحيم"، فيقول لك: "باسم الصليب" أو "بسم الأب" أو "بسم الابن" أو ما شابه ذلك إلى... آخره تلفيق وتلزيق، لا نفع هنا ولا نفع هناك، فصار مثل الغراب الذي جاء ليقلد الطاووس فلم يستطع، ولم يستطع العودة إلى أصله، فلا وصل ولا حصل. وبعد ذلك، أين هو؟ سماه "فرقان الحق"، واستعان بشخص باكستاني مرتد لكي يصنع هذه المسألة، فهل سمع به أحد أبداً؟ كذلك. حاول بعضهم أن يفعلوا هذا، ولكن تعال قُل لي، تعال، أنت تقول لي السور القصيرة، حسناً، "والعصر"، العصر هنا، هل أقسم بالدهر والعصر؟ أم بصلاة العصر؟ قد يكون إذاً أقسم بالعبادة، ونأخذ منها حكماً فقهياً. انظر، انظر
كلمة ورد، غطاها هو العصر، فعندما آتي وأقول له النبي، يقوم يقول لي... يا أخي قُلْ لا إله إلا الله. لماذا يا أخي؟ لماذا أقول لا إله إلا الله؟ قال: من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت. قلتُ له: صحيح، هذا الحديث صحيح، وفعلاً عندما أقول "والله" فهذا أعلى وأولى من أن أقول "والنبي". قال الإمام الجويني: "والحلف بالنبي مكروه قطعاً"، يعني... ليس حراماً، لكن ما الذي يجعله ليس حراماً؟ قوله تعالى "والعصر"، الله الله الله الله، هذا أصبح دليلاً على عدم حمل النهي على التحريم بل على الكراهة. هذا عمل أصحاب صناعة الفقه. "والعصر"، ثم انظر إلى المبدأ العام الذي ينفع الناس
أجمعين، وليس المسلمين فقط، في علم النفس وفي علم... الاجتماع وفي علم السياسة وفي علم الاقتصاد وفي علم الاجتماع السياسي وفي علم الاقتصاد السياسي وهكذا، ما هو إلا أن الإنسان لفي خسر، هذا مبدأ عام أن الإنسان لفي خسر، وتقف بجانبها كيف في نظريات في الإدارة درسناها، مستر إكس ومستر واي، هو الإنسان في أصله كسول فيحتاج إلى حافز أم لا. لأنه نشيط، فعندما نجده كسولاً، نعرف أن هناك عوائق، فهل علينا أن نضع حوافز أم نزيل العوائق، أو ما هي القضية وهكذا إلى آخره. فهنا يقول له إن الإنسان لفي خسر، ثم يأتي ليقول له ماذا في الثالثة إلا لأن هناك إكس واي. هنا قال
له إلا، نعم، فيكون هذا قسيم ذاك. ظهرت نظرية حديثة جداً وهي نظرية السيد واي، حيث يوجد إكس ويوجد واي، فذهب السيد - لا أعرف ما هذا - السيد هذا وقال إن الإنسان يتقلب بين الاثنين، بين النشاط والكسل، نعم، بين الحافز والعائق، فيأتي إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا. بالحق ويقدم الحق الأول لماذا؟ حتى تصبر على الحق وتستمر عليه، ويأتي لك التوجيه النبوي: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل". كنا ونحن صغار نخطئ ونقول: "وتواصوا بالصبر وتواصوا بالحق"، فالشيخ لكي يجعلنا نحفظ يقول ماذا؟ حسناً، هم الآن عندما صبروا ماذا سيفعلون؟ لا، هم يأتون بـ "يتواصون".
بالحق أولاً لكي يصبروا عليك، ولكي يقدر على الصبر، ولكي يصبروا عليه. كنا واقفين مثلاً نقرأ في الموضوع، وأتذكر كلام الشيخ الذي يقول: لا تقدم الحق أولاً، لأنك عندما تتواصوا بالحق ربما تأتي عوائق فتتواصى بالصبر على هذا الحق، فيجب أن تقدم الحق لكي تصبر عليه، لكن... سأصبر على ماذا في المطلق هكذا؟ في المطلق لا يوجد صبر أصلاً، فالصبر يأتي عند وقوع الحدث، ولذلك الحق أولاً ثم نصبر عليه. هذا أمر عجيب جداً يا أخي أن أصغر آيات في القرآن هي "إنّا أعطيناك" و"والعصر" و"إن الإنسان لفي خسر". إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وتجلس مع "آمنوا" وتستغرق في الكلام وفي الاستخراج وفي التصور وفي بناء الأحكام، وتجلس مع
"الصالحات" و"عملوا الصالحات" وتتأمل وترى ماهية هذا الصلاح: صلاح الجسم وصلاح الكون وصلاح القلب وصلاح المتعدد، وبعد ذلك تجلس وتقول أين الحق الذي هو ضد الباطل وأين الصبر الذي هو ضد الخوار يعني إذا نحن أمام معجزة، أمام معجزة حقيقية. الآيات الخمس التي تقول: "قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد"، هذه تحتاج إلى مجلدات. لقد كان سيدنا الإمام علي وغيره من الأئمة كانوا... يقولون لو فصّلنا لكم الفاتحة لكتبنا وِقْرَ بعيرٍ، كتبنا كتباً تعجز الجِمال أن تحملها من الفاتحة فقط. فمن الذي قال هذه
الصورة وهذه الكلمة؟ حينما يقول: "والعصر" و"والفجر" و"والضحى" و"والليل"، هذا كلام "فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم". هذا شيء فوق الوصف، هذه مرة موريس. بوكاي الذي هو هذا الرجل الفرنسي وهو لم يُسلم مرة جمع، طيب القرآن هذا أين في الإشارات العلمية التي يتحدث فيها عن الجبال والبحار والأنهار والأرض والأشجار والثمار والرمان والفواكه والزروع وما إلى ذلك، وأين يتحدث عن كل هذه الأصناف، فوجد ألفي آية من ستة آلاف تتحدث فيما
يتعلق بالكون. الذي حوّلنا لما ليس ألفين وماذا من ستة آلاف يعني ثلاثين في المائة، ثم يحدث لي نوع من أنواع الانبهار، نوع من أنواع السكوت، كأنه ضربة قاضية هكذا، في نوع من أنواع الانجذاب. أحياناً يسمونه النسق، وأحياناً يسمونه الإعجاز، وأحياناً يسمونه التعجيز، وأحياناً يسمونه ما يسمونه، ولكن... هو ذلك الذي جعل المسلمين يتعلقون بذلك الكتاب لأنه ليس ككلام البشر، وكلما أتى عصر بمستجداته قرأه العلماء وقرأه المسلمون بقراءة متتالية عصرية. فاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم
مولانا الإمام، ذكرت لنا منذ قبل ونحن نتعلم على يديك هذه القراءات وهذه الإجابة على هذه التساؤلات الكثيرة حول القراءات. متنوعة القرآن الكريم من حيث التأمل والتدبر، فثمة من يقرأ القرآن من حيث الإعجاز العلمي ومن حيث الإعجاز البياني. فهل هناك ما يسمى بالإعجاز العددي؟ هو كما قلت لحضرتك الآن، كلمة إعجاز تأتي من المقارنة، تأتي من المقارنة، من المقارنة. أما هو في حد ذاته هكذا فسنسميه إعجازاً في... ماذا في حد ذاته عندما أجد منظومة متكاملة في علم الميراث، وعندما أجد منظومة متكاملة في علم البرنامج اليومي للإنسان، أو في علاقات الاجتماع البشري، أو أن الذي وجدت أمثال
هذا كله في المضمون فهو إعجاز، لأن هذا صدر عن نبي أمي لا يعرف القراءة والكتابة، فإذا به يأتينا. بكل هذه الحقائق، ولكن لو قارنا قصة غرق فرعون في التوراة مع القصة القرآنية نجد ما الزيادات التي هنا عن هناك، هنا تبدو المقارنة وتتضح المعالم. نعم، فيأتي في الزيادات مثلاً ويقول: هي مذكورة في التوراة للواحد القليل، والمُغرَق هو والجيش الخاص به، ومذكورة في القرآن أيضاً أنه هو. غرِقَ حتى أصبح كله فِرَق من الطود العظيم، وغرِقَ في وسطه هو والجيش الذي معه.
لكن في القرآن هناك إضافة صغيرة هكذا، وهي "اليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية". ما معنى "ببدنك"؟ ماذا يعني "ننجيك ببدنك"؟ يعني أنه لم يغرق؟ لا، بل غرِقَ، وبعد أن غرِقَ نجّاه ببدنه. جسده موجود حتى الآن، لا نعرف، وظل الناس لا يعرفون، فقط ربنا قال هكذا: "اليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية". مولانا، ماذا استفدنا نحن منها لكي يكون هناك فارق؟ سنة ستة وسبعين، يعني تصلح المقارنة، سنة ستة وسبعين، نعم. اتصل مناحيم بالسادات، والسادات بمناحيم، وقال له: سنؤدي. نقدم لكم مومياوات الفراعنة لكي نخلق جواً جيداً لمصر في أوروبا وليشاهد الناس الحضارة الفرعونية وأشياء أخرى إلى غير ذلك. فذهبت هذه المومياوات ومن بينها توت عنخ
آمون ومن بينها مومياء الملك رمسيس وزوجتيه وابنه وما إلى ذلك. فحدث على ما يبدو شرخ أو شيء ما حدث... لا نعرف يعني أنها استدعت لجنة علمية لدراسة هذه المومياوات من أجل صيانتها وتأمينها وعدم تسرب أي نوع من أنواع النقص فيها أو الخلل لأنها تراث للإنسانية، فإذا بهم يكتشفون أن إحدى هذه المومياوات فيها كلوريد صوديوم. ما هو كلوريد الصوديوم هذا؟ فأراد الرجل أن يكتب تقريراً عن كلوريد الصوديوم الذي اكتشفه. وأن هذا الرجل قد مات بالاختناق وظن أنه قد اكتشف اكتشافاً عظيماً جديداً لا
مثيل له، فقالوا له: "مهلاً، انتظر قليلاً، لأن الكلام الذي تقوله موجود في كتاب اسمه القرآن". فرد متسائلاً: "كيف يعني؟ كيف يكون موجوداً؟ نحن ما زلنا قد اكتشفناه للتو في سنة ستة وسبعين"، فذهبوا وأحضروا. له ترجمة بلاشير للقرآن إلى اللغة الفرنسية فرآها فوجد أنه "اليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية". قال: إذاً هذا هو كولوريد الأصول غير موجود في أي مومياء إلا في هذه المومياء، وهذه المومياء التي تخص ابن رمسيس فقط. هذا ما فعلوه عندما تأتي. يتوافق هذا مع الكلام أو يأتي الانبهار عند المسلمين
لأن مسألة ربط نتائج العلم بالحقائق الدينية يرفضها كثير من الناس، ولن ندخل معهم في نزاع، لكن القضية عند المسلم أنه يجد الحقائق الآتية أن الله يخبره بشيء فإذا بالواقع لا يكذبها، إذ يأتي الواقع بمعلومات تؤكدها. تتسق مع هذه الإشارات - ماذا يفعل يعني؟ يقول: "يا رب خيبني"؟ ما هو يجب أن يقول: "لا إله إلا الله" و"سبحان الله". فعلاً هناك توافق بين هذا وبين ذاك، بغض النظر عن الدخول في فلسفة تخشى أن تجعل المصدر الديني مصدراً علمياً، نعم لأن العلم
بُني أساساً على التجريب. في كتاب الله المنظور وهذا الكتاب والدين بُني على كتاب الله المسطور، فلا نريد أن نخلط بين المصادر. فليعش حياته، ليس لنا تدخل، لكن الذي يحدث الآن هو ما يسمونه الإعجاز وما إلى آخره، أنه كلما توصل العلم أو الواقع أو الحس إلى معنى جديد نجد أن النص لا يخالفه وأن... النص قد أضاف هنا شيئاً تميز به عما سواه، هناك الغرق، نعم، وهنا يقول "ننجيك" بغير الغرق. هذه حادثة وتلك حادثة أخرى. فالحالة التي مثل هذه تصنع نوعاً من أنواع السكينة عند المسلمين. فيأتي مثلاً شخص مثل راشد المتنصر الذي يتبع زكريا
بطرس أفندي كعب الغزال، ويزعم القبرص وبعض القول لك أنا. مُتنصِّر وأنا فيه، ثم اتَّضح أنَّه ليس متنصِّراً ولا شيء، فيجلس يضحك عليَّ. حسناً، لماذا لا يقول لك: أنت تخبره أنها المرة الأولى في القرآن التي يُذكر فيها أنه غرق. حسناً، هذا موجود في التوراة. لا يا سيدي، الذي موجود في التوراة ليس "اليوم ننجيك ببدنك"، هذا الذي موجود في... التوراة تتحدث عن الغرق، والقرآن أيضاً يتحدث عن الغرق، فهذا يعني أنه أخذ من التوراة، ويشوش عليك. والعبارة الأساسية لا يتكلم فيها. فعندما تستمر في دراسة القرآن بهذه الطريقة، ستجد أموراً غريبة تحدث، تتفق مع كل سقف معرفي، نعم تتفق مع كل سقف، مع كل. سقف عبر الأزمنة المختلفة والعصور المتتالية عبر الأزمنة المختلفة والسقف
المختلف. نعم، لدينا أسقف معرفية، أسقف معرفية تعني أنه عندما وضع إقليدس هندسته، كان ذلك مختلفاً عن نيوتن. نيوتن أدخل الحركة والفعل ورد الفعل وهكذا، وهذا يختلف عن آينشتاين الذي أدخل بُعداً رابعاً في الدراسة وهو بُعد الزمن. نعم، هذه ثورات علمية تحدث يسمونها. البراديغم (النموذج الفكري) الخاص بالعلم تغير مع كل هذا، والبراديغم النص واحد والنص يحتمل. كانوا قديماً يقولون إننا نرى بأعيننا التي ستأكلها الديدان أن الشمس تتحرك في وسط السماء. لا يوجد أحد ينكر ذلك حتى اليوم، واتضح أن العين لا تتحرك ولا شيء، وهندسياً لا يمكن أن تتحرك، فنحن... الذي نلتف ربنا يقول ماذا: "والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز
العليم". الشمس تجري، البدو يقولون نعم الشمس تجري، وبعد ذلك نكتشف أننا نحن الذين نجري. حسناً، يقول إذاً الشمس لها جريان ظاهري، فما مدى تطابق هذا الجريان الظاهري الذي تراه العين مع الجريان الحقيقي في الحسابات؟ فتوصلوا إلى... أنه واحدٌ هو هو، الجريان الحقيقي يساوي الجريان الظاهري تماماً لحظةً بلحظة وثانيةً بثانية من غير أي تأخير، عجيبة! وبعد ذلك قاموا باكتشاف في سقف المعرفة ثالث يجعل النص ما زال معتقاً ومتجدداً، أن الشمس أيضاً تجري، كيف تجري؟ كيف تجري وهي ممسكة
بتوابعها التي عددها أحد عشر أو اثني عشر. وانظر، الله أعلم بعددهم الآن، وهي تجري في الفضاء هكذا نحو نجم فيجة بسرعة اثني عشر كيلومتراً في الثانية، فهل الشمس تجري أم لا تجري؟ والشمس تجري لمستقر لها، وأصبح المستقر بدلاً من أن يكون عند البدو هو الغروب الذي سينتظرها عندما تدور وتطلع من الشروق، أصبح المستقر الذي في الآية. أصبح يحتمل شيئاً آخر وهو أنها تذهب إلى فيجا وتصطدم به، وحينئذٍ تكون أيضاً ما يُلمح إليه في الكتب المقدسة وخاصة القرآن مما يُسمى بالساعة؛ إن زلزلة الساعة شيء عظيم.
هل انتبهت؟ فالساعة والقيامة وما إلى ذلك، أجد أن المعلومات تسير في ذات الاتجاه، وليست معارضة لهذا الاتجاه. هذا سبب الانبهار، أنه نسق مفتوح. هل أنت منتبه؟ نسق مفتوح يعني ماذا؟ يعني ليس نسقاً مغلقاً، ليس ممن يقولون لا. يعني ليس مثل ما فعلوه مع جاليليو، ليس مثل ما فعلوه مع كوبرنيكوس. قالوا له: أنت تخالف النص يا ولد، أين الدليل القاطع على ذلك؟ وآذوهم حتى قال جاليليو. لا أنا أبتغي إلى الله، كل ما أقوله هذا خرافة، بالرغم أن كل ما يقوله موافق. لا، نحن لسنا كذلك. لماذا؟ لأن كتاب الله المنظور وكتاب الله المستور صدرا عن الله. هذا من عالم الأمر المستور
(الوحي)، وهذا من عالم الخلق المنظور (الكون)، فأصلاً ليس عندنا تعارض بين... الاثنين وأصلاً ليس عندنا تخوف كما هو عند العلماء التجريبيين الطبيعيين من أن نخاف الاقتراب من المصادر الدينية لئلا تختلط المنهجية العلمية. عيشوا حياتكم، نحن لا نقول لكم شيئاً، نحن نقدم لكم تفسيراً لظاهرة قد عجزتم عن تفسيرها وهي لماذا ينبهر المسلمون بهذا الكتاب هذا الانبهار. ينبهرون انبهاراً شديداً لأنهم منجذبون إليه لأنهم يدخلون في نسق مفتوح
مع كل مستوى معرفي، ولأنهم كلما درسوها وجدوها صالحة وليست سيئة، كما ذكرنا سابقاً عن موضوع "إنا أعطيناك الكوثر". كل آية في كل سورة من القرآن تحتوي على كلمات، ولو كلمة واحدة لم تتكرر في القرآن من قبل. أعطيناك الكوثر وهي من أواخر السور، فيها ستة ألفاظ لم ترد في القرآن: "أنا أعطيناك"، و"الكوثر"، و"فصل لربك" لم تأتِ قبل ذلك. ولها أعداد وأرقام محددة. "فصل لربك وانحر"، لم ترد كلمة "انحر" في القرآن إلا هذه المرة كمفردة بعينها فقط. "إن شانئك هو الأبتر"، كلمة "شانئك" لم ترد من قبل، وهكذا "لا يجرمنكم شنآن". قوموا على ألا تعدلوا، اعدلوا، وهو قول، لكن هنا شانئة، نعم، ليس شنآن، ليس شنآن، نعم،
سبحان الله يا أخي. ست كلمات لم ترد في القرآن أبداً. كم كلمة في القرآن لم ترد إلا مرة واحدة؟ ألف وست مائة وعشرون كلمة. كم كلمة في القرآن في سورة البقرة مثلاً لم تَرِدُ في عشرين كلمة، كم كلمة؟ ما هذه؟ ما هذه؟ في انبهار، في انجذاب، في انفتاح. هذا الانبهار، هذا الانجذاب الذي تحول مباشرة عند المسلمين إلى طاقة إيمانية متجددة. إذاً ما سر الأرقام في القرآن الكريم؟ ارتباط السورة بعدد آياتها، ارتباط الآيات بعدد حروف كلماتها، كل هذا سنعرفه بعد الفاصل. ابقوا معنا، أهلاً بحضراتكم مولانا.
سنعود معاً إلى هذه التفاصيل أيضاً، أو هذه الإجابات المتعلقة بالأرقام وسر الرقم في القرآن الكريم، سر رقم تسعة عشر مثلاً، وارتباط السورة بآيات وبعدد الآيات. هناك أرقام لم يتم التناسق بينها والتوافق بينها بمثل ما تم التناسق فيها أو بينها في القرآن. الكريم مقارنة بأي كتاب آخر كيف نقرأ سر الأرقام في القرآن الكريم أو ما نسميه بالإعجاز العددي، وأيضاً أنا لا أحب أن أسميه بالإعجاز العددي. لدينا في الإحصاء نظرية قليلاً معقدة اسمها نظرية الأعداد الكبيرة، ونظرية الأعداد الكبيرة هذه لا تتيح لنا أن... لأن القرآن في ثلاث. مائة وخمسة وسبعين ألف حرف وبعض الزيادة، وفي ستة وستين ألف كلمة. فكل هذه الكلمات وهذه
الحروف لا تتيح لنا أن نفعل هكذا - هل تنتبه؟ - ولكنها تتيح لنا شيئًا آخر. كيف يأتي شخص يدّعي أنه اكتشف سرًا لم يكتشفه أحد قبله ولا بعده، وهو أن القرآن بُني على عدد تسعة عشر؟ فالبسملة تسعة عشر حرفاً ولا أعرف أسماء الله الحسنى في القرآن مائة واثنين وخمسين التي هي تقبل الاسم على التسعة عشر وأصله هو لا يعرف رقم ماذا عندما نضعه مع رقم ماذا وهكذا فنقول له يعني أنت الآن الأرقام التي صنعتها هذه والاكتشاف العميق هذا قال تسعة عشر وهذه لا أحد يستطيع الإتيان بها قبل ذلك، ولذلك أنا صاحب دين جديد. وبدأ يعترف بالإسلام، ولكن أصبح هناك دين جديد نزل.
الحمد لله، وبعد قليل ادَّعى الألوهية بأنه ربنا. فقلنا له: حسناً، موافق. كان عندنا رجل مسؤول عن الشبان المسلمين في طنطا، أكرمه الله إن كان ما زال معنا، وربنا. يرحمه الله، لو كان انتقل كان يأتي من طنطا في القطار ويقضي ساعة في مصر ويعود ثانية. فكان دائماً يمسك القرآن ليقرأه ويستخرج منه حكايات، فاستخرج منه أشياء غريبة جداً جمعها في خمس مجلدات. خمس مجلدات أن رقم أحد عشر هكذا أيضاً مثل رقم تسعة عشر وأن رقم ثلاثة عشر. هكذا أيضاً وأن رقم واحد وعشرين هكذا أيضاً وأن رقم سبعة هكذا أيضاً وأنه
وبدأ يكتب جداول لكي يثبت لك هذا، جداول إحصائية إحصائية نعم، وأنك لو جمعت لا أعرف الشيء الفلاني أي شيء، كلمة الليل كلمة النهار كلمة كذا إلى آخره، ستجد أن الجنة والنار ذُكرتا بقدر بعضهما البعض، أن الليل والنهار تذكرا بعضهما، وإن السماء والأرض تذكرا بعضهما، ولو أنك أحضرت لفظ الجلالة المرفوع وأضفته إلى رقم الآية التي ستضربها في رقم السورة، لحصلت على نفس الرقم الخاص برقم ثاني نظرية الأعداد الكبيرة في الإحصاء. هل تنتبه؟ لقد عمل خمسة مجلدات، لكن ماذا تستنتج من هذا؟ إن تسعة... عندما اكتشفت أنها ليست الوحيدة التي هكذا، حسناً، جاء شخص آخر وقال إن هناك أغرب من ذلك. ماذا؟ اجمع رقم الآية واجمع
عدد إله عدد الكلمات من أول كلمة في الصورة إلى موضع الاستدلال، ستجد أنها كلها تفعل هكذا. وجاء شخص تركي فعل أغرب من ذلك. ماذا؟ الذي فعله المصحف التوافقي أن كل صفحة في القرآن توجد فيها كلمة "الله" هنا رقم اثنين في السطر وهنا بعدها كلمة في آخر السطر، فذهب كاتبهم بالأحمر والأحمر، فعندما يُغلقان يكون لفظ الجلالة على لفظ الجلالة، "ربكم" هنا أصبحت هنا، "أن" هنا أصبحت هنا، بحيث أنه كتب القرآن بصورة توافقية وطُبع. موجودٌ لديَّ وطُبِع
في تونس وطُبِع في إسطنبول وبدأتْ تظهر عجائب هذه، ما اسمها؟ أنا لا أريد تسميتها إعجازاً، أريد أن أقول عنها المُبهِرات، أو أريد أن أطلق عليها العجائب المُدهِشات، الغرائب، اللطائف، الطرائف، هكذا، إنها شيءٌ من هذا القبيل يعني. فطبعاً هناك أناسٌ يغضبون من هذه المسألة ويقولون: لا، هذا إعجاز، نعم. إعجاز عندك أنت ولكن الآخر مدى يقرأه مثلاً كيف يراه، نعم، وبعد ذلك نحن قلنا عند المقارنة فبدأ يعني يقولون أشياء: هل يمكن لبشر أن يصنع كتاباً في ثلاثة وعشرين سنة ألف وست مائة وعشرين كلمة لا تتكرر؟ هذا شيء فوق العقل لأننا درسنا شيلي، درسنا شكسبير، درسنا تولستوي، درسنا... إليك، لا يوجد أحد يفعل
هكذا. أحضر كتب العقاد، فالعقاد ألّف اثنين وثمانين كتاباً. أحضر كتب، أحضر، أحضر أبي العلاء المعري. أحضر أي شخص. أبو العلاء المعري، أبو العلاء المعري، هذا هو الشعر. ما هو؟ تماماً، لزوم ما لا يلزم، يخلي نفسه، وسقط الزند، فسقط الزند هذا أمسكه وانظر إلى التكرار الموجود فيه. لن تجده هكذا، لن تجده هكذا. تفادى الانبهار. هذه هي العجائب وهذه هي الغرائب التي يسميها الناس بالإعجاز. أنا أقول إن أصل القرآن ليس في هذا الموضع. إنه هنا فقط يريد أننا الآن في عصر الحسابات والكمبيوتر والليزر. حسناً، ظهر الرسم البياني الرقمي معجزاً، وظهرت الأرقام فيها عجائب وغرائب ولطائف وروائع وطرائف. لا نهاية لها وتبيَّن أن أي
مُدخل ستضعه كان عندما نسأل شخصاً هكذا جاء ببعض الأفكار الغريبة، نقول له: "يعني أين؟ يعني ما هذا الكلام الذي تقوله؟" قال: "هكذا ضبطت"، أتنتبه؟ (هو شامي) "هكذا ضبطت"، "هكذا ضبطت" يعني هو بالصدفة هكذا. فعندما تدخل بهذه الصدفة أيضاً تجد عجائب وغرائب. إلهي، لماذا لا تتوافق مع شكسبير ولا مع فلسطين؟ لماذا لا تتوافق مع أبي العلاء المعري ولا مع العقاد؟ لماذا لا تتوافق لا في الإنجليزية ولا في العربية؟ هل أنت منتبه؟ هذه هي القضية. نريد أن نكتفي بهذا حتى لا ندخل في جدالات بيننا. وبين التجريبيين ولا بيننا، نحن لا نريد نزاعاً بيننا وبين الخلق. نحن نريد البيان، الله البيان. ماذا يقول البيان؟ ماذا يقول؟ لا، إن الحكاية فيها عجائب وغرائب وطرائف ولطائف تستدعي الانبهار والدهشة
والاستغراب. مجموعة من الكلمات هكذا، وهذا ما علمناه، ولو كان من عند غير الله فليتدبروا القرآن ولو. كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً، هل هذا الاختلاف المقصود في هذه الآية هو ما تعنيه فضيلتك الآن؟ لا، يعني هو الاختلاف الذي هو اختلاف التضاد، لأن الاختلاف نوعان كما ذكرنا: اختلاف تضاد واختلاف تنوع. فالذي فيه اختلاف تنوع في اختلاف تنوع هو الثراء، الثراء، ولكن اختلاف. التضاد لا يوجد فيه إطلاقاً لا التضاد ولا التناقض، ولا يمكن أبداً أن يكون فيه آيتان [متضادتان]، وهذا هو ما عمل عليه الفقهاء المسلمون، وكلما عملوا عليه وجدوا أنه نسق مفتوح لا نهاية له، عمل عليه أمثال أبي حنيفة وأمثال الشافعي وعمل عليه... أمثال مالك واشتغل عليه أمثال أحمد الأوزاعي واشتغل عليه
أمثال ابن كثير، وهكذا اشتغل عليه أمثال يعني أناس علماء كبار وجدوا أنه لا تناقض. ما عرفوا حتى يأتوا بمثال للتناقض الظاهري حتى، وانتبه لماذا كله مفكوك بطريقة يعني أنا أقول إنها تغيظ، تغيظ طبعاً أناساً آخرين لأن هذا... ما هذا؟ ما هذا؟ هذا انبهار. ماذا يعني انبهار؟ الكثيرون عبّروا وقالوا هذا إعجاز. هذا هو قرآننا، وهذا هو نبينا، وهذا هو ديننا. مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة وعضو كبار العلماء بالأزهر الشريف، رضي الله عنكم وشكر الله لكم. أهلاً وسهلاً بكم، مرحباً، جئتم في رعاية الله
وأمنه إلى... اللقاء شكراً.