والله أعلم | كيفية إكرام اليتيم.. وحكم استغلال تبرعات الأيتام | حلقة كاملة

أصحابي، اللهم أسعدهم بكل خير وأرحب بحضراتكم في حلقة جديدة من "والله أعلم". اليوم شاهدنا كيف أن كل شخص حسب قدرته أو استطاعته حاول أن يسعد أو يُدخل البهجة على قلوب الأيتام. منهم من شاركهم البهجة والفرحة في الأماكن والمتنزهات العامة التي كانوا فيها، والبعض ذهب إلى دور الأيتام، ومنهم إلى ذلك حاول والبعض الآخر ربما لم يفكر في هذا الأمر. اليوم نتحدث
إن شاء الله مع فضيلة الدكتور حول اليتيم وكيف تعامل الإسلام مع هذا الطفل الرقيق، هذا الطفل الذي يحتاج العناية والحنان من الجميع دون أي استثناء. كذلك نتحدث عمن للأسف قلوبهم قاسية متحجرة لا يشعرون بالحنان. تجاه الأيتام أو حتى لا يفكروا في هذا الأمر على الإطلاق ولم يجربوه. اليوم نتحدث في هذه الأمور إن شاء الله مع فضيلة الإمام العالم الجليل الأستاذ الدكتور علي جمعة. أهلاً بمولانا. أهلاً وسهلاً بكم. أهلاً بفضيلتك. فنحاول مولانا بداية طرح السؤال التقليدي: كيف اهتم الإسلام بهذا الكائن الضعيف أو... بلا عمل الضعيف المحتاج للرعاية والاهتمام باليتيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام وآله وصحبه ومن والاه. اختار الله سبحانه وتعالى لنبيه خير ما اختاره للبشر، ومما
اختاره أن يجعله سيد اليتم "فأما اليتيم فلا تقهر، وأما السائل فلا تنهر" والنبي. صلى الله عليه وسلم، رباه ربه فجعله يتيمًا، فاليتيم يعرف نفسه أنه قد رباه ربه، ولو أن اليتيم أدرك هذا لتغير حاله، وحتى تغير موقف الناس والمجتمع منه. الإسلام جعل رعاية اليتيم من مكوناته، وأنزل سورة
بأكملها من أجل هذا وهي سورة الماعون، وفي سورة الماعون يتكلم عن من يدع. اليتيم ولا يحض على طعام المسكين فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون. يبدأ باليتيم ويجعله دلالة واضحة على ما إذا كان المؤمن يحافظ على صلواته وعلى عبادته مع الله سبحانه وتعالى من عدمه. نعم، يعني اليتيم ورعاية اليتيم مقترنة بالعبادة. لا، هذه علامة، نعم، كثير من الناس يسألون. كيف نعرف أن الله راضٍ عنا، وكيف نعرف أن الله قَبِلَنا أم لا؟ تأتينا مكالمات كثيرة، ولديكم على الصفحة وغيرها. إليكم علامة من العلامات التي
جعلها القرآن علامة: أنت ترعى اليتيم؟ نعم؟ حسناً، أنت ترعى اليتيم، إذن فالله قد رضي عنك. والنبي صلى الله عليه وسلم يجعلها علامة، وهي علامة عجيبة وهي أن من أراد أن يرق قلبه لذكر الله يضع يده على رأس يتيم، فيكون قد فعل شيئاً محسوساً كمثل ما تعرف حين تُدخل القابس في مصدر الطاقة لكي يعمل الراديو أو أي شيء آخر، توصله بالكهرباء. حسناً، إذا أردت أن تمسك الكهرباء قلبي وتشغله، فقم بوضع يدي على سبحان الله، عندما أضع يدي على رأس يتيم أشعر بالحنان والأمان وأشعر برقة في القلب. هل هناك أحد الآن
من المستمعين يتشكك؟ حسناً، جرب ذلك بنفسك. ثم إن الجميل في الإسلام أن يوم اليتيم هو كل يوم، كما قلنا في يوم الأم، نعم هو بر. الوالدان في كل يوم، وكذلك برّ اليتيم في كل يوم، إنما الاحتفال الذي نقيمه هذا نقيمه لماذا؟ من أجل التذكرة "فَذَكِّرْ إِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ". عندما أضع يدي على رأس اليتيم يتحرك القلب، وهذا ورد في الحديث النبوي الشريف هكذا. هل انتبهت كيف أنك إذا أردت أن... يلين قلبك، أن يلين قلبك، فضع يدك فوق رأس اليتيم. نعم، هل ترى هذه كهرباء أم ماذا؟ لا، هذه شيء إلهي
رباني جعله الله علامة للقبول. حسناً، أنا متشكك، ماذا يعني؟ يعني فيك رابط. حسناً، جرب واذهب هكذا إلى اليتيم وضع يدك على رأسه ناوياً أن يتحرك قلبك وانظر الذي... ماذا يحدث لك؟ فنحن قد جرّبناها ووجدناها هكذا. أليست إنساناً يا أخي؟ أنت إنسان مثلنا تماماً. هل عرفنا أن النار محرقة والشمس مشرقة والماء مغرق من غير تجربة؟ ولماذا نضع أيدينا في النار لتلسعنا؟ أليس تصدق أن النار محرقة؟ ضع يدك. لكي تصدق أن الكهرباء تسبب الصعق هكذا، ضع يدك في الكهرباء وستشعر بذلك. وبالمثل، ضع يدك على رأس يتيم وستستلذ ذلك وستجعله عادة لك، هل تدرك كيف؟ وفي الحديث: "أنا وكافل
اليتيم كهاتين في الجنة"، وأشار إلى إصبعه هذا وإصبعه هذا، صلى الله عليه وسلم. ماذا تعني "اثنين ببعض"؟ إنها تعني كما نقول في لهجتنا العامية "كتفاً بكتف". أنت تعلم عمن تتحدث، على سبيل الخلق، أنت تعلم عمن تتحدث. عن أن أبواب الجنة لن تُفتح وقد أُمرت إلا له، هو أول واحد، أول من يدخل الجنة، هو أبواب. الجنة مغلقة فيأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيطرقها، فتقول: من أنت؟ وهي عالمة به. انظر! الجنة عالمة بالنبي، تعرفه مثل البصمة، مثلما نفعل في الأبواب التي تُفتح إلكترونياً بالبصمة. فتسأل: من أنت؟
فيقول: أنا محمد. فتقول: أُمرتُ ألا أفتح إلا لك. هل انتبهت لذلك؟ كيف كان النبي أول من شاهد هذا المشهد؟ أبواب الجنة مغلقة، وصل سيدنا النبي إليها يريد الدخول، فسألته: من أنت؟ وتكلمه، فقال لها: أرجوكم، أما يقولون: هل يوجد في الجنة كاميرات؟ الله يخليكم اسكتوا دعونا من مشاكلكم هذه. فالنبي عليه الصلاة والسلام وقف هكذا وهو فتأتي. امرأة فتأتي امرأة مسرعة تأتي امرأة سعفاء الخدين، سعفاء الخدين تعني أن وجهها مُجهد، تأتي تجري وتدخل مع النبي عليه الصلاة والسلام. أنت تعلم أمام من
أنت؟ أمام سيد الخلق، أمام الشفيع الحبيب الذي كان سيشفع فيهم في خمسمائة سنة، الذي هو رحمة للعالمين. فتجري لكي تدخل البنت. الذين آمنوا وعملوا الصالحات مع النبي، يكون شأنها هذا لازماً. يجب أن تكون، يعني ما هذه؟ ومن هذه؟ أهذه من الأولاد الكبار أم من الصديقين أم من الأنبياء؟ وهل هناك نبوة في النساء أم لا؟ سنجلس إذاً في أبحاث عندنا في العقيدة. امرأة مات زوجها فربت. أبناءها حتى فارقوها سواء تزوجوا وتركوها أو أتمت رسالتها أو ماتوا تماماً أو تزوجوا ثم فارقوها. لكنها
فعلت ذلك لأنها لا تستطيع أن تترك أولادها هكذا. هذه هي التي ستزاحم النبي في الدخول، التي ستزاحم النبي في الدخول، المرأة المعيلة التي ربت أولادها ستزاحم النبي في الدخول عليه الصلاة والسلام. يا للروعة! هذه بشرى لكل امرأة تتعب على أولادها بعد وفاة زوجها أو طلاقها، أو بعد أن هجرها زوجها. الناس لو عرفت هذه الحقائق لن تتردد بعد ذلك في أن ترعى اليتيم أو تقوم عليه وتلتفت إليه. إنها الدنيا وما فيها يا أخي. أن تكون مريدة، إذا كانت هذه المرأة الأم أن تكون مزاحمة بهذه الكيفية، أو تكون أو يكون
الكافل لليتيم "أنا وكافل اليتيم" يعني مع في المعية الشريفة مع سيد الخلق صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام. هذه هي القصة، جميلة والحلاوة هكذا، هذه حلاوة. أتفهم كيف؟ صحيح يا... مولانا، نعم. "فأما السائل فلا تنهر وأما بنعمة ربك فحدث". ونحن ندعو الناس جميعاً إلى أن هذه فرص، هذه منح، هذه نفحات ربانية صمدانية إلهية. من المصائب التي نرتكبها والتقصير الذي نحن واعون به، هذه الأمور ستنظم حياتنا، هذه الأمور ستغفر ذنوبنا، هذه الأمور ستستر عيوبنا، هذه الأمور نِعَم. صحيح يا مولانا، ولذلك ونحن
نسير في الحياة، كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون، يجب علينا أن نلتفت إلى هذه المعاني لأنها أبواب الخير، نعم أبواب الخير، وافعلوا الخير لعلكم تفلحون. هذه الأشياء أنا أقدم لك نصوصاً بسيطة، لكن لو جلسنا نستمع إلى القرآن ونستمع إلى السنة ونستمع إلى السلف والخلف، ونسمع كيف عالجت الحضارة الإسلامية موضوع اليتم. لن ننتهي، ولكن بعض الكلام يغني عن بعض وبعض الكلام يشير إلى بعض. نعم، حسناً مولانا، حضرتك أيضاً من بين ما أشار إليه فضيلتكم موضوع كفالة اليتيم. الحمد لله، كثير منا أو ناس كثيرة وفقهم الله إلى... فكرة التبرع عن طريق الجمعيات لكفالة الأيتام هنا، مفهوم الكفالة الحقيقي يلتبس عند
بعض الناس. ما معنى الكفالة؟ هل أن آخذه في بيتي، أم أتركه في بيته وأصرف عليه بكل ما يحتاج، أم أشارك بقدرٍ ما في تربيته أو في كفالته؟ أي نوع من الكفالة تحدث عنها النبي عليه الصلاة؟ والسلام هم درجات عند ربهم. عندما أذهب لكفالة طفل في مؤسسة محترمة تربي الأطفال اليتامى، فهذه درجة. أما الدرجة الأعلى منها فهي أن أضمه إلى أسرة راعية. الأسرة الراعية مختلفة عن المؤسسة. هل نغلق المؤسسات؟ لا طبعاً، لأننا في هذا العصر الذي تكاثرت فيه المشاغل وثقُل فيه برنامج الإنسان اليومي. من الاتصالات والمواصلات والتقنيات وطلب
الأرزاق وبُعد المسافات إلى آخره، بالرغم من أن بعض الناس يظن العكس أن هذه السيارة وفرت لنا وأن هذا الهاتف وفر له. أبداً، لقد أثقل هذا اليوم. نحن نعمل الآن بما كان يعمله الواحد في شهر وشهرين وثلاثة قبل ذلك، وليته يكفي. فإذا هذه المؤسسات... مهمة جداً لأنها تقوم بما كان يقوم به البيت الهادئ بالبرنامج الهادئ الذي كان في الماضي، لكنها ليست نهاية المطاف ولا نهاية الآمال، بل إنها أفضل منها: الأسرة الراعية، الأسرة المضيفة، أن آخذ الولد
وأربيه مع الأطفال أبنائي، لأن التربية عملية معقدة، وعندما أكون في مؤسسة لا أشعر بما أشعر وأنا يتيم لم يشعر أحد بما أشعر به، في وسط أناس هم إخواني وأحبائي. وفي المواقف عندما يمرض أحد إخواننا اليتيم، وهو أحد إخوتي، نقلق عليه، وهكذا. من سيأخذه إلى المستشفى؟ يختفي من عنده من سيصبح مسؤولاً عن الضبط والربط لأجل النظافة، ولأجل القيام بالواجبات، ولأجل المذاكرة، ولأجل كذا وكذا، علاقة إنسانية وجو طبيعي ينشأ في جو طبيعي، فإذن لا يُفهم من كلامي هذا إطلاقاً لغاية المؤسسات. أما المؤسسات ففي غاية الأهمية لأننا محتاجون إليها، ونفس الكلام الذي نقوله
في اليتيم نقوله في المسنين، لكن أن أذهب وأضع أبي وأمي في دار المسنين عندما يضيق بي الحال. ويُغلق على جميع الأبواب فيُصبح لازماً للمسنين، بل أنني أريد أيضاً أن تُنشأ مؤسسة للمطلقات وتُنشأ مؤسسة للمعاناة التي كانت الأسرة تتحملها. ولكن في نفس الوقت أدعو الإنسان أن يرجع إلى نفسه وإلى إنسانيته، وأن نعود إلى الأسرة التي كانت تعتني بالمسن والتي كانت تحتضن اليتيم والتي كانت تحمي من بيت زوجها والمطلقة وغيرها، وفوق هذا إننا لا... بل أنا أجعل اليتم عنوان حياتي. ها الذي في البرنامج عندكم في
الـ سي بي سي، فيه الأستاذة منى الشاذلي جلبت أطفالاً، واحدة أم غارمة كانت مسجونة، أحضرت ولدها. لا هذه السيدة التي تربي ثمانية وثلاثين أو لأجل... عين ولد وبنت، هذه ماذا فعلت؟ ما هذه؟ ماذا تعني؟ جعلتُ هذا رسالة حياتي. هناك أناس هكذا، صحيح يا مولانا، وهم موجودون والحمد لله، وقابلنا بعضهم وبعضهن من الرجال والنساء. هؤلاء نعم، لا، هذا قوي. هم أعلى مرتبة من الأسرة المعيّنة لأنها جعلت الكتاب منهجاً. حياة جعلتها قضية حياتي، طبعاً بارك الله فيكم مولانا. إذ كلٌ حسب درجته وحسب عمله، يعني الذي سيتبرع بمبلغ يختلف عن الذي سيكفله من أوله إلى آخره وهو في بيته، ويختلف عن الذي سيأخذه ويضعه في بيته ويربيه مع أولاده. نعم، وهم درجات عند ربهم. فواحد يصرف
عليه راتباً شهرياً عليه نفقة شهرية لمدة خمس سنوات، لا عشر، لا أبداً، إلى أن يتخرج ويتزوج، لا بل يكفلونه في بيته، لا بل يجعلها قصة حياتي. إذن انظر كيف أنها متدرجة وليست دفعة واحدة. نعم، بارك الله فيكم مولانا. ما زال الحديث إن شاء الله مستمراً مع مولانا، وسنتحدث إن شاء الله تقرير عن فكرة المؤسسات وكيف نستطيع أن نتعامل مع هذا الأمر، وكيف يمكن لكل واحد منا أن يشارك في كفالة الأيتام، ليس فقط في أول جمعة من أبريل ولكن طوال السنة كلها إن
شاء الله. كيف نفعل ذلك بطريقتنا؟ ومع تغير الظروف في المجتمع، هل قل اهتمامنا باليتيم والعطف عليه؟ على الأيتام كما كان في السابق لأن المجتمع أصبح الناس فيه لا تحب بعضها، فأصبح لا توجد رحمة بين الناس، لا يوجد أحد يترحم بين الناس. فإذا كانوا هم أصلاً لا يترحمون من الأسرة نفسها، فكيف سيترحمون على الأطفال الذين هم الأيتام أصلاً؟ يعني قبل ذلك كنت مثلاً سأعمل جزءاً. من هذه الأموال، لم يعد الأيتام قادرين الآن. نحن ندفع فقط شيئاً ليس كثيراً في الجمعيات، فالناس تتبرع لكنها لا تعطي الأيتام شيئاً يكفيهم. إذا كان الاستثمار للمصلحة فنحن لا نقول لا، أما إذا كان الاستثمار بالعكس فنحن نقول لا. وفي النهاية، الأمر كله يرجع إلى ضمير الإنسان. الذي يفعل هذه الأشياء هل ضميره سليم أم لا؟ التبرعات لا تأتي بالإعلانات بل بالخدمة،
يعني كيف تقدّر حال الولد نفسه الذي يركب حافلة نظيفة ويرتدي ملابس نظيفة ويذهب إلى المدرسة، والمدرسة خاصة، فهذا الولد فيه عدة أشياء، فحتى عندما تأتي المساعدات، نقدم مساعدات اجتماعية، سواء إذا كنا نُخرج مثلاً عملية نُخرج فيها شيكاً باسم مريض، مجرد تداول هذا الشيك في البنوك وتحصيله. ما هذه؟ هناك مؤسسة تعمل ماذا؟ تعمل كذا، نستطيع من خلالها الحصول على إيرادات، وكل الجماعات إذا كان لديها قدرة مالية وتستطيع وضعها كودائع، وبقدر هذا العائد تستطيع أن تصرف منه. إذا جاءت تبرعات فهذا خير وبركة، المشروع يسير ولم يأتِ وقت يتوقف فيه عن مواصلة نشاطه أو يلجأ إلى أن يبلغ الإدارة المعنية أنه غير قادر على رعاية الأولاد فخذوهم أو أرسلوهم لدار أخرى. يعني التبرعات طبعاً قلت لسببين: أولاً الحالة الاقتصادية للبلد، هذا أول سبب. والسبب الثاني يؤسفني أن أقول أيضاً الإعلام. في
أكثر من دار وجدوها، بالطبع كانت هناك أمور فيها فساد كامل سواء من ناحية الأطفال أو من ناحية التبرعات أو يأخذون أموالهم، فكل هذا انتشر في الإعلام، فأصبح الناس متخوفين من دخول أي دار أيتام، يقولون لا يعرفون إن كانت جيدة أم سيئة. آية حسان سي بي سي، أهلاً مرة أخرى، ما رأيناه في التقرير من الدكتور أن آراء الناس تتراوح بين القول بأنه لم يعد هناك رحمة بين الناس، وأن هناك أشخاصاً لا توصل فكرة التورع، وأن بعض الناس لديهم تشكك في أن بعض الجمعيات تستولي على هذه الأموال بحجة الاستثمار، في حين أن المسؤولين عن الجمعيات يقولون... لا نحن نستثمر هذه الأموال وهي وقف، والعائد منها يأتي ويُصرف على الجمعية وعلى الأطفال. فكرة الجمعيات يا مولانا، إلى أي مدى الناس
تطمئن لهذا الأمر؟ هو كل ما ذُكر صحيح وغيره صحيح أيضاً، لأن المسألة واسعة. لدينا الآن ستة وأربعون ألف جمعية، ليس كلهم يعملون في مجال الأيتام، لكن... ستة وأربعون ألف مجتمع مدني، عندما نأتي لنرى من الذي يعمل فيها ويمارس وما إلى ذلك، لن نجد إلا عدة آلاف بسيطة، يعني ألفين أو ثلاثة، وبقية الستة والأربعين ألفاً هي مجرد أسماء اتُخذت من أجل عمل مظلات وليست مسألة حقيقية. هناك دور للأيتام وصلت إلى غاية المنى والمراد، هل أعلى مستوى
من الخدمة والرعاية وهكذا، وعندما نذهب إليها نجد فيها خمسة وعشرين شخصاً، خمسة وعشرين طفلاً، نجد فيها خمسين على الأكثر. وكذلك هذه المؤسسة عملية معقدة، فليسوا سواء، بمعنى أن هناك الجيد وهناك المتوسط، وهناك من يواجه مشكلات، وهناك السيء الذي الغاية... إلى آخره، ونسمع من حين لآخر أن من الفساد والسلطات تقاومه وتقبض عليه، لكن ما هو الفساد حتى يصل إلى مرحلة تستطيع فيها مقاومته؟ ينبغي أن يكون قد خالف القوانين وخالف الأعراف وأصبحت المسألة واضحة، لأنه
ليس من المعقول أن كل تقصير سيُعتبر جريمة وهكذا، ولكن هناك نوع من التقصير أيضاً في نفس الوقت. انظر، كل شيء يعد التقصير نفسه والإهمال تعدياً، وأريد أن أقول لحضرتك أن فكرة المؤسسات فكرة لازمة ولكنها فكرة صعبة، وتحتاج إلى إدارة جيدة جداً وإلى تدريب مستمر، وإلى الاعتماد على الأم البديلة، وهذه نادرة. وانتبه، فإن قضية الأم البديلة هذه تحتاج إلى تربية ومناهج تعليم وغير ذلك من الأمور الموجودة. صحيح، ولكن الناس كثرت والاحتياج إلى هذه الأمة البديلة التي تبذل كل المجهود وتبذل شيئاً من قلبها بحب وإتقان قد أصبح ضرورياً. لدينا
نقص كبير في هذا المجال. فالقضية هي أننا قلنا قبل الفاصل إن المؤسسة مسألة مهمة جداً وأننا يجب أن نهتم بها في المقام الأول إدارياً. اثنين كما سمعنا الآن أنها تُجعَل لها أوقاف دائمة حتى لا تنتظر مستوى التبرعات المتذبذب أو تبرع المتبرعين أو صدقة المتصدقين، ورقم ثلاثة ينبغي أيضاً أن تكون، حتى لو كان هناك إعلان، أنها ليست معتمدة على ذلك الإعلان لأن الإعلانات تكثر والمنافسات بين جهات المجتمع المدني تتم في مجتمع مفتوح وفي فضائيات مفتوحة وما إلى ذلك، ولذلك يجب على الجهات المعنية أن تهتم بالإدارة وتهتم بالتمويل وتهتم بالمناهج التربوية
والتعليمية، وأيضاً مناهج تدريب القائمين على هذه المؤسسات. وكل هذا الحمد لله، نحن نرى أين نحن الآن وأين كنا وأين أصبحنا، إننا الآن في حال أفضل مما كنا عليه منذ أربعين أو خمسين سنة، أي بمراحل كبيرة، تطورت العلوم الإدارية، وعلوم التمويل وجمع التبرعات وما إلى ذلك تطورت جداً، كما تطورت علوم التدريب والمناهج بشكل كبير، وأصبح كل هذا حجة على القائمين أن يلتزموا بها. حسناً سيدي، هل الفكرة أن الشخص فقط بمجرد أنه يدفع ويكون مواظباً مع دار معينة ويدفع الرسوم الشهرية الخاصة بها تحت اسم كفالة اليتيم أو في مسجد مثلاً، هل هو بذلك قد أدى دوره أم يجب عليه أن يتحرى أين تذهب هذه الأموال ويتابع هذه الأموال؟ هل
دوره يقتصر فقط على التبرع أم يجب عليه أن يتابع ويرى إن كانت تُصرف على هؤلاء الأطفال يتابع نعم من الناحية العملية لن يستطيع أن يتابع، يعني سأقول له اذهب وتابع، فيذهب ولا يتابع أو لا يعرف كيف يتابع، فيقطع المبلغ الشهري. هو لا يفهم ولا يعرف ماذا يدفع. نعم، يدفع ويدعو الله سبحانه وتعالى بالتوفيق. هناك أناس يختارون يتيماً معيناً، فلان ابن فلان، أنا أصرف عليه تكون في المساجد، لا تكون في الدور، ليست دور أيتام، هذه تكون أن هذا يصل إلى معاشات الأسر، معاشات الأسر والأسر، هو يتربى مع أمه لأن أباه مات، وعلى فكرة اليتيم في البشر لغةً هو من مات أبوه، فيكون هو هذا يتيم. اليتيم في عالم الحيوان في البقر
مثلاً أو... الجاموس أو ما شابهه الذي ماتت أمه لن يجد من يرضعه، لكن هنا ليس أنه لن يجد من ينفق عليه. فاليتيم من البشر هو من مات أبوه، وإذا كانت أمه على قيد الحياة، فهي تحتاج إلى العون والمساعدة لتربيته. فأحياناً اليتيم يُربى مع أمه وتوفر له كل شيء، لكن إذا أو يذهب للأسرة المعيلة أو الأسرة الراعية المضيفة أو أن يكون مع الناس الذين جعلوا ذلك ديدنهم في حياتهم، يعني المستويات المختلفة. فأنا على كل حال "وافعلوا الخير لعلكم تفلحون"، أنا أريد شهرية لا أقطعها، تمام خلاص. أما حكاية التأكد من كذا وكذا وأن الناس خائفة أين تذهب هذه الأموال. وطلعت إشاعات أن هؤلاء يمولون الإرهاب ويمولون الإخوان، فهناك أناس قالوا "إنا
لله وإنا إليه راجعون"، هذا الكلام غير سديد وغير سليم. وحكاية الإخوان والإرهابية وما إلى ذلك، ينبغي أن يتبين الأمر للدولة، وأن تعلن الدولة أن بعضهم إرهابيون. أما أن يقول كل شخص لا يعجبه شخص آخر... أنت من الإرهابيين، وهذا لا يصلح ولا يرضي الله سبحانه وتعالى. هذا كلام "كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا". الإخوان هؤلاء لعنة أصيب بها العصر الحديث، لأنهم - يا عيني - يرفعون لافتة أننا أهل الله، وهم إخوان الشيطان في النفاق، يعني باديء عليهم حتى أنهم يُضِلُّون. يظل الناس يتعجبون - أنت إذا
جلست - أنت رجل إعلامي عظيم، عفواً يا مولانا، فتتعجب لو رأيت الرجل الذي كان رئيسهم هذا وهو في المحاكمات، محمد مرسي، محمد مرسي عندما يسمع بأذنيه الشتائم من إخوانه يقول لحضرة القاضي: أغلق هذا الكلام أرجوك، ويبكي. بالله هل كانوا خاطفينك أم كانوا... ما الذي يفعلونه بك؟ إنه ضلال مبين. هم أنفسهم يكتشفون ضلالهم، ولكن أبدًا لا يعترفون لأنهم من تربية سيد قطب الذي كفّر الناس وكفّر كثيرًا إلى آخره. أريد أن أقول لسيادتك إننا في المؤسسات منها الصالح ومنها المتوسط ومنها الطالح. مهمتنا هي التدريب والتعليم والتربية والإدارة والتمويل الجيد
لها والمراقبة أنا أقول إذن من الناس يجب أن تستمر نعم وكان عمله دائماً، أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل، ولا يتوقف أبداً تحت أي ظرف. إلى أين تذهب؟ إنها لا أعرف ماذا. لا، تفعل هكذا لأن هناك نقلة نوعية في هذا العالم. يوم اليتيم هذا اخترناه نحن يوماً، وكانت الأستاذ - رحمه الله - القباني، والد المهندس حسام، وقد أقمناها منذ سبعة عشر أو ثمانية عشر عاماً تقريباً، أي في أواخر التسعينيات عام تسعة وتسعين. وكانت مؤسسة الأرمان الخيرية تُقيم لقاءً في فندق، ثم تطور الأمر إلى فكرة: لماذا لا نجعل
يوم اليتيم هذا عربياً؟ فذهبوا وعرضوا الأمر على الدول العربية وافقت وحتى ربما يوم الاثنين من الأسبوع الماضي كان هناك احتفال في جامعة الدول العربية بمناسبة يوم اليتيم، هذا اليوم. وكانوا يريدون أيضاً بعد مرور ثلاث أو أربع أو خمس سنوات من هذا الاحتفال العربي أن يتوجهوا إلى الأمم المتحدة ليجعلوا منه يوماً عالمياً لليتيم. جميل! كل هذا في عمارة الأرض، الرجل صاحب الفكرة انتقل، لكن بقيت الفكرة واستمرت تنمو وتتطور. وبدلاً مما كانوا يفعلونه في فندق أو غيره، أصبحوا يفعلونه في الملاهي عند الهرم، وأصبحوا يفعلونه كذلك، وأصبحوا يفعلونه في جامعة الدول العربية، وهي مؤسسة إقليمية محترمة لها تاريخ ولها وظيفتها. فأنا
أريد أقول لحضرتك إنه هكذا يكون العمل إذا ما أراد الإنسان أن يعمل. نعم بارك الله فيكم مولانا، بارك الله فيكم كل خير. اختاروا اليوم الأول من أبريل الذي هو يوم الكذب في أوروبا كلها، أول جمعة التي لا تأتي لنكذب اليوم. حسناً يا سيدي، دعنا نعيش في أكاذيبكم ونبقَ نحن في صدقنا نعم اللهم آمين يا مولانا. ربنا يبارك في حضرتك. وسؤالنا الآن لحضراتكم على الفيسبوك لكي تشاركونا في هذا الموضوع المهم: ما رأيك في جمع التبرعات باسم الأيتام؟ قبل أن نغلق ونتلقى الاتصالات، نود أن نعرف من مولانا فكرة أن هذه الجمعيات تستثمر الأموال أو أنها... تُصْرَفُ منها رواتب أو ما إلى ذلك، سنختم
بها إن شاء الله هذا الجزء، ولكن بعد الفاصل ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم مرة أخرى، وسؤالنا لكم على صفحتنا على الفيسبوك: ما رأيك في جمع التبرعات باسم الأيتام؟ تعالوا نرى بعضاً من إجابات حضراتكم. بدر محمود يقول: إذا كان هناك رقابة... مشددة فلا مانع. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة". نحن نقول: أنا أفعل ما علي وأتوجه للجمعيات بالتبرع لكفالة يتيم، وإن شاء الله الثواب مضمون بالنية الطيبة حتى إن لم تصل للمستحقين. مهند يقول: لا تجوز لأنها كسر لخاطرهم وكأنك تكبرهم. أو تُخبرهم أنكم أيها الأيتام ضعفاء ونحن سوف نجمع لكم الأموال لأنكم ضعفاء. وجهة نظر إبراهيم علي يقول إن كانت لهم فبها ونعم، وإن كانت تُجمع باسمهم وتُدفع لآخرين فبئس العمل. مولانا، هل ينفع أن نُشعِر الأولاد أو الأولاد الأيتام وهم يشاهدون في التلفزيون
إعلانات أن الأموال تُجمع لهم لأنهم ضعفاء ينفع يسأل هكذا. طيب، وبعد ذلك، هم - أي الفقراء والمساكين - عندما يسمعون أي سورة التوبة مثلاً "إنما الصدقات للفقراء والمساكين" ماذا يفعلون؟ يعني عندما يسمعون وهكذا، لا. إن التربية تختلف عندك تماماً لأن المنّة تكون شخصية، ليست المنّة بهذا الشكل. حسناً، لا نجمع ونعمل ونوزع وهكذا، وهذا عن الخير دائماً يكون مع الخير وضد الشر. نعم، بارك الله فيكم مولانا. طيب أستاذة جميلة، نأخذ اتصالاً من أحد حضراتكم. تفضلي يا سيدتي. السلام عليكم. وعليكم السلام. تحياتي لحضرتك ولفضيلة الدكتور. الله يحفظك يا سيدتي. موضوعي أن معي ابنة أخي يتيمة طفلة، وأنا أشارك في رعايتها.
والحمد لله ذي مفضل لها عليّ فجأة أنها ليس لها أي ميراث مني، ورغم أنها ابنة أخي وأن أي مدخرات تحتي ستذهب لأولاد وأحفاد عمي، فهذا كان يتسمر بالنسبة لي. فكرت أنني سأعمل لها تنازلاً عن مدخراتي بحيث تساعدها حالياً في معيشتها لأن أمها تواجه ظروفاً صعبة رغم... أن لديهم معالجة لكن حدثت على ظروف الحياة القصيرة طبعاً، وأيضاً لقسوتها أنهم فقدوا أشياءهم أيضاً. طيب، يعني حضرتك تسألين عن فكرة أنك تتنازلين عن ممتلكاتك أو ثروتك لابنة أخيك. هي ليست ثروة، هي مدخرات إذاً. حسناً، تمام، مدخرات. نعم، اتفقنا أن أحد علمائنا يقول: ما حرَّمه الله يحرم. الوارث، ربنا يحرمه من ميراث الجنة، يعني مع أن هكذا أنا لو فكرتك نفهمها ستتعب. لذلك هذه صفقة يتيمة، وهي طيب، دعنا نستمع إلى الإجابة. اسمع معنا الإجابة يا سيدنا. أشكر لحضرتك، تحت أمرك يا سيدي. فضيلة مولانا أمامها قضيتان، والكلام الذي يقوله أخونا
هذا أنه لا يعرف من. لم تُحرم من ميراثها لها ولا شيء، القضية كلها أنها أمامها الوصية، والوصية تكون في حدود الثلث. فهذا مسار أنها ادخرت بعض المدخرات، لنقل ثلاثمائة ألف جنيه، فتتبرع بمائة ألف جنيه بعد وفاتها للبنت هذه كوصية، والوصية لا بد أن تُنفذ. القضية الثانية أنها تعطيها مائة. ألف جنيه وهي على قيد الحياة، يعني إذا كانت ستعطيها مائة ألف جنيه وتكتب لها وصية بسبعين ألف جنيه مثلاً، فمائة ألف جنيه هذه هبة لها أن تهبها وهي على قيد الحياة، وهذا لا يوجد فيه حرمان للورثة ولا أي شيء. تمام، النقطة الثانية أنها ستوصي بثلث الباقي، ثلث الباقي، جنيه يعني يقول سبعين ألف الشيء، فتوصي أهو، فتصبح البنت قد أخذت مائة وسبعين
ألف. لو كانت بنتها من صلبها لأخذت النصف، أي المائة وسبعين ألف، وهكذا. فهناك خطط كثيرة، وهذا لا علاقة له بحرمان الورثة ولا يعني ولا خطر في بال السيدة سميرة أنها تحرم الورثة. وهكذا هذه تريد أن تقف عموداً للبنت، هذه هي الحكاية صحيح. أما أننا ننزل الكلام بحرمان وزارة حرمان الورثة، ذلك الذي كان في الأفلام كما يقول "حرمك من المراصدة"، لا نحرم ولا نحرم، نحن نوزع والله معطٍ وأنا قاسم. نعم، بارك الله فيكم، جزاكم الله خيراً، شكراً موصولاً.
لحضراتكم إلى اللقاء،