والله أعلم - د علي جمعة يتحدث عن حقيقة خطوات الشيطان وكيفية الوقاية منها ؟ | الحلقة الكاملة

والله أعلم - د علي جمعة  يتحدث عن حقيقة خطوات الشيطان وكيفية الوقاية منها ؟ | الحلقة الكاملة - والله أعلم
بسم الله الرحمن الرحيم، بسمك اللهم نمضي على طريقك، فثبت اللهم أقدامنا على طريقك. أهلاً بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامج "والله أعلم"، لنسعد بصحبة صاحب الفضيلة مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، لنتعرف معه كيف نسير في الطريق إلى الله وكيف نقطع على الشيطان أن نسير خلفه أو أن يقطع علينا الطريق إلى الله سبحانه وتعالى. كيف نقي أنفسنا اتباع خطوات الشيطان وأن نزل هذا أو نزل هذا الزلل. مولانا الإمام أهلاً بفضيلتكم، أهلاً وسهلاً بكم، مرحباً. في البداية،
ما هي خطوات الشيطان يعني؟ ما المقصود بخطوات الشيطان؟ وإذا كنا دائماً الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق، كيف نعرف هذه الخطوات؟ ما خطوات الشيطان؟ كيف نمنعه من أن يجري في هذه الدماء؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. لو تأملت وتدبرت القرآن الكريم لوجدت أن الله سبحانه وتعالى بعد ما ذُكرت الفاتحة في أول القرآن أول ما ذُكر، وهذه الفاتحة هي ركن الصلاة الذي تناجي به ربك، فإنه ثنّى الأمر بسورة البقرة. وفي سورة البقرة ذُكر مبدأ الخلق، ذُكر لماذا نحن هنا، ومن الذي أوجدنا، وماذا سيكون غدًا، وكيف سنرجع
إلى الله، وماذا نصنع هنا في الحياة الدنيا. ومن الذي من فضله ومنته بعد أن خلقنا لم يتركنا عبثاً ولا لهواً ولا لم يتركنا أبداً؟ الإجابة على ذلك أن الله خلق الإنسان وعلمه البيان وأنه فضله على الكائنات وأسجد له من كان في الحضرة الإلهية من ملائكة، حتى أن إبليس كان حاضراً عابداً لله مخلصاً لله ولكن من... كِبْرُهُ دَفَعَهُ إلى رَفْضِ السُّجُودِ لآدَمَ، وَكَأَنَّهُ يَقُولُ لِرَبِّهِ: "أَنَا أَسْجُدُ لَكَ وَحْدَكَ، فَنَحْنُ طَوَالَ حَيَاتِنَا نَسْجُدُ لَكَ، لَكِنْ لِآدَمَ لَا؛ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ".
هَذِهِ الكَلِمَةُ "لَا" مَاذَا تَعْنِي؟ تَعْنِي مَعْصِيَةً. مَاذَا تَعْنِي "لَا"؟ تَعْنِي أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ عَنْ حُكْمِ اللهِ. سبحانه وتعالى قال تعالى إنَّ الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه إنَّ الحكم إلا لله، فالحاكم الحقيقي هو الله سبحانه وتعالى. ماذا يعني حاكم؟ يعني أنه يصف الأفعال بالحسن والقبح، هذا معنى الحاكم. يعني أنه ينشئ حكماً، ينشئ حكماً، ماذا يعني ذلك؟ يعني جملة مفيدة، الجملة المفيدة. مكونة من ماذا؟ مكونة من الصلاة. واجبة. الصلاة واجبة هي جملة مفيدة، أي حكم. من الذي قال إنها واجبة؟ أنا؟ أنت؟ الأستاذ؟ عفريت؟ إبليس؟
لا، الذي قال هكذا هو ربنا. لا أنا ولا أنت ولا إبليس، الذي قال هكذا هو ربنا. الزنا حرام جملة مفيدة أيضاً. حسناً الجملة هذه من التي قالها الله: السرقة حرام، وهكذا عندنا كم جملة مثل هذه يا شيخ حسن. عندنا مليون ومائتي ألف جملة من هذه التي هي الأحكام، التي هي الأحكام، التي هي الأفعال البشرية موصوفة بالأوصاف الربانية، التي هي الواجب والحرام والمكروه والمندوب والمباح. أكل الملوخية مباح، أكل الملوخية مباح، هذه. جملة مفيدة: أكل الملوخية مباح، من الذي جعلها مباحة؟ الله هو الذي أباحها. أما الخمر فحرام، وكذلك لحم الخنزير حرام. وهكذا أحكام. هذه الأحكام
هي من عند الله سبحانه وتعالى. هذه الأحكام من عند الله سبحانه وتعالى. حسناً، لنفترض أنني عرفت أنها من عند الله فخالفتها، فأنا... اتبعت خطوات الشيطان يعني اتبعت أحكام الشيطان. فالشيطان له رأي آخر زيَّن للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث. من الذي زينها لهم؟ إنه الشيطان. فعندما يأتي ويقول لك احذر، فالحاكم هو الله. حسناً، أنا مؤمن أن الحاكم هو الله وأن... السرقة حرام،
والقتل حرام، والذنب حرام، وكل هذه الفواحش حرام. حسناً، ولكنني مع إيماني بهذا ضعفت نفسي وانبهرت والتفتت إلى تزيين الشيطان لتلك المعاصي لي، فنبهني قائلاً: "ولا تتبعوا خطوات الشيطان". احذر أن تسير يا أخي وراء الشيطان في ماذا؟ في إعطاء أحكام مختلفة. افترض أنني قلت: لا، إن الزنا... حلال السرقة حلال، إذاً اتبعت عقيدتك. بافتراض أنك قلت لا هي حرام لكنني غير قادر، إذاً اتبعت سلوكاً. إذاً هناك اتباع سلوك واتباع عقيدة. اتباع العقيدة هذا سينقلني من هذه الديانة، واتباع
السلوك هذا هو الذي سينقلني من طائفة التقوى، وسنسميه فسقاً أو معصية، يعني مخالفة. لما ظهرت الخوارج. ظهروا وهم يريدون أن يلعبوا هذه اللعبة، ليس أن الحكم إلا لله. طبعاً قالوا هكذا، فقلنا لهم: نعم، إن الحكم إلا لله، فنحن مصدقون أيضاً أن الحكم إلا لله. قال: حسناً، إذاً لا يوجد حكم لأحد المجتهدين. قلنا لهم: ولماذا؟ وهل كلمكم ربنا بأنه لا يوجد حكم؟ لأحد المجتهدين مع وجود رسول الله، أفيكم رسول الله يا مجموعة خوارج نابتة بثلاثة أكياس؟ أول ما انتقل رسول الله أصبح الأمر على طرفين: قطع
وظن. غابت عنهم هذه المسألة، فذهبوا متلبسين بقول "ولا تتبعوا خطوات الشيطان"، يلبسونها على كل ما يروننا مخالفين لهم، فيقولون: نحن الحق ولا... اتبعوا خطوات الشيطان، فهذه إذاً كلمة حق. ولا تتبعوا خطوات الشيطان، هذا كلام حق وكلام رب العالمين أُريد به باطل. أي كلمة حق أُريد بها باطل. سيدنا علي كشفهم، فسيدنا علي الذي هو باب العلم، باب مدينة العلم، فقد كان النبي يقول: "أنا مدينة العلم وعلي بابها". مني كمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. سيدنا علي كشفه مقال. لا تقل إنهم مثل بعض، كبعض المثقفين عندما يقول له أحد الخوارج أن الحكم إلا لله، فيقول له: لا، وينفي
أن الحكم لله. هذا أوقعك في الفخ. يا لقد وقعنا في هذا الفخ. هذا أوقعك. في الفخ الولد، لكن لا، قال لهم أي كلمة تحق فريدة بها باطل اسمها "نعم ولكن". "نعم ولكن" هذه، عندما تستفيد منها في أي شيء؟ عند التدليس والتلبيس. فهو جالس يلبّس عليك، يأتي لك بجزء صحيح ويركبه لك تركيباً خاطئاً، فيخلط عليك ويخلطني. ماذا أفعل أنا إذاً؟ سأنكر. الجميع ينكر الحق فسأقبل، الجميع يقبل الباطل. هل أنت مدرك لهذا التلبيس؟ "لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ". هؤلاء الشباب من الجماعات المتطرفة، كل الجماعات الإرهابية مثل حزب التحرير وغيرهم من هذه الجماعات،
جميعهم يلبسون الحق بالباطل، وأنا أقول للشباب الذين فيهم: انتبهوا واخرجوا قبل فوات الأوان. والموت، وكلهم يا أخي يكرهون أهل البيت ولا أعرف لماذا، وكلهم يا أخي يكرهون أهل الله أيضاً ولا أعرف لماذا. سفن النجاة هذه، انتبه أن الله يخزيهم، والله ربنا يخزيهم. لماذا يا مولانا؟ لأنه لا يوجد توفيق، فهو يلبس الحق بالباطل. بجهالة فسيأتي ويقول لك ماذا: أنتم تحكمون بغير ما أنزل الله فتتبعون خطوات الشيطان. جهالة جهالة! كيف نحكم بغير ما أنزل الله؟ هذا دستورنا يا غبي! لماذا تفترض دائماً وتنظر للبعيد؟ ودائماً الدستور ينص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.
ماذا يعني ذلك؟ هذا الكلام يعني كلام ربنا على عيننا ورأسنا، كلام ربنا والمبادئ التي أقرها على عيننا ورأسنا. نجتهد فيما فيه الاجتهاد، ونسلم فيما فيه اليقين والتسليم والقطع. هل الديانة الإسلامية تبيح - والعياذ بالله تعالى - المثلية؟ لا، ولذلك البرلمان لا يمكن أن يفكر في أن يأتي بقانون مثل قانون إنجلترا فرنسا أو أمريكا لن تبيح المثلية أبداً. لماذا؟ لأن لدينا سقفاً ارتضيناه واستفتينا الجمهور كله عليه، وكل الناس، مسلمين ومسيحيين، يحبون أن يكونوا تحت مظلة تلك المبادئ التي تقول ماذا؟ التي
تقول أنه لا يجوز القتل الرحيم، والتي تقول أن الإجهاض حرام، والتي تقول أن المثلية. حرامٌ هذا الذي تقوله والذي أصبح الآن يتلاعبون به في حقوق الإنسان. هذا الذي يقول ماذا؟ الذي يقول إن حفظ الخمسة واجب: حفظ النفس، والعقل، والدين، والعرض، وكرامة الإنسان، والمال، والملك. فإذا كنا أمام تركيبة واضحة المعالم من أننا نحكم بما أنزل الله، لكن يوجد قانون يقول... هكذا، نعم، عملنا له. لو كان هناك قانون فعلاً مخالف، نذهب مباشرة إلى المحكمة الدستورية العليا. في الحقيقة، يا دستورية يا عليا، هذا الأمر مخالف للدستور. فيقول لك: حسناً، انتظر حتى أبحث. ويبحثون أثناء عمل دول، ليس عمل جماعات
إرهابية، عمل دول. فالشخص المضحك هذا الذي اسمه القرضاوي، قرضاوي. هذا الذي كان في هيئة كبار العلماء وكنا نطلق عليه العلامة القرضاوي، لكنه خان. خلاص، أصبح خارج الاعتبار، ونحن عندما نرد على الخوارج ننقل من كلامه نقلاً معيناً، فالباحث الذي نقل يقول "قال العلامة القرضاوي"، فأحدهم يقول: قلت له باعتبار المكان - باعتبار المكان - أتفهم؟ لا، باعتبار الوقت الحالي، خَرِفَ وأصبح عميلاً لتركيا وعميلاً لقطر وعميلاً لجماعة الإخوان الإرهابية السوداء، لكن عندما كان رجلاً ملتزماً بالأزهر وملتزماً بقواعد الدين الصحيح كان ذلك مقبولاً. المهم أننا مسلمون،
فماذا يقول القرضاوي؟ يقول إن هناك قانوناً: "الحقوا الحقوا"، وأحضر فقرة هكذا، فرددت عليه وقلت له: حسناً، هذه الفقرة نأخذها ونذهب بها. للمحكمة الدستورية وهي التي تحكم، مجتهدون مثل المستشار عوض المر رحمه الله، ما هذا! ما هذا! والمستشار عدلي منصور بارك الله في حياته، كبار المجتهدين، قوم يبحثون ثم يقولون: نعم، صحيح، هذه مخالفة، أو يقولون: لا، ليست مخالفة، هذه لها وجهة نظر، نعم يقولون، لكن بطريقة علمية. فنحن الذين نتحدث بما لا نعرف ولسنا نحن المتمسكين بحكم الله، نحن المتمسكون بحكم الله. من الذي ليس متمسكاً بحكم الله ويريق الدماء؟ الخوارج وهكذا، ولذلك حاربهم
سيدنا علي وظل المسلمون يحاربونهم حتى قضوا عليهم عن بكرة أبيهم سنة اثنين وثمانين، خمسة وأربعين سنة. فكل هذا هو حكاية خطوات الشيطان. إذا كنا مأمورين بأن نتخذ الشيطان عدواً، فكيف نتخذ ربنا حبيباً لنا في هذه الحياة لنصل إلى الآخرة؟ فاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا. أهلاً بكم عزيزي المشاهدين. مولانا الإمام، هل هناك فرق بين وساوس الشيطان وخطوات الشيطان؟ طبعاً خطوات الشيطان هذه تأسيس، نعم تأسيس كما قلت لحضرتك. سواء في السلوك أو في العقيدة، يعطي حكماً للفعل البشري غير
الحكم الذي أراده الله. سبحانه وتعالى أراد بتشريعه اليسر، أراد بتشريعه الأمن، أراد بتشريعه العدل، أراد بتشريعه المساواة، أراد بتشريعه هدوء البال وصلاح الحال، أراد بتشريعه سعادة الدارين، أراد بتشريعه الاطمئنان، ورسم لنا هذا التشريع إلا... بذكر الله تطمئن القلوب. أما الثاني فقد أراد لنا العنت، أراد لنا الاضطراب، أراد لنا التلبيس والتدليس، أراد لنا الخلط. الشيطان، فالشيطان وهو يضحك على الخلق إلا عبادك منهم المخلصين، لا يستطيع أن
يقترب من المخلص. مِمَّ؟ من الاضطراب. الحكاية واضحة، ولذلك في حديث الدجال أنه... سيأتي بأحد المؤمنين فيقول له: أنا ربك. فيقول: لا، أنت لست بربي. فيقتله أمام الناس ثم يحييه، فيقول له: هل أنا ربك أم لست ربك؟ فيقول له: ما تبيّن لي كذبك إلا الآن. أيضاً، الأمر واضح أنك لست ربي، فربي ليس بأعور. أينقص الله عيناً؟ يكون ناقص العين؟ ربنا هذا هو الكامل وأنت ناقص. انتهينا، انظر كيف هي واضحة، انظر كيف هي سهلة. الآخرون الذين اتبعوه أصبحوا مفتونين بشيء، ما الذي افتتنوا به؟ أنه سيشير هكذا إلى المطر فينزل، سيفعل هكذا بيده، هو مثل الساحر، فتنمو
الشجرة. هي ليست... لا أعرف ما هي. حسناً، ما هذه؟ ماذا تعني؟ ماذا يعني أنك ناقص وربنا ليس ناقصاً؟ الأمر الثاني هو الجانب المادي الذي لا يهتم إلا بالغرائز الحيوانية، كما قال تعالى: "إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل"، والله إن الأنعام أفضل من ذلك. ستجد الناس يُفتنون بهذه المسألة، وكذلك بإغراءات الشيطان. الناس يُفتنون بزخرف الشيطان وهي مسألة واضحة تماماً، من أي شيء نقيناه؟ من أي شيء أخلصناه؟ هذا يعني نقي من أي شيء؟ من الاضطراب. الحكاية واضحة أمامه، فالرب رب والعبد عبد، وهناك فارق بين
المخلوق والخالق. "ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين، أفتتخذونه وذريته أولياء من دونه وهم لكم عدو، بئس للظالمين بدلاً". أنتم ذاهبون بالنار واحد معه حجر ساخن قليلاً فيقول: لا، أنا أريد نار جهنم. الله! أليس هذا الحجر الساخن ربما أهون قليلاً؟ سيسبب لك حرقاً من الدرجة الأولى مع آثار وما إلى ذلك، لكن نار جهنم ستحرقك وتلتهمك. فإذا لم يكن هناك عقل، والعقل قد اختفى تماماً، فالذي يتبع خطوات الشيطان هذا علينا أن نفكر "أفلا تعقلون"، أليس لديكم عقل أو ما الأمر؟ القضية من أوضح الواضحات، ولكن الموفق من وفقه الله. الشيطان يعدكم
الفقر ويأمركم بالفحشاء، والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً. من هذه الآية يتبين لنا هذا الطريق وذاك، حتى لا يأتيني الفقر ولا أسير وراء الفحشاء، وأن أطمع دائماً في ربنا سبحانه وتعالى بالذكر، اذكر الله تجد الفريقين واضحين أمامك. فإذا وفقك الله إلى الذكر "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون". إذا وفقك الله إلى كثرة الذكر لا يزال لسانك رطباً بذكر الله. لو وفقك الله سبحانه وتعالى إلى الذكر، فإن هذا الذكر يؤدي بالشيطان إلى أن يكون خناساً يجري. ولذلك الشيطان يجري حتى لا يسمع الأذان، يعني مدى صوت المؤذن. نعم، يخرج يجري إن شاء الله، حتى يجري في الصحن لكي لا يسمع الأذان. الشيطان يتعب
كثيراً من الذكر لأنه يقلب عليه المواجع، فيتذكر ما مضى، إذ كان ذاكراً، فيتذكر حلاوة الذكر ويشعر بألم الحرمان، فيضطرب. يعني الذكر. خاصتنا هذا يتقلب عليه الأوجاع فيسرع ليذهب ويجد له طريقاً، فكيف يتضح الطريقان؟ يصبح هذا واضحًا جدًا وذاك واضحًا جدًا. والذاكرين الله كثيرًا والذاكرات، واذكر الله كثيرًا لعلكم تفلحون. ما هو الفلاح؟ ما الذي تطلبه بالضبط؟ أن يتضح لك سبيل الحق، ولذلك سيدنا النبي مرة... كان جالساً وبعد ذلك خطّ على الأرض خطاً هكذا وقال: "هذا سبيل الله"، ووضع بعض الشروط هنا وشروط هكذا، ثم قال:
"وهذه سبل أخرى، على رأس كل سبيل شيطان يدعو إليها". "قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني". أما السبل الأخرى فتضل عن سبيل الله. تجعلك تضلّ فتفرق بكم عن سبيله، فتفرق بكم عن سبيله، فكيف، كيف تفعل هذا الذكر؟ ذكروا الله فإذا هم مبصرون، ذكروا الله هكذا هو، فإذا هم مبصرون، يعني البصيرة إنما هي تتكوّن من الذكر. مولانا الإمام، الطعام الحلال إلى أي مدى يقطع الطريق على أن نتبع خطوات الشيطان. عندما آكل طعاماً حراماً، والحرام هذا
من نوعين: إما أن يكون حراماً في ذاته مثل لحم الخنزير والخمر، وإما أن يكون من مصدر حرام، فهو حلال كالفول المدمس وغيره، ولكنه جاء من رشوة أو من سرقة. هذا يشكل اللحم في الإنسان، فيصبح كأنه مظلم، أتفهم؟ فهذه الظلمة تمنع الصعود. الكلمة الطيبة، الكلمة التي تخرج من صاحب غير طيب تكون هشة، فتخرج هكذا وتسقط، ولا تصبح دوحة، بل تخرج من فوقه هكذا وتسقط على الأرض. قال تعالى: "إليه يصعد الكلم الطيب". وقال صلى الله عليه وسلم: "من أكله حرام وشربه حرام وغُذي بالحرام".
أن يستجاب لذلك، كيف يستجاب لمن كانت هذه حاله؟ أطب مطعمك تكن مستجاب الدعاء. أما حكاية أنك تأكل الحرام بطريقين: إما أن يكون حراماً في ذاته، أو مكتسباً من حرام، فإن هذا يجعل الإنسان وجسم الإنسان مظلماً، فلا يخرج منه الكلم الطيب والعمل الصالح الذي يرفعه، فلا يُقبل من عديم لا يُستَجابُ للدعاء، مولانا، ما معنى ذلك؟ إنه لا يُستجابُ للدعاء عندما تكون أنت وحدك يا عزيزي، نعم، ليس معك مُعين، ليس معك حصن، فأنت وحدك، وإنما يأكل الذئبُ من الغنم
القاصية. - ماذا تعني هنا يا مولانا؟ المنفردة، البعيدة، التي شردت وذهبت وحدها، اتبعت الخطوات. فهو بمفرده الآن، يعني أنك كنت في الحماية وفي الحمى، ثم خرجتَ وذهبتَ وتلفتَ يميناً وشمالاً، فأصبحتَ بمفردك. فهذا مثل البقالة، وهذا تشبيه واضح جداً. إذاً، الأكل الحلال له علاقة بالتحصين المتمثل في استجابة الدعاء، المتمثل في صعود الكلم الطيب ورفع العمل الصالح إلى السماء، المتمثل في المعونة والاستجابة الربانية. لذلك العبد مولانا الإمام، إننا لو تحققنا بهذا المعنى لن نجد فساداً في حياتنا، وسينحسر الفساد. ربما لن نقضي عليه بشكل كامل، ولكنه سيصبح
شيئاً بسيطاً جداً فاصل، نعود إليكم مرة أخرى. ابقوا معنا، أهلاً بكم أعزائي المشاهدين. مولانا الإمام، هل يمكن قبل الفاصل ونحن نقول أو نريد أن المعنى الذي تفضلت فضيلتك وتحدثت عنه، بالطبع، يتعلق بكيفية تجنب الفساد في مطعمنا، وكيف يفكر كل شخص مليون مرة قبل أن يقوم بمعاملة خاطئة في حياته من أجل كسب مليم إضافي، أو ربما الطمع أكثر في الملايين. ما رأيناه في أهلنا وآبائنا رحمهم الله تعالى هو العفاف الذي كانوا يعيشون كان حريصاً كلّ الحرص وهذا كان شائعاً ليس فقط في بيتٍ واحدٍ ولا بيتين ولا عشرة ولا
أكثر إلى آخره، أن يأكل أولاده من الحلال، ولذلك كان يستعظم استعظاماً كبيراً أن يمدّ أحدهم يده إلى ما ليس في ملكه أو ما ليس له حقٌ فيه، يستعظم هذا، وكان الفساد طبعاً أي أن الفساد كان في الأرياف أقل من المدينة، وفي المدينة أقل من العاصمة، وهكذا كلما زاد عدد السكان وقلّ الضبط الاجتماعي وأصبح الإنسان بلا رقابة معينة له على فعل الخير. والإنسان بطبيعته كائن اجتماعي، فكلما غلبته نفسه
وقع في هذا الانحراف الذي شهدناه ونحن أطفال وما إلى ذلك. تحري الناس تحريٌ عجيب، ورفض الناس رفضٌ قوي، وكانت أغلب قضايا البيوت هي أنها لن تجلب لنا كذا، فيقول لها: لا، لم أمد يدي على الحرام. أتفهم؟ تحدث مشاجرة في البيت، لكن لا يحدث أن يضغط عليه من البيت فيذهب ليفعل الحرام ويتبع خطوات الشيطان، ويتبع خطوات الشيطان، فكان هناك... بركة... كانت هناك بركة كبيرة. بركة، هذه البركة، شخص يقول لي: "حسناً، ماذا تعني هذه البركة؟" فضربت له مثالاً عشناه أيضاً في الماضي. كانت الأسرة
مكونة من خمسة أفراد: أب وأم وثلاثة أبناء، وكانوا يشترون شيئاً حينئذ اسمه الرطل. هذا الرطل كم جراماً؟ أربعمائة وعشرون جراماً، يعني رطلان وربع كيلوجرام. يصبح كيلوغراماً بدلاً من هذا الرطل، أي إذا كان أربعمائة جرام كان يكفي الخمسة أشخاص ليأكلوا ويستمتعوا ويشبعوا ويشعروا بلذة الطعام لديهم. دعك الآن من كم كان سعر هذا الرطل. الذي أحدثك عنه كان حينئذ بستة عشر قرشاً، وقد شاهدناه نحن، وليست هذه روايات الآباء. أو الأفلام
أو عندما تسمع فيلماً يقول لك رطل لحم مثلاً، لا، كان الديك بأربعة صاغ، أربعة صاغ في تلك الفترة، نعم، وبعد ذلك أصبح بثمانية صاغ، وبعد ذلك لا أعرف ماذا، يعني عندما تذهب إلى محل اللحوم أو محل الكباب ستجد حتى الجرائد فيها هكذا أن رطل الكباب بثمانية أليس هذا ما يشترونه؟ يشترونه بأربعة ويبيعونه بثمانية، نعم بعد الصناعة يعني الخاصة بهذا الشيء. المهم أن الستة عشر قرشاً هؤلاء كانوا يكفون الخمسة أفراد، وهم بها مسرورون غاية السرور، وشاعرون بنعمة الله عليهم. كَبُرَ الأبناء وتخرجوا وذهبوا وسافروا وتزوجوا وكل شيء، وأصبح الرجل والمرأة... عندما أصبح الرجل والمرأة صارا لم يعد الرطل كما كان، فقد كان قديماً رطل أوقية، وهذه الأوقية والرطل
أصبحا من الموازين التي تغيرت. انتقلنا إلى موازين إنجليزية، ثم انتقلنا إلى الكيلو وهي موازين فرنسية. فأصبح الشخص يشتري كيلو فلا يكفيه، بينما الرطل كان يكفي خمسة أشخاص. وأصبح الكيلو غير مكافئ للرجل والمرأة. وهذا شأنٌ لا كم أصبح سعر الكيلو أو كم كان سعر الرطل؟ كان الكيلو بتسعة وثلاثين قرشاً والآن فقال مائة جنيه، ليس مائة قرش، فقال أصبح الجنيه. لكنني لا أتحدث في هذا، أنا أتحدث عن الرطل الذي كان يكفي خمسة، وكان أكثر بركة من الكيلو الذي لا أعرف كيف يكفي اثنين. ماذا حدث ما كان موجوداً في الرطل وما لم يحدث في الكيلو، ما هي البركة التي لا نستطيع أن نعبر عنها إلا بهذا المثال؟ هناك
بركة، البركة بالقناعة. كان كل شاب عندما يكون له قطعة لحم هكذا، يعني يشبع بها. حسناً، وما الذي يُحدث هذا الشبع؟ الله. وأنا الآن أصبحت آكل كل قطعتين أو ثلاث ولست مكتفيًا، لماذا لم يحصل الشبع؟ قل الله وانظر، ستظل تقول الله وراء كل هذا بركة، هذه البركة، فالبركة هذه أمر مهم جدًا، وهي تأتي من عدم اتباع خطوات الشيطان، فاتباع خطوات الشيطان يُذهِب البركة، وإذا ذهبت البركة يا مقتضيات الحياة نفسها تبقى ثقيلة علينا، سنكون من غير معونة ربانية، سنكون نسير في طريقنا في الحياة الدنيا نتخبط كالذي يتخبطه
الشيطان من المس. فنحن نريد ألا نتبع خطوات الشيطان، ولا أحد يلبس علينا بكلمة خطوات الشيطان هذه التي تتخذ بوجه آخر أبداً. نحن الحكاية واضحة جداً عندنا والحكاية... كلها مبناها ذكر الله ثم اتباع أحكام الله وليس أحكام الشيطان، وهذا هو الوعي الذي يسبق السعي دائماً. مولانا الإمام دائماً يقف في حالة الوعي. اسمح لي مولانا الإمام معي بصلاة هاتفية. معي الأستاذ أسامة، يا أستاذ أسامة أهلاً بك. حسناً، حتى تصل إلينا المكالمات الهاتفية مرة ثانية أعود يعني. هل الأستاذ أحمد معي؟ أستاذ أحمد، أهلاً بك. السلام عليكم. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. تفضل يا أستاذ أحمد. إنه يتحدث مع فضيلة الشيخ. بعد هذا، تفضل يا أحمد.
تفضل يا أحمد. كان عندي مبلغ تسعين ألف، وعملت شهادات استثمار التي يكون لها عائد شهري وهكذا. حسناً، كان مقصودي أن منها ذكاك مال حاسبت، كان اثنان ونصف في المائة، أي ألفان ومائتان وخمسون. هذا الكلام كان في شهر أربعة عام ألفين وأربعة عشر. حسناً، دفعت منهم ألف جنيه، ولم يستطع البائع أخذها لأنه لم يكن لديه مال سائل أو ما شابه. ثم في شهر تسعة عام ألفين وخمسة عشر سحبت ألف طيب وشهر تسعة ألفين وستة عشر أصبحوا ثلاثين ألفاً، ثلاثين ألفاً، ها هو أثر أحدهم، نعم يعني هل أدفع أنا الباقي الذي أحسبه من شهر أربعة سنة أربعة عشر؟ أحسب ما عليَّ وأدفع الباقي أم أقوم بالدفع بالضبط؟ إذن الآن ثلاثون ألفاً لا عيب فيها،
نحن الآن سنة نعم تمام سنحسب سنة التسعين هذه وضعتها أنت لمدة سنة وحاسبت عليها ذكاة ألفين ومئتين وخمسين بالضبط. ألفين ومئتين وخمسين هذا معناه أنك تحسب اثنين ونصف في المائة على التسعين. من الممكن جداً أن تحسب أيضاً عشرة في المائة على الإيراد. الخاص بالتسعين كان كم؟ خلال السنة تسعة آلاف، أي يعني في السنة ألفين ونصف، تسعة أربعة، يعني عشرة آلاف. تريد عشرة آلاف يكون عليهم ألف، وتكون أنت سددت هذا الألف على حسابنا، وتكون السنة قد انتهت زكاتها. وفي السنة الثانية وجدتهم ثمانين، ولكن حتى لا يظن أحد أن هؤلاء الثمانين إيرادهم ثمانية آلاف وزكاتهم. ثمانمائة والثلاثون هؤلاء، إيرادهم ثلاثة
آلاف، وزكاتهم ثلاثمائة، فيكون عليك في ذمتك ألف ومائة جنيه زكاة. أليس كذلك صحيحاً؟ هي ألف ومائة جنيه زكاة. مولانا الإمام، هل كل ما عدا السنن والشرائع من البدع والمعاصي تُعتبر من خطوات الشيطان؟ نحن قلنا ذلك فقط لكي نعرف. ما هي خطوات الشيطان هذه؟ خطوات الشيطان هي الحرام، نعم، والحرام يتمثل في أمرين: الأمر الأول فعل الحرام، والأمر الثاني ترك الواجبات. هذان هما الحرام. معنى الحرام هكذا: أن تترك الصلاة، أو تترك صيام رمضان بدون عذر، أو تترك الحج بدون عذر، أو تترك الزكاة. هذا حرام، لماذا؟ مثل السرقة، مثل الرشوة، مثل الكذب، مثل شتى أنواع الزور، مثل... فإما أن أرتكب الحرام
أو أترك الواجب فيكون حراماً. هذا هو الحرام، وهذه خطوة الشيطان. الشريعة قسمان: قطعي وظني. القطعي لا خلاف فيه، الخمر حرام، حجاب المرأة المسلمة واجب لا خلاف فيه، الزكاة واجبة، الصلاة أربع. ركعات الظهر، وهي خمس صلوات. الكذب حرام، شهادة الزور حرام، وهكذا. هذا أمر قطعي. أما الظني، فعندما أسلم على امرأة وأنا متوضئ، هل أبقى متوضئاً أم لا؟ هذا محل خلاف. لعب الشطرنج، هل ألعب أم لا ألعب؟
هذا محل خلاف. لست متأكداً من الآية، هذا محل خلاف أيضاً. حسناً، مع هذا القطع يا مولانا، هذا القطع إنما يُنكَر المتفق عليه. عندما أجد شخصاً يشرب خمراً سأقول له لا، وعندما أجد شخصاً يأكل لحم خنزير أقول له حرام. ولا يُنكَر المختلف فيه، ولا يُنكَر المختلف فيه. لقد رأيت شخصاً يلعب الشطرنج، فلا أقول له: على فكرة، الشافعية قالوا والمالكية قالوا والذي... لا أعلم من قال لا لأنه مختلف فيه. الشيخ الباجوري هو الذي يقول هكذا: "إنما يُنكر المتفق عليه ولا يُنكر المختلف فيه". والاحتياط مستحب، يعني إذا استطعت عليه فذاك، وإن لم تستطع عليه فليس ضرورياً. هل تفهمني؟ ومن ابتلي بشيء من المختلف فيه فليقلد من أجاز حتى لا يخرج من...
هذه المظلة الكبيرة هي التيسير يا مولانا، هكذا هو التيسير، نعم، تيسير يسمونه أهل الفقه وأصول الفقه التلفيق. سنلفق بين المذاهب تيسيراً، نعم، الهدف منه التيسير. هذه هي القواعد الثلاث الخاصة بمسألة الخلافة. يأتي بعد ذلك الإرهابي فماذا يفعل؟ ينزل المختلف فيه منزلة المتفق عليه. إرهابي هكذا سيوصلنا إلى الإرهاب التعسير الذي هو ضد الكلمة التي أحضرتها هكذا، ماذا تقول؟ تيسير؟ نعم. لا، يقول لك تعسير. النبي يقول: "يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا". ماذا يقول الخارجي؟ "نفروا ولا تبشروا". يقولها بماذا؟ ليس بلسانه، يقولها بعمله، بالعمل الخاص به. فأنا أريد أن أقول لحضرتك
أن خطوات الشيطان... التي نتحدث فيها هذه يجب أن تكون في المتفق عليه وليس في المختلف فيه، يجب أن تكون تدعو إلى التيسير وليس إلى التعسير وإلى فساد النية وفساد المجتمع، بل إلى التيسير والأخذ بالعفو والأمر بالعرف والإعراض عن الجاهلين. مولانا الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة وهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، شكر أهلاً وسهلاً بكم، وإلى لقاء آخر مشاهدينا الكرام. دمتم في رعاية الله وأمنه. إلى اللقاء.