والله أعلم | كيفية تحقيق الرضا و ما هي أسباب عدم تحقق الرضا | الحلقة الكاملة

والله أعلم | كيفية تحقيق الرضا و ما هي أسباب عدم تحقق الرضا | الحلقة الكاملة - تصوف, والله أعلم
أسعد الله أوقاتكم بكل خير وأهلًا بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامج والله أعلم لنسعد بصحبة صاحب الفضيلة مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف. عزيزي المشاهد، دعونا نتأمل هذا المشهد لسيدنا صلى الله عليه وسلم والأزمات تحيط به من كل مكان ويقول إن لم إن يكن بك علي غضب فلا أبالي، لك العتبى حتى ترضى. كيف نتأسى بهذا الخلق؟ كيف نوفق إلى الرضا يا ربنا؟ لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد بعد الرضا، ولك
الحمد دائمًا أبدًا. لنسأل مولانا الإمام كيف نرضى وكيف نوفق إلى هذا المعنى الرائع. مولانا الإمام، أهلاً بفضيلتكم، أهلاً وسهلاً بكم. مرحباً، ما هو الرضا يا مولانا؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. هناك ما يسمى بالتوكل على الله، هذا التوكل على الله يحدث في نفس الإنسان تسليماً لمراد الله. هذا التسليم بمراد الله يتولد عنه الرضا، رضي الله عنه ورضوا. عنه يرضى عن الله كما أن الله يرضى عنه. أنا أرضى عن الله. نعم. كيف؟ سأقول لك كيف. إنكم تريدون أن نفهم كيف نصل إلى التوكل الذي يولد التسليم
الذي يولد الرضا. هذا هو سؤالك: كيف أصل إلى الرضا؟ أي أنني راضٍ مسرور. شخص مسرور. ما الذي أسعدك؟ ها أنت قد نزلت عليك أزمات، وأتتك كوارث، وأصابك ضيق شديد، وأنت مسرور من أي شيء؟ نعم، أنا راضٍ، لأنني راضٍ. هذا يأتي كيف؟ إنه التوكل على الله. فالعقيدة والأخلاق في ديننا مرتبطة ارتباطاً عضوياً كما يقولون في الأدبيات، أي ارتباطاً شديداً. كالعضو الواحد بالعقيدة. العقيدة تقول أن هذا الكون من خلق الله ولا يكون في كونه إلا ما أراد. إذا لم يعتقد هذه العقيدة وفكر لنفسه أنه
له حول وقوة وأنه فاعل وأنه خالق وأنه قادر، فإنه حينئذ لا يستطيع أن يصل إلى التوكل الصادق الحق على الله، فلا يمكن أن يتولد التسليم فلا يمكن أن يوجد هذا الرضا، هذا الرضا هو حفيد التوكل، عندما لا يكون التوكل موجوداً ولا يكون أبناؤه موجودين، فكيف سيتواجد الحفيد؟ في السلسلة إذاً لا توجد هذه السلسلة، فيكون إذاً أول شيء العقيدة التي تقول أن هذا الكون الفاني الذي له بداية وله نهاية والذي يولد أحدنا. فيه ويشب من طفل إلى شاب إلى كهل إلى شيخ إلى هرم فيموت، أن هذا الكون هو من خلق الله.
هذه أول العقيدة التي نعرفها جميعاً، هذا الكون من خلقه. ثم خذ الثانية: أن في هذا الكون لا يكون فيه إلا ما أراد سبحانه وتعالى. ماذا يعني هذا؟ يعني أنا... الآن أشعر بضيق، فهل هذا يعني أن الله لم يخلق لي الرضا؟ وعندما يخلق الله لي الرضا سأكون في ضيق؟ إذا لم يخلق الله لي النور سأكون في ظلمة، وإذا لم يخلق لي الحرارة سأكون بارداً. فإذا لم يخلق الله سبحانه وتعالى الشيء، فسأشعر مباشرة بنقيضه. ربنا لم يقدر لي... الخير، فأنا في شر، ونعم بالله. ربنا لم يقدر لي الراحة، فأنا أتعب إذن، وماذا أفعل؟ ولذلك، يقول
لك بعض الفلاسفة هناك أن الله لا يخلق الشر. انتبه، ليس أنه لا يخلق الشر فقط، بل هو لا يخلق الخير. انتبه، ولا يخلق النور، ولا يخلق ابني. انتبه، إنه لا يخلقهم. خلاص إذًا أنا ليس لدي ابن، وهكذا فالله سبحانه وتعالى خلق، ولكنه لم يخلق لي أنا، لماذا هكذا؟ إذًا فهذه هي الحقيقة، لا حول ولا قوة إلا بالله. عرفنا أنه لا يكون في كونه إلا ما أراد، فعرفنا أنه لا حول لي ولا قوة، ما الحول والقوة إلا بيد... من إلا بالله؟ الله هو الخالق الحقيقي والفاعل الحقيقي والقادر الحقيقي والعالم الحقيقي والموجود الحقيقي. إذا نُسي هذا
الكلام، سأعيش المشكلة، فيقول: هذه مشكلة وأنا متضايق وأنا مضطرب وأنا متعب. حسناً، افترض أنني أتذكر أن ما أنا فيه إنما هو لأن الله أراده، فأقول له: حسناً، أنت... أردت يا ربي لماذا وأرجع للشريعة فأجد حتى الشوكة يُشاكها المؤمن له بها أجر. الله هذه فرصة يا مولانا، ماذا تعني فرصة؟ هذه فرصة، هذه منحة، ولكنني أراها من داخلها محنة، إنما هي في حقيقتها منحة. لماذا؟ لأنني جالس أُكتَب لي درجة عند الله وجالس يُكتَب. لي ثواب عند الله، وتُوضَع عني آثام كنت قد اقترفتها عند الله. فهذه الضيقة ليست بالضيقة. فأكون
فرحًا وإن كنت متضايقًا، ولكني فرحان. وهذا ممكن، وقد قالوا: إن المرأة عندما تلد تتألم وتتكلم من شدة الألم وتقارب الموت متعبةً وتصرخ، ومع ذلك فهي فرحة فرحًا لأن الله رزقها بالطفل. هذا الطفل الصغير أو الرضيع الذي يُقال لك عنه "بيبي"، تحبينه حباً غير مبرر، تحبينه حباً عميقاً - أتفهم ذلك؟ سواء وُلد غير مكتمل النمو أو وُلد مكتمل النمو، سواء وُلد بحالة صحية سيئة، فأنتِ تحبينه وتبذلين النفس
والنفيس لرعايته والاعتناء به. حسناً، كل هذا الألم ألم يجعلك تكرهينه؟ لا. فكذلك الإنسان إذا تدبر فعل الله في الكون وأن هذا سوف يؤجره وسوف... يرفع درجته به وسوف يحط عنه خطاياه وسوف يكون له بذلك حياة أبدية في النعيم. يقول له: "هذا ممكن؟" يقول له: "ماذا يا رب؟ زِد!" صحيح، يا رب زِد. إن الذي يبلغ مبلغ الإيمان لا يقول هكذا، ولا يدعو على نفسه بالزيادة ولا شيء، وإنما في رضا. يعني حتى الذي يقول: "يا رب زِد"، هذا لا ينتبه، وأنت ستقول له: "ربنا أتعسني أكثر مما أنت متعب، أتعبني"؛ لا، لا تقل هكذا. إذن الشريعة تقول لك قل ماذا؟ قل له: "يا رب خفف"، لا نسألك رد القضاء وإنما نسألك اللطف فيه. أتنتبه؟ كان
مشايخنا، نعم، يقولون ماذا؟ يقول... يا ربّ، أحد مشايخنا أصيبت أخته بضرر في عينها أي أصبحت عمياء، فقالوا: يا ربّ، أنت حكمت أن تُصاب بالعمى، سلّمنا، نعم تعمدنا التسليم. خلاص يا ربّ، رُدّ عليها بصرها. فردّ الله عليها بصرها. الله أخذ باله كيف! الله! ما هذا؟ ما الذي يحدث؟ إنه التسليم والرضا، ولكن بإزاء هذه المصيبة وهو أن... البنت الصغيرة ذات التسع سنوات أُصيبت عينها، ماذا نفعل بها؟ ندعو الله أن يشفيها فشفاها، يرد عليها بصرها فرد عليها بصرها. جاء الأعمى إلى رسول
الله وقال له: "يا رسول الله، ادعُ الله أن يرد الله علي بصري". فقال له: "ألا صبرت؟" يعني لماذا لا تبقى على حالك وتصبر لأن الله سبحانه... ومن أخذ حبيبتيه جازاه بهما الجنة. قال له: يا رسول الله، ادع الله أن يرد علي بصري، فأنا أريد أن أرى. قال: إذاً فتوضأ وصلِّ ركعتين، وبعدهما قل: يا الله إني أتشفع عندك بمحمد، يا محمد اشفع لي عند ربي أن يرد الله علي بصري. فرد الله علي بصري. أخرجه الترمذي وهو حديث صحيح توسل فيه الأعرابي هذا أو الشخص الضرير هذا، هو توسل فيه بسيدنا النبي فاستجاب الله دعاءه. وفي الطبراني أن عثمان
بن حنيف فعل هذا في بكرمة مع عثمان بن عفان. القضية إذاً أمامنا ماذا؟ أمامنا شيء مهم جداً وهو التسليم والرضا الذي يحول. المحنة إلى منحة لأنه فاهم، لأنه فهم لا حول ولا قوة إلا بالله، فهم أنه لا يكون في هذا الكون إلا ما أراد الله، فهم أنه لا بد من التوكل على الله حق توكله، فينتج من هذا التوكل تسليم بقدر الله حتى لو كنت حزيناً، حتى لو كنت كذا أن... العين أن العين لا تدمع وأن القلب لا يحزن ولا نقول ما يغضب الرب وأمامنا الصبر فصبر الجميل والله المستعان. الدعاء برفع البلاء ليس
الاستسلام للبلاء ولا شيء من هذا القبيل، بل هو الدعاء برفع البلاء وبأن يخلق الله لنا الخيرة والرفاهية والغنى. فاللهم اجعل الدنيا في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا ولكن. هذا الحال وهذا الفهم من العقيدة هو الذي يساعد على تولد التسليم في قلب الإنسان والرضا من بعده. الحاكم هنا يا مولانا هو إدراك الحقيقة، إدراك أن الله هو الذي ابتلاني وهو الذي يرفع عني هذا البلاء. هو هذا تماماً، نعم، نعم، إدراك هذه الحقيقة، إدراك الحقيقة، نعم، العقيدة، نعم ما. هذه جزء من العقيدة، نعم نعم، هي جزء من العقيدة. سأرتاح يا مولانا بعد ذلك، فأنت دائماً هكذا. هذا سيساعدك على الصبر، وسيساعدك على تجاوز المحنة، وسيساعدك على أن تصل إلى ما يسمى بالضراعة والقلوب الضارعة. سيصبح قلبك دائماً معلقاً بالله، يضرع له كلما...
يضرع له كل ما يفتح الله عليك، وكل ما يثبت الله فؤادك، وكل ما يكتب الله سبحانه وتعالى لك الدرجات والأجور، ويحط عنك السيئات، فتتحسن حتى أوضاعك أمام الملائكة. ستختلف نظرة الملائكة إليك، وسيرونك كرجل مرضي عنه محبوب، وإذا أحب الله عبداً نادى في الملأ الأعلى: "إني أحب فلاناً فأحبوه". فتأخذها الملائكة وتشيعها في العالم كله. تخيل أن العالم المحيط بك هذا يحبك، هذه الجمادات والأشياء التي أمامنا تحبك بأوامر إلهية. هل انتبهت؟ إنها تحبك. لا لا لا لا، ستحدث فرقاً، ستحدث فرقاً، ولذلك سماها أهل الله سعادة الدارين، سعادة
الدارين. عين الرضا عن كل عيب كليلة، وعين السخط تبدي لك المساوئ. تبدو لك المساوئ... فاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم مولانا الإمام. دعونا نرى المشاهد التي نعيشها والعلاج الذي قدّمته لنا قبل الفاصل، وهو أن نبقى مرتاحين بالرغم من أن على أكتافنا هموماً كثيرة. والذي يقول إنه غير قادر على مفارقة ابنه، أو التي تقول إنها غير قادرة على مفارقة ابنها، ولديّ مشاكل... لم أستطع الوصول إلى هذه الوظيفة أو لم أستطع تحقيق ما في ذهني. الحل هنا يكمن في الرضا، فالرضا هو الذي يطمئن الإنسان. لماذا؟ أتعلم ما معنى هذا الرضا؟ السيدة عائشة كانت
تلاحظ حال سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم وتلاحظ أنه كلما رغب في شيء. تحقق ذلك الشيء فقالت له: "أرى الله يسارع في هواك". الله! أرى الله يسارع! أنا أراقبكما من الخارج، هو وأنت. يعني تريد شيئًا معينًا فيحدث فورًا، تريد شيئًا معينًا فيحدث فورًا. هل تدرك؟ كما في الحديث "عبدي أطعني تكن عبدًا ربانيًا تقل للشيء كن فيكون". يعني كأنك حصلت على استجابة الدعاء التامة. لذلك وإلى آخره فأهل الله وهم يدرسون هذا الحديث قالوا ولكن هذا هو يبدو أنه حصل العكس، الدنيا
جارية ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم راضٍ عن كل شيء. ما أنت يا رب الذي خلقت هكذا فوسع علينا الأرزاق، نعم، أنا أريد الرزق أن يوسع فضيقها علينا، ولا بأس. لا يجري شيءٌ إلا وهو خير، هذا هو الرزق الإلهي جميل أيضاً، أتلاحظ؟ "اللهم أحيني مسكيناً وأمتني مسكيناً واحشرني في زمرة المساكين". فأعطاني الصحة، نعم، لكي أصلي وأعمل وما إلى ذلك وأصوم، طيب، وأعطاني المرض، حسناً، ذلك لأن أنين المريض هو تسبيح، والله تعالى يعطي للمريض ما كان
يفعله في حال صحته. صحته، ذلك أن ربنا سيأجرني وسيجعل هذا المرض في ميزان حسناتي يوم القيامة. راضٍ كأنه مسرور من المرض. فالإنسان عندما يصل إلى مرحلة الرضا، يظهر للمراقب له أن الله يسارع في هواه. الله، نفس المشكلة مع السيدة عائشة ولكن من ناحية أخرى، يعني أن السيدة عائشة ترى أن سيدنا الرسول كلما يرغب في شيء يحققه له الله، أما عكسها فهو أن كلما أراده الله فالنبي موافق عليه. فلنبدأ نحن من هنا، نعم لنبدأ بدايتنا من هذه النقطة، فهي كذلك هي الناحية الأخرى. عندما نذهب إلى الله نرى ماذا فعل النبي؟ سلّم تسليماً مطلقاً، مطلقاً. ماذا يعني أن كل شيء جيد بما في
ذلك الحزن وبما في ذلك الألم، نعم بما في ذلك أنه فقد إبراهيم ابنه وفقد حمزة عمه وفقد، نعم بما في ذلك هذا، لكنه راضٍ يا أخي، راضٍ كيف؟ أليس الله هو الذي خلق؟ نعم، حسناً أنا راضٍ، هل يفلح قوم أدموا فمن بينهم؟ والله لن يُفلحهم أبداً، ولكن عندما كُسرت رباعيته، كان راضياً راضياً. هو هكذا، هو خائف عليهم، هو يقول لهم هكذا: "ستذهبون في داهية، أنتم أحرار". أبداً ما هو يمنعهم من النار، لكنه راضٍ. فهذا الرضا المطلق هو الذي يتولد من قضية التسليم لله وفعله في كونه. افعل يا رب في. كن كما شئت، أنا لست متبرماً ولا معترضاً، أنا موافق
على كل ما تفعله، وأدعوك وأنت منتبه أن تسترها معي، وأن تخفف عني، وأنك كذا وأنك كذا. في نفس الوقت، في نفس الوقت، نعم، نعم، لأنك في الأصل لو أنزلت علي البلاء فقلت... ماذا يعني؟ إنها مرحلة أخرى سيئة. أنت لا تهتم ولا أنا. لقد فعلت ذلك لك لتستغفرني، لتستغفر الله، لترجع إليه، لتتضرع إليه، لتنكسر أمامه، لتنكسر له، لا لتقول لي أنا لا يهمني. هل تفهم؟ ولذلك عندما تحدث المحن نرضى، أي نُسلّم أمرنا ونَدعو الله. ولذلك أن العين لتحزن وتدمع،
وإن القلب ليحزن، وإننا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون. إنما الصبر عند الصدمة الأولى، فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون. وإنما الدعاء بعد هذا الصبر والرضا بمراد الله سبحانه وتعالى وبفعله. هكذا يكون الحال، التوكل في الرضا، في التسليم، في الرضا، في الدعاء يكون. هذه هي الوظائف التي يعيش بها الإنسان. الجماعة الصوفية تقول لك: "نحن نشعر بأشياء لو عرفها الملوك لقاتلوا عليها"، من شدة اللذة التي يشعرون بها. ولو كان أحدهم يعيش كملك، فهو الآن راضٍ عن كل شيء، مسرور من كل شيء. حسناً، هذا الانبساط يجعله يعيش نوعاً من أنواع... التفاخر
لا لا لا، إنه منكسر. أنا عند المنكسرة قلوبهم، فهو منكسر لله ويدعو الله في نفس الوقت مع التسليم والرضا بالخير. نعم مولانا الإمام، يعني سيدنا النبي في عز الأزمة وهو راجع من الطائف: "إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، لك العتبى حتى ترضى". انظر إلى التسليم أنا. أريد أن أفهم هذه العبارة، أريد أن أفهم أنه يقول له: "يا رب، أنت تفعل هذا بي ترقية أم تدنية؟ فإن كنت تفعله ترقية فلا أبالي، وإن كنت تفعله بي تدنية فاغفر لي". هل انتبهت كيف أنه إذا تواضع لله فرفعه؟ إنه يخاطب ربنا. أدبه ربه فأحسن تأديبه، صلى الله عليه وآله.
وسلم، فإن لم تكن بك عليّ غضب، يعني هذا ناتج من غضب؟ لا، ليس من غضب. لا أبالي. حسنًا، ما معنى أنني مسلم؟ نعم، أنا مسلم. مسلم ورضا الله ماذا يعني؟ أتعبوني، ضربوني، لا أعرف أقبل ماذا مما أفعله. وماذا أفعل؟ أنا مسلم، ماذا أفعل يعني؟ هذه أرضه وهذه سماؤه، ماذا أفعل؟ ماذا؟ أأخرج من سمائه أو من أرضه؟ مستحيل! خلاص، إن لم يكن بك عليّ غضب، وإن كان بك عليّ غضب فلك العتبى حتى ترضى. نعم، إذا كان بك في غضب، سبحانك أتوب إليك. أرجع إذا كانت هذه علامات لأننا نتضرع إليك بالمغفرة، بطلب المغفرة، أنا أفعل هذا.
فوراً إذا كانت هذه ليست عن غضب والله ولا أبالي ولا يهمني، حسناً هكذا، فإذا هذا التواضع الذي لم يجعل، لم، لم يحكم. هو يعني الدعاء هذا فيه توكل على الله، والتوكل ينشئ التسليم، والتسليم ينشئ الرضا، فهو هذا الدعاء الذي سلّم فيه أمر الله فحدث هذا. الرضا بقدر الله وفعل الله مولانا فضيلتك كنت تعلمنا الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره، حسناً، هل معنى من معاني الإيمان هو الرضا بهذا القضاء والقدر خيره وشره؟ لا، هو درجة من درجاته، يعني هو أصل. انتبه أن الإيمان له بداية، نعم، وهو التصديق، فالإنسان
الذي يصدق بالقضاء خيره. وكفى، مؤمن لأنني لا أكلف الناس ما لا تطيقون، ولأنه عندما قال له في حديث جبريل: "ما الإحسان؟" قال: "أن تعبد الله كأنك تراه"، ولكنه لم يتركها هكذا، بل قال: "فإن لم تكن تراه"، يعني أن هناك طائفة أخرى من الناس لن تستطيع أن تصل إلى درجة أن تعبد الله كأنك تراه. تراه فأين لم تكن تراه فهو يراك، إذا لم يكن لديك استحضار تام بقلبك الضارع المفتوح على الله سبحانه وتعالى ليلاً نهاراً، فاعلم أن هناك إلهاً بعقلك، أي أننا انتقلنا هنا من القلب إلى العقل، إذا كان قلبك لا يعمل فليعمل عقلك يا حبيبي، لأن
عقلك هذا هو المشترك. بين البشر، كل البشر لديهم عقل، أما الذي ليس لديه عقل فقد سقط عنه التكليف، فلا يوجد تكليف ولا خطاب له. وهنا للقلب بابان: باب على الخلق وباب على الحق، فإذا كان باب الحق مفتوحاً، فحينئذٍ باب الحق مفتوح تدخل منه الأنوار، وقلبك خاشع متعلق بالله سبحانه وتعالى، لكن لو... كان مغلقًا فيجب عليك أن تفكر وتعلم أن الله سيراك، ولذلك كلما تذكرته كلما استحييت منه، وكلما امتنعت عن الخطيئة وامتنعت عن الأذى وامتنعت عن كذا وكذا وكذا. ومن غير هذا التصور لا يوجد رضا، فلا يوجد تسليم، فلا يوجد توكل، فلا يوجد باب
مفتوح على الخالق. سبحانه وتعالى، وحينئذ يكون غافلاً. مولانا الإمام، دعني أسأل من ناحية أخرى: ما الذي لا يجعل الناس راضية، بالرغم من أننا لسنا نتحدث عن فكرة الألم وفكرة المشكلة والأزمة؟ لا، أناس لديهم أموال وأناس تعيش مرتاحة، مما نراه بعين البشرية القاصرة هذه، وفي النهاية لا تجدها راضية. ما عدم تحقق؟ الرضا في الحياة غافلاً قفل باب الحق سبحانه وتعالى. الدنيا عندما نغلق باب الحق ونفتح باب الخلق يصبح أمامنا سؤال: كيف أكون سعيداً؟ كيف أكون سعيداً؟ هذا يجعلني أقول: حسناً، سأكون سعيداً عندما أركب سيارات فارهة فاخرة،
فأركب ثم أجد أنه لا توجد سعادة، لا توجد سعادة، وبعدها أقول: طيب. ربما عندما يكون عندي ولد فيتزوج فلا يجد فيها سعادة، أو يكون عندي ولد فلا أجد فيها سعادة، حسنًا، الأكل ليس فيه سعادة، إذن ما هي السعادة؟ كيف أجد هذه السعادة؟ السعادة بالتوكل الذي يولد التسليم الذي يولد الرضا، هذه هي السعادة: القناعة والاكتفاء الذي يحدث بالرضا. لا يوجد رضا، لا توجد سعادة. حضرتك، أنا لأنني فتحت باب البحث، أصبحت أجرب. المال لم ينفع، السلطة لم تنفع، الولد لم ينفع، الصحة لم تنفع. إذن ماذا؟ وكثير جداً من
الذين أغلق الله عليهم قلوبهم ووضع عليها الران يحاولون ويسيرون في قصة. اللذات وكلما يوغل في اللذات كلما يشعر بتعاسة أكبر وأكثر بل وألم، وهنا يبدأ يتعجب ويكتشف أن هذا ليس الطريق، فنقول له: "حسناً، ارجع". والله كثير جداً منهم قال لي: "لست قادراً، لست قادراً أن أرجع، لست قادراً أن أرجع من الطريق، الطريق الخاطئ الذي سرت فيه". نعم، انتبه! واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه. إلى هذا الحد أنه يمشي في الطريق حتى يحول الله بينه وبين قلبه
فلا يستطيع حتى الرجوع وهو يتألم. حتى الإحصائيات والدراسات النفسية تقول إن أكثر المجتمعات رفاهية في أوروبا تحديداً أو المجتمعات الغربية هي أكثر المجتمعات تشهد. حالات انتحار، فاصل، نعود إليكم مرة أخرى لنعيش بشكل صحيح فنكون سعداء بالرضا. أهلاً بكم أعزائي المشاهدين. جميل يا مولانا أن نكون سعداء بهذه التراتبية وبهذا الحل والوصفة الإلهية التي أخبرتنا عنها فضيلتك. هذا يجعلني أسأل: ما هي النفس الراضية والنفس المرضية؟ الراضية والمرضية
هذه عبارة عن مراتب من مراتب... النفس السبعة؛ النفس إما أن تكون أمارة بالسوء، ثم بعد ذلك إذا ترقت فتكون لوامة تلوم صاحبها على أفعال أو على تقصير يقصر فيه في الطريق إلى الله، ثم تصبح ملهمة فألهمها فجورها وتقواها فهي ملهمة، ثم بعد ذلك تترقى إلى الراضية فالمرضية فالمطمئنة. يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى. ربك راضية مرضية يعني ثم بعد ذلك الكاملة الراضية والمرضية هذه تعني أنها درجة من درجات النفس، وبعض أهل الله يقولون لك إن الملهمة والراضية والمرضية والمطمئنة
والكاملة كلها درجة واحدة، يعني هي ثلاث درجات: إما أمارة، أو لوامة، أو ملهمة. كيف أصل إلى ذلك؟ فوضعوا برنامجاً. مأخوذ من القرآن، ما هو البرنامج؟ هذا البرنامج قالوا إن الطريق في ترقية النفس محاط بالذكر والفكر، "والذاكرين الله كثيرا والذاكرات"، "فاذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون"، "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون"، "ألا بذكر الله تطمئن القلوب". يعني القرآن كله ذكر، "إنا نحن نزلنا الذكر"، حتى القرآن اسمه ذكر وإنا له. لحافظون. فالذكر الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض. يبقى الذكر والفكر وفي هذا الطريق الذي يترقى
الإنسان فيه من الأمارة إلى اللوامة إلى الملهمة التي منها الراضية والمرضية. الفكر، الذكر والفكر، والتخلية والتحلية، التخلي والتحلي، تخلٍ من كل قبيح: الكبر، الحقد. الحسد والغل والتحلي بكل الصفات السلبية هذه: الكراهية والعنف وما إلى ذلك، هي التي تعيق الإنسان في الوصول إلى هذا التوكل وهذا التسليم وهذا الرضا. أيضاً عندهم أن الله مقصود الكل فلا تلتفت إلى ما سواه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، ومعنى عدم الالتفات في هذا الطريق. إلى الله سبحانه وتعالى
كثير من الإشراقات، إشراق هذا نعمة فلا تقف عندها، "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها"، كما أنك لا تُفتن بالمال ولا تُفتن بالقوة ولا تُفتن بالعلم ولا تُفتن بنعم الله المختلفة، كذلك لا تُفتن لا بالكرامات ولا بالرؤى ولا بهذه الأشياء كلها، هذا الكلام ليس وحش الكلام هذا الذي هو الإشراقات هذه، نِعَمٌ من نِعَم، المال ليس سيئاً، الصحة ليست سيئة، العلم ليس سيئاً، لكنها نِعَم، إنما متى تُؤاخذ عليها؟ عندما تستعملها في غير ما هي له. هذا الطريق الذي يشتمل على الذكر والفكر، التخلية والتحلية، القصد الموجه من عدم، من غير التفات يكون. محاطًا بالشريعة بالكتاب
والسنة، هذا هو الذي يؤدي في النهاية إلى الراضية والمرضية، هذا هو في النهاية الذي يؤدي إلى الفهم الدقيق لكلمة لا حول ولا قوة إلا بالله. لا حول ولا قوة إلا بالله يقول فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري كنز من كنوز العرش. لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز العرش هكذا النص، فجاء ابن عطاء الله السكندري وهو من أولياء الله مدفون عندنا هنا في القاهرة في سفح المقطم، وألَّف شيئاً اسمه الحكم العطائية، أكثر من مائتي حكمة كلها تعني لا حول ولا قوة إلا بالله. انظر انظر الآن بأفصح. العرب والله أجل، كلهم تكلموا وانبهر الناس بها وشرحوها وفصلوها، وكلما تتعمق في حكمة وتفصل فيها وترى أصولها تصل إلى "لا حول ولا قوة إلا بالله". كلما تتناول حكمة وتصل إلى أنها منسوجة من "لا حول ولا
قوة إلا بالله". الله! هذا سيد البشر، يعني هذا والله يعني فعلاً هكذا. الأمانة ونصح للأمة وجاهد في سبيل الله ورفع الغم حتى أتاه اليقين عليه الصلاة والسلام، ما هذا؟ ما هذا؟ لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز العرش. فهذا كثير جداً، الناس ترى لنفسها حولاً ولنفسها قوة، وهذا يؤدي إلى التشويش على النفس الراضية المرضية ويؤدي إلى التشويش على الوصول. إلى مقام العبودية ويؤدي إلى التشويش على التخلية والتحلية والذكر والفكر. اللهم إني أبرأ من حولي وقوتي إلى حولك وقوتك. مولانا الإمام معي الأستاذة نادية والأستاذة مها. يا أستاذة نادية أهلاً بك. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. تفضل يا سيدي. أنا والدتي
قبل أن تُتوفى المريضة وبعد ذلك دخلت المستشفى. يريد بالضبط العلاج المركّز فوضعوها على جهاز التنفس الصناعي وكانت تتألم منه ولا تريده، وكانت تشير إلى أن يُزال. نحن لم نسمع كلامها وسمعنا كلام الأطباء ولم نسمع كلامها، فهي تواصل. نحن بذلك نكون ظلمناها لأنها كانت تتألم منه جداً جداً جداً بهذا التنفس. هذا شيء آخر، ماذا أفعل لها أنا؟ وإخوتي نحن أربع بنات لكي تستفيد بعد الممات. حاضر يا أستاذ النديم. غير لازم. سؤال حضرتك. قل السلام عليكم. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. تفضل يا سيدي. لو سمحت كنت أريد أن أسأل شيخنا عن والدتي المتوفاة وكانت قد أوصت أن لأخيها، لأنه كان يحبها جداً جداً جداً قبل أن متزوج منذ عشرين سنة وقاطع زوجته تماماً،
وبسبب الميراث وما شابه، مع أنني أعطيته حقه وزيادة، ومع ذلك لم يصلح العلاقة ولم يرضَ أن يكلمها. فهي وصلت إلى درجة أنه لن يحضر جنازتها ولا يتقبل العزاء فيها، ونحن بالتالي لا نريده أن يحتفل معنا في النهاية. فلا أعرف هل هذا حرام أم حلال، وهي أيضاً كانت قد سألت شيخاً في الأزهر. إذا منعتَه من شيء، قال لها: "حتى لا تزيدي حقده أكثر، لأنه بعد أن تزوج لا نعرف ماذا حدث له. هذا أخوك، نعم، حسناً. عشرون عاماً وأنت لا تتحدث معها. لا إله إلا الله. حسناً، حسناً. عشرون عاماً، وبالتالي أنا وإخوتي لا نريد أن يرث منا أي شيء إطلاقاً. فهل..." هذا حلال لأنه يعني حتى الآن يعني هي توفيت الحمد لله، الحمد لله كانت تبتسم ابتسامات وتضحك. بحق ربنا يرحمها وقال لنا لا إله إلا الله محمد رسول الله وكلها تُشاهد وكلها كانت مسرورة. هو الآن أنا أريد أن أعرف ماذا يمكن
أن يفعل ربنا به بعد الذي فعلوه به هذا والذي... الآن أريد أن أورث فيها، رحمهم الله، يعني والد الزنادية والأولاد حضرتك. الزنادية تقول: هل نحن آذينا والدتنا بفكرة التفوق والتنافس الصناعي هذا؟ لا، لا توجد إساءة ولا شيء، لأن المريض لا يملك القرار النهائي، يعني ونحن نفعله هذا ليس بغرض يعني الإيلام، ودائماً العلاج مؤلم، العلاج أصلاً مؤلم، ونحن نرجو. له الصالحون وكان سيدنا رسول الله مرة في حمى ومرض وما إلى ذلك، وأرادوا إرغامه على أخذ الدواء، فكان يشير إليهم أن هذا يؤلمه أو نحو ذلك، وهم يصرون، فبعدما
قام واسترد عافيته قال لهم: "حسناً، سأفعل بكم كل ما فعلتموه بي لتعلموا". مدى الذي أنتم فعلتموه يعني أو الألم هكذا فلا وفعل فيهم هذا أو حاول أو كذا قال له أشياء بسيطة هكذا بحيث أن المريض يكون متضايقاً يعني يكون نفسه هذه، فأنا أقول لنادية لا ما أنتم لم تخطئوا في هذا السؤال الثاني الخاص بها أنه حسناً ماذا نفعل لها كل أنواع الخير اعملوا لها صدقة، كلما قرأتم القرآن هبوا ثوابه لها، كلما دعوتم أشركوها معكم في الدعاء، وهكذا. طيب، السيدة مها رحم الله والدتها تقول الآن: أخوها
الذي قطع والدته عشرين سنة يا مولانا. نعم، هو قطع، هذا حسابه عند ربه، وعقوق الوالدين كبيرة من الكبائر، يعني مذكورة. بعد الشرك بالله مباشرة، السبع الموبقات هي الشرك بالله. إنما عليها أن تهتم بنفسها مع ربها، لا أن تلتفت إلى أخيها الذي أجرم هذا الإجرام وتريد هي أن تقوم بمحاسبته أو ما شابه ذلك. وما دام هناك ترك للولد، فهذا الأخ سيدرس ولعله أن ينتفع، أي يتوب. إلى الله قبل الفوز والموت، أو لا يتوب هو حر، يعني هذه مسألة تخص ربنا وقدر ربنا، لكن أن يتزوج فيمكث عشرين سنة لا يطيع أمه،
هذا كلام يعني هو من أعمال الكفر وليس من أعمال الإيمان. نحن لا نكفّر، لكن هذا من أعمال الكفر، هل تفهم؟ كل المعاصي. كل المعاصي من شعب الكفر وكل الطاعات من شعب الإيمان، فالذي هو يفعله هذا يا مها هذا من شعب الكفر، لكن أيضاً هو سيرث لأنه وارث من الميراث. تقول ماذا؟ أنه لا نريده أن يرث منا أيضاً؟ هو بالطبع يرث معكم منها، هذه قضية "يرث منا"، "منا" هذه معناها أنكم ليس عندكم. مثلًا يعني ذكور يكون هناك فقط بنات وكذا إلى آخره، أيضًا هذا ليس أمرًا شرعيًا أن تبحثي عن شيء تتهربين به أو تهربين به التركات من هذا الأخ الفاسق أو هذا الأخ المنحرف. اتركيها لله لأن
كل هذا إن لم يتب إلى الله سبحانه وتعالى سيكون في ميزانه. سيئاته يوم القيامة. حسناً، ففي لحظات الصراحة مولانا، كيف يتعاملون مع ما يشبه وصية الأم التي تقول لهم: "لا، أنا لا يحضر بجنازتي"؟ وهذا ليس فيه توصية، ليست وصية هذه، لا، ما هي بوصية، ولا يُحرم الميراث. هذه أيضاً بالكلمة التي قالتها لا تصلح، لا تصلح، هي تقول... شيء تعبر به عن إساءته، تعبر به عن عقوق هذا الولد، تعبر به عن مدى جرمه، تعبر به عن غضب الله عليه، شيء من هذا القبيل. ولكن عندما ننتقل إلى ظواهر الحقوق والواجبات، سنعطيه حقه وليذهب بعيداً به. مولانا الإمام الدكتور
علي جمعة وذوات كبار العلماء، بل الوزير شريف شكر. الله لكم مولانا، أهلاً وسهلاً بكم. سورة إبراهيم بن أدهم عن الناس فقال: هم العلماء. إلى اللقاء،