والله أعلم | فضيلة د. علي جمعة يتحدث عن حب الله ورسوله وكيفية تحقيقه | الحلقة الكاملة

والله أعلم | فضيلة  د. علي جمعة يتحدث عن حب الله ورسوله وكيفية تحقيقه | الحلقة الكاملة - سيدنا محمد, والله أعلم
أسعد الله مساؤكم بكل خير، مشاهدينا الكرام أرحب بحضراتكم في حلقة جديدة من "والله أعلم". موضوع هذه الحلقة إن شاء الله سيكون حول حب الله ورسوله وكيفية تحقيق هذه الغاية وهذه الأمنية التي كلنا نتمناها أن نحب الله سبحانه وتعالى وأن نحب رسوله دون غيرهم من سائر البشر أو من أي شيء آخر أو دون أي شيء آخر وهم يكونون ونكون ممن أحبهم الله ممن يحبون الله فأحبهم الله. هذه غاية كبيرة وهدف سامٍ إن شاء الله. سنسعى
من خلال هذه الحلقة أن نتلمس من خلال رؤى وآراء فضيلة الدكتور كيف يمكن لنا أن نحقق هذا الهدف وأن نستطيع في النهاية أن نحقق هذا المآل. نرحب بفضيلة الإمام العالم الجليل الأستاذ الدكتور علي جمعة. أهلاً بكم مولانا، أهلاً وسهلاً بك. أهلاً وسهلاً مولانا. بدايةً، ما معنى حب الله ورسوله؟ ما معنى هذا الحب؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن. والله الحب في اللغة هو الميل القلبي. فواحد قلبه يميل لربنا، وواحد قلبه يميل لسيدنا، وواحد قلبه يميل لشيء فيحبه. أصبح حبه معناه أن قلبي متعلق به. ومن المتعلق به هذا؟ قد يكون الله،
وقد يكون الرسول، وقد تكون الزوجة، وقد يكون الأولاد، وقد تكون الشهوات، وقد تكون الفتن. وقد تكون الجاه وقد يكون السلطان أو قد يكون المال، ففي هذا الشكل كل تقول هذا رجل يحب المال أو الذات أو يحب نفسه، يحب أهله، يحب الله، يحب رسوله وهكذا. فالحب في حد ذاته هو الميل القلبي، وهذا الميل القلبي يحتاج أيضاً إلى علامة، يحتاج إلى مقياس، يحتاج إلى مسطرة نقيس بها. بها يعني ماذا تحب، ما هو أيضاً بميل قلبي، يعني ماذا يميل قلبك، وإلى أي درجة، درجة الميل هذا كم يبلغ؟ فوضعوا للحب تعريفاً بالمقياس، بالمقياس الخاص به، فقالوا
إن الحب عطاء، فإذا كنت تحب فعليك أن تعطي، أتعصي الإله وأنت تُظهر حبه؟ هذا لعمري في القياس بديع، لو كنت... حقاً لو أحببته لأطعته، انظر إذاً أن المحب لمن يحب مطيع، إن المحب لمن يحب مطيع. هذا يقول عنه ابن القيم ماذا؟ إيثار المحبوب على جميع المصحوبين. أنا أحب شخصاً في مجموعتنا، مجموعتنا هذه كم عددها؟ ستة أو سبعة أو ثمانية أصدقاء. فآتي أنا إذاً وأحب فلاناً، أحبه فأوثره على... الجميع لو كان لدينا
شيء زائد أذهب إليه، هل أنت ينقصك شيء لتأخذه؟ هذا أولاً. لو كان له رأي، قم وقف معه. لو كان في مصلحة، اسعَ لها. إيثار المحبوب على جميع المصحوب. فلو ربنا قال لي لا تتبع الشيء الفلاني، لا تسرق، لا تزنِ، لا تقتل، لا تكذب، لا... كذا إلى آخره، ورأيت المصلحة في هذه الأشياء، فابتعدت عن هذه الأشياء حباً في - أي ميلاً لطاعة الله - فهذا يعني أنني أحب ربنا هكذا، ولم تستطع الدنيا ولا الشهوات ولا الرغبات ولا المصالح أن تجذبني إليها وتجعلني أبتعد عن الله وأعصيه، لأنني لو كنت حقاً أحبه لأطعته، إن المحب لمن... يجب أن يكون مطيعاً إذا كان مع ربنا سبحانه وتعالى ومع رسوله،
آثراً المحبوب على جميع المصحوب. نعم، الحب هنا بالطاعة، يعني أنني أحب ربنا فيجب علي أن أطيعه. وفي المقابل الآخر، عندما يقول لي صديقي: تعال نشرب خمراً، أصبحت بين خيارين: إما أن أرضي صديقي أو أرضي ربنا، أليس كذلك؟ أنا دائماً عندما يقال لي هكذا، يقول لك في الإنجيل تلقائياً تلقائياً هكذا، ماذا أفعل؟ طاعة ربنا وأقول للشخص كيف تفعل هكذا وكيف تقول والخمر حرام وهذا لا يجوز. ارفض نصيحة هذا الأخ أو السير على هواه أو مجاملته لأن الأمر في طاعة لله سبحانه وتعالى عندما يكون فيها. سيدنا يخيرني بين أن أعصي الله وتكون هناك ساعة حظ، وبين أن أختار طاعة الله سبحانه وتعالى، وطاعة الله هي المختارة. هنا
يظهر الحب الحقيقي عندما تؤثر المحبوب على جميع المصحوب. أنا أصاحب هذا الرجل نعم وأمشي معه وبيننا عشرة وبيننا وبينه. مصالح وبيننا وبينه نسب وبيننا وبينه جوار، لكن عندما جاء وعطلني أو أمرني أو خالف بي عن أمر الله سبحانه وتعالى وما يحبه الله سبحانه وتعالى، قمت ففعلت ما يحبه الله ميلاً لهذا وإيثاراً للمحبوب على جميع المصحوب. ماذا يقول ابن القيم أيضاً؟ أصل ابن القيم ألّف... كثيرٌ في الحب (وأخذتَ بالك)، ولذلك تجد العبارات التي جمعها من تجربة الأمة كثيرة عنده. يقول: "موافقة الحبيب في المشهد والمغيب". ماذا يعني أن
يزنوها هكذا: "موافقة الحبيب في المشهد والمغيب"؟ ما معنى "موافقة الحبيب" هذه؟ يعني أرى... كانت السيدة عائشة تقول لسيدنا النبي: "أرى الله يسارع في هواك" عندما... يراك قلبك راغباً في شيء فيقوم بتحقيقه لك، سبحان الله. إنه يعني أن الله يحبنا ويحبه. قال تعالى: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله". هذا يعني أن الله يحبه، نعم يحبه. كيف يحبه إذاً؟ إنها موافقة الحبيب في المشهد والمغيب. المشهد يعني عندما أكون أمامك، أنا أحبك وأوافقك. وماذا عن المغيب؟ عندما تكون غائباً عني، أيضاً أوافقك. المصلحة الخاصة بك وجدتك على الفور تدافع، ولذلك
يقولون إن هذه المرأة تحب أولادها كثيراً، نعم، تدافع عنهم حتى وهم غائبون. الأب يحب أولاده، نعم، لأنه يدافع عنهم وعن مصالحهم وما إلى ذلك، حتى وهم في المحضر، في المشهد، في الوجود وفي الغياب. إذاً، هذا هو التعريف رقم ثلاثة لماذا؟ أصبح هذا ليس لذات الحب نفسها - ذات الحب الذي هو الميل القلبي - وإنما هذا هو المقياس أو المسطرة أو المتر الذي ستقيس به الحب. أنت الآن توافق الحبيب في المشهد والمغيب، كم مرة من كم؟ من كل عشرة مرات توافق كيف؟ ثمانية مرات؟ إذاً حبك ثمانية من عشرة. تمام عشرة؟ إذاً أنت... حبُّكَ عشرةٌ من عشرةٍ على المقياس، أصبح على هذا المقياس. ذهبتَ يميناً أم شمالاً، هكذا وأنت منتبه. تأثير المحبوب على جميع
المصحوب، كم تأثير المحبوب على جميع المصحوب؟ سبع مرات من عشرة، يعني سبعة من عشرة. حسناً، عشرة من عشرة، نعم، إذاً أنت حاصل على العلامة النهائية وهي عشرة. من عشرة وقس على هذا، فنحن وجدنا الآن بهذا الكلام مقياساً للميل القلبي الذي هو معبر عن شيء هلامي ليس فيه مقياس، لكننا صنعنا له مقياساً بالعطاء. والحب عطاء، فإذاً صحيح، ها نحن نحفظ الآن أن الحب عطاء، وأن الحب هو موافقة الحبيب في المشهد والمغيب، والحب هو تقديم المحبوب على الجميع أو إيثار المحبوب على جميع المسخوب هذا الحق. مولانا، أشكر فضيلتك، فقد أرجعتني بشكل شخصي إلى ما
أسمعه، يعني أن فكرة أن الإنسان لابد أن يحب الله ورسوله أكثر، وأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما. يعني فكرة: حسناً، أنا أحب أولادي وأحب أبي وأحب زوجتي وأحب الدكتور. علي جمعة، ليس فقط، أي أن فكرته هي أن أحدهم يأتي فيتعارض نفسياً مع أولادك. كيف تثبت أنك تحب الله؟ يعني عندما يقول لك أولادك إنهم يريدون طلبات تحتاج إلى أموال كثيرة تفوق طاقتك، فإنك تُطالَب بأن تجد لهم هذه الأموال وتخرجها، فتضطر أنت إلى الاستجابة لهذه الرغبة الآن. لرضا أبنائك وفرضية أنك تأخذ رشوة أو أنك تمد يدك على الحرام أو أنك تفعل وتفعل، فنفسك غلبتك من شدة حبك لأولادك ومن غفلتك عن رب العالمين، فأنت تحب أولادك أكثر من ربك. أتنتبه؟ كيف؟ طيب، الذي يحب أولاده...
هذا حكم من ربنا، ماذا نفعل فيه؟ يتوب إلى الله. معصية، يتوب إلى الله. يتوب من السرقة التي أخذها والرشوة التي أخذها. نعم بالطبع سيتوب من هذه، لكننا نريد ألا يعود إليها مرة أخرى. فيتوب من تفضيل الأولاد، يعني إذا كان عندنا هنا مصيبتان: المصيبة الأولى الرشوة، والمصيبة الأولى مدّ يده. على الحرام والمصيبة الأولى اتباع الشهوات وفعل الحرام، والمصيبة الثانية أنني أفضل كل شيء على أمر ربنا. هذا لازم أقلع عنه، هي المصيبة الثانية هذه حتى لا تتكرر، لأنه من الممكن أيضاً تحت ضغط معين من شهوة أو من رغبة أو من مصلحة أن أمد يدي أو أن - والعياذ بالله - أرتكب ما... حرّم الله سبحانه وتعالى مثل الزنا كما حرّم الله سبحانه وتعالى مثل الخمر، وتكون مصيبة سوداء، وهذا
ليس دليل الحب وهكذا. حسناً، كيف يأتي هذا إذن؟ يأتي بالغفلة. افترض أزيلت الغفلة أو تنبهت، هل يرجع الحب الأصيل كما كان؟ انتبه، يرجع الحب، انظر كيف يكون. أنا لا أكفّر بالذنب ولم أقل إن هذا كفر وذاك يحتاج أن يُدفن أكثر، أبداً، لأن المسألة سهلة جداً. إذا عاد الحب فسيعود، والله سيحبك. وهذا موجود في حديث نعيمان الذي كان يشرب الخمر، ثم يأتي باكياً في الصباح. ما الذي يجعله يبكي؟ حبه لله ورسوله، فيقول له النبي عليه الصلاة والسلام. ألا تفعل ذلك مرة أخرى، فيقول له: حاضر، وهو بالفعل لن يفعل ذلك أبداً، إلى أن يدخل في غفلة أخرى. كل ابن آدم خطّاء، وخير الخطائين التوابون. فلما
فعل ذلك مرة واثنتين وثلاثاً وأربعاً وخمساً، فسيدنا عمر ضاق صدره منه، وقال: يا رسول الله، اتركني أقتل هذا المنافق الذي في كل حين. يأتي بذنب فقال إنه يحب الله ورسوله، يعني الحب موجود لكن عكرت عليه وحجبته الغفلة. إذن إذا كان أصل الحب وهو المال القلبي قد تعكر عليه وتغلفه وتحجبه الغفلة، وحينئذٍ ما العلاج؟ نزيل الغفلة، نتوب من الذنب ونزيل الغفلة ونصمم ونعزم على ألا نعود إلى هذه الغفلة التي كانت سبباً في المعصية ليست إلا أن نعود إلى المعصية، وألا نعود إلى هذه الغفلة مرة أخرى، وألا نعود إلى المعصية مرة أخرى. فهكذا يكون حال أو هو مفهوم الحب لله ورسوله. نعم، بارك الله فيكم
مولانا. بعد الفاصل ستنسى فضيلة الدكتور، ونطلب من فضيلة الدكتور: كيف يستطيع الإنسان أن يسير في... هذا الطريق ويدرّب نفسه على محبة الله ورسوله وأن يكون رسوله أحب إليه مما سواهما. بعد الفاصل إن شاء الله، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم مرة أخرى فضيلة الدكتور. هنا كيف أستطيع أن أدرّب نفسي، وكيف يستطيع أي أحد من المشاهدين أن يدرّب نفسه على محبة الله ورسوله وعندما يُوضَع في هذا الاختبار اختبار الحب لله ورسوله. ينجح في هذا الاختبار أول شيء هو مقاومة الغفلة، والغفلة
تُزال بأمور، أول هذه الأمور هو ذكر الله سبحانه وتعالى. ولذلك ربنا في القرآن اهتم كثيراً بذكر الله، وترى هؤلاء الشباب المتشددين أصحاب الجماعات الإرهابية لا يذكرون الله إلا قليلاً، سبحان الله. ويُبدِّعون من يلتزم الأوراد ويلتزم الأذكار، يُبدِّعونه قائلين: "هذه بدعة لم تكن على عهد رسول الله"، بالرغم من أن رسول الله علَّم أصحابه مجالس الذكر وحِلَق الذكر. وفي إحدى المرات دخل فوجد في المسجد حلقة ذكر وحلقة علم، فقال: "هؤلاء على خير وهؤلاء على خير"، وانضم إلى حلقة العلم بالضرورة. هو يُضعفه إذن ويفعل وكذا إلى آخره وقال: "ما اجتمع قوم في بيت
من بيوت الله يذكرون الله إلا ذكرهم الله في الملأ الأعلى" وما ذكر قوم ربنا سبحانه وتعالى في ملأ إلا ذكرتهم في ملأ خير منه. القرآن إذن: "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون" "والذاكرين الله كثيراً والذاكرات". واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون، ألا بذكر الله تطمئن القلوب، يعني شيء غريب حتى أنه سمى القرآن ذكراً فقال: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"، الذكر نفسه، "ونزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزِّل إليهم ولعلهم يتفكرون"، ما نُزِّل إليهم هو القرآن، فيكون الذكر الأول هذا ما هو؟ السنة. التي بيَّنت القرآن، فأطلق الذكر على القرآن، وأطلق الذكر على العلم
المفسِّر، وأطلق الذكر على الذكر المحيط، وأكثر جداً من تفنُّن الذكر. علَّمنا سبحان الله، الحمد لله، لا إله إلا الله، الله أكبر، لا حول ولا قوة إلا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون، حسبنا الله ونعم الوكيل، توكلت على أستغفر الله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وسموها العشرة الطيبة الذكر، هذا الذي ربنا سبحانه وتعالى علمنا إياه وتركه لنا. يقول لك: "ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها". الأسماء التي موجودة في القرآن أكثر من مائة وخمسين اسماً، وفي السنة أكثر من مائة وستين اسماً، يعني في الاثنين أكثر من مائتين وعشرين اسماً. كلها أسماء صالحة لأننا نذكر الله سبحانه وتعالى بها وندعوه سبحانه وتعالى ونقول: يا لطيف يا لطيف يا لطيف، "وذكر اسم ربه فصلى" يعني انظر ذكر اسم ربه. ولا يزال
لسانك رطباً بذكر الله، يعني المهم أن الشريعة كلها في القرآن والسنة أمرتنا بهذا الذكر. تجد الأطفال يظنون أنهم عندما يجاهدون في أوهامهم وفي تُرَّهاتهم، وأن يسمّوا الأشياء بغير اسمها، ويبتعدون تماماً عن الذكر الذي به الطمأنينة، والذي به هدوء النفس واستقرار الحال ووضوح الرؤية وفتح من الله سبحانه وتعالى على الإنسان. دائماً هم يتكلمون عن الأدوات والأساليب والظاهر، ويتركون القلب، والقلب هو بيت الرب سبحانه وتعالى لو وقفنا. عندَ الحديثِ الواردِ في سياق الرسولِ صلى الله عليه وسلم حيثُ قال: "لا يؤمنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليهِ من نفسِهِ"، قالَ عمرُ: "فأنتَ الآنَ والله أحبُّ إليَّ من نفسي"، فقالَ
رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الآنَ يا عمر" أن يكونَ حبُّ الرسولِ صلى الله عليه وسلم أحبَّ إليه. من نفسه هنا بمعنى هوى النفس أليس كذلك يا مولانا؟ بلى، يعني كما شرحنا الآن أنه عندما تأمرني نفسي بشيء من الشهوات أو المصالح على شيء ما في مقابلة رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما للزكاة فتأمرني بشيء ليس فيه مقابلة مع رسول الله فيكون مباحًا. نعم، هل أنت منتبه؟ أي أننا شاهدنا علماءنا ومشايخنا، فكان أحد مشايخنا الكبار يحب أن يشرب الشاي باللبن في الصباح، ويحب أن يشرب كوبين كبيرين هكذا. وبعد أن يشرب يقول: "نعمة من نعم الله تستوجب الحمد". هل انتبهت؟ نعم، إنه لم يشرب شيئاً محرماً،
ولم يفعل شيئاً محرماً، بل تمتع بنعمة وهو يشربها، يتمتع ويستلذ بما... أفاض الله عليه من نِعَم، فالمفهوم هذا مفهوم واحد: فهم الشريعة، وفهم القرآن، وفهم أنه "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها"، وفهم أن هذه النعم التي من الله بها علينا إنما هي مسخرة لنا، فلا بد أن يتمتع بها. صحيح، صحيح، وفي نفس الوقت عمره ما رأى زجاجة. ويسكي أو زجاجة كذا لأنه حرام رجس من عمل الشيطان. ما هذا القرف؟ إنه نجس أيضًا، نجس، شيء نجس. يعني - أعزك الله - هذا كشخص - والعياذ بالله تعالى - يشرب البول مثلاً، نجس. فهذه النجاسة وهذه الأحوال النفسية التي
تعامل بها المسلمون مع المحرمات والقاذورات وما إلى ذلك. قال فمن... اجتنب تلك القاذورات، انظر كيف أنها قاذورات. حتى عندما يقول لك: لا يجوز أن تُظهر المرأة مفاتنها. مفاتنها تعني فتنة، والفتنة هذه شيء سيء، هل انتبهت؟ والفتنة أشد من القتل. انظر إلى التمكن من اللغة العربية. ماذا فهمت؟ فهمت أن كلمة فتنة هذه شيء سيء وليست شيئاً إيجابياً أن تكون مفاتن المرأة. أي أماكن جمالها وكمالها وما شابه، فلو كانت بلغة صحيحة لعرفوا أن كلمة "المفاتن" هذه مشتقة من "الفتن"، والفتن معناها أنها أشد من القتل صحيح. وهكذا إذن، فنحن أول شيء لكي ننطلق في حب الله والرسول، يجب إزالة الغفلة، والشيء الثاني المداومة على العبادة. هل انتبهت كيف؟ أحب
الأعمال إلى الله أدومها وإن قل، فهذا شيء مهم جداً وهي المداومة على العبادة. المداومة على العبادة تجعلنا منطلقين في طريق حب الله ورسوله. ثالث شيء، ورد القرآن يجعلك تحب القرآن لأن القرآن شيء مبهر، ولكن ليس لمن اتخذه شيئاً منسياً. بل من دائماً تكون له علاقة مع القرآن يتأمل ويتدبر ويقرأ فيزداد أشياء غريبة جداً. أولاً: أنه يُحسِن تلاوته، فكلما قرأ المرء القرآن كثيراً، تجده لا يتلعثم في الآيات، بل ينطلق فيها بطلاقة. وثانياً: تلين له اللغة، فيدخل إلى اللغة من أوسع
أبوابها، وقد رأينا نماذج كثيرة جداً على ذلك. عندما أُنشئت إذاعة القرآن الكريم، كانت في بداياتها تذيع ختمات متعددة في الأسبوع، ربما كانت تذيع لهم ثلاث أو أربع ختمات. يعني القرآن بالنسبة للمرتل يستغرق ثلاثة وعشرين ساعة، والشريط نصف، فيصبح ستة وأربعين. هذه الستة والأربعون كانت تذاع على اثنين وتسعين، وفي هذه الاثنين والتسعين يأخذون اثنين وتسعين ربعاً، أي يعني... يعني كم ساعة يعني، نحن في البداية ثلاثة وعشرون ساعة، كان المجوّد يأخذ ستة وخمسين ساعة يوزعونها على اليوم، وأنت في الأسبوع تسمع. كان هناك أناس رأيناهم يستمعون باستمرار إلى إذاعة القرآن الكريم ليلًا ونهارًا، هو
لا يعرف أن يقرأ أو يعرف، ولكنه يعمل في هذه الأمور بعد سنة أو سنتين. ثلاثة وجدنا تُكمِل للشيخ، وأنت منتبه، خلاص تعلم الإيقاع وتشبع به، وهكذا إلى آخره، وتعرف أن هذا كان يسبب لهم صفاءً، وكان يسبب لهم استقراراً، وكان يسبب لهم أن هذا الصنف دائماً يحب الله ورسوله، لأنه يشعر أن هذا كلام الله وليس كلام البشر، فينجذب إليه ويصبح. محبٌ كذلك، حب الرسول يتأتى بقراءة السيرة النبوية الشريفة، كلما قرأت السيرة كلما ازددت حباً في هذا الإنسان الرباني، النبي الرسول الذي أيده الله سبحانه وتعالى بتأييد عظيم إلى يومنا هذا. مولانا، فيما يتعلق
بالناس الذين يقولون: "والله أنا أحب ربنا وأحب الرسول عليه الصلاة والسلام" ولكن في سلوكياتهم أشياء خاطئة، يقول: "نعم، ولكن هذا الشخص يحب الله، وداخله محبة لله"، مع أنه يرتكب أموراً محرمة. هل هنا تتعارض هذه المعصية بشكل مطلق مع محبة الله ورسوله؟ لا، ليس بشكل مطلق، وقد ضربنا مثلاً لهذه المسألة بقصة العصيان الصحيح الذي كان يحب الله ورسوله ولكن... بالغفلة ينسى ولكنه يرجع ثانية أول ما يفيق من الغفلة، يرجع ثانية. ولذلك انظر، الكلام واضح: كل ابن آدم خطّاء، خطّاء يعني كثير الخطأ، وخير الخطائين التوابون الذين يرجعون. فإذاً، التمادي يقسو القلب والتمادي في المعصية ينكت في القلب نكتة سوداء، فلا يستطيع الإنسان بعد ذلك ولا يجد. واعلموا أنَّ
الله يحول بين المرء وقلبه، يعني آتي وأحاول أن أُحِب فلا أستطيع، أحاول أن أرجع لطبيعتي فلا أستطيع. إن نفسي وعقلي يقولان لي ولكنني لا أستطيع أن أفعل هكذا. لقد رأينا هذا حتى في الناس الملحدين، تجدهم - رأينا من الناس من قال: أنا في جهنم، أنا أشعر أنَّ... أنا أتعذب كل يوم، إذاً ولأي سبب لا تؤمن؟ قال: لا أعرف. قلت له: لا أفهم ماذا تعني بلا أعرف. قال لي: لست قادراً، لا أعرف، لا أعرف. كلما يقول لي عقلي أن أؤمن، هناك شيء يشده للعكس. أنا لست قادراً، لست قادراً. إنني كأنني أدور بلا فائدة هكذا. مثل الترس المكسور، فقد تعجبت كثيراً من هذا المعنى لأنه في تفسير قوله تعالى: "واعلموا أن
الله يحول بين المرء وقلبه"، أي أنه لا رجوع بعد ذلك، وهذا يعني أنه قدر الله عليه هذه الحالة السيئة، فلا بد أن كل ابن آدم خطّاء، وأن يبقى مع خطئه، وخير الخطائين. التوابون فلا الحب موجود ولكنه يُحجب بالغفران. نعم، بارك الله فيكم مولانا. نستمر مع حضراتكم وسألناكم على صفحة "والله أعلم" على الفيسبوك: برأيك كيف نحقق المحبة الحقيقية لله ورسوله؟ ومرة أخرى
مولانا: هل الإنسان مأجور على حبه لدين الله؟ يعني الذي مرتبط بالقرآن، الذي مرتبط بالصلاة، بالصيام، بأهل... الخير بمساعدة الفقراء، هل مشاعر الحب نفسها منفصلة عن العمل؟ يعني هل مشاعر الحب - لأنه من الممكن أن الشخص لا يستطيع - يحب ويساعد لكن ليس لديه [المقدرة]، هل هذا الشخص يُؤجر فقط على مشاعره وعلى حبه دون أن يقوم بالفعل؟ على فكرة أنت سألت سؤالين أو ثلاثة، وليس [سؤالًا واحدًا]. سؤال واحد: أنا أحب فعل الخير ولكنني لا أستطيع عليه. لهذا صور متعددة. في الملف الأول، وله صور من ضمنها أنني أصلي لكنني غير قادر على الصلاة. فالنبي عليه الصلاة والسلام يذكر لنا أن المريض الذي لا يستطيع أن يفعل الخير بسبب مرضه يُكتب له
ما كان يفعله. حين صحته حتى لو انقطع عن هذا العمل، حتى لو انقطع عن هذا العمل، فيستمر أجر هذا العمل لأنه كما تقول لديه عذر، لديه عذر. وهذا يظهر في حالة المرأة الحائض التي لا تصلي بأمر الشرع، فهي في رضا الله. وعلى فكرة، لو صلّت تكون قد خالفت. طيب، ولو... صامت فقد خالفت، ولذلك هي في رضا الله بالرغم من أنها لا تعمل، ولكن يُكتب لها العمل الذي كانت تعمله وهي خارج المسجد، أو نفست، أو ما شابه ذلك إلى آخره. فإذا هذه حالة التي هي "أنا ليس بوسعي أن أفعل شيئاً"، فالذي ليس بوسعه ذلك كُتب له الأجر
على الثلاثة الذين... سألوا وقالوا له يا رسول الله احملنا في صورة توبة فقال لا أجد ما أحملكم عليه، فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع. يتضح إذاً أن هؤلاء مكتوب لهم أجر، إذ كان يقول في الطريق: "إخوان لكم في المدينة حبسهم العذر، لا تسيرون مسيراً ولا تطئون موطئاً إلا كتب الله لهم معكم به حسنات". صحيح ففي العجز عن فعل الخير سواء كان بالمرض أو بالعارض الشرعي أو بالعجز وقلة الموارد، يُكتب للإنسان ملفه. الملف الثاني هو الذي يتعلق بالعجز عن فعل الخير مع الرغبة فيه، أما الملف الثاني فهو
أنني قادر ودائماً أهمُّ بفعل الخير ثم تأتي. أريد أن أتصدق على شخص لأسدد عنه تكاليف العلاج في المستشفى أو أعطيه مالاً لعملية سيجريها، ثم مات المريض قبل التنفيذ. ما حكم هذه النية؟ أنا لم أدفع المال فعلاً، لكنني كنت أنوي ذلك، فهل لهذه النية ثواب؟ نعم، لها ثواب، فقد ورد أنه إذا هَمَّ بحسنة فلم يفعلها كُتبت له حسنة. كتبت له: حسناً، إذاً هذا ملف آخر الذي هو ليس الملف الأول (أنني عاجز)، هذا هو الملف
الثاني (أنني قادر) ولكن هناك حائل بيني وبين فعل الشيء الخارجي لأي سبب عارض أو كالمثال الذي ضربناه أن الشخص المعني قد مات، وأخذت بركة أنني بار بأبي وأمي وهكذا، لكن... مظاهر هذا البر، كنتُ أُدبِّر في ذهني أن أُحضِر لهم هديةً أو نحو ذلك، فماتوا مثلاً. فهذا التدبير وهذه الهمة وهذه النية تجعل لها ثواباً أيضاً إلى آخره، حتى لو ذهب المحل الذي فيه الفعل. القضية الثالثة أيضاً من كلام حضرتك هي ما يُسمّونه مراتب القصد ومراتب... المقصود أن هذا يدخل فيه جزء آخر وهو أنني أهم بفعل السيئة ولم أفعلها، أتذكر فحسب، أو هذا يأخذ
ثواباً. هذه هي الأجزاء الثلاثة التي فهمتها من السؤال. أشكر فضيلتك. وفيما يتعلق بحقيقة الحب عند الصوفية، كيف هو الحب عند الصوفية؟ وهل يختلف عن المفاهيم الحقيقية التي ذكرتها؟ في السابق كان الصوفي يهتم في طريقه إلى الله بالتخلية والتحلية؛ تخلية القلب من كل قبيح وتحلية القلب بكل صحيح. ولذلك عنده مرتبة وهي أنه يريد أن يخلي قلبه من السوى. ما هو السوى؟ إنه ما سوى الله، يعني لا يعرف شيئاً سوى الله، لا يريد شيئاً سوى الله أبداً أبداً ولا. يريد أي شيء سوى الله، ومن
هنا يقول: يا ربي، لم أعبدك طمعاً في جنتك، ولا خوفاً من عذابك، بل عبدتك حباً فيك. نعم، نعم، هذا هو الحب. هذا الحب طبعاً ركن من أركان العبادة: الحب والخوف والرجاء، ثلاثة أركان للعبادة لازم نلتفت إليهم التفاتاً واضحاً: الحب والرجاء في... نطمع ونرجو وجه الله، والرجاء في فضل الله، والخوف من الترغيب والترهيب. نعم، إنما الحب قبل الترغيب والترهيب، هو هذا الأساس في العلاقة يا مولانا، هو هذا الأساس في العلاقة، هو الأول في العلاقة. فالحب عند الصوفية مبني على العلوم، ويقولون لك مبني على تخلية ثم.
ما هو التجلّي؟ إنه الجلاء الذي يحدث عندما يتخلى الإنسان عن القبيح ويتحلى بالصحيح، فيتجلى رب العالمين على قلبه. والقلب هو بيت الرب، فالمسألة ليس فيها غرض، بمعنى أنني لا أعبدك لكي ترزقني، ولا أعبدك لكي تُبقيني فترة في الدنيا، ولا أعبدك لكي تُدخلني الجنة، ولا لكي تُبعدني عن النار. صحيح أن حقائق الأمور هي أنه... فمن زُحزح عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز، هذا صحيح، وأن الجنة هي مأوى المتقين الأتقياء وكذا إلى آخره، لكن ليس هذا هو الدافع، أنا أحبك أنت، بمعنى لو لم تكن هناك جنة ولم تكن هناك نار وقال لنا: على فكرة أنا سأخلقكم في الدنيا والذي... يَعبُد من يَعبُد، والذي لا يَعبُد فلا يَعبُد. كنتُ سأعبُدُكَ
حتى لو لم يكن هناك عقاب ولا شيء، ولا عقاب ولا حتى هناك جحيم. أنا كنتُ سأعبُدُكَ لأن عبادتك هي ما أستطيع تقديمه لك، ولأن عبادتك هي الحق، ولأن عبادتك هي الصواب، ولأن عبادتك يا رب هي إعطاء الحب. نعم. صحيح، أي لا يوجد دافع واحد يجعله يقول له: "لماذا تعبد الله؟" فيجيب: "حتى لا يغضب علي". وإذا افترضنا أنه قال له: "إنه ليس غاضباً عليك"، فيرد عليه: "حسناً، بركة. ما جاء منك لم يأتِ مني. خلاص الحمد لله. لا داعي للصلاة ولا للصيام. أصبحت حراً إذاً". ما أريد أمام ربنا ألا يكون غاضباً عليّ. الآخر يقول ماذا؟ الصوفي هذا يقول: لا، أنا سأعبده، سأعبده حتى لو لم يكن هناك عقاب، وحتى لو لم يكن هناك ثواب، وحتى لو لم يكن هناك إحسان. لماذا؟
لأنه يستحق هذه العبادة ويستحق منا، ولكنني أفعلها حباً، ولكنني أفعلها من جانب. التشريف لا التكليف، هذا هو الصوفي الصحيح. طيب، أيضاً، هل الحب يوصل في النهاية إلى الدرجات العليا؟ بمعنى لو وقفنا عند الحديث النبوي الشريف: "من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجاتي يوم القيامة"، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. هنا، هل محبة رسول الله... ستكون محباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وستكون شفيقاً عليّ في أن أرتقي إلى هذه الدرجة والمرتبة الرفيعة التي قد لا أستحقها فقط بعملي. قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ. فالله سبحانه وتعالى حبيب وهو وضع علينا هذا الطريق، فبحب
الله نحب رسول الله كما ورد في... الحديث الذي ذكرتَه، نعم، ونُحِبُّ رسول الله، ونُحِبُّ آل بيته، نعم، ولا بدّ علينا أن نُحِبَّ آل البيت الكرام حباً في رسول الله، ونحن نُحِبُّ رسول الله حباً في الله الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي يستلزم منا خالص العبادة. نعم، حسناً، سأنتقل إلى أسئلة حضراتكم التي سأعرضها على فضيلة الدكتور. سؤالنا على الصفحة كان يقول: كيف برأيك نحقق المحبة الحقيقية لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام؟ انظر إلى بعض إجاباتكم: هالة قالت أن القلوب بين أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، فندعو الله عز وجل أن يهدي قلوبنا إلى حبه وحب حبيبه سيدنا محمد صلى الله عليه. تقول الأستاذة إيمان: بطاعة الله والتحلي بسنة نبينا صلى الله عليه وسلم وأن لا نقدم حب الناس
على محبة الله والله أعلم. مايور تقول: بذكر الله وطاعته واتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. أحمد عشوش يقول: بالإيمان بالله ورسوله وباليوم الآخر. مولانا، يعني إذا سمحت لي أن أذهب. بالنسبة لبعض الأسئلة عن الاسم، هناك أشخاص لديهم أمور برقم آخر أربعين يتحدثون عن الوسوسة. كيف تتخلص من هذا الأمر يا مولانا؟ وإذا كان هناك أدعية قد تعين على الشفاء من الوسوسة. هذا الوسواس له بداية وله وسط وله مدى طويل، فلو كان في البداية يمكن أن يُعالج بالهمة والسيطرة. على النفس ومعرفة أن الوسواس ليس شيئاً شرعياً وليس شيئاً مطلوباً، أو مثلاً الشريعة
لم تأمرنا بزيادة التحوط والتأكد وما إلى ذلك، خاصة في النظافة أو في النجاسات أو في العبادات أو في الأداءات المختلفة. ولذلك نستطيع أن نتدارك هذا الأمر إذا كان هذا الوسواس قد دخل عليه منذ أسبوع أو أسبوعين. نلحقه بالموعظة ونستطيع أن نبين له كيف، لكن عندما يأتي شخص ويقول لي: "إنني موسوس منذ عشرين سنة وأتعبني وأهلكني، وربما خرب البيت في بعض الأحيان"، فهذا لا بد أن يذهب إلى الطبيب النفسي، لا بد أن يذهب إلى الطبيب النفسي لأن هذه مسألة عضوية ومسألة تترتب عليها مهالك كثيرة، ولذلك لا بد. أن يكون يستعين بالمعونة الطبية، نعم، رقم آخره ثمانون. يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فضيلة الدكتور، أبي فاجأني أنا وأخواتي البنات بأن لديه وديعة كبيرة
من المال في البنك، وأنه كتب لهذه الوديعة أنا وأخواتي البنات على أن نأخذها بعد وفاته وليس قبل وفاته، وبالتالي. هو بهذا الأمر حرّم عمي. أنا زوجة ولدي أطفال ولا أريد أن أُدخل مالاً حراماً على أولادي. ما رأي فضيلتك؟ كيف كتبها باسمهم؟ وكيف يعني؟ كلام غير واضح! يبدو أنه مقيد، فمثلاً دعنا نضرب الأمثال: وهو أن لديه أربعة ملايين ولديه أربع بنات، فذهب وأعطى لكل بنت مليوناً فجاءهم. بأن حساب كل فتاة أصبح فيه مليون، نعم، وبعد ذلك قال لهن: "يا فتيات، لو سمحتن لا تتصرفن في هذه المليون حتى أموت، لئلا نحتاج إلى شيء، أو لئلا أمرض، أو لئلا نحتاج إلى علاج،
أو لئلا يحدث كذا" إلى آخره. هذا التصرف منه إذا كان بنية خدمة الفتيات وسترهن وما إلى ذلك، فلا شيء فيه. لأنه يكون قد تبرأ بملكه في حياته لبناته وهذا لا شيء فيه، ولكن لو نوى في قلبه حرمان أخيه وقال: "أنا فعلت ذلك أضر بأخي لكي لا يشارككم" فتكون هذه النية حراماً. حسناً، أنا فتاة ورأيت معي مليوناً في حسابي وكان والدي قد فعل. هذا من أجل أن يحرم عمي وأبي، ربما كان يريد أن يحرم عمي. فماذا أفعل أنا؟ لا شيء. ما لك؟ ليس هناك شيء، هذا الاسم عليه. نعم، طيب هل عندما أرجع لعمي نصيبه يزول عنه الاسم؟ أبداً، خلاص. لقد قام هو بعمل الاسم ومات، تماماً، واحتُسب عليه الاسم، خلاص، ولذلك إرجاع. نصيب
عمك أو لا ترجعي، نصيب عمك هذا لا شأن له بعقاب أبيك. أبوك سيُعاقب، سيُعاقب، لكنها تعرف أنه غداً سيُعاقب على ماذا؟ سيُعاقب على النية، على النية، ليس سيُعاقب على التوزيع، لأن توزيع بنات صالحات غير هذه النية الطيبة كان سيكون تصادفاً جميلاً وسليماً وكل شيء. أما إذا كانت مع هذه النية المحبة، فإن الحرمة جاءت في النية وليس في التقسيم ذاته. نعم، بارك الله فيكم مولانا. أشكركم جزيلاً.
الشكر موصول لحضراتكم مشاهدينا الكرام، إلى اللقاء. .