والله أعلم | كيف نحقق التوكل على الله بلا تواكل ؟ | الحلقة الكاملة

أسعد الله مساءكم بكل خير أرحب بحضراتكم في حلقة جديدة من "والله أعلم". في هذه الأيام نجد خصوصاً ما بين الشباب والفئات العمرية صغيرة السن إلى حد ما بعض المفاهيم الخاطئة، يعني نرى من يقصّر مثلاً في الاجتهاد في تحصيل العلم أو في المذاكرة أو في الدراسة الجماعية الخاصة او حتى المدرسية أو نرى يقصر بعد ذلك في البحث عن مصدر عمل ويستسهل الجلوس في البيت والاعتماد على الأهل بدلاً من أن يجتهد في البحث عن عمل، وربما يكون الرد ببساطة: "دعها
على الله"، "سألقيها على الله"، "وربنا إن شاء الله سيحلها لي"، و"ربنا يرزق النملة". نسمع أشياء من... هذا القبيل يعني وهو في ذاته يعتقد بأنه بهذا الشكل وبهذا المعتقد هو يتوكل على الله يعني بمنتهى البساطة رمى حمله على الله ولكن هنا يحدث تشابك ما بين مفهوم التوكل على الله ومفهوم التواكل. في حلقة هذا المساء إن شاء الله مع فضيلة الدكتور سنحاول أن نبحث في هذا. للأمر، ولكي نفض الاشتباك في هذه المسألة، الفارق بين التوكل والتواكل، اسمحوا لي في البداية أن نرحب بفضيلة الإمام العالم الجليل الأستاذ الدكتور علي جمعة. أهلاً بكم مولانا، أهلاً وسهلاً بكم، مرحباً بكم. بدايةً مولانا، ما حقيقة التوكل على الله؟ ما المعنى أو ما المقصود بأن دائماً نعتمد على سبحانه وتعالى ونتوكل على الله سبحانه وتعالى وما هو الفرق بين هذا الشعور والإحساس والمفهوم وبين التواكل. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على
سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. التوكل على الله مبني على الرضا وعلى التسليم، رضيت بالله رباً ورضيت بفعله في هذا الكون وسلمت له أمري وهذا هو حقيقة التوكل. التوكل مبني على عمودين: الرضا بفعل الله في كونه والتسليم له في أمري وفي كل شأن. هذا هو التوكل. الرضا يقتضي عدم التبرم والاعتراض. عبارة "لماذا هكذا يا رب" هذه غير موجودة عند من رضي، رضي الله عنهم ورضوا عنه ورضوا عنه راضين عن ربنا. فشخص ابتُلي بفقد عزيز لديه، الأمر
لله، لله ما أعطى ولله ما أخذ. ولذلك يتولد عن هذا الرضا الصبر، كوني أنني فارقت الحبيب، فارقت العزيز، فارقت من أحتاج إليه، من يساندني وهو معيني في هذه الحياة الدنيا. كل هذا مسألة مؤلمة أن العين لتدمع وأن النفس لتحزن ولا نقول ما يغضب الله، لا نقول لماذا هكذا يا رب، ليست موجودة هذه العبارة. والصبر يكون عند الصدمة الأولى، لأنه يعيش في الرضا، ولذلك كان وإن بكى وإن حزن، إلا أن هذا الحزن والبكاء ولوعة الفراق لا تؤثر
إطلاقاً في الاعتراض على... الله بل هناك رضا وهناك تسليم. خلاص هو الخيرة فيما اختاره الله، الخيره في هذا الفقد. نعم، أم سلمة يقول لها الرسول: "لعل الله أن يبدلك خيراً منه". فقالت: "ومن خيرٌ من أبي سلمة؟ أبو سلمة صاحب هجرتين إلى الحبشة ثم الثالثة إلى المدينة، صاحب الهجرات الثلاثة أبو سلمة ما..." ما رأت مثله، فإذا بها قد عوضها الله عنه برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو سيد الخلق، الذي هو صخرة الكونين. فالتوكل حقيقته الرضا والتسليم، هذه حقيقة التوكل. هناك ربنا خلق هذه الدنيا بأسباب، عندما آتي لأقطع اللحم، تجد أن اللحم لا يقبل أن
يُقطع إلا بسكين، فجعل السكين قاطعة والنار محرقة تسبب النضج. لا أعرف أن أنفخ في اللحم هكذا فينضج أبدًا، بل لا بد من وضعه على النار، ولا بد من الانتظار أيضًا عليه قليلًا حتى يُسلق أو حتى يُشوى أو حتى يحدث كذا إلى آخره. ترك الأسباب جهل، والاعتماد عليها شرك. ترك الأسباب جهل، والاعتماد عليها شرك، إليك حقيقة التوكل: ماذا يعني ترك الأسباب؟ أن أمتنع عن فعل السبب الذي جعله الله وسيلة. لقد جعل الله لي وسيلة لتوصلني إلى عملي البعيد خمسة كيلومترات أو عشرة كيلومترات، وهي السيارة. فإذا قلت: "لا، لن أستخدم السيارة لأنني توكلت على الله"، فأنت بذلك تركت السبب، وهذا
سيدنا الرسول علمنا علمنا أن لا نترك الأسباب إنما نعمل الأسباب ثم ندعو الله سبحانه وتعالى بالتوفيق والسداد لأنه هو الذي يوفق وهو الذي يسدد. فالاعتماد، يا مولانا، هل وصل هنا إلى مرتبة الشرك؟ الاعتماد على الأسباب لو اعتبر أنه هذا هو الفاعل وليس الله، أو هذا هو الفاعل والله يعني... ينظر إليه هكذا فقط يعني ليس له عمل، نعم، مثل ما يُسمى بالعلماني أو يُسمى، بغض النظر عن المفهوم العلماني، يعني من يرى بأن العلم هو الأساس في كل شيء، يعني أن العلم هو الذي صنع كل هذا، يعني عندما أعتقد أن الله سبحانه وتعالى قد وهبنا العلم وعلم الإنسان ما لم يعلم وأن هذا العلم هو الذي نرى من خلاله حقائق الأشياء، هذا جيد جداً وأنا أتفق مع ذلك، لكن
عندما أقول إن العلم بديل عن الإله فنحن لسنا في حاجة إلى ما أمر به وما نهى عنه من خُلق ممدوح أو خُلق مقدوح، فهنا في هذه الحالة أشركتُ بالله، صنعتُ طوطم. والطوطم هو الإله المعبود من دون الله في إفريقيا، كان يُسمى طوطماً. كانوا يعبدون النهر، ويعبدون الشجرة، ويعبدون البقر، ويعبدون أي شيء. فصنعتُ شيئاً هكذا وقلتُ: هذا هو إلهنا. أفهمتَ تماماً؟ فيكون الشرك هنا ناتجاً من ترك خصائص الألوهية تعني أنني لا أعتقد في الله أن يكون له علاقة بهذا الأمر، فما شأنه بهذه المسألة؟ لا، ما شأنه بهذه المسألة؟ إذا قلت ذلك فقد أشركت، وهذا غير جائز، وتصبح
هذه عقيدة فاسدة وعقيدة سيئة. كذلك يا مولانا، لقد أكدت حضرتك في حديثك على جزء اقتران العمل. أو الأخذ بالأسباب مع التوكل، مع التوكل. يعني الشاب الذي يجلس في بيته وهو يظن أن الله كتب له هكذا، أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضةً. هذا كلام سيدنا عمر، وعندما ذهب إلى عمواس ورأى فيها طاعونًا لم يدخل، فقال له أبو عبيدة: أتفر من قضاء الله؟ قال: "أفرُّ من قضاء الله إلى قضاء الله". نعم، ما هو هنا، سأدخل هنا، فيكون قدراً، وهنا وبعد ذلك، قال له أحدهم: سمعتُ رسول الله يقول: "إذا كان (الطاعون) بأرضٍ فلا تدخلوها، وإذا كان بأرضكم فلا تخرجوا منها". هل تنتبه كيف أنه يقول: "لا عدوى"؟ فكيف إذاً؟ لا،
عدوى. ولا طيرة، وفِرَّ من المجذوم فرارك من الأسد. يبقى "لا عدوى" معناها أن الذي سيخلق انتقال الأمراض هو الله بمشيئة الله وترتيب الأسباب. طيب، أنا كإنسان ماذا أفعل؟ أرى الذي لديه هذا المرض المعدي وأبتعد عنه حتى لا يُصيبني بالعدوى، ويُعمل الحجر الصحي، نعم. أقوم بالحجر الصحي حتى لا تنتقل العدوى. أنت ألا تقول "لا عدوى"؟ نعم، هناك عدوى كونية، لكن معنى "لا عدوى" أن الذي أمرضك هو الذي أمرض الأول. افترض أن شخصاً كان أول من أصيب بالمرض، من الذي نقل إليه العدوى؟ لا أحد. لقد سلط الله عليه الفيروس أو الميكروب، فأصابه سيفعل بك هذا فقط عن طريق ذلك، وأنت
منتبه. فمسألة لا عدوى هنا مسألة عقدية وليست مسألة كونية. الكون يقول إن هناك عدوى، ونعمل على ذلك، أي أن هناك عدوى فنقوم بالحجر الصحي والتباعد والاحتياط، ونتخذ الإجراءات إذا كنا في أرض فيها كوليرا أو طاعون أو غير ذلك مما لا أعرفه. فلا نخرج منها ولا ندخل إليها، نفعل كل هذه الأشياء، وأنفلونزا الطيور نبتعد عنها ونفعل لا أعرف ماذا، من الممكن أن نذبح كل الطيور حتى لا تنتقل إلى الإنسان، ونفعل كل شيء. الفلاح يُلقي الحَب ثم يدعو قائلاً: يا رب، لكن افترض أنه لم يلقي الحَب، لن ينبت الزرع، يكون الذي يلقي الحب ويدعو قائلاً يا رب هو المتوكل، نعم لأنه اتخذ الأسباب ثم إنه رضي وسلّم
أولاً بأسباب الله في كونه. حسناً، النبي ماذا قال لنا؟ قال لنا: "لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما ترزق الطير في السماء، تغدو خماصاً وتروح بطاناً". وتروح بطاناً، هكذا قال قالوا انظر كيف ذهبت وجاءت. ماذا لو افترضنا أنها جلست في أوكارها وأماكنها؟ لن تُرزق، لن تُرزق. لا بد أن تترك العصفورة عشها وتسعى لتحضر بعض الطعام في فمها لأولادها. إن لم تفعل ذلك، فلن يكون هناك طعام، ولن يكون هناك طعام، وتفنى الحياة، وتفنى الحياة. فتغدوا وتروح لتأكله هكذا، ثم بعد أن يعرف صغيرها أن يطير فتطيّره معها أيضاً كي تريه من أين تأكل وما هي القصة
والحكاية. أليس الله سبحانه وتعالى قد ضرب لنا مثلا نعم، هناك فرق بين التوكل الذي يمثله هذا الطائر، حيث يخرج الطائر في الصباح مثل البائع الذي يعتمد على الله. عندما تسأله: "على باب الله، ما عملك؟" يجيبك. على باب الله أُتاجر في أشياء هكذا، لا أدري هل سأُرزق اليوم أم لا، لا أدري هل سأُرزق بمائة أم بألف، وبعد ذلك يخرج على باب الله هكذا ويرجع مجبور الخاطر. في اليوم التالي لا يوجد معه ولا مليم، لأنه معه عشاؤه فقط. في اليوم الثالث نصف ونصف، وفي اليوم الرابع يفتح عليه مرة ثانية ما بالُك يقولون عنه ماذا عندنا في البلد؟ "أَرْزَقِي"، من الرزق يعني متوكل على الله هكذا. لا مانع، لا يحدث شيء، لكن كونك تعتقد أن الامتناع عن الأسباب توكل، لا، هذا لا يصح. فقد استدل العلماء على
ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أُحُد خالف. بين درعين ارتدى درعاً هكذا ودرعاً ارتداه خلفه، وذلك لكي إذا جاء السيف عليه. حسناً، ربنا يقول: "والله يعصمك من الناس"، فهو معصوم أصلاً، فكيف يكون ذلك؟ قال: لا، هو لم يترك الأسباب، وبعد ذلك يتوكل على الله، وهو متوكل على الله ومصدق الله. فإذا ترك الأسباب، فهذا جهل، والاعتماد عليها إذاً، فهي التي نجّتني. من الذي قال لك لا؟ ليس الطبيب هو الذي شفاك، ولا الدواء هو الذي شفاك، ولا الميكروب هو الذي أمرضك، ولا أي شيء. فنحن لدينا في الصحة ما يُسمى حامل المرض، وهناك المريض. حسناً، تداووا، فهو أمرٌ منه، فما خلق الله داءً إلا وخلق له الدواء، فلا تأتِ وتقول: "أنا لن أتداوى، توكلت على الله ولن أتداوى".
بذلك تكون قد تركت السبب. ما جعل الله داءً إلا وقد خلق له الدواء، فيجب عليك أن تتداوى، ويجب عليك أن تذهب إلى الطبيب، ويجب عليك أن تبني بيتك بشكل صحيح، ولا تبنيه على شفا جرف هار على رؤوس الذين أنجبوه! لا، إذن نحن لدينا هنا التوكل والتواكل. التوكل هو العمل بالأسباب مع الرضا والتسليم لله، نعم. والتواكل هو ترك الأسباب، فهذا تواكل، نعم حسناً مولانا، هناك بعض الناس يبالغون، أي فكرة الأخذ بالأسباب هو متوكل على الله ولكن في النهاية يبالغ. يعني مثلاً نجد أناساً يُفنون أنفسهم ويقولون: "لا، أنا أريد أن أؤمِّن نفسي" و"أؤمِّن نفسي من الغد". حسناً يا سيدي، أناس يقولون له: "دعها على الله"، فيقول: "حسناً، أنا أتركها على الله لكنني أجتهد، لا أعرف ماذا سيحدث غداً". هل هنا تعارض؟ تعارض الأخذ
بالأسباب؟ تعارض مع حقيقة التوكل على الله بأنه كله مقدر، نحن نريد أن نعمل عشرين ساعة ونسقط من التعب من هذا العمل، فنحن وراءنا عمل كثير، فالذي يريد أن يبني نفسه والذي يريد أن يجاهد وما إلى ذلك، هذا يُشجَّع وهذا شخص صالح، وقل اعملوا - وليس قل ناموا أو اكسلوا لا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين في المخاوف من الغد، يعني يقولون إنني لا أعرف ماذا سيحدث غداً، بالفعل نحن لا نعرف ماذا سيحدث غداً. ولذلك حتى في الحديث الذي ضعَّفوه، يقول لك: اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، يعني استمر في العمل دائماً. حسناً، هذا أنا سأموت غداً وليس لك شأن، اعمل كأنك ستعيش للأبد، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً. هل انتبهت سيادتك كيف؟ فيكون إذا اعمل
لدنياك كأنك تعيش فيها للأبد نوع من أنواع الاستمرار في العمل، فهذا شخص نحن بحاجة إليه. يا رب أن نكون جميعاً هكذا. ليس هذا نقصاً في الايمان لا هذا نحن في أشد الحاجة لمثل هذا الشخص، إن قلة الإيمان الموجودة الآن ناتجة عن قلة العمل، ولذلك عندما ألّف الحبشي كتابه الماتع سمّاه "البركة في السعي والحركة". انظر إلى اسم الكتاب: "البركة في السعي والحركة"، أي دعنا من فكرة "نَمْ وارتَحْ يأتيك النجاح"، فهذا مبدأ مرفوض تماماً. ومبدأ ليس بالسليم وما ليس كذلك إنما هو من قبيل التواكل لا من قبيل البركة في السعي والحركة. هذا توكل نعم، لكن التواكل يكون في أي شيء؟ "نم وارتح يأتيك النجاح"، لا، لن يأتيه النجاح أبداً، بل يأتيه الفشل ويأتيه سوء
العاقبة. حسناً يا مولانا، لو نظرنا إلى القرآن في قوله تعالى إن الله يحب المتوكلين، أو في الحديث الشريف الذي ذكرته منذ قليل: "لو توكلت على الله حق توكله" إلى آخر الحديث، هنا سنجد أن المتوكلين يصلون إلى مرحلة المحبة من الله سبحانه وتعالى، وسنجد في الحديث فكرة "حق التوكل". فهل أفهم من ذلك أن التوكل هذا درجات؟ بدون شك كل طاعات الحب درجات، والتسليم درجات، والرضا درجات، والتوكل درجات، له بداية وله نهاية. حتى الإيمان درجات يزيد وينقص. أصل الإيمان هذا شيء ثابت هكذا هو أن نؤمن بالله والأركان الستة هذه: بالله ورسله وكتبه والملائكة والقدر خيره وشره ويوم القيامة إلى آخره، لكن الإيمان أصبح كلما تزداد.
الأعمال الصالحة كلما ازدادت القلوب ضراعة لله سبحانه وتعالى فإنه ينير في القلب فيزداد ويزداد سطوعاً، وهكذا التوكل وهكذا التسليم وهكذا الرضا التي هي مكونات التوكل، وهكذا الحب، وهكذا الحب هذا يعني وصل بالمحبين أن يقول أحدهم: "والله أنا لستُ خائفاً من نارك لستُ خائفاً من نارك؟ ولست طامعا في جنتك. أنا أحبك أنت، يعني هذه درجة كبيرة من الحب المشتعل. الذي قالوا عنه أن الحب يهلك إلا إذا كان لله فإنه يزداد. بارك الله فيكم مولانا. طيب، نخرج إلى فاصل ونعود إن شاء الله من بعد الفاصل لكي نتناقش في أمور أخرى. في مقالنا عن التوكل
والفرق بينه وبين التواكل، نطرح عليكم سؤالنا، سؤال الحلقة على الفيسبوك: كيف نحقق التوكل على الله بلا تواكل؟ هذا هو سؤالنا وفي انتظار إجابات حضراتكم ان شاء الله. المتوكل ينجز العمل ويسعى لتحقيقه، ولا يجلس منتظراً أن يقوم أحد بالعمل بدلاً منه. أما المتواكل فهو من ينتظر أن يقوم أحد بإنجاز هذه المصلحة ويأخذ النتيجة لصالح نفسه، اعقلها وتوكل، حسناً، ماذا يقول الإنسان؟ لا، خلاص، إنني سأترك الجمل دون أن أربطه وسأعود لأجده مرة أخرى؟ لا،
هذا غير مقبول، يجب على الإنسان أن يفعل ما عليه. هذا الذي فعل ذلك يُسمى تواكلاً، الذي يجلس في بيته منتظراً الرزق أن يأتيه. توكل على الله علي أن أقوم بما أستطيع وأتوكل على ربنا أن يكمل ما بدأته. أما تواكل الإنسان المهمل فهو يقول لك: "يا عمي، دعها على الله" وما شابه، ولا يكافح ولا يذاكر مثلاً. طالب طُلِب منه المذاكرة أو ما شابه يقول: "لا، دعها على الله" وغير ذلك، ويعتمد على أن يغش. التوكل يأخذ بالأسباب ويعمل ما عليه وبعد ذلك انتهى الأمر، أي سلّم الأمر لله، ولا يظل متعلقاً بأن هناك نتيجة معينة ستحدث. أما التواكل فهو أن يكبر ولا يعمل أي شيء على الإطلاق ويقول: "أنا متوكل على الله، أنا شخص جيد وسأتوكل على الله، وما يحدث سواء جاءت أم لم كل من يبدأ أي عمل يجب أن يقول بسم الله الرحمن الرحيم، لأن هذا يسهل اليوم ويسهل العمل. من جد وجد، يجب أن
أذاكر لأنجح لأصل للشيء يجب أن أفعله. يقول: هذا هو الفرق بين الرجل الذي يعمل والرجل الجالس في البيت. سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام وجد رجلا جالس في قلب الشارع في قلب المسجد، كل يوم يذهب ليصلي فسأل من يصرف عليه قالو أخوه قال أخوه عند الله افضل منه, أهلا بحضراتكم مرة أخرى الحقيقة التقرير فيه كلام مهم جدا من المتحدثين الكرام سأبدأ مع مولانا بظاهرة ذكرتها أختنا الكريمة التي تقول: أي شخص يقول لآخر شيئاً، يقول له كبر. هذا التكبير للأسف يا مولانا أصبح أسلوب حياة في المجتمع. بالطبع لم يكن موجوداً في أيامنا، هذه الكلمة موجودة التي... "كبر" هذه من كلمات الشباب الجديدة واللغة تتطور، لكن على كل
حال كانت عندنا كلمة أصعب قليلاً منها وهي "طنش". نعم، لا تزال موجودة، وما زالت تُستخدم كثيراً والله. أتنتبه؟ فكلمة "طنش" هذه أو الكسل و"كبر" و"طنش" و"اتركها" وما شابه ذلك، هذا استهتار، والمؤمن جاد في حياته. بعيداً أبعد ما يكون عن الاستهتار والاستهانة، فهذا استهتار واستهانة، ولذلك نحن ننصح الشباب بأن يكون جاداً لأنه سيستطيع بهذه الجدية أن يحصل على مراده كما هو، كما هو يريد. أيضاً في التقرير، يعني أحد المتحدثين الكرام يقول: على فكرة، استحضار ذكر الله سبحانه وتعالى دائماً في بداية العمل. هذا يسهل،
يعني يقول: إن كان شخص يقول "بسم الله الرحمن الرحيم" فهذا توكل على الله وليس تواكلاً، بل هو طلب للرزق. ففكرة الاستحضار هنا هل هذا شكل من أشكال التوكل أم التواكل؟ لا طبعاً، فالرجل هنا وهو يتكلم، عن مفهوم قوله تعالى: "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا..." تكفرون فدائما الذكر الخاص بربنا بالبسملة. النبي عليه الصلاة والسلام قال: "كل عمل ذي بال لا يبدأ ببسم الله فهو أبتر" أو "أقطع" أو "أجذم" - روايات مختلفة فهو هو. أخذ الكلام هذا من هنا، من أنه "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" وبأنه "بسم الله مرساها ومجراها" يعني بسم. الله وهو يذبح بسم الله وهو يعمل ويعمل كل هذا، ولكن الحقيقة أن العمل مهم للغاية. انظر مثلاً في قصة سيدتنا مريم عليها السلام
عندما واجهت مفاجأة صعبة، أن يأتيها الملك وأن ينفخ في جيبها فتحمل من ساعتها. كانت مفاجأة صعبة جداً، حتى مفاجأة صعبة بيولوجياً، يعني من ناحية... الجسم ومن ناحية مفاجأة صعبة جداً، ومع هذه المفاجأة الصعبة يأتي المخاض والولادة. المرأة وهي تلد تعاين الموت أصلاً. وهذه عليها السلام، الصديقة المكرمة، التي فوجئت والتي جاءها المخاض إلى جذع النخلة. ربنا يقول لها ماذا؟ "وهزي
إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً". هي في ماذا ولا في. ماذا؟ هذه تحتاج زلزالاً، هزي النخلة، هذه تحتاج زلزالاً. والأكثر غرابة من ذلك أنها كانت في عزلتها، حقاً، يدخل عليها سيدنا زكريا فيجد فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء، ويقول لها: أنّى لكِ هذا؟ قالت: هو من عند الله. هل تلاحظ كيف كانت تُرزق وهي. في الخلوة هذه الاجدر أن تنتظر لترى ما الذي يحدث وهي خائفة من أهلها لئلا يفهموا الأمر بشكل خاطئ، ولئلا يكذبوا المعجزة التي حدثت، والتي لم يحدث مثلها في التاريخ، فالحالة النفسية والحالة الجسدية والحالة الواقعية كلها تطرح تساؤلات صعبة، فإذا بها يأمرها بالعمل "وهزي إليك".
بجذع النخلة تساقط، ولكن انتبه جيداً، انظر كيف أن ربنا الكريم كلّفها بالعمل. حسناً، هذه امرأة، أولاً، وثانياً والدة، يطلقون عليها في بلدنا "نفساء نفساء نفساء" أو "نفساء نفساء"، وهذا يعني أنها ضعيفة وتحتاج إلى شيء يقويها ويدعمها. فإذا كانت هي بصحتها وقوتها وكانت امرأة قوية... البُنيان لا تستطيع أن تهز هذه النخلة، هذه النخلة صعبة. فقال ربنا: "لا، ولكن ضع يدك هكذا وافعل هكذا". فإذا بالنخلة تهتز لماذا؟ لتُنزل الرطب، فينزل الرطب. هذه معجزة فيُسلّي قلبها. ما الحكمة يا مولانا؟ لكي يُثبتها يقول لها: "لا تخافي، أنا معك، نعم، أنا منتبه لك كما أحضرت لكي فاكهة الصيف في الشتاء
رأيتها ورؤيتها مثلما أحضرتها لك هكذا انظر ينظر يعمل هكذا أي هذه معجزة ثانية ها هي افعلي هكذا فقط فعلت هكذا وجدت الشيء قادماً ويسقط قال لا أنا معك أنا منتبه لك كيف رقم اثنين المعجزة الثانية لتسلية قلبها أنطق لها الرضيع الذي هو الطفل الصغير هكذا سيدنا عيسى وانتبه فقولي إني نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسياً. ما هذا؟ إن الطفل نطق. فبدأت تستوعب أن هذا الأمر ليس هيناً، وأن هذا الأمر فيه تأييد ومعونة من عند الله. وبدأت، فأتت به قومها تحمله. قالوا: يا مريم لقد جئت شيئاً فرياً، يا أخت هارون ما كان. أبوك امرؤ سوء وما كانت أمك بغية فأشارت إليه، قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا،
قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً إلى آخر الآيات. شيء في منتهى القوة في قضية التوكل والتواكل، إنه أمرها بالعمل وباتخاذ الأسباب وهي على قمة حال من يمكن أن نُعفيهم. عن الأسباب بشأنه صحيح أولاً هذه التقية النقية الصديقة بنت الصديق. ثانياً هي في حالة جسدية ونفسية وواقعية يرثى لها. ثالثاً أنها كانت مكرمة وبالرغم من ذلك يقول: "وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً". إذاً هذا عندما نتأمله هكذا
يجعل المرء يستحي من نفسه أن يتكاسل. أو أنه لا يتخذ الأسباب، أو أنه - يعني - ظهر لسيدنا عيسى إبليس، عندنا هكذا في تراثنا، فقال له: أنت روح الله؟ قال له: نعم. وكلمة الله ألقاها الى مريم؟ قال: نعم. قال له: حسناً، فلماذا لا تقول يا رب وتلقي بنفسك من هنا، من الجبل؟ قال له: اذهب يا لعين، ما كان لي أن أختبر الله، سبحان الله! هذا الذي يتواكل يا إخواننا يختبر الله. عيب! ما كان لي أنا. حسناً، لو أن سيدنا عيسى دعا ربنا: "يا رب أنا أريد أن أطير في الهواء هكذا"، أكان سيطيره لكنه لم يفعلها. هو يختبر الله، يعني يقول له... أريد أن أرى إن كنت قادراً أم غير قادر، لماذا تفعل هكذا؟ ولكن الذي سيطمئن قلبي مثل سيدنا إبراهيم، لكن
ما طلبه سيدنا إبراهيم كان معلومة وليس فعلاً، ليس فعلاً، تماماً. لم يقل له: طيرني في الهواء، لكن تلك قال له: أرني كيف تحيي الموتى، قال: أولم تؤمن؟ قال: بلى ولكن ليطمئن قلبي، وأعني هكذا لأخبر عن عيان فهذا يسأل عن معلومة صحيحة، لكن هذا إبليس جاء ليقول له عن فعل، والفعل فيه اختبار لله هكذا. نعم، ما كان لي أن أمتحن الله، الله يمتحنني، نعم والحمد لله. نجا سيدنا عيسى كالمعتاد من إبليس وشره لأنه هو كلمة الله نعم بارك الله فيكم مولانا. طيب، هنا يأخذنا الحقيقة إلى قصة أخرى، يعني قصة سيدنا إسماعيل والسيدة هاجر بعدما تركهم سيدنا إبراهيم عليهم السلام جميعاً. يعني بعدما تركهم في هذه الصحراء بعد أن يدعو نبي،
وما هو نبي بل هو سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء عليه. السلام بعد أن يدعو ثم بأن هذه الأرض ستكون عامرة وسترزق من الثمرات والخيرات وما إلى ذلك، مولانا نجد أن السيدة هاجر في ضعفها تتحرك حركة بندولية ما بين الصفا والمروة. هنا، حقيقة مولانا أنه لا يكفي فقط الدعاء حتى وإن كان الدعاء من نبي، ولكن لا بد أن يقترن بالسعي، ولذلك ومن أجل تعظيم هذا المشهد أصبح السعي بين الصفا والمروة ركناً من أركان العمرة وركناً من أركان الحج صحيح. تذكرة للمؤمنين أن هذا السعي، وسموه هكذا: السعي، الطواف حول البيت، والسعي ما بين الصفا والمروة. كان من الممكن أن نجلس وندعو أمام الكعبة وانتهى الأمر ونسافر؟ هل انتبهت؟ ننظر إليها أو نعمل أي شيء لا اسعى
كثيراً خمسة كيلومترات وستة من عشرة، وهي المسافة التي بين الصفا والمروة، ثمانمائة متر. ثمانمائة في سبعة بخمسة كيلومترات وستمائة متر. خمسة كيلومترات وستمائة متر هي المسافة ووقت، يعني إلى أن يمشي المرء على قدميه ذاهباً وآيبا. يأتي في هذه المسألة فرصة للدعاء والالتجاء والضراعة إلى الله سبحانه وتعالى، لكن في النهاية ما هو السعي العنوان الذي يذكرنا بالسيدة هاجر وأنها مع ضعفها توكلت ولم تتواكل؟ يعني مولانا لم يكتفِ فقط بدعاء نبي ولا بدعاء صالح ولا ولي من أولياء الله، ولكن لا بد أيضاً أن اسعى كما قلنا هكذا، الفلاح يُلقي البذر ثم يدعو قائلاً: "يا رب" نعم. فالتوكل يحتاج إلى مفهوم صحيح. بالتأكيد كانت واحدة
من الطرائف واللطائف في تربية سيدنا الشيخ عمر النقشبندي في السليمانية، وهذا الرجل كان لديه أربعين أو خمسين شخصاً يتعلمون ويتعبدون ويفعلون كذا إلى آخره. فيدخل عليهم الرجل الذي يوزع العدس الظهرية هكذا، يعطي لكل واحد في طبقه عدساً، فقال: "أنا اليوم سأتوكل"، فإخوانه قالوا له: "كيف ستتوكل؟"، قال: "لن أرفع الطبق للرجل الذي يوزع علينا العدس، هو الذي يجب أن يقول لي ارفع الطبق، فأنا عندما يقول لي خلاص، هو يقول لي فارفع الطبق الله سبحانه وتعالى لن يرزقه وأنا سأتوكل على الله في كل شيء، فسأتوكل عليه ولن أرفع الطبق.
المهم جاء الرجل وقدّر الله - لكي يربي هذا المريد أو الطالب - جاء الرجل وناداه شخص وهو أمام أخينا هذا فأجابه، ثم بعد ذلك تحول عندما لم يجد الطبق مرفوع، تحول إلى من بعده فتنحنح هذا: أحم فالتفت له: "ما الأمر؟" قال له: "يعني..." أحم. نظر فوجد أنه لا يوجد شيء في الطبق، فرجع إليه وقال له: "ارفع الطبق"، فرفع الطبق ووضع الطعام. فضحك إخوانه وقالوا له: "أنت الآن كنت متوكلاً، فلماذا تنحنحت إذن؟" قال: "التنحنح لا يفسد التوكل". وهذا هو التأويل، نعم، لكن الله تعالى رباه، الله
علَّمه أنه لا يفعل هكذا. انظر كيف عندما جاءك وهو معتمد على العادة، لما جاءك انشغل، وأنت لم ينفعك عدم رفع الطبق ولا شيء. ترفع الطبق، ورفع الطبق من التوكل وليس ضد التوكل. أما مسألة أننا لا ننقض التوكل. هذا أمر غير مقبول. حسناً مولانا، بارك الله فيكم. إذا سمحت حضرتك، بعد الفاصل سنتطرق لجزئية أخرى: هل التوكل على الله يوسع ويزيد من رزق العبد ان شاء الله بعد الفاصل ابقوا معنا.
أهلا بحضراتكم مرة أخرى وفضيلة الدكتور هل التوكل دائماً واستحضار النية بالتوكل على الله سبحانه وتعالى والتجديد في هذه النية يوسع من رزق الإنسان؟ بأنه دائماً ما يستحضر الله سبحانه وتعالى في كل أعماله. ما هو أصله يوسع عليه لأنه قد التزم بمراد الله في كونه من اتخاذ الأسباب. مرة سيدنا عمر في الحج وجد أقواماً كذلك، فقال لهم وكانوا فقراء وضعاء، يعني يظهر عليهم الفقر، فقال لهم: من أنتم وإلى أين تتجهون وما شأنكم؟ يريد أن يطمئن على أحوال الدولة وعلى أن هؤلاء فقراء جداً، كيف يعيشون؟ قالوا: نحن المتوكلون. قالوا له: نحن المتوكلون، فقال لهم: كذبتم، أنتم شكلكم هكذا لستم متوكلين ولا شيء، إنما المتوكل من
ألقى الحب في الأرض - وانتبه - ثم دعا الله فنزل المطر، الذي هو الفلاح يلقي البذور ويدعو قائلاً: يا رب، التي نقولها هذه ووزناها الحب والرب، سيدنا عمر قالها للناس هؤلاء قال: كذبتم انما المتوكل من ألقى الحب ودعا الله أن ينزل المطر، هو هذا المتوكل على الحقيقة؟ فإذا التوكل كما يُقال هو الذي يرزق، فهؤلاء لو كانوا فعلوا ذلك لأصبحوا أغنياء، لأنه كان سينمو الحب فيبيعونه ويأكلونه ويفعلون كذا إلى آخره، وتختلف الحالة. فهذا ما أردت أن أقوله لك. أن التوكل ليس
فقط التسليم والرضا وذكر الله، بل أيضاً لأنه مختلط مع الأسباب. يعني هذان الأمران سيولدان الأرزاق، فبالفعل ستكون هناك أرزاق مع التوكل. طيب أستأذن فضيلتكم لننتقل إلى بعض إجابات حضرات السادة المشاهدين على سؤالنا على صفحة البرنامج على الفيسبوك. سؤال كان يقول: برأيك كيف نحقق التوكل؟ على الله بلا تواكل، بعض من إجابات حضراتكم كانت كالآتي: الدكتور عبد الوهاب البدر يقول: هو العمل بمضمون قول النبي صلى الله عليه وسلم "اعقلها وتوكل" (اعقل وتوكل). وليد فراج يقول: التوكل على الله بلا تواكل هو معرفة الطريق والسعي إليه وطلب العون من الله. دينا إسماعيل تقول: بأننا نسعى. مثل سيدتنا هاجر ونعمل أو نؤدي ما علينا والرزق والتوفيق من الله. حسن أحمد حسن يقول بأني أتوكل على الله
حق تكاله. طيب، واضح هنا التوكل على الله حق التوكل، يعني هذا الشخص مستحضرٌ لهذا المعنى يا مولانا دائماً. يعني إن شاء الله، كان سيدنا عمر مرة رأى. أعرابي ومعه جمل أجرب، فطبعاً نحن نريد ثقافة يا إخواننا، ونريد أيضاً أن نجعل لهذا حلقة والله، وهو الرفق بالحيوان. حاضر، يعني رأى معه جملاً أجرب هكذا، والجرب هذا مؤذٍ جداً ومتعب لجميع الحيوانات، فقال له: "يا أخا العرب، ما هذا؟" قال: "هذا جمل". قال له: "أعني..." هل هناك أمر كهذا؟ ماذا فعلت له؟ قال: ادعُ الله له أن يشفيه. الأعرابي لا يريد أن يدفع فيه
شيئاً. قال: يا أخا العرب، هلا جعلت مع الدعاء قطراناً؟ الجرب نعالجه بالقطران، ندهن مواضع الإصابة بالقطران، فيجف الموضع ويُحدث قشرة ويجعل الجرب هكذا. والحيوان قديماً كان يُعالج هكذا. هلا جعلت هذا أنا قلت لك لا تدعُ فقط بل خذ الأسباب، صحيح. "هلا جعلت"، هذه هي العبارة التي نريد أن نكتبها في الشوارع. "هلا جعلت" مع الدعاء قطراناً. أتفهم كيف؟ قطراناً هذه تعني السبب، أي اجعل مع الدعاء سببًا. نعم، بارك الله فيكم مولانا. ننتقل إلى أسئلة حضراتكم الأستاذ. مجدي تفضل يا سيدي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. - وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ، أبا يعني سأسأل
سؤال
فني قليلاً هكذا، في هذه الأيام التي نعيش فيها، نحن أصبحنا ثمان مائة سنة وألف سنة متمسكين بصحيح البخاري وصحيح مسلم، ألن يأتي يوم علينا نكون عندنا صحيح اسمه صحيح الأستاذ الدكتور علي جمعة مثلاً نستطيع أن نقتدي به في أمور كثيرة. مثل هؤلاء الناس منذ ثمانمائة سنة وضعوا هذا الكلام، وفقهائنا وعلماؤنا كلهم كذلك. هذا هو سؤالي فقط. حاضر، أشكر حضرتك شكراً جزيلاً. الأستاذ مجدي، الأستاذة منال تفضلي. سيدتي نعم، السلام عليكم. وعليكم السلام ورحمة الله. أربعة. أخوان ولدان وبنتان، وأنا متزوجة منذ ثلاثين سنة. الوالد منذ سنة مصاب بالشلل، تعرض لجلطة أفقدته التركيز. وأخي الكبير يريد أن يتصرف بقطعة أرض، فهل هذا يجوز؟ يعني نحن نستطيع... ليس عليك يا أستاذة،
أنادي فقط لأن الهاتف عندك يُصدر أصواتاً غير واضحة. نعم. حضرتك تقول لي أن هناك أخوين وأختين، صحيح هكذا؟ نعم، والوالد مريض منذ فترة، سنة... وأحد الإخوة يريد ماذا بالضبط؟ يريد أن يتصرف في قطعة أرض. نعم، يعني الأخ يريد بيع قطعة أرض. نعم، لماذا يريد التصرف فيها؟ لأجل علاج الوالد؟ لا، هم في ضائقة مالية، يعني هو وأخي. الأسرة كلها مُضيَّقة مادياً، أي الأخوين لأنهما يقومان برعايته ورعاية والدتي، فهما مُضيَّقان مادياً في عملهما واحتياجاتهما، فيقترحون أنهم يبيعون قطعة أرض. حسناً، حاضر، يعني شكراً جزيلاً لك. طيب، بعد إذنك، لكن لو جاز، يعني هل تُوزَّع الأنصبة بالشرع أم بالتساوي أم بالضبط كيف؟ حاضر يا سيدتي. سيدة جيهان تفضلي يا سيدتي، السلام
عليكم. وعليكم السلام. أهلاً وسهلاً بحضرتك. بعد إذن حضرتك، هناك باحث سوري كان يتحدث عن أبواب السماء ويستشهد من القرآن الكريم بالإسراء والمعراج، ويقول إن المعراج حدث من القدس لأن فيها باباً للسماء الثانية يمكن اختراقه، لكن مكة ليس فيها. لذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم حدث المعراج في القدس. ثانياً، يستشهد بأن روسيا عندما تطلق صاروخاً تطلقه من كازاخستان، بوجود باب أيضاً يؤدي إلى السماء الثانية أو الثالثة. فهل هذا لا يتعارض مع معلوماتنا عن أن البيت المعمور ونزول القرآن الكريم في مكة على الرسول صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام طبعاً نحن نريد أن نستزيد من علم حضرتك ونعرف أين الحقيقة؟ حاضر يا سيدي، فأنت تحت أمر حضرتك، يقصد جيهان، شكراً لمشاركتك، طيب مولانا بالنسبة
للأستاذ مجدي يسأل: ألن نرى صحيح الدكتور علي جمعة؟ لا، أنت لن ترى صحيح الدكتور علي جمعة لان هناك فرق كبير بين البخاري الذي كان في عصر الرواية - عصر الرواية الذي ألهم الله المسلمين أن يحتفظوا بالأسانيد - وظل عصر الرواية إلى سنة أربعمائة وخمسين من الهجرة، وانتهى بالإمام البيهقي. فالبيهقي كان عنده حديث يرويه عن شيخه عن شيخه عن شيخه في السند إلى رسول الله، ومن الممكن ألا يوجد في الكتاب بعد عصر الإمام البيهقي، كل شيء مروي عن النبي عليه الصلاة والسلام موجود في الكتب، فهذه نسميها عصر الرواية. كم واحد روى؟ وكم رواية حصلت؟ مليون رواية موجودة. حسناً، هذه المليون رواية
جاءت بكم شخص؟ جاءت بعشرين ألف شخص، ولدينا ملفات عشرين. ألف شخص اسمه وسنه ورحلته إلى أين يذهب ومن أين أتى وماذا يتعلم وما قدرته العلمية وما الشهادات التي يحملها وهكذا... صادق أم غير صادق أم بين فهذا النظام انتهى في أربعمائة وخمسين هجرية، أي منذ ألف سنة، وهذا سبب تمسكنا بهذا النظام لأننا لو تركناه جاء علي... جمعة بعد ألف سنة من البيهقي، لأننا في سنة ألف وأربعمائة وستة وثلاثين، يعني بقي أربعة عشر سنة ونصبح في ألف سنة بيني وبين البيهقي. ليس معي هذا السند، وليست هناك رواية من عندي أنا حتى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لكي
أتأكد أو لا أتأكد. التوثيق جزء لا يتجزأ من عقلية المسلمين لابد أن نقيم الدليل، ويجب أن نوثق عملنا. فقد وثقنا القرآن توثيقاً تاماً على مستوى الحرف، ووثقنا السنة توثيقاً تاماً على مستوى الحرف، ووثقنا الفقه توثيقاً تاماً، والكتب توثيقاً تاماً. ففكرة التوثيق ليست فكرة الآراء، هيا نقول هكذا الذي سيبقى مدة أخرى ويقال علي جمعة قال هذه الاجتهادات الفقهية التي موجودة عند الإمام الشافعي والتي موجودة عند الإمام مالك والتي موجودة عند الإمام أبي حنيفة، ألحقنا الله بهم على الخير، اللهم آمين. نحن، أنا أسير على مذهب الشافعي لماذا؟ لأنني اجتهدت فوجدت النظام الشافعي هذا أقرب ما يكون لي. خالفت الشافعي في عشر مسائل في عشرين في ثلاثين
مسألة وخالفت الشافعي في أنه لم يذكر مسائل جديدة مستحدثة في الطب وفي الاقتصاد ونحو ذلك، فأخذت من قواعده لها، أو هذا هو ما سيبقى ونقول أن فلاناً وعلاناً وغيرهما من علماء المسلمين قالوا هذا الكلام، كما نقول الآن فضيلة الإمام شلتوت قال وفضيلة الإمام محمد عبده قال. وفضيلة محمد المهدي العباسي قال، وفضيلة الشيخ الباجوري قال، كما نقول هذا الكلام الآن مستدلين بما عاش العلماء وهم ورثة الأنبياء فيه من أجل تطبيق الشريعة في الواقع. أما الأصول، كأن يقول لي مثلاً: "هلا تأتي لنا بقرآن هكذا" أو "هلا تصنع لنا مختصر القرآن الكريم"، فهذا لن ينفع والله. لن يصلح ذلك لأن هذه أمور حفظها الله سبحانه وتعالى، سواء كان الكتاب أو السنة، فكلاهما موجودان ومحفوظان بحفظ الله وتوفيقه للمسلمين أن
يقوموا بكل هذه الرحلة المباركة. أما بالنسبة للأستاذة منال نقول لها: نعم، يجوز أن يتم الحجر على الوالد بالاتفاق مع العائلة وبإتمام كل الإجراءات، لأنه أصيب وغير عارفٍ كيف يتصرف وليس لديه تفكير في هذا، فالابن الأكبر يمكن أن يكون وصياً أو كالوصي، وليس من الضروري اللجوء إلى القضاء أو غيره، بل يصبح وصياً عن أبيه، فله أن يبيع بعلم جميع الأبناء وبموافقتهم، وهذه الأشياء ما زالت في ملك أبيهم وليست في ملكهم حتى نقول إنها التوزيع بالتساوي أم بالعسر؟ توزع ماذا؟ تأخذ أنصبة من؟ هذا أو هذه لو باع الأرض، توضع لعلاج الوالد ولحل أزمات الأسرة وهكذا. لا توزع ولا تُعمل، لأننا في أزمة، ونحن... أنا لن أبيع تمتعاً
به. حسناً، حللنا الأزمة وتبقت نقود، ومات الوالد، فور أن يموت الوالد وما زال تبقى نقود. ستكون من التركة توزع التوزيع الشرعي على هذا. فجوهر المسألة أن هذا الرجل خرج من دور القادرين الواعين وما إلى ذلك، فيجب أن يكون عليه وصي. من يمكن أن يكون الوصي؟ ربما يكون ابنه. سيذهب ابنه ليبيع قطعة أرض معروفة، فتكون هناك شفافية ومعرفة وما إلى ذلك. هذه قطع الأرض مبلغها يبقى يصرف على أزمات الأسرة من ناحية وعلى الآخرين من غير توزيع ومن غير حاجة لأنها في ملك الوالد إلى الآن، وكان الوالد هو الذي يصرف على الأسرة. إذا مات الوالد في هذه القضية ولا تزال بقيت أموال، فإنها توزع توزيع الميراث. نعم، الأخت
جيهان تتحدث عن أبواب السماء في علم الفلك ليس هناك طريق مستقيم في الفضاء والطبيعة الجوية وعلم الفلك وعلم الفضاء وما إلى ذلك، فقد اكتشفوا أن الفضاء كله منحنيات، وليس هناك شيء اسمه خط مستقيم. وهذه المنحنيات عندما تُدرك يسمونها أبواباً. هل انتبهت؟ أليست هي الأبواب التي تقع بين السماوات، وهي موجودة دائماً. في السماء الدنيا حتى هذه التي أمامنا، القبة السماوية هذه موجودة بها هذه المنحنيات، وبها نصل إلى القمر ونصل إلى المريخ لأنني أدرك البوابة التي سميتها بوابة، فهي ليست أبواب السماء التي هي مثلاً ماذا؟ فإذا صعد الدعاء فُتحت له أبواب السماء، لا ليست هي أبواب السماء
ليست... من الضروري أن نعرف أن هذه هي الطرق الموجودة فعلاً والمكتشفة بالفعل. ومن هنا سآتي إلى كازاخستان وأطلق القمر لكي يسير في المنحنى المعين الذي أدركته. حسناً، أنا أدركت ما في كازاخستان، ولكن هناك تسعمائة ألف مليون طريق لم أدركها بعد. وكل هذا يا مولانا موجود داخل السماء الدنيا أو السماء حتى القمر الذي طلع في السماء الدنيا، فإسقاط هذا على هذا يعني ليس سديداً، وإنما هي قضية الطرق التي في السماء والتي اكتشفها البشر الآن والتي أجروا فيها فعلاً مراكبهم، فإن هذا معروف منذ القديم، ولذلك عبّر الله سبحانه وتعالى عن هذا أو أخبر في السنة بالمعراج لأنه ليس. هناك خط مستقيم بل هو يتعرج سبحان الله، نعم صحيح، الإسراء
لا سرى باليل ولذلك سُمي إسراء، والمعراج من بيت المقدس إلى السماء العليا السابعة وإلى العرش وإلى سدرة المنتهى، كله معراج في تعرج في تعرج، سبحان الله. بارك الله فيكم مولانا، جزاكم الله خيراً، أهلاً وسهلاً، شكراً جزيلاً والشكر موصول لحضرتكم، نراكم في حلقة جديدة إن شاء الله، إلى اللقاء.
اشتركوا في