والله أعلم | فضيلة د. علي جمعة يتحدث عن صيام الرسول | الحلقة الكاملة

مساء الخير، أهلاً بحضراتكم في حلقة جديدة من "والله أعلم". بالأمس تحدثنا عن الصيام وكيفية استقبال هذا الشهر الكريم إن شاء الله بعد أيام قليلة. ربنا يعيد يا رب على الأمة العربية والإسلامية وعلى الجميع بألف خير. اليوم أيضاً سنتحدث في نفس الإطار، وسنتحدث مع مولانا عن قدوتنا جميعاً صلى الله. عليه وسلم كيف كان يصوم شهر رمضان، كيف كان يتهيأ لشهر رمضان، ما هي العادات النبوية في هذا الشهر الفضيل، كيف كان سلوكه، كيف كانت شخصيته. بكل تأكيد صعب، صعب، صعب، مستحيل، لكننا
نحاول أن نتشبه، أن نقترب من هذه الصفات النبوية الكريمة والشريفة إن شاء الله في هذا. سنتعرف على هذه الشمائل إن شاء الله من فضيلة مولانا العالم الجليل الأستاذ الدكتور علي جمعة. أهلاً فضيلة مولانا، أهلاً وسهلاً، أهلاً وسهلاً، مرحباً، مرحباً. حضرتك، بدايةً مولانا: متى صام سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم شهر رمضان؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله. وآله وصحبه ومن والاه، سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم عندما جاء إلى المدينة كان رمضان لم يفرض بعد، ولذلك عندما دخل ووجد اليهود يصومون عاشوراء صامه وأمر أصحابه بصيامه، وبعد ذلك في شعبان من السنة الثانية، يعني عندما حل عليه محرم من السنة الأولى كان ما زال في أولها. محرم هذا هو دخل المدينة
بعد أصبح ليس الهجرة يعني هو ليس داخلاً المدينة في الهجرة كما يعتقد بعض الناس. هو دخل المدينة من سفرية كان مسافراً إليها في محرم سنة اثنين، فوجد اليهود يصومون اليوم العاشر من شهر تشري الخاص بهم الذي هو عيد الغفران وكذا إلى آخره أو عيد. النجاةُ التي نجَّى اللهُ فيها موسى فصامَ وأمرَ أصحابَهُ بالصيامِ. لمَّا جاءَ شعبانُ فُرِضَ عليهِ الصيامُ. سنةَ كم؟ أصبحتْ سنةَ اثنينِ للهجرةِ. سيدُنا الرسولُ انتقلَ إلى الرفيقِ الأعلى سنةَ إحدى عشرةَ. إحدى عشرةَ ناقصُ اثنينِ يُساوي تسعةً. أي أنَّهُ صامَ تسعَ سنواتٍ رمضانَ. صامَ تسعَ سنواتٍ رمضانَ كما يقولُ الإمامُ النووي، وقد صامَ. تسع سنوات هكذا متتالية، وبعد ذلك يقول الإمام
البغوي شيئاً لطيفاً جداً كثير من الناس لا يعرفونه، يقول: "ولم يتم إلا اثنين"، يعني في التسع سنوات لم يكتمل إلا واحد أو اثنين، لم يكتمل صيام الشهر الكامل إلا مرتين، نعم، يعني لم يأتِ ثلاثين يوماً إلا مرتين، نعم لم يأتِ. ثلاثون يوماً في الشهر؟ نعم، تسعة وعشرون، تسعة وعشرون. أغلب السنين التي صامها سيدنا الرسول كانت تسعة وعشرين يوماً. انتبه، هذه المعلومة نادرة نوعاً ما، لا يعرفها كثير من الناس، أن سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم أغلب صياماته كانت تسعة وعشرين يوماً. صام تسعة سنين، هذا مضى، ربما يكمل. مرة أو مرتين جاءت ثلاثين والبقية جاءت تسعة وعشرين، هل أخذت بالك كيف؟ فهو صلى الله عليه وسلم صام تسعة
سنين. نعم، حسناً، هنا هيئة الصيام بالتأكيد كانت واحدة من أول سنة، في السنة الثانية صام سيدنا الرسول عليه السلام، وقبل ذلك أيضاً كانت واحدة، وقبل ذلك كانت واحدة، نعم. الذي هو أن يمتنع عن الأكل والشرب، لكن كانت قد أُضيفت إليه أشياء أخرى، أنني من وقت الفجر الصادق - وقد ذكرنا أنه فجران: فجر يظهر مستطيلاً هكذا في الأفق - يعني عندما أتوجه نحو الشرق هكذا، أجد نوراً يبزغ فجأة، ليس الشمس، نعم، هذا صحيح، إنه بزوغ مفاجئ للنور. نور هكذا يأتي، هو ومجيئه مثل ذنب السرحان، يعني مثل ذيل الثعلب. أتفهم ما أقول؟ فهو يكون هكذا ثم يختفي، وبعد ذلك يطلع الفجر في الأفق وينتشر، فيسمونه المستطير.
والآخر يسمونه المستطيل، هذه الثانية باللام، نعم، وهي ذنب السرحان، وهي الفجر الكاذب. الفجر الذي لا نصلي فيه ولا نمنع أنفسنا من الأكل فيه، والثاني يسمونه المستطير ويسمونه الفجر الصادق، ويؤذن عليه للصلاة ونمتنع فيه عن الأكل، "حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر". نحن لم نعد نرى هذه الأشياء كلها لماذا؟ بسبب التلوث الضوئي الموجود في البلاد والعباد، وبسبب التلوث. خاص بالغبار وخاص بهذا الأمر ومن أجل ذلك، لكن أهم شيء هو التلوث الضوئي. التلوث الضوئي من الكهرباء تسبب في إخفاء أضواء السماء الليلية عنا، فأصبحنا نعتمد على النتيجة والحساب. والذي
يحسب يقول: عندما تكون الشمس تحت الأفق بتسعة عشر درجة ونصف، قم وأذِّن للفجر. فعندما تكون كذلك، يقومون بالكتابة. في النهاية إذن، عند أذان الفجر يا صديقي، الآن نقول: الله أكبر، فعند همزة كلمة "الله" نمتنع عن الأكل والشرب. بعض الناس تستمر في الأكل والشرب حتى الشهادتين، وهذا خطأ. "الله أكبر" - الهمزة الأولى من كلمة "الله" التي ينطقها المؤذن هي العلامة الخاصة بك. وهناك أناس يحبون أن يوسعوا على أنفسهم. أنها تتوقف قبلها بخمس دقائق أو بعشر دقائق، هذا تقوى وورع، هل فهمت؟ إنها احتياطات وأمور مثل هذه. لدرجة أنهم كانوا قديماً يستخدمون ما يسمى مدفع الإفطار ومدفع الإمساك. مدفع الإمساك هذا، أين كان؟ كانوا يسمونه مدفع فاطمة نسبةً إلى السيدة فاطمة بنت الخديوي إسماعيل.
والله نعم، أقصد ذلك، نعم بالطبع. ما هو؟ لأنه كان في القلعة، كان في القلعة، ويُطلق صوتاً تسمعه القاهرة كلها بصوت عالٍ هكذا. هو يعني ميزته، نعم، أنه لا يؤذي أحداً. فكان يُطلق هذا الإمساك قبل ساعة من الفجر، فيقوم الناس أول ما يسمعون مدفع الإمساك، يقومون ويتناولون السحور. هل أنت منتبه؟ أليس أن يمسكوا والإمساكيات القديمة سمّوها إمساكية يعني تمسك، فكان فيها بندٌ عن الإمساك. ما هو الإمساك؟ يعني أن تهيئ نفسك للسحور وتنتبه إلى أن أمامك ساعة كاملة. هل تنتبه لكل هذه الأمور؟ أظن أن الناس ربما لم تعد معتادة على ذلك بعد دخول التلفزيون وما شابه إلى... آخره كان ولكن قبل ذلك الوقت، الذي لم نحضره، نحن حضرنا كل هذا الذي هو مدفع فاطمة، حضرناه. السيدة فاطمة بنت إسماعيل
التي هي بانية جامعة القاهرة، هي التي صنعت هذا المدفع، وكان موجوداً قبلها أيضاً ولكن بطرق أخرى. قبل ذلك كانوا يرفعون الأعلام عندما... يأتي المغرب فيقوم برفع أعلام حمراء على الأزهر، فمئذنة الأزهر من فوق مرئية عند الجميع، فيقومون بالإفطار على شيء مثل ذلك. المهم أن سيدنا النبي كان أول ما يؤذن المؤذن يمتنع عن الأكل والشرب، وقبل ذلك، قبل رمضان وفي رمضان الأول أيضاً، كانوا يمتنعون عن الأكل. والشرب أثناء النهار والعلاقة بين الرجل وزوجته يُمتنع عنه، وكذلك في الليل حتى نزل
القرآن يبيح هذه الفترة الليلية، لكن في البداية كان يبتعد عنها إذا نام، فلا يجوز أن يقوم ويكون في علاقة زوجية. كانت الأحكام هكذا، ولكن هذا نُسخ ولم يعد موجوداً، وخفف الله عن المسلمين وجعل أنه... الطعام والشراب وهذه العلاقة موجودة من الفجر حتى المغرب. حسناً، هنا كيف كان يوم سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام في رمضان في الأثر وفي الشمائل؟ يعني كيف كان يصوم؟ أولاً، كان الله تعالى قد أمره بالاهتمام بالليل، وهذا الليل مع القرآن شيء غريب جداً، فهناك علاقة في القرآن. بين القرآن وبين الليل "إنا أنزلناه في ليلة مباركة
إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين رحمة من ربك"، إذاً نزل أين بالليل؟ "إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر" "ومن الليل فتهجد به". نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً. قم الليل إلا قليلاً، نصفه أو انقص منه قليلاً أو زد عليه، ورتل القرآن ترتيلاً. انظر كيف العلاقة بين القرآن والليل. إذا تساءلت عن الأربع والعشرين ساعة الخاصة بسيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم في رمضان، ستجد أنه كان يسهر الليل كله. نعم، أتلاحظ كيف أنه لا ينام إلا قليلاً جداً في الليل، وإذا نام فلا ينام أكثر من سُدس الليل. يعني مثلاً
إذا افترضنا أن الليل اثنتا عشرة ساعة، فإنه ينام ساعتين فقط، من الساعة الواحدة إلى الساعة الثانية مثلاً، والباقي إما قارئاً وإما ذاكراً وإما مصلياً وإما... وهكذا فهذا الليل كان يعمره لأنه فرض بالنسبة له "قم الليل إلا قليلاً نصفه أو انقص منه قليلاً أو زد عليه". الأمر غريب، فالنصف إذا زدت عليه سدساً يصبح ثلثين، وإذا نقصت سدساً يصبح ثلثاً، فهو "أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً". فكان النبي عليه الصلاة. وفي رمضان كان النبي صلى الله عليه وسلم يهتم بالليل، هذه نقطة أولى. النقطة الثانية أن لك في النهار وقتاً طويلاً، أي لديك فرصة طويلة في النهار. فبعد شروق الشمس، كان النبي عليه
الصلاة والسلام يوجهنا إلى أنه عندما تجلس بعد صلاة الفجر حتى شروق الشمس، يُكتب لك أجر عمرة كاملة. وهكذا كان النبي يستغل شهر رمضان. وبعد ذلك ينبغي أن ينام، فلينم من الشروق حتى الضحى، أي حوالي الساعة الحادية عشرة أو الحادية عشرة والنصف أو نحو ذلك. فعندما يكون الشروق في الساعة الخامسة مثلاً، والضحى في الساعة الحادية عشرة، يكون أمامنا ست ساعات. فيقول لك: يا الله! ست ساعات! إن النبي عليه... الصلاة والسلام عليه، كان لا ينام إلا أربع ساعات أو خمس ساعات، هل تفهم؟ فقد أجهد نفسه صلى الله عليه وسلم، وكان بعض الناس يدرسون التاريخ الطبي للنبي صلى الله عليه وسلم، فجسمه قد أُجهد إجهادًا تامًا، هل تفهم؟ ففي تلك الفترة كان ينام.
بضع ساعات هكذا هو الذي يقضيها في تسبيح النهار وبعد ذلك كان أجود الناس، فإذا دخل رمضان كأنه الريح المرسلة. كان يحضر الطعام لبيوته التسعة، فقد كان متزوجًا تسع نساء، فيحضر تسع خزائن، خزينة لهذا البيت وخزينة لذاك البيت. يكفيه ذلك سنة ولا يدبر أكثر من السنة، فيملأ بيوت زوجاته عليهن السلام بما يحتجن إليه. اكفهم سنة ثم لا يبقوا هكذا عنده. إذا حل رمضان فإن كل المخزون يذهب. مَن كان لا يرد سائلاً، فالمخزون الذي
يكفي سنة لتسع بيوت يذهب وينتهي. وكان يمر علينا الهلال فالهلال فالهلال ولا توقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار، بينما كانت الدنيا في أيديهم. يعلمهم أن الدنيا اجعلها في يدك ولا تجعلها في قلبك. أي أنه لم يأكل لحماً مطبوخاً لمدة ثلاثة أشهر لأنه لم توقد نار، ولم يُطبخ طعام، ولم يكن هناك مرق، ولم يُصنع خبز. فكما تقول أنت: هل سنتمكن من فعل ذلك؟ لكن افهم أولاً من أنت، لأنه قال: "إنما
أنا بشر مثلكم" ليس... أنا بشر وأنتم بشر، ما نحن عارفون ماذا نفعل، وما نحن راغبون في العمل. نحن لسنا عارفين كيف نتصرف. هل سنسقط من طولنا عندما نتوقف عن تناول اللحم؟ أو هل سنسقط من طولنا عندما نتوقف عن ذلك الشيء؟ لا، يكفي، يكفي. نحن الذين لا نريد. حسناً، ولكن دعونا نتوقف عن الكذب، دعونا نتوقف يا فتى. توقف. لا تأكل أموال الناس بالباطل. لا تغتصب الأراضي. لا تخالف القوانين يا أخي. الذي يقول لك لا تبنِ على الأرض زراعية تذهب وتبني. يعني هل أنت... حسناً، أنت اليانسون قلنا نأكله لأنه مباح وسيصنع لك ثقافة وسيفعل لك كذا ويمنحك لذة، لكن ما فائدة المعصية؟ فأنت وراءك أيها... أيها الإنسان المسلم، أمامك برنامج طويل يجب أن تنجزه وتستغل هذا
الشهر الكريم، وتكون كما علمك سيدك صلى الله عليه وسلم أجود الناس. نعم، بارك الله فيكم مولانا. حديثنا ما زال مستمراً عن الشمائل النبوية إن شاء الله، وبعد الفاصل سنتعرف على كيفية تعامله مع نفسه في حالته المزاجية. رمضان يأتي بكمية الخشوع الذي هو نفسه يرغب في أدائها كي نعرف كيف نخرج بفائدة من رمضان. كيف يمكن للشخص أن يركز في الصلاة
في كل ركعات التراويح والتهجد بخشوع. طبعاً الزكاة تكون اثنين ونصف بالمئة، هل تكون على المبلغ الإجمالي أم مثلاً على الودائع أم على النقدية بالنسبة للزكاة. كنا نريد أن نعرف ذلك. هل هي تجوب في شهر رمضان فقط لوحدها أم يمكن أن تجوب طوال السنة؟ تحدث الرجل في الصلاة عن الزكاة وعن التهجد وعن صلاة التراويح، وكيف تستطيع أن تقدم الخدمات للمجتمع وتستثمر هذا الشهر الكريم. فضيلة مولانا، يعني بالنسبة لنا، لنرجع ثانية إلى فكرة رمضان كونه من الأشهر الحرم، فبالتالي هناك... أشياء قد تشتد عليها الذنوب أو
العقاب في هذه الأيام الجديدة إذا ارتكب المسلم هذا الذنب في رمضان. ما هي هذه الذنوب وما الحكمة في تعظيم عقوبة الذنب في هذه الأشهر؟ إن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق، وعندما خلقهم جعل السنة اثني عشر شهراً، ومنها أربعة حُرُم، والأربعة... الأشهر الحرم كانت في الأول، كنا نعدها ثلاثة متتالية ورابع منفرد: ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ثم رجب. فرمضان ليس من الأشهر الحرم، وذلك لأن الله لم يجعله كذلك. أي أن الله جعل ربع السنة وقرابة ربعها جعلها من الأشهر الحرم، وجعل أيضاً فسحة
للناس حتى لا يقاتلوا فيها وحتى تعظم فيها الذنوب وهكذا. آخره والنبي عليه الصلاة والسلام يعني كان رمضان هذا أيضاً فرصة من فرص العبادة، لأنه أخرج الطبري أن العمل فيه بسبعين شهراً، يعني عندما يعبد المرء فيه يكون كأنه له ثواب سبعين، ولذلك تجد الناس كثيراً يسعون إلى الثواب. حسناً، ألا إن ربنا هو الرب هنا وهناك وسيعطيك. إن شاء الله، ففي رمضان تحصل على ما تريد، والشيطان لا يتسلط عليك. حسناً، ها نحن نقدم لك السلسلة. لقد مُرضت الشياطين، فأنت الآن مع نفسك. ماذا تريد؟ الناس تعاونك، فإنكم لا تجدون عوناً على الخير وهم لا يجدون. فالناس يعاونونك. ماذا تريد؟ أن
يكون هيكل اليوم موافقاً ولا يكون مخالفاً. معاكس لهذه العبادة، كل هذا يتم في رمضان، ما رأيك إذاً؟ لقد أصبحت أنت ونفسك فقط، ومن هنا إذا كانت نفسك هذه أرادت المعصية وأحبت الانحراف ومالت إلى الكسل، فيكون ذنبها ثقيلاً نوعاً ما. هناك تتحجج بأن الشيطان أغواني، سامحوني. هناك تتحجج بأن الظروف هكذا، والله ليس عليه شيء. هناك... تتحجج بأنه ما من أحد ساعدني، حسناً، والآن بماذا ستتحجج؟ فلن تجد شيئاً تتحجج به، ولذلك رمضان مختلف عن الشهور الأخرى ومتميز عنها ليس فقط بالمعونة، بل هو مختلف أيضاً بوجود دافع يدفعك إلى الأمام لعمل الخير،
فرمضان متميز في الحقيقة، وسبب هذا التميز أنه قد أنزل الله فيه. كلامه وفي حديث أن الله سبحانه وتعالى أنزل فيه أيضًا التوراة والإنجيل والزبور وكذلك في شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، فيعقب بقوله: فمن شهد منكم الشهر فليصمه. يعني أن تعظيمنا له هو تعظيم لكتاب الله أو تعظيم لهداية الله لنا. أو تعظيم أن اهتم الله بنا ومنّ علينا بأن أرشدنا كل هذا الإرشاد. فشهر رمضان متميز في ثوابه، فلا بد أن يكون أيضاً متميزاً في عصيان من يعصى فيه، ونقول له: أنت
هذه فرصة. ولذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول ماذا: من من من من أتى يوم... رمضان ولم يُغفر له، فمتى يُغفر؟ يعني أنني أعطيتك فرصة كما يقول البصريون، يعني اغتنمها. حسناً، متى سيُغفر لك إذا كنا قد أعطيناك كل هذه الفرص وأنت غير راضٍ؟ يا عيني، أفلا تعتبر أو تكون في عينك ذرة خجل وتستحي وتعبد الله وتشحن البطارية وتأخذ. الثواب والحصول على بركة شهر رمضان. حسناً مولانا، نحن نعلم أن الصيام له مراتب ودرجات، وليس كل الناس صيامهم واحد. فعند بلوغ وقت العصر، كيف يمكن للمرء أن يرتقي بصيامه ويرفع مرتبته من العوام
إلى الخواص ثم إلى خواص الخواص؟ انظر، الإنسان كله العبرة فيه، وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله. كله وإذا فسدت فسد الجسد كله. إن الله لا ينظر إلى أجسادكم وصوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم. هذه المضغة تسمى القلب. أريد أن يكون قلبي خاضعًا لله. هل انتبهت كيف؟ هذا هو معنى "إنما الأعمال بالنيات"، فلا بد أن يخضع قلبي لله. نعم، علق قلبك بالله. كيف تزداد الدرجات؟ معك في الصيام بأنك تعيش مع الله، أنت صائم، حدث لك عطش فتذكر ربك، حدث لك جوع فهذا لله، هكذا هي
النية تستحضرها، هل انتبهت؟ حدث أن تركك أحد فقل: إني صائم، إني صائم. تذكر نفسك في تعلق قلبك بالله، نعم، يأتيك دافع لأنك أنت حيي، أو مثلاً كذا، إنك... تريد أن تكذب فتقول إني صائم، إني صائم، ليس هذا وقت والله يخليك، ابتعد عني، اتركه أنت. فالإنسان عندما يتعلق قلبه بالله لن يتغير وسيعرف لذة العبادة، فإذا وجد لذة العبادة لن يتركها، هو نفسه سيسعى وراءها بكل همة. نعم، كيف نأخذ تجديد الحياة للصيام بالقلوب الضارعة؟ اجعل قلبك ضارعاً. متعلق بالله سبحانه وتعالى. طيب، بعد الفاصل سأسأل لحضرتك هذا السؤال: كيف يكون قلبي ضارعاً؟ يعني رأينا أحد المتحدثين في
التقرير الخاص بحسان يقول: كيف أستطيع أن أصلي التراويح والتهجد بخشوع؟ يعني أنا أصلي ولكن لا أظل شارداً من بداية الركعة، وأستيقظ فقط وأنتبه عندما يهم بالركوع. الإمام يعني فكيف نعم ماذا كيف أستطيع أن أدخل في أجواء رمضان التي هي استحضار القلوب العامرة والخاشعة، يعني كيف نصل إلى هذه الأجواء حتى نكون خاشعين في صلاتنا وصيامنا؟ لقد رسم الله لنا
الطريق، وعندما طبقنا ما رسمه وجدناه صحيحاً، كما قال تعالى: "الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في..." خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بِالذِّكْرِ وَالْفِكْرَةِ الْمِفْتَاحِ هَكَذَا، فَأَنْتَ الْآنَ رَكِّزْ فِي ذِكْرِ رَبِّنَا وَأَنْتَ وَاقِفٌ فِي التَّرَاوِيحِ، لَا تَشْرُدْ بِذِهْنِكَ. كَيْفَ تُفَكِّرُ فِي أُمُورٍ جَسَدِيَّةٍ؟ عَلَى فِكْرَةٍ، هَذَا لَا عَلَاقَةَ لَهُ بِالْخُشُوعِ، فَالْخُشُوعُ مَحَلُّهُ الْقَلْبُ، لَكِنْ هُنَاكَ أُمُورٌ جَسَدِيَّةٌ تُسَاعِدُ الْمَرْءَ عَلَى الْوُصُولِ إِلَى الْخُشُوعِ، مِنْ ضِمْنِهَا أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَوْضِعِ السُّجُودِ وَلَيْسَ هذا هو الخشوع، إنه يساعد على التركيز، ومن ضمن ذلك أن يستمع للإمام كلمة بكلمة، ومن ضمن ذلك أيضاً أن يتخيل أنه واقف وأمامه الكعبة، وأنه واقف أمام الله في الحضرة القدسية، وأنه ليس
مجرد شخص يؤدي حركات بينما ذهنه منشغل بمشاكله وآلامه وأوهامه ورغباته، لا. أنت أمام الله، تذكر ذلك، تذكر هذه الفكرة أنك أنت أمام الله فقط، ستجد نفسك منضبطاً تماماً لأن هذا هو الله. وستجد أنك إذا استمررت على هذه الأمور، ستجد أن الله يستجيب لك الدعاء. أولاً يا أخي، نحن لا نأتي إلا بماذا؟ بالمادة، بمجرد أن يستجيب لي الدعاء. أفرح جداً به وارضَ عنه. قوم يرضى عني هو. تاريخه فقط رضي الله عنه ورضوا عنه. ارضَ عن الله، سلّم، ابتهج، افرح لأنك لو علقت قلبك بالذكر والفكر بالله سبحانه وتعالى ستفعل كل الذي
نتحدث عنه بسهولة ويسر وبعمق جميل. بارك الله فيكم مولانا إن شاء الله. سنستمر مع فضيلة الإمام إن شاء الله في مناقشة هذه الجوانب، والأسبوع القادم قبل رمضان بيومين سيكون لنا إن شاء الله وقفات مع فضيلة الإمام بإذن الله. أستأذن حضرتك وحضراتكم لننتقل إلى الأسئلة والاتصالات الهاتفية. السيدة نديب، فضيلة، يا سيدي، السلام عليكم. وعليكم السلام، عليكم السلام، لو سمحت. أريد أن أسأل فضيلة الشيخ عن مسألة خاصة بزكاة المال. تفضل يا فضيلة، أقول السؤال. نعم، حضرتك على الهواء، تفضل بالسؤال. أنا أقوم بمساعدة أقارب لي فقراء جداً، يعني أقوم بمساعدتهم بمبلغ من المال شهرياً من زكاة المال، وعندما حال الحول قمت بدفع أكثر من الزكاة المستحقة علي، فهل هذا تصرف صحيح؟ صحيح أم خطأ؟ لا، صحيح
لأنني أحصلها على أقساط شهرية للناس فوقها، يعني صحيح مائة في المائة، صحيح مائة في المائة. أنت تخرج تحت، تخرجين تحت الحساب، وتأتي في آخر السنة أيضاً. أنت أخرجتها مقدماً وتأتي آخر السنة تقول: والله أنا أخرجت بنية الزكاة عشرة وعليّ ثمانية، الحمد لله. لله وتبدأ مرة أخرى، فتكون العشرة الثمانية زكاة، والاثنان صدقة، لا يحدث شيء. قلت للطبيب: يا دكتور، قانون الأطفال وقانون الرؤية، الأم تأخذ الطفل عندها ولا تُريه لأبيه، والأب يأخذ الطفل عنده ولا يُريه لأمه، أصبح الموضوع تحدياً، والطفل الآن ضحية. نحن نريد تطبيق القانون بشكل صحيح. حاضر، سندعو مرة وثانية وثالثة. الأطفال الآن في أبريل يصومون. يقولون: أبي الحاج وأمي الحاجة، جيد. لكنه
الآن يأخذ منك الأطفال، يعني الآن هناك أطفال مثلاً لو قاموا بالصيام الآن حتى يراهم أهلهم، أهل الأرض يرونهم ولا يرضون. لو الأطفال قامت الأرض، أهل الأم لا يرونهم ولا يرضون. وموضوع الاتحاد الآن، الأطفال تبيعه. الآن في الموسم نحن لا نريد قانون الرؤية، سنوافيك في الساعة إن شاء الله. حاضر، طيبًا، شكرًا جزيلًا لحضرتك يا سيد مملك. أعتقد أن وقتنا قد انتهى، فأنا أشكر فضيلتك شكرًا جزيلًا يا مولانا. أهلًا وسهلًا، كل سنة وأنتم طيبون، وحضرتك صاحب الفضيلة. شكرًا جزيلًا ونراكم غدًا إن شاء الله على خير وإن. شاء الله غداً بعد ذلك لدينا أسئلة، وأي أسئلة نحن تحت أمركم فيها.
إلى اللقاء،